اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-06-2018, 08:44 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي



بعد أن أتم النبي صلى الله عليه وسلم إبلاغ الرسالة ،
وفُتحت مكة ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً ،
فرض الله الحج على الناس وذلك في أواخر السنة التاسعة من
الهجرة ، فعزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الحج ،
وأعلن ذلك ، فتسامع الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يريد الحج هذا العام ، فقدم المدينة خلق كثير كلهم يريد أن يحج
مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن يأتم به.



ولقد حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة واحدة،
كانت أعظم حجة في التاريخ وأفضلها،
أقام فيها شعائر الله تعالى، وعظّم حرماته،
وصدع بدينه، وبين للناس مناسكهم،
وخطب ينذرهم ويعلمهم ويبشرهم.



لما عزم عليه الصلاة والسلام على الحج أذّن في الناس به،
فتجهزوا للخروج معه، وسمع ذلك من حول المدينة،
فقدموا يريدون الحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ووافاه في الطريق خلائق لا يحصون،
فكانوا من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله مدّ البصر،
(جاء ذلك في حديث جابر رضي الله عنه
في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج
ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج،
فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله
عليه وسلم، ويعمل مثل عمله فخرجنا معه... "

أخرجه مطولاً مسلم [1905-1907-1908-1909]،
وابن ماجه [3074]).
كلهم شرفوا بالحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وهل حجة أفضل من حجة يؤمهم فيها أفضل البشر،
وخاتم الرسل؟! يهتدون بهديه، ويستنون بسنته،
ويقلدونه في أفعاله، وينعمون برؤيته، ويستمعون إلى خطابه،
ويأخذون عنه مناسكهم، ويشاركونه
في تعظيم الله تعالى وذكره وشكره



فيالله العظيم ما أعظم تلك الحجة!
ويا لسعادة من حضرها!
إن من حضرها طاف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت،
ووقف معه في عرفة، وفي المشعر الحرام في مزدلفة،
وشاركه في الهدي وفي الجمار، وبات معه في منى،
واستمع إليه وهو يخطب في الناس يعلمهم مناسكهم ودينهم،
ويحضهم على ما فيه فلاحهم، وينهاهم عما يضرهم.
فلو كان الأمر بالاختيار لاختار كل المسلمين
أن يحجوا معه عليه الصلاة والسلام،
ولكن ذلك فضل من الله تعالى يؤتيه من يشاء
والله ذو الفضل العظيم.



لماذا سميت حجة الوداع؟!


عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
"كنا نتحدث بحجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا،
ولا ندري ما حجة الوداع"

(رواه البخاري [4141] وأحمد [2-135]، وأبو يعلى [5586]).


وفي رواية:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
"وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر
بين الجمرات في الحجة التي حج بهذا،
وقال: «هذا يوم الحج الأكبر»،
فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
«اللهم أشهد، وودع الناس»،
فقالوا: "هذه حجة الوداع"

(هذه رواية للبخاري [1655]).



قوله: "ولا ندري ما حجة الوداع"
كأنه شيء ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فتحدثوا به،
وما فهموا أن المراد بالوداع وداع النبي صلى الله عليه وسلم
حتى وقعت وفاته صلى الله عليه وسلم بعدها بقليل،
فعرفوا المراد، وعرفوا أنه ودّع الناس بالوصية التي أوصاهم بها:
أن لا يرجعوا بعده كفاراً،
وأكد التوديع بإشهاد الله تعالى عليهم
بأنهم شهدوا أنه قد بلغ ما أُرسل إليهم به،
فعرفوا حينئذ المراد بقولهم حجة الوداع
(فتح الباري لابن حجر [8-107]).


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14-06-2018, 08:46 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي




صفة حجة الرسول عليه الصلاة والسلام



خرج الرسول عليه الصلاة والسلام من المدينة في الخامس والعشرين
من ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة ،
وانطلق بعد الظهر حتى بلغ ذي الحليفة ،
فاغتسل لإحرامه وادهن وتطيب ، ولبس إزاره ورداءه ،
وقلد بُدنه ، ثم أهل بالحج والعمرة وقرن بينهما ،
وواصل السير وهو يلبي ويقول:
( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ،
إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك )
،
فلما قرب من مكة ، نزل بذي طوى ، وبات بها ليلة الأحد
من اليوم الرابع من ذي الحجة ، وصلى بها الصبح ، ثم اغتسل ،
ودخل مكة نهاراً من أعلاها ، فلما دخل المسجد الحرام طاف بالبيت ،
وسعى بين الصفا والمروة ، ولم يحل من إحرامه ، لأنه كان قارناً
وقد ساق الهدي معه ، وأمر من لم يكن معه هدي من أصحابه أن
يجعلوا إحرامهم عمرة ، فيطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ،
ثم يحلوا من إحرامهم ،
وأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بمكة
أربعة أيام من يوم الأحد إلى يوم الأربعاء .



