|
#1
|
||||
|
||||
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}. (سورة يوسف؛ آية رقم: 111) "مُـقــدّمـــة" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي مَيَّزَ عِصَابَةَ السُّنَّةِ بِأَنْوَارِ اليَقِين، وأَيَّدَ رَهْطَ الَحقِ بِالِهدَايَةِ إِلَى دَعَائِمِ الدِّيْنِ، ووَفَّقَهُم لِلاقْتِدَاءِ بِسَيِّدِ المُرْسَلِيْنَ، وسَدَّدَهُم لِلتَّأَسِّي بِصَحْبِهِ الأَكْرَمِينَ، ويَسَّرَ لَهُم اِقْتِفَاءَ آثَارِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ، وأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَه إِلَّا الله وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَفُوزُ بِهَا يَوْمَ الدِّيْنِ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ خَاتَم النَّبِيينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. وبـــعــــــــد فَهَذَا جَهْدٌ مُتَواضِعٌ قُمْتُ بِتَجْمِيْعِهِ وتَرتِيبِهِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي ... رَاجِياً أَنْ يُحَقِّقَ الفَائِدَةَ المَأْمُولَةَ مِنْهُ ...والعَمَلُ عِبَارَةٌ عَنْ مُلَخَّصٍ مُبَسَّطٍ عَنْ التَّارِيخِ الإِسْلاَمِيِّ العَرِيقِ مُنْذُ عَهْدِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، ومُرُورًا بِالأَنْبِيَاءِ الكِرَامِ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، ثُمَّ بِالعُصُورِ الإِسْلاَمِيَّةِ المُتَتَالِيَّةِ، إِلَى وَقْتِنَا الحَاضِرِ؛ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وسَـمَّــــيْــــتُـــــهُ: (-(التُّحْفَةُ اللَّطِيفَةُ فِي ذِكْرِ تَارِيخِ الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ الشَّرِيفَةِ)-) وجَدِيْرٌ بِالذِّكْرِ أَنَّ الأَحْدَاثَ والأَسْمَاءَ الَّتِي لَمْ تَرِدْ فِي القُرآنِ الكَرِيمِ أَوْ الحَدِيْثِ النَّبَوِيِّ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الإِسْرَائِيلِيَّاتِ؛ وقَد قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ وكَانَ جُلَّ اِعتِمَادِي فِي هَذَا المَبْحَثُ عَلَى كِتَابِ مُوْجَزِ التَّارِيْخِ الإِسْلاَمِيِّ مِنْ عَهْدِ آدَمَ إِلَى عَصْرِنَا الحَاضِرِ لِـــ/ أَحْمَدُ العُسَيْرِيُّ؛ بَيْدَ أَنَّي قُمْتُ بِالتَّعْدِيْلِ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعٍ شَتَّى، مَعَ بَعضِ الإِضَافَاتِ. واللهَ أَسْأَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا العَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وأَنْ يَتَقَبَّلَهُ بِمَنِّهِ وكَرَمِهِ، وأَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ وإِيَّاكُمْ. --------- حَـــاتــِـــم أَحـــمَـــــد
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 16-09-2016 الساعة 04:49 AM |
#2
|
||||
|
||||
(تــمـــهـــــيـــــــد) تَعْرِيْفُ الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ الشَّرِيْفَةِ الأُمَّةُ الإِسْلاَمِيَّةُ هُمْ: الجَمَاعَةُ الَّذِيْنَ تَجْمَعُهُم العَقِيْدَةُ الإِسْلاَمِيَّةُ عَلَى مَدَارِ التَّارِيْخِ، فَالَّذِيْنَ اِتَّبَعَوُا أَنْبِيَائِهِم مِنْ عَهْدِ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وإِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومَنْ سَيَسِير عَلَى هَدْيهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، فَيُؤْمِنُ بِرَبَّهِ، ويُصَدِّقُ الرُّسُلَ، هُمْ جَمِيعاً الأُمُّةُ الإِسْلاَمِيَّةُ ... فَالرَّابِطَةُ الأَصِيلَةُ هِيَ العَقِيْدَةُ، ولَيْسَت اللُّغَةُ أَوْ التَّارِيخُ أَوْ المَكَانُ أَوْ الأَصْلُ أَوْ غَيْرُهُ. *********
