اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > القسم العلمى و الصحى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-05-2015, 11:56 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي الأمانة العلمية والمؤلَّفات العربية

الأمانة العلمية والمؤلَّفات العربية



د. كمال دسوقي









1 - فضائح السرقات ودعاوي التأديب والقضاء: من بين ما لا تخلو منه صحيفة يومية أو أسبوعية – بل كتُب بأكملها أحياناً – من النشر بعناوين صارخة عن (الفساد الجامعي) عموماً وأعمدة (فساد الأستاذ) الجامعي خصوصاً، سوف لا نعرض إلا لما يتعلق بالسرقات العلمية للمؤلفات والكتب الدراسية ولما يتصل بتزييف بحوث رسائل الماجستير والدكتوراه للتعيين والترقية وقضية الأمانة العلمية للأستاذ الذي يقتدي به تلاميذه وهم يسيرون على نهجه في تلقي العلم واثرائه بالبحث وتلقينه للأجيال. فالمجتمع العلمي والأدبي والفني يضج بما يتوالى النشر العلني عنه من فضائح (سرقات) المؤلفات والمصنفات والأعمال التي تزخر ساحات المحاكم بالدعاوي القضائية ضد تزييفها وانتحالها أو السطو عليها تحت اسم (الاقتباس) – بما قالت عنه مجلة ((المصور)) تحت عنوان: (لصوص بدرجة دكتوراه) إنه ليس سبعين قضية فقط كما نشر في إحدى الصحف بل ثلاث مئة أو أربع مئة وما أثار على صفحات ((الأهرام)) طرح قضية (الأمانة العلمية لأستاذ الجامعة: من يحميها: الصحافة، أم الجامعة، أم القراء) – وذلك (للبحث عن مخرج بتفكير عالٍ مسموع من الجميع)؛ حيث يقال أن المجتمع الذي يفرز هذا النمط من الأساتذة الجامعيين دون أن يحاسبهم أحد على ما اقترفوا في حق الله والعلم والوطن (والأبناء الطالعين من رحم الحاضر لفضاءات المستقبل) هو مجتمع في حالة جريمة، وأن السكوت على هذا النوع الفاضح من الجرائم تمكين للفوضى في المجتمع، ومحوٌ لحقوق ضحايا مدعي الفكر والبحث العلمي الذين ابتليت بهم الجامعة أخيراً، واتساع رقعة الفساد وامتداد أصابعه الخبيثة إلى مواقع كنا نعدها أمنع من أن يُتسلل إليها ويُعبث بها... وتكون مطالبة الأساتذة الغيورين قبل غيرهم أن لا تأخذ الجامعة رأفة بحالات غش أساتذتها هذه وهي تحرم الطالب من الدراسة عامين إذا غش في الامتحان – فكيف بالأستاذ؟ إنه لابد أن تضرب الجامعة بيد من حديد على كل من تسول له نفسه ذلك، حتى تعود للجامعة كرامتها وقدوتها للمجتمع.

وتحت عنوان فاضح بجريدة ((الوفد)) (في تاريخ 13/10/1994م) هو: بقع سوداء في ثوب الحرم الجامعي: وقائع عديدة تسيء لسمعة الجامعة وتشوه مكانة أساتذتها – أستاذ يشتري المتعة برسالة ماجستير، وآخر يبيع النجاح في الامتحان بمئة جنيه – نجد خبر مدرس مادة الصحة النفسية بكلية تربية جامعة... الذي حصل من كل طالب عند بدء الدراسة على خمسة عشر جنيهاً لحجز كتاب لم يظهر ولم يوزع وأعلن الطلاب بعد أداء الامتحان أنهم رسبوا جميعاً، وأن على من يريد النجاح إحضار مئة جنيه والتوجه إلى مسكنه للتعرف على ورقة إجابته... حيث دلت تحريات مباحث الأموال العامة على سوء سمعة وسلوك (الأستاذ) المتهم سابقاً في قضية شروع في *** أحد الأشخاص ببلدته، وأنه اعتاد في الجامعة منذ حصل على الدكتوراه وعُيَّن مدرساً قبل أربع سنوات على تقاضي مبالغ كبيرة وهدايا ذهبية من الطلاب نظير نجاحهم، وأنه هذا العام هدد من لا يستطيع دفع المئة جنيه بالرسوب في مادته، فهو يقبل ساعات يد وأجهزة كهربائية من الذين لا يستطيعون إحضار المبلغ المطلوب.
حتى في ((أخبار الحوادث)) التي تصدر عن دار ((أخبار اليوم)) (8/7/94) تنشر بعناوين ضخمة: فضيحة الطالبة والأستاذ بالصوت والصورة أسرار سقوط عميد كلية... والقبض عليه، حدَّد لطالبة الدراسات العليا الموضوعات التي ستكتبها وأبلغها بالدرجات التي أعطاها لها (ولا تستحقها) في مادة (الإحصاء) التي كانت تخاف الرسوب فيها فحصلت على 68 من 70 درجة وسجل عليه ردها وهو يهنئها: حلال عليك الأربعة آلاف جنيه التي أخذتها مقابل ذلك. والخبر كالأسطورة تبدأ بمفاجأة إبلاغ رئيس الجامعة بالقبض على المتهم غداة اشتراكه في حفل رئيس جامعة آخر بحصول ابنته على درجة الدكتوراه، وتنتقل لظروف كون العميد المتهم أصغر عميد بالجامعات لحصوله على الدكتوراه خلال عامين فقط أثناء خدمته برعاية الشباب بوزارة التعليم العالي، وتجديد العمادة له لفترة ثالثة على غير ما يتوقع الجميع. ومع هذا فلا دخل لذلك في صدفة اكتشاف علاقته بطالبة الدراسات العليا المصرية زوجة الثري العربي التي تشترك مع تجار مجوهرات في تهريب الذهب والماس، ولا في سوء حظه أن عمليات مراقبتها لمدة أربعة أشهر سجلت تردده عليها وحصوله على هداياها ورشاواها النفيسة مقابل تسريب الامتحان لها وضمان نجاحها. وأخيراً تأتي مفارقة اضطهاد وتحطيم نفس العميد لمعيدة بنفس الكلية لأنها رفضت الرضوخ لطلباته غير المشروعة مع إنها كانت الأولى على دفعتها عام تخرجها، وامتناعه عن تنفيذ حكم المحكمة العليا الملزم بتسجيلها للماجستير رغم دفع تعويض الخمسة آلاف جنيه المحكوم لها به، لكن الإصرار على عدم تسجيلها بكليته رغم استئناف مقاضاتها للعميد ورئيس الجامعة متضامنين بتعويض أكبر... مما كانت قد انفردت بالنشر عنه من قبل ((أخبار الحوادث)) أيضاً.
