اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > أخبار و سياسة

أخبار و سياسة قسم يختص بعرض الأخبار و المقالات من الصحف يوميا (المصرية والعربية والعالمية )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-09-2011, 12:39 AM
غاربله غاربله غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 337
معدل تقييم المستوى: 0
غاربله is an unknown quantity at this point
افتراضي ارجوا ان نقرأ وبلاش نتجاوز وبلاش نحذف---* لماذا يفشل الإسلاميون؟

* لماذا يفشل الإسلاميون؟

لست أزعم الإجابة عن هذا السؤال الذي قد لا يوافق عليه الكثيرون، بل أكتفي ببعض الملاحظات التي أحاول من خلالها تسليط الضوء على ما أراه من أسباب داخلية لهذا الفشل بعد تجاوز الأسباب الخارجية، علماً بأن النقد هنا يقتصر على السلوك والمنهج ولا يطال الظاهرة الإسلامية نفسها بمرجعيتها ومنطلقاتها وأهدافها ورموزها.

أولا: في المنهج:

1- بالرغم من عالمية الخطاب الإسلامي؛ فإن الكثير من الحركات والأحزاب الإسلامية ترضى –بل وتفتخر- بقصر نشاطها على العمل القُطري لإثبات وطنيتها، وذلك منذ أن تراجع الشيخ محمد عبده عن مبدأ "الجامعة الإسلامية" لأستاذه جمال الدين الأفغاني ليُحل محله الهوية الوطنية، مما يعني - حسب راشد الغنوشي - إمكان تكرار أخطاء القوميين عندما حكموا دولاً عربية تحت مسمى حزب عروبي واحد وبقطيعة تامة بين القطرين.

فالتشتت القطري بين الإسلاميين واحد حتى في ظل وحدة المسميات والمنطلقات، كما يختلف خطاب العرب منهم عن غيرهم من المسلمين العجم الذين سبقوهم في السلم الحضاري، وذلك في الوقت الذي ينظر فيه العالم الإسلامي إلى العرب خاصة بصفتهم حملة رسالة الإسلام والمؤتمنين على سنة رسوله العربي صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان ابن خلدون قد سبق منذ خمسة قرون إلى نقد العقل العربي المحتكم إلى العصبية؛ فإن كلاً من عالمية الإسلام وعولمة الثقافة الغربية لم يتمكنا بعد من تحديث العقلية العشائرية للعرب التي وجدت لها ملاذاً في مسميات الوطنية والقومية حتى لدى الشعوب التي تفاخر بكونها “محافِظة”.

2- يتباهى المسلمون في كل العصور بأن كتابهم محفوظ من التزوير على النقيض من الأديان الأخرى التي يقر الكثير من الخارجين عليها بعدم دقتها، وتبدأ المشكلة عندما ينطلق بعض الإسلاميين من هذه الحقيقة لتبرير التشدد وكأن صحة النص يجب أن تشمل ما تفهمه هذه الجماعة أو تلك منه، ليصرح بعضهم بأن عقيدتهم هي "العقيدة الصحيحة" وأنهم يمثلون وحدهم الفرقة الناجية بين ثلاث وسبعين فرقة.

ومن الضروري الاعتراف بأن أتباع هذا الرأي ليسوا أقلية من "الإرهابيين" المتطرفين، بل هو منهج يسيطر على فكر الملايين من المسلمين الذين نُقلت إليهم ضرورة التسليم الدوغمائي التقريري بما يراه مشايخهم "الربانيون"، وإلا فإن تسرب احتمال وجود أي خطأ في صحة ما يرونه - حتى في الفروع - يعني الشك المفضي إلى الضلال أو الشرك، فإصرارهم على التصريح بأن منهجم هو الحق المطلق ليس ناشئاً عن الرغبة في الانغلاق أو نبذ الآخر، بل هو في اعتقادهم هروب من الكفر!

من جهة أخرى؛ ومع غياب الثقافة السياسية لدى الكثير من الإسلاميين، باتت توجهاتهم قابلة لكل تأويل على أساس تبريري في غاية التناقض، وإلى درجة بلغت خطورتها المساس بثقة الجيل الناشئ في دينهم أمام قدرة كل جماعة على استخراج ما يناسبها من القرآن والسنة، فسواء كان الناشط الإسلامي موالياً للطاغية العلماني أو مؤيداً للخروج عليه أو داعياً للتكفير والهجرة فإنه قادر على دعم مذهبه بالنص والجدل، مما يؤدي إلى تشكيك الجيل الناشئ بمصداقية النص نفسه!

3- الإسلاميون ليسوا سوى شريحة تمثل جزءًا من مجتمعاتهم فهم يحملون همومها وينفعلون بما تتعرض له من تغيرات أخلاقية واقتصادية واجتماعية، وعليه فمن الطبيعي أن يتأثر سلوكهم ببعض أخلاقه مع نبذهم الفكري والعقدي لها، وبهذا نفهم التحول في الدوافع عندما يتماهى الديني مع الدنيوي ويُقحم النص للتبرير وتخدير الضمير، ثم سرعان ما تنكفئ الجماعات على نفسها ويتحول بعضها إلى جماعات بشرية تحقق أهدافها الخاصة تحت شعارات دينية براقة.

وقد يلاحظ المطلعون عن قرب تعمّد الكثير من الشباب الانضمام إلى هذه الجماعات لتحقيق مصالحهم الشخصية، خصوصاً عندما يُغدق أثرياء الجماعة المال على الموهوبين من دعاتها أو يؤمّنون لهم المسكن والمركب والوظيفة فضلاً عن المركز الاجتماعي.

والأسوأ من هذا كله أن يتواطأ الشيوخ مع أسياد المال والسلطة في ثلاثية محكمة لاحتكار منابر الدعوة والإفتاء والتعليم، فتُغلق أبواب الإصلاح في وجوه المخلصين ولا تُعطى الشرعية إلا لمن يوافق هوى السلطان، وكأننا أمام شكل بدائي من أشكال الكهنوتية القرنوسطية؛ فإذا كانت الكنيسة قد سيطرت بالقوة على أوربا مع خضوع الملوك للبابا (صاحب الاعتراف الكنسي) فإن السلطة هنا تظل للحاكم المستبد (صاحب الاعتراف الوطني)، دون أن يستفيد منه "وعّاظ السلطان" سوى ببعض السلطة لنشر مذهبهم على حساب مخالفيهم أو السماح بمتابعة نشاطهم التقليدي في الفتيا والتزكية.

4- تفتقر الساحتان الفكرية والسياسية منذ سقوط الخلافة وحتى اليوم إلى وجود مرجعية سنية موحدة، مما يؤدي إلى نتائج لا تخفى على أحد وليس أقلها فشل التجارب الفردية. فعلى الصعيد السياسي نجد في تجارب السودان وقطاع غزة والجزائر والصومال أمثلة واضحة على صعوبة بناء نظام سياسي غير مسبوق في محيط مغاير ومتربص، إذ تلجأ الحكومات الصغيرة الناشئة عادة إلى التحالف مع قوى وأمم كبرى لدعمها وإنقاذها من العزلة وخصوصاً عندما تجد نفسها في محيط مختلف سياسياً وفكرياً.

أما على الصعيد الفكري، فلا يكاد الإسلاميون يجتمعون على موقف موحد في أي حادث أو موقف، ونستحضر هنا مثال الرسوم المسيئة التي ظهرت في الصحف الدانمركية بتواطؤ رسمي وشعبي عندما حاول الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين تشكيل "لوبي" إسلامي عالمي للضغط على الدول الغربية بهدف استصدار قوانين تحظر إهانة الرموز الدينية، لكن مجموعة من الدعاة قرروا القيام بمبادرات فردية للحوار مع الدانمرك مما أفشل - كما يرى الكثيرون - المحاولة برمتها.

في المقابل؛ نجح العديد من قادة التيارات الشيعية في تجاهل خلافاتهم والتحالف تحت راية الخميني مع بداية الثورة، ومنهم الرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد الذي كان معارضًا لفكرة ولاية الفقيه عند تنصيب الخميني قبل أن يقر بها ويقدم ولاءه لأسباب سياسية، علماً بأن الخلاف عاد ليتغلغل في الوسط السياسي الشيعي مع ترهل الثورة والاستبداد بالسلطة على الطريقة الثيوقراطية دون أن يؤدي هذا الشقاق إلى تمرد أحد من أقطاب المعارضة على ولاية الفقية آية الله خامنئي المنحاز إلى المحافظين، وذلك حفاظاً على وحدة الكلمة التي تقتضيها الحنكة السياسية المفقودة على الجانب السني!

