اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-11-2018, 09:30 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New فوائد من حديث: إن الحلال بين وإن الحرام بين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
روى البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ»[1].

«وهذا الحديث اشتمل على فوائد جمة، فمن ذلك:
أن الأشياء تنقسم إلى ثلاثة أقسام: حلال بيّن، وحرام بيّن، ومشتبه، وحكم كل نوع ومثاله أن نقول:
الحلال البيِّن: لا يلام أحد على فعله، ومثاله التمتع بما أحل الله من الحبوب والثمار واللباس وغيرها، فهذا حلال بيّن ولا معارض له، قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ [الأعراف:32].

الحرام البيِّن: وهذا يلام كل إنسان على فعله، ومثاله: شرب الخمر، وأكل الميتة والخنزير وما أشبه ذلك، فهذا حكمه ظاهر معروف، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [ الأنعام:119].

وهناك أمور مشتبهة: وهذه محل الخلاف بين الناس، فتجد الناس يختلفون فيها، فمنهم من يحرم، ومنهم من يحلل، ومنهم من يتوقف، ومنهم من يفصّل. ومثال المشتبه: شرب الدخان كان من المشتبه في أول ظهوره، لكن تبين الآن بعد تقدم الطب، وبعد أن درس الناس حال هذا الدخان قطعًا بأنه حرام، ولا إشكال عندنا في ذلك، وعلى هذا فالدخان عند أول ظهوره كان من الأمور المشتبهة ولم يكن من الأمور البينة، ثم تحقق تحريمه والمنع منه.

2- أسباب الاشتباه أربعة:
أ- قلة العلم: فقلة العلم توجب الاشتباه؛ لأن واسع العلم يعرف أشياء لا يعرفها الآخرون.

ب- قلة الفهم: أي ضعف الفهم، وذلك بأن يكون صاحب علمٍ واسعٍ كثير، ولكنه لا يفهم، فهذا تشتبه عليه الأمور.

ج- التقصير في التدبر: بأن لا يتعب نفسه في التدبر والبحث ومعرفة المعاني بحجة عدم لزوم ذلك.

د- سوء القصد: وهو أعظمها؛ بأن لا يقصد الإنسان إلا نصر قوله فقط بقطع النظر عن كونه صوابًا أو خطأً، فمن هذه نيته فإنه يُحرم الوصول إلى العلم، نسأل الله العافية؛ لأنه يقصد من العلم اتباع الهوى.

وهذا الاشتباه لا يكون على جميع الناس بدليلين: أحدهما من النص وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ»، يعني: وكثيرٌ يعلمهن، والثاني من المعنى، فلو كانت النصوص مشتبهة على جميع الناس، لم يكن القرآن بيانًا ولبقي شيء من الشريعة مجهولًا، وهذا متعذر وممتنع.

3- حكمة الله عز وجل في ذكر المشتبهات: حتى يتبين من كان حريصًا على طلب العلم ومن ليس بحريص.

4- أنه لا يمكن أن يكون في الشريعة ما لا يعلمه الناس كلهم: لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ».

5- الحث على اتقاء الشبهات: لكن هذا مشروط بما إذا قام الدليل على الشبهة، أما إذا لم يقم الدليل على وجود شبهة كان ذلك وسواسًا، لكن إذا وجد ما يوجب الاشتباه، فإن الإنسان مأمور بالورع وترك المشتبه.

مثال ذلك: ما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن قومًا أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: «سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ»، قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر[2].

فهنا هل نتقي هذا اللحم لأنه يُخشى أنهم لم يذكروا اسم الله عليه؟
الجواب: لا نتقيه، لأنه ليس هناك ما يوجب الاتقاء، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ»، فكان في هذا نوعًا من اللوم عليهم، كأنه عليه الصلاة والسلام يقول: ليس لكم شأن فيما يفعله غيركم، بل الشأن فيما تفعلونه أنتم، فسموا أنتم وكلوا.

ومن هذا ما لو قدّم إليك يهودي أو نصراني ذبيحة ***ها، فلا تسأل: أ***تها على طريقة الإسلام أو لا، لأن هذا السؤال لا وجه له، وهو من التعمق.

ومن ذلك أيضًا: أن يقع على ثوب الإنسان أثر ولا يدري أنجاسة هو أم لا؟ فهل يتقي هذا الثوب أو لا يتقيه؟
الجواب: ينظر إذا كان هناك احتمال أن تكون نجاسة فإنه يتجنبه، وكلما قوي الاحتمال قوي طلب الاجتناب، وإذا لم يكن احتمال فلا يلتفت إليها، ولهذا قطع النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله حين سُئل عن الرجل يشكل عليه أحدث أم لا وهو في الصلاة فقال: «لاَ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»[3].

فالقاعدة: أنه إذا وجد احتمال الاشتباه وقوي، قوي تركه، وإن ضعف، ضعف تركه، ومتى لم يوجد احتمال أصلًا فإن تركه من التعمق في الدين المنهي عنه.

أن الواقع في الشبهات واقع في الحرام: قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ».

حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم:
وذلك بضرب الأمثال المحسوسة لتتبين بها المعاني المعقولة، وهذه هي طريقة القرآن الكريم، قال الله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ العَالِمُونَ ﴾ ]العنكبوت:43]. فمن حسن التعليم أن المعلم يقرب الأشياء المعقولة بالأشياء المحسوسة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ».

