اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-03-2014, 11:43 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New الإيمان قبل القرآن


الإيمان قبل القرآن



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد:

فقد روى الحاكمُ والبيهقي في سُننه بسندٍ صحيح من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: لقد عِشنا بُرْهة من دهرنا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلَّم حلالَها وحرامَها، وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها، كما تعلمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه، فيَنْثُره نثْرَ الدَّقَل.


إذا غاب الوعي في أولويات الأُمَّة، واضطرب مِيزانُها، فقدَّمت ما يَستحِقُّ التأخيرَ، أو أخَّرت ما يستحق التقديم - تغيَّر حالُها وتضاءل شأنها، واضمحلَّت قوَّتُها، هذا ما نفهمه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق، وهو يتحدَّث عن جيل قريب من جيله، وزمان يُحاكي زمانه، شرعوا في تعلُّم القرآن قبل الإيمان، وكأنهم خالَفوا سُنَّة النبي العدنان في ذلك، الذي علَّم أصحابَه الإيمانَ قبل القرآن؛ ليقفوا عند حدوده، ويأتمروا بأمره، وينتهوا بنهيه.


وهذا ما أكَّده جندب بن عبدالله رضي الله عنه، والحديث عند ابن ماجه بسند صحيح، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حَزاوِرَة، فتعلَّمنا الإيمان قبل أن نتعلَّم القرآن، فازددنا به إيمانًا.

فكيف ترجو ممن لم يَصِل إلى حقيقة الإيمان أن يتفاعل مع القرآن؟ وهل العمل بآيات القرآن إلا فَرْع من ذلك الإيمان الذي وقَر في القلب، ولَهِج به اللسان فصدَّقته الجوارح؟

وكذا جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصَّل، فيها ذِكْر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تَشربوا الخمرَ، لقالوا: لا نَدَع الخمرَ أبدًا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدًا، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم، وإني لجارية ألعب: ﴿ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ﴾ [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده.

وكأنها رضي الله عنها تقول: إن آيات الإيمان نزلت قبل آيات الأحكام، فآمن الناس أولاً ثم عمِلوا بالأحكام ثانيًا، وربما هذا من أهم الأسباب لنكبات الأمة اليوم، فلأنها قدَّمت أمورًا على الإيمان حصل الخللُ الذي نراه.

تأمَّل فيما نزل من السور المكية في ثلاثة عشر عامًا، وهي تُخاطِب الناسَ بكل مفردات الإيمان، الإيمان بالله وملائكته وكُتُبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، واقرأ سورة العاديات أو العلق أو الغاشية أو المزمل أو المدثر أو النبأ، سترى أثرَ الخطاب في مسائل الإيمان واضحًا جدًّا.

إننا اليوم نعيش جفافًا رُوحيًّا وإيمانيًّا، فنُقدِّم القرآنَ على الإيمان، ونُقدِّم الأحكام على الإيمان، ونُقدِّم الأعمالَ على النيات، ونُقدِّم الظاهرَ على الباطن، فانقلبت الموازين، وتغيَّرت الأولويات، فما بتنا نسمع مَن تَهُزه الآيات عند قراءتها، كما كان حال الأولين، فهذا عمر رضي الله عنه يسمع سورة الطور وفيها: ﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ ﴾ [الطور: 7، 8]، فيمرض ويعوده الناس، وما به من عِلَّة إلا الخوف من الجبار جل في علاه.

ترانا نهتمُّ بالصلاة وسُننها وواجباتها وأركانها، والصيام وسننه وواجباته وأركانه، والحج وسننه وواجباته وأركانه، ولا نهتم بعبادات القلب؛ كالخوف والرجاء والمحبة والإنابة والاستعانة والخضوع والخشوع والاستسلام والانقياد والإخبات والرهبة والرغبة والخَشية والتوكل واليقين؛ لذلك اختلف إيماننا عن إيمانهم.

أبو ذر رضي الله عنه يُسلِم فيقول: يا رسول الله، والله لا أسكت حتى أُعلِنها بين ظهرانَيْهم، فيخرج إلى قريش في ناديها ويرفع صوتَه وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، فينهالوا عليه ضربًا حتى خضَّبوا جسدَه بالدماء، وكاد يموت لولا العباس رضي الله عنه حال بينه والقوم، فقال: ويحكم! أت***ون رجلاً من غفار وتجارتكم لا تَمُر إلا من خلالهم؟

فأي إيمان هذا الذي بلغه أبو ذر؟

سل بلالاً ما الذي دعاك لأن تَصمُد أمام العذاب يوم أن نَكَّلت بك قريش؟ فسيجيبك: إنها حلاوة الإيمان التي أذابت مرارة العذاب.