5- مع تراجع دور العقل النقدي محملاً بالصراع التقليدي مع الفلاسفة والمعتزلة ومتكلمي الفرق، ومضافاً إليه مخاوف الانفتاح على العقل الغربي المستعلن بعلمانيته و*****ته ودعمه للصهيونية؛ انحسرت مساعي النهضة التي تبلورت ملامحها في أواخر القرن الثامن عشر لتصطبغ الثقافة الإسلامية بصبغة التقليد والخوف من الانفتاح واللجوء القسري إلى التراث والتمسك بالمظاهر والقشور، ولتحل مبادئ الحاكمية الإسلامية وجاهلية القرن العشرين والتكفير والهجرة محل النهضة والمعاصرة وفقه الأولويات وامتلاك أسباب القوة، حتى أصبحت الحاكمية لدى سيد قطب بمثابة التحضر نفسه وكأن وصول الإسلاميين إلى الحكم هو مبدأ المشروع ومنتهاه الذي يمكن به القضاء على الجاهلية، وإلى درجة هجوم الكثير من الإسلاميين العرب على تجربة أربكان وأردوغان في نشأتها دون أي تفهم للبعد الاستراتيجي وتعقيدات المشهد السياسي التركي.

ومن الطريف حقاً أن يخمد هذا الشغب مع ظهور نتائج بُعد النظرة الأردوغانية فيما بعد، بينما يؤيد هؤلاء أنفسهم تجربة طالبان التي طبقت مشروع "الحاكمية" حرفيًا تحت قيادة "أمير المؤمنين" الملا عمر، قبل أن يرتبط نشاطها بالقاعدة ويظهر الوجه الحقيقي لهذه النظرة الضيقة على يد أجنحة القاعدة الدولية بما فيها "دولة العراق الإسلامية"، حيث يبدأ الحكم الإسلامي "الراشد" بالسيطرة على الحكم وتطبيق الحدود وإجبار أهل الذمة على دفع الجزية وهم صاغرين!

هذا الاختزال السطحي لا يقتصر على الطرح السياسي للفِرق المتطرفة، بل يعاني الوسط الإسلامي بتنوع أطيافه من شيوع العقلية السطحية والتأويل الظاهري حتى لدى الجماعات التي توالي السلطة في بعض الدول، لتقف حدود مشاريعها عند فتح المشاريع الخيرية وحلقات الذكر وحفلات الموالد وحلقات التحفيظ، أو عند حدود النقاب والملابس وقصات الشعر واللحى وورود الفالانتاين، بل يصل الانغلاق إلى درجة الإصرار على تطبيق النقاب - وهو ليس فرضاً حسب جمهور فقهاء السلف! - في عواصم الغرب دون أي اعتبار لظروف الزمان والمكان التي أقرها النبي صلى الله عليه وسلم نفسه كما في مثال النجاشي، ومن المعروف أن المجتمعات التي تُفرض عليها هذه المظاهر بحكم القانون أو العُرف هي من أكثر المجتمعات تفلتاً عندما تغيب أعين الرقيب.

ومن المؤسف ألا تثير هذه الازدواجية مخاوف الدعاة والمربين مع ما تحمله من خطورة على الشخصية والعقل الجمعي وليس على علاقة الناس بربهم فقط، وألا ينتبه الكثير من الإسلاميين إلى أن ارتباط أجندتهم بتقييد الحرية الفردية والتشبث بالمظاهر وإكراه أهل المدن على تقاليد الأرياف التي جاء معظمهم منها لن يزيد الناس منهم إلا نفوراً!..

فالسطحية في فهم الإسلام وتطبيقه هي التي دفعت جنوب السودان إلى رفض تطبيق الشريعة في ظل أول حكومة إسلامية عربية، وهي التي أثارت مخاوف الكثير من الفلسطينيين مع صعود حماس، وما زالت تثير أيضاً زوابع إعلامية وحقوقية في إيران والسعودية بالرغم مما يعانيه المسلمون عموماً من تراجع حضاري أمام العالم الذي يتفرج مندهشاً أمام مشهد تطبيق حد السرقة في حق أكثر شعوب الأرض فقراً في أفغانستان، مع أن الفقه يقوم على مبدأ درء الحدود بالشبهات بل وتوقيف تطبيقها في ظروف مماثلة لما يعيشه معظم المسلمين اليوم.

والأغرب من كل ذلك أن يرى دعاة هذا المنهج في نفور الناس منهم ما يبرهن لهم ثباتهم على الحق الذي ضل الآخرون عنه، وكأن غاية الإسلام أن يكون أتباعه أقلية من الغرباء والمهاجرين والمنفيين من الأرض بينما تُمسخ فطرة شعوب كاملة من البشر(!) ولنقارن فقط بين ما يجري اليوم من نفور المسلمين أنفسهم وبين تاريخ دخول شعوب البنجاب وإندونيسيا ووسط آسيا في الإسلام الذي وجدوا فيه حريتهم وانعتاقهم من عبودية المادة والطواغيت.

6- يُعاب على الكثير من الإسلاميين كغيرهم نمطية التفكير في المنهج، فالليبراليون يقرؤون التاريخ من منظور الصراع مع السلطة السياسية- الدينية، والماركسيون يصنفون البشر إلى مالكي وسائل الإنتاج والبروليتاريا ويصيغون فهمهم لكل مظاهر الحياة على أساس الصراع الطبقي وسباق الرجعية مع التقدمية، لذا لا يختلف حال الكثير من الإسلاميين عندما يعيدون صياغة التاريخ والحاضر والمستقبل بمنظور قاصر، فبعضهم يقسم البشرية إلى موالين لآل البيت ومعادين له حتى تكاد حركة الكون تدور في مخيلتهم حول لحظة خروج المهدي المنتظر، بينما يفصل آخرون بين الإيمان والكفر بحدود الولاء لقادتهم ومنظريهم فتضيق الدائرة وتتسع حسب ظروف المرحلة.

لا تقتصر المشكلة هنا على الانغلاق والدوغمائية، بل تمتد إلى قصور المنهج نفسه الذي يُقرأ به التاريخ وتُفسر به العلوم وتُتخذ به القرارات الإستراتيجية، فهذا القصور المنهجي هو الذي دفع البابا لتكذيب الحواس وقمع العقل وتحريم النظر في التلسكوب الذي يثبت نظرية جاليليو في دوران الأرض حول الشمس، وهو الذي سمح لجورج بوش الابن بزجّ العالم في أتون الحرب في العراق بدافع احتلال بابل التي سيخرج منها يأجوج ومأجوج لاحتلال العالم، وهو ذاته الذي يدفع الكثير من الإسلاميين إلى إنفاق الملايين في حملات مقاومة المقاومة الشيعية في لبنان تحت مسمى "مقاومة حزب الشيطان” في الوقت الذي تتربص فيه الصهيونية بالجميع.

ونتيجة لما سبق ذكره من القمع السياسي وال***** وولاء بعض السلطات للشيوعية أو للغرب إلى درجة إقامة القواعد العسكرية والتصالح مع الصهاينة؛ لم يسلم حتى عدد من كبار مفكري الحركات الإسلامية من غلبة التنميط والانغلاق والرُهاب على فكرهم، فتراجعت الرسالة بالتدريج من هداية وتنوير العالم إلى استعادة هوية الأمة في ظل الاحتلال وصولاً إلى الانتقام - وربما على طريقة شمشون! - ويمكن للباحث اكتشاف بعض هذا التدرج في مؤلفات سيد قطب، والتي أسست لجيل ما زال يتوسع حتى الآن من الإسلاميين الذين يتخذون من المؤامرة أساساً لفهم التاريخ والعلاقات الدولية والحراك السياسي.

ففي بعض مؤلفات شقيقه الدكتور محمد قطب - وغيره من المؤلفين الأكثر تمثيلاً لهذا الفكر - يعاد تأويل الكثير من الأحداث والوقائع على نحو يوحي للقارئ بأن جميع قوى العالم تتحالف وفقاً لمؤامرة محكمة لتدمير الإسلام دون غيره، حتى لو شهد التاريخ صراعات أخرى لا ناقة للمسلمين فيها ولا جمل، بل يصل الأمر بالبعض إلى الاعتقاد بأن العلمانية ليست سوى غطاء للصليبية، وأن الصهيونية مجرد واجهة لليهودية، أما الشيعة الإمامية فهم مجوس فارسيون أبطنوا الكفر أربعة عشر قرناً بتواطؤ مع اليهود وبقية الفرق الباطنية الإسماعيلية والدرزية لتدمير الإسلام. فالعالم كله في نظرهم يعتنق ديناً ما تم تحريفه ويتعصب له كما يتعصبون هم لمذهبهم، ولا وجود في أجندتهم للعلمانية والإلحاد والأطماع الرأسمالية والخطط الإستراتيجية الدنيوية.

