|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ سمعت صوته عبر مكبر الصوت يفتتح اللقاء... كان عدد من الشباب يقف على المنصة منهم المسيحي و منهم المسلم، و قد تعرفت بالفعل على الشاب اللبناني الذي التقيته سابقا في المكتبة و كعلامة على احترام الرأي المخالف كان الشاب اللبناني أول المتكلمين! تكلم بطلاقة و هدوء... تحدث عن السلام و حب الآخر، و عن دعوة المسيح إلى الائتلاف... ثم تكلم شاب ثان مسلم عن الإله الواحد و معنى التوحيد في الإسلام و مخالفة المسيحية المحرفة لمعنى الألوهية... و بدأ الحاضرون من الجلوس يطلبون الكلمة، كل يشرح عقيدته و يرد على حجة الطرف الآخر دون تعصب أو غضب... كنت أنظر إلى إخوتي المتكلمين باسم الإسلام بفخر و اعتزاز لانتمائي إلى هذا الدين و هذه الأمة... إنني حقا خجلة من نفسي... رغم ما أدعيه من ثقافة دينية و معرفة عميقة للشريعة الإسلامية، فإنني لا أجد الحجة المناسبة في الوقت المناسب!! بل إنني أتوه عندما يوجه إلي أحد المسحيين سؤالا، فالجواب يبدو لي بديهيا و لا أجد سبيلا إلى إيصال المعلومة التي باتت حقيقة بالنسبة لي لا تقبل النقاش!!! ربما لأنني لم أهتم يوما بفهم وجهة نظر الطرف المقابل، لا أحاول أن أجيب على أفكاره و قناعاته بقدر ما أعمد على السخرية منها و اعتبارها أقاويل مفروغا من تفاهتها... لكن ما رأيته في اللقاء من سعة صدر و تفهم و احترام للحجج المخالفة كان درسا بالنسبة إلي حول كيفية الأخذ بزمام الحوار... خاصة حين تكلم بطلي... تكلم بهدوء و موضوعية، محاولا إيجاد نقاط الالتقاء بين الآراء التي وقع الإدلاء بها سابقا، ثم متعرضا إلى نقاط الاختلاف الجوهرية و إلى التكملة التي جاء بها الإسلام بالنسبة إلى النصرانية... و إلى نقاط التحول التاريخية التي جمعت الديانتين، مستندا إلى تصريحات بعض المسيحيين الذين أسلموا و ما عرضوه من نقاط ضعف في الدين المسيحي المحرف... و وجدتني فجأة أطلب الكلمة... وقفت وسط الحضور و تناولت مكبر الصوت لأتحدث عن ما أعرفه من مطالعاتي و البرامج الثقافية التي أشهادها. تحدثت عن يوسف إيستس Yusuf Estes ، المبشر النصراني الأمريكي الذي أسلم بعد أن اقتنع بهشاشة دعوته، و تفرق مذاهب قومه و بني ديانته السابقة حين اصطدم بمتانة حجة الإسلام و سلامة القرآن من التحريف... و وجدتني أتطوع لنسخ محاضراته و مد كل من يرغب في الاستماع إليها بها... حين أنهيت كلمتي، كنت ألهث من الانفعال. جلست، فعانقتني راوية في فرح : ـ لقد كنت رائعة يا مرام!! ـ حقا؟! ـ نعم!!! لقد تكلمت بثقة و اتزان، و كانت العيون مركزة عليك، لقد أحسنت ختم اللقاء! ـ ... انتهى اللقاء الممتع على أحسن ما يرام، و خرجت رفقة راوية تعلو وجوهنا ابتسامة عريضة... الحمد لله ـ كانت فرصة مميزة... ـ نعم، أرجو أن نعيدها مرات و مرات... ـ لاحظت أن عددا من الحاضرين ليسوا من الملتزمين! ـ معظمهم جاء للاستماع و الاستفادة، ربما هداهم الله عبر مثل هذه اللقاءات... ـ بل أن بعض الفتيات اللاتي طلبن الكلمة لسن من المحجبات، و أجدن الحجاج، سبحان الله... اللهم اهدهن إلى الحجاب و نور بصيرتهن... ـ اللهم آمين... ـ هل لاحظت الشاب الذي كان ينظم الحوار و الذي استلم الكلمة في الأخير فأحسن التعبير؟ بوغتت بالسؤال... إنها تتحدث عن بطلي!! تظاهرت بعد الاهتمام و قلت في غير اكتراث : ـ عن أي شاب تتحدثين؟ كل الشاب الحاضر كانوا مميزين، ما شاء الله... ـ نعم، نعم أكيد... لكنني أتحدث عن منظم اللقاء، الذي دخل في البداية و وزع الأوراق يا إلهي! إنها كانت ترقبه منذ البداية هي الأخرى!! معقول؟؟ صحيح أنه شاب مميز، و من الطبيعي أن يلفت انتباه كل الفتيات الملتزمات! يا لحظي!!! قلت متظاهرة بعدم المبالاة : ـ نعم، أظن أنني عرفت عمن تتحدثين... ما به؟ ـ إنه ابن جيراننا... و أخته صديقتي، و تأتي إلى منزلنا كثيرا... و قد فوجئت حين رأيته يشرف على الحوار و يقود الجلسة! إنه شاب متخلق و مهذب جدا... لا يصافح البنات، و لا يكلمهن إلا في ضرورة... تصوري أنهم جيراننا منذ أكثر من خمس سنوات و لم نتحدث يوما! بل إنه حين يمر بي يكتفي بإلقاء التحية و يغض بصره بسرعة، حتى ظننته من النوع الخجول الذي يستحي من أخذ الكلمة... ففوجئت اليوم بطلاقة لسانه و ثقته العالية بنفسه! ـ نعم يا حبيبتي راوية... فالشباب اليوم لا يتورعون عن الوقوف طويلا مع الفتيات و مبادلتهن الأحاديث و الدعابات، و يسمع ضحكهم من آخر الساحة... حتى بات الشاب الملتزم يعتبر معقدا... مثلما تعتبر البنت التي تتصرف بحياء معقدة... حتى أصبح الكثيرون يتهكمون و يتفكهون بقولهم : المعقدون للمعقدات، عوض الطيبون للطيبات!!! قطع علينا حوارنا صوت شاب ينادي برفق من خلفنا : ـ معذرة يا فتيات، هل لي أن أقاطعكن للحظات... تسمرت في مكاني، و استدرت ببطء لأكتشف المتكلم... من يكون يا ترى؟؟ اممم... كان الشاب اللبناني المسيحي! غير معقول... ماذا يريد!؟ لم تنطق إحدانا بكلمة من فرط المفاجأة، فأردف قائلا : ـ آسف على الإزعاج، لكنني سمعتك تقولين في القاعة أنك مستعدة لمد كل من يرغب بأشرطة و خطب المبشر الذي أسلم... فهل لي أن أحصل عليها؟ عقدت الدهشة لساني، لكنني هززت رأسي علامة الموافقة و تمتمت كلمات غير مفهومة حين انصرف، تبادلت مع راوية نظرة طويلة ذات معنى ثم انفجرنا ضاحكتين... |
العلامات المرجعية |
|
|