اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-05-2014, 04:52 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New الفرصة قائمة


الفرصة قائمة

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فيعتقد كثير من الناس أن من ينجح ممن حولهم إنما يأخذُ ويقتطع من حصَّتهم في هذا النجاح، فليس هناك داعٍ إلى أن يتضايق الطالبُ وهو على مقعد الدراسة وهو يرى زميله يتفوق مثله، أو أن تتاح له فرصة للتقدم، فهذا الزميل لم يقتطع علاماتِ تفوُّقِه من زميله؛ إنما أخذ هو ما يستحق، وأخذ زميله ما يستحق، فكل واحد منهما أخَذ نجاحًا على قدر ما بذل.

وفي الحياة أمثلة كثيرة من هذا القبيل، فهناك من يتضايق أو يغضب وهو يرى غيره يأخذ بعضًا من حظوظ الدنيا؛ كالمال أو الدار أو الأولاد، وكأن هذا قد أخَذ من حصته، وهذا الفهم بالطبع خاطئٌ؛ لأن أمور الدنيا بيدِ الله تعالى، والنتائج عنده تبارك وتعالى.

هذا الشُّعور السلبيُّ إذا استمر عند الإنسان، فسيتمكن الشرُّ منه، ثم يتحول إلى إنسان عدائيٍّ لا يحب الخير للناس، ويتمنَّاه لنفسه فقط، ويتمنى ألا يرى الناس إلا في ألَمٍ ومعاناة، بل ويُسعِده أن يكون حال الناس على أسوأِ ما يكون.

إن أول خطيئة في تاريخ الإنسانية جاءت نتيجة لهذا النوع من الشعور، وأقصد حين يشعُرُ الفرد بأن فرصةَ أخيه خيرٌ أو أحسنُ من فرصته، لقد قتَل قابيلُ بن آدم أخاه هابيل من هذا المنطلق، فقد: "كان لا يولد لآدم مولود إلا وُلد معه جارية، فكان يُزوِّجُ غلامَ هذا البطنِ جاريةَ هذا البطن الآخر، ويزوج جارية َهذا البطن غلام هذا البطن الآخر.

حتى ولد له ابنان يقال لهما: قابيل، وهابيل، وكان قابيلُ صاحبَ زرع، وكان هابيلُ صاحبَ ضَرْع، وكان قابيل أكبرَهما، وكان له أختٌ أحسن من أخت هابيل.

وإن هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل، فأبى عليه وقال: هي أختي وُلدت معي، وهي أحسن من أختك، وأنا أحق أن أتزوَّجها، فأمره أبوه أن يزوجها هابيل فأبى، وإنهما قرَّبا قربانًا إلى الله أيهما أحق بالجارية، وكان آدم يومئذٍ قد غاب عنهما إلى مكة ينظر إليها، قال الله لآدم: يا آدم، هل تعلم أن لي بيتًا في الأرض؟ قال: اللهم لا، قال: فإن لي بيتًا بمكة فَأْتِه، فقال آدم للسماء: احفَظي ولدي بالأمانة فأبَتْ، وقال للأرض فأبَتْ، وقال للجبال فأبَتْ، وقال لقابيل، فقال: نعم، تذهب وترجع وتجد أهلَك كما يسرُّك.

فلما انطلق آدم قرَّبا قربانًا، وكان قابيل يفخر عليه، فقال: أنا أحقُّ بها منك، هي أختي، وأنا أكبر منك، وأنا وصيُّ والدي، فلمَّا قرَّبا، قرب هابيل جَذَعةً سمينةً، وقرَّب قابيل حزمة سُنبل، فوجد فيها سنبلة عظيمة ففرَكها فأكلها، فنزلت النارُ فأكلت قربانَ هابيل، وتركت قربان قابيل، فغضِب وقال: لأ***نَّك حتى لا تنكحَ أختي، فقال هابيلُ: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]"[1].

لقد تمادى قابيلُ شيئًا فشيئًا؛ فغُروره وشهوتُه وأنانيَّته جعلتْه يتجاوز وصيةَ أبيه - بل وأصرَّ على عدم طاعته، وهي كبيرة من الكبائر، كما هو معروف - إلى ما هو أكبر من ذلك؛ فلقد تنكَّرَ لآية واضحة جاءته من الله تعالى، ورفَض أمر الله تعالى، وحتى هذه كانت لها أسبابها، إنه يقدِّم لله تعالى شيئًا قليلاً لا قيمة له، قياسًا بما يملِكُ من خيرٍ وفيرٍ.

