|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
خطبة عيد الأضحى 1435 هـ "ثبات المؤمن في أعاصير الفتن"
خطبة عيد الأضحى 1435 هـ ثبات المؤمن في أعاصير الفتن الحمد لله العلي العظيم، القوي المتين، جبار السموات والأرضين؛ ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ﴾ [يونس: 3] ويقضي القضاء حلوه ومره؛ فيؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، وهو على كل شيء قدير، نحمده على أفعال أحكمها، ونعمة أتمها، ونقمة دفعها، وشريعة أكملها، ونحمده على خلق أتقنه، وأمر قدره، وقضاء أنفذه، فلا ملك إلا ملكه، ولا أمر إلا أمره، ولا خلق إلا خلقه؛ يقضي فيهم بعلمه وحكمته، ويعاملهم بعدله ورحمته، وكل ما يقضي فهو خير للمؤمنين ولو بدا لهم غير ذلك؛ فأنه سبحانه يتردد في قبض روح المؤمن؛ لأن المؤمن يكره الموت، والله تعالى يكره مساءة المؤمن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ رب المشارق والمغارب، وخالق الإنسان مـن طين لازب، ومخرجه من بين الصلب والترائب؛ هو أرحم بعباده المؤمنين من أنفسهم، وهو أعلم بما يصلحهم، يخافون زوال نعمتهم، وتحول عافيتهم، ولا يدرون ما الخير في قضاء ربهم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ ابتُلي بعظائم المصيبات، وكبائر المدلهمات، وتحزبت عليه الأحزاب، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم ﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11] والنبي صلى الله عليه وسلم ثابت لا يتزعزع، وواثق بوعد ربه سبحانه لا يتضعضع، ويعدهم في ذلكم الموقف بكنوز كسرى وقيصر حتى قال قائل المرضى والمنافقين ﴿ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 12] فوقع وعد الله تعالى، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وخسئ أهل الكفر والنفاق، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. الله أكبر؛ وقف الحجاج له بالأمس يذكرونه ويدعونه، وصام ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يلتمسون ثوابه، وفي عشية الأمس رفعت أكف الملايين من الداعين يتحرون ساعة الجمعة في يوم عرفة، وهم بين صائم وواقف بعرفة، فيا لله العظيم ما أعظم عبودية الدعاء، وما أجمل الرجاء، وليسوا يدعون ولا يرجون إلا ربا كريما، جوادا عظيما، عفوا حليما، غفورا رحيما، عليما حكيما ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110] ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149]. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. الله أكبر، يسير إخوانكم الحجاج الآن إلى الجمرات بعد أن باتوا البارحة بمزدلفة، يسيرون في جموع غفيرة مهيبة يلبون ويكبرون، ولله تعالى يعظمون ويعبدون، ولفضله ومغفرته يرجون، ومن عذابه يشفقون، فاللهم أعطهم ما يرجون، وأمنهم مما يخافون، واقبل منا ومنهم ومن المسلمين أجمعين. الله أكبر؛ تُقدم اليوم القرابين لله تعالى من هدي وأضاحٍ، فت*** لله تعالى، ويذكر عليها اسمه، فما من عبادة في هذا اليوم أعظم من إنهار دماء القرابين؛ شكرا لله تعالى، وعبودية له، وتعظيما لشعائره ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الحج: 36]. الله أكبر؛ يرمي الحجاج جمرة العقبة، ويحلقون رؤوسهم ويقصرون، ويحلون إحرامهم، وبالبيت يطوفون، ثم يعودون لمنى للمبيت بها ورمي الجمار يومي الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل، والثالث عشر لمن تأخر، ثم يطوفون للوداع وينصرفون إلى أهليهم؛ فمنهم من يعود حين يعود وقد رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ومنهم من يرجع بحج مبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ومنهم من لم ينصرف من عرفة حتى قيل لهم: اذهبوا مغفورا لكم. فالله أكبر، ما أكرم ربنا، وما أوسع حلمه، وما أعظم مغفرته، وما أكثر عطاءه. والله أكبر؛ ما أعظمها من مناسك، وما أحسنها من شعائر، اشتدت