و لكن كلام ام حسام معه ، جعله
يعيد التفكير ، انه يريد ان يراها ،
من حقه ان يكلمها ، و يسمع
منها ، ولو لمره واحده قبل ان يسافر
و لكن كيف ؟ من الممكن ان
يذهب لمقابلتها و يمنعوه مثل
المره الماضيه
لكنه وجد نفسه ينزل لسيارته ، و
هو لا يزال يفكر كيف يراها ، و
قاده الطريق الى هناك ، الى
منزلها ، لم تكن اول مره ، كان
يمر بالمنزل وحوله مرات كل
يوم بحجج مختلفه عله يرى منها
لمحه واحده تعينه على طول الفراق
ماذا يفعل فى هذا الملعون الصغير
قلبه
انه لا يزال ينبض بحبها و يتغنى باسمها كما كان
و اكثر
امام منزلها ، و جد ثلاث سيارات
فان كبيره فى الشارع مفتوحة
الابواب الخلفيه و الجانبيه
و يتم انزال عدد كبير من
الحقائب فيها ، وقف على مقربه
من المنزل بحيث لا يراه احد ، مترقبا ملهوفا
و نبضات قلبه تتسارع
و راى امها تنزل مرتديه ملابس
بيضاء و حجابا ابيض
ثم راى والدها يرتدى جلبابا ابيض
و
بعد برهه
وجد شريف يخرج من الباب
و بصحبته ....شيرين
كانت شيرين ترتدى ملابس
بيضاء فضفاضه هى الاخرى
اخفت هزالها و انخفاض وزنها ،
و تلف راسها بطرحه بيضاء
كبيره ، و عيناها خلف نظاره
سوداء اخفت معظم وجهها
و مع ذلك عرفها ، من اول وهله
عرفها
فوجىء حسام بنفسه ، و قد انتابته
شجاعه لم يعرفها قط فى نفسه
قطع الطريق جريا ليجد نفسه
يقف وجها لوجه امامها ، و
يتاملها مليا
وهو يلتقط انفاسه المبهوره بصعوبه
لم يدر هل الجرى ما تسبب فى
النهجان ، ام اثارة الموقف و نظر الى وجهها
ياه ، هل من الممكن ان يطعن
هذا الضعف و الجمال احدا حتى
الموت كما فعلت معه
نظرت اليه شيرين ذاهله غير
مصدقه لمجيئه هنا
غير مصدقه انها راته قبل ان
تسافر ، و قد باتت ليلتها امس
تتمنى رؤيته ولو فى الاحلام
هل جرحته لهذه االدرجه ، كان
يبدو مختلفا تماما ، اصابه هزال
و لم يحلق ذقنه منذ ايام ، حتى
ملابسه كانت غير مهندمه ، و
عيناه زائغتان كانه لم ينم منذ سنوات
حزنت لما اصابه ، رغم انه اثبت
لها عمق حبه ، يكفى مجيئه فى
هذه اللحظه ليثبت مدى هذا العمق
لا تدرى هل تفرح ام تحزن
.......هل تستمر فى التمثيليه
بعدما راها بهذا الضعف
ام تنهار و تخبره بالحقيقه
و اصاب الذهول كلا من شريف
و والديه فلم ينبس احدهم ببنت
شفه ، و ظلا يراقبان ما يسفر
عنه لقاء العاشقان
.
.
.
.
.
.
نظر حسام لشيرين بعينان
زائغتان تملؤهما الدموع و لم يقل غير : ليه ؟؟
نظرت اليه شيرين و قد بدات الدموع تنهمر من عيناها و قالت : عشان بحبك
حسام : بتحبينى ؟ حقيقى يا شيرين ؟
شيرين : ايوه يا حسام باحبك ، و ربنا عالم انك اغلى من حياتى
حسام وهو يهز راسه يمنه ويسره : و انا بحبك يا شيرين ، و مش حاسالك ليه ، خلاص مش عايز اعرف سيبتينى ليه ، انا بس عاوزنا نرجع لبعض ، نرجع دلوقتى و عمرى ما حاسألك ليه
اندهشت شيرين ،و ازداد المها و
حزنها على ما سببته له من جراح
، للدرجه دى ؟ ده حتى مش
زعلان منى ، ولا من بابى ، ده
زعلان بس على الفراق ، اعمل
ايه بس يا ربى ، خلعت شيرين
نظارتها و بدا وجهها ذابلا من
اثر المرض و لكن عيناها ، كما
هما تلمعان بحبه و بدموع فراقه
شيرين : انا مش عايزه اعذبك يا حسام ، انا مريضه يا حسام ، قلبى ضعيف و مسافره اعمل عمليه ممكن تنجح و ممكن لا ، ممكن اعيش و ممكن لا ، عشان كده سبتك عشان ما تتعذبش بموتى او على احسن الظروف لو العمليه نجحت تتعذب بمرضى و بعدم قدرتى على الحياه الطبيعيه و على الانجاب
نظر اليها حسام و هو غير
مصدق لما يسمعه ، ليته مات
قبل ان يرى عذابها ، و لاول مره
منذ حواره مع شهيره تتفتح
عيناه ، لاول مره يرى ان وزنها
انخفض الى النصف ، و وجهها ،
احقا عين المحب ترى غير
الناس ، ان وجهها ذابل و حزين
و هتف من اعماقه :
فداكى عمرى يا شيرين
كان هذا هتاف قلبه و لسانه فى
نفس اللحظه و استمر الدمع
يجرى من عيناه و قد ركع على
الارض و امسك بيدها التى
كانت لا تزال تحمل دبلته و لثم يداها بشفتيه
قائلاً : تتجوزينى يا شيرين ؟
نزلت شيرين هى الاخرى امامه
على ركبتيها ، و سحبت كفها
من بين يديه لتربت راسه و
تمسك بوجهه و تقول :
