فصل
في مبدأ العداوة الواقعة بين المثبتين الموحدين
وبين النفاة المعطلين
يا قوم تدرون العداوة بيننا*** من أجل ماذا في قديم زمان
انا تحيزنا الى القرآن والنـ***ـقل الصحيح مفسر القرآن
وكذا الى العقل الصريح وفطرة الر***حمن قبل تغير الانسان
هي أربع متلازمات بعضها*** قد صدقت بعضا على ميزان
والله ما اجتمعت لديكم هذه*** أبدا كما أقررتم بلسان
اذ قلتم العقل الصحيح يعارض الـ***ـمنقول من أثر ومن قرآن
فتقدم المعقول ثم انصرف الـ***ـمنقول بالتأويل ذي الألوان
فإذا عجزنا عنه ثم ألقيناه لم*** نعبأ به قصدا الى الاحسان
ولكم بذا سلف لهم تابعتم*** لما دعوا للأخذ بالقرآن
صدوا فلما أن أصيبوا أقسموا*** لمرادنا توفيق ذي الاحسان
ولقد أصيبوا في قلوبهم وفي*** تلك العقول بغاية النقصان
فأتوا بأقوال إذا حصلتها*** أسمعت ضحكة هازل مجان
هذا جزاء المعرضين عن الهدى*** متعوضين زخارف الهذيان
واضرب لهم مثلا بشيخ القوم إذ*** يأبى السجود بكبر ذي طغيان
ثم ارتضى الى أن أن صار قوادا لأر***باب الفسوق وكل ذي عصيان
وكذاك أهل الشرك قالوا كيف ذا*** بشر أتى بالوحي والقرآن
ثم ارتضوا أن يجعلوا معبودهم*** من هذه الأحجار والأوثان
وكذاك عباد الصليب حموا بتا***ركهم من النسوان والولدان
وأتوا الى رب السموات العلى***جعلوا له ولدا من الذكران
وكذلك الجهمي نزه ربه*** عن عرشه من فوق ذي الأكوان
حذرا من الحصر الذي في ظنه*** أو أن يرى متحيزا بمكان
فأصاره عدما وليس وجوده*** متحققا في خارج الأذهان
لكنمكا قدمائهم قالوا بأن***ن الذات قد وجدت بكل مكان
جعلوه في الآبار والأنجاس والـ*** ـحانات والخربات والقيعان
والقصد أنكم تحيزتم الى الآر***راء وهي كثيرة الهذيان
فتلونت بكم فجئتم أنتم*** متلونين عجائب الأكوان
وعرضتم قول الرسول على الذي*** قد قاله الأشياخ عرض وزان
وجعلتم أقوالهم ميزان ما*** قد قاله والقول في الميزان
ووردتم سفل المياه ولم نكن*** نرضى بذاك الورد للظمآن
وأخذتم أنتم بنيات الطريق ونحـ***ـن سرنا في الطريق الأعظم السلطاني
وجعلتم ترس الكلام مجنكم*** تبا لذاك الترس عند طعان
ورميتم أهل الحديث بأسهم*** عن فوس موتور الفؤاد جبان
فتترسوا بالوحي والسنن التي*** تتلوه نعم الترس للشجعان
هو ترسهم والله من عدوانكم*** والترس يوم البعث من نيران
أفتاركوه لفشركم ومحالكم*** لا كان ذاك بمنة الرحمن
ودعوتمونا للذي قلتم به*** قلنا معاذ الله من خذلان
فاشتد ذاك الحرب بين فريقنا*** وفريقكم وتفاقم الأمران
وتأصلت تلك العداوة بيننا*** من يوم أمر الله للشيطان
بسجوده فعصى وعارض أمره*** بقياسه وبعقله الخوان
فأتى التلاميذ الوقاح فعارضوا*** أخباره بالفشر والهذيان
ومعارض للأمر مثل معارض الأ***خبار هم في كفرهم صنوان
من عارض المنصوص بالمعقول قد*** ما أخبرونا يا أولي العرفان
أو ما عرفتم أنه القدري والـ***ـجبري أيضا ذاك في القرآم
إذ قال قد أغويتني وفتنتني***لأزينن لهم مدى الأزمان
فاحتج بالمقدور ثم أبان أن الـ***ـفعل منه بغية وزيان
فانظر الى ميراثهم ذا الشيـ***ـيخ بالتعصيب والميراث بالسهمان
فسألتكم بالله من وراثه؟*** منا ومنكم بعد ذا التبيان
هذا الذي ألقى العداوة بيننا*** إذ ذاك واتصلت به الى الآن
أصلتم أصلا وأصل خصمكم*** أصلا فحين تقابل الأصلان
ظهر التباين فانتشت ما بيننا الـ***ـحرب العوان وصيح بالأقران
أصلتم آراء الرجال وخصوصها*** من غير برهان ولا سلطان
هذا وكم رأي لهم فبرأي من***نزن النصوص فأوضحوا ببيان
كل له رأي ومعقول له*** يدعو ويمنع أخذ رأي فلان
والخصم أصل محكم القرآن مع*** قول الرسول فطرة الرحمن
وبنى عليه فاعتلى بنيانه*** نحو الاسما أعظم بذا البنيان
وعلى شفا جرف بنيتم أنتم*** فأتت سيول الوحي والايمان
قلعت أساس بنائكم فتهدمت*** تلك السقوف وخر للأركان
الله أكبر لو رأيتم ذلك البنيـ***ـان حين علا كمثل دخان
تسمو اليه نواظر من تحته*** وهو الوضيع ولو يرى بعيان
فاصبر له وهنا ورد الطرف تلقـ***ـاه قريبا في الحضيض الداني