أصفهان.. فتاة نوبية توزع "هدايا البردى" على السائحين بالنقاب لتصحيح صورة "مرسي"

[abomokhtar]

من بين ثقب صغير تطل عيونها الباسمة، تمسك بيدها السمراء أوراق البردي، يمر من أمامها أفواج من السياح يرتدون ملابس صيفية قصيرة وكاشفة، تمد يدها المزينة بالحناء البنية وتقدم الهدية، ينظرون إليها في تعجب، فهي صاحبة الزي الإسلامي الأسود، الذي يغطي جسمها كله، حتى وجهها يتوارى خلف النقاب.
عند بوابة المتحف المصرى بالتحرير، تستقبل أصفهان كاشف، العضو في حزب الحرية والعدالة، السائحين بالهدايا، بعد أن قررت التطوع ضمن المبادرة التي نظمها الحزب لتنشيط السياحة وإزالة الصورة السيئة التي روجها الإعلام عن التيار الإسلامى.
جاءت من بلاد النوبة التي تعرف وتقدر السياحة لأنها تمثل لهم دخلا أساسيا، "عندنا السياح بيحضروا أفرحنا، وبنفتح لهم بيوتنا ياكلوا ويشربوا معانا".
لا تجيد أصفهان أي لغة أجنبية، "مش بعرف اتكلم غير نوبي"، تقولها أصفهان وتضحك، لكنها استطاعت التواصل مع السياح، فهي أكثر من لفت انتباههم من فريق العمل المكون من 32 متطوعا من الشباب والفتيات، وقفوا يوزعون البردي على الأفواج من كل ال***يات، وبينهم اثنان فقط من الفتيات المنتقبات.
تعيش أصفهان في القاهرة بسبب عملها كمشرفة في دار مسنين، لكنها تسافر إلى النوبة لزيارة أهلها، تتكلم بحرية "عندي 33 سنة ومازلت آنسة"، تضحك "الثورة نجحت والريس جه، يمكن أتجوز بقى".
تتذكر العادات والتقاليد النوبية التي لا تسمح بالزواج من خارج القبيلة، "علشان إحنا مستوى الجمال عندنا مش عالي، وكمان مستوى التعليم قليل".
دقائق تمر، يدخل فوج سياحي جديد من الصين، السائحون يتفاعلون مع أصفهان، طلبوا أن يلتقطوا معها الصور التذكارية، أبدوا إعجابهم بالنقاب الذي ترتديه، "هما لازم يعرفوا أن الزي ده اختياري وإن مرسي مش هيلبس كل المسلمات نقاب، دي مجرد فزاعة الإعلام خوف بيها الناس".
شعرت بفرحة لأن السائح الصينى احترم زيها الإسلامى عند التقاط الصور معها، لم يضع يده على كتفها، "بالعكس جاب زوجته تقف جنبي"، هكذا أنجزت المهمة التي شاركت من أجلها، "كان لازم يعرفوا إني إنسانة عادية، وده الزي بتاعي، ومش هيحصلهم حاجة لو اتعاملوا معايا". قررت أن تشارك في المبادرات التالية التىي سينظمها الحزب في أسوان بمتحف النوبة، ومتحف أبو سمبل في أكتوبر المقبل.
حضرت الاجتماع التحضيري داخل مقر الحزب، وتابعت خطوات الإعداد على مدار الأيام الثلاثة الماضية بحماس، وعندما طلب محمد زيدان رئيس لجنة العلاقات العامة بحزب الحرية والعدالة بالجيزة، خلال الاجتماع من المشاركين في المبادرة أن يرفعوا أيديهم، طارت عشرات الأيادي في الهواء بينما ظلت يدها ساكنة.
في البداية، ترددت في المشاركة على الرغم من حماس التجربة التي تصحح المنظر المشوّه الذي يصل للغرب عن الرئيس الإسلامي محمد مرسي، لكن "النقاب" يمنعها، "هما أصلا بيخافوا من الزي ده إزاي بقى هشارك؟"، هكذا ردت أصفهان على زيدان عندما استفسر حول عزوفها عن المشاركة بالحدث.
"هو اللي شجعني إني أروح .. قالي أن الزي بتاعك خير دليل على مبدأ المبادرة"، وكسرت أصفهان حاجز الخوف عندها وشاركت وقبل أن تغادر المتحف عند إغلاق أبوابه في الخامسة مساء، كانت تشعر بنجاحها بعد أن كسرت حاجز الخوف عند السائحين أيضا، بعد أن ابتسمت بوجهها المختفي خلف النقاب، لكنها تواصلت معهم من خلال عيونها السوداء الصغيرة الباسمة مع صوتها وهي تقول بالإنجليزية "مرحبا بكم".