#1
|
|||
|
|||
نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ
نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ :اتيان النساء فى الدبر 1-وَأَمَّا " إتْيَانُ النِّسَاءُ فِي أَدْبَارِهِنَّ " فَهَذَا مُحَرَّمٌ عِنْدَ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ . وَأَمَّا الْقَوْلُ الْآخَرُ بِالرُّخْصَةِ فِيهِ : فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَحْكِيهِ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَنَافِعٌ نَقَلَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ } قَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : إنَّهَا نَزَلَتْ فِي إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ . 2-فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ غَلَّطَ نَافِعٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَوْ لَمْ يَفْهَمْ مُرَادَهُ ؛ وَكَانَ مُرَادُهُ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي إتْيَانِ النِّسَاءِ مِنْ جِهَةِ الدُّبُرِ فِي الْقُبُلِ ؛ فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَكَانَتْ الْيَهُودُ تَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَتَقُولُ : إذَا أَتَى الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فِي قُبُلِهَا مِنْ دُبُرِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ . فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ . " وَالْحَرْثُ " مَوْضِعُ الْوَلَدِ ؛ وَهُوَ الْقُبُلُ . فَرَخَّصَ اللَّهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ الْمَرْأَةَ فِي قُبُلِهَا مِنْ أَيِّ الْجِهَاتِ شَاءَ . 3-وَكَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ : كَذَبَ الْعَبْدُ عَلَى أَبِي . وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي غَلَطَ نَافِعٍ عَلَى ابْنِ عُمَرَ ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ كَانُوا يُطْلِقُونَهُ بِإِزَاءِ الْخَطَأِ ؛ كَقَوْلِ عبادة : كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ . لَمَّا قَالَ : الْوِتْرُ وَاجِبٌ . وَكَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ : كَذَبَ نَوْفٌ : لَمَّا قَالَ لِمَا صَاحَبَ الْخَضِرَ لَيْسَ مُوسَى بَنِي إسْرَائِيلَ . 4- وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : ابْنُ عُمَرَ هُوَ الَّذِي غَلِطَ فِي فَهْمِ الْآيَةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ ؛ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ . أَوَيَفْعَلُ هَذَا مُسْلِمٌ لَكِنْ بِكُلِّ حَالٍ مَعْنَى الْآيَةِ هُوَ مَا فَسَّرَهَا بِهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَسَبَبُ النُّزُولِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . 5-" وَطْءُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا " حَرَامٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ؛ بَلْ هُوَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ } وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } " 6-وَالْحَرْثُ " هُوَ مَوْضِعُ الْوَلَدِ ؛ فَإِنَّ الْحَرْثَ هُوَ مَحَلُّ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ . وَكَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ : إذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ ؛ وَأَبَاحَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا ؛ لَكِنْ فِي الْفَرْجِ خَاصَّةً . وَمَتَى وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ وَطَاوَعَتْهُ عُزِّرَا جَمْعِيًّا ؛ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِيَا وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ؛ كَمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَمَنْ يَفْجُرُ بِهِ 7- . وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ أَثَرٍ : أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ هُوَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي حُشُوشِهِنَّ } " و " الْحُشُّ " هُوَ الدُّبُرُ وَهُوَ مَوْضِعُ الْقَذَرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ إتْيَانُ الْحَائِضِ مَعَ أَنَّ النَّجَاسَةَ عَارِضَةٌ فِي فَرْجِهَا فَكَيْفَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ : 8-و " أَيْضًا " فَهَذَا مِنْ جِنْسِ اللِّوَاطِ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَصْحَابِهِ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ لَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ؛ لَكِنْ حَكَى بَعْضُ النَّاسِ عَنْهُمْ رِوَايَةً أُخْرَى بِخِلَافِ ذَلِكَ . وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَطَعَنَ فِيهَا . 9- وَأَصْلُ ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ كَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُكَذِّبُ نَافِعًا فِي ذَلِكَ . فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَافِعٌ غَلِطَ أَوْ غَلِطَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ . فَإِذَا غَلِطَ بَعْضُ النَّاسِ غَلْطَةً لَمْ يَكُنْ هَذَا مِمَّا يُسَوِّغُ خِلَافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا أَنَّ طَائِفَةً غَلِطُوا فِي إبَاحَةِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَكَذَلِكَ طَائِفَةٌ غَلِطُوا فِي أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ . وَلَمَّا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ ؛ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ } وَأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَنْبِذَةِ فَقَالَ : { كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ } { مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ } وَجَبَ اتِّبَاعُ هَذِهِ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ . وَلِهَذَا نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ . وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا وَجَبَ أَنْ يُعَاقَبَا عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةً تَزْجُرُهُمَا فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُمَا لَا يَنْزَجِرَانِ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . |
العلامات المرجعية |
|
|