غباء التعليم في مصر

[السيد درويش]

غباء التعليم في مصر
أضيف بواسطة د/ ضياء عبد الرحمن, في 20-11-2008 14:52
الطبيب بيفتح عيادة والصيدلي بيفتح صيدلية والمهندس بيفتح مكتب هندسي ... لكن هل يستطيع كل مدرس ان يفتح مدرسة غير الدروس الخصوصة (( المحظورة )) أو التجاري ان يفتح بنك ؟؟ حتى يستطيعون مواجهة ظروف المعيشة وتخطى خط الفقر الذي سقط خلفه معظم هذا الشعب المسكين الا من رحم ربي، فروق الطبقات الوظيفية في مصر أصبح لها جذور نفسية واجتماعية وارتباط وثيق بالحالة الاقتصادية فالكل يجاهد بل ويبذل قصارى جهده عشان يجيب ميه في الميه في الثانوية العامة عشان يدخل كلية من الكليات اللى في القمة ويبعد عن القاع أو "المستنقع" عشان يبقى معاه فلوس ويعرف ينط من فوق خط الفقر الذي أصبح شبحا يلاحق كل من ادار وجهه للخلف للحظة ، تخيلو معي ان الحالة الاقتصادية هي التي أصبحت تتحكم في الميول والرغبات وحتى طموحات وآمال الاجيال الحالية ..مين عارف ويمكن القادمة كمان ، فلا اتخيل أن هناك طالب يحلم انه "يطلع" مدرس وهو شايف حال المدرس واللى بيحصل فيه !!
لكن تجد من يريد أن يصبح طبيب أو " دكتور " طبعا هيبقى له وضع اجتماعي واقتصادي عالي ، فيريد المجتمع بهذه الثقافة الجاهلية ان يهدم مفهوم تنمية المواهب والقدرات واكتشافها لذلك نجد تقصيراً كثيرا من أصحاب تلك المهن التي كان المقصد من الاشتغال بها في الاساس هو الربح والوضع والسمعه وليس حب المهنة وحب مزاولتها والعلم ، ولكن اذا نظر المجتمع نظرة عادلة لجميع التخصصات بداية من الغفير وحتى الوزير لها نفس الاهمية من زاوية اتقان العمل ، فإذا تغافل الغفير عن عمله و سمح لنفسه ان يتقاضى "رشوة " مثلا - اذا اتفقنا انها اصبحت قاعدة التعامل في مصر – فإن الشركة التي يعمل بها مهددة بالسرقة او افشاء اسرارها او غير ذلك ، وكذلك الوزير .... كما نسمع ونرى ونشم ونتذوق كل يوم من أصناف والوان الفساد في هذا المجتمع الكريم .
هذه الثقافة الجاهلية - التي دائما ما أصفها " بالغباء المستحكم " - تعتبر بمثابة مسخ وهدم وطمس لمعالم ثقافة الامة ومستقبلها العلمي والمهني .
إن الاهتمام بالطفل منذ نعومة أظافره والعمل على اكتشاف مواهبه وميوله واهتماماته تعتبر الجذور الاساسية لنشأة هذا الطفل نشأة سليمة صحيحة تجعله قادرا على مواجهة التحديات العلمية والعملية بثقة نفس واتقان لعمله الذي يعشق ممارسته منذ طفولته والذي شجعه عليه أبواه . بذلك ينشا مجتمع قادر على الابتكار والتجديد والاختراع واثراء الحياة العلمية والعملية .
كما نرى في" اوروبا والدول المتقدمة " انه لاثقافة ولا عرف ولا قانون يقول ان اللى جايب ميه في الميه بس هو اللى يلتحق بالتخصص اللى هو عاوزه ... لكن اللى له ميول في مجال كذا او كذا او موهوب فيه بجد وبيحبه بجد يبقى هو ده مؤهله ومجموعه عشان يدخل المجال اللى بيحبه ، لذك نرى هذا التقدم "المادي" الهائل في تلك الدول.. نتمنى ان تكون هذه هي قاعدة العمل في مصرنا الحبيبة " اللهم ردها لأصحابها ردا جميلا "