|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
فوائد وثمرات الاستغفار
فوائد وثمرات الاستغفار
عبده قايد الذريبي فإن شريعة الله جاءت بما فيه صلاح البلاد والعباد، جاءت بالحث على كل خير، والتحذير من كل شر، فكل خير قد حثنا المولى عليه، وكل شر حذرنا منه، ومما حثنا عليه الاستغفار، فقد جاءت نصوص كثيرة بالحث عليه، والترغيب فيه، ومدح أهله، ومن ذلك قوله - تعالى -وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة(199)]، وقوله: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ)[هود(3)] وقوله: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ)[آل عمران(17)]، وقوله: (وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الذاريات(18)]، وقوله: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ)[آل عمران(135)]، وقوله: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)[النساء(110)]، وكقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الذي روه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا فتستغفروا لذهب الله بكم، ولجاء بقومِ يذنبون فيستغفرون الله فيغفر الله لهم)). وليس في الحديث التساهل في الوقوع في الذنب، ثم الاستغفار بعد ذلك؛ وإنما فيه بيان لحالة العبد بعد توبته واستغفار من الذنب، وأنه إذا أذنب فقد جعل الله له مخرجا من ذلك بالتوبة والاستغفار، قال ابن عثيمين - رحمه الله -: "وهذا ترغيب في أن الإنسان إذا أذنب، فليستغفر الله، فإنه إذا استغفر الله - عز وجل - بنية صادقة، وقلب موقن، فإنه الله - تعالى -يغفر له: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)"[1][الزمر(53)]، وغير ذلك من نصوص الكتاب والسنة الحاثة على الاستغفار، والمرغية فيه.. وإذا تاب العبد إلى ربه، واستغفره، وأناب إليه؛ فإن نفع ذلك يعود إلى العبد نفسه، فإن الله يكرمه بكرامات عديدة، ويمنحه فوائد جليلة، ويغدق عليه بذلك ثمرات كثيرة، ومن هذه الفوائد والثمرات ما يلي: أولا: الاستجابة لنصوص الكتاب والسنة: التي جاءت بالحث على ذلك، وكذلك الاقتداء والتأسي بأنبياء الله ورسله؛ فإنهم كانوا يكثرون من التوبة والاستغفار، وكذلك التشبه بكل عبد صالح مستغفر. ثانيا: المتاع الحسن في الدنيا، وإيتاء كل ذي فضل فضله في الآخرة: قال الله -جل شأنه-: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ)[هود(3)]. يقول ابن كثير -رجمه الله- عند تفسيره لهذه الآية: "أي وآمركم بالاستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى الله - عز وجل - فيما تستقبلونه، وأن تستمروا على ذلك: (يمتعكم متاعا حسنا) أي في الدنيا (إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله) أي في الدار الآخرة"[2] ثالثا: إنزال المطر وزيادة القوة: قال - تعالى -عن هود - عليه السلام - أنه قال لقومه: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ) [هود(52)]. يقول البغوي - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية: "أي: يرسل المطر عليكم متتابعا مرة بعد أخرى في أوقات الحاجة: (ويزدكم قوة إلى قوتكم) أي: شدة مع شدتكم، وذلك أن الله - عز وجل - حبس عنهم القطر ثلاث سنين، وأعقم أرحام نسائهم، فلم يلدن"[3]. فالاستغفار مع الإقلاع عن الذنب سببٌ للخصب والنماء وكثرة الرزق وزيادة العزّة والمنعة، يقول ابن كثير - رحمه الله -: "ومن اتصف بهذه الصفة- أي صفة الاستغفار-، يسر الله عليه رزقه، وسهل عليه أمره، وحفظ عليه شأنه وقوته، ولهذا قال: (يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً)[4] [نوح(11)]. رابعا: إجابة الدعاء: قال - تعالى -حاكيا عن صالح - عليه السلام - أنه قال لقومه: (اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) [هود(61)]، فوعد الله من استغفره وتاب إليه، بإجابة الدعاء، وشواهد ذلك في التاريخ كثيرة.. خامسا: أن المستغفرين ممن شملتهم رحمة الله ووده: فهذا نبي لله شعيب - عليه السلام - يقول لقومه: (وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) [هود(90)]. قال