|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#31
|
||||
|
||||
![]() تنازلات مطلوبة: أبعاد الدعوات الأمريكية بفرض شروط على المساعدات لمصر ![]() عمرو عبد العاطي باحث مصري في الشئون الأمريكية، ومحرر مشارك بمجلة السياسة الدولية – مؤسسة الأهرام يتصاعد الحديث من حين لآخر داخل أروقة الكونجرس الأمريكي (مجلس الشيوخ والنواب) حول وضع شروط على المساعدات الأمريكية (الاقتصادية والعسكرية) لمصر الثورة التي تقدر بنحو 1.5 مليار دولار أمريكي سنويًّا (1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية و250 مليون دولار مساعدات اقتصادية). فقد قدم أربعة أعضاء جمهوريون بمجلس الشيوخ الأمريكي تعديلات على المساعدات الأمريكية لمصر في الميزانية الفيدرالية، وهم: السيناتور "ماركو روبيو"، والسيناتور "جون ماكين"، والسيناتور "راند بول"، وأخيرًا السيناتور "جيمس إنهوف" وتعديل خامس اقترحه رئيس اللجنة الفرعية للاعتمادات والعمليات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور الديمقرايطي "باتريك ليهي". وتعكس تلك الأصوات الأمريكية الداعية لمشروطية المساعدات الأمريكية لمصر حالة التخبط الأمريكي التي تنتاب كافة مؤسسات صنع القرار الأمريكي للتعامل مع نتائج ثورة الخامس والعشرين من يناير، والإطاحة بالحليف الأمريكي في القاهرة "حسني مبارك" ووصول جماعة الإخوان المسلمين التي تكن العداء لواشنطن وسياساتها إلى سدة الحكم. ويكشف تزايد تلك الأصوات عن عدم الرضا الأمريكي عن سياسات إدارة "باراك أوباما" تجاه التطورات التي تشهدها مصر عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث يرونها سياسة داعمة لجماعة الإخوان المسلمين (أحد روافد تيار الإسلام السياسي المتشدد) التي ترفض الاعتراف بإسرائيل وبدولتها بالمنطقة حسب وجهة النظر التي يتبناها كثير من الأمريكيين، وأنها تتبنى سياسات مناهضة لحقوق الأقباط والمرأة وحرية العقيدة. تياران أمريكيان قراءة مشاريع تعديل هيكل المساعدات الأمريكية المقدمة من أعضاء الكونجرس الأمريكي بمجلسيه عن تيارين مركزيين داخل الكونجرس الأمريكي ومؤسسات صنع القرار، أحدهما متشدد والآخر معتدل، وهما على النحو التالي: التيار الأول المتشدد: يدعو لوقف المعونات العسكرية والاقتصادية الأمريكية لمصر، قائلين ليس للولايات المتحدة الأمريكية مصلحة في دعم نظام رافض للقيم والمبادئ التي أسست عليها الولايات المتحدة الأمريكية. ويعززون وجهة نظرهم بأن جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة الآن في مصر تتبنى سياسات من شأنها إعاقة الأمن والمصلحة القومية الأمريكية. ويُشير أنصار هذا التيار إلى إخفاق النظام المصري في حماية السفارة الأمريكية إبان أزمة الفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم) وما تبعها من احتجاجات ومظاهرات، ومحاولة وضع المتظاهرين راية سوداء مكان العلم الأمريكي. فضلا عن غياب توجه مصري واضح تجاه الحليف الأمريكي في المنطقة "إسرائيل"، حيث لم يأت الرئيس المصري "محمد مرسي" على ذكر كلمة "إسرائيل" في خطاباته حتى وقتنا هذا، وهو الأمر الذي يثير هواجس المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين على حد سواء، رغم التأكيد الإخواني على استمرار الالتزام المصري بمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية المبرمة في عام 1979. ويدعم أنصار هذا التيار من وجهة نظرهم بتصريحات الرئيس المصري "المعادية للسامية" والتي أدلى بها في وقت سابق قبل توليه منصب الرئاسة، ومعارضته التدخل الفرنسي في مالي الذي أثار القلق الشديد لدى الإدارة الأمريكية. التيار الثاني المعتدل: يرى أنصاره ضرورة ربط المعونات العسكرية والاقتصادية الأمريكية لمصر بجملة من الشروط الواجب على القاهرة اتباعها وتنفيذها قبل الحصول على المعونات. ويرفض أنصار هذا التيار أي خطوة لقطع المساعدات الأمريكية عن الحكومة المصرية، أو تخفيضها، لأنهم يرون أن هذا لن يخدم المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وستأتي خطوة قطع المعونات بنتائج عكسية قد تضر بمصالحها، وستجعل سياسة الرئيس مرسي أكثر تشددًا داخليًّا وخارجيًّا. وأن ترك مصر لتصبح دولة فاشلة سيكون له أثر كارثي على مصالح الولايات المتحدة وأمن حلفائها في المنطقة. ويربط أنصار هذا التيار