اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-05-2014, 09:07 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New ماذا يريدون من المرأة؟!

وقفات مع الخطاب الدعوي في قضية المرأة..
إن الحديث عن تقويم الخطاب الدعوي في قضية المرأة يحتاج إلى دراسة علمية واسعة تعتمد على حصر النتاج الذي يتناول قضية المرأة وتحليل مضمونه تحليلًا علميًا؛ وهذا مشروع علمي يحتاج إلى جهد واسع، ولعله أن يكون ميدان اهتمام بعض المختصين.
ورغبة في الإسهام في هذا الملف الذي تنشره المجلة أحببت أن أسطر بعض الوقفات السريعة التي لا تعدو أن تكون خواطر وانطباعات شخصية أكثر منها دراسة علمية موضوعية.
الوقفة الأولى: لماذا يُعنى الدعاة بقضية المرأة؟
يعد موضوع المرأة من الموضوعات الساخنة والحيوية لدى الدعاة إلى الله عز وجل، وقلما نجد مناسبة للحديث والكتابة إلا وتتضمن شيئًا يتعلق بالمرأة، ولعل الذي أدى إلى أهمية قضية المرأة لدى الدعاة إلى الله عز وجل أمور، منها:
الأمر الأول: التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعوته؛ فقد كان يولي المرأة عناية واهتمامًا؛ فكان صلى الله عليه وسلم حين يصلي العيد يتجه إلى النساء فيعظهن ويأمرهن بالصدقة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكَّرهن وأمرهن بالصدقة".
ولم يقتصر الأمر على استثمار اللقاءات العابرة، بل خصص لهن النبي صلى الله عليه وسلم يوما يحدثهن فيه؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يومًا من نفسك. فوعدهن يومًا لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن فكان فيما قال لهن: «ما منكن امرأة تقدِّم ثلاثة من ولدها إلا كانوا لها حجابًا من النار». فقالت امرأة: واثنين؟ فقال: «واثنين».
الأمر الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من فتنة النساء، وأخبر أنها من أشد ما يخشاه على أمته، فقال: «ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء».
ومن ثم كان لا بد من الاعتناء بذلك، سواء فيما يتعلق بدعوة المرأة وإصلاحها، أو التحذير من فتنة النساء وخطورتها.
الأمر الثالث: أن لصلاح المرأة واستقامتها الأثر البالغ على صلاح الأسرة؛ فهي الأم والمربية؛ والشباب والفتيات إنما ينشؤون في أحضانها، فلا غنى لنا حين نريد تكوين الأسرة المسلمة عن الاعتناء بدعوة المرأة وإصلاحها.
الأمر الرابع: أن دعاة التغريب قد تبنوا قضية المرأة ورفعوا لواءها، وولجوا جحر الضب الذي ولجه الأعداء، وهي دعوة محمومة وصوت نشاز يرفعه هؤلاء الببغاوات في وقت بدأ يعلن فيه عقلاء الغرب والشرق التراجع عما يطرحونه في قضية المرأة، فبدأوا يدعون إلى فصل التعليم، ويدعو بعضهم إلى الحجاب، وإلى عودة المرأة إلى منزلها... ومع ذلك يسير هؤلاء الأذناب كالقطيع يريدون أن يبدؤوا من حيث بدأ هؤلاء.
الوقفة الثانية: منجزات الصحوة في قضية المرأة:
حين نتحدث عن الخطاب الدعوي في قضية المرأة فإن العدل والإنصاف يستوجب علينا أن نذكر المنجزات والنتائج الإيجابية التي حققها الدعاة إلى الله عز وجل . وليس صحيحًا أن تكون اللغة الوحيدة التي نجيدها هي لغة النقد وتعداد الأخطاء.
فمن المنجزات التي حققها الدعاة إلى الله تعالى في قضية المرأة:
1- تأخر دعوة التغريب والتحرر، ولولا فضل الله عز وجل ثم جهود الدعاة للحقت تلك البلاد بسائر بلاد المسلمين.
2- تغيرت لغة دعاة التغريب والعلمنة ، وباتوا أقل جرأة منذ بداية الدعوة لتحرير المرأة ، فأصبحنا نسمع كثيرًا في حديثهم التمسح بعبارات "في إطار الشريعة السمحة" "فيما لا يتعارض مع شريعتنا وتقاليدنا"، وندرك أن ذلك لا يعني تغير الموقف، لكنه شاهد على أثر الدعوة والصحوة الإسلامية.
3- الصحوة والعودة إلى الله التي تحققت في أوساط النساء، ولعل من أبرز الشواهد على ذلك انتشار الحجاب في البلاد التي كانت سباقة في دعوات التحرر؛ ففي جامعة كانت سباقة في دعوة التحرر في إحدى العواصم لم يكن يوجد إلا طالبة واحدة محجبة، واليوم انتشر في تلك الجامعة وغيرها الحجاب حتى فاق النصف، ولعل ما حصل في تركيا التي كانت أول من رفع لواء العلمنة والتغريب في العالم الإسلامي من ضجة حول الحجاب دليل على ما حققته الصحوة في هذا الميدان.
4- بروز قيادات دعوية نسائية لها حضور واضح ومتميز في الساحة الدعوية.
5- بروز أنشطة دعوية نسائية، كالمجلات النسائية، ودور تحفيظ القرآن الكريم ومدارسه.
ومع هذا الجهد إلا أن العمل البشري لا بد أن تصاحبه ثغرات وقصور، وحين تتجذر القضية وتتعقد عواملها تتسع هذه الثغرات، فنحتاج للمراجعة النقدية لواقعنا بين آونة وأخرى.
الوقفة الثالثة: حول محتوى الخطاب الدعوي:
يلمس القارئ لهذا الخطاب سمات من أهمها:
أ- الدائرة العامة والخاصة:
يغلب على كثير من المتحدثين إلى المرأة التركيز على قضايا محددة وتكرارها، حتى أصبحت مَنْ تحضر مجلسا من هذه المجالس تتوقع ألا تسمع إلا حديثًا حول الحجاب وبالأخص حول بعض مظاهر التحايل عليه أو الخروج إلى الأسواق، أو طاعة الزوج... إلخ، وهي قضايا لا اعتراض على طرحها ومناقشتها والتأكيد عليها، ولا اعتراض على أنها مما تحتاجه النساء اليوم؛ لكن هذا أخذ أكبر من حجمه، وأصبح على حساب أمور أخرى ربما كانت أكثر منه أهمية، بل ربما كان إصلاحها يختصر علينا خطوات كثيرة.
إن هناك أحكامًا وآدابًا شرعية خاصة بالنساء دون الرجال، وما سوى ذلك فالأصل أن الخطاب فيه للجميع، والدائرة التي يشترك فيها الرجال والنساء أوسع بكثير من الدائرة التي تختص بها النساء، لكن المتحدث إلى المرأة غالبًا ما يحصر نفسه في الدائرة الخاصة شعورًا منه بخصوصية المخاطبات.
إن الحديث عن الإيمان والتقوى والتوكل على الله والتخلص من التعلق بما سواه، والحديث عن العبادات وأهميتها، والحديث عن أخطار المعاصي وآثارها، والحديث عن الآداب والحقوق التي ينبغي للمسلم رعايتها، والحديث عن اليوم الآخر وما أعد الله فيه للمطيعين والعصاة، والحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة وأهمية ذلك ووسائله، وطلب العلم والوسائل المعينة على تحقيقه، والحديث عن واقع الأمة ومسؤولية المسلمين تجاهه، فضلًا عن التربية وأهميتها ووسائلها وبرامجها؛ إن الحديث عن ذلك كله مما تفتقر إليه المرأة شأنها شأن الرجل، فلماذا يغيب ذلك في خطابنا الدعوي الموجه للمرأة؟!