ومع أننا لا ننكر البعد الصليبي المستَبطن لا شعورياً في اللاوعي الغربي؛ إلا أن انغلاق البعض ورفضهم التحالف مع إسلاميين آخرين قد وصل إلى درجة العجز عن فهم تنازل الأوربيين عن خلافاتهم الداخلية لتشكيل اتحاد سياسي واقتصادي يحقق مصالحهم، فهُم في نظرهم ليسوا سوى امتداد للروم والفرنجة الصليبيين الذين لا همّ لهم في الوجود سوى تدمير الإسلام، وكلما صعدت إحدى قوى اليمين في العالم المعادي أعلن هؤلاء الشماتة بدعاة التقريب والسلام انتصاراً بظهور صليبية بوش وبلير أو "مجوسية" الخميني ونجاد وحزب الله أو هندوسية بهارتيا جاناتا، دون أن يدركوا تعقيد وتنوع الحركات السياسية في العالم التي تتوزع بين طرفي الطيف السياسي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فهم لا يشكلون بذلك سوى مرآة لليمين الذي يناصبوه العداء بكل ما اشتهر عنه من قصر نظر وسطحية ورُهاب.

والمؤسف في الأمر أن يُستغل هذا الفكر القاصر من قبل بعض القوى السياسية لتحريك الرأي العام ضد أو مع قوى أخرى، فلم تعد الجهود التي تُبذل طوال سنوات في نشر ثقافة التقريب والحوار والفهم تجدي مع شيوع هذه العقلية التي تستفز مشاعر الناس وغرائزهم بمجرد موقف واحد.

إذ يكفي أن يقدّم أحد الحمقى رواية تافهة أو رسماً كاريكاتورياً أو فيلماً رديئاً، أو أن يكتفي بمجرد التهديد بحرق نسخة من المصحف - بهدف تحقيق مصالح شخصية أو سياسية - لإهدار طاقات شعوب بأكملها في البكاء والتشكي والغضب، ثم الانهزام والتقوقع ومراكمة المزيد من مواقف الانكسار والضعف والشعور بالعجز في الذاكرة الجمعية لأجيال لم تعرف سوى انهيار الخلافة والاستعمار ونكسة حزيران واحتلال العراق والفقر والأمية والعنوسة والبطالة، على أن يجري ذلك كله أمام كاميرات عالم متخم بسرقة خيرات الشعوب اعتاد التفرج على نشرات الأخبار بخليط من اللامبالاة والسخرية والعجب.

أما اجتراء داعية شيعي مغمور في سن الثلاثين على أم المؤمنين فيكفي لملء وسائل الإعلام، شهراً كاملاً أو يزيد، وفي أكثر مناطق العالم فقراً وإحباطاً واستبداداً؛ بمادة دسمة من الأخبار والتحركات والأحداث والعجائب، ويكفي أيضاً لشغل مئات الإسلاميين - وبعضهم من كبار الدعاة وخريجي الجامعات الغربية - عن قضايا الساعة لحشد قوى المسلمين العرب ضد إيران التي تجرأت لوحدها بالتمرد على الغرب والصهيونية.

وبنظرة سريعة على بعض المنتديات والمواقع الاجتماعية على الإنترنت خلال تلك الفترة؛ يمكننا تلمس عقلية الرهاب الكامنة خلف تحفيز غرائز العوام بكل المستويات، بدءًا من امتهان "العدو" للشرف والانتماء ومشاعر البنوة -تجاه أم المؤمنين- ثم طعنه بقداسة الدين، وصولاً إلى تهديده لحقهم في الوجود!

أما الحوار الهادئ والبحث عن نقاط مشتركة لإحلال السلام في الأرض، فباتت أموراً معيبة يخجل العقلاء من مجرد التذكير بها خشية أن يُطعن في دينهم وغيرتهم على الدين والشرف والوطنية، بل تُرفع في وجوههم "الأدلة الدامغة" على "حقيقة المؤامرة"، والتي لا أرى فيها سوى مكيدة ما زالت تُطبخ في غرف العمليات منذ تطبيق سياسة الإنجليز "فرّق تسد"، دون أن يكتسب هؤلاء الإسلاميون أي مناعة منها على طول تاريخهم الحديث المشبع بالهزائم، بل ما زالوا يقدمون في كل مناسبة فرصة لسخرية الليبراليين الذين وصل بهم الحال إلى تطرف مقابل في جلد الذات وحسن الظن بالغرب.

لا شك في أن المسلمين هم أكثر الشعوب معاناة من الاضطهاد الفكري والسياسي والعسكري، وأن جهودهم السلمية لاحتواء مهازل التحقير التي تعرضت لها مقدساتهم في أعمال كرواية رشدي وفيلم فتنة والرسوم الدانمركية لم تجدِ نفعاً قبل اشتعال فتيل الأزمة، لكن التجربة أثبتت أن اليمين المتطرف يتعمد هذا الاستفزاز للحصول على تلك النتائج بهدف تحقيق مصالح سياسية ودينية أكبر.

ولعلنا نخصص دراسة أخرى مستقلة للمقارنة مع ردود الفعل اليهودية تجاه العنصرية التي تعرضوا لها طوال العصور الوسطى في أوربا وحتى منتصف القرن العشرين، حيث تمكنوا بتنظيم جهودهم وتوحيد صفوفهم من تحويل الحقد إلى شعور بالذنب، ثم وظفوا فهمهم العميق لعقلية الغرب وآلية عمل مؤسساته وطرق التأثير على رأيه العام لتغيير القوانين لصالحهم بتجريم اضطهادهم، وأتقنوا فنون الإرهاب والاغتيال والاحتلال بالخفاء دون تشويه صورتهم بالغضب وال***!

7- وضع النبي صلى الله عليه وسلم منهجاً واضحاً في توزيع المهام وفقاً للتخصص والميول والقدرات، فلم يكن ابن عمر ليتدخل في شؤون السياسة، كما لم يتخطّ خالد بن الوليد حدود مهامه العسكرية والسياسية ليفتي في الدين، لكن الكثير من فقهاء ووعاظ وطلبة هذا العصر ينطلقون من فهمهم الخاص لشمولية الإسلام ولعالمية الفقه والقرآن الكريم كي يدلوا بدلوهم في السياسة والاستراتيجيا، ثم تتلقى الجماهير رؤاهم الخاصة بعد تغليفها بدرع من الحصانة والقداسة وكأنها قرينة للدين نفسه.

هذا الاستسهال هو الذي أفرز ثقافة السطحية على طول النصف الأخير من القرن العشرين، حتى ترسخت في نفوس عدة أجيال لتلقى اليوم في ظل العولمة ما يزيد من سهولة انتشارها عبر تقنيات الاتصال بدلاً من تجاوزها، فلم يعد بالإمكان اليوم معالجة المؤامرة بنظرة موضوعية بعد أن شوّه وعاظنا الأفاضل صورتها بتحويلها إلى "نظرية كل شيء"، حتى انقلب العلمانيون في رد فعل معاكس لنفي المؤامرة نفسها.

الصراعات السياسية تتميز بتنوعها وتعقدها الشديدين، فاحتلال العراق لم يكن مجرد حملة صليبية وفقاً للمنظور الديني، ولا مجرد احتلال لمنابع النفط كما في الرؤية اليسارية الضيقة، بل هو خليط من هذا وذاك إلى جانب دوافع أخرى كثيرة تداولتها آلاف الدراسات الاستراتيجية في العالم كله، والأمر ذاته ينطبق على الصراع بين ضفتي الخليج العربي، وعلى التواجد الصهيوني في المنطقة، وعلى توزع الولاءات بين الأقطاب الدولية ذات المطامع الواضحة.

التحليل السياسي علم مستقل، يستعير من علم الاجتماع والتاريخ المقارن أدوات التحليل والاستقصاء، ويتعاون مع علم الاقتصاد لفهم آليات السوق وفقاً لمعايير تجريبية وإحصائية، ويستعين بدراسات علم النفس والإعلام والعلاقات العامة للوصول إلى فهم أعمق لسيكولوجية الجماهير وصناع القرار، ثم يأتي دور التفلسف بعد هذا كله.

وقد كان من الأجدر بنا استنباط هذه العقلية العلمية من وحي السنة النبوية، وأن نكون أكثر حذراً قبل إطلاق الأحكام وتهييج الشعوب وتفريقها في طوائف وأعراق والدخول في لعبة سياسية وطائفية قذرة لا يستفيد منها سوى العدو المتربص والطغاة المتحالفون معه، بدلاً من أن يركن فقهاؤنا ووعاظنا الأكارم إلى عقلية الاستسهال لتلحق بهم الشعوب في تقليد أعمى مبطن بالتقديس.