وفي ضحى يوم الخميس الثامن من ذي الحجة
توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه
من المسلمين إلى منى ، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب
والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس ،
وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة - وهو موضع
بالقرب من عرفات وليس من عرفات - ،
فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -حتى نزل بنمرة ،
ولما زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ،
فأتى بطن وادي عرنة ، وقد اجتمع حوله الألوف من الناس ،
فخطب الناس خطبة جامعة ذكر فيها أصول الإسلام ،
وقواعد الدين ، وكان مما قاله -صلى الله عليه وسلم -:
( إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ، كحرمة يومكم هذا
في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا كل شيء من أمر الجاهلية
تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ،
وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ،
كان مسترضعا في بني سعد ف***ته هذيل ،
وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع ربانا
ربا عباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله ،
فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمان الله ،
واستحللتم فروجهن بكلمة الله ،
ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ،
فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ،
ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ،
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به ،
كتاب الله ، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟
قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ،
فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس :
اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، ثلاث مرات ) .



ثم أذن المؤذن ثم أقام فصلى بالناس الظهر ،
ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئاً ،
ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حتى أتى موقف عرفات ، فاستقبل القبلة ،
ولم يزل واقفاً حتى غربت الشمس ،
وهنالك أنزل عليه قوله تعالى:
{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الإسلام دينا }

( المائدة 3) .
وعندما سمعها عمر رضي الله عنه بكى،
فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان.
أخرجه البخاري.



فلما غربت الشمس أفاض من عرفات،
وأركب أسامة بن زيد خلفه ،
ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول :
( أيها الناس عليكم السكينة ) ، حتى أتى المزدلفة ،
فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ،
ولم يصل بينهما شيئاً ، ثم نام حتى أصبح ،
فلما طلع الفجر صلاها في أول الوقت ،
ثم ركب ، حتى أتى المشعر الحرام - وهو موضع بالمزدلفة - ،
فاستقبل القبلة ، ودعا الله وكبره وهلله ووحده ،
ولم يزل واقفاً حتى أسفر الصبح وانتشر ضوء ه ،
ثم دفع إلى منى قبل أن تطلع الشمس ، وهو يلبي ولا يقطع التلبية ،
وأمر ابن عباس أن يلتقط له حصى الجمار سبع حصيات ،
فلما وصل إلى منى رمى جمرة العقبة راكباً بسبع حصيات ،
يكبر مع كل حصاة .



ثم خطب الناس خطبة بليغة أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر
وفضله عند الله وحرمة مكة على غيرها ،
وأمرهم بالسمع والطاعة ، وأن يأخذوا عنه مناسكهم ،
ويبلغوا عنه ، ونهاهم أن يرجعوا بعده كفاراً
يضرب بعضهم رقاب بعض .

ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثاً وستين بُدنة بيده ،
ثم أمر علياً أن ينحر ما بقي من المائة .

فلما أكمل - صلى الله عليه وسلم - نحر الهدي
استدعى الحلاق فحلق رأسه ،
وقسم شعره بين من حوله من الناس .



ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة راكباً ،
وطاف بالبيت طواف الإفاضة ، وصلى بمكة الظهر ،
ثم رجع إلى منى في نفس اليوم ، فبات بها ،
فلما أصبح انتظر زوال الشمس ، فلما زالت ودخل وقت الظهر
أتى الجمرات ، فبدأ بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة ،
يرمي كل جمرة بسبع حصيات ، ويكبر مع كل حصاة ،
وفعل ذلك في بقية أيام التشريق ،
وأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - أيام التشريق بمنى
يؤدي المناسك ، ويعلم الشرائع ، ويذكر الله ،
ويقيم التوحيد ، ويمحو معالم الشرك .


