|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#6
|
||||
|
||||
![]()
اعلم أن كل قول مكرر مملول إلا القرآن العزيز ، فإنه كلما كرر حلا وعلا ، وكيف يمل حديثه وهو أحسن الحديث قال تعالى
(الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها ) [ الزمر / 23] وهو أحسن القصص قال تعالى (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ) [يوسف /3] فلا شرف ولا عز إلا لأهل القرآن ؛لأنه عز لا ذل معه وغنى لا فقر يتبعه وأهله هم أهل التجارة الرابحة وهى لا تكسد عنده حتى يوفيهم أجورهم من الجنة قال تعالى (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور [فاطر /29 ] وهم أهل الله وخاصته ،وهم أشراف هذه الأمة ، وهم أهل الكرامة يوم القيامة وهم الملأ بحق ، كما قال الإمام الشاطبى عنهم : أولئك أهل الله والصفوة الملا . والصفوة: الخالص من كل شىء ،والملأ مهموز أبدل همزه ألفا للوقف وإنما سمى الملأ بذلك ؛ لأنهم أشراف الناس وعظماؤهم ولأنهم يملئون العين رهبة ،وكأنه يقول إن أردت ناسا بحق فهم أهل القرآن، وانظر أكرمك الله ـ كيف ارتقى بهم القرآن حتى سموا وعلوا فسادوا وقادوا فهذا صنيع القرآن بأهله فكيف يكون صنيعه بمن غاص في أعماق بحارالتفسير لاستخراج جواهر المعاني من صدف المباني التي أودعها الله تعالى في كتابه العزيز الذي هو منتهى الحكمة البالغة ولا يفنى ولا ينفد ولا تنقضي عجائبه ، فقد حوى من المعاني الأنيقة والحكم الرشيقة ما بهر القلوب عجبا ،وتأمل ـ أشرق الله قلبي وقلبك بأنوار اليقين وجعلني وإياك من أوليائه المتقين ـ فى قوله تعالى (ولو أن ما فى الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) [لقمان /27] كيف استغنى القرآن العظيم فى الآية الكريمة عن ذكر المداد بقوله ( يمده ) فجعل البحر المحيط بمنزلة الدواة ، والأبحر السبعة مملوءة مدادا أبدا صبا لا ينقطع ،ونظيره قوله تعالى ( قل لوكان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا ) [الكهف /109] ثم تدبر كيف قال (من شجرة أقلام ) ولم يقل من شجر ، يتجلى لك أنه أراد تفصيل الشجر وتقصيها شجرة شجرة حتى لا يبقى من جنس الشجر شجرة إلا وقد بريت أقلاما ،ثم انظر كيف قال: ( ما نفدت كلمات الله ) [جمع قلة] ولم يقل : كلم الله [جمع كثرة] يتبين لك أن جمع القلة أبلغ في المقصود ؛لأن جمع القلة إذا لم يغن بتلك الأقلام وذلك المداد ، فكيف يغنى جمع الكثرة .. ومع هذا كله نرى بعض خصوم الإسلام يحاولون الطعن في القرآن ولم تتوقف هجماتهم ضد القرآن من أول وهلة قرع أسماعهم فيها وحى الله وأنفقوا كل نفيس وعزيز للنيل من القرآن لكن نقول لهم : ما يضير الشمس أن لا يرى ضوءها الأعمى والخفافيش لا يزيدها النور والضياء إلا تخبطا وتحيرا وهؤلاء قوم طمس على قلوبهم وأعمى أبصارهم فلا قيمة لهم ولا وزن وهم من خلال تلك المطاعن يخدمون القرآن من حيث لا يشعرون فيضيفون له ـ وإن لم يشعروا ـ كمالا إلى كماله ونورا إلى نوره وبهاء إلى بهائه وذلك من خلال أجوبة العلماء المحققين الذين أذن الله لهم ومكنهم من إبراز بعض المكنون في الكتاب العزيز من لطائف وأسرار تبهر العقول وتأخذ بمجامع القلوب فيظهر ـ بحمد الله ـ علو القرآن وكماله ويتبين في المقابل نقصان الخصم وانحطاطه وانقطاع وتينه ولو تأمل القارىء لوجد أن كل ما يوجه للقرآن من مطاعن وإلى يوم القيامة ليس جديدا وقد أجاب عنه الأئمة الأعلام ولكن الخصوم جمعوا تلك الشبه ـ المزعومة ـ ورتبوها وحذفوا الأجوبة وفى كل عصرـ والحمد لله ـ لا يرجعون إلا بالخزي والعار وسبحان الله ما من آية يطعنون فيها إلا وللقرآن فيها حكم وإحكام وتبيان وإنعام . والقرآن الكريم مفتاح الخزائن النفيسة وشراب الحياة الذي من شرب منه لم يمت ، ودواء الأسقام الذي من سقى منه لم يسقم ، فهذا الذي ذكره الحكيم نبذة من تفهيم معنى الكلام والزيادة عليه لا تليق بعلم المعاملة فينبغي أن يقتصر عليه |
العلامات المرجعية |
|
|