إنها مسؤولية كبرى سيحمل عبأها العلماء قبل العوام، فمن العجيب حقاً أن يتورعوا عن أي تساهل في الموسيقى واللباس والاختلاط، ثم لا يجدوا غضاضة في تصنيف الشعوب وتمزيق الأمم وتكريس الطغيان وتوزيع الولاءات وتغيير وجه التاريخ والجغرافيا اكتفاءً بما لديهم من تراث مُختلف عليه
ثانيا: في المذهبية:

8- يفتقر الكثير من الإسلاميين إلى وجود أجندة واضحة؛ وإن وُجدت فهي تختلف غالباً عما يوجد لدى الجماعات الإسلامية الأخرى، فالبعض يعطي الأولوية للتربية والفكر، وآخر يصرف همه إلى السياسة وصراعاتها، وثالث يكتفي بالرياضة الروحية ومجاهدة النفس، ورابع راديكالي جهادي، وكل منهم يرى نفسه على الحق وحده وأن البداية يجب أن تكون على طريقته.

وهذا لا يشكل اختلافاً حميداً بقدر كونه سبباً للفرقة والتشتت مع غياب ثقافة الاختلاف والحوار، إذ لم يسلم من الوقوع في فخ التمذهب الكثيرون ممن قصروا نشاطهم على التربية بعيدًا عن السياسة وصراعاتها، حتى أصبحت الحركة أو الجماعة كياناً يشترط على أتباعه الولاء كما كان البابا يمنح الاعتراف الكنسي Confessions of Faith لمن يحقق له مصالحه (!).

وبدلاً من التوحد حول هدف رئيس وهو تحرير الناس من العبودية لأي سلطة دنيوية - وهي الرسالة التي حملها الصحابة إلى شعوب الأرض - صار التنافس بين الجماعات نفسها شبيهاً بما يجري من منافسات صبيانية بين طلاب مدرسة داخلية! ويزداد الأمر سوءاً عندما تنشق عن كل جماعة عدة جماعات ويخلف كل شيخ عدة تلاميذ يتنافسون على حمل رايته ويدّعون الأولوية في الثبات على نهجه، وهكذا في متوالية هندسية!

9- ينطلق الكثيرون من ضرورة العمل بفهمهم الخاص لقاعدة "الولاء والبراء" المتعارض مع المنهج القرآني: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، وبما أن الفهم الآخر للإسلام "خاطئ" في منظورهم فهو خارج دائرة الأحلاف (!)

وفي الوقت الذي يتحالف فيه العلمانيون على اختلاف مشاربهم في صف واحد ضد الإسلام، ينطلق الكثير من الإسلاميين من مبدأ "الغاية لا تبرر الوسيلة" لمحاربة الإسلاميين الآخرين لأنهم "أشد خطراً" أو حتى "أعظم كفراً" من اليهود والنصارى والملحدين، وقد يصل الحال ببعضهم إلى رفض المشاركة في حوار تديره إحدى الفضائيات الإسلامية، لكونها منبراً لمذهب أو جماعة مختلفة، بينما لا يمانع من الظهور في قناة علمانية لاعتقاده بأنها "حيادية"!

وهكذا تنصرف معظم الجهود إلى النقد والتحليل والطعن والتسفيه، بينما يضطر الآخر إلى بذل جهده في الدفاع والتبرير، ثم يحتسب كلا الطرفين أجرهما على الله في هذا "الجهاد" الفكري والإعلامي!

مع أن التاريخ الإسلامي مليء بأمثال هذا الصراع التي لم تثمر شيئاً سوى إضعاف الأمة وفتح باب الغزاة من مغول وتتر وصليبيين وإسبان ومستعمرين وصهاينة.

وبنظرة عامة على فضائيات ومواقع المعنيين بهذا النوع من الجدل، يدرك القارئ حجم الطاقات والأموال المُهدرة في ضخ المزيد من الكراهية بين الناس بدلاً من توجيهها لدعوة غير المسلمين أو التصدي لحملات التغريب والعلمنة.

ولعل الصراع السلفي- الشيعي هو أوضح مثال لهذه الظاهرة التي لا تفيد أحداً سوى خصوم الإسلاميين في الداخل والخارج، فمع تأجج الصراع بين الطرفين لم تعد بعض الحركات والأحزاب الإسلامية تتحرج من إعلان ولائها للطائفة أكثر من الإسلام نفسه، وهو ما لمسناه في الحرب الأهلية بين العراقيين الذين اعتادوا على الزواج المختلط بين الشيعة والسنة في ظل الاستبداد العسكري قبل أن يحكم حزب الدعوة الإسلامي المتحالف مع المحتل الأمريكي.

ومن المؤسف أيضا ألا يجد الاحتلال حلاً للفتنة الطائفية التي خرجت عن السيطرة سوى باستبدالها بالعشائرية عبر مجالس الصحوة، وكأن المسلمين انتكسوا إلى جاهليتهم بعد أربعة عشر قرناً!

في مثال آخر، نقرأ هذا الصراع أيضاً في الرسالة المفتوحة من رائد التربية الصحوية الشيخ محمد سرور إلى سعد الحريري الذي استعاد حكم أبيه بأغلبية أصوات مجتمع نشأ منذ قرون على ثقافة الطائفية - العشائرية؛ مهنئاً بسيطرة السنة على الحكم في صراعهم مع الشيعة الذين يراهم فضيلته كفاراً، فالأولوية هنا هي لهزيمة الشيعة حتى لو رفعوا راية المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، وحتى لو كان المنتصر متحالفاً مع الغرب!

وبالرغم من كل جنته الأمة من خزي وفشل جراء هذه العقلية المذهبية؛ يتجدد الانقسام بين الإسلاميين في مصر بعد ثورة 25 يناير، ولم تكتمل سعادة الشعب بالتآلف بين المسيحيين والمسلمين لدحر الطغيان كهدف مشترك، فسرعان ما بدأ الخلاف يدب بين السلفيين وأقرانهم في الساحة الإسلامية نفسها، وانتهز الإعلام العلماني الفرصة لتأجيج الصراع كما كان النظام السابق يفعل دائماً!

1-لا يقتصر الانغلاق على السلفية كما يروّج البعض، فهناك تيارات أخرى ترى في كل تجديد أو خلاف في الفهم انقلابًا وبداية لكارثة ستحدث ولو بعد حين، إذ نلمس - على سبيل المثال - لدى الكثير من دعاة الشام ومصر والمغرب العربي تشبثاً مشابهاً بالتراث الصوفي الأشعري.

وإذا كان التغيير في العادات والتقاليد ذاتها يعد لدى البعض ضرباً من الابتداع في الدين فإن العودة إلى سنة السلف ونبذ البدع هي قرائن لتهمة التخلف والتشدد لدى آخرين!

ومن المؤسف حقاً أن ينقلب الإسلام لدى الكثيرين ممن يحملون رايته إلى أيديولوجيا تقريرية دوغمائية بعد أن كان ديناً فطرياً يهتدي إليه الناس بمجرد تصحيح علاقتهم بالله دون وسيط.

أما اليوم فلم يعد تقديس الأئمة مقتصراً على الشيعة الإمامية والإسماعيلية فحسب، فهناك درجات متفاوتة من الولاء للمشايخ لدى الطرق الصوفية التي تغطي أصقاع العالم الإسلامي، بل أسبلت السلفية التي قامت على تجريد العقيدة من شوائب التوحيد رداء العصمة على مجموع السلف الصالح فلا يصح الخروج عن أحد اجتهاداتهم في كل مسألة، ثم جعلت من ابن تيمية شيخاً للإسلام لتكون كلمته هي الفصل في كل شيء حتى لا يجرؤ أحدهم بعد ثمانية قرون على مراجعة أي من آرائه أو فتاويه.

هذا الانغلاق يعود أصلاً إلى الهبوط بالعقيدة إلى مستوى الدوغما التقريرية التي يتوارثها المعلمون على نحو لا يقبل الجدل كما هو الحال في أديان أخرى، حتى لم يعد الهدف من التعلم لدى الكثير من طلبة العلم البحث عن الحقيقة بل امتلاك أدوات الدفاع عن العقيدة التي تُلقن دوغمائياً منذ الصغر، فبعد أن ينشأ أحدهم على هذا النوع من التعليم فإن قراءته اللاحقة لأي كتاب أو مقال وضعه أحد المخالفين ستكون مدفوعة بهدف لاشعوري مسبق وهو النقد وليس التعلم أو الاستزادة، وربما يستحضر كل من خاض تجربة الكتابة في عالم الصحافة والإنترنت من القراء الكرام مواقف عدة لعمليات تمحيص ونقد وطعن قائمة بالأساس على سوء الظن.

