#1
|
|||
|
|||
من هي فاطمة الزهراء؟
الحمد لله، حمدًا طيبًا، طاهرًا، مباركًا فيه، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربُّنا من شيء بعدُ، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد، الذي أرسله ربُّه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:
فإنَّ فاطمة الزهراء هي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي إحدى نساء أهل الجنة، فأحببت أن أذكِّر نفسي وإخواني الكرام بشيء مِن سيرتها المباركة. * النسب الشريف: هي فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف، وهي أصغر بنات النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ2 صـ119). أم فاطمة: هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ8 صـ16). ميلاد فاطمة: ولدت فاطمة قبل بعثة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بخمس سنين؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ8 صـ16). * كنية فاطمة: كانت فاطمة رضي الله عنها تكنى بأُمِّ أبيها، وتلقَّب بالزهراء؛ (الإصابة؛ لابن حجر العسقلاني جـ4 صـ365). * زواج فاطمة: تزوَّج علي بن أبي طالب بفاطمة سنة اثنتين من الهجرة، بعد غزوة بدر؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ8صـ18). روى النَّسائيُّ عن ابن عباس أن علي بن أبي طالب قال: تزوَّجت فاطمة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله، ابنِ بي (أريد أن أدخل بفاطمة)، قال: ((أعطها شيئًا))، قلت: ما عندي من شيء، قال: ((فأين درعك الحطمية (قيمته أربعمائة درهم)؟))، قلت: هي عندي، قال: ((فأعطها إياه))؛ (حديث صحيح)، (صحيح النسائي؛ للألباني جـ6 صـ129). * جهاز منزل فاطمة: روى أحمد عن علي بن أبي طالب أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوَّجَه فاطمة بَعَثَ معها بخميلة (قطعة من القطيفة)، ووسادة مِن أَدَمٍ (جلد) حشوها ليف، ورحيين وسقاء وجرتين؛ (إسناده حسن)، (مسند أحمد جـ2 صـ202 حديث: 838). * أولاد فاطمة: أولاد فاطمة رضي الله عنها خمسة، وهم: الحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم، وزينب؛ فأمَّا أمُّ كلثوم، فتزوَّجها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، فولدت له زيدًا، وأمَّا زينب، فتزوجها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، فتوفِّيت عنده، وولدت له عونًا وعليًّا؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ2صـ119، 125). * علم فاطمة: روت فاطمة رضي الله عنها ثمانية عشر حديثًا، منها حديث واحد متفق عليه عند البخاري ومسلم؛ حدَّثَت فاطمة عن أبيها نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم. * وروى عنها: ابنها الحسين، وعائشة، وأم سلمة، وأنس بن مالك، وغيرهم، وروايتها في الكتب الستة؛ (سِيَر أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ2صـ 119، 134). * التشابه بين فاطمة والنبيِّ صلى الله عليه وسلم: روى الترمذي عن عائشةَ أمِّ المؤمنين، قالت: "ما رأيت أحدًا أشبه سمتًا (هيئةً) ودلًّا (حسن الشمائل) وهديًا (طريقةً) برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قالت: "وكانت إذا دخلت على النبيِّ صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبَّلها وأجلسها في مجلسه (أي: تكريمًا لها)، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دَخَلَ عليها قامت من مجلسها فقبَّلته وأجلسته في مجلسها"؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 3039). * مناقب فاطمة: (1) روى الترمذي عن حذيفة بن اليمان، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ هذا مَلَك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة، استأذن ربَّه أن يسلِّم عليَّ ويبشِّرني بأنَّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأنَّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة))؛ (حديث صحيح)، (صحيح الترمذي للألباني حديث: 2975). * (2) روى أحمد عن ابن عباس، قال: خطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعةَ خطوط، قال: ((تدرون ما هذا؟))، فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران))؛ (حديث صحيح) (مسند أحمد جـ4صـ409 حديث: 2668). * (3) روى مسلم عن عائشة قالت: خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم غداةً (في الصباح) وعليه مرط مرحَّل من شعر أسود (نوع من الثياب)، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليٌّ فأدخله، ثم قال: ((﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]))؛ (مسلم حديث: 2424). * (4) قال الإمام الذهبي (رحمه الله): كانت فاطمة رضي الله عنها صابرةً ديِّنةً خيِّرةً صيِّنةً قانعةً شاكرةً لله تعالى؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ2 صـ119). * اجتهاد فاطمة في خدمة بيتها: قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): كانت فاطمة رضي الله عنها صابرةً مع علي بن أبي طالب على جهد العيش وضيقه؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ6 صـ33). * (1) روى البخاري عن علي بن أبي طالب أنَّ فاطمة عليهما السلام أَتَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى (أي: مما تطحن)، وبلغها أنَّه جاءه رقيق (أي: عبيد)، فلم تصادفه (أي: لم تقابله)، فذكَرتْ ذلك لعائشة، فلما جاء أَخْبَرَته عائشة، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقوم، فقال: ((على مكانكما))، فجاء فقعد بيني وبينها، حتى وجدت برد قدميه على بطني، فقال: ((ألا أدلُّكما على خير مما سألتما؟ إذا أويتما إلى فراشكما فسبِّحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبِّرا أربعًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم))؛ (البخاري حديث: 5361). * وقال الإمام ابن حجر العسقلاني (رحمه الله): الذي يلازم ذِكْر الله يعطى قوةً أعظم من القوَّة التي يعملها له الخادم، أو تُسهَّل الأمور عليه بحيث يكون تعاطيه أموره أسهل من تعاطي الخادم لها؛ (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني جـ9 صـ416). * فائدة مهمة: قال الإمام الطبري (رحمه الله): يؤخَذ من هذا الحديث أنَّ كلَّ مَن كانت لها طاقة من النساء على خدمة بيتها في خبز أو طحن أو غير ذلك أنَّ ذلك لا يلزم الزوج إذا كان معروفًا أنَّ مثلها يلي ذلك بنفسه، ووجه الأخذ أنَّ فاطمة لما سألت أباها صلى الله عليه وسلم الخادم، لم يأمر زوجها بأن يكفيَها ذلك إمَّا بإخدامها خادمًا، أو باستئجار مَن يقوم بذلك، أو بتعاطي ذلك بنفسه، ولو كانت كفاية ذلك إلى عليٍّ، لأَمَرَه به كما أَمَرَه أن يسوق إليها صداقها قبل الدخول، مع أنَّ سوق الصَّدَاق ليس بواجب إذا رضيت المرأة أن تؤخِّرَه، فكيف يأمره بما ليس بواجب عليه ويترك أن يأمره بالواجب؟ (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني جـ9 صـ417). * قال الإمام مالك بن أنس: إنَّ خدمة البيت تلزم المرأة ولو كانت الزوجة ذات قدر وشرف، إذا كان الزوج معسرًا؛ ولذلك ألزم النبيُّ صلى الله عليه وسلم فاطمة بالخدمة الباطنة وعليًّا بالخدمة الظاهرة؛ (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني جـ9 صـ417). * (2) قال علي بن أبي طالب لأُمِّه: اكفي فاطمة الخدمة خارجًا، وتكفيك هي العمل في البيت، والعجن، والخبز، والطحن؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ2 صـ125). * فاطمة تحفظ سرَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: روى الشيخان عن عائشة أمِّ المؤمنين، قالت: إنَّا كنا أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم عنده جميعًا، لم تغادر منا واحدة، فأقبَلَت فاطمة عليها السلام تمشي، لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا رآها رحَّب قال: ((مرحبًا بابنتي))، ثم أجلَسَها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارَّها (أي: أخبرها بسرٍّ)، فبكت بكاءً شديدًا، فلما رأى حزنها سارَّها الثانية، فإذا هي تضحك، فقلت لها أنا من بين نسائه: خصَّك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسرِّ من بيننا، ثم أنت تبكين، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: عمَّا سارَّك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سرَّه، فلمَّا توفي، قلت لها: عزمتُ عليك بما لي عليك من الحقِّ لما أخبرتني، قالت: أمَّا الآن فنعم، فأخبرَتْني، قالت: أمَّا حين سارَّني في الأمر الأول، فإنه أخبرني: ((أنَّ جبريل كان يعارضه بالقرآن كلَّ سنة مرَّةً، وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي اللهَ واصبري؛ فإني نعم السلف أنا لك))، قالت: فبَكَيْت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارَّني الثانية، قال: ((يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأُمَّة))؛ (البخاري حديث: 6285/ مسلم حديث: 2450). * غضب النبي صلى الله عليه وسلم من أجل فاطمة: روى الشيخان عن المسوَر بن مَخْرَمة قال: إنَّ علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمةَ عليها السلام، فسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في ذلك على منبره، فقال: ((إنَّ فاطمة مني، وأنا أتخوَّف أن تُفتن في دينها))، ثم ذكر صهرًا له من بني عبدشمس (أي: أبا العاص بن الربيع)، فأثنى عليه في مصاهرته إياه، قال: ((حدَّثني فصدَقني، ووعدَني فوَفَى لي، وإني لست أحرِّم حلالًا (أي: لا أقول شيئًا يخالف حكمَ الله) ولا أُحلُّ حرامًا، ولكنْ والله لا تجتمع بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنتُ عدوِّ الله أبدًا)). * وفي رواية للإمام مسلم (رحمه الله): عن المسور بن مخرمة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول: ((إنَّ بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم؛ فإنما ابنتي بضعة (قطعة لحم) مني، يَرِيبُني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها))؛ (البخاري حديث: 3110/ مسلم حديث: 2449). * قال الإمام النووي (رحمه الله): قال العلماء في هذا الحديث تحريم إيذاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم بكلِّ حال، وعلى كلِّ وجه، وإن تولد ذلك الإيذاء مما كان أصله مباحًا وهو حيٌّ، وهذا بخلاف غيره؛ قالوا: وقد أعلم صلى الله عليه وسلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعليٍّ بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لست أحرِّم حلالًا))، ولكن نهى عن الجمع بينهما؛ لعلتين منصوصتين: إحداهما: أن ذلك يؤدِّي إلى أذى فاطمة، فيتأذَّى حينئذٍ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فيهلك مَن آذاه، فنهى عن ذلك لكمال شفقته على عليِّ بن أبي طالب وعلى فاطمة، والثانية: خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة؛ (مسلم بشرح النووي جـ8 صـ243). * وقال الإمام ابن حجر العسقلاني (رحمه الله): الذي يظهر لي أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبيِّ صلى الله عليه وسلم ألا يُتزوَّج على بناته، ويحتمل أن يكون ذلك خاصًّا بفاطمة عليها السلام؛ (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني جـ9 صـ240). * وصية النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]: ((يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله، لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبدالمطلب، لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبدالمطلب، لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية عمَّة رسول الله، لا أغني عنك من الله شيئًا، يا فاطمة بنت رسول الله، سليني بما شئت، لا أغني عنك من الله شيئًا))؛ (مسلم حديث: 206). * علاقة فاطمة بزوجات النبيِّ صلى الله عليه وسلم: كانت علاقة فاطمة رضي الله عنها بزوجات النبيِّ صلى الله عليه وسلم علاقةً طيبةً، تقوم على الاحترام والحبِّ المتبادل، وكانوا يستعينون بفاطمة في بعض أمورهم. * روى مسلم عن عائشة زوج النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت: أرسل أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها، فقالت: يا رسول الله، إنَّ أزواجك أرسَلْنَني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، وأنا ساكتة، قالت: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيْ بُنيَّة، ألست تحبِّين ما أحبُّ؟))، فقالت: بلى، قال: ((فأحبِّي هذه))، قالت: فقامت فاطمة حين سمعتْ ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت إلى أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهن بالذي قالت وبالذي قال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقلن لها: ما نراك أغنيتِ عنَّا من شيء، فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له: إنَّ أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمة: والله لا أكلِّمه فيها أبدًا؛ (مسلم حديث 2442). * حزن فاطمة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم: روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "لما ثقُل النبيُّ صلى الله عليه وسلم جعل يتغشَّاه (يغطِّيه ما اشتد به من مرض)، فقالت فاطمة عليها السلام: وا كرب أباه! فقال لها: ((ليس على أبيك كرب بعد اليوم))، فلما مات قالت: يا أبتاه، أجاب ربًّا دعاه، يا أبتاه، مَن جنةُ الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه! (من نعي الميت: إذا أذاع موته وأخبر به)، فلمَّا دُفِن، قالت فاطمة عليها السلام: يا أنس، أطابت أنفسكم (أي: رضيت مع حبِّكم الشديد له) أن تحثوا (أي: تضعوا) على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟!"؛ (البخاري حديث: 4462). * فاطمة تطلب ميراثها: روى الشيخان عن عروة بن الزبير، أنَّ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أنَّ فاطمة عليها السلام ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها مما تَرَك رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا نُورَثُ، ما ترَكْنا صدقةٌ))، فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، قالت: وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما تَرَكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، وفدك (مكان بينه وبين المدينة)، وصدقته (أي: أملاكه التي صارت بعده صدقة موقوفة) بالمدينة، فأَبَى أبو بكر عليها ذلك، وقال: لست تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به؛ فإني أخشى إن تركت شيئًا مِن أَمْرِه أن أزيغ؛ (البخاري حديث: 3092/ مسلم حديث: 1759). * أبو بكر الصديق يصالح فاطمة: روى البيهقي عن الشعبي قال: لما مَرِضَت فاطمة رضي الله عنها، أتاها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فاستأذن عليها، فقال علي رضي الله عنه: يا فاطمة، هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتحبُّ أن آذَن له؟ قال: نعم، فأذِنَتْ له، فدخل عليها يترضَّاها وقال: والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاءَ مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البيت، ثم ترضَّاها حتى رَضِيت. * قال الإمام البيهقي (رحمه الله): هذا مرسل حسن بإسناد صحيح؛ (السنن الكبرى للبيهقي جـ6 صـ491 حديث 12735). * وفاة فاطمة: قال عبدالله بن عباس: فاطمة أول مَن جُعِل لها النعش، عملَتْه لها أسماء بنت عميس، وكانت قد رأته يُصنَع بأرض الحبشة؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ8 صـ23). * عن عمرة بنت عبدالرحمن قالت: صلَّى العباس بن عبدالمطلب على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونَزَلَ في حفرتها هو وعلي والفضل بن عباس، ودُفِنَت بالبقيع؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ8 صـ24). * توفِّيَت فاطمة رضي الله عنها ليلة الثلاثاء، لثلاثٍ خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة، وهي ابنة تسع وعشرين سنةً أو نحوها؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ8 صـ23). * رحم الله فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمةً واسعةً. أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلابَ العلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين. وصلَّى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. الشيخ صلاح نجيب الدق
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|