بين استمرار تقديم واشنطن المعونات العسكرية والاقتصادية للنظام المصري بتحقيق الأخير ثلاثة شروط أسياسية، وهي: أولا: استمرار الالتزام المصري بمعاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية لعام 1979، واتخاذ عديد من الخطوات التي من شأنها التأكيد على هذا الالتزام، وخاصة أمن سيناء. ثانيًا: استمرار التعاون الأمني والاستخباراتي الأمريكي-المصري، لا سيما في استمرار الحرب الأمريكية على الإرهاب. ثالثًا: اتخاذ النظام المصري خطوات تؤشر لانتقال مصر إلى دولة ديمقراطية دستورية تحترم حقوق الإنسان والأقليات، وتسمح لمنظمات المجتمع المدني بالعمل داخل الأراضي المصرية بدون تهديدات ومواجهات مع الأجهزة الأمنية. تياران مصريان لا يقتصر الانقسام حول المعونات الأمريكية لمصر على الأوساط السياسية والشعبية المصرية، بل هناك انقسام جلي داخل الأوساط الشعبية والرسمية المصرية حول المعونات الأمريكية، فهناك تياران رئيسيان أيضًا حول استمرارية تلك المعونات، يتمثلا في الآتي: التيار الأول: تيار رافض لتلقي القاهرة أي مساعدات عسكرية أو اقتصادية من الولايات المتحدة الأمريكية، قائلا إن تلقي مصر معونات من الولايات المتحدة الأمريكية ينال من الكرامة المصرية واستقلالية القرار المصري، اللذين عادا مع ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأنها تجعل القاهرة "تابعة" لواشنطن وتل أبيب كما كان الحال في ظل حكم الرئيس المصري السابق "حسني مبارك". وقد تعالت أصوات هذا التيار عقب ثورة يناير لا سيما بعد أزمة القبض على مسئولي المنظمات الأمريكية العاملة في القاهرة في بداية عام 2012، والتهديد الأمريكي بوقف المساعدات الأمريكية بشقيها العسكري والاقتصادي لمصر، لتخرج أصوات تزعَّمها عالم الدين "محمد حسان" وعدد كبير من رجال الدين بإنشاء صناديق تبرع لتكون بديلا عن المعونات الأمريكية، ولكنها في حقيقة الأمر دعوات اختفى الحديث عنها بعد هدوء أزمة المنظمات الأمريكية العاملة في مصر. التيار الثاني: تيار يرى أن تمارس الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطًا على النظام المصري بالمعونات الاقتصادية، وربطها بشروط تحقيق الديمقراطية الدستورية وحقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته يرفضون المساس بالمساعدات العسكرية لأهميتها لتعزيز مهنية وحرفية المؤسسة العسكرية. ويرى أنصار هذا التيار أن استمرار المعونات الاقتصادية لنظام تحكمه جماعة الإخوان المسلمين، وخاصة في وقت يمر فيه الاقتصاد المصري بأزمة تهدد شرعية جماعة الإخوان المسلمين لإخفاقاتها في عكس آثار الثورة وحكمهم اقتصاديًّا على المواطن المصري، ما هي إلا وسيلة تهدف منها الولايات المتحدة الأمريكية إلى تدعيم حكم جماعة الإخوان المسلمين في ظل اتفاق أمريكي-إخواني يقوم على تدعيم الولايات المتحدة لحكم الإخوان في مصر، وفي المقابل تحافظ الجماعة على المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، والضغط على القوى التي كانت تطلق عليها واشنطن "قوى الممانعة" لتكون أكثر قربًا من الولايات المتحدة، ومحافظة على مصالحها في المنطقة. ولا يجد أنصار هذا التيار غضاضة في وجود شروط أمريكية على المساعدات الأمريكية الاقتصادية على مصر رغم انخفاض نسبتها بالنسبة للناتج الإجمالي المصري، طالما أنها تهدف في التحليل الأخير إلى تحقيق المصلحة الوطنية في أن تتحول مصر إلى دولة قانون ذات مؤسسات ديمقراطية ودستورية تعزز من فرص التداول السلمي للسلطة، ودولة قوامها المواطنة والمساواة، وتحترم حقوق الإنسان. حجج ست لرفض المعونات يطرح أنصار التيار المتشدد الداعي لوقف المعونات العسكرية والاقتصادية الأمريكية لمصر ست حجج رئيسية تدعم من موقفهم الرافض لمعونات أمريكية لمصر تحت حكم جماعة الإخوان المسلمين، وتتلخص تلك الحجج في الآتي: أولا: الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي عقب الأزمة المالية العالمية في منتصف عام 2008، والتوجه الأمريكي إلى ترشيد الإنفاق الأمريكي، وتقليل المخصصات المالية للعمليات الخارجية. ثانيًا: أن وقف المعونات الأمريكية سيعفي الولايات المتحدة الأمريكية من انتقادات داخلية من قبل دافعي الضرائب بتقديم مساعدات لدولة ترفض المساعدات الأمريكية، وتكن العداء لها، إلى جانب انتقادات من قوى المعارضة المصرية