وفي مجلة ((عالم الكتاب)) التي تصدرها الهيئة المصرية العامة (عدد 35/1992م ص ص36 – 43) في باب: تساؤلات محاكمات للمدَّعي الببليوغرافي، بعنوان مثير: (بعد كل هذه السرقات، هل يبقى في هيئة الكتاب؟!) سكرتير تحرير المجلة السابق الذي طرد منها في صيف 1990م إثر عقوبات إدارية بالخصم من مرتبه وحرمانه من المكافأة، وتوجيه اللوم الشديد إليه... في عريضة الدعوى التي تقدم بها الدكتور يوسف زيدان التي اختتمها بقوله: (إنه لا يكفي تقديمة للمدعي الببليوغرافي بل للمدعي العام لتكون محاكمة قانونية لاببليوغرافية على سرقاته الفكرية (التي تفوق جرماً السرقات المادية) للرسالة الألواحية المنسوبة خطأ لابن سينا – وقد حققها ونشرها بدار الكتاب بطرابلس ليبيا الدكتور محمد سويسي (1990م) بخطئها في نسبتها للشيخ الرئيس الذي وقع فيه المحقق لاعتماده على المخطوطة الوحيدة المشتراه من بائع كتب بباريس 1954م وأثبت المدعي (د.زيدان – في مقال له بالعدد 34/1992م من مجلة عالم الكتاب) هذا الخطأ وطالب الناشر والمحقق الليبييَّن بالتنويه في طبعة قادمة إلى أن الرسالة ليست لابن سينا (مهما ترك اسم ابن سينا على الغلاف لتحل بركاته من أجل توزيع أفضل – بقدر ما أن وضع اسم الشيخ الرئيس على غلاف النسخة المشتراة من باريس خطأ أو عمداً كان بقصد رفع سعرها، والاشارة إلى أن المؤلف الأصلي للرسالة الألواحية المحفوظة نسختها الأصلية بمكتبة المتحف العراقي ببغداد (في 206 صفحات وعنوانها ((رسالة الألواح في الطب)) ) هو أبو سعيد بن إبراهيم المتطبب الهروي.
وكما يقابل مقدم الدعوى صورَتَي غلاف كتاب الناشر الليبي لتحقيق الدكتور سويسي وغلاف الكتاب المسروق الذي نشرته ((دار الجيل)) ببيروت معنوناً بأنه للشيخ الرئيس ابن سينا، قائلاً: (إن السارق لم يترك كلمة في الرسالة الألواحية إلا سرقها بالكامل – حتى أخطاء المحقق نقلها السارق كما هي دون أن يكلف نفسه حتى باسقاط الأخطاء والعبارات غير المفهومة) ويرى داعياً لقراءة الكتاب بعناية قبل سرقته، إذ كان على عجل لأن أمامه العديد من الكتب الأخرى الجاهزة للسطو عليها – ومنها الرسالة التي جاءت الدكتور زيدان من إحدى المؤسسات الصحفية الكبرى بطلب رأيه في سرقة أحد كتابين بعنوان واحد هو: ((الجمل في النحو)) للجرجاني المتوفى سنة 471هـ – الأول باسم محققه الدكتور عبدالحليم عبدالباسط المرصفي (نشر دار الهنا للطباعة)، والثاني باسم السارق على أنه شرح ودراسة وتحقيق (نشر دار الكتب العلمية ببيروت لبنان) – حيث ردَّ على المؤسسة بأن السرقة ظاهرة للعيان ولا تحتاج إلى رأي، فأفادوه بأن المحقق الأصلي حين نظر إلى النسخة المسروقة من كتابه وعليها اسم السارق أصيب بشلل نصفي ومات بعد أيام. كل هذا والسارق يهز كتفيه ويبتسم ويتمادى في السطو على الكتب بعد صدورها بعدة أشهر فقط ونشرها غالباً في دور نشر لبنانية – كأنما هذه المطبوعات في بيروت لا تصل إلى القاهرة، أو أن أحداً لن يقارن بين الطبعات وأنه – سوف ينجو بسرقته.
ويتزامن مع النشر الفاضح عن حالات السرقات الفردية لفكر وإبداع الآخرين في بحوثهم وتآليفهم للكسب المادي السريع دون جهد وعلى حساب الغير... النشرُ مجدداً عن قضية تزوير الكتب المصرية في بيروت، سرقة وتزوير الكتاب المصري في لبنان – منذ أعيدت إلى الحدود السورية اللبنانية أثناء إندلاع الحرب بين شطري اليمن سيارتا شحن محمَّلتان بالكتب المصرية المزورة، وقبل ذلك، منذ أرشد عن مخزون كبير من الكتب المصرية المزورة في بيروت وضبطه ناشرون لبنانيون أفاضل عز عليهم أن تسيء إلى شرف المهنة قلة من أدعياء النشر وتثرى على حساب الناشرين المصريين. الأمر الذي دعا إلى المطالبة بتعجيل عقد مؤتمر تدعو إليه وزارة الثقافة المصرية كجهة رسمية بالدولة التي يُضار أبناؤها من هذا التزوير وتحضُره الاتحادات الإقليمية للناشرين في البلاد العربية إلى جانب الناشرين المصريين وغيرهم من المهتمين بقضايا التأليف والنشر والطباعة والتوزيع.
وكان قد استشرى وباء سرطان تزوير الكتاب المصري الذي سبَّب للثقافة المصرية خسائر فادحة (مادية وأدبية) منذ أصبح الكتاب المصري نهباً مُباحاً أو ملكاً مشاعاً للصوص والمزورين، فضاعت حقوق المؤلفين والناشرين التي لم تعد تمثل شيئاً في نظر هذه (المافيا) التي دأبت على السطو والتزوير للتجارة والكسب غير المشروع. وقال الخانجي – أكبر متضرر في عملية التزوير هذه: إن التزوير يأخذ أكثر من شكل: فهناك الطبع بالتصوير مع الإكتفاء بحذف اسم الناشر الأصلي، وهناك حذف اسم المحقق (في كتب التراث خصوصاً) والناشر كليهما مع حذف بعض التعليقات وكتابة ديباجة مغايرة للتمويه – مع عبارة تقول: طبعة جديدة محققة، أشرف على تحقيقها لجنة من علماء الدار. وكذلك الحال في الكتب المؤلفة. وبينما وصل الأمر بالقارئ المصري أن يطلب دون حرج الطبعة البيروتية المزورة لأنها أجود طباعة وأقل سعراً؛ فالمؤلف المصري الذي يسعى للمطالبة بحقوقه المادية المنهوبة يسلقونه في تبجحٍ بألسنة حداد ويواجهونه بالاستنكار كأنما قد جاء ليستجدي ما ليس حقاً أو يطلب السؤال من اللص الذي سرقه. وبينما أرسل اتحاد الناشرين المصريين إلى بيروت وفداً برئاسة رئيسه محمد عبدالمنعم مراد التقى مع عدد من المسؤولين اللبنانيين بهدف الإتفاق على طريقة تتم بها استعادة حقوقهم عما تم تزويره ووقف التزوير مستقبلاً – ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً (ونقيبة الناشرين اللبنانيين تهاجمهم وتتهمهم بأنهم (المصريين) هم الذين يزورون، وتدعي أن التزوير الذي يتم في بيروت إنما هو لحساب ناشرين مصريين وباتفاق معهم)، وبينما أعضاء الوفد من الناشرين المصريين – لإيجاد حل جذري للموضوع وحسمه نهائياً بكافة السبل – ولو بالقانون الدولي والإنتربول – رافضين المساومات والحلول الجزئية من الجانب اللبناني التي أصبحت مهزلة متكررة – يطالبون بميثاق عربي يوقعه وزراء الثقافة لبحث قضية الكتاب ككل، وذلك في نطاق جامعة الدول العربية (كامل عكاشة، دار المعارف)، أو أن تشترك الدول العربية معاً في وضع قوانين حاسمة لحماية حقوق المؤلف والناشر (محمد الخانجي) أو أن تطالب الدول العربية بضرورة التوقيع على المعاهدة العربية التي أقرتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1993م (إبراهيم المعلم)...