ب الخطاب الموجه لغير المهتديات:
لئن كانت الفتيات المهتديات، واللاتي يرتَدْنَ المساجد ودور القرآن الكريم يناسبهن خطاب معين، فالأخريات لهن شأن غير ذلك، إن الفتاة التي تعيش في عالم التيه والضياع، والفتاة التي تعيش همَّ الحب والعلاقة مع الطرف الآخر، والتي تعيش بين المسلسلات والقنوات الفضائية تحتاج لخطاب غير الذي تحتاجه المهتدية الصالحة.
فحين يكون الحديث معها دائرًا حول الحجاب وخطورة التساهل فيه، وحول أحكام خروج المرأة... إلخ فإنها تشعر أنها لن تسمع جديدًا، لن تسمع إلا الحديث حول الأحكام والحلال والحرام، وفرق بين أن لا نقرها على هذا التصور والكلام، وبين أن نتعامل مع الأمر الواقع بما لا يتعارض مع الشرع.
لقد كان صلى الله عليه وسلم يحدِّث الناس بما يناسبهم وما يفقهون؛ فالأعراب يدعوهم للإسلام من خلال إعطائهم المال وترغيبهم فيه، وعدي بن حاتم يحدثه عن الأمن الذي سينشأ حينما يدين الناس بدين الإسلام، والكاهن يحدثه بحديث بيِّن فصيح بعيد عن الكهانة... وهكذا.
فلِمَ لا يكون الحديث مع أمثال هؤلاء حديثًا عن السعادة والطمأنينة؟ حديثًا عن القلق والمشكلات التي سيطرت على الناس اليوم، وأن العلاج لذلك هو الإيمان والرجوع إلى الله؟ لِمَ لا نستعين بنتائج الدراسات المعاصرة التي تثبت أثر التدين على استقرار حياة الناس وتجاوز مشكلاتهم؟ ولِمَ لا نتناول الحديث عن اليوم الآخر ونربط ذلك بواقع الناس بطريقة تخاطب مشاعرهم وعواطفهم وعقولهم... إلخ.
ت- أهمية شمول الطرح والمعالجة:
لا بد من تناول قضية المرأة تناولًا شموليًا، وأخذ الأمر من جميع جوانبه دون الاستجابة لتناول دعاة التغريب لجوانب معينة يحددونها ويريدون أن تكون هي موضع النقاش والحوار، كقضية قيادة السيارة، أو غطاء الوجه أو نحو ذلك؛ وهي قضايا ترتبط ببعضها ارتباطًا وثيقًا، فقضية قيادة السيارة ترتبط بالخروج من المنزل، واتساع مجالات التعرض للفتنة والإغراء، وترتبط بالحجاب... وهكذا.
وكثيرًا ما يطرح هؤلاء مسائل مما ورد فيها اختلاف فقهي، كقضية كشف الوجه ونحوها وبغض النظر عن عدم جدية هؤلاء فيما يطرحونه، وأن مسألة الخلاف الفقهي إنما هي تكأة أكثر من أن تكون منطلقًا حقيقيًا فرفض الدعاة لها لا ينبغي أن ينطلق من منطلق الترجيح الفقهي فقط، بل من النظر إليها باعتبارها جزءًا من منظومة ودائرة متكاملة لا يمكن فصل جزئياتها عن بعض.
إن الأمر يختلف حين تناقش هذه المسائل لدى الفقهاء، وحين يثيرها طائفة من دعاة تحرير المرأة، فلا يسوغ أن نتحدث مع هؤلاء بلغة الخلاف الفقهي المجرد.
ث- مناصرة المرأة وتبني قضاياها:
إن مما رفع أسهم دعاة التحرير والتغريب لدى الناس وأوجد لأقوالهم صدى وقبولًا: انطلاقهم من مبدأ نصرة قضية المرأة والدفاع عن حقوقها؛ وبالفعل فإنهم أحيانًا ينتقدون بعض الأوضاع الخاطئة للمرأة في المجتمع.
والدعاة إلى الله تبارك وتعالى هم أوْلى الناس بنصرة قضية المرأة والدفاع عن حقوقها المشروعة، وانتقاد الظلم الذي ينالها، ومن ذلك: حقها في حسن الرعاية والعشرة؛ فبعض الأزواج يسيء معاملة زوجته ويهينها، وربما تعامل معها على أنها خادم، أو سلعة، أو شيء دنس. ومن ذلك: الأوضاع الخاطئة والعادات المخالفة للشرع في تزويجها، كالمغالاة في المهر، واعتباره ميدانًا للكسب المادي، وأخذ والدها لكثير من مهرها الذي هو حق لها، ومن ذلك العَضْلُ وتأخير تزويجها طمعًا في الاستفادة من راتبها حين تكون عاملة.
والدعاة حين يسعون لمناصرة قضايا المرأة والدفاع عنها لهم أسوة حسنة بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد اعتنى بعلاج ما يقع من خطأ تجاه المرأة؛ فعن سليمان بن عمرو بن الأحوص قال: حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، وذكَّر ووعظ ، فذكر في الحديث قصة فقال: «ألا واستوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنما هن عوانٍ عندكم، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة؛ فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا. ألا إن لكم على نسائكم حقًا، ولنسائكم عليكم حقًا؛ فأما حقكم على نسائكم فلا يوطِئن فُرُشَكم من تكرهون، ولا يأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن».
وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تضربوا إماء الله» فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذَئِرْنَ النساء على أزواجهن؛ فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكين أزواجهن ليس أولئك بخياركم».
والاعتناء بهذا الجانب يبرز الدعاة إلى الله بأنهم الأنصار الحقيقيون للمرأة، وهم المدافعون عن قضيتها.
ج- مجالات التركيز في الدعوة والخطاب:
لا بد من مراجعة هادئة لمجالات التركيز في دعوة المرأة وخطابها، ومن الأمور المهمة التي تحكم التركيز في خطاب المرأة:
1- الأمور الأشد مصادمة للأصول الشرعية تكون لها الأولوية في المعالجة سواء كانت هذه المصادمة مباشرة أو غير مباشرة بل نتيجة المآلات.
2- الفئات الأشد تأثرًا، ولعل فئات الفتيات اللاتي في مراحل التعليم هن أكثر الفئات تأثرًا واستعدادًا للتجاوب مع التغيير سلبًا وإيجابًا، فالاعتناء بهذه الطبقة وتوجيه الخطاب المناسب لها، والسعي لاستثارة همم من يتعامل معهن من الآباء والمعلمات أمر ينبغي أن يحظى بأولوية واعتبار.
3- المتغيرات السلبية الحديثة والطارئة تستحق تركيزًا أكثر من غيرها؛ لأنها لم تستقر في المجتمع ولم تنتشر؛ فمن السهولة مواجهتها، وتركها قد يفتح المجال واسعًا أمام انتشارها في المجتمع وتقبُّله لها، وانتقالها -من مرحلة الحالات الفردية إلى أن تكون ظاهرة، ثم تتطور إلى أن تصبح قيمة اجتماعية- يصعب تغييره.
4- الجوانب المخالفة للشرع في حالها أو مآلها والتي يراد قطع خطوات عملية لإقرارها وتنفيذها؛ فالتصدي لها ومواجهتها أمر ينبغي أن يكون له أولوية، حتى لو قدمت على ما هو أهم منها مما لم يأخذ طريقه للتنفيذ.