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
!نــَــحْــــــــنُ الــمُـــسْـــــلِـــــــمُـــــــــــونَ! ... سَلُوا عَنَّا دِيَارَ الشَّامِ ورِيَاضِهَا، والعِرَاقَ وسَوَادِهَا، والأَنْدَلُسَ وأَرْبَاضِهَا ... ... سَلُوا مِصْرَ ووَادِيْهَا، سَلُوا الجَزِيْرَةَ وفَيَافِيْهَا، سَلُوا الدُّنْيَا ومَنْ فِيْهَا ... ... سَلُوا بِطَاحَ أَفْرِيقِيَّا، ورُبُوعَ العَجَمِ، وسُفُوحَ القَفْقَاسِ ... ... سَلُوا حَفَافِي الكَنْجِ، وضِفَافَ اللُّوَارِ، ووَادِي الدَّانُوبِ ... ... سَلُوا عَنَّا كُلَّ أَرْضٍ فِي الأَرْضِ، وكُلَّ حَيٍّ تَحْتَ السَّمَاءِ ... ... إِنْ عِنْدَهُم جَمِيْعاً خَبَراً مِنْ بُطُولاَتِنَا وتَضْحِيَّاتِنَا ومَآثِرَنَا ومَفَاخِرِنَا وعُلُومِنَا ... !نــَــحْــــــــنُ الــمُـــسْـــــلِـــــــمُـــــــــــونَ! *********
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 16-09-2016 الساعة 05:20 AM |
#4
|
||||
|
||||
(1) أَبُو البَشَر وأَوَّل الأنبياء/ آدَم عليه الصلاة والسلام اقتضت حِكمة الله سبحانه وتعالى أن يستخلف مخلوقاً على هذه الأرض، ويسخّر له كل كنوزها وطاقاتها، فكان هذا المخلوق هو آدم عليه السلام. خلقه اللهُ مِن تراب ونفخ فيه من روحه وعلّمه أسماء كل شيء، وأمر الملائكة بالسجود له، وطُرِد إبليس ولُعِن عندما رفض السجود لآدم امتثالاً لأمر الله تعالى؛ قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}. (سورة البقرة: آية رقم 30) ثم خلق اللهُ لآدم حواءَ زوجاً له مِن ضلعه الأيسر وأسكنهما في الجنّة، ثم إن إبليس الذي توعّد بغواية آدم وذريته ما زال بهما حتى أغواهما وجعلهما يأكلان من الشجرة المحرّمة ... بعدها ندما وتابا إلى الله، فتاب عليهما وأنزلهما إلى الأرض، وعلّم جبريلُآدمَ طرق المعيشة على الأرض من زراعة ورعي وغيره ... فزرع وأكل وكان يجتهد للحصول على قُوته ثم رزقهما الله بالأولاد. وحصل اختلاف في مكان نزولهما على سطح الأرض، وأكثر الأقوال إنه كان بجزيرة العرب، وكان الإنسان منذ ذلك اليوم في صورته الجميلة المتكاملة ولم يتدرّج ويتطوّر من صورة القرد كما يدّعي المادّيون أصحاب نظرية التّطور الباطلة ... قال اللهُ تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}. (سورة التين: آية رقم 4)
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
(2) أَوَّل جَرِيمة على الأرض (قابيل وهابيل) هما أول ابني آدم عليه السلام، وكانت شريعة الله تعالى: أن يتزوّج ذَكَر كل بطن بأنثى البطن الآخر، وكانت حواء تحمل في كل بطن ذكر وأنثى. فأراد قابيل وهو الأكبر أخت بطنه (وهي شَرعاً لأخيه) ...فرفض هابيل، ثم قدَّما قُربَاناً لله فتقبّل اللهُ مِن هابيل قُربَانه وهو كَبْش طيّب ... ولم يتقبّل مِن قابيل الزّرع الفاسد الذي قدّمه لله، فحسده قابيل وقتـله، فكانت أوّل جريمة يرتكبها بَشَر على سطح الأرض؛ قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}. (سورة المائدة: 27) ثم رَزَق اللهُ تعالى آدمَ شِيثاً، ثم رزقه البنين والبنات الذين تزوجوا وتكاثر نسلهم، وكان آدم يُعلمهم التّوحيد ويُبلّغهم دعوة الله إلى أن مات. واختُلِف في عمر آدم يوم مات ... وأصحّ الأقوال إنه مات وله مِن العُمر بين 950 إلى 1000 سنة.