11- يحظى الإسلاميون الإصلاحيون - وقد تصدق تسميتهم بدعاة التجديد والوسطية والاعتدال - بشعبية متزايدة لدى الأجيال الشابة حتى في المجتمعات التي تسيطر فيها المدرسة السلفية، وقد يكتسبون شعبيتهم من خطابهم العصري وحرصهم على الانفتاح والاجتهاد والتيسير، بيد أن الكثير منهم لم يسلم من مغبة الإفراط حتى بات يمثل الوجه الآخر للتشدد.

ولعل البعض يعيد نقطة انفراج هذه الزاوية إلى الشيخ محمد عبده الذي انتهج في مطلع القرن العشرين منهج التقريب مع علوم العصر حتى اضطر -عن حسن نية في اعتقادنا- إلى تأويل بعض المعجزات والخوارق بمظاهر مادية بحتة، وتابعه آخرون في محاولات شتى كأبحاث الإعجاز العلمي والعددي في القرآن والسنة ونظريات القراءة المعاصرة بتطبيق لسانيات العصر الحديث على النصوص، إلى غير ذلك من المحاولات التي لم تعد تتحرج من استيراد نظريات ما بعد الحداثة اللادينية لتحديث الإسلام بها.

قد لا يلقى التطرف "العقلاني" رواجاً جماهيرياً بسبب نخبوية خطابه وتبعيته للغرب؛ لكن بعض الإصلاحيين المعتدلين لم يسلموا أيضاً من عقدة النقص تجاه الغرب حتى بات التوفيق مع نظريات مساواة المرأة على سبيل المثال مطلباً قائماً بذاته، مما يشكل عبئاً نفسياً لدى هؤلاء الدعاة وشعوراً بالانهزام الحضاري حتى في حال اعتدال أفكارهم مما ينعكس سوءًا على سلوكهم، فقد نجد لديهم تشدداً في الرأي يضاهي تعنت خصومهم ممن يُنعتون بالانغلاق والتحجر.

في رد فعل معاكس؛ لا يخفى على كل مطلع شغب الخطاب المضاد والمشكك في عقيدة الشيخ محمد عبده نفسه فضلاً عن عقيدة دعاة علمنة الإسلام ممن نشؤوا غالباً في مجتمعات غربية، حيث لا يتورع الكثير من الأدعياء عن محاكمة أي فيلسوف أو مفكر دون الحاجة إلى امتلاك أدوات فهم خطابه، مع أن ابن تيمية الذي انتقد المنطق لم يسفّه الفلاسفة إلا بعد أن استوعب منطقهم وفلسفاتهم، ولم يبلغ به الأمر مبلغ المفاخرة بحفظ النصوص ليضرب بها "زبالات الأذهان"، لذا يمتلئ خطاب هذا التيار بالتأكيد على ضرورة ظهور ملامح الحكم الإسلامي في تطبيق الحدود والتعزيرات ونشر الإسلام على الأرض بالجهاد وإلا فلن يُعترف به نظاماً إسلامياً، وأي محاولة لطرح منظومة سياسية معاصرة تُعد في عرفهم تنازلاً لا يمكن بحال التوافق معه.

ثالثا: في الوسيلة

12- أدى النفور التقليدي للإسلاميين من الفن والإعلام - مضافاً إلى القمع السياسي- إلى البحث عن منافذ أخرى؛ بدءاً بحلقات تحفيظ القرآن والمعاهد والجامعات الشرعية، مروراً ببعض المطبوعات ووصولاً إلى شبكة الإنترنت التي أتاحت الفرصة للجميع بالتساوي، وهكذا سعت كل جماعة إلى تأسيس موقعها الخاص ليكون بمثابة الصحيفة الناطقة بصوتها، ثم وصلت المنافسة إلى الدعاة المستقلين الذين أوكلوا إلى التلاميذ مهمة تأسيس مواقعهم الشخصية لطرح أفكارهم ونقد خصومهم.

لا تقتصر المشكلة هنا على المضمون الطائفي والمذهبي للإعلام الإسلامي فحسب بل تمتد إلى الانسحاب المبكر من الإعلام المرئي.

فبعد خمسين سنة من تأسيس أول قناة تلفزيونية عربية - في مصر وسورية - ما زال الوسط الفني الإعلامي العربي منفصلاً بالكامل عن بيئته المحافظة، فإلى وقت قريب لم يتجرأ المنتجون على تقديم المرأة المحجبة في الدراما العربية خوفاً من تهمة تنميط المتدينين، فالممثلة السافرة هي مواطنة عادية تجري عليها كل أحكام المجتمع بسلاسة.

أما إذا ارتدت حجاباً فكل ما تتعرض له سيُفسر على أنه غمز ولمز بالمتدينات، مع أن المحجبات يشكلن أغلبية في معظم الدول العربية ولسن أقلية تخشى التنميط العنصري، ولم ينشأ هذا الاعتقاد سوى من اعتياد المشاهدين - ومعظمهم من المتدينين - على احتكار غيرهم للفن والإعلام إلى درجة استنكارهم لظهور من يمثلهم على الشاشة، وكأنهم قنعوا بالتهميش والعزلة!

13- بعد عقود طويلة من التضييق الإعلامي والاعتزال الاختياري؛ تنبّه الإسلاميون إلى عدم جدوى الإعلام المكتوب في مجتمعات تصل نسبة الأمية فيها إلى النصف ولا يقرأ نصفها الآخر إلا قليلاً.

كما أدت أحداث الحادي عشر من أيلول وتزايد مخاوف بعض السلطات العربية من إيران إلى بعض التغييرات في المعادلة.

فبعد أن كانت قوانين وزارة الإعلام المصرية - على سبيل المثال - تحظر افتتاح أي قناة فضائية دينية بذريعة محاربة الإرهاب والطائفية، يمكن الآن لزائر المدينة الإعلامية في القاهرة ملاحظة الوجود الملفت للقنوات الدينية التي انتشرت بسرعة قياسية، مع أن معظمها سلفية، إذ يدور خطابها غالباً حول المواعظ والتربية والإفتاء بعيداً عن السياسة، فضلاً عن اشتغالها بنقد التيارات الأخرى بدءً من الحركات الجهادية والصوفية ومدارس التجديد ووصولاً إلى الشيعة.

فضلا عن ذلك؛ يُحسب لهذه القنوات نقل ظاهرة التراشق والسجال من الصحافة إلى الشاشة، حيث يخصص الكثير من الشيوخ بعض حلقات برامجهم للرد على ما يرونه مخالفاً من أفكار التيارات الأخرى التي تُعرض في قنواتهم، ويبدو أن السلطات التي أرادت منح الإسلاميين مساحة من الحرية بهدف احتواء بعض التيارات الأخرى قد اضطرت إلى التراجع في مواقف عدة إثر تحول النقد إلى حملات تأجيج طائفي لا يكترث لأي من مفاهيم الأمن القومي أو السِّلم الاجتماعي في مقابل الانتصار للطائفة ورموزها!

14- يسعى الكثير من الشيوخ والدعاة الأفاضل إلى السيطرة على أكبر مساحة ممكنة في وسائل الإعلام والتربية، دون أن يدركوا أن خطابهم التقليدي لن يحدث تغييرًا كبيرًا لأنه سيظل محصورًا بجماعتهم التي لا تمثل سوى شريحة محدودة من المجتمع، فالشرائح الأخرى لا تشغل وقتها بمتابعة الإعلام المخالف لعجزه أصلاً عن لفت أنظارهم بوسائل الجذب والإبهار.

كما أن إصرار الكثير من الإعلاميين الإسلاميين على التشبث بأكثر الأحكام الفقهية تشدداً يعني اكتفاءهم مسبقاً بالاقتصار على تقديم بديل إعلامي محافظ ينال رضا أتباعهم فقط دون التطلع إلى منافسة الإعلام غير الديني أو مخاطبة المشاهدين الآخرين، مع أن علم المقاصد وفقه الأولويات يتيحان للإعلام تجاوز بعض القيود الشرعية حتى في حال اتساع دائرة الفقه لتشمل فتاوى أخرى أقل تشدداً.

في ظل هذه النظرة الضيقة والخوف من التجديد يفشل بعض الإسلاميين مجدداً في تحقيق ما أنجزه الأنبياء والمجددون ممن كانوا ينادون بالفطرة التي يجتمع عليها كل الناس وبالوحدة ونبذ الخلاف، بل تنقضي أعمارهم وتضيع جهود تلاميذهم وتُهدر أموال مموليهم دون أن يحققوا الكثير من أهدافهم خارج نطاق الفتيا لأتباعهم أو الوعظ لبعض التائهين الذين اغترفوا من الإعلام الهابط حتى الثمالة.