الطبري - رحمه الله -: "(ثم توبوا إليه) ارجعوا إلى طاعته، والانتهاء إلى أمره ونهيه: (إن ربي رحيم) رحيم بمن تاب وأناب إليه أن يعذبه بعد التوبة (ودود) ذو محبة لمن أناب وتاب إليه يوده ويحبه"[5]. سادسا: أن به تجلب النعم وتدفع النقم: يقول الله - تعالى - على لسان نوح - عليه السلام - أنه قال لقومه: (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [نوح(9- 12)]. يقول ابن كثير - رحمه الله -: "أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم أسقاكم من بركات السماء وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدر لكم الضرع وأمدكم بأموال وبنين أي أعطاكم الأموال والأولاد وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية بينها"[6]. كل هذه النعم تستجلب بالاستغفار. سابعا: دفع العقوبة عن صاحبه ومنع نزول المصائب: لما جاء في الحديث أخرجه الترمذي في جامعه، وهو حديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه بين العلماء: عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىَّ أَمَانَيْنِ لأمتي ((وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الأنفال: 33)، إِذَا مَضَيْتُ تَرَكْتُ فِيهِمْ الاِسْتِغْفَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)). فإن كان الحديث ضعيفا فالآية خير شاهد على ذلك. فإذا كثرت الذنوب، وقل الاستغفار أو انعدم، فالعذاب سيحصل لا محالة؛ لقوله - تعالى -: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) فالاستغفار سبب لمنع العذاب. ثامنا: ومن فوائده أنه سبب في هلاك الشيطان: فقد قال ابن القيم - رحمه الله -: إن إبليس قال: "أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار، وب" لا إله إلا الله" فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء، فهم يذنبون ولا يتوبون؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاء"[7]. جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد وحسنه شعيب الأرنؤوط: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن إبليس قال لربه بعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم، فقال الله: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني)). تاسعا: أن بسببه تحل المشاكل الصعبة والعويصة: فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية كما يقول تلميذه ابن القيم - رحمه الله -: "وشهدتُ شيخَ الإسلام ابنَ تيميه - رحمه الله - إذا أعيَته المسائل واستعصَت عليه فرَّ منها إلى التوبة والاستغفار والاستعانة بالله واللجوء إليه، واستنزال الصوابِ من عنده، والاستفتاح من خزائن رحمته، فقلَّما يلبثُ المددُ الإلهي أن يتتابَع عليه مدًّا، وتزدلِف الفتوحات الإلهية إليه، بأيّتهنّ يبدأ"[8] فإذا أعيتك المسائل، وصعب عليك حلها، ففر إلى الاستغفار، وصدق الله القائل: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً) [الأنفال(29)] تفرقون به بين الحق والباطل، والسنة والبدعة.. عاشرا: أنه سبب لانشراح الصدر: لما جاء في الحديث الذي مسلم في عن الأغر المزني -وكانت له صحبة- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة)). وجاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب)). يقول المناوي - رحمه الله -: "قال الحكيم: وأشار بالإكثار إلى أن الآدمي لا يخلو من ذنب أو عيب ساعة فساعة والعذاب عذابان أدنى وأكبر، فالأدنى عذاب الذنوب والعيوب، فإذا كان العبد مستيقظا على نفسه فكلما أذنب أو أعتب أتبعهما استغفارا فلم يبق في وبالها وعذابها، وإذا لها عن الاستغفار تراكمت ذنوبه فجاءت الهموم والضيق والعسر والعناء والتعب فهذا عذابه الأدنى، وفي الآخرة عذاب النار وإذا استغفر تنصل من الهم فصار له من الهموم فرجا ومن الضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب"[9]. فبالاستغفار يصفو القلب وينقى، كما جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي وقال: "حسن صحيح" وصححه