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
(3) شِيث بنُ آدَم عليهما السلام هُو مِن أبناء آدم، وكان نَبِيًّا، واستمرّ في الدّعوة إلى الله تعالى وإقامة شريعته في الأرض حتى وفاته.
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
(4) إدريس عليه السلام وهو النّبي بعد آدم وشِيث، قال اللهُ تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا. وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}. (سورة مريم: آية: 56، 57) ... واستمرّ إدريس في الحُكم بشريعة الله إلى أن قبضه اللهُ عزّ وجلّ ... وذَكَر "ابن إسحاق" إنّه أوّلُ مَن خَطّ بالقَلَم. وكان الغَرض مِن إرسال الرُّسل استمرار شريعة الله سبحانه وتعالى، وإقامة الحُجّة على النّاس، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}. (الإسراء: 15)، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. (سورة النحل: 36)
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
(5) أَوَّل الرُّسل/ نُوح عليه الصلاة والسلام كان بين آدم ونوح عشرة قُرون كلهم على دين الحق، قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}. (سورة البقرة: 213)، ثم صاروا إلى الفساد، وكانت بداية عبادة الأصنام أنه كان من قوم نوح رجال صالحين، وبعد موتهم قال أتباعهم -بوَحي مِن الشّيطان- لو صوّرناهم كان أشوق لنا إلى عبادة الله، فصوّروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون، أخبرهم إبليس أنهم كانوا يعبدونهم فعبدوهم، فأشهر أصنامهم: ود، وسواع، ويعوق، ونسر). وقد دعاهم نوح عليه السلام إلى عبادة الله تعالى ونبذ عبادة الأوثان، وبذل كل الأسباب لإقناعهم، فلم يجد إلا الصدّ والكُفران، ولم يؤمن معه إلا القليل؛ بالرغم من أنه لبث في دعوته لهم 950 سنة؛ قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}. (سورة الأعراف: 59)؛ {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا. فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا. وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا}. (سورة نوح: 5 – 7) فلمّا يَئس منهم دعا عليهم {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}. (سورة نوح: 26)؛ فلبّى اللهُ دعوتَه وأمره بصنع الفلك -وهي السفينة العظيمة- إِذْ قال: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}. (سورة المؤمنون: 23)، فبدأ بصناعتها نوح وحمل معه مَن آمن به، ومن الحيوانات من كل زوج اثنين ... وقد استمرّ القوم في الفساد والسُّخرية منه ومن سفينته. فلمّا انتهى ... حصل الطوفان العظيم وامتلأت الأرض بالمياه، وتحرّكت السفينة شمالًا، قال تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ}. (سورة الحاقة: 11)، فأهلك اللهُ القومَ الكافرين، ثم رست السفينة على جبل الجُودي (جبل أرارات في شرق تركيا اليوم) فخرج الركاب واستقروا هناك وبدأت زيادة السكان من جديد، ثم تفرّق أبناء نوح، فهاجر سام وآبناؤه باتجاه جزيرة العرب، واتجه أبناء حام جنوباً نحو العراق وما جاورها، وتحرك يافث وذريته شرقاً وجزء منهم غرباً وتفرق آخرون في اتجاهات متباينة.
