تصل الأخبار إلى النبي صلى الله عليه و سلم بأن المشركين من قبيلة هوازن و غطفان قد أجمعوا أمرهم في ثلاثين ألفا من الجنود بقيادة مالك بن عوف لقتال المسلمين انتقاما لحلفائهم من المشركين في مكة فينادي النبي في أصحابه بالجهاد فيتجمع اثنا عشر ألفا من الجنود المسلمين ليتجهوا إلى قتال المشركين في وادي حنين .. و يعجب المسلمون بكثرتهم فيقولوا لن نغلب اليوم من قلة .. فيهجم عليهم المشركون من خلف التلال و هم في الوادي فيتفرق المسلمون و يأخذ النبي صلى الله عليه و سلم بيده حفنة من تراب و يقول ألا شاهت الوجوه .. فما من أحد من المشركين إلا و أصيب في عينيه .. و ينادي النبي صلى الله عليه و سلم على المسلمين عن طريق العباس بن عبد المطلب فيتجمعوا مرة أخرى و ينتصر المسلمون .. و يسلم مالك بن عوف و قومه و يرد النبي صلى الله عليه و سلم ما كان قد أخذ منهم بل و يزيدهم .. يعلم النبي صلى الله عليه و سلم بأن الروم يتحالفون مع نصارى العرب في تبوك و يجهزون جيوشهم لغزو المدينة و كان عمره 62 سنة .. فينادي النبي صلى الله عليه و سلم في أصحابه بالجهاد و ينادي "من يجهز جيش العسرة و له الجنة" فيأتي أبو بكر رضي الله عنه بماله كله و يأتي عمر رضي الله عنه بنصف ماله و يجهز عثمان ألف مجاهد بألف بعير و ألف دينار من ذهب فيقول النبي صلى الله عليه و سلم "اللهم إني راض عن عثمان فارض عنه .. ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم" .. يخرج النبي صلى الله عليه و سلم على راحلته و معه ثلاثون ألف مسلم مجاهد .. متجها إلى تبوك في مسيرة مقدارها شهر ذهابا و شهر إيابا .. و حينما وصل إليها النبي صلى الله عليه و سلم عسكر هناك شهرا .. و لما وجد العدو قد فر قرر العودة .. ليحاول المنافقون أن يقتلوه و لكن الله تعالى ينجيه .. و ليستعد النبي صلى الله عليه و سلم بعد ذلك ليحج حجة الوداع و هي الحجة الوحيدة التي حجها النبي صلى الله عليه و سلم ليضع فيها منهاجا لأمته إلى يوم القيامة .. و يقف بأبي هو و أمي قائلا: "أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون . قضى الله أنه لا ربا وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله" .. "أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به بما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم" .. "أيها الناس إن لكم على نسائكم حقا ولهن عليكم حقا لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي فإني قد بلغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا أمرا بينا كتاب الله وسنة نبيه" .. "أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه .. تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت ؟" .. فقال الناس: اللهم نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم فاشهد"