ذم الانتِقَام في واحة الشِّعر
قال الشَّاعر:
إذا انتقموا أعلنوا أمرَهم *** وإن أنعموا أنعموا باكتتامِ
يقومُ القعودُ إذا أقبلوا *** وتقعدُ هيبتُهم بالقيامِ
وقال المأمون لإبراهيم بن المهدي: إنِّي شاورت في أمرك فأشاروا عليَّ ب***ك، إلَّا أنِّي وجدتُ قَدْرَك فوق ذنبك، فكرهت ال*** للازم حُرْمَتك. فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ المشار أشار، ممَّا جرت به العادة في السِّياسة، إلَّا أنَّك أبيت أن تطلب النَّصر إلَّا مِن حيث عوَّدته مِن العفو، فإن ***ت فلك نظير، وإن عفوت، فلا نظير لك، وأنشأ يقول:
البرُّ بي منك وَطَّا العذرَ عندكَ لي *** فيما فعلتَ فلم تعذِلْ ولم تَلُمِ
وقامَ عذرُك لي فاحتجَّ عندك لي *** مقامُ شاهدِ عدلٍ غيرَ متَّهمِ
لئن جحدتُك ما أوليتَ مِن نعمٍ *** إنِّي لفي اللَّومِ أولى منك بالكَرِم
تعفو بعدلٍ وتسطو إن سطوتَ به *** فلا عَدِمْنَاك مِن عافٍ ومنتقمِ
وقال الشَّاعر مبينًا سبب تركه للانتقام ممَّن يتعدَّى عليه:
إذا كان دوني مَن بُليت بجهلِه *** أبيتُ لنفسي أن أقابلَ بالجهلِ
وإن كان مثلي في محلِّي مِن العُلا *** هويت إذَا حِلْمًا وصَفْحًا عن الْمَثْلِ
وإن كنتُ أَدنَى منه في الفضلِ والحجا *** فإن له حقَّ التَّقَدُّمِ والفضلِ
وقال آخر:
إن يُمْكِنِ الدَّهرُ فسوف أنتقمُ *** أوْ لا فإنَّ العفو أولى للكَرَم
وقال جرير:
عوى الشُّعراءُ بعضُهم لبعضٍ *** عليَّ فَقَدْ أصابهم انتقامُ
إذا أرسلتُ صاعقةً عليهم *** رأوا أخرى تحرقُ فاستداموا
وقال معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه في ترك الانتِقَام ممَّن تعدَّى عليك بالشَّتم:
وما قَتَلَ السَّفاهةَ مثلُ حِلْمٍ *** يعودُ به على الجهلِ الحليمُ
فلا تسفهْ وإن مُلِّيتَ غيظًا *** على أحدٍ فإنَّ الفحشَ لُومُ
ولا تقطعْ أخًا لك عندَ ذنبٍ *** فإنَّ الذَّنبَ يعفوه الكريمُ