الوقفة الرابعة: حول منهجية الخطاب وتتمثل في:
أ- تأصيل مبدأ التسليم:
لا بد من الاعتناء بتأصيل مبدأ التسليم والخضوع لله تبارك وتعالى والوقوف عند شرعه، والتأكيد على ذلك، وأن المسلم لا خيار له في التسليم لأمر الله سواء أدرك الحكمة أم لم يدركها {ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ ورَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب من الآية:36]، {فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].
وحين نُعنى بتحقيق الإيمان والتسليم لله عز وجل فإننا نختصر خطوات كثيرة على أنفسنا، وتؤتي دعوتنا ثمارها بإذن الله عز وجل.
وينبغي أن نحذر مما تسعى إليه بعض وسائل الإعلام المضللة التي تعقد حوارات حول القضايا الشرعية، فتجعل الحكم الشرعي رأيًا آخر، ووجهة نظر قابلة للنقاش، وهي الخطوة الأولى التي يريدها دعاة التغريب والعلمنة.
ب- الاعتماد على المنهج العلمي:
مما نحتاجه عند تناولنا لقضية المرأة أن نتحدث حديثا علميًا يحترم عقول الناس وتفكيرهم، فلم يعد الناس اليوم يقبلون أن يملي عليهم أحد كائنا من كان آراءه واقتناعاته الشخصية.
فحين نتحدث عن أن خروج المرأة للعمل يؤثر على رعاية منزلها وتربية أولادها فإننا نحتاج إلى أن نستشهد على صحة ما نقول بالدراسات العلمية التي أثبتت ذلك، وحين نتحدث عن صلة الاختلاط وخروج المرأة بالجريمة، وحين نتحدث عن أثر العفاف والمحافظة على الاستقرار والنجاح في العلاقات الزوجية ... إلخ نحتاج في ذلك كله إلى أن ندعم ما نقوله بالأدلة العلمية، وبنتائج الدراسات المتخصصة.
ولدينا اليوم رصيد من الدراسات العلمية لا يزال حبيس الرفوف؛ فالاستفادة منه وتوظيفه أمر له أهميته، يضاف إلى ذلك ضرورة إجراء دراسات علمية حول كثير من القضايا التي يُحتاج إليها، وينبغي استثمار مراكز البحوث، وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات، وربما كانت هذه الدراسات الجادة أوْلى مما يطرح في الساحة من كتب وكتيبات لا تزيد على بضعة نُقُول من كتابات قديمة .
ت- التفريق بين العادات والأحكام الشرعية:
ترتبط العادات ارتباطًا وثيقًا بقضية المرأة؛ إذ لا يخلو مجتمع من المجتمعات من عادات تختص بهذا الجانب؛ ولأن معظم العادات القبلية في المجتمعات الإسلامية تتسم بقدر من المحافظة، فقد يختلط الأمر لدى بعض الغيورين فيخلطون بين عادات تواضع عليها المجتمع وأصبحت جزءًا من ثقافته، وبين الأحكام الشرعية؛ فيصرون على الإبقاء على هذه العادات والمنافحة عنها، وقد لا يكون لها أصل في الشرع.
والأمر في ذلك يحتاج إلى الاعتدال؛ فالعادات التي ليس لها أصل من الشرع لا ينبغي الإصرار على التمسك بها والمنافحة عنها، فضلًا عن ربطها بالشرع، وفي المقابل لا ينبغي الإصرار على تحطيمها ونبذها بحجة أنها مما لم يأت بها الشرع، فما كان منها حسنًا فليبق عليه، وما كان سيئًا فليترك.
ث- الاعتناء بالضوابط الشرعية والحذر من تجاوزها:
لما كانت فتنة المرأة من أشد الفتن وأضرها أحاطها الشرع بالضوابط والأحكام التي تقلل من تأثيرها.
لذا فلا بد من الاعتناء بهذه الضوابط والالتزام بها، فقد يدفع حرص بعض الدعاة على نشر الدعوة وتوسيع نطاقها إلى السعي للتخفف من هذه الضوابط وتجاوزها.
وقد يكون الأمر ناشئًا عن ردة فعل تجاه ما يطرحه الآخر ويَصِمُ به الإسلاميين؛ فيبالغ بعض الدعاة في التحرر من الضوابط الشرعية، وربما يشن هجومًا غير متزن على أولئك الذين يلتزمون بها.
إنه ليس من المقبول أن يبالغ أحد الدعاة في انتقاد فصل الرجال عن النساء في المؤتمرات والمنتديات الدعوية، أو يطلب أن تقدمه إلى الجمهور امرأة وتتولى قراءة الأسئلة، أو أن تصبح قضية فصل مصلى الرجال عن النساء من أكبر ما يتصدى لإنكاره في بلد يقطع خطوات حثيثة نحو التغريب وتحرير المرأة!
الوقفة الخامسة: الموقف من دعاة التغريب والتحرر ويتمثل ذلك في الآتي:
أ- التفريق بين من يتناولون قضية المرأة:
لقد حمل لواء الدعوة إلى تحرر المرأة وتغريب المجتمع المسلم طائفة من رجال التيار العلماني، وسعوا بمكر ودهاء لسلوك أي طريق يمكن أن يوصلهم إلى أهدافهم المشبوهة، ولأن هؤلاء يسلكون أساليب ملتوية في طرح أفكارهم، ويتظاهرون بالدفاع عن قضية المرأة والسعي لإعطائها حقوقها المسلوبة فقد سايرهم في ذلك طائفة من الكتاب والصحفيين والمثقفين ممن لا يحمل التوجه والفكر العلماني، إنما هم من المتأثرين بما يطرحه أولئك، وكثيرًا ما يطرح المتأثرون بهم قضايا تتفق مع ما يسعى إليه أولئك.
فينبغي عند تناول القضية والحديث عن المخالفين ألا نحشر الجميع في زاوية واحدة ودائرة واحدة؛ ففرق بين من يساير هؤلاء فيما يطرحون وبين من يحمل الفكر والتوجه العلماني.
ولقد فرق السلف بين أهل البدع، فأهل الأهواء والزندقة ليسوا كمن عرف عنه إرادة الخير وتحريه لكنه وافق بعض أهل البدع في بدعتهم، والداعية إلى البدعة المنافح عنها ليس كغيره، وأصحاب البدع المكفرة ليسوا كمن دونهم من أصحاب البدع المفسقة.
ب- البعد عن الحديث عن النوايا:
إن الحق يجب أن يقال، والباطل يجب أن يواجه ويبين للناس؛ لكن ثمة فرق بين بيان الحق والرد على المبطل، وبين الحكم على صاحبه؛ فنحن في أحيان كثيرة نشن انتقادًا لاذعًا لكل من يطرح طرحًا مخالفًا في قضية المرأة وغيرها، ولا نقف عند هذا الحد، بل نتهم الكاتب والمتحدث بسوء النية، وخبث الطوية... إلخ.
فليكن النقاش منصبًّا على الفكرة وعلى الموضوع، أما رموز التيار العلماني، ومن يحمل فكرًا سيئًا فهؤلاء ينبغي أن يُفضحوا بالطريقة المناسبة ليس من خلال كتاب أو مقال واحد، بل من خلال رصد واسع لتوجهاتهم وأفكارهم، وأن يكون ذلك بطريقة تقنع الناس.
ت- النقد العلمي الموضوعي:
حين يتناول هؤلاء قضية المرأة أو غيرها فإنهم يُدبِّجون حديثهم بحجج ومسوغات تضفي عليه صبغة الموضوعية والحياد العلمي، وكثيرًا ما يوظفون نتائج البحث العلمي توظيفًا مضلِّلًا.