بينما هذا وذاك يتفاعلان على جانبي الساحة، نشرت ((الوفد)) (1/11/1994م) أغرب فتوى يتلقاها بالفاكس ناشر مصري (محمد رشاد) في رسالة هي عبارة عن فتوى تسأل عن جواز طبع كتاب بدون إذن صاحبه مع وجود عبارة (كافة الحقوق محفوظة)، وجواب المرسل على لسان المفتي: (باسمه تعالى، لا دليل على عدم الجواز، والله أعلم)، وفتوى أخرى نشرتها مجلة ((منار الهدى)) تجيب على سؤال: ما حكم ما يكتب على بعض الكتب (حقوق الطبع محفوظة) بأنه (على زمن الصحابة والتابعين ومن بعدهم عُرف بين المسلمين أنه إذا ألف أحد كتاباً نافعاً لا ضرر منه يجوز لمن وقع في يده أن ينسخه ويوزعه – حتى كان هناك مكان للناسخين بأجرة، ويعرفون بالوراقين. هذا ما جرى عليه المسلمون سلفاً وخلفاً. فلا يغير الحكم الشرعي كتابة بعض الناس هذه الكلمة المخالفة للشرع مهما كثروا معنى هذا أن تزوير الكتب جائز شرعاً، وأن ملكية الباحثين والمؤلفين لبنات أفكارهم وثمرات قرائحهم مشاع مستباح للنهب والسطو والكسب غير المشروع على حساب افتقار العلماء وعوزهم إلى ما يسد رمقهم أو يشترون به مصادر علمهم ومعرفتهم.
2 – كشف الحِيَل الدفاعية، واثبات نَسَب الابداع: هكذا في جو محموم من التنطع والتبجح حيناً والاستكانة والاستخذاء حيناً آخر – على الصعيدين الفردي والقومي – ينتهي الأمر كما هي الحال في كل قضايا حياتنا اليوم إلى استصدار الفتوى الشرعية بالحرام والحلال من المأجورين والجهَّال. ويتداعى النشر عن قضايا السرقات الأدبية والفنية والبحوث العلمية والرسائل الجامعية، كما تحتدم مهاترات وقضايا الاتهام والتبرئة أو الحفظ (بين سارق يظل متمسكاً بالجلوس على مقعد الشهرة ومسروق يحلم بالوصول إلى هذا المقعد)، أو أساتذة يجمعون شتات الفصول من شتى المراجع دون جهد أو انتقاء ثم ينسبونها لأنفسهم لقاء حفنة جنيهات يكتوى بها طالب علم وباحث فقير ومحتاج (محمد حربي ((الأهرام)) 2/10، 24/10/1994م)... يتداعى النشر وتحتدم المهاترات لتمتد إلى الخارج كقضية (اثبات نسب الابداع) ( ((الوطن العربي)) 21/10/94) – حيث يتحدث النقاد عن الأسس التي تسهل عمل الناقد في محاولة اثبات أو دحض الاتهامات التي طالت تقريباً كل الرموز الأدبية.
فبعد عرض لما تشهده دهاليز المحاكم من دعاوي قضائية ضد ناشرة رواية ((هوس البحر)) بهيئة الكتاب من كاتبة مغمورة بالسويس كان قد سبق تقديمها الرواية للهيئة ولم تنشر وأيَّد النقاد صحة الاتهام، وبعد ثبوت أن قصة ((يابنفسج)) المنشورة بمجلة (إبداع) ليست إلا صورة بالكربون وترجمة حرفية لقصة ((الرواية الضائعة)) الانجليزية المترجمة للعربية والمنشورة بالملحق الأدبي لجريدة (المدينة) السعودية.. بل وفي الشعر اتهام كبار الشعراء بالسطو على مقاطع من قصائد شعراء انجليز ويونانيين ونسبتها لأنفسهم دون إشارة للمصدر الأصلي، والروايات وتحويلها إلى مسرحيات – ولو بوقائع تاريخية حقيقية لنفي شبهة عملية السطو أو السرقة فلم تمنع من رفع دعاوي قضائية، أو إلى مسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية (كالإرهابي لعادل إمام بين لينين الرملي ومحمد سلماوي) وكشف المستور بين القصصي أحمد الشيخ والسيناريست وحيد حامد) وأفلام البريء بطولة أحمد زكي والارهاب والكباب والمنسي بطولة عادل إمام (بين وحيد حامد والسيد نجم)... مما تحصد فيه شهرة السيناريست خصوصاً إذا كان أسامة أنور عكاشة هذه الاتهامات لت***عها من جذورها ويبوء المضرور بالحسرة والخسران.