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
(6) الدولة السومرية (العراق): استقرّت مجموعة في ناحية من العراق يُعرف بسهل شنعار، فعظم شأنهم، وعرفوا بالسومرين ... عملوا بالزراعة، وبنوا السُّدود؛ ... وقد أقام بجانبهم قوم عُرفوا بالأكاديين وعاصمتهم أكاد، وانتقل بعضهم إلى المرتفعات الشرقية من هذه البقعة، وبنوا مدينة سوزا وهم العيلاميون، وكان السومريون أكبر قوة في المنطقة، ومن أشهر ملوكهم: سرجون، ومِن مُدُنهم الشّهيرة: أور، ... وقد عبدوا التّماثيل والكواكب وتمادوا في غيّهم وضلالهم، فبعث اللهُ إليهم نبيَّه إبراهيمَ صلى الله عليه وسلم.
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
(7) أَبُو الأَنبياء/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو مِن ذُريّة سام بن نوح ... أرسله اللهُ تعالى إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله فجادلهم وناقش ملكهم النّمرود الجبّار المُتغطرس الذي كان يدَّعي الأُلوهية، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}. (سورة البقرة: آية رقم 258) وقد حطّم إبراهيمُ عليه السلام أصنامَ قومه في غيابهم، وجعل الفأس في رأس كبيرهم ليبين لهم عجزها وبطلانها، {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ}. (سورة الأنبياء: 58)؛ وبالفعل تبيّن للقوم عجزها ومع ذلك استمرو في غيّهم وضلالهم، وقرروا حرقه! قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ. قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}. (سورة الأنبياء: 68، 69)؛ وبعد كل هذا الجهد لم يُؤمن به إلا زوجه سارة ولوط ابن أخيه! فهاجر بهم إلى بلاد الشّام. ولمّا قَدم إبراهيم عليه السلام إلى الشّام، سَكَن في بلدة الخليل شرق بيتالمقدس، وجاءت سنوات عجاف فارتحل مع زوجه إلى مصر، ورآها حاكم مصر فأرادها لنفسه، فطلب منها زوجها أن تقول عنه أنه أخوها (وهو فعلاً أخوها في الله) خوفاً مِن أن يقتـله الحاكم، ففعلت، ثم إن الله حماها من هذا الملك فكان كلما أراد لمسها شُلَّت يده، فعلم حقيقة أمرها وتركها وقدّم لها أَمَة تُدعى هاجر وأمرهم بالخروج من مصر؛ ثم عاد الخليل إلى الشام واستقرّ هناك. وأعطته سارة جاريتها هاجر، وقالت: عسى الله أن يرزقنا منها غلاماً. ففعل، وحملت هاجر ووضعت ولدها إسماعيل عليه السلام؛ فغَارت سارة وطلبت من إبراهيم عليه السلام أن يُغيِّب عنها هاجر وولدها. فَسَار بهما بإذن الله جنوباً حتى وصل إلى موضع مكة المكرمة، فتركهما هناك، ودعا قائلاً: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}. سورة إبراهيم: 37)؛ ثم عاد إبراهيم عليه السلام إلى الشّام. وفي مكّة عندما نفد الماء مِن هاجر أخذت تبحث عنه، فَسَعت بين الصّفا والمروة سبعاً وهي تُفتش، حتى دُلّت على مكان زمزم، فضربه إسماعيل بقدمه، وهو يبكي مِن شدة العطش فخرج منه الماء بإذن الله، فاستقر مقامهم. وهاجرت قبيلة جُرهُم مِن اليمن ومرّت بمكّة فسمحت لهم هاجر أن يقيموا معهم، ونشأ إسماعيل بينهم. ثم بعد ذلك بسنوات عِدّة بَشَّر اللهُ إبراهيمَ بولد من سارة، وكان إبراهيم قد بلغ من العمر عِتيًّا وزوجه عجوز عقيم، وكانت البُشرى عن طريق الملائكة، وهم في طريقهم إلى قوم لوط لِيُهلِكوهم: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}. (هود: 71)؛ وقد عاش الخليل إبراهيم 175 عاماً.
