اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-02-2014, 07:51 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New حكم إنكار النعمة


حكم إنكار النعمة


الحمد لله الذي مَنَّ علينا بجميع نِعمه وآلائه، الذي وعد الشاكرين بمزيد من فضله، ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الغني الحميد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، أفضل مَن عبد ربَّه، وقام بحقه، فهو العبد الشكور، كما قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لما قالت له حينما رأت تفطُّرَ قدميه من القيام: ألم يغفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟! قال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!))، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد، فأيها المسلمون، اتقوا الله تعالى، وهذه سيرة نبيِّكم الكريم، أفضل المخلوقين، سيد ولد آدم، أكرم الخَلْق على الله، يجتهد في عبادة ربه؛ شكرًا له على ما أنعم عليه من النِّعم العامة والخاصة، وقد أنزل الله عليه ذمَّ الذين يَسرَحون ويمرحون، ويأكلون ويشربون، ويلبَسون ويَفترِشون من نِعمه ولا يشكرون.

قال - جل شأنه -: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]، وقال تعالى: ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [النحل: 83]، فالآية الكريمة تُبيِّن لنا تحريمَ إنكار النعمة، وبيان حُكْم مَن أنكرها بأنه من الكافرين، وذلك بعدما بيَّن الله - عز وجل - للخلق شيئًا منها في سورة النحل، أخبَرهم بصفةِ مَن أنكرها بأنه من الكافرين، فقال: ﴿ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [النحل: 83]، وإنكار النعمة أيها المسلم، بأن يَستعمِلها الإنسان في معصية الله، أو لا يَنسبها إلى صاحبها وهو الله، أو يعتقد بأنها ليست من الله - عز وجل.

فهذه الآية تُوجِب التأدب مع جَناب الربوبيَّة، عن الألفاظ الشركية الخفية، كنِسبة النِّعم إلى غير الله، فإن ذلك باب من أبواب الشرك الخفي، وضده باب من أبواب الشكر، كما في الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا: ((مَن أوتي معروفًا فلم يجد له جزاء إلا الثناء فقد شكَره، ومَن كتمه فقد كفَره))، وفي سند جيد لأبي داود: ((من أبلى بلاء فذكره فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره))، قال المنذري: ((مَن أبلى)) أي: من أنعم الله عليه، والإبلاء: الإنعام، فإذا كان ذِكْر المعروف الذي يُقدِّره الله تعالى على يدِ إنسان مِن شكره تعالى، فذِكر معروف رب العالمين وآلائه وإحسانه، ونسبة ذلك إليه - أولى وأحرى.

قال بعض العلماء: "إن من صفة إنكار النعمة إضافة المال إلى غير الله - سبحانه وتعالى -كقول الرجل: هذا مالي ورِثته عن أبي، وقال: هذه صفة كفار قريش؛ أنهم يعرفون ما رزقهم الله من البيوت والسرابيل فيُضيفونها لغير الله".

فاحذروا أيها المسلمون، أن تضيفوا ما رزقكم الله لغير الله، وتأدَّبوا مع جَناب الله، فأضيفوا النِّعم إليه، واصرفوها فيما يُرضيه، فإن فعلتم فأنتم من الشاكرين، وإن أنكرتم كنتم من الجاحدين لنِعَم الله تعالى، الذين قال الله فيهم: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ﴾ [العاديات: 6]، قال ابن القيم - رحمه الله - ما معناه: "لما أضافوا النِّعمة إلى غير الله، فقد أنكروا نعمة الله بنسبتها إلى غيره؛ فإن الذي يقول هذا جاحد لنِعْمة الله عليه غير مُعترِف بها، وهو كالأبرص والأقرع اللذين ذكَّرهما المَلَك بنِعم الله عليهما فأنكراها، وقالا: إنما ورِثنا هذا كابرًا عن كابر، وكونها موروثة عن الآباء أبلغ في إنعام الله عليهم؛ إذ أنعم بها على آبائهم ثم ورَّثها إياهم، فتمتَّعوا هم وآباؤهم بنعم الله - عز وجل".