هذا ولوضع أسس نقدية أدبية تسهِّل على الناقد أثبات نسب الابداع لصاحبه – يقول الدكتور جابر عصفور إن هناك طريقتين: الأولى تتمثل في المرويات والأخبار والشهادات التي يقولها المعاصرون عن المبدع، والثانية عبر الدراسات البحثية – مثل تحديد الخصائص الأسلوبية حيث لكل مبدع أسلوبه الخاص – التي تشبه (البصمة) ويصعب أن تتكرر في مبدع آخر. فبذا تم توثيق بعض عبقريات أحمد شوقي وابداعات فكر لويس عوض. ولقد أمكن بتقدم التكنولوجيا في العصر الحديث استخدام الكمبيوتر في عمل جداول بالخصائص المميزة للمبدع ثم التعرف بالعمليات الإحصائية على ما إذا كان العمل الأدبي هو لهذا المبدع أم لا – فبهذا تم توثيق أعمال (بل إثبات وجود) هو ميروس وشكسبير. لكن ماذا لو أن التأليف يكون بالتلفيق بين تناولات مؤلفين سابقين عديدين لمختلف فصول مادة الكتاب – حيث في كتابة كل فصل يبدو التماثل في المدخل للموضوع، وتسلسل الأفكار، وألفاظ العبارات... من الوضوح بما لا يهتدي معه حتى زملاء التخصص إلى المرجع المنقول عنه – خصوصاً إذا عمد الناقل للتمويه بمراجع عدة ليس بينها بالذات المرجع المنقول عنه – أو تعمد الإشارة لكتابات سابقة له هو (في رسالته العلمية أو مقال له أو بحث) من حين لآخر للإيهام بأن التأليف بكامله هو من بنات أفكاره وثمار قريحته – مع أن هذا أغبى أنواع التزييف، لأنه لا يعيب المؤلف أن ينسب للآخرين ما هو لهم حتى يتميز هو بما هو خاص به – إذ لا ينتظر من مؤلف ما في أحد العلوم أن تكون له دراسة متعمقة لكل أبواب وفصول موضوعات هذا العلم لم يسبقه إليها غيره في القديم والحديث ولو بلغة أجنبية في الخارج؟

إن الأستاذ الجامعي المتهم (بسرقة) 173 صفحة كاملة بهوامشها من كتاب أستاذ سابق له كان لا يزال على قيد الحياة وهو مقدم الشكوى في حقه لجامعته... ليتذرع حينئذ بالاقتباس ومشروعية حق الاقتباس (ولو فصول بأكملها وعشرات الصفحات دون تغيير كلمة واحدة) في التأليف والبحث العلمي ما دام يشير إلى مواطن الإقتباس ولو في قائمة المراجع بنهاية الكتاب إن لم ترد الإشارة في هوامش النص ويحتج بأن المصدر المنقول عنه مقتبس بدوره من آخرين سبقوه، وربما تبرأ من كون الكتاب المنسوب إليه والجاري معه التحقيق في سرقته هو لا يعرف عنه شيئاً. فليس له رقم إيداع في دار الكتب، ومن ثم فلا قضية هناك ويحفظ التحقيق لأن الكتاب المسروق يعد حينئذ مذكرة للتدريس يتعدل محتواها وتتغير تسميتها من عام لآخر – خصوصاً إذا أكد أنه لم يقرر تدريسها على الطلاب. وهكذا يخلو الكتاب المنتحل لأغراض تجارية عاجلة من ملكة التأليف بمنهج علمي أو موقف فكري أو رؤية ذاتية للموضوعات والقضايا الخاصة بالعلم حين يؤلف فيه نص دراسي وافٍ يحيط بكل جوانب المادة العلمية ويتميز على السابقين في المضمار. وعدم الحصول على رقم ايداع بدار الكتب للمذكرات الجامعية التي توزع داخل جدران الجامعة – حيث لا وقت للاجتهاد أو جمع مادة علمية خاصة بالأستاذ أو حتى عرض ونقد المؤلفات السابقة كتمهيد لآراء الأستاذ ومواقفه الفكرية الجديدة – فضلاً عن تغيير اسم المذكرة وترتيب فصولها والحذف والإضافة لكل عام جديد... كل هذا يعفي من المسؤولية الجنائية عن حق الغير. ولا عبرة بتحذير المؤلف الأصلي: حقوق الطبع والنشر محفوظة لأن التوزيع يتم داخل أسوار الجامعة خلال ثلاثة شهور الفصل الدراسي، أما عبارة: (كل نسخة غير مختومة تُعَد مسروقة ويعاقب حاملها قانوناً) فهي التي يحرص البعض على التمسك بها حيث يُدعَى الطلاب إلى مكاتبهم لختم نسخة كل منهم للتأكد من تمام توزيع عدد النسخ المطبوعة بقدر عدد الطلاب بالدفعة الجديدة. وأخيراً فربما دافع الأستاذ المتهم بعدم الأمانة بأن المسألة ليست مسألة تزييف كتاب أو سرقة أفكار، ولا مسألة صحافة وجامعة وقراء؛ بل الجري وراء الشياطين الحاقدين الذي لا يهمهم إلا الفرجة على مطاحنة الأخ لأخيه حتى الإطاحة به.

لذا – ففي تحليل واقعي رصين للكاتب المستنير أحمد عبدالمعطي حجازي (الأهرام 25/5/94) بعنوان (لابد أن ننقذ الجامعة) باعتبارها عقل النهضة وقلبها ويدَها الصَّنَاع: إذا سلمت الجامعة سلمت النهضة وسلمت مصر، وإذا مرضت الجامعة مرضت النهضة ومرضت مصر – أشار الكاتب إلى أن لصوص الفكر لا يسرقون التفسير واللغة والفلسفة فحسب (في الأمثلة المشهورة التي ذكرها) بل يسرقون الاقتصاد والطب والهندسة والرياضيات أيضاً... برسائل يتبين بعد التعيين بها في درجة مدرس أنها مسروقة من ألِفها إلى يائها، وبحوث يثبت بعد الترقية بها لأستاذ مساعد أنها مسروقة من مجلات أجنبية، بل برسائل يُشك في أن (الطالبة كتبتها أو أن الممتحنين قرأوها). وما ينشر عن سرقة الأبحاث وتجاوز شروط التعيين والترقية وبيع الشهادات... أقل بكثير مما تتداوله الأوساط الجامعية والأحاديث المغلقة. والوباء يستشري في جامعات العاصمة فما بالنا بالجامعات الإقليمية – لا ينجو من الإصابة به الأساتذة ورؤساء الأقسام والعمداء ورؤساء الجامعات، فماذا ننتظر من المدرسين والمعيدين والطلاب.
وفي تشخيصه للأسباب التي هيأت المناخ لاستشراء الوباء وسقوط الجسد الجامعي فريسة تدمير خلاياه التي قاومت بشجاعة (لأنها كانت سليمة، وروح النهضة متَّقدة، وآمال المجتمع عريضة) محاولات تربُّص الرجعية والسلطة كلتيهما بالجامعة في إبعاد طه حسين عن كلية الآداب عامي 1926 – 1932م – في المرة الأولى بسبب الزوابع التي أثيرت ضد كتابه ((في الشعر الجاهلي))، والثانية لرفضه لقد عاد عميداً للكلية أن يمنح الدكتوراه الفخرية لبعض السياسيين – ومنهم إسماعيل صدقي، وما كان من نقله لديوان الوزارة، واستقالة لطفي السيد حين لم يفلح في إقناع الوزير حلمي عيسى بالعدول عن قرار النقل، ثم عودة كليهما عميداً للكلية ومديراً للجامعة في وزارة توفيق نسيم – وكل ذلك بفضل نزاهة القضاء المصري المستنير. ولم تفلح الاغراءات الحكومية والحملات البوليسية إِلاَّ بعد عام 1954م حين تعرض اثنان واربعون من الأساتذة – في أول م***ة تعرضت لها الجامعة – إلى الفصل بسبب التوقيع على وثيقة دفاع عن الديمقراطية، فسَادَ الذعر كل صاحب رأي حر ولو لم تكن له علاقة بالسياسة، فأصبح اثبات الولاء للحكومة شرط البقاء في الجامعة – بل القفز منها إلى الوزارة. واستمرت الحال كذلك: الجامعة بلا حصانة، وفي خدمة السلطة – حتى م***ة سبتمبر/ أيلول 1981م التي فصل فيها الرئيس السادات حوالي 60 أستاذاً من الجامعة وتم نقلهم إلى وظائف مكتبية.
