اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-05-2006, 10:59 AM
أبو صالح أبو صالح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2006
المشاركات: 152
معدل تقييم المستوى: 0
أبو صالح is an unknown quantity at this point
افتراضي


[quote][b]
اقتباس:
كود:
الحقيقة الدينية


هل صحيح قول الوضعيين – ومعهم فرويد – أن الإيمان الديني كان يمثل حال عدم نضج سيتغلب عليها العلم؟ سؤال لا يستطيع أن يجيب عليه العلم في صيغته أو تأويلاته، مثلما لا يمكن أن نجد الجواب الشافي عليه في الرؤية الشعبوية الدينية. فالحقيقة العلمية لا يمكن أن تجد المكان الطبيعي والنهائي لها في الرؤية الموضوعية.

إن الدين، كالشعر أو الموسيقى، لا يمكن أن يحاط به برؤية أو تفكير علمي صارم، ولا يمكن إخضاعه للمنهج التجريبي. الدين والحقيقة الدينية نتاج الإبداع الكوني المنفتح على المطلق. فالعلماء والفلاسفة الذين لا يجدون في مناهجهم وخطاباتهم مكانًا لله يشيرون عادة إلى فكرة الله العلَّة الأولى؛ وهذا مفهوم تم التخلِّي عنه، حتى من جانب النخب المفكرة في الخطاب الديني اليهودي والمسيحي والإسلامي. فالله الأكثر ذاتية لا يمكن إثباته، كأنه حقيقة موضوعية لا يختلف عليها اثنان. فلا يمكن وصف الله ضمن أيِّ نظام مادي في الكون؛ وليست مجدية تلك المحاولات التي تسعى إلى إثبات وجود الله منطقيًّا. كما أن الإيمان بالله لا ينبغي أن يأتي من خوف. فالأمر يتطلب حكمة إنسانية تفتح القلب لله وتدعوه دائمًا لأن يحضر في مُثُلنا الأخلاقية والكونية.

وعندما نتناول النص الديني ينبغي أن لا نقرأه انطلاقًا من الرؤية العلموية للأمور. فالرؤية العلمانية غير المؤمنة تصوِّر الآيات والعقائد الدينية على أنها خرافات وأساطير؛ ولكونها تنظر إلى النصوص بهذا المنظار فهي تظن أن لا شيء فيها صادق بالمعنى الحرفي. هذه القراءة العينية والحرفية تغيب عنها ناحية مهمة في علاقة الأنا الإنسانية بالمطلق. وهذه الناحية هي التي تشير وتهدينا إلى أن فكرة الله انطوت في الوعي الديني على معنى رمزي. فوجود الله ضروري لاستمرار وجود العالم والكون. ولعل حضور هذه القوة الرمزية الهائلة، التي سمَّاها العقل البشري الله، تعمل، كما كانت في الماضي وستعمل في الحاضر والمستقبل، بواسطة القوانين الطبيعية نفسها.

وبهذا فإن ثمة عملية تجانس بين الطبيعي والإلهي. إن الخضوع للبراهين المنطقية والحجج العقلية لا يجدي عندما يجري الحديث عن الله. فمن الأرحب والأجدى، في هذا السياق، أن نقرَّ بالنور الداخلي للحضور الديني المستقر في أعماق النفس الإنسانية الذي يفتح المجال واسعًا أمام مساحة رحبة من الرجاء لا يعطيها العقل ولا المادة ولا كلُّ أنواع السياسات البشرية.

إن الذين يرفضون صورة ما لله الذي ارتُكِبَت باسمه أبشع الحروب والكوارث الإنسانية المرعبة ينبغي احترامهم؛ كما أنه في الإمكان توظيف صورة الله كدواء غير مجدٍ أو كغاية لخيال متساهل. فلقد استُخدِمت فكرة الله مرارًا كأفيون مخدِّر للشعوب، على حدٍّ قول ماركس، كما فهم الله عن بعضهم على أنه وجود آخر يماثل وجودنا، أو بمعنى آخر، على "صورتنا ومثالنا"، لكنه أفضل منا في علياء سمائه التي ترادف صورة الفردوس المليء بكلِّ ما يشتهيه الإنسان في دنياه!