والملاحَظ أن كثيرًا من ردود الدعاة على هؤلاء تتسم بالتشنج والعاطفة، وتأخذ منحى الحكم على الأشخاص، والحديث عن المؤامرات التي تحاك على المرأة، ويتجاهلون النقاش العلمي الموضوعي لما يطرحه أولئك من مسوِّغات.
وهذا الطرح إن أقنع فئات من المتأثرين بالدعاة، فإنه لن يقنع فئات أخرى ممن يعني الدعاة إقناعهم، بل ربما أسهم في إقناعهم بوجهة نظر الآخر.
إن الدعاة أحوج ما يكونون إلى إتقان لغة الحوار، والحديث العلمي الموضوعي، وإلى أن يدركوا أن مجرد كونهم ناصحين غيورين لن يجعل الناس منصتين لهم ينتظرون ما يطرحونه ويتلقونه بالتسليم والقبول.
الوقفة السادسة: لا بد من الاعتناء بالبناء والإعداد:
ينبغي الاعتناء بالبناء والإعداد، وألا تكون مواقفنا مجرد ردود أفعال لما يثيره الأعداء؛ فحين تثار قضية نتفاعل معها، ونكثر الحديث حولها وننسى ما سواها، ومن ثم تصبح دعوتنا مجرد انعكاس لما يثيره ويطرحه دعاة التغريب والتحرر.
ومع أن هذا لا يعني إهمال القيام بواجب الإنكار وبيان الموقف الشرعي في القضايا التي تثار، وأن ذلك ينبغي أن يكون في وقته، إلا أن الاعتراض على أن يكون هذا هو وحده محور الحديث ومنطلقه.
والحديث الناشئ عن ردة الفعل سيتحكم في مضمونه ومحتواه ما يطرحه ويثيره الآخر، ومن ثم فلن يكون متكاملًا أو متوازنًا في تناوله للقضية.
الوقفة السابعة: لا بد من التركيز على البرامج العملية:
لا يسوغ أن يبقى جهد الدعاة منحصرًا في إطار الخطاب النظري وحده، بل لا بد من الانطلاق إلى برامج عملية ومن هذه البرامج المهمة:
أ- الاعتناء بتربية الفتيات وتنشئتهن، وهذا يتطلب من الدعاة إلى الله أن يعتنوا ببيوتهم ويعطوها من أوقاتهم.
ب- الاعتناء بإعداد برامج ومناهج تربوية تتفق مع طبيعة المرأة بحيث تكون متاحة للجميع ليستفيدوا منها.
ت- نظرًا لطبيعة المرأة وقلة الفرص المتاحة لها لتلقِّي التربية والتوجيه في مقابل ما هو متاح للشباب، فإن هذا يستلزم الاعتناء بإيجاد محاضن للمرأة تتلقى فيها التربية والتوجيه، كدور القرآن ومدارسه، وأن تُطَوَّر هذه المحاضن ويُرتَقَى بها، وأن تتضافر في ذلك الجهود ولا يكون الأمر مختصًا بفئة يسيرة من المهتمين.

يتبع...
__________________
  #2  
قديم 09-05-2014, 09:09 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

إن فساد المرأة فساد للأسرة كلها وللمجتمع بأسره لما له من أثر عميق على الناشئة والشباب، ولعل أبرز ما نراه اليوم هو هذا التخطيط المرسوم بدقة والذي أخذ طريقه إلى المدارس والجامعات فأدى إلى تغريب المرأة وعلمنتها وابتعادها عن دينها.
كما أصبح الإعلام الحديث بجميع ألوانه سلاحًا يفتك بالمرأة ويغريها على الفساد خاصة أنه قد بلغ من الإبداع والتأثير قدرًا كبيرًا جعل من المستحيل مقاومة إغرائه، وقد اعتمد هذا الإعلام في معظم برامجه ومصنفاته الفنية والإعلانية اعتمادًا محوريًا على مظهر المرأة ومفاتنها سواء أكان في التلفاز أو الإذاعة أو الصحف والمجلات أو الإنترنت مؤخرًا.
ولا شك أن الانحراف الخطير الذي تردت فيه المرأة قد أصبح ظاهرة واضحة في المجتمع تشهد عليه تلك الآثار المستشرية في كافة مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، فضلًا عن خروجه عن مبادئ الدين الصحيح وتعاليمه الأخلاقية والإيمانية.
ولا يخفى على الناظر البصير أن هذه الظاهرة في معظمها هي ثمرة لمخططات الاستعماريين والعلمانيين التي وضعت بهدف إفساد المجتمع وتفريغه من المقومات المستمدة من دينه القويم وتراثه الخالد، وبذلك فَقَدَ قدرته على التماسك أمام ضربات الاستعمار الغربي وأصبح لقمة سائغة له.
وقد توسلت هذه المخططات بعديد من الشعارات الزائفة البراقة التي تتخفى تحت مبدأ مساواة المرأة بالرجل وتحرير المرأة من قيود الدين والعرف.
وإمعانا في إتمام هذه الخطة الخبيثة تم وضع عملاء من أمثال (مرقص فهمي) الذي أصدر كتاب "المرأة في الشرق" ونادى فيه المرأة إلى رفع الحجاب والاختلاط بمحافل الرجال، وهاجم فيه أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرِّم زواج المسلمة بغير المسلم ودعا إلى التمرد على هذه الأحكام.
وفي عام 1911م تأسس في مصر "حزب بنت النيل" الذي طالب بتحرير المرأة من الحجاب وتقييد الطلاق وكان من قياداته القديمة درية شفيق، وأمينة السعيد وغيرهما.
وفي عام 1913م دعيت هدى شعراوي لحضور مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي بروما، وكان من توصياته: العمل على تعديل قوانين الطلاق لوقفه، ومنع تعدد الزوجات، وتقرير حرية المرأة في السفور والاختلاط.
وأصدر قاسم أمين كتابه (المرأة الجديدة) الذي نادى فيه بالاتجاه الأعمى إلى تقليد الغرب فكريًا واجتماعيًا، وعلى دربه سار سعيد عقل ولويس عوض ولطفي السيد ونجيب محفوظ، وعديد من أعضاء المحفل الماسوني، ومن الشعراء صادق الزهاوي، ونزار قباني وغيرهم.
ومما زاد الطين بلة قيام زعيم وطني بتمزيق النقاب من فوق وجه فتاة مسلمة في أكبر ميدان في مصر، كما أمر زوجته بحرق الحجاب أمام الجمهور.
ومن فضل الله تعالى أن قيَّض للأمة الإسلامية في هذا الوقت علماء مجاهدين وقفوا بكل قواهم لصد هذه المخططات ولتفنيد هذه الدعوات المشبوهة مما كان له أثره في التخفيف من مساوئها.
الآثار التي ترتبت على إفساد المرأة:
أولًا: مؤشرات عامة تظهر عمق ما أصيبت به المرأة والمجتمع:
1- البعد عن الدين: وذلك بعدم معرفتها لعقيدته السمحة وفروضه وسنته وشريعته العادلة وأخلاقه الرشيدة، وكذلك عدم الالتزام بأداء العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وعمرة وذكر وتلاوة وحفظ للقرآن الكريم واستغفار وحمد لله تعالى ودعاء وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وتواصٍ بالحق وتواصٍ بالصبر.