على أن ثالثة الأثافي، في تشخيص أسباب (الفساد الجامعي وفساد الأستاذ) في تحليل الكاتب: التوسع في إنشاء الجامعات الإقليمية لقبول كل الحاصلين على الثانوية العامة بأسبقية مجموع الدرجات التي حصلوا عليها بالحفظ والاستظهار والدروس الخصوصية) بصرف النظر عن الاستعداد للتعليم العالي أصلاً أو القدرات التي تؤهلهم للدراسة بالكلية التي قبلوا بها، ودون اعتبار لاستعداد الكليات (بتوافر الأساتذة، وطاقة المدرجات والمعامل والمكتبات) التي تستقبل سنوياً الآلاف؛ أو احتياج سوق العمل من التخصصات التي توزع عليها القوى العاملة الخريجين بالمئات بعد انتظار وتعطل عشر سنوات... لينتهي الأمر بالجامعة إلى أن تصبح مدارس تفريخ حملة شهادات، هدف الطلاب فيها الحصول على الشهادة الموصلة لأي وظيفة، والأستاذ الحصول على عائد توزيع كتابه المقرر الذي يحرص على شرائه الطلاب للنجاح في الامتحان... كلاهما بأقل جهد ودون عناء: الطالب في مكابدة التحصيل والاستذكار والاطلاع على مراجع أخرى وقراءات خاصة في موضوع الكتاب (المقرر)، والأستاذ في جدية التأليف وانتظام المحاضرات ومواصلة المناقشات ومتابعة التقييم والإرشاد حتى عدالة تصحيح الامتحان ونزاهة تبني المعيدين والمساعدين.
بذا يَصدُق ما قاله أستاذ فلسفة قديم في التعليق على حادث حصول باحث متأخر على الدكتوراه 1992م من جامعة الاسكندرية برسالة ماجستير مسروقة من باحث متقدم سنة 1980م (الذي نشرته تحت عنوان ضخم مجلة ((أخبار الأدب)) بتاريخ 25/9/1994م) وتعيينه مدرساً للفلسفة الإسلامية والتصوف بآداب جامعة إقليمية، حيث أكد أساتذة التخصص دعوى الباحث المتقدم بالسطو على رسالته فقد تم بالفعل نقل معظم مقدمة رسالة المدَّعي بنص الكلمات والحروف، وكذلك خمس صفحات تفسيره الخاص للاسراء والمعراج بما في ذلك الهوامش المتعلقة بنفس الصفحات دون أية إشارة لمرجعها الأصلي. ثم إن نتائج بحث المتأخر هي نفس نتائج بحث المتقدم – ممَّا يؤيد قول المضرور إن الباحث المتأخر لم يكن له في رسالته للدكتوراه من الاسكندرية بحث خاص به – لا من حيث المقدمة أو الأهداف ولا من حيث النتائج. فالبحث لم يعد له بهذه الطريقة هدف أو مضمون أو نتائج، لأنها كلها منقولة من رسالته هو للماجستير بكلية آداب القاهرة 1980م في موضوع (حال الفناء في التصوف الإسلامي)...
... يصدُق ما قاله بحق أستاذ الفلسفة الكبير بجامعة عين شمس على هذا الحادث المؤسف: إن خريجي هذه الأيام هم نتاج صادق لمجموعة من المذكرات الجامعية كتبت على عجل، وقام بوضعها وتدريسها مجموعة من الأساتذة والمدرسين. والمتفحص لهذه المذكرات التي تخرجت عليها أجيال كثيرة من الباحثين في الجامعات المصرية يجدها في حقيقة الأمر صورة مزرية من البحث والكتابة وأصول البحث العلمي ومنهجيته. وماذا يملك طلاب الدراسات العليا من زاد سوى ما نشأوا عليه من مذكرات منقولة دون ذكر في معظم الأحيان للمراجع المستقاة منها في العربية ذاتها – فضلاً عن مصادر العلم والفلسفة باللغات الأجنبية التي استطاع بها الرواد الآباء أن ينقلوا الثقافات العلمية والفلسفية في جميع عصورها وبكل لغاتها إلى جيل الأساتذة الحاليين الذين لا يجيدون لغة أجنبية وينقلون عن السابقين والمعاصرين مذكرات مجهولة المصدر ينسبها الطلاب إليهم ويتخذونها مراجع حتى للدراسات العليا؟ إن فاقد الشيء لا يعطيه، والطلاب والمشرفون على رسائلهم ما بين الاستسهال وعدم التدقيق والتأني في البحث والدرس يشجعون أحدهم الآخر على التسرع والسطو والانتحال.
3 – لجنة دائمة للرقابة على المؤلفات، والجزاء التأديبي للإقتباس.
وحين يتساءل ضحايا السرقات العلمية والغيورون على سمعة الجامعة ومستقبل الأجيال أخيراً عن: مَن يملك سلطة الحد من الظاهرة الخطيرة أو يحكم إصدار الكتب الجامعية؟ ترد إلى الذهن أول الأمر اللجان العلمية الدائمة التي تفحص إنتاج أعضاء هيئة التدريس الجامعي للترقية درجة بعد أخرى ثم تلقي لهم الحبل على الغارب – حيث يتنفس هؤلاء الصعداء ويتحررون من عرض انتاجهم العلمي تآليف وبحوثاً على آبائهم في العلم إن كانوا سينتجون أو شفيت صدورهم من كراهية هؤلاء الآباء الذين بيدهم الحكم على أدائهم العلمي – سواء المتشددون من الحكام والمقربين (محافظة على المستوى) والمجاملون (إتقاء كراهيتهم وتعقد نفوسهم وربما افترائهم عليهم بالغرض والهوى) فهاهم سيزاملونهم في عضوية اللجان ليرقوا أبناءهم ويحلوا محلهم في الأستاذية واشراف ومناقشة الرسائل وحضور الندوات والمؤتمرات بحكم مناصبهم كعمداء ورؤساء أقسام وأعضاء مجالس.. وإن لم يستغنوا عن أستاذهم فهم الذين سيعطونه فضلة خيرهم، فمن الخير له ولهم أن يبقى أستاذاً غير متفرغ حتى لا يشارك بفعالية في أعمال التدريس والامتحان – وكما يقول لبيب السباعي ( ((الأهرام)) 9/5/94) بعنوان: (ولا حتى يحاضر لطلابه): إن شغل الأستاذ بعد سن الستين لما يُعرف بوظيفة الأستاذ غير المتفرغ أثبت على مدى السنوات السابقة فشله، فالأستاذ ما إن يقترب من سن الستين حتى يستعد الورثة لتسلم التركة بدءاً من المكتب الذي يجلس إليه وحتى الكتاب الذي يُدرِّسه. ويصل الأمر في معظم الأحيان أن يجد هذا الأستاذ غير المتفرغ نفسه غريباً داخل الكلية التي أمضى بها سنوات عمره، أو على الأقل يجد نفسه غير مرغوب فيه.
لا سلطان إذن للجان العلمية الدائمة على من ترقى أستاذاً وتخلص من تدريس كتب أساتذته التي تعلم عليها ليكون له هو كتابه الخاص الذي يحصل على عائده من توزيعه – وهذا حقه. أكثر من هذا، فاللجان العلمية – حتى في الدراسات النظرية وخصوصاً بالكليات العملية تشترط للترقية بحوثاً ميدانية ذات جدوى في التخصص – بعضها منشور والبعض مقبول للنشر بمجلات علمية ذات هيئة تحكيم أغلبها من أعضاء اللجنة العلمية وإن يكن بمجلة كلية أخرى مناظرة لكلية المتقدم للترقية – الذي يتحمل نفقات النشر التي يُنفَق على التحرير (أو الإشتراك بالمؤتمر العلمي) من حصيلتها، ومنها يتحصل مقدم البحث على خطاب القبول للنشر لما لَم ينشَر بعد وعلى مستلات من بحثة لتقديمها للترقية، كما يتسابق على استيفاء عدد المطلوب نشره بالفعل إلى حد استصدار أعداد كاملة أغلبها لباحث واحد حان موعد تقديمه للترقية. وتتحرج اللجان من جانبها عن الحكم بعدم الصلاحية لبحوث سبق التحكيم بصلاحيتها للنشر. وهكذا تصبح الترقية بالبحوث في أحسن الظروف ولأحسن المستحقين بمشاركتهم في الانتاج العلمي مسألة أولوية استحقاق بالمواعيد، أو الرد (لمزيد من البحث) لتدارك التأخير في حالة الرفض لأول وثاني مرة. المهم أنه خلال انشغال عضو هيئة التدريس في زهرة شبابه العلمي ببحوث الترقية لا يتسع وقته للتأليف في مادة التخصص – باستكمال مذكرات تدريسه وتنقيحها عاماً بعد آخر لتصبح كاتباً دراسياً جامعاً يستغني به عن تدريس كتب الأقدمين، أو لا يضطر حين يطالب بحقه في تدريس فرع تخصصه بالقسم دون منازع أن ينقل على عجل أو (يقتبس) بالنقل عن الآخرين. وهكذا فإن تركيز اللجان الدائمة على البحوث للترقية، وعدم إعطاء التأليف أو الترجمة مهما حسنا تقديراً أكثر من (جهد علمي مشكور) هو الذي يضرّ بتدرج عضو هيئة التدريس في إعداد كتابه الدراسي الذي يحمل فكره وتأليفه.

ثم حين يتساءل أحد المتضررين بمرارة من السطو على مخطوطة كتابه والكتاب وصاحبه موجودان على قيد الحياة، ثم تقرير تدريس الكتاب المنقول على الطلاب.. يتساءل عن السبيل لاسترداد حقه قبل اللجوء إلى القضاء ورفع قضية التعويض بالحق (المدني) أو التظلم للجان الدائمة للترقية التي لا سلطان لها على عضو هيئة التدريس بعد حصوله على الأستاذية مهما رفضت ترقيته لأستاذ مساعد كأستاذ مرة ومرات، أو تنبهت لجنة الفحص للسرقة في بعض أعماله لكنها انتهت آخر الأمر إلى ترقيته كما يحدث في معظم الأحوال... حين يتساءل هذا المضرور بمرارة: أليس من حق (بل واجب) مجالس الكليات ومجالس الجامعات المعنيَّة أن تتخذ إجراءً صارماً – لا لإنصاف المضارين فقط، بل لردع العابثين المنحرفين، صوناً لكرامة الجامعة، وحفاظاً على جلالها وسمعتها؟ يجيب هو نفسه قائلاً: أحسَب أن الإجابة عن هذا السؤال هي في يد رؤساء هذه المجالس وفي يد أعضاء المجلس الأعلى للجامعات وأنه فيما بين اليأس المسيطر (أن ينتظر رداً من أحد لأن أحداً لا يهمه أن يكون الأستاذ الجامعي سارقاً للعلم مختلساً لحقوق وابداع الآخرين) ولغة الأمل والتفاؤل؛ يطمع في أن يرد عليه عميد الكلية أو رئيس الجامعة المنسوب إليها الأستاذ المتهم عن تساؤلاته من الذي يحكم عملية إصدار الكتب الجامعية؟ وما هو موقف الجامعة وقد عرفت بما جرى؟ وما هو دور اللجان التأديبية في هذه الحالات؟

إن أحداً لن يرد على تساؤلات هذا الأستاذ كما توقع، ولا على تساؤل آخر بالبنط العريض بـ((أخبار الأدب)) (عدد 56 في 7 يوليو 1994م) عن حادث مماثل: بعد هذا الكتاب؟ الذي نشره أستاذ مساعد فلسفة طنطا يتهم فيه أستاذ ورئيس قسم فلسفة الاسكندرية بالتزييف في كل أعماله العلمية التي يدرسها ككتب ومذكرات للطلاب): هل يستمر هذا الأستاذ رئيساً لقسم الفلسفة بجامعة الاسكندرية كما أن أحداً لن يستجيب لما نشر في عدد سابق بنفس المجلة بعنوان – الكتاب الجامعي أزمة كل عام: أستاذ يطالب بالمساءلة الجنائية لمن يبالغ في سعر الكتاب – وإن يكن في هذا المقال بحق التركيزُ على مسؤولية مجلس القسم عن التجارة بدل العلم: في ارتفاع سعر الكتاب المقرر، وتأخر تسليمه، وعدم ملاءمته للطلاب (حيث هو غالباً بحث الماجستير أو الدكتوراه وبحوث ترقية الأستاذ التي لا يمكن أن تغطي المقرر الكامل كموضوعات جزئية منه). هنا بالفعل مفتاح الحل. فالقسم العلمي بالجامعة هو الذي يوزع المقررات الدراسية على أعضائه، ويحدد الكتاب المقرر، وعليه تعرض بحوث التعيينات والترقيات قبل أن يرفعها مجلس الكلية إلى مجلس الجامعة... فهو الأكثر معرفة وإحاطة بالتخصصات الدقيقة لأعضائه والمقرر الذي أحدهم هو الأصلح لتدريسه... والعادة أن لا يحتدم نزاع حول أحقية أحد أعضاء القسم الأدبية على تدريس مقرر له فيه مؤلف أو مؤلفات ومن حقه استرداد تكاليف طباعتها، كما يتم بالتراضي حلول أستاذ محل آخر إذا أعير ثم استرداد مادته حين يعود أو يُعطَى أحدهما مقرراً بديلاً يمكنه التأليف فيه. كما قد يعتمد القسم كتاب واحد أو أكثر من الأعضاء كتأليف مشترك وتوزع الحصيلة على الجميع بنسبة درجات عضوية التدريس.