مشقتها فكثر أجرها، وازدحم المؤمنون لنيل بركتها، فجاءوا من كل فج عميق؛ ليذكروا اسم الله في أيام معلومات. فالحمد لله الذي هدانا لديننا، والحمد لله الذي علمنا مناسكنا، والحمد لله الذي تولى جزاءنا، والكريم يجزي على قدر كرمه، وربنا ليس لكرمه حد، ولا يحصيه عدَّ، ولا تبلغه محمدة حامد، ولا ذكر ذاكر، فسبحان الله وبحمده زنة عرشه، ورضاء نفسه، وعدد خلقه، ومداد كلماته، والله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. أيها المسلمون: يعيش المؤمن زمنا عصيبا تتفجر فيه الفتن، وتتوالى على المؤمنين المحن، القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، والمتمسك بإيمانه معرض لعظيم الابتلاء، وقد نجم النفاق، وقويت سطوة الكفار. يريدون تبديل شرع الله تعالى، وإخراج المسلمين من دينهم، مما يذكر بابتلاءات السابقين الذين كانوا يُنشرون بالمناشير، ويمشطون بأمشاط الحديد، وما يردهم ذلك عن دينهم. لقد ضاقوا ذرعا بالإسلام، وضاقوا أكثر بدعوة الإمام محمد ابن عبد الوهاب، فحمَّلوها كل ما يجري في الأرض من *** وبلاء ودماء، ولولا أنها دعوة حق، وأن الأمة حييت بها لما تكالب على رمييها أعداء الداخل وأعداء الخارج، ولما تآزرت على النيل منها أمم الكفر، وكتائب النفاق، وألوية البدعة. إننا في زمن أضحى فيه الإيمان تهمة، وصار تجريد التوحيد لله تعالى جريمة، فيؤذى من يتمسك بإيمانه ويحقق توحيده، وودوا لو اجتثوا من الأرض المتطهرين، وأخلوها من المؤمنين الموحدين. إننا في زمن تحول فيه الإيمان والتوحيد عند بعض الناس إلى سلع تباع وتشترى، ويساوم عليها، وهو الزمن الذي أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه مسلم. وبيع الدين ها هنا، لا يلزم منه السجود لصنم، أو الطواف بقبر، أو دعاء غير الله تعالى، وإنما يبيع دينه بموقف يتزين فيه لمخلوق، أو كلمة يرضيه بها، أو فعل يقربه منه، فيستوجب سخط الله تعالى. يبيع دينه بكلمة باطل تؤجج الفتن، أو يستباح بها الدم، أو تجلب على الناس محنة، فيمتحن الناس بها، وقد جاء في الحديث «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» وفي رواية «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» رواه البخاري. فكم من كلمة أشعلت فتنة، أو سببت محنة؛ فهذه تسخط الله تعالى، وكم من كلمة أُخمدت بها فتنة، أو رُفعت بها محنة؛ فهذه ترضي الله تعالى ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 191] وفي موضع آخر ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 217] والفتنة التي هي أشد من ال*** وأكبر منه هي فتنة الشرك، وقد يشرك العبد بكلمة؛ ولذا قال الله تعالى في الموضع الثاني عن الكفار ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 217]. لقد رأينا في السنوات الأخيرة من تفاقم الفتن، وتتابع المحن، وتوالي الأحداث، وتبدل المواقف، واضطراب كثير من البلدان ما يصيب بالحيرة، ويعقد اللسان من شدة الدهشة، وهذا ما يزيدنا إيمانا بما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام من وقوع الفتن في آخر الزمان. وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الفتن التي يكثر فيها بيع الدين إلى أمرين يحفظان على العبد إيمانه فلا يبذله ولا يبيعه ولا يتنازل عن شيء منه: وهما المبادرة بالعمل الصالح وتكثيفه وتكثيره، وإمساك اللسان عن قول باطل تكون به فتنة تهلك الناس، وتوبق صاحبها. كما في الحديثين السابقين. فعلى من أراد النجاة من عواصف الفتن أن يجعل إيمانه أغلى شيء يملكه، وأن لا يتخلى عن شيء منه مهما وقع له، وأن يدرأ عن إيمانه العوادي ما استطاع، ولا يُحمِّل نفسه من البلاء ما لا يطيق؛ فإن عوفي شكر، وإن ابتلي صبر. مع التترس بكثرة العبادة؛ لأنها منجاة في الفتن، وتكرار الأدعية التي فيها الهداية للحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه، وسؤال الله تعالى العفو والعافية؛ فإنه ما أعطي عبد شيئا أوسع من العافية. مع ضبط اللسان والقلم، فلا يحكي إلا صدقا، ولا ينطق إلا حقا، ولا يحكم إلا عدلا، فلا يروج إشاعة، ولا يثير فتنة، ولا ينشر ظلما، ولا يفتري كذبا «...وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». وإذا تذكر العبد أنه لا منجاة له في الآخرة إلا بالإيمان؛ علم أهمية الإيمان فلم يفرط فيه لأجل شيء من الدنيا مهما عظم، وتحمل الأذى في سبيل إيمانه كما تحمله الصحابة رضي الله عنهم في أول الإسلام. ومن غرته دنياه خسر آخرته وهو لا يشعر. فعلى المؤمن أن يخاف على إيمانه أكثر من خوفه على نفسه وماله وأهله وولده، فكم من فاقد إيمان لا يدري أنه فقده؟ وأما دين الله تعالى فمنصور وإن رغمت أنوف الكفار والمنافقين، وإن تخلى عنه من تخلى عنه، أو استبدل به غيره، لكن لا يلزم أن يدرك كل المؤمنين وقت العز والنصر وإن كانوا شركاء فيه بثباتهم ودعوتهم وتقواهم وصبرهم، والله يجزل لهم أجرهم يوم القيامة كاملا؛ كما قال خباب بن الأرت رضي الله عنه: «هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ...» رواه البخاري. فمصعب رضي الله عنه من المؤمنين السابقين، ومن بناة النصر المبين لكنه لم يدرك النصر والفتوح. وكم من أناس لا يثبتون في الفتن، ولا يطيقون صبرا على المحن؛ فينسلخون من دينهم، ويبيعون إيمانهم، ويبدلون انتماءهم، فأولئك ما آمنوا قناعة بالإيمان، وإنما لينالوا بإيمانهم عرضا من الدنيا، فهم مع المؤمنين في السراء، ومع أعدائهم في الضراء، نعوذ بالله من تقلب القلوب، وتبدل الأحوال «اللهُمَّ إِنِّا أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ». الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم... الخطبة الثانية الحمد لله خالق الخلق، مالك الملك، مدبر الأمر؛ امتلأت بحبه وتعظيمه قلوب المؤمنين، وانصرفت عنه قلوب المفتونين والمنافقين، لا يذل من والاه، ولا يعز من عاداه، وهو الولي الحميد، نحمده على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، وما شرع لنا من التقرب إليه بالأنساك ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يحل ال*** على وجه التعبد إلا له، ولا يذكر على الذبيحة إلا اسمه «وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ»، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. أما بعد: فاتقوا الله تعالى في هذا اليوم العظيم؛ فإنه أفضل الأيام عند الله تعالى، وأكثر أعمال الحجاج فيه، وتقربوا إليه بالضحايا، وطيبوا بها نفسا، وأخلصوا لله تعالى فيها؛ فإنها من أجل الشعائر ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162- 163]. والسنة أن يباشر *** أضحيته بيده، وأن يأكل منها ويهدي ويتصدق، ولا يبيع شيئا منها، ولا يعطي الجزار أجرته منها لا لحما ولا جلدا ولا غيره. ويمتد وقت ال*** إلى غروب شمس يوم الثالث عشر آخر أيام التشريق، ولا يحل صوم يوم العيد ولا الأيام الثلاثة التالية له فكلها عيد، وكلها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، ومن طرأت عليه الأضحية اليوم أو خلال الأيام الثلاثة القادمة جاز له أن يضحي، ولو كان قد أخذ من شعره وأظفاره خلال العشر. واعلموا أن هذه الأيام أيام ذكر لله تعالى، وأخصه التكبير لعظمتها وكثرة الشعائر فيها ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. أيتها المرأة المسلمة: كما يُوصى الرجال بإحراز الإيمان والمحافظة عليه فكذلك توصى النساء به، وبزيادته بالعمل الصالح، وتحصينه بالذكر والدعاء؛ لأن أكثر ضحايا الفتن والحروب هم النساء والأطفال، فلتتحصن المؤمنة بالإيمان، ولتترس بالدعاء وصالح الأعمال لتثبت في كبريات الفتن، وتحتمل شدائد المحن، ولتربِّ أولادها على ذلك؛ إرضاء لله تعالى، وطلبا لمثوبته وجنته، قدوتها في ذلك الصحابيات اللائي تحملن شدة الأذى بسبب إيمانهن؛ كسمية أم عمار رضي الله عنهما؛ فإنها عذبت في إيمانها أشد العذاب، ثم ***ت على إيمانها فكانت أول شهيدة في الإسلام. وأما الدنيا بزخارفها فيرحل عنها الإنسان، وهي إلى زوال، فلا يبقى إلا الإيمان والعمل الصالح ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11]. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. أيها المسلمون: افرحوا الفرح المشروع بالعيد، وأدخلوا الفرح على والديكم ببرهم، وعلى أرحامكم بصلتهم، وعلى جيرانكم بالإحسان إليهم، وعلى أهلكم وأولادكم باللهو المباح معهم؛ فإن اليوم يوم فرح وحبور للمؤمنين، واجتنبوا منكرات العيد؛ فإنها تنافي شكر الله تعالى على الهداية للإيمان والعمل الصالح، وكفران النعم يكون سببا في سلبها، وأكثروا من الدعاء لإخوانكم المنكوبين في مشارق الأرض ومغاربها، وسلوا الله تعالى أن يكشف الغمة عن الأمة، وأن يبدل ذلها عزها، وتفرقها اجتماعا، وضعفها قوة. أعاده الله علينا وعليكم وعلى المسلمين أجمعين باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم ومن المسلمين صالح الأعمال. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
__________________
|
#2
|
|||
|
|||
خطبة عيد الأضحى 1435 هـ
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. اللهُ أَكبرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً. الحَمدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِلإِسلامِ، وَجَعَلَنَا مِن خَيرِ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلأَنَامِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَن بَعَثَهُ اللهُ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الخَلقِ أَجمَعِينَ، نَبِيِّنَا مُحمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحبِهِ الغُرِّ المَيَامِينَ. أَمَّا بَعدُ، فَإِنَّ خَيرَ الوَصِيَّةِ لِلمُؤمِنِينَ، مَا أَوصى اللهُ بِهِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾ [النساء: 131. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. أَيُّهَا المُسلِمُونَ: المُجتَمِعُونَ في هَذَا العِيدِ السَّعِيدِ، هَنِيئًا لَكُم مَا أَصبَحتُم فِيهِ مِن تَوحِيدٍ وَطَاعَةٍ وَغِنى، وَأَمنٍ وَمَحَبَّةٍ وَاجتِمَاعٍ، مِمَّا أَصبَحَ النَّاسُ فِيهِ مِن كُفرٍ وَإلحَادٍ وَفَقرٍ، وَخَوفٍ وَبَغضَاءَ وَفُرقَةٍ، فَاحمَدُوا اللهَ عَلَى هَذِهِ النِّعمَةِ، وَاشكُرُوهُ عَلَى عَظِيمِ المِنَّةِ، فَإِنَّ مِن أَعظَمِ المَقَاصِدِ وَالغَايَاتِ في شَرِيعَةِ الإِسلامِ، اجتِمَاعَ كَلِمَةِ المُسلِمِينَ وَاتِّفَاقَ رَأيِهِم، وَائتِلافَ قُلُوبِهِم وَاكتِمَالَ مَحَبَّةِ بَعضِهِم لِبَعضٍ، بِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ التَّنَاصُرُ بَينَهُم وَيَحصُلُ التَّعَاوُنُ، وَبِهِ يَعلُو دِينُهُم وَتَصلُحُ دُنيَاهُم، وَعَلَيهِ تَقُومُ مَصَالِحُهُم في العَاجِلِ وَالآجِلِ، وَذَلِكُم هُوَ حَبلُ اللهِ المَتِينُ وَصِرَاطُهُ المُستَقِيمُ، وَمُقتَضَى الإِيمَانِ بِهِ وَلازِمُ تَقوَاهُ، قَالَ تَعَالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 102، 103]. وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1] وَعِندَ البُخَارِيِّ وَمُسلِمٍ عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَثَلُ المُؤمِنِينَ في تَوَادِّهِم وَتَرَاحُمِهِم وَتَعَاطُفِهِم كَمَثَلِ الجَسَدِ الوَاحِدِ، إِذَا اشتَكَى مِنهُ عُضوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى" وَفِيهِمَا أَيضًا: "المُؤمِنُ لِلمُؤمِنِ كَالبُنيَانِ يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا" وَلأَنَّهُ لا اجتِمَاعَ لِكَلِمَةٍ وَلا اتِّفَاقَ في رَأيٍ، وَلا أُلفَةَ لِقُلُوبٍ وَلا رَاحَةَ لِنُفُوسٍ، وَلا سَعَادَةَ لِمُجتَمَعٍ وَلا قُوَّةَ لِشَوكَةٍ، دُونَ نَبذِ الفُرقَةِ وَتَقلِيلِ الاختِلافِ، فَقَد نَهَى اللهُ وَرَسُولُهُ عَنِ التَّفَرُّقِ وَالاختِلافِ أَشَدَّ النَّهيِ، قَال تَعَالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾[الأنفال: 46] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 105] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [الأنعام: 159]، وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمسَحُ مَنَاكِبَهُم في الصَّلاةِ وَيَقُولُ: "اِستَوُوا وَلا تَختَلِفُوا فَتَختَلِفَ قُلُوبُكُم". اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. أَيُّهَا المُسلِمُونَ: إِنَّهُ وَإِن كَانَ اجتِمَاعُ الكَلَمَةِ وَنَبذُ التَّفَرُّقِ وَاجِبًا عَلَى المُسلِمِينَ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ، لأَنَّهُ لا قُوَّةَ لَهُم وَلا غَلَبَةَ، وَلا عِزَّةَ وَلا سَعَادَةَ إِلاَّ بِذَلِكَ، وَلَيسَ سِوَاهُ إِلاَّ الضَّعفُ وَالذِّلَّةُ وَالشَّقَاءُ وَالمَهَانَةُ، فَإِنَّهُ لم يَكُنْ آكَدَ وَلا أَوجَبَ كَمِثلِهِ في هَذَا الوَقتِ العَصِيبِ، الَّذِي أَحَاطَت فِيهِ بِالمُسلِمِينَ الشَّدَائِدُ مِن كُلِّ جَانِبٍ، وَبَرَزَت لَهُمُ الفِتَنُ مِن كُلِّ جِهَةٍ، وَصَارَ مِنَ المُتَعَيِّنِ عَلَيهِم أَن يَستَجمِعُوا قُوَاهُم وَيَستَكمِلُوا عُدَّتَهُم، لِيَحفَظُوا حَوزَةَ الدِّينِ وَالمِلَّةِ، وَلِيَحرُسُوا سُورَ الأَخلاقِ وَالفَضِيلَةِ، وَلِيُنقِذُوا أَنفُسَهُم مِن كُلِّ عَدُوٍّ شَامِتٍ وَمُنَافِقٍ مُتَرَبِّصٍ. أَلا وَإِنَّ مِمَّا أُمِرَ بِهِ المُسلِمُونَ لاجتِمَاعِ كَلِمَتِهِم، وَشَهِدَ بِأَهَمِّيَّتِهِ تَارِيخُ الأُمَّةِ المَاضِي، وَأَيَّدَهُ الحَاضِرُ المُشَاهَدُ، لُزُومَ الجَمَاعَةِ وَاتِّبَاعَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ، وَعَدَمَ مُشَاقَّتِهِم وَلا مُنَازَعَتِهِم وَلا الشُّذُوذِ عَنهُم، إِذْ مَا اجتَمَعَتِ الأُمَّةُ في زَمَنٍ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ، وَسَمِعَت لأُولي الأَمرِ مِنهَا وَعَقَلَت وَأَطَاعَت، إِلاَّ أَمِنَت سُبُلُهَا، وَاطمَأَنَّت في دِيَارِهَا، وَنَالَتِ الرَّخَاءَ وَالسَّعَةَ، وَعَزَّ جَانِبُهَا وتَقَدَّمَت، وَصَارَت يَدًا وَاحِدَةً عَلَى مَن نَاوَأَهَا، وَهَابَهَا أَعدَاؤُهَا وَخَافُوهَا، وَلا هِيَ خَرَجَت عَلَى أَئِمَّتِهَا وَنَازَعَت وُلاتَهَا، إِلاَّ صَارَ بَأسُهُم بَينَهُم شَدِيدًا، وَاستَحَرَّ فِيهِم القَتلُ وَفَسَدَت مِنهُمُ القُلُوبُ، وَتَشَتَّتُوا وَتَفَرَّقُوا، وَعَدَا عَلَيهِمُ العَدُوُّ وَغَزَاهُم، فَأَخَذَ بَعضَ مَا في أَيدِيهِم وَاستَضعَفَهُم. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. عِبَادَ اللهِ: لَئِن كَانَ الشَّيطَانُ قَد أَيِسَ أَن يَعبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، لأَنَّ اللهَ أَرَادَ لها أَن تَكُونَ مَعقِلاً لِلإِسلامِ وَعَاصِمَةً لِلإِيمَانِ، إِلاَّ أَنَّ عَدُوَّ اللهِ مَا زَالَ وَلَن يَزَالَ سَاعِيًا في التَّحرِيشِ بَينَهُم وَالإِفسَادِ، وَتَفرِيقِ الصُّفُوفِ وَتَقطِيعِ الأَوَاصِرِ، فَمَا أَحرَى المُسلِمِينَ أَن يَقطَعُوا عَلَيهِ الطَّرِيقَ، فَيَدخُلُوا في السِّلمِ كَافَّةً وَلا يَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ، وَأَن يُطِيعُوا مَن وَلاَّهُ اللهُ أَمرَهُم، وَيُوَقِّرُوا عُلَمَاءَهُم وَدُعَاتَهُم، وَيَنقَادُوا لِلنَّاصِحِينَ مِنهُم وَيَسمَعُوا لَهُم، وَأَلاَّ يَكُونَ اختِلافُ الأَسَالِيبِ وَتَنَوُّعُ الوَسَائِلِ، أَو تَعَدُّدُ الأَهدَافِ القَرِيبَةِ وَتَغَايُرُ المَشَارِبِ الصَّغِيرَةِ، حَائِلاً دُونَ بَعِيدِ الغَايَاتِ، أَو صَارِفًا عَن تَحدِيدِ الأَولَوِيَّاتِ، أَو مُؤَدِّيًا إِلى تَبَايُنِ المُعتَقَدَاتِ، أَو مُوقِعًا في تَركِ الثَّوَابِتِ وَإِهمَالِ الأُصُولِ، أَو مُوجِبًا لِرُكُوبِ الهَوَى وَإِعجَابِ كُلِّ ذِي رَأيٍ بِرَأيِهِ. وَمَن كَانَ ذَا نِيَّةٍ صَادِقَةٍ في الإِصلاحِ، وَلَدَيهِ رَغبَةٌ جَازِمَةٌ في التَّغيِيرِ لِلأَحسَنِ، وَيَحمِلُ بَينَ جَنبَيهِ إِرَادَةً لِلخَيرِ وَيَطمَعُ في رَدِّ هَيبَةِ الأُمَّةِ، فَإِنَّهُ لا يَبحَثُ عَن مَوَاطِنِ الخِلافِ فَيَدُلَّ عَلَيهَا، وَلا يَنزِعُ إِلى العِنَادِ وَالجَدَلِ فَيُصِرَّ عَلَيهِ، وَلا مَكَانَ لَدَيهِ لاتِّبَاعِ الهَوَى وَإِبرَازِ الذَّاتِ، أَو تَغلِيبِ مُشتَهَيَاتِهِ الخَاصَّةِ عَلَى المَصَالِحِ العَامَّةِ، ذَلِكَ أَنَّهُ يَعلَمُ أَنَّ التَّنَازُعَ وَالصِّدَامَ، وَعَدَمَ التَّوَاضُعِ وَتَركَ التَّطَامُنِ، وَحُبَّ الجَدَلِ وَرُكُوبَ الهَوَى، لا تَردِمُ حُفرَةً وَلا تُزِيلُ نُفرَةً، وَلا تَجلِبُ وُدًّا وَلا تَبنِي حُبًّا، وَلا تُصلِحُ عِلاقَةً وَلا تُذهِبُ جَفَاءً، وَلَكِنَّهَا مُذهِبَةٌ لِلصَّفَاءِ وَالنَّقَاءِ، مُقَوِّيَةٌ لِشَوكَةِ الأَعدَاءِ، مُضعِفَةٌ لِجَانِبِ الأَولِيَاءِ، وَحِينَ يُدرِكُ الجَمِيعُ كِبَارًا وَصِغارًا وَرِجَالاً وَنِسَاءً، أَنَّ الخَطَرَ مُحدِقٌ بهم مِن كُلِّ جِهَةٍ، وَأَنَّهُم هَدَفٌ لِكُلِّ ضَالٍّ وَغَرَضٌ لِكُلِّ مُنحَرِفٍ، وَأَنَّ صَلاحَ دِينِهِم وَأَمنَ بِلادِهِم، وَسَعَةَ أَرزَاقِهِم وَرَخَاءَ عَيشِهِم، مَطمَعٌ لِكُلِّ عَدُوٍ وَحَاسِدٍ، وَأَنَّ الشِّقَاقَ المُفتَعَلَ بَينَ الوُلاةِ وَالدُّعَاةِ، وَالأُمرَاءِ وَالعُلَمَاءِ، وَالوُجَهَاءِ وَالضُّعَفَاءِ، لا يُثمِرُ إِلاَّ استِنزَافَ القُوَى وَتَبدِيدَ الجُهُودِ، وَإِضَاعَةَ الأَوقَاتِ وَفَسَادَ الحَيَاةِ، وَحَملَ كُلٍّ مِنهُم عَلَى الشَّكِّ في الآخَرِ، وَجَعلِهِم في حَيرَةٍ مِنَ الأَمرِ حَتى يَأتِيَهُم العَدُوُّ وَهُم غَافِلُونَ، إِنَّهُم حِينَ يُدرِكُونَ ذَلِكَ، لَيَحرِصُونَ جَمِيعًا عَلَى جَمعِ الكَلِمَةِ وَتَوحِيدِ الصَّفِّ وَرَأبِ الصَّدعِ، وَلَن تَرَاهُم إِلاَّ عَامِلِينَ عَلَى إِزَالَةِ كُلِّ أَسبَابِ الفُرقَةِ، مُحسِنِينَ الظَّنَّ بِبَعضِهِم، مُتَقَارِبِينَ في رُؤيَتِهِم، مُتَعَاوِنِينَ لِتَحقِيقِ غَايَتِهِم، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيكُم بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُم وَالفُرقَةَ؛ فَإِنَّ الشَّيطَانَ مَعَ الوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثنَينِ أَبعَدُ، مَن أَرَادَ بُحبُوحَةَ الجَنَّةِ فَليَلْزَمِ الجَمَاعَةَ". [رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ]. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. عِبَادَ اللهِ: لَقَد بُلِيَ النَّاسُ في زَمَانِنَا بِالبَحثِ عَنِ الزَّعَامَةِ وَحُبِّ الصَّدَارَةِ، وَشَغَلَهُم طَردُ الجَاهِ وَالتَّعَلُّقُ بِالمَنَاصِبِ، فَصَارَ كُلٌّ مِنهُم يَسعَى إِلى أَن يَكُونَ آمِرًا مُطَاعًا وَقَائِدًا مَتبُوعًا، وَجَعَلَ يَبحَثُ عَنِ الشُّهرَةِ أَينَمَا حَلَّ وَارتَحَلَ، وَيَطرُدُهَا يَمِينًا وَشِمَالاً وَشَرقًا وَغَربًا، حَتى غَيَّبَ هَذَا الشُّعُورُ كَثِيرِينَ عَمَّا يَجِبُ عَلَيهِم مِن مُجَاهَدَةِ أَنفُسِهِم وَاتِّهَامِهَا، وَالتَّفتَيشِ عَن عُيُوبِهَا وَمَعرِفَةِ خَلَلِهَا، وَالعَمَلِ عَلَى تَنقِيَتِهَا وَتَصفِيَتِهَا مِمَّا قَد يُهلِكُهَا وَيُردِيهَا، وَبَدَلاً مِن أَن يَبدَأَ أَحَدُهُم مَسِيرَةَ الإِصلاحِ بِإِصلاحِ نَفسِهِ، بَدَأَ بِالآخَرِينَ يَتَتَبَّعُ عُيُوبَهُم وَزَلاَّتِهِم، وَيَبحَثُ عَن سَقَطَاتِهِم وَهَفَوَاتِهِم، مُغرِقًا في نَقدِهِم وَذَمِّهِم، مُسنِدًا كُلَّ نَقصٍ إِلَيهِم، حَامِلاً عَلَيهِم كُلَّ مَا يَحصُلُ مِن خَلَلٍ، وَأَمَّا هُوَ فَلا هَمَّ لَهُ إِلاَّ أَن يُجَادِلَ وَيُخَاصِمَ وَيُنَازِعَ، لِيُسَوِّغَ أَعمَالَهُ وَمَوَاقِفَهُ، وَيُؤَيِّدَ تَصَرُّفَاتِهِ وَفَلَتَاتِهِ، حَتى لَكَأَنَّمَا هُوَ مَعصُومٌ لا تَزِلُّ قَدَمُهُ وَلا يُخطِئُ لِسَانُهُ، وَتَاللهِ لَقَد تَمَزَّقَ بِذَلِكَ صَفُّ الإِسلامِ، وَتَأَخَّرَ سَيرُ الأُمَّةِ وَتَخَلَّفَت، إِذ أَصبَحَ الانصِيَاعُ لِلحَقِّ مَفقُودًا، وَصَارَت شَهوَةُ العَظَمَةِ هِيَ الطَّاغِيَةَ عَلَى المُبتَلَى بها، تُعمِيهِ عَنِ الحَقِّ وَتَصرِفُهُ عَنِ اتِّبَاعِهِ. وَأَمرٌ آخَرُ أَيُّهَا المُسلِمُونَ أَدَّى إِلى اختِلافِ الكَلِمَةِ وَضَعفِ الهَيبَةِ، ذَلِكُم هُوَ خَلطُ كَثِيرِينَ بَينَ الثَّوَابِتِ القَطعِيَّةِ وَالمَبَادِئِ الأَصِيلَةِ الَّتِي يَجِبُ الاتِّفَاقُ عَلَيهَا، وَبَينَ القَضَايَا الفَرعِيَّةِ الجُزئِيَّةِ الَّتِي يَسُوغُ الاختِلافُ فِيهَا، وَتَقدِيمُ آخَرِينَ نَصِيبَهُم مِنَ الدُّنيَا عَلَى حَظِّهِم مِنَ الدِّينِ، فَأُقِيمَ الحُبُّ وَالوَلاءُ عَلَى أُسُسٍ هَشَّةٍ، وَصَارَ مُنطَلَقُ البُغضِ وَالتَّبَرُّؤِ مُجَرَّدَ الهَوَى وَالشَّهوَةِ، وَتَفَاصَلَ الإِخوَةُ فِيمَا لَيسَ مَجَالاً لِلمُفَاصَلَةِ، وَأَغرَقُوا في الجُزئِيَّاتِ وَطَالَبُوا بِالتَّكمِيلِيَّاتِ، غَافِلِينَ عَن وُجُوبِ تَحصِيلِ الضَّرُورَاتِ وَالحَاجَاتِ أَوَّلاً، وَأَنَّهُ لا يُبتَنَى جِدَارٌ عَلَى غَيرِ أَسَاسٍ، وَأَنَّ لِكُلِّ مُجتَهِدٍ نَصِيبًا مِنَ الأَجرِ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَاعلَمُوا أَنَّ مِن لازِمِ الصِّدقِ مَعَ اللهِ وَمَحَبَّةِ المُسلِمِينَ، أَن يَقِفَ المُسلِمُ عِندَ حُدُودِ العَدلِ وَالحَقِّ، وَأَن يَقُولَ لِلصَّوَابِ: هَذَا صَوَابٌ، وَلِلخَطَأِ: هَذَا خَطَأٌ، وَأَلاَّ يُقِرَّ بَاطِلاً وَلا يَنتَصِرَ لَهُ وَلا يَدعُوَ إِلَيهِ، فَالمَفهُومُ الجَاهِلِيُّ لِلنَّصرِ، القَائِمُ عَلَى التَّعَصُّبِ الأَعمَى، قَد أَزَالَهُ الإِسلامُ وَطَرَحَهُ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "اُنصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَو مَظلُومًا؛ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظلُومًا، أَفَرَأَيتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيفَ أَنصُرُهُ؟ قَالَ: تَحجُزُهُ أَو تَمنَعُهُ مِن الظُّلمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصرُهُ" [رَوَاهُ البُخَارِيُّ]. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. الخطبة الثانية اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. اللهُ أَكبرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً. الحَمدُ للهِ مُعِيدِ الجُمَعِ وَالأَعيَادِ، رَفَعَ السَّمَاءَ بِلا عِمَادٍ، وَأَرسَى الأَرضَ بِالأَوتَادِ، وَتَعَالى عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالوَلَدِ وَالأَندَادِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ خَلقِ اللهِ، نَبِيِّهِ الَّذِي خَصَّهُ وَاصطَفَاهُ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالاهُ.أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ لا يُمكِنُ لِقَومٍ أَن يُظهِرُوا دِينًا أَو يَنصُرُوا حَقًّا، أَو يَقهَرُوا عَدُوًّا أَو يَدحَرُوا بَاطِلاً، أَو يُصلِحُوا مُجتَمَعًا أَو يُعِزُّوا وَطَنًا، وَهُم شَرَاذِمُ مُتَفَرِّقُونَ، كُلُّ حِزبٍ بما لَدَيهِم فَرِحُونَ. لَقَد كَانَ العَرَبُ قَبلَ مَبعَثِ محمدٍ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَعدَاءً فَأَلَّفَ اللهُ بَينَ قُلُوبِهِم فَأَصبَحُوا بِنِعمَتِهِ إِخوَانًا، وَبِتِلكَ الأُخُوَّةِ الصَّادِقَةِ وَالقُلُوبِ المُؤتَلِفَةِ، استَطَاعُوا أَن يَقُودُوا العَالَمَ وَيُحَرِّرُوهُ، وَقَدِ امتَنَّ اللهُ بِذَلِكَ عَلَى نَبِيِّهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فَقَالَ: ﴿ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 62، 63]. أَجَلْ أَيُّهَا الإِخوَةُ: مَا كَانَ لِلمُؤمِنِينَ الَّذِينَ نَصَرَ اللهُ بِهِم