وفي اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ،
نفر النبي صلى الله عليه وسلم من منى ،
فنزل بخيف بني كنانة من الأبطح ،
وأقام هناك بقية يومه وليلته ،
وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ،
ونام نومة خفيفة ، وبعدها ركب إلى البيت ،
فطاف به طواف الوداع ، ثم توجه راجعاً إلى المدينة .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14-06-2018, 08:47 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي






خطب النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع



عدد خطبه صلى الله عليه وسلم في حجته:



الظاهر من سياق أحاديث حجته صلى الله عليه وسلم
أنه عليه الصلاة والسلام خطب ثلاث خطب:
الأولى: يوم عرفة بعرفة.
والثانية: يوم النحر بمنى.
والثالثة: أوسط أيام التشريق بمنى.



خطبته صلى الله عليه وسلم بعرفة:


وقف عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة في عرفة،
وخطب في الناس خطبة عظيمة بليغة بين فيها الحقوق والحرمات،
ووضع فيها مآثر الجاهلية تحت قدميه، وأوصى بالنساء،
ودل الناس على سبيل العصمة من الضلال،
ثم أشهدهم على بلاغه فشهدوا في ذلك الجمع العظيم
شهادة ما اجتمع حشد مثله يشهدون على مثل ما شهدوا عليه،
فقال عليه الصلاة والسلام في تلك الجموع العظيمة:



«إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا
في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع،
ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة
بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد ف***ته هذيل،
وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد
المطلب فإنه موضوع كله،
فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله،
واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم
أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح،
ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف،
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله،
وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟»

قالوا: "نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت"،
فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس:
«اللهم أشهد، اللهم أشهد» ثلاث مرات
(رواه مسلم [1218] وأبو داود [1905]
وابن ماجه [3074] والدارمي [1850]).



المعانى العظيمة فى هذه الخطبة



وهذه الخطبة فيها من المعاني شيء عظيم،
وقد جمعت الأصول التي فيها صلاح الناس
في معاشهم ومعادهم، ومن ذلك:

1-تحريم الدماء والأموال،
وجعل حرمتها كحرمة الشهر الحرام، والبلد الحرام، ويوم عرفة.

2- إلغاء شعائر الجاهلية وشعاراتها.

3- إبطال الثارات التي كانت بين القبائل في جاهليتهم.



4- وضع الربا الذي كان منتشراً بينهم،
وأول ربا وضعه ربا عمه العباس؛
وذلك ليكون قدوة في هذا الشأن يبدأ بنفسه وآله
في تنفيذ الأوامر الربانية، فإن ذلك أدعى لقبول الناس،
وتلك هي طريقة الأنبياء عليهم السلام
كما قال شعيب عليه السلام:
{وَمَا أُرِ‌يدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ
إِنْ أُرِ‌يدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}

[هود:88].

5- الوصية بالنساء وبيان مالهن من الحقوق،
وما عليهن من الواجبات،
وكيفية التعامل مع الناشز منهن.



6- الوصية بكتاب الله عز وجل ولزوم التمسك به،
ومن لوازم التمسك بالكتاب: العمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم؛
لأن الله تعالى في القرآن قد أحال على السنة في آيات كثيرة منها:

أ- قول الله تعالى:
{مَّن يُطِعِ الرَّ‌سُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ ۖ
وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْ‌سَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}

[النساء:80].

ب - قوله تعالى:
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ
وَيَغْفِرْ‌ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ}

[آل عمران:31].

ج - قوله - تعالى -:
( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)

النساء: 65.

د - قوله تعالى:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّ‌سُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ
وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۖ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}

[الحشر من الآية:7].




آخر تعديل بواسطة عزة عثمان ، 14-06-2018 الساعة 08:49 AM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14-06-2018, 08:50 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي






خطبته صلى الله عليه وسلم يوم النحر:



خطب عليه الصلاة والسلام خطبة عظيمة بليغة يوم النحر؛
كما جاء ذلك في أحاديث عدة منها:

1- حديث أبي بكرة رضي الله عنه


عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض،
السنة أثنا عشر شهراً منها أربعة حرم
ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم
ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان،
أيُّ شهر هذا؟»

قلنا: "الله ورسوله أعلم"،
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه،
قال: «أليس ذا الحجة؟»
قلنا: "بلى"،
قال: «أيُّ بلد هذا؟»
قلنا: "الله ورسوله أعلم"،
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه،
قال: «أليس البلدة؟»
قلنا: "بلى"،
قال: «فأي يوم هذا؟»
قلنا: "الله ورسوله أعلم"،
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه،
قال: «أليس يوم النحر؟»
قلنا: "بلى"،
قال: «فإن دماءكم وأموالكم -قال محمد وأحسبه قال
- وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا،
في بلدكم هذا، في شهركم هذا،
وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم،
ألا فلا ترجعوا بعدي ضلال يضرب بعضكم رقاب بعض،
ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه
أن يكون أوعى له من بعض من سمعه»

وكان محمد إذا ذكره قال:
صدق النبي صلى الله عليه وسلم
ثم قال: «ألا هل بلغت ألا هل بلغت»
(رواه البخاري [5230] ومسلم [1679]).



2- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع:
«ألا، أيُّ شهر تعلمونه أعظم حرمة؟»
قالوا: "ألا، شهرنا هذا"،
قال: «ألا، أي بلد تعلمونه أعظم حرمة؟»
قالوا: "ألا بلدنا هذا"،
قال: «ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة؟»
قالوا: "ألا، يومنا هذا"،
قال: «فإن الله تبارك وتعالى قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم
وأعراضكم إلا بحقها كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا
في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟»
ثلاثاً،
كل ذلك يجيبونه: "ألا، نعم"،
قال: «ويحكم أو ويلكم، لا ترجعنَّ بعدي كفاراً
يضرب بعضكم رقاب بعض»

(رواه البخاري [5230] ومسلم [1679]).



3- حديث جابررضي الله عنه قال:


خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال:
«أي يوم أعظم حرمة؟»
فقالوا: "يومنا هذا"،
قال: «فأي شهر أعظم حرمة؟»
قالوا: "شهرنا هذا"،
قال: «أي بلد أعظم حرمة؟»
قالوا: "بلدنا هذا"،
قال: «فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام
كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا،
هل بلغت؟»

قالوا: "نعم"،
قال: «اللهم أشهد»
(رواه أحمد [3-371]).



4- حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص


عن أبيه رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول في حجة الوداع للناس:
«أي يوم هذا؟»
قالوا: "يوم الحج الأكبر"،
قال:
«فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام
كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا،
ألا لا يجني جان إلا على نفسه،
ألا لا يجني جان على ولده ولا مولود على والده،
ألا وإن الشيطان قد أيس من أن يُعبد في بلادكم هذه أبداً،
ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم، فسيرضى به»

(رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح [2159-3087]
وابن ماجه [1851] وأحمد [3-426]).



وفي رواية:


«ألا إن المسلم أخو المسلم
فليس يحل لمسلم من أخيه شيء
إلا ما أحل من نفسه»

(هذه الرواية للترمذي وقال:
حسن صحيح [3087]).



5- حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال:


سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يخطب في حجة الوداع فقال:
«اتقوا الله ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم
وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم»

(رواه الترمذي وقال: حسن صحيح [616]
وأحمد [5-215] وصححه ابن حبان [4563]).



المعانى العظيمة فى هذه الخطبة



وباستعراض الأحاديث السابقة نجد أن هذه
الخطبة العظيمة حوت من المعاني ما يلي:

1- تحريم الأشهر الحرم، وبيان عظمة يوم النحر، وحرمة مكة.

2- بيان أن الدماء والأموال والأعراض محرمة
كما حرمت الأشهر الحرم ويوم النحر والبلد الحرام.

3- النهي عن الاختلاف والافتراق
الذي ينشأ عنه التهارج والاقتتال.

4- بيان أن كل إنسان يؤخذ بذنبه، ويتحمل تبعات عمله،
ولا يؤخذ غيره بذلك؛ خلافاً لما كان يفعله أهل الجاهلية
من تحميل الأسرة أو القرابة أو القبيلة جريرة واحد من أفرادها.



5- التحذير من طاعة الشيطان
فيما يُحتقر من الأعمال صغيرها وكبيرها.

6- التأكيد على الأخوة في الدين،
وعدم استحلال المسلم لأخيه المسلم
في نفسه أو ماله أو عرضه.

7- الوصية بالتقوى، والصلوات الخمس، وصيام رمضان،
وأداء الزكاة، وطاعة ولاة الأمر، وبيان أن ثواب ذلك الجنة.

8- الأمر بحمل العلم وتبليغه لمن لم يحضره؛
فقد يكون أفقه ممن حضره.

9- سؤالهم هل بلغ رسالة ربه إليهم،
وإشهاد الله - تعالى -على إقرارهم له بالبلاغ.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14-06-2018, 08:51 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي








خطبته صلى الله عليه وسلم أيام التشريق:



خطب النبي صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق
خطبة عظيمة دل عليها حديث سراء بنت نبهان
رضي الله عنها قالت:
"خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرؤوس فقال:
«أي يوم هذا؟»
قلنا: "الله ورسوله أعلم"،
قال: «أليس أوسط أيام التشريق؟»
قال أبو داود، وكذلك قال عم أبي حرة الرقاشي:
"إنه خطب أوسط أيام التشريق".