لكن الأغلب أن يكون التنازع حول حق المؤلف بين أساتذة في كليات مختلفة تخصصُهم واحد، وعلى فترات زمنية متباعدة بعض الشيء خلالها تقاعَد أو توفى أو أُعير إلى الخارج صاحبُ التأليف الأصلي. هنا لا يستطيع القسم العلمي أو رئيس الجامعة المدعَى على أحد أعضاء التدريس فيه بالانتحال أو السرقة أن يوقع العقوبة التأديبية إلا بعد تحقيق محايد ونزيه – بالنظر إلى فداحة العقوبات التي يقترحها مثلاً أستاذ هندسة الاسكندرية د.أحمد عبدالله حسام الدين ( ((الأهرام)) 31/10/94) كحل رادع تلك المأساة: ثانياً: يعاقب بالفصل من عمله من تثبت إدانته في نقل معلومات علمية ولو نقلها بتصرف أو نسخ أجزاء من عمل الآخرين دون الإشارة للمصدر أو بغير إذن المؤلف حيث تطبق قوانين حقوق التأليف بكل صرامة وجد، لأن هذه سرقة، والسرقة جريمة مخلة بالشرف، وجزاؤها الفصل التأديبي.
ثالثاً: حين يثبت للجان فحص الإنتاج العلمي أن الأعمال المقدمة منقولة أو مقتبسة وليست إضافة علمية للباحث، توصي اللجنة بعدم ترقيته نهائياً، بل لا يسمح له بالتقدم مرة أخرى – لكيلا يكون قدوة لتلاميذه في الغش والتدليس.
رابعاً: يعاقب بالسجن من يقوم بالسرقة العلمية – لكونها أخطر على المجتمع من السرقة المادية (التي قد يكون لمرتكبها العذر لضغوط معيشية أو ضائقة مالية) ولا عذر لأستاذ الجامعة في إرتكاب جريمة سرقة العلم.
خامساً: تبلغ الجهات العلمية والعالمية ودور النشر بأن هذا الأستاذ غشاش، فلا تنشر له أبحاث بالمجلات العلمية والدوريات المحترمة في الخارج، بل يوضع على قائمة المهددين بفضح ابتزازهم لأعمال الغير، وأولاً وقبل كل شيء: ضرورة تشكيل لجان في كل مادة علمية لتأليف الكتب (أو لكل كتاب جديد) بحيث لا ينشر كتاب إلا بعد أن تجيزه لجنة متخصصة – على غرار النظام المعمول به في جميع دول العالم وكثير من الدول العربية مثل الكويت – حيث اللجنة المشكلة من الخبراء والمعنيين تجيز ما تراه إسهاماً علمياً في هذا المجال، ولا تجيز المنقول أو الذي ليس به جديد أو له فائدة علمية، وأعضاء اللجنة أساتذة مشهود لهم بالعلم والحيدة والنزاهة قد مر عليهم في درجة الأستاذية عشرة أعوام.
المعوَّل عليه إذن في مواجهة هذا الخطر المحدث بفعالية التعليم العالي – الذي يقرنه وزير التعليم دائماً برفع مرتبات أعضاء هيئة التدريس كلما أعلن رفضه نظام الكتب الجامعية الذي يعتمد على المذكرات كمقررات (الوفد 2/11/1994م) – قاعدة الهرم الأكاديمي وهو مجلس القسم، وقمته التي هي المجلس الأعلى للجامعات – باعتبار أن مجلس الكلية ومجلس الجامعة ممثلين بالعميد والرئيس يصادقان على اقتراحات وترشيحات القسم المختص لرفعها كل منهما إلى الذي يعلوه. وقد رأينا أن ما يتوافر لمجلس القسم من صلاحيات معرفة كل عضو بتخصص بقية زملائه الدقيق وتعمقه واجتهاداته في عرض وبحث وتطوير موضوعات بعينها من هذا التخصص (الأمر الذي استحدث في النظم التربوية نظام التدريس بالفريق team teaching للمادة الواحدة بنجاح منقطع النظير) فهو وإن نجح في توزيع المقرر الدراسي المقترن بكتاب شامل لكل موضوعات المقرر هو لأحد مدرسي المادة أو أكثر أو حتى باسم هيئة التدريس مجتمعين مع تقاسم العائد المادي منه... لا يمنع التنافس الخفي بين التقدير الذاتي وصورة الآخر(ين) على أحقية كل منهم في التميز أو السبق في الترقية على قدر جهده وأدائه وتفوقه التي يشاركه فيها الأقل أصالة وتميزاً في اجتناء الثمار – مما يجعلهم يقبلون طواعية وبرضى نفس مفارقات ترقية الأحدث قبل الأقدم، ولولا أن الترقيات في الجامعة لا تتم بمجرد الأقدمية كما في الوظائف العامة الأخرى (حتى لا يركن الأساتذة إلى الدعة وتخمد جذوة البحث المؤدي إلى تطوير وتقدم العلم، وأن الطلاب أنفسهم خير حكم على جدية وأمانة أستاذ دون آخر في البذل والعطاء... لما أمكن تعاون أعضاء مجلس القسم الظاهر في الرضا بوضع كل منهم الأدبي (ما دام ينال نصيبه المادي في استيفاء النصاب وفي المحاضرات الإضافية وحصيلة المذكرة التدريسية...)، ولما أمكن تقبل الترتيب غير الرسمي في التدرج الهرمي حتى رئاسة القسم. فهناك تفاهم ضمني على أسبقيات التقدم للترقية وخلافة رئاسة القسم وتقاسم الأعمال الإدارية والأنشطة الطلابية والمجاملات الاجتماعية الشخصية والأسرية... التي لا تنفي الحرص على تقرير الذات ومسايرة اعتبارات الصالح العام والخاص. ويتوقف الأمر دائماً على براعة القيادات الجامعية من رئيس القسم حتى رئيس الجامعة في امتصاص الخلافات وحسم المنازعات وخلق الترضيات والتسويات... على كل مستوى قبل أن تصل إلى الذي فوقه أو يعمد البعض إلى تخطي الرئاسات والشكوى لجهة خارجية.