رَسُولَهُ وَأَعَزَّ بِهِم دِينَهُ وَأَعلَى بِهِم كَلِمَتَهُ، مَا كَانَ لَهُم أَن يَكُونُوا لِذَلِكَ أَهلاً، لَو بَقُوا عَلَى مَا كَانُوا عَلَيهِ في الجَاهِلِيَّةِ مِن التَّنَاحُرِ وَالعَدَاوَاتِ وَالعَصَبِيَّاتِ، وَالتَّبَاغُضِ وَالفُرقَةِ وَالشَّتَاتِ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَارتَفِعُوا عَن دَنَايَا الدُّنيَا وَسَفَاسِفِ الأُمُورِ، وَانبُذُوا التَّكَاثُرَ وَدَعُوا التَّفَاخُرَ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنكُم مَبعُوثٌ وَحدَهُ، مُحَاسَبٌ عَلَى عَملِهِ، وَاحذَرُوا أَكبَرَ أَسبَابِ الافتِرَاقِ وَالاختِلافِ، وَأَقوَى مُورِثٍ لِلعَدَاوَةِ وَضَيَاعِ القُوَّةِ، ذَلِكُم هُوَ الوُقُوعُ في المَعَاصِي وَالمُخَالَفَاتِ، وَالتَّهَاوُنُ بِالكَبَائِرِ وَالمُوبِقَاتِ، وَتَجَاوُزُ حُدُودِ الشَّرعِ في الأَمرِ وَالنَّهيِ، مَعَ اعتِيَادِ السُّكُوتِ وَالمُدَاهَنَةِ، وَعَدَمِ إِحيَاءِ فَرِيضَةِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، فَإِنَّهُ مَتى شَاعَتِ المَعَاصِي وَالمُنكَرَاتُ، وَأُضِيعَ الأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ، وَعُودِيَ المُحتَسِبُونَ وَأُسقِطُوا، فَلَم تُحفَظْ لَهُم مَكَانَةٌ، وَلَم تُقبَلْ مِنهُم نَصِيحَةٌ، وَلَم تَبقَ لَهُم هَيبَةٌ وَلَم تُسمَعْ مِنهُم كَلِمَةٌ، كَانَتِ العَاقِبَةُ الحَتمِيَّةُ هِيَ انحِرَافَ القُلُوبِ عَن بَعضِهَا، وَفُقدَانَ المَحَبَّةِ الإِيمَانِيَّةِ، وَحُلُولَ القَطِيعَةِ وَالبَغضَاءِ وَالعَدَاوَةِ وَالشَّحنَاءِ، وَمِن ثَمَّ ذَهَابُ الرِّيحِ وَسُقُوطُ القُوَّةِ، وَتَغَلُّبُ الأَعدَاءِ وَهَزِيمَةُ الأُمَّةِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [المائدة: 14]. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. عِبَادَ اللهِ: ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللهُ ضَحَايَاكُم، وَاذكُرُوهُ عَلَى مَا رَزَقَكُم وَكَبِّرُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُم، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، فَاختَارُوا مِنَ الضَّحَايَا أَحسَنَهَا وَأَسمَنَهَا وَأَثمَنَهَا، وَتَهَادَوا وَتَصَدَّقُوا، وَكُلُوا وَادَّخِرُوا، تَوَاصَلُوا وَتَزَاوَرُوا، وَتَصَافَحُوا وَتَصَالَحُوا، وَأَفشُوا السَّلامَ بَينَكُم تُفلِحُوا، إِنَّكُم في أَيَّامِ عِيدٍ وَأَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ، يَحرُمُ صَومُهَا، وَتُعَظَّمُ الشَّعَائِرُ فِيهَا، فَعَظِّمُوا كُلَّ مَا عَظَّمَ رَبُّكُم ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. يَا نِسَاءَ المُسلِمِينَ: اِحفَظْنَ حَقَّ اللهِ وَحَقَّ الأَزوَاجِ، وَالْزَمْنَ البُيُوتَ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولى، كُنَّ حُصُونًا لِلصَّلاحِ والفَضِيلَةِ، وَلا تَكُنَّ جُسُورًا لِلفَسَادِ وَالرَّذِيلَةِ، أَطِلْنَ الثِّيَابَ وَقَصِّرْنَ الأَلسِنَةَ، وَاحفَظْنَ الوُدَّ وَلا تَنسَينَ الفَضلَ، فَنِعمَ المَرأَةُ الوَدُودُ الوَلُودُ، الحَصَانُ الرَّزَانُ، الكَثِيرَةُ الحَيَاءِ الحَسَنَةُ الثَّنَاءِ، إِنْ أُعطِيَت شَكَرَت، وَإِن مُنِعَت صَبَرَت، تَسُرُّ زَوجَهَا إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَتَحفَظَهُ إِن غَابَ وَتُبهِجُهُ إِذَا حَضَرَ! وَبِئسَ لِلمَرأَةِ أَن تَكُونَ كَفُورَةً غَيرَ شَكُورَةٍ، تَدفِنُ الحَسَنَاتِ وَتُفشِي السَّيِّئَاتِ، خَرَّاجَةٌ وَلاجَةٌ، أَنَّانَةٌ مَنَّانَةٌ، تَخلَعُ الحِجَابَ وَتَضَعُ الجِلبَابَ، صَبِيُّهَا مَهزُولٌ، وَبَيتُهَا مَزبُولٌ، وَكَلامُهَا وَعِيدٌ وَصَوتُهَا شَدِيدٌ. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ الشيخ عبدالله بن محمد البصري
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|