كثيرٌ منا يبني اعتقاداته على ما تهواه وتحبُّه نفسه، فيريد من كل القوانين والأنظمة أن تسيرَ وَفْق هذا الأمر، فيعترف بما يوافق هواه ويرفض الآخر، بل ويتعامل هكذا حتى مع قوانين الخالق جل جلاله، فما يوافق هواه من الشرع يراه جيدًا ومناسبًا، وبعكسه فإنه لا يلائمه.

وهذا الذي حصل مع قابيل؛ فقد كان يريد تلك الفتاة لنفسه بأية طريقة، فتنكَّر لما اتفقوا عليه مع والدهم، مع أن له فتاة أخرى، بمعنى أن فرصته قائمة، ثم اتفقوا على أن يسلِّموا الأمر لقدر الله تعالى، بأن يقدم كلٌّ منهما قربانًا، ولما تَقبَّل الله تعالى ما قدم هابيل، وأصبح الأمر واضحًا أن إرادة الله تعالى لصالح هابيل - تنكَّر قابيلُ لذلك، وتجاوز كل الاعتبارات الشرعية والأخلاقية، واقترف جريمة ***، وبحق من؟ بحق أخيه، فكانت الجريمةُ أكثرَ شَناعةً.

مخطئٌ مَن يظن أن فرصتَه في الحياة تتحدَّد في رؤيته هو شخصيًّا، فيتمسك برأيه غيرَ آبهٍ بوجهة نظر الآخرين، بل إنه يتحداهم من أجل ذلك، ففي كثير من المواقف نريد أشياءَ بعينها، ونرغب فيها، ونطلبها، ونصرُّ عليها، ولكن الحقيقة أن فيها شرًّا لنا ونحن لا نشعر، ثم عندما يقع المحذور، فإننا نندم أشدَّ الندم على ذلك، ونَعِي أن ما كنا نصرُّ على نواله كان شرًّا لنا، يقول تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

فكم من طبيب سعى بكل ما يستطيع يومَ كان شابًّا من أجل أن يكون طبيبًا، وقد أصبح كذلك، ثم كانت الشهادة الطبية سببًا في أنه يقبع في السجن اليوم؛ لأنه أطاع نفسه الأمَّارة في سرقة كُلْية أحد مرضاه، وافتضح أمره، ومثله المهندس الذي بنى بناية بمواصفات سيئة، واستخدم موادَّ بنسَبٍ أقلَّ من المطلوب، فانهارت البناية، وقصص مثل هؤلاء في الحياة لا تنتهي.

والله تعالى يعطي الفرص في الحياة كما يراها هو سبحانه، ووَفْقًا لقدراتنا العقلية والنَّفسية والقلبيَّة والبدنيَّة، ألسنا ندعو كل يوم: ﴿ وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]؟ فلو جاءت الفرصةُ التي نريدها خارج إمكاناتنا، فقد حُمِّلنا ما لا نُطيق.

ويعتقد كثيرٌ من الناس أن فرصته الحقيقية في تحمُّله المسؤولية، بمعنى أن يكون مسؤولاً في وظيفتِه المكلف بها، مع العلم أن المسؤولية لها اشتراطاتها وأدواتُها، فليس كلُّ واحد يمكنه أن يكونَ قائدًا؛ فللقائد مواصفات، وللقيادة مهارات، فمن يتصدَّ لها وهو غير مستوفٍ لمواصفاتها واشتراطاتها، فإنه سيفشل؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنكم ستحرِصون على الإمارة، وستكون ندامةً يوم القيامة، فنِعم المرضعةُ وبئست الفاطمةُ[2]))[3].

ويقول الفُضَيل بن عياض - رحمه الله -: "ما أَحبَّ أحدٌ الرياسة إلا أحب ذِكر الناس بالنقائص والعيوب؛ ليتميَّز هو بالكمال، ويكره أن يذكُرَ الناسُ أحدًا عنده بخير، ومَن عشِق الرِّياسة فقد تُوُدِّع من صلاحِه".

وعندما تفُوتنا فرصةٌ ما ونشعر أنها كانت مناسبةً لنا، فينبغي ألا نتحسَّر ونتألَّم ونأسى عليها، فنجد الشاب الذي تفوته فرصة الدراسة يتألَّم ويتراجع، وتسوَدُّ الدنيا من حوله، والآخر الذي تفوته فرصة الزواج من شابة يراها مناسبة له لأسباب اجتماعية أو ثقافية أو مالية، يبكي ويرى أن هذا الموضوعَ لن يتحقق له أبدًا، ومن خسر وظيفة كان يطمح إليها، نراه يلعن مَن كان سببًا في ذلك الأمر، وأنه كان أحقَّ من غيره بها.

