اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > التاريخ والحضارة الإسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-12-2017, 10:33 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp الجانب الديني في مقدمة ابن خلدون

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، سيد الأولين والآخرين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الجانب الدينيَّ يظهر في مقدمة ابن خلدون من خلال مناقشتها مجموعةً من القضايا الدينية الصرفة، وكذلك من خلال حديث ابن خلدون عن العلوم الدينية حديثًا مباشرًا.
*
1- القضايا الدينية:
• من أولى القضايا الدينية في المقدِّمة قضيةُ الإيمان بالغيب والوحي والنبوة[1]، فقد أكَّد ابن خلدون أن الغيب لا يعلمه إلا الله، وقد يُطلع بعضَ خلقه عليه بواسطة الوحي، وهم الأنبياء، وبواسطة الرؤيا، وهم الأولياء، وقد فرَّق بين الفئتين؛ حيث تختص الأولى بالمعجزات، بينما تَختص الثانية بالكرامات.
*
وقد تطرَّق في هذا الصدد لصفات الأنبياء قبل النبوة وبعدها، وتحدَّث عن معجزاتهم، وعن كرامات الأولياء، وأشار إلى أن الرؤيا جزء من النبوة، واستدل بأحاديثَ صحيحة، وميَّز المعجزة والكرامة من أفعال العرَّافين والسحَرة والكهنة، كالتنجيم وقراءة الطالع والأبراج.
*
• الخلافة والإمامة: عرَّف ابن خلدون الخلافة بأنها "حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعيِّ في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها"[2]، فالخليفة إذًا ينوب ويخلف صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به، وقد يسمى إمامًا أو سلطانًا أو أمير المؤمنين، ومن الواجب شرعًا تنصيب الخليفة لحفظ الضروريات، وعلى رأسها الدين.
*
وذكر ابن خلدون بعض شروط الخليفة؛ كالعلم، والعدالة، والكفاية، والسلامة العقلية والجسدية، أما شرط النسب القرشي فمختلف فيه[3]، وللخليفة اختصاصات دينية خلاصتُها حفظ الدين بمقتضى التكاليف الشرعية التي يجب عليه تبليغها للناس، وحملُهم على القيام بها.
*
• البيعة وولاية العهد: البيعة كما عند ابن خلدون هي العهد على الطاعة في المَنشَط والمَكْرَه[4]، وسمِّيت بيعةً؛ لتصافُح طرَفَيها كتصافح البائع والمشتري، وينتقل الحكم من الخليفة إلى وليِّ عهده ببيعة أهل الحل والعقد.
*
وقد تحدَّث ابن خلدون عن ولاية العهد وكيف تكون شرعًا، وكيف تمَّت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، وذكر ما وقع من فتنة بين المسلمين، وما كان من أمر عليٍّ ومعاوية، والحسين ويزيد، وابن الزبير وعبدالملك بن مروان[5].
*
• الفِرَق والمذاهب: تحدث ابن خلدون عنها في أماكن متفرقة من مقدمته، فذكر الشيعة وفرقها (الرافضة، والكيسانية، والإسماعيلية، والزيدية)، وذكر أقوالهم في الإمامة[6]، وعقيدتهم في المهدي، وذكر المعتزلة في مناسبات كثيرة، والأشاعرة والمتكلمين، والمرجئة، والمشبِّهة والمجسِّمة عند حديثه عن علم الكلام وصفات الله تعالى.
*
• قضية المهدي[7]: فصَّل فيها القول، وذكر عقائد الناس في المهدي، وانحاز لرأي السلف، واستشهد بالأحاديث الكثيرة المتفاوتة في الصحة، متحدثًا عن رجال الأحاديث كأنه محدِّث، وذكر ما يكون من أمر بين المهدي وعيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان، وقد ذكر طائفة من الرجال الذين تسمَّوا بالمهدي زورًا.
*
• الدين والدولة: هناك علاقة وثيقة بين الدين والدولة، فإذا كان واجب الدولة حفظ الدين، فإن الدين حسب ابن خلدون هو أصل الدول المنتشرة عظيمة المُلك، كما أن الدعوة الدينية تزيد الدولة قوة[8].
*
• الدين واللغة: ذكر ابن خلدون أن الدين يحفظ اللغة، فمتى كانت اللغة مرتبطة بدين حُفظت ما دام محفوظًا، فإذا انقضت وتفسَّخت عُراه، انسحب الأمر على اللغة، يقول ابن خلدون: "وربما بقيت اللغة العربية المُضَريَّة بمصر والشام والأندلس وبالمغرب لبقاء الدين طلبًا لها، فانحفظت بعضَ الشيء"[9]، هذا في اللغة الرسمية أو المشتركة، أما اللغة اليومية، فلا سبيل لحفظها، ويطولها التغيير شئنا أم أبينا.
*
هذه أهم القضايا الدينية التي وقفت عليها في المقدمة، وإلى جانبها نجد أن ابن خلدون قد خصَّص فصولًا للعلوم الدينية.
*
2- العلوم الدينية:
أ‌- علوم القرآن[10]: بدأ بتعريف القرآن، وذكر اختلاف قراءاته السبع، وأشهر من ألَّف فيها؛ كمجاهد الأندلسي، وأبي عمرو الداني، وذكر رسم المصحف كعلمٍ تابع لعلوم القرآن.
*