وإن من إنكار النعمة أيها المسلم: ما يتكلَّم به كثير من الناس في وقتنا الحاضر؛ كقولهم: لولا فلان لكان كذا، ومثل: لولا السائق لانقلبنا، ومثل: لولا النجدة لهرب اللص، وهذا القول مِثْل قول القائل: لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتانا اللصوص، فإن ابن عباس رضي الله عنهما جعل هذا من الشرك الأصغر، فلنتنبَّه له ولنُضِف النعمةَ إلى الله ثم إلى أسبابها، فيجب على الإنسان أن يقول: لولا الله ثم السائق، أو يقول: لولا الله ثم النجدة، فهذا لا بأس به، والأكمل أن يقول: لولا الله وحده، فهو الذي نجانا، وهو الذي سخَّر لنا الريح، قال سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب - رحمهم الله - على قول الناس: كانت الريح طيبة، والملاح حاذقًا، فإذا نجوا من البحر، نسبوا السلامةَ لطيب الريح وحِذْق ملاح السفينة، وهو السائق، قال - رحمه الله -: "والمعنى: أن السفن إذا جرين بريح طيبة بأمر الله جريًا حسنًا، نسَبوا ذلك إلى طيب الريح وحِذْق الملاح في سياسة السفينة، ونسَوا ربهم الذي أجرى لهم الفُلْك في البحر رحمة بهم، قال تعالى: ﴿ رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [الإسراء: 66]".

فيكون نسبة ذلك إلى طيب الريح وحِذْق الملاح من *** نسبة المطر إلى الأنواء، وإن كان المتكلِّم بذلك لم يَقصِد أن الريحَ والملاح هو الفاعل لذلك من دون خلق الله وأمره، وإنما أراد أنه سبب، لكن لا ينبغي أن يُضيف ذلك إلا لله وحده؛ لأن غاية الأمر بذلك أن يكون الريح والملاح سببًا أو جزء سبب، ولو شاء الرب - تبارك وتعالى - لسلب سببيَّته، فلم يكن سببًا أصلاً، فلا يليق بالمُنعَم عليه المطلوب منه الشكرُ أن ينسى مَن بيده الخير كله، وهو على كل شيء قدير، ويُضيف النِّعمَ إلى غيره، بل يَذكُرها مضافة منسوبة إلى موليها والمُنعِم بها، وهو الله تعالى المنعم على الإطلاق؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]، فهو المنعِم بجميع النعم في الدنيا والآخرة وحده لا شريك له.

فإن ذلك من شُكْره، وضده إنكارها، ولا يُنافي ذلك الدعاء والإحسان إلى من كان سببًا أو جزءَ سبب في بعض ما يَصِل إليك من النِّعم على يد بعض الخَلْق، ولقد امتنَّ الله على الناس بنعمه، ثم نهاهم أن يضيفوها إلى غيره بقوله: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]؛ أي: تعلمون أنها من عند الله؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21، 22].

فمن تحقيق التوحيد أيها المسلمون الاحترازُ من الشرك بالله في الألفاظ، وإن لم يَقصِد المتكلِّم بها معنى لا يجوز، بل ربما تجري على لسانه من غير قَصْد، كمن يجري على لسانه ألفاظ من أنواع الشرك الأصغر لا يَقصِدها، ومن الألفاظ التي هي من الشرك الأصغر، والتي لا يَصلُح النُّطق بها: قول بعضهم: لولا الله وفلان، وكالحَلِف بغير الله كائنًا من كان؛ كقولهم: والنبي، وحياتك، ولقد دلَّنا صلى الله عليه وسلم على علاج مَن ابتُلي بشيء من ذلك حينما حذَّرَنا من الشرك، وأخبرنا أنه أخفى من دبيب النمل على صَفَاة سوداء، فعلَّمنا كيف نَحذَره وأرشدنا إلى هذا الدعاء: ((اللهم إني أعوذ بك أن أُشرِك بك شيئًا وأنا أعلم، وأستغفرك من الذنب الذي لا أعلم))[1]؛ ليكون كفارة لهذا الشرك، والله أسأل أن يُجنِّبنا وإياكم الزللَ في الأقوال والأعمال، وأن يُسدِّد أقوالَنا، ويُصلِح لنا أعمالنا، ويغفر لنا ذنوبنا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [النحل: 83].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر والحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

[1] رواه الإمام أحمد.




الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم









__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 08:18 PM.