لكن ماذا إذا اشتعل الصراع حول أحقية أحد الأعضاء في تدريس كتابه الخاص وحده دون شريك في عائده المادي – خصوصاً لطلبة دفعة كبيرة العدد – بينما زملاؤه ينظرون إليه في إزدراء أنانيته وتعاليه، وخصوصاً أيضاً إذا كان قد تربع طويلاً على العرش أو ليست به حاجة لمزيد من الكسب والثراء على حساب افتقارهم وحاجتهم هم أيضاً لتكوين أنفسهم مادياً، فراحوا ينبشون قبره ويُسفِّهون علمه... ولم تفلح قيادات القسم أو الكلية أو الجامعة في رده إلى حظيرة الزملاء قبل أن يتمادوا في تحطيمه بالطعن في سلوكه وأخلاقياته الشخصية بالنشر الصحفي أو لدى لجان الترقية في بحوثه التي ترقى بها للأستاذية – إلى حد رفع قضايا التزييف والانتحال لما يؤلف أو يدرس أمام القضاء، واستعداء أساتذة في جامعات أخرى لهم مؤلفات في نفس التخصص؟ هنا – لا غنى عن سلطة رقابية على المؤلفات بالمجلس الأعلى للجامعات الذي تتبعه اللجان العلمية الدائمة للترقيات يحيل عليها رئيس الجامعة المتهم أحد أعضاء هيئة التدريس بها الكتاب المطعون عليه (أو المضرور صاحب الحق الأدبي) للتقرير عن التزييف أو الانتحال الذي يستوجب العقوبة التأديبية. فاللجان الدائمة للترقيات بوضعها الحالي الذي يقصر مهمتها على ترقية المدرسين إلى أساتذة مساعدين، وهؤلاء إلى أساتذة في لجنتين كثيراً ما يجمع البعضُ بين عضويتهما مع ما يستجد من أعضاء استوفوا ثلاث وخمس سنوات (رفعت إلى خمس وسبع سنوات) حصول على الأستاذية – لإتاحة الفرصة لشباب الأساتذة أن يأخذوا دورهم في ترقية مساعديهم (ضماناً لولائهم وتسلسل أقدمياتهم) ثم تكملة الخمسة والعشرين عضواً بكل لجنتي تخصص بخمسة أساتذة متفرغين وغير متفرغين بالاختيار... قد عدلت في التشكيل قبل الحالي لتستبعد قدامى الأساتذة الذين مضى على أستاذيتهم أكثر من عشر سنوات (بل عشرين وثلاثين سنة) – حيث لا دور لهم في قيادة شباب هيئة التدريس (بقدر ما للأساتذة رؤساء الأقسام وعمداء الكليات أعضاء اللجان) نحو الاستفادة بولاء هؤلاء في انضباط الإدارة وحسن سير العمل الذي أصبح يرجح كفة الأبوة العلمية. وكثيراً ما لم تستوف اللجان عدد الأعضاء الخمسة والعشرين مع وجود عجز في شباب الأساتذة ووفرة في الشيوخ الذين لا زالوا على قيد الحياة في قمة مجدهم العلمي.


والآن – فإن قدامى السن من الأساتذة هؤلاء، الذين تقاعدوا عن تولي المراكز الإدارية بالقسم أو الوكالة أو العمادة أكثر من عشر سنوات، (وكان قد اقترح قبل الثمانينات أن يكونوا أساتذة ممتازين أو أساتذة بحث – بدرجة نائب رئيس محكمة عليا – تعويضاً لمن لم يصل منهم إلى هذه المناصب قبل بلوغ السن، وتشجيعاً للأساتذة على عدم التسابق إلى هذه المراكز – لولا ثورة نوادي هيئة التدريس حينئذ على تسمية (ممتاز) مهما أخلوا الجو لهم)... هؤلاء الأساتذة المخضرمون بما بقي لهم من شيوخة وتجرد هم الذين ينبغي أن تخصص لهم الخمسة المقاعد فوق العشرين (وما لا يستكمل بالشباب حتى العشرين) الأقدم فالأقدم في كل لجنة علمية، ليختار من بينهم رئيس الجامعة الذي لديه شكوى أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعته في حق زميل له (بدل أن يشكل لجنة محلية أو داخلية تكون أميل إلى التستر والتغطية وإهدار حق المضرور لصالح السلام والاستقرار داخل الجامعة – كما يحدث أغلب الأحيان)، ويحيل التحقيق الأكاديمي في موضوع الشكوى الذي يقرر له عنه هؤلاء الحكماء الحكام إلى مجلس التأديب الذي يقضي بأحد الجزاءات التأديبية المنصوص عليها في المادة 110 من قانوني تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972م وتعديلاته – التي تتدرج من التنبيه واللوم حتى العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة، أو العزل مع الحرمان منهما في حدود الربع. فحين يثبت التقرير العلمي واقعة السرقة أو التزييف أو الانتحال (فكل فعل يزري بشرف عضو هيئة التدريس أو من شأنه أن يمس نزاهته أو فيه مخالفة لنص المادة 103 (في شأن الدروس الخصوصية مثلاً) يكون جزاؤه العزل.


والمعايير التي سوف تستهدى بها السلطة الرقابية على المؤلفات هذه داخل اللجان العلمية الدائمة بالمجلس الأعلى في إثبات جريمة (التقليد) كاعتداء على حق المؤلف المادي والأدبي – وبالتالي حماية حقوق المؤلف الأصلي... موجودة بالقانون المصري رقم 354 لسنة 1954م وتعديلاته، وقبل ذلك بمشروع قانون الجامعة العربية لحماية حق المؤلف (1947م) وتعديلاته – إن يكن في الترجمة من لغة أجنبية إلى العربية قبل مضي خمس سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلي، وما لم يكن صاحبه قد حفظ لنفسه حق التأليف خمسين سنة بعد وفاته – مما يمكن اعماله في المؤلفات العربية أيضاً – حيث تجري التفرقة بين ما إذا كان النقل عن المؤلفات الأخرى اجتزاء citation بالنص الحرفي لبعض ما ورد في المصنف المنقول عنه، أو جمع وتبويب مختارات من عدة كتب بجهد تأليفي أو تصنيفي شخصي compilation، أو اقتباس الفكرة دون النص التعبيري عنها – وكلها ليست جريمة تقليد ولا تستوجب حق الحماية – ما دام الناقل يشير دائماً وبأمانة علمية وفي كل موضع (مهما تكررت الإشارة بتكرر الإجتزاءات) للمصدر المنقول عنه واسم مؤلفه، وما دام الاجتزاء ليس نقلاً كاملاً وبتوسع، ولو بحجة التعليق على النص. فمعيار القلة والكثرة في الاجتزاء – الذي يسمونه الاقتباس – أن لا يغني الكتاب المنقول عن الكتاب الأصل وينافسه، أي أن لا يغني الكتاب الجديد وقارئه عن الرجوع للمصدر المنقول عنه فيكون اعتداء على الحق الأدبي والمادي للغير يستوجب التعويض علماً بأن القضاء الفرنسي المأخوذ عنه هذه التشريعات سمح في هذه الأحكام تشجيعاً للأغراض العلمية والتعلمية والثقافية الفرانكفونية ولا يصل إلى درجة التشدد التي وصل إليها الأمريكيون مؤخراً للحد من السرقات العلمية والأدبية والفنية لا للمؤلفات المطبوعة وحدها بل لأَشْرطة التسجيل المسموعة والمرئية بالتلفاز والفيديو والحاسبات الإلكترونية وقنوات الارسال والاستقبال الفضائية.



رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:30 PM.