|
التنمية البشرية يختص ببناء الانسان و توسيع قدراته التعليمية للارتقاء بنفسه و مجتمه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الفساد الإداري وأثره على المؤسسات الاقتصادية
الفساد الإداري وأثره على المؤسسات الاقتصادية د·كمال عبدالمنعم محمد خليلمن أشد ما يصيب المؤسسات الاقتصادية في أي دولة سوء الإدارة، فنجاح المؤسسة أو فشلها مرهون بالسياسة الإدارية لها، وإذا ما استشرى الفساد الإداري في أي منشأة اقتصادية، فإن ذلك نذير بإفلاس تلك المنشأة وانهيارها، وقد رأينا في الماضي القريب نموذجاً لما نقول، فقد انهارت وأفلست أكبر شركات الطاقة الأميركية المعروفة باسم >إنرون< بسبب الاختلاسات والرشا وهو ناتج من فساد الإدارة· ولقد تناولنا هذا الموضوع من الجانب الإسلامي لوجدنا أن تعاليم الإسلام جاءت محذرة من كل التعاملات التي بها غش أو خداع أو خيانة، ففي الحديث الصحيح >من غشنا فليس منَّا< (رواه مسلم)، وهو حديث شامل جامع لكل تعاملات البشر، وهو يحمل إنذاراً شديداً لمن تسول له نفسه أن يغش أحداً أو يخونه· والغش الإداري أو الفساد الإداري في المؤسسات الاقتصادية له صور متعددة منها: ـ الغش في دراسات الجدوى، وهذه الدراسات لازمة قبل الإقدام على إنشاء أي مؤسسة، فهي تبين مدى ما سوف تحققه تلك المنشأة من نجاح، وحجم تكاليف الإنشاء، وحاجات السوق، ومدى ملاءمة المكان الذي توجد فيه، والغرر والغش في إعداد تلك الدراسات سوف يؤدي ـ لا محالة ـ إلى انهيار أي مؤسسة، فالواجب إسناد تلك الدراسات لمن تتوافر فيهم الأمانة وحسن النوايات· ـ عدم الانضباط والتسيب والإهمال، كل ذلك عاقبته الفشل الذريع، لأن الانضباط والنظام من سمات المؤسسات الناجحة، وكثيراً ما حض الإسلام على الانضباط والوفاء بالعهد والوعد، قال الله تعالى: (يأيها ا لذين آمنوا أوفوا بالعقود···) المائدة:1، وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من عدم الوفاء بالعهد والوعد، وعد من يفعل ذلك من المنافقين، فقال: >آية المنافق ثلاث، إذا حدَّث كذب، وإذا وعَدَّ أخلف، وإذا ائتمن خان< (متفق عليه)· والكون كله قائم على النظام والانضباط، قال الله تعالى: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) يس:40، فيجب على الإنسان أن يتعلم الانضباط مما حوله من آيات حتى ينجح في كل أعماله· ـ عدم إتقان العمل، وذلك عن طريق إهمال جودة المنتج، ما يؤدي إلى ظهور العيوب في السلع المنتجة، فتتشوه صورة المنتج ومعه صورة المؤسسة فلا يقبل الناس عليها، وقد حضنا الرسول صلى الله عليه وسلم على إتقان العمل فقال: >إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه< (رواه البيهقي وأبو يعلى<· ـ إسناد العمل إلى غير أهله، حيث تتدخل المعرفة والصداقة والقرابة في اختيار المسؤولين عن الأعمال، ويتم تنحية الكفاءات والقدرات جانباً، ويترتب على ذلك وضع الأشخاص غير الملائمين في أماكن ليسوا أهلاً لها، فيتأثر العمل سلباً، وبالتالي تتأثر المنشأة بكاملها، وإذا ما قارنا ذلك بما يحدث في بلاد الغرب لوجدنا الفرق شاسعاً والبون واسعاً، فهم ـ رغم كفرهم ـ يهتمون بالكفاءات ويدفعونهم إلى مقام المسؤوليات بغض النظر عن شخصياتهم أو ***ياتهم، لذلك تقدموا علمياً ومادياً، وغزت منتجاتهم بلاد المسلمين وأسواقهم، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من إسناد الأمر إلى غير أهله، ففي الحديث الشريف··· >إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، فقال: وكيف إضاعتها؟ قال: >إذا وسِّد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة< (رواه البخاري عن أبي هريرة)· ـ التفرقة في المعاملة، عن طريق الميل والجور تبعاً للأهواء، حيث يكافأ المخطئ والمهمل والمرتشي ولا ينظر للمجد والمحسن والمتقن لعمله، مما يجعل العاملين بالمنشأة يشعرون بالظلم البيِّن، وهو ما يدفعهم إلى الإحباط النفسي وبالتالي إلى التقصير في العمل، كما يدفع بعضهم إلى النهب والسرقة ليحصل على ما يريد من المال بعد أن فشل في الحصول عليه وهو يعمل بجد وإتقان، فالواجب على الإدارة الناجحة لأي مؤسسة اقتصادية أن تعدل بين جميع العاملين فيها، فيكافأ المجد والمحسن، ويعاقب المسيء والمخطئ، حتى تستريح النفوس وتطمئن القلوب، وتشيع روح الألفة والمودة بينهم، بدلاً من التناحر والتضاغن، وبذلك يتفرغون لإتقان ما يكلفون به من عمل، وتنهض المنشأة وتزدهر· ـ أما قاصمة الظهر في الفساد الإداري فهي الرشوة، هذا الداء الذي ينخر عظام أي مؤسسة إذا تمكن منها، فيقضي عليها ويلتهمها، كما تلتهم النار الهشيم، وقد حذر الله تعالى من أكل الحرام بكل صوره سواء كان ربا أو سرقة أو رشوة، وتوعد من يفعل ذلك بالعذاب الشديد، قال الله تعالى: (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين· فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) (البقرة:278 ـ 279)، وقال سبحانه: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم) المائدة:38، وفي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >لعن الله الراشي والمرتشي<، وفي رواية >والرائش< أي الذي يتوسط بينهما· إن المؤسسة الاقتصادية كل متكامل، وجميع ما فيها يشاركون ويسهمون في نجاحها أو فشلها، فلينظر العاقلون أي شيء يريدون لمنشأتهم؟!!· |
العلامات المرجعية |
|
|