ما قلناه في أننا ينبغي ألا يصدُرَ عنا ما يُغضِب الله تعالى عند فوات الفرص، فإن ذلك مرجعه لأسباب عديدة، فمنها:
أننا لا ندري هل كانت تلك الفرصة بالفعل هي خيرًا لنا أو لا؟ فهي من الغيب الذي لا يعلَمُه إلا اللهُ تعالى.

ومنها: أن الحياة مستمرةٌ، ما زالت أمامنا المزيد من الفرص التي ستأتي تَتْرَى بإذن الله تعالى.

ومنها: أن فواتَ فرصة لا يعني نهاية الحياة بالنسبة لنا، فحتى إن كنا نعتقد أن تلك الفرصة مناسبةٌ لنا، فإنْ شاء اللهُ أن لا تكون، فإننا لا نريدها.

وأسمع غيرَ واحد من الناس يسأل: أليس أمَرنا الله تعالى أن ندْعوَه؟ فهأنا أدعوه، ولكني لا أرى استجابة، ولا تتحقق أمنيَّاتي؟!
وهذا الطرح - إضافة إلى كونِه لا يُرضي الله تعالى، وهو مخالفة شرعية - فإن صاحبه لا يعرف حقيقةَ الدعاء؛ فإن التوجُّهَ إلى الله تعالى بالدُّعاء من أعظمِ العبادات، بل هو (العبادة)؛ كما وصفه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولن يذهب شيءٌ منه سدى؛ حيث إن الدعاء تتحقَّقُ من جرائه واحدةٌ من ثلاثِ منافعَ:
المنفعة الأولى: أن يستجيب اللهُ تعالى لدعاء الدَّاعي في الدنيا، ويتحقق الأمر كما طلبه العبد بالضبط، وربما زيادة عليه، وقد حصل ذلك مع كثير من الناس، بل ويحصل كل يوم، وأنا منهم، فنحن جميعًا قد دعونا الله - تبارك تعالى - فاستجاب لنا.

المنفعة الثانية: أن يكفِّرَ اللهُ تعالى بهذا الدعاء من ذنوبنا الكثيرة ما شاء؛ لحكمة هو يعلمُها سبحانه، أو أن يدفع سبحانه خطرًا علينا في الدنيا، خطرًا لم نكن نعلمه، ولا ندري حجم تأثيره السلبي في حياتنا، ولأن ما دعونا به ربما كنا نجهلُ أن فيه شرًّا لنا، فيعوِّضنا اللهُ - سبحانه وتعالى - بدفع شرٍّ عنا.

المنفعة الثالثة: أن يكنِزَ الله تعالى لنا قدر ذلك الدعاء أجرًا في الآخرة، وفي الآخرة ربما احتجنا إلى حسنة واحدة يتغيَّرُ بها مصيرُنا، ففي ذلك الوقت ربما تمنَّيْنا لو أن الله تعالى خبأ لنا كلَّ ما دعوناه في الدنيا لهذا اليوم الرهيب؛ لِما له من القيمة الكبيرة.

فعن زيد بن أسلم - رحمه الله - أنه كان يقول: "ما من داعٍ يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن يُدَّخر له، وإما أن يُكفَّر عنه"[4].

[1] جامع البيان في تفسير القرآن؛ للطبري - سورة المائدة - القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ ﴾ [المائدة: 27]، ج6، ص 288 - 290.

[2] الفاطمة: الدنيا التي ينفصل عنها الناسُ بالموت.

[3] صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب: ما يكره من الحِرص على الإمارة.

[4] موطأ الإمام مالك، كتاب القرآن، باب ما جاء في الدعاء، ج1، ص 317.






__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25-05-2014, 06:42 PM
الصورة الرمزية دى برولى
دى برولى دى برولى غير متواجد حالياً
الحاصل على المركز الثانى فى مسابقة المعلومات العامة أغسطس 2016
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 1,609
معدل تقييم المستوى: 15
دى برولى is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خيرا
__________________
just imagine

-----------------------------------
نورنا هنا فى قسم التنمية البشرية
ارتقى بحياتك
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25-05-2014, 10:29 PM
الصورة الرمزية عزتى في دينى
عزتى في دينى عزتى في دينى غير متواجد حالياً
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 1,571
معدل تقييم المستوى: 12
عزتى في دينى will become famous soon enough
افتراضي

بارك الله فيكم
وجزاكم كل خير
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:19 PM.