#2
|
|||
|
|||
![]()
تحدي الإله .
تلك مقالة نشرها العقاد في مجلة الأزهر عام 1959 وقف أحد الملاحدة الماركسيين أمام إحدى محطات الإذاعة فتحدى الله إن كان موجوداً لينسفن هذا البلد و يمحو تلك الدولة فإن لم يفعل فليعلم الناس أن الإله خرافة لا وجود لها ! هذا الملحد لا يفهم معنى الألوهية فهي عنده سلطة غاشمة تبطش بمن ينكرها و يستفزها التحدي فتظهر قدرتها و إلا فقدت حقها في إثبات وجودها . هذا هو الفهم الوحيد لمعنى السلطة الذي يفهمه هذا المتحدي و يظن به أنه أفحم من يؤمنون بوجود الله . أما المؤمن فيعلم أن الألوهية سلطة لها نظامها و حكمتها لا تهتز لهذا التحدي فتذهل عن حكمتها و عن نظام الأمور . ليس طفلاً ذكياً ذاك الذي يقول لأبيه ابطش بفلان و اهلكه إن كنت ذا قدرة . فمن اليسير على الطفل الذكي أن يدرك أن أباه خليق أن لا يجيب على تحدٍ على هواه و لا ينفي ذلك عنه أنه ذو قدرة و أنه يستطيع القيام بالحمل المطلوب . الملحد الماركسي أسخف من الطفل حين يخطر له أن يتحدى إلهاً حكيماً يضع الأشياء في مواضعها كما يقدرها فيزعم أنه غير موجود لأنه لو كان موجوداً لأبطل تلك الحكمة و أخل بملكه خوفاً من الشك في وجوده ! من يفهم الألوهية على أنها سلطة رشيدة فإنه لا يتحداها أن تفعل غير ما أرادت أن تفعله منذ الأزل و إلى آخر الزمان . فإنه إن استطاع بتحديه أن يغير اتجاهها فذلك برهان عدمها و انعدام حكمتها. لو أراد الله أن ينكشف للفكر كما تنكشف الأشياء للبصر لفعل ذلك بإرادته منذ وجدت البصائر و الضمائر و لم ينتظر حتى يفعله منقاداً للخوف من الإتهام . يكون سؤال الماركسي أكثر حكمة و أقرب للعقل لو أنه تساءل لماذا لا يشاء الله أن ينكشف للبصائر و يترك الناس يبحثون و يترددون و يكفرون و يؤمنون ، لماذا لا يكشف لنا وجوده على نحو يبطل الخلاف و الشك ؟ و كيف يكون هذا الشكل من الإيمان و كيف تكون تلك الضمائر ؟ إنها تكون آلات أو عجماوات . إن العلم بوجود الله باستخدام حاسة البصر كما ندرك كل المحسوسات يلغي الضمائر و العقول و يبطل الجهد الإنساني في امتحان الخير و الشر و الهداية و الضلال . المعرفة بحاسة البصر يتساوى فيها الإنسان مع الحيوانات فهل هذه هي المعرفة التي تليق بالإنسان المسئول عن ضميره الباحث عن هدايته ، المترقي بسعيه و اجتهاده ؟ و هل يطلبون أن يتساوى البشر في مدركات الحواس و ملكات الأجسام و الأفهام و الأعمار و الأيام ؟ هل هذه البشرية المكونة من نسخة واحدة مكررة هي البشرية المثالية التي تثبت حكمة الله و وجوده ؟! إن ذرة التراب لا تعطينا حقيقتها في لمحة عين و نحتاج في معرفتها لجهود العمل و التفكير و التحليل لندرك بعض كنهها و ننتفع بها . و يبقى الكثير منها بعيداً عن مجال الإدراك إلى ما يشاء الله . و يستوعب الملحد ذلك و لا يندهش له بل يعتبر أن الإنسان كلما وسع جهده و علمه و بحثه ارتقى و ازداد تحضراً . الشمس على جلائها تخفى علينا كما خفيت على الأقدمين ، حتى بعد أن علمنا سرعتها و حجمها و درجة حرارتها فلازلنا نكتشف عنها العجائب . و العجب لأولئك الملحدين الذين يكيلون بمكايلين فيقبلون أن تكون شمس الكون الساطعة بهذا الخفاء ثم يريدون أن تكون الحقيقة الإلهية أقرب منالاً من حقائق الشمس التي يجهلون معظمها ! فلماذا ينتظرون أن يحيطوا بحقيقة الحقائق في لمح البصر و يستكثرون السعي إلى معرفة الخالق مهما كان الجهد المبذول لذلك . إن بحث العقول و الضمائر عند الملحدين عن الخالق منتقد و غير مفهوم . و سؤالي لهم هو أيكون الصواب و الحكمة أن نستغني عن البحث في أمر الله وحده أو في في جميع الأمور ؟ أيكون الإله أكثر حكمة لو كانت مخلوقاته منقادة بحبال الغريزة بغير فهم و لا تمييز ، انقياد يسلبها الإرادة و الإختيار ؟ تعالى الله عمّـا يصفون . هذا الإختيار الذي أعطاه الخالق لبني البشر في البحث عنه و الإيمان به مختارين هو أقوى ما يدعم قضية الإيمان بوجود الله و حكمته . ************************** سبحان من تعطف بالعز و قال به، سبحان من لبس المجد و تكرم به، سبحان ذي الفضل و النعم، سبحان ذي المجد و الكرم، سبحان الذي أحصى كل شئ علمه. سبحان الله ملء البر، سبحان الله ملء البحر، سبحان الله ملء السموات و الأرض، سبحان الله و الحمد لله و الله أكبر و لا حول و لاقوة إلا بالله عدد ما خلق و عدد ما هو خالق و زنة ما خلق و زنة ما هو خالق و ملء ما خلق و ملء ما هو خالق و زنة عرشه و منتهى رحمته و مداد كلماته و مبلغ رضاه و حتى يرضى و إذا رضى. سبحان الله عدد ما ذكره به خلقه أبد الدنيا و الآخرة تسبيح لا ينقطع أولاه و لا ينفد أخراه. |
العلامات المرجعية |
|
|