بأن واشنطن تسعى لتدعيم وتثبيت حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر. وهناك رفض شعبي مصري عارم لتلقي القاهرة معونات اقتصادية وعسكرية من واشنطن، فقد أظهر استطلاع لمركز جالوب لاستطلاعات الرأي نشر في السادس من فبراير 2012، أن 71% من المصريين يعارضون المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر، و74% منهم يرفضون توجيه الولايات المتحدة مساعدات مباشرة لمنظمات المجتمع المدني المصري. ثالثًا: أن النظام المصري لا يشارك الولايات المتحدة الأمريكية في قيم الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الانسان. رابعًا: أن المساعدات العسكرية لا تنعكس على المواطن المصري الذي يكن كراهية للسياسات الأمريكية في المنطقة. خامسًا: سيتيح وقف المعونات الأمريكية لمصر فرصة لتغييرات مطلوبة في العلاقات العسكرية المصرية-الأمريكية، بحيث تدفع الولايات المتحدة فقط مقابل الخدمات التي تحصل عليها من مصر، والمتعلقة بالسماح بالمرور من قناة السويس. سادسًا: تمكين الولايات المتحدة من تقديم العون والمساعدة لدول أخرى تحتاج إلى مساعدة واشنطن، مثل تونس والمغرب وبعض الدول الإفريقية، والتي ستكون شاكرة للمساعدات التي تقدمها لهم واشنطن على عكس مصر التي لا تقدر -حسب عديد من المسئولين الأمريكيين- المساعدات الأمريكية لها. مراوغة لتحقيق المصلحة الأمريكية وخلاصة القول، إن التطورات التي تشهدها مصر عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، واستمرار التناحر والصراع السياسي بين القوى السياسية، وغياب الإجماع الوطني حول إدارة المرحلة الانتقالية، وكذا غياب رؤية مصرية للتعامل مع إسرائيل يعزز من قوة التيار المنادي بوضع شروط على المعونات الأمريكية لمصر في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها الاقتصادي المصري. ورغم أن تلك المساعدات لن تكون لها كلمة السر في حل تلك الأزمة الاقتصادية، ولكن لها قيمة رمزية تفوق قيمتها المادية. ويصاحب ذلك حديث عن تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية أو تحول جزءٍ منها إلى مساعدات اقتصادية. ويعزز من هذا الرأي أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات، وأن صناعة القرار الأمريكي تتسم بالتعقيد والتشابك لتداخل العديد من المؤسسات والأجهزة والوكالات في صناعة القرار الأمريكي الخارجي، لا سيما الكونجرس الأمريكي المسئول عن الموافقة على المخصصات المالية للمعونات والعمليات الخارجية، والذي فقدت مصر كثيرًا من مؤيديها به، وجماعات الضغط التي لها حساباتها ومواقفها من الثورة المصرية، واحتمالات تأثيرها في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه مصر، فضلا عن دور اللوبي الإسرائيلي ذي التأثير المتعاظم على صانعي القرار الأمريكي، لا سيما (إيباك)، والساعي إلى ربط التحسن في العلاقات الأمريكية-المصرية بعدد من الإجراءات والسياسات المصرية التي تحقق الأمن والمصلحة الإسرائيلية بالمنطقة. بيد أن تصاعد الدعاوى داخل الكونجرس الأمريكي عن تعليق المساعدات العسكرية أو تقليلها مع أي توتر في العلاقات المصرية-الأمريكية لن تكون محل تنفيذ لإيقان الطرفين المصري والأمريكي من أهمية المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، وخاصة للأمن والمصلحة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط، وهي أهمية دفعت مسئولين عسكريين إلى تحذير الكونجرس الأمريكي في جلسات استماع عدة من خطأ تخفيض المساعدات العسكرية لمصر، مؤكدين أنها ذات قيمة عالية جدًّا للولايات المتحدة، ولا تستطيع دولة أخرى أن تقوم بما تقوم به مصر من خدمة للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. إن الحديث عن وقف المعونات الأمريكية الاقتصادية أو العسكرية وربطها بجملة من الشروط الواجب على النظام المصري اتخاذها ما هي إلا خطوة هدفها تحقيق واشنطن أكبر قدر من التنازلات المصرية لخدمة المصالح الأمريكية. ويمكن الجزم بأن أي إدارة أمريكية لن تقدم على خطوة تعليق أو وقف المعونات الأمريكية لمصر لإيقان صانع القرار الأمريكي لمركزية وأهمية مصر في منطقة الشرق الأوسط ودورها في خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة وعلى المسرح الدولي. |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|