وقد تمرد بعضهن على تعاليم الدين وتنكرن لعقائده وعباداته وأحكامه مخالفات لقول الله تعالى: {ومَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ويُؤْتُوا الزَّكَاةَ وذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة:5].
2- اتباع الشيطان وهوى النفس: وبذلك تمرغت في أوحال الفسوق والانحلال، وسارت خلف نوازع النفس الأمارة بالسوء، وانطبق عليها قول الله تعالى: {ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ} [القصص من الآية:50]، وأنكرت قوله تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وقُلْنَ قَوْلًا مَّعْروفًا . وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب من الآيتين:32-33] وقد ورد عديد من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف من النساء نذكر منها:
عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: «إياكم وخضراءَ الدمن!» قالوا: وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: «المرأة الحسناء في المنبت السوء».
روى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية».
وروى كذلك: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال".
3- التنكر للآداب الدينية: مثل الحجاب وغض البصر وعدم الاختلاط بالرجال إلا بضوابطها الشرعية؛ فهي لا تقيم وزنا لتعاليم الدين التي تنهى المرأة عن الخروج كاشفة لملابسها الفاضحة، أو متزينة بالجواهر والحلي البراقة، أو متعطرة، أو متحلية بالأصباغ في وجهها خارج بيتها حتى لا تفتن الرجال، وقد روى أبو هريرة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار: أحدهما نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها».
4- تضييع الوقت فيما يضر: فالوقت هو الحياة؛ وهذا الصنف من النساء ي***ن وقتهن في السهر في الملاهي التي تغضب الله تعالى كمشاهدة الأفلام الخليعة، وفي قراءة الكتب والصحف والروايات التي لا تراعي الآداب والأخلاق القويمة فيما تنشر، وفي مجالس الغيبة والنميمة والتآمر على الفضيلة وإفساد ذات البين، وغير ذلك من الآثام.
5- مصاحبة أقران السوء : فالصحبة الفاسدة لها أثر كبير في نشر الفساد ؛ فهي كعدوى الأمراض ينتشر خطرها بالاختلاط خاصة بين النساء والرجال كما سبق ذكره.
6- انشغال المرأة بالعمل والاشتراك في النشاط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي على حساب بيتها وأبنائها ؛ والإسلام أباح للمرأة أن تعمل إذا ألجأتها الضرورات الاجتماعية إلى العمل لا أن يكون هذا نظامًا عامًا، وعليها حينئذ أن تراعي الشروط التي وضعها الإسلام لإبعاد فتنة المرأة عن الرجل وفتنة الرجل عن المرأة.
وقد أثبتت التجربة الغربية الآثار السلبية لعمل المرأة، ونذكر منها:
• في الولايات المتحدة دخل المستشفى أكثر من 5600 طفل في عام واحد متأثرين بضرب أمهاتهم العاملات لهم، ومنهم نسبة كبيرة أصيبوا بعاهات.
• في مؤتمر للأطباء عقد في ألمانيا قال الدكتور كلين رئيس أطباء مستشفى النساء: "إن الإحصاءات تبين أن من كل ثمانية نساء عاملات تعاني واحدة منهن مرضًا في القلب وفي الجهاز الدموي، ويرجع ذلك في اعتقاده إلى الإرهاق غير الطبيعي الذي تعاني منه المرأة العاملة كما تبين أن الأمراض النسائية التي تتسبب في موت الجنين أو الولادة قبل الأوان قد تعود إلى الوقوف لمدة طويلة أو الجلوس المنحني أمام منضدة العمل أو حمل الأشياء الثقيلة، بالإضافة إلى تضخم البطن والرجلين وأمراض التشوه".
• توصلت نتائج دراسات أذاعتها وكالات أنباء غربية في 17/7/1991م إلى أنه خلال العامين السابقين هجرت مئات من النساء العاملات في ولاية واشنطن أعمالهن وعدن للبيت.
• نشرت مؤسسة الأم التي تأسست عام 1938م في الولايات المتحدة الأمريكية أن أكثر من 15 ألف امرأة انضممن إلى المؤسسة لرعايتهن بعد أن تركن العمل باختيارهن.
• في استفتاء نشرته مؤسسة أبحاث السوق عام 1990م، في فرنسا أجري على 2.5 مليون فتاة في مجلة ماري كير كانت هناك نسبة 90% منهن ترغبن العودة إلى البيت لتتجنب التوتر الدائم في العمل ولعدم استطاعتهن رؤية أزواجهن وأطفالهن إلا عند تناول طعام العشاء.
• وفي الولايات المتحدة 40% من النساء العاملات، وفي السويد 60% منهن، وفي ألمانيا 30%، وفي الاتحاد السوفييتي (سابقًا) 28% يعانين من التوتر والقلق وأن نسبة 76% من المهدئات تصرف للنساء العاملات.
• أما في الاتحاد السوفييتي فقد ذكر الرئيس السابق جور****وف في كتابه عن البروستريكا أن المرأة بعد أن اشتغلت في مجالات الإنتاج والخدمات والبناء وشاركت في النشاط الإبداعي لم يعد لديها وقت للقيام بواجباتها اليومية من أعمال المنزل وتربية الأطفال.
وأضاف قوله: "لقد اكتشفنا أن كثيرًا من مشاكلنا في سلوك الأطفال والشباب وفي معنوياتنا وثقافتنا وإنتاجنا تعود جميعًا إلى تدهور العلاقات الأسرية، وهذه نتيجة طبيعية لرغبتنا الملحة والمسوَّغة سياسيًا بضرورة مساواة المرأة بالرجل".
• وفي دول الخليج ظهرت مشكلة من لون آخر فقد زاد عدد المربيات الأجنبيات بسبب عدم تفرغ الأم لرعاية أطفالها، ولو وضعنا في الاعتبار أن نسبة كبيرة من هؤلاء المربيات غير مسلمات، وأن معظمهن يمارسن عباداتهن الخاصة أمام أطفال المسلمين، وأسوأ من ذلك أنهن يزاولن علاقات ***ية مع أصدقاء في منازل مخدوميهن بالإضافة إلى احتسائهن للخمر وتدخين السجائر بمصاحبة الأطفال، ندرك حجم الخطر الذي يهدد الأسرة المسلمة بسبب تحرر المرأة من تعاليم دينها وإهمالها لواجباتها نحو أولادها وبيتها.
ثانيًا: مشكلات أصابت الأبناء من ال***ين:
وهذه مشكلات تشاهد في الجيل الجديد منذ الطفولة حتى من الشباب وتشمل مشكلات تربوية ومشكلات تعليمية وثقافية.
فالمرأة الصالحة ذات الدين إذا كانت زوجة ولها أبناء تؤدي واجبها في تربية الأبناء ورعايتهم بما توفره للأسرة من سعادة، فينشأ الأبناء في رعايتها نشأة سليمة بدنيًا ونفسيًا وثقافيًا بحيث يلتزمون بالعقيدة الصحيحة ويمارسون العبادة لله الخالق العظيم على أكمل وجه، ويتمسكون بالأخلاق الحميدة والسلوك السوي والصراط المستقيم والبر والتقوى.
أما النساء المنحرفات فهن محضن لكل فساد، وقدوة سيئة لأبنائهن في كل نواحي الحياة وفي كل أعمارهم منذ طفولتهم؛ فهم لا يكتسبون منهن إلا القيم الفاسدة والعادات السيئة والصفات الذميمة، وهن يتركنهم بدون الرقابة الواجبة ولا التوجيه الرشيد؛ حيث تربيهم الخادمات الجاهلات أو المربيات الأجنبيات فيغرسن فيهم أسوأ الخصال وأرذل القيم؛ ولذلك آثار لا تمحى في أعماق نفوس الأبناء تلازمهم في مستقبل حياتهم مما يكون له نتائج لا شعورية في كل سلوكهم، وقد يؤدي إلى إخفاقهم في الدراسة والعمل بل في تكيفهم مع المجتمع.