أما الإعلام الحركي فلن يضيف سوى زيادة طفيفة في عدد الأتباع بانتزاعهم من تيارات أخرى -ومعظمهم من المراهقين- في مقابل تشتيت جهود الأمة عن النهضة وتحقيق الحرية ومقاومة العدو واستعادة الهوية!

رابعا: في السلوك

15- في ظل التربية الإسلامية المتواضعة والانحلال الأخلاقي العام؛ بات من الصعب التمييز أحياناً بين شباب الحركات الإسلامية وأقرانهم من الحركات العلمانية سوى بالملبس والمنطلقات الفكرية، وكأن الفلسفة البراجماتية التي باتت موضع فخر لدى الشباب المتحضر قد امتد تأثيرها أيضاً إلى الإسلاميين مع تناقضها السافر مع معتقداتهم، فهل أصبح الفكر الإسلامي مجرد إيديولوجيا يتعصب لها أتباعها كما يتعصب الآخرون للاشتراكية والليبرالية مثلاً؟

أذكر هنا شاباً كان ينظّر بحماس لمذهبه الإسلامي في اجتماع مع بعض أقرانه، وكنت أشير إليه مرارًا لتذكيره بضرورة أداء صلاة العشاء، وما إن قارب الليل على الانتصاف وحانت لحظة استراحة، قام فنقرها أربعًا وأنا أقتدي به، غير أني أعدتها منفردًا خشية عدم قبولها، لعدم حرصه على النطق بحروف الفاتحة على الأقل من مخارجها!

والأغرب من ذلك ما سمعته من شاب عربي حدثني في سياق تجربته في المعتقل أن المعتقلين الإسلاميين كانوا يتبادلون التكفير وهم تحت ال***** معًا.

فإذا جرت العادة على أن يتوحد الناس بالفطرة عندما يلاقون عدوًا مشتركًا بحثًا عما يجمعهم من قواسم مشتركة؛ فلماذا لم يجد هؤلاء الشباب في الإسلام الذي يتبنونه ما يوحدهم تحت ال***** وهم أبناء حركة واحد؟

عندئذ أدركت مغزى انصراف الإمام الغزالي إلى تصنيف موسوعة (إحياء علوم الدين) في غمرة انشغال الناس بالتصدي للحملات الصليبية، فالعالم كان يعج حينها أيضًا بصراع فكري داخلي عميق مما أوقع الغزالي نفسه أسيراً لمرض نفسي كاد يأتي حتى على عقيدته، وما زال هؤلاء الشباب بعد تسعة قرون يعيدون أخطاء الماضي ويخوضون سجالات آيديولوجية تحت اسم الدين قبل أن يشغلوا أنفسهم بالتزكية وفهم مقاصد الإسلام والتحلي بأخلاقه.

في المقابل؛ تنشغل جماعات إسلامية أخرى بالتزكية إلى حد التطرف المعاكس، فيتخذون من الإرجاء والانسحاب مذهباً سياسياً معلناً يفاخرون به، وتنقضي أعمارهم في انتظار مؤشر التحرك الذي يُختزل في امتلاء المساجد بصفوف المصلين في صلاة الفجر كما تمتلئ في صلاة الجمعة.

ونظراً لاقتصار ثقافتهم على التراث الصوفي، فإن قوانين السياسة والاجتماع والتاريخ المقارن والسنن الكونية التي أكدها القرآن الكريم في قوله: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" لا تعنيهم، بل يكتفون بتأويل هذا النص المحرض على التغيير -على طريقة التأويل العرفاني الذي يقصر اهتمامه على الباطن- بإصلاح النفس والتزكية، لتظل أهدافهم كلها مقتصرة على الأخلاق والمحبة والانفتاح على الأديان الأخرى إلى درجة "الدروشة"، دون أن يبذلوا جهداً يذكر في أي إصلاح آخر في الوقت الذي ينجح فيه العدو بتغيير العالم كله نحو الأسوأ!

علماً بأن هناك شعوباً ثارت للحصول على حقوقها ونهضت فصنعت مجدها دون المرور بهذه المرحلة من التزكية، بل قامت الثورات الأوربية ضد تحالف الكنيسة مع الإقطاع لإقامة حكم علماني أكثر إنسانية (وهذه ليست دعوة للعلمانية).

من جهة أخرى؛ لا يكتمل بناء الخطاب الإسلامي الصحيح - في اعتقادي- بمجرد جمع التزكية إلى الرغبة في التحرك والتغيير، فقد كان الخوارج من أكثر الناس تعبداً وهمة على الجهاد لكنهم رأوا في *** أئمة الصحابة وعلى رأسهم علي رضي الله عنه عملاً يقربهم إلى الله، فالعقل السليم هو الذي يعصم المسلمين من تأويل الشرع بما يوافق الهوى.

16- عندما يغلب الشعور بالندرة وقلة الموارد والبقاء للأقوى في المجتمع تشيع ثقافة المعادلة الصفرية: أنت تخسر وأنا أخسر، في مقابل المعادلة التي تشيع في المجتمعات المتحضرة والمتزنة نفسياً: أنت تربح وأنا أربح!.. لذا تفتقر الساحة الثقافية والسياسية العربية - والإسلامية جزء أصيل منها - إلى أدب الحوار وأخلاق الاختلاف وحق الشورى، وينشأ الجيل المتحمس للتغيير على الميل اللاواعي إلى "شخصنة" الفكر، فيصبح كل نقد لفكر المرء بمثابة هجوم على شخصه، وكل نقد لشخصه هو نقد لفكره الذي يتمثل الدين نفسه بكل قداسته!

وهنا تتماهى الأفكار والأيديولوجيات مع الكرامة الشخصية وتسقط القيم تحت أقدام الجاهلية، ليصل الأمر بالبعض إلى التأصيل الفقهي للبذاءة في الرد على المخالف "العدو"، إذ شاهدت بنفسي مشهداً مسجلاً من محاضرة لأحد كبار علماء الحديث ونجوم الفضائيات الدعوية وهو يقدم لجمهوره من العوام ما يبرر استخدام الألفاظ النابية والسوقية لتحقير الخصوم، مدعماً رأيه بأحاديث ضعيفة تتعارض بوضوح مع مقاصد الإسلام وفقه الدعوة وسيرة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.

قد لا أبالغ في القول بأن هذه السياسة باتت منهجاً سلوكياً وأخلاقياً يلجأ إليه الكثيرون لا شعورياً حتى في مناقشة الاجتهادات الفقهية التي تحتمل الخلاف، ويمكن لكل قارئ مطّلع أن يستحضر عشرات الأمثلة مما يجود به أدعياء العلم من شتائم في سياق الفتوى والوعظ، كتفتق عبقرية أحد خطباء الجمعة عن تشبيه من يحلق لحيته بالغيرة من زوجته التي حُرمت من شعر الوجه، ليرمي بهذا التحقير في وجوه مئات المصلين الذين قصدوه للاستنارة بعلمه!.. فكيف إذن بمن يراه عدواً يسعى لتغريب المجتمع وعلمنته أو صبغه بلون مذهبه الضال والمنحرف؟

لقد وصل التراخي الأخلاقي ببعض الإسلاميين إلى درجة لا يجرؤ عليها الكثير من الملحدين الذين لا يخشون حساباً ولا عقاباً، ففي جعبتي الكثير من المشاهدات والأمثلة عن انتحال وسرقة مقالات ونصوص، وحتى كتب لزملاء في نفس الحركة أو المذهب، وهؤلاء ليسوا من الأدعياء ولا المدسوسين بل دعاة وطلبة علم يحرصون على أداء فروضهم الدينية ويتحمسون للمشروع الإسلامي.

قد يصدق القول بأن القمع السياسي والشعور بالقهر والغربة يزيد من تساهلهم وتبرير ازدواجية معاييرهم، غير أني سمعت أحدهم في موقف كنت شاهداً وهو يشير على شيخه - وهو من نجوم الدعوة - بعدم التصريح العلني بتكفير "الرافضة" عملاً بنصيحة "ولي الأمر" في إحياء الحوار الوطني واحترام حقوق المواطنة.

والسؤال هنا: إذا تجاوزنا الواجب الأخلاقي للعالِم في بيان الحق الذي يؤمن به ثم غضضنا الطرف عن التشابه بين هذا الموقف والتقية التي يُنتقد بها ذاك الذي يتم تكفيره بعيداً عن الإعلام وعين الرقيب؛ فما هي جدوى أوامر السلطة في نشر ثقافة الحوار والديمقراطية طالما كان بعض الإسلاميين ينتصر لها عندما تحقق له المكاسب على خصمه ويتنكر لها عندما يخسر، ثم يدعم كلا الموقفين بمبررات دينية؟!