وفي لفظ أنه عليه الصلاة والسلام قال:
«هل تدرون أي يوم هذا؟»
قال: وهو اليوم الذي يدعون يوم الرؤوس
قالوا: "الله ورسوله أعلم"،
قال: «هذا أوسط أيام التشريق،
هل تدرون أي بلد هذا؟»
قالوا: "الله ورسوله أعلم"،
قال: «هذا المشعر الحرام»،
ثم قال: «إني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد هذا،
ألا وإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام
كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا حتى تلقوا ربكم
فيسألكم عن أعمالكم، ألا فليبلغ أدناكم أقصاكم،
ألا هل بلغت»
،

فلما قدمنا المدينة لم يلبث إلا قليلاً حتى مات
(رواه أبو داود [1953]
والبيهقي والرواية الثانية له [5-151])


المعانى العظيمة فى هذه الخطبة



وقد تضمنت خطبته تلك ما يلي:



1- التأكيد على حرمة الدماء والأموال والأعراض؛
كحرمة أيام الحج وشهره وبلد الله الحرام.
وهذا المعنى تكرر في خطبته بعرفة ويوم النحر؛
مما يدل على عظيم العناية به وأهميته.
ومن رأى ما وقع في الأمة عقبه عليه الصلاة والسلام
من الاختلاف والفرقة التي أدت إلى الاقتتال
بظهور الخوارج على عثمان وعلي رضي الله عنهما
وما استتبع ذلك عبر القرون والدول علم أن النبي
صلى الله عليه وسلم نصح لأمته أشد النصح،
وحذر الناس من ذلك أشد تحذير
في آخر أيامه عليه الصلاة والسلام.
وهذا من معجزاته عليه الصلاة والسلام:
أن يحذر من هذا الأمر العظيم ثلاث مرات في حجته،
ثم يقع عقبه؛ مما يدل على علمه بما سيؤول إليه حال أمته،
أو أنه توقع حدوث ذلك، فكرره وأعاده؛
ولكن قدر الله تعالى نافذ، ومشيئته ماضية.



2- الإشارة إلى توديعهم بقوله عليه الصلاة والسلام:
«لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد هذا».

3- بيان أن الناس سيرجعون إلى ربهم،
وسيسألون عن أعمالهم.

4- الأمر بتبليغ وصاياه من لم يحضرها من الناس.



الشرح والمعاني:



قوله: "الرؤوس": هو اليوم الثاني من أيام التشريق،
و سُمي بذلك لأنهم كانوا يأكلون فيه رؤوس الأضاحي.

قال الزمخشري: "أهل مكة يسمون يوم القر يوم الرؤوس؛
لأنهم يأكلون فيه رؤوس الأضاحي".

وأما يوم القر فهو:
اليوم الأول من أيام التشريق؛
لأن الناس يقرون في منى.

قال في عون المعبود:
"وهذه هي الخطبة الثالثة بعد صلاة الظهر
فعلها ليُعَلِّم الناس بها المبيت،
والرمي في أيام التشريق وغير ذلك؛ مما بين أيديهم".

وقال ابن القصار: "إنما فعل ذلك من أجل تبليغ ما ذكره؛
لكثرة الجمع الذي اجتمع من أقاصي الدنيا"
(انظر: نيل الأوطار للشوكاني وعون المعبود [5-301]).



آية ومعجزة:



عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي رضي الله عنه قال:
"خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى
ففتحت أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا
فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار"

(رواه أبو داود [1957]
والنسائي [5-249]،
والبيهقي [5-127]).



الشرح والمعاني:



قوله:"ففتحت أسماعنا" أي: اتسع سمع أسماعنا وقوي،
من قولهم قارورة فُتُح، أي: واسعة الرأس،
قال الكسائي: "ليس لها صمام وغلاف"،
وهكذا صارت أسماعهم لما سمعوا صوت
النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من بركات صوته
إذا سمعه المؤمن قوي سمعه، واتسع مسلكه
حتى صار يسمع الصوت من الأماكن البعيدة،
ويسمع الأصوات الخفية.