أما دور الأم في تعليم أولادها وبناتها خاصة قبل سن التعليم فهو في غاية الأهمية؛ فإن الطفل يخرج إلى الحياة مجردًا عن العلم بأي شيء؛ تأمل قول الله تعالى: {واللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأَبصَارَ والأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:78]، والأم هي التي تقوم بتعليم أطفالها استخدام هذه الأجهزة الربانية في الحركة والكلام والأكل والإمساك بالأشياء واللعب، كما يتعلمون من الأم والأب وغيرهما من المصاحبين لهم اللغة، ويعرفون بالسماع أسماءهم التي ينادون بها، ثم يلي ذلك تعلم القراءة والكتابة البسيطة والنطق الصحيح للألفاظ ويحفظون اسم الله تعالى ومبادئ الدين.
وهذا الدور الهام لا يمكن أن تؤديه الأم المنشغلة عن أولادها التي تقضي وقتها خارج بيتها، كما لا تصلح له الأم الجاهلة بأمور دينها ودنياها وبواجباتها نحو أطفالها.
وعندما يجتاز الأطفال هذه المرحلة يكون دور الأم في تحصيل أبنائها العلمي مساعدًا لدور المدرسة؛ فهي تعاونهم على أداء واجباتهم الدراسية في المنزل كما تهيئ لهم الأجواء المناسبة في البيت للشعور بالراحة والأمان والحنان والحب مما يكسبهم الثقة في النفس والتفاؤل والثقة في المستقبل، كما تتولى الأم الإجابة على تساؤلات أبنائها في هذه المرحلة التي يكونون فيها دائمي السؤال عن كل ما يخطر على بالهم؛ ويتوقف على مدى صواب إجابات الأم امتلاء عقولهم وقلوبهم بحقائق الحياة وتعرفهم على الفرق بين الحق والباطل والخير والشر والخطأ والصواب.
وأهمية دور الأم في هذه المرحلة في تعليم أبنائها دينهم ومراقبة ممارستهم للعبادات والتزامهم بالسلوك والأخلاق التي يحض عليها الإسلام وتعريفهم تعاليم الدين المتعلقة بالمجتمع وآدابه في كل شيء؛ وذلك استكمالًا لمقررات الدين في المدرسة ومراقبة تطبيقهم لهذه المعارف والآداب. وهناك أمور تحتاجها الفتاة من الأم تختص بها دون الولد تعتمد على علم الأم بها واهتمامها بها بتبليغ بناتها بها في الوقت المناسب وتدريبهن عليها، نذكر منها ما تحتاجه البنت من معلومات عند البلوغ وواجباتها الخاصة في تدبير المنزل وخدمة الأسرة لتعرف حقوق الزوج والأبناء والبيت عندما تتزوج.
وهذه الواجبات السابق ذكرها لا يمكن أن تؤديها الأم الفاسدة، أضف إلى ذلك أن فساد عقيدة الأم يؤدي إلى دفع أولادها نحو الالتحاق بالمدارس الأجنبية ومن ثَمَّ بالثقافة الغربية مما يكون له أثر بالغ في نشأة شخصيتهم غريبة عن مجتمعهم ودينهم.
ثالثًا:مشكلات أصابت الرجال من أزواج وأقارب كما أصابت المجتمع كله:
1- تأثيرها على الزوج:
حيث قد يدفعه فسادها إلى ارتكاب المعاصي وإلى طريق الشيطان والبعد عن الصراط المستقيم، كما أن عدم التزامها بالحجاب وتبرجها أمام الرجال يثير سخط زوجها وغيرته عليها مما يكون له أثره في ارتكاب الزوج لردود أفعال لجنون الغيرة غير محمودة العواقب.
والمرأة التي لا تحترم الحياة الزوجية تضر بالأسرة وتهدد بتحطيمها بالطلاق أو بإهمال الرجل لبيته أو بالاتجاه إلى زوجة أخرى، أو الهروب إلى المقاهي ودور اللهو؛ وكثيرًا ما تكون سببًا في إدمانه للتدخين والمخدرات والمسكرات.
ومشكلة الطلاق في الغرب تعبر عن هذه الظاهرة في بلاد تعيب على الإسلام إباحته للطلاق؛ فقد بلغت نسبة الطلاق إلى عدد الزيجات في السويد 60%، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 40%، وفي ألمانيا 30%، وفي الاتحاد السوفييتي 28%، وفي فنلندا 14%. وتذكر هذه الدراسة التي نشرتها مجلة شتيرن من ألمانيا أن ثلثي الراغبات في الطلاق في فرنسا يمارسن عملًا خارج البيت وأن 22% من حالات الطلاق في ألمانيا نتيجة الخيانة الزوجية، و10% منها لأسباب ***ية، و10% منها بسبب الإدمان.
أما في العالم العربي فقد وصلت مشكلة الطلاق إلى حجم غير مألوف مما يحتاج إلى دراسة مستقلة.
ومن المشكلات الاجتماعية عزوف المرأة عن الإنجاب؛ حيث لا ترغب في تحمل متاعب الحمل والوضع؛ وقد يدفعها ذلك إلى الإجهاض، وقد تقصر المرأة العاصية في تلبية حاجات زوجها ال***ية مما يؤدي به إلى الزنى أو الشذوذ.
وقد يؤثر ذلك على صحة الزوج بدنيًا ونفسيًا، ويجعله عرضة للأمراض ال***ية والنفسية وغيرها.
قد تدفع المرأة إلى انحراف زوجها ماليًا لكي يحقق الثراء والكسب الحرام تلبية لمطالبها من الملابس الفاخرة والمجوهرات والسهرات الماجنة والحفلات الصاخبة.
2- تأثيرها على الرجال من الأقارب والآخرين:
المرأة التي لا تلتزم بتعاليم دينها في الحجاب وعدم الاختلاط بالرجال لها خطر عظيم على مجتمع الرجال، لذلك فقد حرص الإسلام على أن يباعد بين ال***ين إلا بالزواج لما يتبع هذا الاختلاط والتبرج من ضياع للأعراض وخبث للطوايا وفساد للنفوس وتهدم للبيوت وشقاء للأسر.
وقد لوحظ في المجتمعات المختلطة بين ال***ين طراوة في أخلاق الشباب ولين في الرجولة إلى حد الخنوثة والرخاوة.
والمرأة التي تخالط الرجال تتفنن في إبداء زينتها ولا يرضيها إلا أن تثير في نفوسهم الإعجاب بها؛ ولذلك أثره في الإسراف في تكاليف التبرج والزينة المؤدي إلى الخراب والفقر.
ويترتب على ذلك انتشار الفحشاء والزنى والأمراض المصاحبة لها في الدنيا، وفي الآخرة عذاب عظيم لمخالفة تعليم رب العالمين نذكرمنها قول الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:30-31].
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب من الآية:59].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: «النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها مخافتي أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه».
وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياك والخلوة بالنساء! والذي نفسي بيده! ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما، ولأن يزحم رجل خنزيرًا ملطَّخًا بالطين خير له من أن يزحم منكبيه منكب امرأة لا تحل له».
أخرج النسائي: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية».
