اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم (مكتوب و مسموع و مرئي)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-02-2014, 07:14 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New تلاؤم المعاني في سورة الرعد


تلاؤم المعاني في سورة الرعد


ما سبق عرضه من الأمثلة والشواهد على التلاؤم في الألفاظ والتراكيب يمكن أن يُستدَلَّ به على التلاؤم في المعاني، ولكن لزيادة الإيضاح نومئ إلى شيء من مظاهر التلاؤم في معاني الآيات في طائفة أخرى.

ومعلوم أن المعاني القرآنية تتحدث عن كل ما من شأنه إثبات الألوهية لله الواحد الأحد، بل إن الحديث عن الله - جل جلاله - له الجزء الأكبر من معاني السورة القرآنية جميعها؛ فالمتأمل يلحظ في كل سورة - بل في كل آية - معنى يساق "لضرب المثل الأعلى لله، فهو السميع البصير، على كل شيء قدير، غفور رحيم، عزيز حكيم، حي قيوم، واسع عليم، بصير بالعباد، يحب المحسنين، ولا يحب الظالمين، واحد قهار، كبير متعالٍ، عالم الغيب والشهادة، الملك القدوس، السلام المؤمن المهيمن، العزيز الجبار المتكبر، الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى[1]".

إلى غير ذلك من معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى، بالإضافة إلى المعاني الكونية، ومعاني الأعمال الصالحة، والأعمال السيئة، وذكر الوعد والوعيد، والجنة والنار، والثواب والعقاب، ونحو ذلك من المعاني السامية التي تحدث عنها القرآنُ جملة وتفصيلاً.

وقد عرضت سورة الرعد لكثير من المعاني الرفيعة؛ حيث تحدثت آياتها عن الله - جل ثناؤه - في أروع أسلوب، وأبدع تركيب، وجاء المعنى منسقًا متلائمًا مع ما قبله، وما بعده.

فالله هو الذي رفع السموات بغير عمد، وهذا معنى القوة والعظمة، يأتي بعده في جانب ذكر الله قولُه - تعالى -: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الرعد: 2]، وهنا يبرز معنى العلو المطلق الذي يليق بجلال من خلق السموات والأرض وما فيهن، وما بينهما.

وبعده يستمر السياق متحدثًا عن تعاقب الليل والنهار، وهنا معنى القدرة القادرة يأتي بعد كمال المعاني الرفيعة السامية لله - تعالى.

وبين تلك الآيات ظلال وارفة تحمل من المعاني ما يليق بكل معنى سابق أو لاحق؛ ففي جانب الحديث عن الله يأتي معنى يسوقه قوله - سبحانه -: ﴿ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾ [الرعد: 2]؛ فالمطلوب هنا هو التصديق والإيمان، ثم معنى عن الكون، وما أودع فيه من نِعم ومنافع لصالح كل ما يدب على الأرض، فهناك معنى تسخير الشمس والقمر، ومد الأرض، وتفجير الأنهار، وتعاقب الليل والنهار.
• • •

وبعد تلك المعاني يأتي في السياق ما يلائم ذكرها من معنى التدبر والتفكر، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرعد: 3] فالتفكُّر ومعناه: هما الغاية السامية لكل ذي عقل ودين.

ويأتي معنى الربوبية والألوهية الخالصة تسوقه الآية الكريمة من قوله - تعالى -: ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [الرعد: 15]، وروعة النظم أن جاء بعد المعنى ما يتطلبه مقام الآية هنا؛ إذ تسوق الآية الكريمة معنى الإنكار على الكفار لتوحيد الألوهية من قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الرعد: 16] ويأتي إثبات ذلك في قوله: ﴿ قُلِ اللَّهُ ﴾ [الرعد: 16].

وتجد معنى القوة والقهر في قوله: ﴿ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد: 16] يأتي بعده معنى يلائم تلك القوة وهذا السلطان من قوله: ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾ [الرعد: 17] فمن ذا الذي يستطيع إنزال الماء من السماء غير الله ذي القوة والرزق المتين؟ ﴿ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾ [الواقعة: 69].

وضَعْ بين يديك آيات أخر مما تحدثت عنه السورة الكريمة من المعاني.

يقول - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ [الرعد: 36].
لقد رسمت تلك الآية معنى الأمر بالعبودية الخالصة لله، لا شريك له، والدعوة إليه لا إلى غيره، والمرجع إليه دون سواه؛ فالمعاني هنا متلائمة مترابطة؛ إذ بعد تحقيق معنى العبودية يأتي معنى دفع الشرك وطرحه، وبعد تحقيق هذين الغرضين يأتي معنى الدعوة إلى الله؛ إيمانًا به وإخلاصًا في عبادته، ولا أجلَّ ولا أشرف من الأعمال بعد تحقيق العبادة، ونبذ الشرك، شيء سوى الدعوة إليه سبحانه، وبعد تحقيق تلك المعاني تومئ الآية الكريمة إلى المعاد من قوله - تعالى -: ﴿ وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ حتى يقر في النفس البشرية معنى الجزاء، وما فيه من ثواب أو عقاب.

فإن قلت: ما الصلة، وما وجه التلاؤم بين معنى: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ﴾ [الرعد: 36] بما قبله؟ قيل لك: هو جواب للمنكرين، معناه: قل: إنما أمرت فيما أنزل إليَّ بأن أعبد الله، ولا أشرك به؛ فإنكاركم له إنكار لعبادته وتوحيده، فانظروا ماذا تنكرون مع ادعائكم وجوب عبادة الله، وأن لا يُشرَك به[2]".

وتأمل قوله - تعالى -: ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ ﴾ [الرعد: 33] إلى قوله - تعالى -: ﴿ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ﴾ [الرعد: 34].

فقد رسمت الآيات هنا معنى إحاطة علم الله بكل نفس، ومعنى الإنكار على اتخاذ الشركاء، وتوجب أن يأتي إنكار الشرك والشركاء بعد معنى إحاطة علم الله بكل شيء، ثم ولِيَ هذا الإنكار معنى اتباع الهوى، والإعراض عن سبيل الله، وولي هذا الإعراض ما يستحق عليه المعرضُ من جزاء في الحياة الدنيا، وفي الآخرة، ثم ختم هذا المعنى بذكر عدم القدرة على الإفلات من عذاب الله في الحالين.

ومسك الختام عن تلاؤم المعاني في سورة الرعد قول الله في خاتمتها: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 43].

فالآية هنا تقرر إثبات الرسالة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - في أرقى معاني الإثبات؛ إذ تسوق نفي الكفار لرسالة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وتدحض ذلك النفي الشنيع "بما يظهر رسالته من الحجج القاطعة والبينات الساطعة، ذلك الإثبات المتمثل في شهادة الله التي لا مندوحة عنها إلى شاهد آخر[3]".

إذا كان هذا عن التلاؤم بين الألفاظ، والتراكيب، والمعاني، فكيف به في جوِّ السورة العام؟ ذلك ما سنعرض له في المقالات التالية.

[1] انظر من بلاغة القرآن للدكتور أحمد أحمد بدوي ص 253، الطبعة الثانية 1370هـ، مطبعة نهضة مصر.

[2] انظر الكشاف الزمخشري ص 362، طبعة دار الفكر بيروت.

[3] انظر تفسير أبي السعود ص 235، تحقيق عبدالقادر أحمد عطا، مطبعة السعادة بمصر.








__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:16 PM.