من يوم ما عرفتك ، و انا معتبره انى خلاص اتجوزتك و دبلتك و قلبك لسه لابساهم و وصيت لو مت ، اموت و انا لابساهم
حسام : كده يا شيرين ؟ كنت عايزه تسيبينى ؟ حتى لو ربنا كتب الفراق ، ما يبقاش بايدينا يا شيرين
شيرين : ما هانش على تتعذب معايا
حسام : اتعذب معاكى احسن ما اتعذب من غيرك طول عمرى
شيرين : كان نفسى تفضل صورتى فى قلبك زى ما هى ، من غير مرض من غير الم ، من غير ..... شفقه
حسام : الشفقه دى بين اتنين اغراب ، و انت لسه اجمل بنت و حاتفضلى طول عمرك كده فى نظرى حتى لما يبقى عندك تمانين سنه
شيرين : تمانين طيب قول تسعتاشر سنه
لملمت نفسها و كتمت دموعها
حين رات دموعه بسبب جملتها
الاخيره و قالت :
انا مسافره السعوديه اعمل عمره مع مامى و بابى و شريف ، و شاهى سبقتنى على امريكا عشان حجز المستشفى و الاتفاق مع الدكاتره و باذن الله حانحصلها كمان اسبوع
حسام : ان شاء الله حاكون معاكى
شيرين : انا محتجالك يا حسام ، كذبت على نفسى كتير ، لكن انا محتاجاك اوى ، بس فى نفس الوقت محتاجه احس انى ما اثرتش على حياتك و حرمتك من بعثتك و دراستك
، حسام : و انا بين ايديكى يا حبيبتى ، و حافضل كده طول عمرى و البعثه ممكن تتاجل
شيرين : كنت اتمنى من قلبى انى اكون سبب سعادتك مش سبب حزنك و وجعك فى الدنيا دى يا حسام ، بس مش بايدى ، صدقنى انا ما كنتش اعرف انى عيانه
حسام : و مين فينا بيختار يا شيرين ، لكن لازم نرضى بقضاء الله
و لاول مره يتدخل هشام بك فى الحوار :
انا آسف يا حسام يا ابنى ، دى كانت غلطتى انا من الاول ، صدقنى ما كانش المقصود نخبى عليك انت ، كان بس غرضى شيرين ما تعرفش حاجه الا بعد ما تخلص السنه دى ، عشان تركز فى دراستها ، و عشان كان المفروض العمليه تتعمل فى الصيف الجاى ده
لكن حانقول ايه ، و ما تشاءون الا ان يشاء الله ، ربنا اراد ان حالتها تتاخر و بكده العمليه اصبحت ضروريه دلوقت
حسام : انا اللى اسف يا عمى ، كان المفروض اقابل حضرتك و اتكلم معاك ، لكن صدقنى لما بعت لى الفلوس حسيت انها اهانه و انك مش عايز تشوفنى تانى ، و افتكرت ان شيرين خلاص باعتنى ، و لو كنت اعرف من اول يوم شفتها فيه انها مريضه ، كل اللى كان حايحصل انى احبها زياده ، انا باترجاك يا عمى ، تكتب كتابنا قبل ما تسافروا السعوديه ارجوك ، عشان فى خلال اليومين الجايين انا هاعمل كل جهدى احصلكم فى امريكا
شيرين : لا يا حسام ارجوك ما تسبش البعثه بتاعتك ، ، ده بالضبط اللى ما كنتش عايزاه ، انى اقف فى طريقك ، ممكن تسافر بعثتك و تطمئن على بالتليفون ، كفايه يكون قلبك معايا
حسام : ربنا يسهل ما تشيليش انتى بس اى هم ، ممكن نكتب الكتاب يا شيرين ؟
ممكن يا عمى ؟
هشام :بس يا بنى الطياره فاضل عليها تلات ساعات بس ، و احنا كنا نازلين نكشف على شيرين قبل السفر
حسام : خلاص حضرتك اسبقنى على المستشفى و انا هاحصلكم و معايا المأذون
رقص قلب شيرين الضعيف بين
ضلوعها ، وهى لا تتخيل انها
على بعد خطوات من تحقيق
الحلم الذى كانت قد فقدت الامل
فيه و قالت :
بس على شرط يا حسام ، ما تسيبش بعثتك و تيجى امريكا ، سيبها على الله و انا خلاص حابقى مراتك و حاطمنك بنفسى بعد العمليه ان شاء الله
حسام : ان شاء الله ، اللى انتى عايزاه انا هاعمله ، و مش هاسيب البعثه
شيرين : احلف
حسام : و حيات شيرين
اقبلت ام شيرين على حسام و
احتضنته بحب و كانت دموعها
ملء عينيها منذ لحظة وصول
حسام ثم قبلت راسه قائله : سامحنا يا حسام يا حبيبى ، انا لو اعرف انك بتحبها كده ما كنتش خبيت عليك من الاول ، بس انا خفت قلبها ينجرح و هى ما كانتش ناقصه ،لكن النهارده لما شفتها بتبتسم بعد طول غياب ، عرفت انت ايه بالنسبه لها ، ربنا يشفي حبيبتى و حبيبتك و يوفقكم سوا يا رب
قبلها حسام بحب و اخذ يطيب
خاطرها وكان فعلا يعذرها الان
فيم فعلت ، فقد كانت تعلم ان
شيرين ليست على ما يرام ، و
خافت يوم الحادث ان تتفاقم
حالتها وهو ما حدث بالفعل ، و
احس ان ما فعلته كان مجرد
تنفيس عن خوفها و هلعها على
ابنتها و على شريف ايضا .
فسامحها من قلبه