17- مع شيوع ظاهرة المراجعة الحميدة لأخطاء الماضي لدى بعض الإسلاميين؛ يفتقد آخرون إلى جرأة التراجع والاعتراف بالخطأ أو المجاهرة بضرورة التجديد وتصحيح المسار، وقد يكتفي بعضهم بالتصحيح المتدرج دون الخوض في سجالات المرحلة هروباً من أزمة الاعتراف بأخطاء الماضي.

والأسوأ من ذلك قلة صبر بعضهم على ما يلقاه من نقد "الحرس القديم"، كتراجع أحد كبار الدعاة عن التصريح بجواز كشف وجه المرأة، بعد أن نشأ جيل كامل من النساء على فتوى صريحة تزعم إجماع أهل العلم منذ عصر السلف على وجوب ستره، مع أن كتب الفقه تملأ المكتبات وليست سراً دفيناً (!).. لكن فضيلته سرعان ما تراجع عن "خطأ" هذه الفتوى المتساهلة إثر تعرضه للضغوط وقرر اعتزال مجال الدعوة، ونتيجة لضغط معاكس عاد إلى نشاطه بعد أيام ثم اعترف أخيراً بعد هدوء الزوبعة بجواز كشف الوجه دون أن يعلّق بشيء على كل ما جرى.

الأمر نفسه ينطبق على عدد من كبار الدعاة الذين تراجعوا عن مواقفهم الحركية السابقة ومالوا إلى مهادنة السلطة دون أن يقدموا المبررات أو الاعتذارات، مما أوقع الكثير من الشباب في الحيرة والتخبط، بل انتهى الحال ببعضهم إلى التمرد والانشقاق ليشكلوا جماعات ليبرالية موالية للغرب كما حدث بعد الحادي عشر من أيلول على وجه الخصوص.

قد يكون التغيير بصمت مقبولاً عندما يُخشى على وحدة الصف وكرامة الجيل الماضي من أهل العلم؛ لكنه يصبح مذموماً عندما ينتهجه البعض خشية النقد وحفاظاً على الأتباع والسمعة، كما أن وحدة الصف لا يصح أن تتعارض مع المجاهرة بالحق إذا تمت بطريق شرعي ومنطقي، إلا إذا كان البعض يتعمد تربية أتباعه على عصمة الشيخ من الخطأ!

خاتمة:

أخيراً؛ فإن ما ذكرناه من نقد لبعض ما نراه من جوانب النقص لا يمكن تعميمه لطبيعة التنوع الكبير والفريد في الساحة الإسلامية، كما نجد مثيلاً لمعظم هذه المثالب لدى الحركات والأحزاب والأيديولوجيات الأخرى مع قليل من الاختلاف في الدرجة والمسميات، فالعيوب ليس ناشئة عن الإسلام نفسه، وتسليطنا الضوء عليها لا يعني إنكار حسنات وإنجازات الإسلاميين، لكن موضوع المقال يقتضي البحث في الجانب الآخر لتقصي أسباب الفشل وليس تحليل الظاهرة بأكملها.

أعتقد أن الحل يبدأ من القناعة بالحوار والانفتاح واستعادة الثقة بالعقل الذي هو مناط التكليف في الإسلام بعد أن رُبط مفهومه خطأً بالهوى، أي كما فعل الأشاعرة عندما صححوا مسار المعتزلة الذين بالغوا في تقدير دور العقل لكونهم أول من يخوض التجربة.

وكما فعل الغزالي وابن رشد وابن تيمية كلٌ على طريقته باستخدام العقل نفسه وإن اختلفت الحدود التي يقف عندها، فالغزالي الذي كفّر بعض الفلاسفة لم يقل بالعرفان الصوفي إلا بعد أن ينجز العقل مهمته، وابن رشد بريء من تهمة "الحقيقة المزدوجة" التي تجمع بين لا منطقية الأساطير وبراهين الحكمة في تناقض عجيب، وابن تيمية لم يطلّق العقل طلاقاً بائناً ليعلي من شأن التقليد الأعمى.

ولم يبدأ عصر الانحطاط إلا بالتطبيق الدوغمائي الضيق لمذاهب هؤلاء الأئمة والتعصب لها، ولا أظن النهوض من كبوة هذا العصر ممكناً ما دام البعض يمنع تدريس علوم المنطق والفلسفة بوصفها من العلوم المحرمة كالسحر والشعوذة، مع أن الغزالي وابن تيمية كانا من أكثر علماء عصرهما إلماماً بها وإضافة إليها باستخدام أدواتها، كما لن يحدث التجديد المنشود على يد من يرى في "عقله" مصدراً للتشريع ينقض به أصول الفقه وقواعد اللغة كما يحلو له مع أن القاضي ابن رشد لم يحكّم هواه في النص تحت لافتة العقلانية والتجديد.

قد يتطلب العلاج الانتظار لنشوء أجيال جديدة على ثقافة مختلفة، والبدءَ من الآن بتربيتها على نبذ الخوف والرهاب الناشئ عن ضعف الثقة بالنفس في عالم حُكم عليه مسبقاً بأنه آخر الزمان ونهاية التاريخ وموعد ترقب خروج المهدي، ولن ينجح العلاج ما لم نتخلص من عُقد هزائمنا منذ سقوط الخلافة ومروراً بنكسة حزيران وحتى احتلال بغداد وتدمير غزة، ولعل الثورات العربية التي اندلعت دون سابق إنذار ستتبعها ثورات مماثلة في العقول والأفكار.

الشارع العربي يترقب حلول الديمقراطية ليمنح ثقته للإسلاميين، والظاهرة الإسلامية تتمتع أكثر من غيرها بالمرونة والحيوية الداخلية - كما يرى د. بشير نافع - مما يبشر بقدرة أصحابها على إعادة النظر في برامجهم ومشاريعهم في كل الظروف والأزمنة، وحسبنا هنا أن نتذكر المراجعات الفكرية الجريئة التي أقدمت عليها حركة الجهاد الإسلامي في مصر بعد أن كانت من أكثر الحركات تطرفاً، فالتجديد مطلب لا غنى عنه في الإسلام.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-09-2011, 01:30 AM
الصورة الرمزية أيمن الوزير
أيمن الوزير أيمن الوزير غير متواجد حالياً
معلم لغة عربية بالأزهر الشريف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 1,566
معدل تقييم المستوى: 18
أيمن الوزير has a spectacular aura about
افتراضي

الأخ الفاضل غار بله

قص والصق ما شئت وهات من هنا وهناك ما يؤيد فكرك بدأت بحرب علي أحزاب وفرق ما بين سلفيين وإخوان وجاء الدور الآن لتشكك في الإسلام مع المداراة أنك لست كذلك وذلك من خلال مقال طوووووووووووووووووويييييييييييييييييييل ومصطلحات وألفاظ غريبة من السهل تفنيدها كلها والآن ظهرت حقيقتك ككاره للإسلام والمسلمين لذا أرجوا منك كعضو في هذا المنتدي الفاضل
1- بعد القص واللصق عرفنا من أين لك هذا بوضع رابط الموضوع المقصوص
2- وحدة وحدة علينا شوية هو في حد فاضي لك لنقرأ ذلك الكلام الغث كله
3- اعرض لنا شبهة وسنحاول والأعضاء الكرام برد علي كلامك
4- لا ينبغي إطلاق الأحكام فلا نقول : فشل الإسلاميين من خلال استغلال بعض السقطات غير الإسلامية المنتسبة لبعض المسلمين
5- اشرب كوب ليمون قد يشفي بعض ما في صدرك من حقد وغل تجاه المسلمين واقرأ أنت بموضوعية لا من جانب واحد وهو جانب الحقد والكراهية لكل ما هو إسلامي
6- أري نشاط بارز وموضوعات متكررة حول الاسلام والإسلاميين فهل أنت عضو في جماعة لها أجندة خاصة أم سهر وكتابة وتعب من أجل ماذا فأنت تعلم أننا ندافع عن مبدأ وعن دين حماه ربنا إلي يوم الدين ولو كره الكافرون
وفي سلام الله وأمنه أيها الأخ الفاضل
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-09-2011, 01:48 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