إن لله، حتى عند بعض الموسوعيين الماديين، حضورًا. بلوخ يرى أن فكرة الله طبيعية بالنسبة للحياة البشرية. فهذه الحياة موجهة دائما نحو المستقبل؛ ولأننا نشعر بحياتنا غير تامة وغير منتهية فإن هذا يولد فينا الحافز على أن نفكر ونطور كلَّ نقطة في حياتنا لتجاوز أنفسنا. فحتى الفلسفة تبدأ بالتساؤل الذي يكون بالتجربة. الله، بهذا المعنى، عند بلوخ وفويرباخ، مثل إنساني أعلى لم يتحقق بعد. كما أن ماكس هوركهايمر، المنظِّر الأبرز في مدرسة فرانكفورت، يرى أنه ما لم يشمل علمُ السياسة والأخلاق فكرةَ الله فإنهما سيبقيان متصفين بالبراغماتية والدهاء بدلاً من اتسامهما بالحكمة.

لا فائدة، إذن، من عملية إبعاد الدين عن الحضور في الذات الفردية والجماعية، وإبعاد العلم عن العمل الواسع في كشف أسرار القوانين الطبيعية وتوظيفها لخدمة الإنسان. إن إدخال الإنسان في لعبة إبعاد الواحد الآخرَ هي لعبة عبثية، حيث لا يمكن لأيٍّ منهما أن يستبعد الآخر أو يقصيه أو ينفيه. المهم هو وضع الحدود العاقلة بين الحقيقة العلمية والحقيقة الدينية، بين الحقيقة السياسية والحقيقة الأخلاقية، وتبيان ما هو متمايز أو متقاطع أو منسجم بين هذا وذاك.

وما يجعل علاقة الديني بالدنيوي متجانسة هو أن يُعطى لكلِّ بعد من أبعاد الشخصية الإنسانية حجمه الطبيعي. فالإنسان، في أبعاده المادية والروحانية، هو ابن التركيبة الكيمائية والبيولوجية للأرض والكون؛ وفي بُعده العقلاني هو ابن التطور الدماغي لهذا الكائن البشري؛ وفي بُعده الروحاني هو ابن الجانب الأكثر خلودية بين الكائنات الأخرى، هو ابن الله. ولا يمكن حصر وجوده البيولوجي أو الاجتماعي أو النفسي أو الثقافي في بُعد واحد أو بُعدين؛ فالصورة قد تكون أشمل فيما لو أخذناها بأبعادها الثلاثة، والمخاطرة في فهمه قد تقل في حال كانت إحاطتنا بهذه الأبعاد الثلاثة أشمل. فالمهم هو الإقرار بوجودها والعمل على ترسيخ قيم المعرفة العلمية في الأول، والنزعة المنفتحة في الثاني، وإعلاء قيم المحبة والسلام الداخلي والتسامي في الثالث.

إن للعقل حقلاً يفعل فيه ضمن ضوابط علمية. وهذه الضوابط تستند إلى مجموعة من المصطلحات والمفاهيم والمناهج غير ثابتة، بل هي في حال تغيُّر وحركة تجديد مستمرة؛ لذا فإن فاعليتها الزمنية والحياتية نسبية ومؤقتة خاضعة للمستجدات. وإذا كان العقل العلمي يفتش دائمًا عن الجديد في الطبيعة فهو يسعى لكشف أسرارها الموجودة في أصغر صغائرها، بدءًا من الذرة وانتهاء بالكون الواسع؛ لذا فإن مجاله مفتوح دائمًا للكشف. بينما القلب والوجدانيات لا تخضع لقوانين العقل العلمي، بل لمجال الروحانيات الرحبة، التي تفتح المجال واسعًا أمام النفس لأن ترتقي إلى الأعلى والأسمى، وإلى الأكثر إشراقًا في الحياة الأخلاقية والجمالية والإنسانية عامة، وتسعى أيضًا للإبحار الواسع في عالم الميتافيزيقا التي لا حدود لشطآنها وفضاءاتها.