قوله: "ونحن في منازلنا" فيه دليل على أنهم
لم يذهبوا لسماع الخطبة؛ بل وقفوا في رحالهم
وهم يسمعونها، ولعل هذا فيمن له عذر
منعه عن الحضور لاستماعها وهو اللائق
بحال الصحابة رضي الله عنهم
(عون المعبود [5-303-304]).

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14-06-2018, 08:54 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي






تأملات في خطبة الوداع



لقد كانت خطبة الوداع لقاء بين أمة ورسولها،
كان لقاء توصية ووداع..
فما مبادئ وتوصيات الرسول في خطبة الوادع؟
وما تأملات ودروس خطبة الوداع؟


كان تعليم مناسك الحج وأحكامه من آخر ما علمه
صلى الله عليه وسلم أمته، بعد أن بلَّغ ما أُنزل إليه
من ربه على أكمل وجه وأتمه.
وقد فُرضت شعيرة الحج في السنة التاسعة من الهجرة،
قُبيل مغادرة رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الدنيا
ليلحق بالرفيق الأعلى.
وكان من مقاصد تشريع هذه الفريضة غسل ما عَلِقَ بها من أدران،
وما خالطها من أوهام، لإعادتها نقية صافية تشع بنور التوحيد،
ولتقوم على أساس العبودية للواحد القهار،
ونبذ كل ما سواه من آلهة وأوثان.


لقد كانت خطبة الوداع -التي تخللت شعائر الحج-
لقاءً بين أمة ورسولها؛ كان لقاء توصية ووداع،
توصيةَ رسول لأمته، لخص لهم فيه أحكام دينهم
ومقاصده الأساسية في كلمة جامعة مانعة،
خاطب بها صحابته والأجيال من بعدهم،
بل خاطب البشرية عامة، بعد أن أدى الأمانة
وبلَّغ الرسالة ونصح للأمة في أمر دينها ودنياها.



وكانت الخطبة كذلك لقاءَ وداعِ رسول لأمته،
وداعًا لهذه الدار الفانية إلى دار باقية،
لا نَصَبَ فيها ولا تعب.

ما أروعها من ساعة تلك التي اجتمع فيها من أرسله الله
رحمة للعالمين مع الجموع المؤلفة خاشعين متضرعين!
وكلهم آذان مصغية لكلمات الوداع
وكلمات من لا ينطق عن الهوى
{إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}
[النجم: 4].



كلمات تجد صداها عند كل من يستمع لها؛
لأنها تخرج من القلب إلى القلب.
لقد أنصتتِ الدنيا بأسرها -بلسان حالها ومقالها-
لتسمع كلام أصدق القائلين صلى الله عليه وسلم وهو يقول:
"أيها الناس، اسمعوا قولي فإني لا أدري
لعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا".

لقد أنصتت الدنيا بأسرها -بلسان حالها ومقالها-
لتسمع قوله صلى الله عليه وسلم وهو يُلخص لأمته
-بل للبشرية جمعاء- مبادئ الرحمة والإنسانية،
ويرسي لها دعائم السلم والسلام،
ويقيم فيها أواصر المحبة والأخوة،
ويغرس بأرضها روح التراحم والتعاون؛
وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم -بما أطلعه الله عز وجل عليه-
أنه سيأتي على الناس حين من الدهر يودِّعون فيه هذه المبادئ،
ويلقونها وراءهم ظهريًّا، ويسيرون في عالم تسود فيه
معايير القوة والظلم -ظلم الإنسان لأخيه الإنسان-
ويُقدَّم فيه كل ما هو مادي على ما هو إنساني.



و الذي نحب أن نقف عليه هنا هو المعاني العميقة،
والنصائح القيمة التي حفلت بها خطبة النبي عليه الصلاة والسلام
في حجة الوداع هذه الحجة العظيمة،
وسبحان الله! فمع قصر الخطب، واختصار كلماتها،
إلا أنها حوت ما لا يحصى من الفوائد والنصائح،
فقد أوتي جوامع الكلم، فيستطيع عليه الصلاة والسلام
أن يعبر بالكلمات القليلة عن المعاني الكثيرة والقواعد العديدة.


كان طابع الخطب الثلاث التي خطبها الرسول عليه الصلاة والسلام
يختلف إلى حد ما عن خطبه السابقة في فترة المدينة المنورة،
وكان يغلب على طابع هذه الخطب الثلاث أنها موجهة إلى
الأمة الإسلامية في زمان قوتها وتمكينها، لقد كانت نصائح
في غاية الأهمية لكل جيل إسلامي مُكّن في الأرض.



لقد خاطب عليه الصلاة والسلام قبل ذلك الأفراد،
وخاطب المستضعفين في الأرض، وخاطب المُحاصرين،
وخاطب المحاربين، وخاطب الدعاة، وخاطب المُصيبين
والمُخطئين، واليوم يخاطب عليه الصلاة والسلام
الممكّنين في الأرض، يضع أيديهم على القواعد التي
بها يستمر تمكينهم ويتسع، ويحذرهم من الأمور التي
تُذهب هذا التمكين، وتُسقط الدولة الإسلامية،
ويشرح لهم بوضوح دور الدولة الإسلامية المُمكّنة في الأرض،
لقد كان خطابًا لأمة ناجحة، بلغت الذروة في التشريع،
فقد كمل التشريع في هذه الحجة، وبلغت الذروة في الحضارة،
والذروة في القيم والأخلاق، والذروة في الفهم والتطبيق.
وعلى المسلمين أن يفقهوا جيدًا أنه بغير هذه القواعد والأسس
لن تُبنى لهم أمة، ولن تقوم لهم قائمة.



وقد استخلصنا من هذه الخطب الثلاث التي خطبها
الرسول عليه الصلاة والسلام في أيام الحج المختلفة
هذه الوصايا في غاية الأهمية،
نحتاج أن نمر عليها بسرعة، وإن كانت كل نقطة تحتاج
إلى تفصيل خاص، وإلى دراسات متعمقة،
وإلى محاولات جادة لإسقاط كل قاعدة، أو كل وصية
على الواقع الذي نعيشه الآن؛ لنستفيد منها أكبر استفادة متوقعة:



1- دستور هذه الأمة هو القرآن والسنة (الاعتصام بالقآن والسنة)
2- الوَحْدة والمساواة بين المسلمين
3- العدل
4- التحذير من الذنوب
5- الاقتصاد الحلال
6- البلاغ هو مهمة هذه الأمة
7- تأصيل مبدأ التيسير في الدين
8- السمع والطاعة لأمير المسلمين
9- الشرع يطبق على الحاكم كما يطبق على المحكومين
10- دوام النظر إلى الآخرة ومراقبة الله في كل الأعمال
11- حرمة الدماء والأموال
12- المعاملة الحسنة مع النساء (استوصوا بالنساء خيرا)
13- وضَع النبي - صلى الله عليه وسلم - كلَّ شيء مِن أمر الجاهلية
14- اللهم اشهد ،اللهم اشهد

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14-06-2018, 08:55 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
معلمة جغرافيا واقتصاد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي







وصايا ودروس من حجة الوداع

الوصية الأولى:
دستور هذه الأمة هو القرآن والسنة



"وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا
بَعْدِي أَبَدًا، كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ".

الله أكبر على الوضوح والجلاء!
هذا وعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته
بعدم الضلال أبدًا إن هي تمسكت، واعتصمت
بكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.

كثيرًا ما تضل الأمة وتضطرب، وتدخل في متاهات لا نهاية لها،
والسبب هو التخلي عن بند من بنود الشريعة،
والإعراض عن أصل من الأصول التي جاءت في الكتاب والسنة.

إن الله تعالى حفظ لهذه الأمة دستورها،
ووعد باستمرار حفظه إلى يوم القيامة،
وهذا لخيرها، وخير الأرض بكاملها.
كم تخسر الأرض، وكم يخسر العالم بأسره،
وكم يخسر المسلمون، وغير المسلمين بتغييب
شرع الله تعالى عن واقع الناس!!



كثيرًا ما يُفتن المسلمون، بمناهج الأرض الوضعية،
فينبهرون تارة بشيوعية، وتارة برأسمالية، وتارة بعلمانية،
ينبهرون بهذه المناهج الأرضية، وينسون أن لديهم منهجًا
حُقَّ لأهل الأرض جميعًا أن ينبهروا به، ذلك منهج رب العالمين،
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

والشرع الإسلامي صيغ بدقة فائقة؛ ليناسب كل زمان، وكل مكان،
وبه من المرونة الكافية ما يسمح بتطبيقه في أي ظرف،
والشرع الإسلامي شرع شامل، ما ترك صغيرة، ولا كبيرة
إلا غطاها، ولا تقوم دولة إسلامية قيامًا صحيحًا بغير تطبيق
للشرع في سياستها، واقتصادها، وحروبها، ومعاهداتها،
وقوانينها، ومناهجها، وكل أمورها، دستور كامل متكامل،
يقول الله تعالى:
{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}

[النحل: 89].