هل يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم: «يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى» إقراره للحمى؟
الجواب: أن هذا باب من الإخبار والوقوع، ولا يدل على حكم شرعي، والنبي صلى الله عليه وسلم قد يذكر الأشياء لوقوعها لا لبيان حكمها، ولهذا أمثلة أخرى: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ»[4]، فلا يعني ذلك أن ركوبنا سنن من كان قبلنا جائز، بل هو إخبار عن الواقع.

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الظعينة أي المرأة تسير من كذا إلى كذا لا تخشى إلا الله، فلا يعني هذا أنه يجوز لها أن تسافر بلا محرم، لكن هذا ضرب مثل.

إذن نقول: هذا الحديث لا يدل على جواز الحمى لأنه ضرب مثل لواقع، وأما حكم الحمى فيتبين بذكر نوعيه وهما:
الأول: حمى لمصالح المسلمين، فهذا جائز.

الثاني: حمى يختص به الحامي، فهذا حرام؛ لأنه ليس له أن يختص بما كان عامًّا.

مثال الأول: أن تُحمى هذه الأرض من أجل أن يُركز فيها أنابيب لإخراج الماء، فهذا جائز بلا شك، أو تُحمى أرض خصبة لدواب المسلمين، كدواب الزكاة والخيل للجهاد في سبيل الله وما أشبه ذلك.

مثال الثاني: إذا حماه لنفسه أو لبهائمه.
أن حمى الله محارمه: يعني المحارم جعلها الله تعالى بمنزلة الحمى لا تُقرب، ولهذا قال العلماء: إذا قال الله تعالى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ﴾ [البقرة:187]، فالمراد بالحدود الحرمات، وإذا قال: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ﴾ [البقرة:229]، فالمراد بها الواجبات؛ لأن *الله عز وجل جعل حدودًا محرمات لحفظ النفوس، وحدودًا واجبات لتزكية النفوس؛ لأن النفوس محتاجة إلى تزكية وحماية.

سد الذرائع: أي أن كل ذريعة توصل إلى محرم يجب أن تغلق لئلا يحصل الوقوع في المحرم، وسد الذرائع دليل شرعي، جاءت به الشريعة، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [الأنعام:108]. فنهى عن سب آلهة المشركين لأنها ذريعة إلى سب الله تعالى، مع أن سب آلهة المشركين سبٌّ بحق، وسب الله تعالى عدْوٌ بغير علم.

أن من عادة الملوك أن يُحمَوا: لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى»، وقد سبق حكم الحمى آنفًا.

تأكيد الجمل بأنواع المؤكدات إذا دعت الحاجة إلى هذا: فإذا قال قائل: إن التأكيد فيه تطويل، فتقول: التوكيد تطويل، ولكن إذا دعت الحاجة إليه صار من البلاغة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا... أَلَا».

أن المدار في الصلاح والفساد على القلب: إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله.

ويتفرع على هذه الفائدة: أنه يجب العناية بالقلب أكثر من العناية بعمل الجوارح؛ لأن القلب عليه مدار الأعمال، والقلب هو الذي يُمتحن عليه الإنسان يوم القيامة، كما قال الله تعالى: ﴿ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ﴾ [ العاديات:9-10]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴾ [الطارق:8-9].

فطهِّر قلبك من الشرك والبدع والحقد على المسلمين والبغضاء، وغير ذلك من الأخلاق أو العقائد المنافية للشريعة، فإن القلب هو الأصل.

في الحديث رد على العصاة: الذين إذا نهوا عن المعاصي قالوا: التقوى هاهنا، وضرب أحدهم على صدره، فاستدل بحق على باطل؛ لأن الذي قال: «التَّقْوَى هَاهُنَا»[5] هو النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه في الحديث: إذا اتقى ما هاهنا اتقت الجوارح، لكن هذا يقول: التقوى هاهنا يعني أنه سيعصي*الله، والتقوى تكون في القلب.

والجواب: عن هذا التشبيه والتلبيس سهل جدًّا بأن نقول: لو صلح ما هاهنا، صلح ما هناك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «...إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ».

أن تدبير أفعال الإنسان عائد إلى القلب: لقوله صلى الله عليه وسلم: «...إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ».

وهل في هذا دليل على أن العقل في القلب؟
الجواب: نعم، فيه إشارة إلى أن العقل في القلب، وأن المدبر هو القلب، والقرآن شاهد بهذا، قال الله تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج:46].

ولكن كيف تعلقه بالقلب؟
الجواب: هذا شيء لا يُعلم، إنما نحن نؤمن بأن العقل في القلب كما جاء في القرآن، لكننا لا نعلم كيف ارتباطه به»[6].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] صحيح البخاري برقم 52، وصحيح مسلم برقم 1599، واللفظ له.
[2] أخرجه البخاري، برقم 5507.
[3] صحيح البخاري برقم 137، وصحيح مسلم برقم 361.
[4] صحيح البخاري برقم 6889، وصحيح مسلم برقم 2669.
[5] صحيح مسلم برقم 2564.
[6] شرح الأربعين النووية للشيخ ابن عثيمين رحمه الله، ص136 - 142، وشرح بلوغ المرام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (15 /159)، بتصرف واختصار.


د. أمين بن عبدالله الشقاوي
__________________
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:39 AM.