إذن لكلِّ مجال حقوله. ولعل من الصعوبة – بل من الخطورة – أن نجعل من فكرة النظام العقلاني–العلمي المحكم خطابًا شاملاً للوجود بأسره. كما أن الخطورة الأخرى تقع في الجانب الآخر، حيث تعمل بعض الفعاليات المستفيدة من الإرث التاريخي الشعبوي–الديني والطائفي من أجل محاولة كبح العقل العلمي في اكتشاف أسرار الطبيعة.

الحالة الدينية حقيقة موجودة. فقد يلتحق الإنسان بالمكان الذي يمارس فيه عباداته وطقوسه، وقد لا يلتحق به أبدًا. قد يعتبر الكثير من الأقوال التي جاءت في النصوص الدينية ضربًا من الخرافات والحكايات الشعبية. وقد يرى بعضهم أن هناك زيفًا في العقائد لأنه اعتاد أن يأخذ بها ويقرأها حرفيًّا؛ وبهذا فإنه لا يتمكن من إدراك حقيقتها الرمزية ولا وظيفتها في عالم الإيمان، ومن هنا يأخذ منها موقعًا سلبيًّا محضًا. وقد يقف أيضًا ضد صورة الله أو الدين أو المذهب المرتبطة بالتعصب والحرب وسائر أشكال التنازع ورفض الآخر. قد يسمي نفسه علمانيًّا أو لاأدريًّا أو ملحدًا إلخ. ولكن في الحصيلة العامة لا ينتج عن ذلك بالضرورة الوصول إلى حال من اليقين المطلق بأنه لاديني، حتى ولو هو أقرَّ بذلك؛ فله دينه، وقد يتمثل في صورة من المشاعر الروحانية الواضحة. فعلى حدِّ قول الباحث في علاقة الفلسفة بالأديان وولتر ستيس: "إن لكلِّ إنسان ديانة معينة تعتمد على طريق خاص وتقوم بتجربتها الخاصة؛ وليس من حقِّ أولئك الذين عثروا على طريقهم وخبرتهم الخاصة أن يدينوا أولئك الذين عثروا على طريق آخر أو خبرة أخرى."

إننا في حاجة فعلاً إلى تجديد رؤيتنا الدينية لله وللكون. هناك تجارب نقية جدًّا في الماضي؛ وهناك نخب علمية ولاهوتية تفتح قلوبها مشرعة على العلم والله لتجد فيهما المفيد والخلاق والأخلاقي، الخاص والعام، الأرضي والكوني. وهذه المحاولات تجد حضورًا لها في كلِّ الجماعات والأديان والمعارف. ولعلَّ واحدة من هذه المحاولات هي التجربة الخلاقة التي قام بها تيار دُه شاردان وجان شارون وغيرهما من الذين دمجوا صورة الإيمان المتسامية بالعلم الحديث. فهؤلاء دعوا المسيحيين إلى أن ينقلوا إيمانهم بيسوع الإنسان إلى تبنِّي صورة كونية للمسيح تأخذ الجانب المتسامي في المسيحية التي تحضر في كلِّ ذات بشرية خيِّرة، نواتها المحبة التي تحيي الخلق كلَّه.

ولعلَّنا في حاجة أيضًا إلى إحياء الصورة الرائعة التي وصل إليها شيخ الصوفية العرب والمسلمين ابن عربي حول وحدة الوجود والتي وجدت أصداء لها عند متصوفين كبار معاصرين في الشرق والغرب، أمثال فريتيوف شووُن السويسري وغيره ممَّن يؤكدون على مفهوم الألوهة المرتبطة بالحقيقة الدينية الواحدة الموجودة عند المؤمنين الحكماء قاطبة. فابن عربي الذي يؤمن بأن الوجود هو أصل التشابه والتباين وعلة الجمع والفرق، يقول إنه في الواحد تجتمع الأشياء وتتفرق. فالغاية التي يتم التعبير عنها في الوعي الديني لدى المؤمنين بديانات مختلفة يعبَّر عنها بطرق مختلفة، إلا أن الجوهر واحد هو "الخلاص" أو "السماء" أو "النرفانا" أو "الاتحاد مع برهمن" (موكشا). في تلك الغاية توجد الغبطة اللامتناهية. وهذه الصورة موجودة في الرصيد الروحي العميق والراقي لدى كلِّ الأديان والجماعات المؤمنة.