الوصية الثانية:
الوَحْدة والمساواة بين المسلمين



وصية في غاية الأهمية وتأتي مباشرة في الأهمية
بعد الاعتصام بكتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم،
وهي الوحدة بين المسلمين، ومع كثرة التوصيات بالوحدة
في كل حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام،
إلا أنه كان لا بد من إعادة التوصية في الأيام الأخيرة،
وإعادة التركيز عليها والتذكير بها.

إن الأمة المتفرقة لا تقوم أبدًا،
لا ينزل نصر الله تعالى على الشراذم،
يقول عليه الصلاة والسلام في خطبة في حجة الوداع:
"تَعْلَمُنَّ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَخٌ لِلْمُسْلِمِ، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أُخْوَةٌ".



إنه التأكيد على حقيقة حرص عليها رسول الله
صلى الله عليه وسلم من أول أيام الدعوة،
في فترة مكة، وفي فترة المدينة، واذكروا عتق العبيد في مكة،
واذكروا المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار،
واذكروا الميثاق بين الأوس والخزرج،
لقد كانت علاقة مُمَيِّزة فعلاً للدولة الإسلامية أن الجميع فيها أُخْوة؛
الحاكم أخو المحكوم، والقائد أخو الجندي، والكبير أخو الصغير،
والعالم أخو المتعلم، إنها أخوة حقيقية بلغت إلى حد الميراث
في أوائل فترة المدينة، ثم نسخ الحكم وبقيت الأخوة في الدين.



ثم إنه التأكيد على معنى آخر من معاني الأخوة
كان واضحًا في خطبة الوداع،
وهو أن هذه الأخوة ليست خاصة بعرق معين،
أو نسب معين، أو عنصر معين، أو قبيلة، أو دولة، أو طائفة؛
إنها المساواة بين المسلمين جميعًا من كل الأصول،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ،
أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلاَ لَعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ،
وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى"
.
الله أكبر! هل في العالم مثل ذلك؟!




الوصية الثالثة:
العدل



وآهِ لو ظَلَمَتْ دولة ممكَّنة في الأرض! سلطانها ظاهر،
وكلمتها مسموعة، إن دوائر الظلم تتسع في هذه الحالة
حتى تشمل أحيانًا الأرض بكاملها.
الظلم كارثة إنسانية، الظلم ظلمات يوم القيامة،
الظلم مهلك للأمم في الدنيا مهما كانت قوية،
قال الله تعالى:
{وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ}
[الأنبياء: 11].



لقد كانت نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأمته بالعدل واضحة تمامَ الوضوح:
"إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ إِلَى أَنْ تَلَقْوَنْ رَبَّكُمْ
كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا".
ينهى الرسول عليه الصلاة والسلام أمته عن التساهل في الدماء،
وعن التساهل في الأموال والممتلكات، إن سفك الدماء حرام،
وإن نهب الأموال بأي صورة من الصور حرام،
هو حرام مهما تفننت الدولة في تجميله أو تسميته بغير اسمه،
سيظل الظلم ظلمًا، وسيبقى الحرام حرامًا،
وصدق ابن تيمية رحمه الله حين قال:
"الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة،
ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة".



وقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخطب
على ترسيخ معنى العدل في كل دوائر الحياة الإسلامية
والمجتمع المسلم، فليس العدل في إطار التعاملات الدولية،
أو في إطار الحدود والحرب، والقضايا الضخمة فقط،
إنما العدل في كل الأطر حتى في إطار الأسرة الصغيرة،
ومع أقرب الأقربين لك، لا يجوز لك أن تظلمه،
ومن هنا جاءت الوصية العظيمة بالنساء،
فالقوي المُمَكَّن قد يَغترّ بقوته فيظلم الضعفاء،
فينقلب الرجل على زوجته، أو ابنته، أو أخته، فيظلمها
في معاملة، أو في ميراث، أو إنفاق، أو في غير ذلك من أمور.
كما أن الوصية كذلك للنساء، لا تظلموا أزواجكم بمنع حقهم،
فالله مطلع ومراقب، ويحصي أعمالكما معًا.




يقول عليه الصلاة والسلام في توازنٍ رائع:
"أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ حَقًّا".
ويوم يسعى كل طرف إلى الحفاظ على حق الطرف الآخر،
يوم تسعد الأسرة فعلاً، ليس في الدنيا فقط، ولكن في الآخرة أيضًا.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:22 PM.