سل آل ياسر: كيف صبرتُم على أذى المشركين؟ فسيقولون: حلاوة الإيمان، يوم أن قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: ((صبرًا آل ياسر؛ فإن موعدكم الجنة)).

روى البيهقي في شُعب الإيمان من حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يومًا، فاستقبله شاب من الأنصار، يقال له: حارثة بن النعمان، فقال له: ((كيف أصبحت يا حارثة؟))، قال: أصبحتُ مؤمنًا حقًّا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انظر ما تقول؛ فإن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟))، قال: فقال: عزفتْ نفسي عن الدنيا؛ فأسهرتُ ليلي، وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزًا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة كيف يتزاوَرون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار كيف يتعادَوْن فيها، فقال: فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أبصرتَ، فالزَمْ)) مرتين، عبد نوَّر اللهُ الإيمان في قلبه، قال: فنُودي يومًا في الخيل، يا خيل الله، اركبي، فكان أول فارس ركِب، وأول فارس استشهد، فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، أخبِرني عن ابني حارثة، أين هو؟ إن يكن في الجنة لم أبكِ ولم أحزن، وإن يكن في النار، بكيت ما عِشْت في الدنيا، قال: فقال: لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أم حارثة، إنها ليست بجنة، ولكنها جِنان، وحارثة في الفردوس الأعلى))، قال: فانصرفت وهي تضحك وتقول: بخ بخ لك يا حارثةُ.

إنه الإيمان الذي يَزيد بالطاعات، ويَنقُص بالمعاصي والسيئات، إنه الإيمان الذي هو قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، إنه الإيمان الذي هو بضع وسبعون شُعْبة: أعلاها: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، إنه الإيمان بالله ربًّا وإلهًا، خالقًا رازقًا، محييًا مميتًا، قادرًا قويًّا، عزيزًا عليمًا حكيمًا، إنَّه الإيمان بكل مفرداته ومعانيه ومضمونه، والذي إذا جاءت بعده آيات القرآن فليس لصاحبه إلا الإذعان؛ فهذا أبو الدَّحْداح - والحديث عند البزار والبيهقي في الشُّعب من حديث عبدالله بن مسعود - قال: لما نزلت: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ [البقرة: 245]، قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله، وإن الله ليريد منا القرضَ؟ قال: ((نعم يا أبا الدحداح))، قال: أرني يدَك يا رسول الله، قال: فتناول يده، قال: فإني قد أقرضتُ ربي حائطي، قال: وحائطه فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها، قال: فجاء أبو الدحداح فناداها: يا أم الدحداح، فقالت: لبيك، فقال: اخرجي؛ فقد أقرضته ربي.

إنه إيمان تعلَّموه قبل القرآن، فدعا أبا الدَّحداح إلى أن يتصدَّق ببستانه.

إنه إيمان تعلَّموه قبل القرآن، دعا أبا بكر الصِّديق لأن يتصدَّق بجميع ماله.

إنه إيمان تعلَّموه قبل القرآن، دعا عمر لفاروق لأن يتصدق بنصف ماله.

إنه إيمان تعلَّموه قبل القرآن، دعا عثمان بن عفان لتجهيز جيش العسرة.

إنه إيمان تعلَّموه قبل القرآن، دعا علي بن أبي طالب لأن يَفدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه.

أيها الأحبة، رتِّبوا سُلَّمَ الأولويات كما رتَّبه لقمان وهو يوصي ابنه فقال له:
﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]، وقال أيضًا: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16]، درس في الاعتقاد؛ ألوهية وربوبية، ثم قال: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [لقمان: 17]، درس في العبادات، ثم قال: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ﴾ [لقمان: 18]، درس في المعاملات، ثم قال: ﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ﴾ [لقمان: 19]، درس في الأخلاق، وهذا هو ديننا؛ عقائد وعبادات، ومعاملات وأخلاق، وَفْق تَسلسُل مُنضبِط لا يُقدَّم شيء على شيء.

والله من وراء القصد، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.




د. حسام الدين السامرائي


__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-03-2014, 05:02 AM
upnormal upnormal غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 30
معدل تقييم المستوى: 0
upnormal is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14-03-2014, 08:53 PM
الصورة الرمزية نورالإيمان
نورالإيمان نورالإيمان غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 1,084
معدل تقييم المستوى: 12
نورالإيمان is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرا
__________________
الحمد لله في وجعي ، في فرحي ،في غضبي ،وفي صمتي ، الحمد لله مهما كانت الأحوال .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-04-2014, 02:39 AM
ahmed970 ahmed970 غير متواجد حالياً
عضو و ليس معلم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 98
معدل تقييم المستوى: 11
ahmed970 is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خيراً
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:38 AM.