إن المهمة الشاقة المطلوبة من العقول النيِّرة والإرادات الخيِّرة العاملة في الشأن الديني وفي حقول الدنيا هو تجديد جذوة الإيمان الصافي في النفوس وإرواء العقل الإنساني المتعطش دائمًا إلى المعرفة العلمية المتجددة.

*** *** ***






__________________
  #2  
قديم 30-05-2006, 07:31 PM
الصورة الرمزية zizo2_2
zizo2_2 zizo2_2 غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 7,945
معدل تقييم المستوى: 0
zizo2_2 can only hope to improve
افتراضي

أشكرك على تلك الحقائق أخي احمد وبارك الله فيك
__________________

  #3  
قديم 30-05-2006, 07:32 PM
الصورة الرمزية zizo2_2
zizo2_2 zizo2_2 غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 7,945
معدل تقييم المستوى: 0
zizo2_2 can only hope to improve
افتراضي

إننا في حاجة فعلاً إلى تجديد رؤيتنا الدينية لله وللكون. هناك تجارب نقية جدًّا في الماضي؛ وهناك نخب علمية ولاهوتية تفتح قلوبها مشرعة على العلم والله لتجد فيهما المفيد والخلاق والأخلاقي، الخاص والعام، الأرضي والكوني. وهذه المحاولات تجد حضورًا لها في كلِّ الجماعات والأديان والمعارف. ولعلَّ واحدة من هذه المحاولات هي التجربة الخلاقة التي قام بها تيار دُه شاردان وجان شارون وغيرهما من الذين دمجوا صورة الإيمان المتسامية بالعلم الحديث. فهؤلاء دعوا المسيحيين إلى أن ينقلوا إيمانهم بيسوع الإنسان إلى تبنِّي صورة كونية للمسيح تأخذ الجانب المتسامي في المسيحية التي تحضر في كلِّ ذات بشرية خيِّرة، نواتها المحبة التي تحيي الخلق كلَّه.
__________________

  #4  
قديم 30-05-2006, 09:25 PM
حمادة نور حمادة نور غير متواجد حالياً
عضو متواصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 760
معدل تقييم المستوى: 0
حمادة نور is an unknown quantity at this point
افتراضي

إننا في حاجة فعلاً إلى تجديد رؤيتنا الدينية لله وللكون. هناك تجارب نقية جدًّا في الماضي؛ وهناك نخب علمية ولاهوتية تفتح قلوبها مشرعة على العلم والله لتجد فيهما المفيد والخلاق والأخلاقي، الخاص والعام، الأرضي والكوني. وهذه المحاولات تجد حضورًا لها في كلِّ الجماعات والأديان والمعارف. ولعلَّ واحدة من هذه المحاولات هي التجربة الخلاقة التي قام بها تيار دُه شاردان وجان شارون وغيرهما من الذين دمجوا صورة الإيمان المتسامية بالعلم الحديث. فهؤلاء دعوا المسيحيين إلى أن ينقلوا إيمانهم بيسوع الإنسان إلى تبنِّي صورة كونية للمسيح تأخذ الجانب المتسامي في المسيحية التي تحضر في كلِّ ذات بشرية خيِّرة، نواتها المحبة التي تحيي الخلق كلَّه.
جزاكالله كل خير استاز احمد
__________________

فداك ابى وامى يارسول الله





الحمدالله
  #5  
قديم 01-06-2006, 12:04 AM
أبو صالح أبو صالح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2006
المشاركات: 152
معدل تقييم المستوى: 0
أبو صالح is an unknown quantity at this point
افتراضي

أشكركم علي المرور
وتحياتي لأستاذي العبقري زيزو
__________________
  #6  
قديم 01-06-2006, 05:17 PM
أبو صالح أبو صالح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2006
المشاركات: 152
معدل تقييم المستوى: 0
أبو صالح is an unknown quantity at this point
افتراضي

حمادة نور دخل الموضوع بتاعي ورد الرد ده
أكيد فيه حاجة
أشكرك
__________________
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:58 AM.