مقال رائع ، و يحتاج الى اعادة قراءته بهدوء ، وبعقل نقدى يستوعب الجيد منه ويحدد نقاط الاتفاق والاختلاف ، فجزاك الله كل الخير عليه ،
ولكنى فعلا أطالب كل من ينشر مقالا أن يوضح اسم الكاتب ومصدر المقال ، فالأمانة العلمية تقتضى ذلك
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-09-2011, 03:16 AM
غاربله غاربله غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 337
معدل تقييم المستوى: 0
غاربله is an unknown quantity at this point
افتراضي

اقتباس:
الأخ الفاضل غار بله

قص والصق ما شئت وهات من هنا وهناك ما يؤيد فكرك بدأت بحرب علي أحزاب وفرق ما بين سلفيين وإخوان وجاء الدور الآن لتشكك في الإسلام مع المداراة أنك لست كذلك وذلك من خلال مقال طوووووووووووووووووويييييييييييييييييييل ومصطلحات وألفاظ غريبة من السهل تفنيدها كلها والآن ظهرت حقيقتك ككاره للإسلام والمسلمين لذا أرجوا منك كعضو في هذا المنتدي الفاضل
يعلم ربى اننى اؤمن به واننى ابحث عن الحقيقه واننى اريد ان يعلو شان الاسلام وترتفع رايته وحتى يحدث ذلك لابد ان نعرف نفهم لابد ان نثق فى ات الاسلام صالح لكل مكان وزمان لانقف عند فكر معين يعتمد عل ظاهر الالفاظ يهتم بالشكل دون الجوهر لم يعرف من الاسلام سوى لحيه ونقاب واغفل التقدم واغلق باب الاجتهاد وظل حبيس افكار محشوره فى كتب صفراء اوراقها تصلح لزمانها ---اما نحن الان نحتاج الى فكر جديد اجتهاد يسمح لنا ان نتطور نتقدم نصبح امه لها حقها فى الرياده ---حيث انها استطاعت ان تكون سيده العالم فى فتره اهتمامها بالاجتهاد حيث ظهر ائمتها الاربعه فى وقت سيادتها للعالم ---اذن انا اؤمن بالله ولااكره الاسلام كما تتدعى لكنى ابحث عن الحقيقه
1- بعد القص واللصق عرفنا من أين لك هذا بوضع رابط الموضوع المقصوص

2- وحدة وحدة علينا شوية هو في حد فاضي لك لنقرأ ذلك الكلام الغث كله
3- اعرض لنا شبهة وسنحاول والأعضاء الكرام برد علي كلامك
4- لا ينبغي إطلاق الأحكام فلا نقول : فشل الإسلاميين من خلال استغلال بعض السقطات غير الإسلامية المنتسبة لبعض المسلمين
انما اردت فى كل المرات التى تحدثت فيها ان العيب ليس فى الاسلام فهو صالح لكل زمان ومكان ولكن المشكله فى زاويه الفهم وقلت ان الاخوان اقرب الى الفهم وان السلفيين حديثى عهد بالتجربه الديمقراطيه وهم اساسا لايؤمنون بها
واردت ان البيت السلفى نفسه يحتاج الى اعاده ترتيب وتركت مهمه هذا النقد اولا للمختصين ثانيا لاهل البيت السلفى واتيت بمقاله لااحد السلف عن السلفيين والثوره
ثم ارسلت لى المقالات الست عن رؤيه البيت السلفى من الداخل و اخيرا لابد ان نعترف ان كل التجارب الاسلاميه فى الحكم فى الوقت الحالى انتهت الى كوارث لابد ان نعرف لماذا ونصحح اخطائها----مع التذكير انه خطا من قاموا بها وليس خطا الاسلام


5- اشرب كوب ليمون قد يشفي بعض ما في صدرك من حقد وغل تجاه المسلمين واقرأ أنت بموضوعية لا من جانب واحد وهو جانب الحقد والكراهية لكل ما هو إسلامي
للاسف ياخ ايمن مابحبش الليمون بيعملى حموضه لكن اشكر لك النصحيه ----لكن اقسم بالله اننى احب الاسلام اكثر من اى حد فى هذا المنتدى لاننى اريد له التمكين مش بالشعارات لكن بالدراسه المتانيه والمعرفه من كل الناس سواء كان مسلم اومسيحى ملتزم اومنفلت فانا لن احاسبه وهو سيقف امام الواحد الديان يحاسبه المهم ان مايقوله يخالف العقل والمنطق ام لا مايقوله يخالف الاصول ام لا --- لااعرف التخوين ولا العماشله ولااغتاب احد واطالب الجميع ان يكونوا محترمين مع الاخر
6- أري نشاط بارز وموضوعات متكررة حول الاسلام والإسلاميين فهل أنت عضو في جماعة لها أجندة خاصة أم سهر وكتابة وتعب من أجل ماذا فأنت تعلم أننا ندافع عن مبدأ وعن دين حماه ربنا إلي يوم الدين ولو كره الكافرون
وفي سلام الله وأمنه أيها الأخ الفاضل
اقسم بالله اننى لست عضوا فى اى حزب او جماعه ولاتربطنى باحد اللبراليين او العلمانيين ادنى صله اومعرفه شخصيه لامن قريب ولامن بعيد وان كل ما اتبه او اقوله لله ويدفعنى اليه غيرتى على الاسلام تستغرب ان الاخوان طلبوا منى ان ادخل معهم فى قائمه معا للاصلاح ورفضت فهم يعلمون اننى اغار على الاسلام من جهال هذا العصر اللذين اصر على انهم ينفذون حديث رسول الله (انصر اخاك ظالما او مظلوما )بمعناه الحزبى وليس بمعناه الشرعى
واخيرا احب ان اقول شيئا بسيطا اعترف به ان الله يعاقبنى لااننى خالفت حديث رسوله وتماديت فى الجدال العقيم دون جدوى فعاقبنى بكل هذا الكم من الاتهمات
ربما تبقى لى فى هذا المنتدى مشاركه وحيده ارد ففيها على ردك ده ان رديت ----اما ان لم ترد فوداعا اهل هذا المنتدى
اللهم اهدى قومى فانهم لايعلمون
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-09-2011, 02:16 PM
NoaReLNoaR NoaReLNoaR غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 11
معدل تقييم المستوى: 0
NoaReLNoaR is an unknown quantity at this point
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aymaan noor مشاهدة المشاركة
مقال رائع ، و يحتاج الى اعادة قراءته بهدوء ، وبعقل نقدى يستوعب الجيد منه ويحدد نقاط الاتفاق والاختلاف ، فجزاك الله كل الخير عليه ،
ولكنى فعلا أطالب كل من ينشر مقالا أن يوضح اسم الكاتب ومصدر المقال ، فالأمانة العلمية تقتضى ذلك

I agree with that
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-09-2011, 04:07 PM
الصورة الرمزية أيمن الوزير
أيمن الوزير أيمن الوزير غير متواجد حالياً
معلم لغة عربية بالأزهر الشريف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 1,566
معدل تقييم المستوى: 18
أيمن الوزير has a spectacular aura about
افتراضي

الأخ الفاضل غار بله اسمح لي أن أعبر عن رأيي
لقد رأيت في ردك أسلوب المداهنة والرقة ولسان الثعلب وذلك من خلال كلماتك الجميلة الجذابة ولكنك لم تعطيني جوابا صريحا علي بعض الأسئلة وأهمها
" هل المقال من إنشائك أم منقول ومن أين ؟ اعرض لنا شبهة وسنحاول والأعضاء الكرام برد علي كلامك ردا موضوعيا عقلانيا بعيدا عن التعصب لفكرة أو مذهب كما أرجوا منك عدم التعميم بفشل الإسلاميين لأن في التعميم إشارة واضحة لفشل المنهج وأنت كما قلت ولا نشكك في ذلك مسلم نريد أن يعلو شأن الإسلام وتبحث كما تشير علي الحقيقة ولكن ألا تلاحظ الكم الهائل من الأعضاء الذين يعارضونك بشدة بل قد يصل الأمر للشك في دينك هل تشعر أنك أنت العبقري العاقل المفكر والباقون جهلاء فلاحون لا يعقلون ولا يفكرون بما فيهم كل الإسلاميين الذين اتهمتهم بالفشل ولا تنس أخي أن من يعبد البقر يدعي أنها من أعقل الناس

وأخيرا أري أنك لا يمكن أن تغادر المنتدي كما أشرت لأنك إن كنت صاحب قضية وباحث عن حقيقة كما أشرت ستحاول الوصول إليها
وإن كنت كما ظن البعض فيك فستدخل المنتدي باسم آخر تدور حول الإسلام والإسلاميين ولا أحسبك الأخير

وفي رعاية الله وأمنه وسنلتقي إن لم يكن في الدنيا فأمام الله عز وجل القائل : وإنا أو إياكم لعلي هدي أو في ضلال مبين
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:21 PM.