
10-11-2012, 08:20 PM
|
 |
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
|
|
قوله تعالى :
أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على
نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من
ذكر الله أولئك في ضلال مبين .
قوله تعالى : أفمن شرح الله صدره للإسلام شرح فتح ووسع .
قال ابن عباس : وسع صدره للإسلام حتى ثبت فيه .
وقال السدي : وسع صدره بالإسلام للفرح به والطمأنينة إليه ، فعلى
هذا لا يجوز أن يكون هذا الشرح إلا بعد الإسلام ، وعلى الوجه الأول
يجوز أن يكون الشرح قبل الإسلام .
فهو على نور من ربه أي على هدى من ربه .
كمن طبع على قلبه وأقساه . ودل على هذا المحذوف قوله :
فويل للقاسية قلوبهم قال المبرد : يقال : قسا القلب إذا صلب ،
وكذلك عتا وعسا مقاربة لها . وقلب قاس أي : صلب لا يرق ولايلين .
والمراد بمن شرح الله صدره هاهنا فيما ذكر المفسرون علي وحمزة -
رضي الله عنهما . وحكى النقاش أنه عمر بن الخطاب - رضي الله
عنه - . وقال مقاتل : عمار بن ياسر . وعنه أيضا والكلبي : رسول
الله صلى الله عليه وسلم . والآية عامة فيمن شرح الله صدره بخلق
الإيمان فيه . وروى مرة عن ابن مسعود قال :
قلنا : يا رسول الله ، قوله تعالى :
أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه
كيف انشرح صدره ؟ قال : إذا دخل النور القلب انشرح وانفتح .
قلنا : يا رسول الله ، وما علامة ذلك ؟ . قال : الإنابة إلى دار الخلود
، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله وخرجه
الترمذي الحكيم في نوادر الأصول من حديث ابن عمر : أن رجلا
قال : يا رسول الله ، أي المؤمنين أكيس ؟ قال : أكثرهم للموت ذكرا
، وأحسنهم له استعدادا ، وإذا دخل النور في القلب انفسح واستوسع .
قالوا : فما آية ذلك يا نبي الله ؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود ،
والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت فذكر -
صلى الله عليه وسلم - خصالا ثلاثة ، ولا [ ص: 221 ]
شك أن من كانت فيه هذه الخصال فهو الكامل الإيمان ، فإن الإنابة
إنما هي أعمال البر ; لأن دار الخلود إنما وضعت جزاء لأعمال البر ،
ألا ترى كيف ذكره الله في مواضع في تنزيله ثم قال بعقب ذلك :
" جزاء بما كانوا يعملون " فالجنة جزاء الأعمال ، فإذا انكمش العبد
في أعمال البر فهو إنابته إلى دار الخلود ، وإذا خمد حرصه عن الدنيا
، ولها عن طلبها ، وأقبل على ما يغنيه منها فاكتفى به وقنع ، فقد
تجافى عن دار الغرور . وإذا أحكم أموره بالتقوى فكان ناظرا في كل
أمر ، واقفا متأدبا متثبتا حذرا يتورع عما يريبه إلى ما لا يريبه ، فقد
استعد للموت . فهذه علامتهم في الظاهر . وإنما صار هكذا لرؤية
الموت ، ورؤية صرف الآخرة عن الدنيا ، ورؤية الدنيا أنها دار
الغرور ، وإنما صارت له هذه الرؤية بالنور الذي ولج القلب .
وقوله تعالى : فويل للقاسية قلوبهم
قيل : المراد أبو لهب وولده ، ومعنى : " من ذكر الله " أن قلوبهم
تزداد قسوة من سماع ذكره . وقيل : إن من بمعنى عن ، والمعنى
قست عن قبول ذكر الله . وهذا اختيار الطبري . وعن أبي سعيد
الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
قال الله تعالى : اطلبوا الحوائج من السمحاء ؛ فإني جعلت فيهم
رحمتي ، ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم ؛ فإني جعلت فيهم سخطي .
وقال مالك بن دينار : ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب ،
وما غضب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم .
|