وإثم مخالفة تعاليم الله تعالى لا تقف على النساء فقط بل على المخالفين من الرجال؛ ولا يعذرون عند الحساب لا في الدنيا ولا في الآخرة بأنهم كانوا فريسة لفساد النساء ولغواية الشيطان بعد أن حذرهم الله تعالى.
3- تأثيرها على المجتمع كله:
هذه المشكلات التي تهز اليوم أركان الأسرة والمجتمع بشدة كمشكلة ال****** وخطف الفتيات والأطفال غير الشرعيين وأولاد الشوارع كلها من آثار فساد المرأة. وقد ظهرت حديثًا ظاهرة انتشار ما يسمى بالزواج العرفي الذي وضع الأسرة أمام مشكلات جديدة تضع غطاءً يخفي الفساد الاجتماعي الناتج عن انحراف الفتيات ويؤثر على مستقبل الأجيال القادمة.
كما زادت نسبة جرائم الأحداث والتشرد والتسول والأطفال المعاقين وهي نتيجة لتحطم الأسرة الفاسدة وانحراف الزوجين وإهمال الأبناء.
وأخيرًا:
هناك مشكلات اقتصادية تؤثر على المجتمع ترتبت على انحراف المرأة العاملة فضلًا عن انخفاض إنتاجيتها؛ فإنها تؤثر على إنتاجية زوجها وأولادها العاملين وتعوق تفوقهم في العمل وتفرغهم للإنتاج؛ ولذلك أثره المدمر على الاقتصاد الوطني.
وختاما فإن الحمد والفضل لله تعالى الذي أنزل للإنسانية كتابه الكريم الذي فيه شفاء لكل أمراضها وعلاج لكل مشكلاتها وهداية لها من الضلال. وقال عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [المائدة:15-16]، كما تكفل عز وجل بحفظه إلى يوم الدين؛ حيث قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9].
وذلك يبعث الأمل في الإصلاح بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتمسك بهما والعودة إلى المجتمع الإسلامي الفاضل.
ونسأل الله تعالى أن يرزقنا الإيمان ويوفقنا إلى طاعته ذكورًا وإناثًا وبذلك يتحقق صلاح الأمة بأسرها في الدنيا وتنال رضوان الله تعالى في الآخرة.

يتبع...
__________________
  #3  
قديم 09-05-2014, 09:11 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

المرأة... وخطوات نحو التربية
ثلاثة عشر عامًا هي تلك التي أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم في مكة باذلًا جهده ووقته وثمين دعوته في تربية جيل الصحابة أثمرت أفرادًا قلائل... وشخصيات معدودة... ولكنها قلة ضربت أروع الأمثلة في الثبات يوم كثر النفاق بعد بدر... قلة ولكن كتب لها النصر دون عشرة آلاف من الطلقاء الذين انهزموا في حنين... قلة ثبتت على عهدها يوم ارتدَّت قبائل العرب بعد موته صلى الله عليه وسلم.. لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عميق الفكرة... بعيد النظرة... حين صرف الوقت الذهبي من دعوته في تربية ذلك الجيل الأول من الصحابة... كيف لا؟! وهم نجوم النور... وخير أهل الأرض.

فلنتجاوز أربعة عشر قرنًا من تاريخنا الممدود لنصل اليوم إلى منظر هذه الجموع النسائية التي تتوجه يوميًا إلى مراكز تحفيظ القرآن الكريم وغيرها من المراكز الإسلامية لسماع كلمة حق في تفسير آية أو شرح حديث.. والتي تدفع إلى الابتسامة والتمتمة بكلمات الحمد والثناء لله.. ثم الإعجاب بتلك الجهود والتضحيات التي ولا شك كانت وراء كل قلب اهتدى وكل رِجْل قدَّمتِ الخُطا...
إن هذه الجموع التي تصمُّ آذانها عن نعيق الغربان معلنة التحدي أمام كل مغريات الزمن وفتنه... لهي جموع تنظر بعين الحاجة والافتقار إلى من يأخذ بيدها ويحسن توجيهها... وهنا بالذات يأتي دور التربية... فإننا لا نعاني من الكم! وإنما من الكيف!
خطوات نحو التربية:
لو أخذت أي بذرة من بذور الأرض ووضعتها في إناء زجاجي أو على رف من الخشب فإنها لن تنبت مهما طالت المدة حتى تضعها في أرض خصبة وتتعاهدها بماء وسقيا وتعرضها لحرارة الشمس، ثم ما تزال معها تهذبها وتشذب أطرافها وتحسن توجيهها وتزيل عنها ما يؤذيها حتى تشتد وتخضر وتقف على ساقها... وهذا ما تعنيه عملية التربية.
أولًا: تطوير المنبع:
كلما كان ماء النبع عذبًا كان أروى للظمأ... وعلى قدر خصوبة الأرض يكون جمال النتاج.
إن فقه المربية لعقيدتها التي تدعو الناس إليها وعلمها بمداخل النفوس واقتناص الفرص يزيد من فرصة قبولها لدى الناس ونجاحها في دعوتها إياهم إلى الخير والتزام طريق الحق.. ولذلك كان لزامًا على كل مؤسسة أو مركز إسلامي أن يهتم بالعاملات فيه تطويرًا وأداءً ونقترح في هذا الصدد عدة نقاط:
• شرح أهداف المركز لجميع العاملات فيه سواء الأهداف المرحلية (مختصة بفترة محددة) أو الأهداف طويلة الأجل التي تحتاج إلى سنوات لتحقيقها ومتابعة تطبيقهن وسعيهن لإتمام هذه الأهداف؛ فإن ذلك مما يعزز الشعور لدى كل واحدة منهن بأنها لبنة لو نزعت لانكسر الجدار... وأيضًا فالمتابعة تساعد في التنبؤ بالخطأ قبل وقوعه، وبالسيطرة على المشكلة في مراحلها الأولى.
• تنظيم دورات تأهيلية تطويرية تكون موجهة خاصة للعاملات في المراكز والمؤسسات تتشعَّب إلى ثلاثة محاور رئيسة:
1- دورات شرعية: تعطي الأسس والقواعد في كل علم من علوم الدين الأساسية مما لا يسع مسلمة أن تجهلها فضلًا عن عاملة في المركز ينبغي أن تكون قدوة الناس ومحط أنظارهم.
2- دورات تربوية: تسهم في فهم رسالة هذا الدين الفهم الصحيح، وأن مهمتنا لا تقف عند البلاغ وتغيير الأفكار فقط، بل تتجاوز ذلك إلى مساعدة الناس على أن يغيروا من سلوكهم ويتغلبوا على مشكلاتهم وأن يتخطوا جميع العقبات من المجتمع والنفس.. وذلك لن يتسنى لنا حتى يكون لدينا أسس تربوية صحيحة نتعامل بها مع الناس. وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وكيفية تعامله هي المنهج للتربية والمنبع الذي لا ينضب.
3- دورات دعوية: يُتناول فيها مستجدات الساحة وما يجب علينا إدخاله وإدراجه ضمن مناهجنا الإسلامية، وطرح الحلول لبعض مشكلاتنا الدعوية، ووضع جداول زمنية لتوسيع نطاقات الخطاب مع مختلف شرائح المجتمع ودراسة الأفكار والمقترحات الجديدة. والأهم من ذلك: وضع تصور عام للدعوة في المنطقة يهيب بكل العاملات الوصول إليه ولو بعد حين.