__________________
|
#11
|
||||
|
||||
(8) الدولة الأكادية والبابلية "في العراق" أما السومريون، قوم "إبراهيم" عليه السلام، فقد زاد غيّهم وضلالهم فسلّط اللهُ عليهم جماعات ظالمة تغلّبت عليهم، {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. (الأنعام: 129)، فسيطر الأكاديون على المنطقة ... ثم أتت جماعات من الجنوب الغربي، فانتصروا عليهم، وحكموا المنطقة، وجعلوا عاصمتهم بابل، فعظمت دولتهم، وقد اهتموا بالزراعة والعمران، ومن أشهر ملوكهم: حمورابي، الذي وضع قوانين عرفت بـِـ "شريعة حمورابي"، وهي أول قوانين بَشَرية وضعيّة على الأرض لغرض الهيمنة والسّيطرة، وقد سقطت من بعده. وقد استمرّوا في عبادة التّماثيل والكواكب فسلّط اللهُ عليهم أقواماً أهلكتهم، جاءوا من الشمال، منهم الحيثيون والميتانيون ثم الآشوريون.
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
(9) الدولة الآشورية "العراق" سيطر الآشوريون على شمالي العراق وكانت عاصمتهم نينوى، ثم امتد نفوذهم إلى كل العراق وبلاد الشام وأجزاء من مصر، وأشهر ملوكهم: سلمنصر الثالث، وَ آشور بانيبال، واستمروا في عبادة الأوثان، ولم يتّعظوا بما حَلّ بسابقيهم، ولم يعملوا عقولهم، وقد أرسل اللهُ إليهم نبيَّه يونسَ عليه السلام.
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
(10) يُونُس عليه السلام أرسلَه اللهُ إلى أهل نينوى، فدعاهم إلى عبادة الله وتوحيده، فلم يؤمنوا فضاق بهم ذرعاً، وغضب، وسافر في سفينة في نهر دجلة، فأراد اللهُ أن يعطيه درساً لعدم صبره، فاضطربت السّفينة، وكادت أن تغرق، فقرّر مَن عليها أن يقترعوا على مَن يرمونه في البحر تخفيفاً (حسب العادة المتّبعة عندهم)، فوقعت القرعة على يُونُس لثلاث مرّات، فرمُوه في البحر. والتقمه الحوتُ بأمر الله تعالى، فندم يونس على فعله وتسرُّعه وتاب إلى ربه، فغفر له. قال تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ. فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ. فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ}. (الصافات: 139 – 145) ثم عاد إلى قومه، فدعاهم، وكانوا قد ندموا على عنادهم، وتابوا إلى الله ... قال تعالى: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}. (يونس: 98)
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
(11) حضارة الدولة الكلدانية "البابلية الثانية" أصبح الكلدانيين حُكّام المنطقة، وأعظم ملوكهم كان بختنصر الذي استولى على بلاد الشام، ودمّر القدس، واستباح اليهود وسلبهم مُلكهم، فأهلكهم وشرّدهم وأسرهم، ومنذ ذلك الزمان تفرّقت بنو إسرائيل وتشتتوا في أنحاء الأرض، واستقرّ جماعات منهم في الحجاز ومصر وغيرها. واحتلّ بختنصر مصر، ومن أشهر أعماله بناء برجبابل المشهور، واستمرت هذه الدّولة حتى قضى عليها الفُرس واحتلوا المنطقة حوالي عام 504 ق. م.
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
(12) حضارة الدّولة الفاريسيّة ويعود الفُرس في أصلهم إلى العراق، فهاجروا شرقاً، وعمّروا فارس، فلما قويوا غزوا الكلدانيين وسيطروا على مصر والعراق، فبقيت مصر في حكمهم إلى أن احتلها الإسكندر المقدوني ... أمّا العراق فقد بقيت تحت سيطرة الفُرس حتى الفُتوحات الإسلاميّة.
__________________
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|