ب‌- علم التفسير[11]: ذكر ما يتصل بالتفسير من معرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ، وقال: إن التفسير شأنه شأن باقي العلوم، دعت الحاجة إليه لحفظ الدين بعدما فشا اللحن وفسد اللسان العربيُّ المُضَريُّ، وأشار إلى وجود نوعين من التفسير؛ أولهما: تفسير بالمأثور من النصوص الشرعية، وثانيهما: تفسير لغوي "وهو ما يرجع إلى اللسان من معرفة اللغة والإعراب والبلاغة في تأدية المعنى"[12].
*
ت‌- علوم الحديث: أشار ابن خلدون إلى بعض مباحث هذا العلم، وذكر أشهر المحدِّثين ومؤلَّفاتهم؛ كموطأ مالك ومسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم، وأصحاب السنن، كما ذكر مَنْ أَلَّفَ في علم الحديث؛ كالحاكم وابن الصلاح والنووي، وتحدَّث عن صحيح البخاري وصحيح مسلم وصحتهما وقَبول الأمة لهما.
*
ث‌- علم الفقه: عرَّفه بأنه "معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين بالوجوب والحظر والندب والكراهة والإباحة"[13]، وذكر انقسام الفقهاء إلى أصحاب النص والأثر في الحجاز كمالك والشافعي، وأصحاب الرأي والقياس في العراق كأبي حنيفة، وتحدَّث عن علم الفرائض (المواريث) كجزء من الفقه، وأشار بإيجاز إلى ظهور المذاهب الفقهية الأربعة، وأماكن انتشارها، وبعض أعلامها.
*
ج‌- علم أصول الفقه: وعرفه بأنه "هو النظر في الأدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها الأحكام والتكاليف"[14]، وقد اعتبر هذا العلم من أجلِّ العلوم الشرعية، وذكر بعض مباحثه كمبحث الأدلة الشرعية من قرآن وسنة وإجماع وقياس، ومبحث دلالات الألفاظ، كما ذكر أشهر من ألَّف في هذا العلم، ومنهم: الشافعي في الرسالة، والجويني في البرهان، والغزالي في المستصفى، وفخر الدين الرازي في المحصول، وسيف الدين الآمدي في الإحكام.
*
ح‌- علم الكلام: وهو عند ابن خلدون علم "يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية، والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة"[15]، ومن أهم قضايا علم الكلامِ العقيدةُ الصحيحة والإيمان وطبيعته ولوازمه، ويؤكد ابن خلدون سيرًا على منهج السلف أن الإيمان قول وفعل له مقتضيات ومراتب ودرجات، تزيد بالطاعات وتنقص بالمعاصي[16].
*
خاتمة:
يظهر من خلال ما سبق أن ابن خلدون طرق تقريبًا أغلب أبواب المجال الدينيِّ، فتحدث عن العقيدة وتوابعها، والشريعة ومصادرها وعلومها، إلا أن هناك من يرى أن ابن خلدون خرج عن التقاليد الإسلامية وخالف الرؤية الدينية، والحقيقة أن هذا مخالف للصواب مخالفةً ظاهرةً، لا تحتاج للتدليل عليها، خصوصًا إذا عرفنا أن المستشرقين والعلمانيين[17] هم أصحاب هذا الرأي الفاسد، وقد ردَّ بعضُ العرب والمستشرقين على هذا الرأي كالدكتور مصطفى الشكعة في كتابه: "الأسس الإسلامية في فكر ابن خلدون ونظرياته"، والدكتور عبدالرحمن بدوي، والمستشرق غوستاف ريختر، وهاملتون جب في كتابه المعروف: "دراسات في حضارة الإسلام"؛ حيث يؤكد أن ابن خلدون لم يكن مسلمًا فحسب، بل كان فقيهًا، متكلمًا، من أتباع المذهب المالكيِّ المتشدد، وكان يرى أن الدين أهم شيء في الحياة، وأن الشريعة هي الطريق الوحيد إلى الهدى[18].
*
وقد عكست أفكار ابن خلدون ورؤاه في مقدمته اعتمادَه على الأصول الإسلامية كالقرآن والسنة والسيرة النبوية، فهو مثلًا "قاس الدولة - أو الدورة التاريخية - قياسًا كاملًا على عمر الفرد، ومراحل تطوره، على ضوء الآية القرآنية الكريمة: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ﴾ [الروم: 54]"[19]، وتحدَّث عن فناء الدول وتعاقُبِها قياسًا على قول الله: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140]، وهذا يؤكد إسلاميةَ النظريات الخلدونية، كما يؤكد حضور الجانب الدينيِّ بشكل قويٍّ في مقدمة ابن خلدون، سواء كان ذلك بشكل مباشر أم بشكل غير مباشر.
*
المراجع:
1- ابن خلدون، المقدمة، تحقيق عبدالله الدرويش، 2004م.
2- عبدالحليم عويس، الأصول الإسلامية لنظريات ابن خلدون، مقالة من شبكة الألوكة www.alukah.net

[1] المقدمة، تحقيق: عبدالله محمد الدرويش، دار يعرب، 2004م، الجزء 1، ص201 وما بعدها.
[2] نفسه، ص 365.
[3] نفسه، ص 368.
[4] نفسه، ص 390.
[5] نفسه، ص 391 وما بعدها.
[6] نفسه، ص 373.
[7] نفسه، ص 514 وما بعدها.
[8] نفسه، ص 313 - 314.
[9] المقدمة، الجزء الثاني، ص 58.
[10] نفسه، ص 173.
[11] نفسه، ص 174.
[12] نفسه، ص 176.
[13] نفسه، ص 185.
[14] نفسه، ص 199.
[15] نفسه، ص 205.
[16] نفسه، ص 209.
[17] منهم دي بوير وناتانيل شميت وفون فيسندنك.
[18] هاملتون جب: دراسة في حضارة الإسلام، ص 222، 223، دار العلم للملايين، بيروت، 1979م.
[19] الأصول الإسلامية لنظريات ابن خلدون، عبدالحليم عويس، مقالة من شبكة الألوكة www.alukah.net

بوطاهر بوسدر
__________________
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:42 PM.