ولمزيد من الفاعلية فإن هذه الدورات يجب ألا تكون عشوائية أو كلما سنحت الفرصة لإقامتها، وإنما يجب أن تكون جميعها مدرجة ضمن جدول محدد (مثلًا: دورة شرعية كل ثلاثة أشهر، ودورة تربوية كل أربعة أشهر، ودورة دعوية نصف سنوية) وعلى كل مركز أن يحدد حاجة منسوباته دون المبالغة في جانب على حساب جانب آخر، وإدراج لجنة خاصة (لجنة التطوير) ضمن لجان المركز تكون مسؤولة عن تنظيم هذه الدورات من حيث اختيار المواضيع ودعوة المقدِّمات واستشارة المشايخ والعلماء وذوي الخبرة والتجربة في ساحة العمل الدعوي قبل الشروع في هذه الدورات.
ثانيًا: البحث عن الراحلة:
قال صلى الله عليه وسلم: «الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة».
إن بين هذه الجموع أشخاصًا ما أن تحكَّ قشرتهم حتى يبرق لك الذهب، وهؤلاء قد لا يأخذون من الداعية جهدًا طويلًا حتى يحس بسرعة النتاج؛ بخلاف الصنف الآخر الذي قد تبذل معهم جهدًا مضاعفًا ولكنهم، (مكانك راوح)، ومن ثَمَّ فإن من الخسارة أن يأتي أمثال هذه الشخصيات في مراكزنا الإسلامية ويبقين معنا سنين طويلة دون أن يُكتشفن أو يسعى إلى استخراج مكنونهن أحد! وأحيانًا كثيرة نشعر بتميزهن ووجودهن؛ ولكن برامجنا تخاطب الشريحة العامة ولا تتسع لأمثال هذه الشخصيات. وها هنا ثمة نقاط لا بد من مراعاتها:
• اهتمام المعلمات ومن هن في خط المواجهة مع الناس بالبحث عن الحريصات على دينهن المتميزات في علمهن وغيرهن ممن يظهر عليهن سِيما التنبه والنبوغ، وتوجيه رسائل خاصة لهن أثناء الشرح والتفسير، وبذل الجهود لاحتوائهن لا سيما إذا كُنَّ ممن يحضرن لأول مرة.
• إيجاد برامج خاصة لهؤلاء يشرف عليها أهل الاختصاص، تعطى فيها المواد بشكل مدروس، وتختار فيها السُّور والأحاديث والمواضيع بشكل دقيق.
• تكليف المربيات بمتابعة أحوالهن وتفقُّد حياتهن لا سيما خارج المركز، ومدى تقدمهن وتخطِّيهن العوائق والعقبات، وتقديم النصح والتوجيه اللازم ليتكون لنا من مجموع ذلك شخصيات مؤهلة مربية ملتزمة غير ضعيفة ولا ازدواجية.
ثالثًا: وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح:
قال عليه الصلاة والسلام: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أُبيٌّ، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، ألا وإن لكل أمة أمينًا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح».
لم يكن مجتمع الصحابة مجتمعًا مكونًا من نسخ مكرورة بعضها من بعض، بل كان فيهم العالم والزاهد وطالب العلم والتاجر والساعي لرزقه والفارس والمجاهد ؛ بل ومنهم الأديب الذي يعلن النبي صلى الله عليه وسلم له التأييد بروح القدس ؛ لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتقن فن توزيع الأدوار، ولم يكن يهمِّش من دور هذا أو ذاك، بل لم يكن يفاضل بينهم إلا بالتقوى وما وقر في النفس عبدًا كان أو حرًا عالمًا كان أو أميًا عابدًا كان أو تاجرًا!
إن الأمة التي لا يحسن أفرادها إلا شيئًا واحدًا أمة سهلة الانهزام.
وحين نتحدث عن العصر الذهبي لمجد الإسلام الذي بلغ مشارق الأرض ومغاربها يتبادر إلى ذهننا العدد الهائل من المدارس والجامعات والثورة العلمية من طب وهندسة ومعمار وإحصاء وغيرها من العلوم التي برع فيها المسلمون بأمر وإرشاد من دينهم. ومن تصفح القرآن استشعر مسؤوليته في خلافة الأرض والتي تعني إصلاحها وإصلاح أهلها من جميع الجوانب.
وما علاقة المرأة بذلك؟
إننا في مراكزنا نخاطب شريحة من النساء تريد أن تسمع وتريد أن تفهم؛ وبلغنا بحمد الله شوطا في ذلك ولكن ما زال هناك صنف من الناس خارج الأسوار وهؤلاء على اختلاف أسباب عزوفهم إلا أنهم يشكلون شريحة كبرى من المجتمع، وطموحاتنا الدعوية لا تقف عند حد ذلك الصنف الأول، بل إننا نريد أن نوسع نطاقات الخطاب ليصل صوتنا إلى كل بيت وكل فرد.
إن الجمعيات النسائية التي أسهمت بل أدارت الحركة المشبوهة حركة تحرير المرأة وسَّعت أنشطتها ليصل خطابها إلى كل امرأة في المجتمع، فكان لديها أنصار من مختلف التخصصات والطبقات... ليصلوا بالمرأة إلى ما وصلوا إليه الآن! ولذلك فإن حصر دور المراكز الإسلامية النسائية بأن تدور أنشطتها حول الأنشطة التلقينية واستعمال مهارة السماع فقط هو اختصار مخل لرسالة المركز الأصيلة العالية... ولو أحصينا عدد مراكز تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في كل حي ومنطقة مثلًا ثم تلمسنا آثارها الإيجابية لوجدنا أن الآثار الملموسة في حياة الناس لا تتناسب أبدًا مع عدد المراكز المتزايد في الأحياء! وهذا يعني أن رسالتنا لم تصل بعدُ بالصورة الكافية.
إن هذا الدين الذي يدعو إليه المركز يجب أن يكون له أنصار ينافحون عنه وينشرون لواءه في كل مكان في شتى الطبقات ومختلف التخصصات... فمثلًا: لا بد أن يكون لدينا معلمات واعيات يحملن لواء الدعوة في المدارس، ويربطن أهداف التعليم بأهداف هذا الدين ولا تضاد بينهما وإبراز أنفسهن قدواتٍ ونماذجَ حية لما يمكن أن يصنعه الدين في حياة الناس، ودعوة الطالبات والمعلمات إلى امتثال القيم العليا والأخلاق الفاضلة التي يدعو إليها هذا الدين...
ومثال آخر: لا بد أن يكون لنا كاتبات وأديبات يكتبن أدبًا إسلاميا رفيعًا يكفيننا مؤونة البحث عن قصص إسلامية هادفة أو مجلة خالية من المنكرات، ولعل من أنجع الأساليب في توسيع نطاق الدعوة وأنسبها للمرأة هي المشاركة الإعلامية في المجتمع.. في المجلات والجرائد.. والكتب والدوريات.. وذلك إعلاءً لصوت الحق ليتسنى لكل فرد سماعه، وليتعرف الناس على أنشطة المراكز وأهدافها.. وطرح تجاربنا في معايشة العصر لا سيما في تربية الأطفال والمراهقين، وخططنا لتربية هذا الجيل الناشئ.. فلماذا دائمًا تتوارى تجاربنا الناجحة وتقتصر على فئة محدودة من الناس؟!
هناك مئات القلوب التائهة التي تبحث عن الحق.. بل مئات العقول الواعية التي لو فهمت الحقيقة لما ترددت في سلوك الدرب.
__________________
  #4  
قديم 11-05-2014, 06:58 PM
يوسف اسلام محمود يوسف اسلام محمود غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
العمر: 18
المشاركات: 165
معدل تقييم المستوى: 11
يوسف اسلام محمود is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خيرا
__________________
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:33 AM.