صورة من امام منزل الرئيس محمد نجيب في حلمية الزيتون بالقاهرة سنة 1954 .
و طوال مدة رئاسته رفض نجيب الإقامة في أيا من القصور الرئاسية و كانت فكرته عنها تقتصر في كونها مجرد مكتب عمل لرئيس الجمهورية ليس إلا , حتي أنه في إحدي المرات تصادف أن تناول أعضاء مجلس قيادة الثورة الغداء في قصر عابدين و فؤجي نجيب بأدوات المائدة الملكية المصنوعة من الفضة فرفض ان يآكل و أمر باعادة هذة الادوات الي أماكنها الأصلية , و قرر ابعاد ضابط الشئون الادارية الذي ارتكب هذة الجريمة .
يقول الرئيس نجيب في كتابه كنت رئيسا لمصر :-
اثناء فترة رئاستي كثيرا ما خرقت شروط و احتياطات الأمن ، و سافرت إلي أرجاء متفرقة في مصر ، سمعت خلالها للناس ، و شجعتهم علي الأفشاء عما في صدورهم ، و كنت اتحدث اليهم بلغتهم ... و لم تتعرض حياتي لأي خطر ..
و كان حدسي سليما دائما ... اللهم الا مرة واحدة فقط .
كنت عائدا الي منزلي في حلمية الزيتون في يوليو من عام 1953 ، لاحظت رجلا يرتدي ثيابا رثة و يصرخ :
"منك لله يا ظالم .... منك لله يا ظالم"
كان عجوزا إلي درجة أنه لا يمكن أن يحدث بي أذي ، فأوقفت سيارتي و امرت حارسي الخاص بأن يحضره الي منزلي في اليوم التالي .
عرفت منه ان اسمه أحمد محمد منصور و انه كان لص خزائن ، قبض عليه 33 مرة و قضي قرابة 28 سنة في مختلف السجون ، و بالرغم من انه كان يريد أن يحيا حياة شريفة إلا ان البوليس يمنعه من ذلك ...
كان يرغب في استخراج رخصة لبيع المشروبات الغازية ، و لكن طلبه كان يرفض دائما بسبب سوابقه ..
أعطيته5 جنيهات ليشتري بها ثلاجة لبيع المرطبات ، و علمت فيما بعد انه اصبح يبيع المشروبات في كشك اقامه امام احد اقسام البوليس .
كان احمد محمد منصور واحدا من الالاف الذين ساعدتهم ، و انا اذكر هذة الواقعة لأوضح مدي أقتناعي التام بأن الشعب المصري يمكن أن تكسبه بالود و ليس بالعنف و الترهيب ..
و لكن للاسف هذا عكس ما حدث
كان الضباط شبابا
كانت خبرتهم في الحياة بسيطة
و خبرتهم في الحكم ابسط ..
احسوا انهم يحكمون فاندفعوا يتعاملون بعنف و بغطرسة.
كان للثورة اعداء
و كنا نحن اشدهم خطورة .
كان كل ضابط من ضباط الثورة يريد أن يملك ... يملك مثل الملك ... و يحكم مثل رئيس الحكومة !
لذلك كانوا يسمون الوزراء بالسعاة ... او الطراطير ... او المحضرين !
و كان زملائهم الضباط يقولون عنهم :
طردنا ملك و جئنا بثلاثة عشر ملكا آخر
هذا حدث بعد ايام قليلة من الثورة
و اليوم اشعر ان الثورة تحولت بتصرفاتهم الي عورة ... و اشعر ان من كنت أنظر اليهم علي أنهم اولادي ، اصبحوا بعد ذلك مثل زبانية جهنم ، و من كنت اتصورهم ثوارا ، اصبحوا اشرارا ..
فيا رب لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا
لقد خرج الجيش من الثكنات ... و انتشر في كل المصالح و الوزارات المدنية .
فوقعت الكارثة التي لا نزال نعاني منها الي الان في مصر .
آخر تعديل بواسطة محمد محمود بدر ، 10-01-2018 الساعة 04:32 PM
|