الألباني: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ في قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّيْنُ الذي ذَكَرَ اللَّهُ - عز وجل - في الْقُرْآنِ: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[المطففين(14)]. والاستغفار له تأثير عجيب في زوال الهموم والغموم، وتفريج الكروب، يقول ابن القيم - رحمه الله - مبينا ذلك: "فالمعاصي والفساد توجب الهم والغم والخوف والحزن وضيق الصدر، وأمراض القلب، حتى إن أهلها إذا قضوا منها أوطارهم وسئمتها نفوسهم ارتكبوها دفعا لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهم والغم... وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام في القلوب فلا دواء لها إلا التوبة والاستغفار"[10]. حادي عشر: أن المستغفر يتعبد لربه - عز وجل - ويقر له بصفة الغفار: فهو يستشعر معنى قوله - تعالى -: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)[طـه(82)]، ويستشعر كذلك جميع الآيات التي وعد الله أخبر الله أو سمى أو وصف نفسه بالمغفرة والغفور والغفار، وما أشبه ذلك.. ويستشعر كذلك حديث أب هريرة -رضي الله عنه- في البخاري قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن عبدا أصاب ذنبا، وربما قال أذنب ذنبا، فقال: رب أذنبت وربما قال: أصبت فاغفر لي، فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي؟... )) الحديث.. ثاني عشر: ومن أهم فوائد الاستغفار وثمراته- وقد أخرناها لأهميتها- أنه دواء الذنوب: جاء في شعب الإيمان للبيهقي: عن سلام بن مسكين قال: سمعت قتادة، يقول: "إنَّ هذا القرآن يدلُّكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم: فالذُّنوب، وأما دواؤكم: فالاستغفار". والناس يخطئون ولكن بالتوبة والاستغفار يغفر الله الذنوب؛ جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم في صحيحه: ((يَا عبادي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فاستغفروني أَغْفِرْ لَكُمْ)). والله - عز وجل - يقول: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا) [النساء(110)]. وأخرج أبو داود وصححه الألباني عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا -رضي اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: كُنْتُ رَجُلاً إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا نفعني اللَّهُ مِنْهُ بِمَا شَاءَ أَنْ ينفعني، وَإِذَا حدثني أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ فَإِذَا حَلَفَ لي صَدَّقْتُهُ، قَالَ: وحدثني أَبُو بَكْرٍ وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ)).. وأخرج أحمد في مسنده والترمذي وصححه الألباني: عَنْ أَبِى ذَرٍّ -رضي الله عنه- عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ - عز وجل - أَنَّهُ قَالَ: ((يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دعوتني ورجوتني فإني سَأَغْفِرُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَوْ لقيتني بِقُرَابِ -أي بما يقارب ملأها- الأَرْضِ خَطَايَا لَلَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً وَلَو عَمِلْتَ مِنَ الْخَطَايَا حَتَّى تَبْلُغَ عَنَانَ السَّمَاءِ مَا لَمْ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي لَغَفَرْتُ لَكَ ثُمَّ لاَ أُبَالِى)). سبحان من يعفو ونهفو دائما *** ولا يزل مهما هفا العبد عفا يعطى الذي يخطئ ولا يمنعنه *** جلاله عن العطى لذي الخطى - سبحانه - يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها. فله الحمد والمنة.. وغير ذلك من الفوائد والثمرات، وفقنا الله جميعا إلى التوبة والاستغفار، ومنحنا هذه الفوائد والثمرات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [1] شرح رياض الصالحين. [2] تفسير القرآن العظيم(2/ 436). [3] معالم التنزيل(1/ 288). [4] تفسير ابن كثير(2/ 450). [5] انظر: الجامع لأحكام القرآن(12/105). [6] تفسير القرآن العظيم(4/ 426). [7] مفتاح دار السعادة (1/158). [8] إعلام الموقعين(4/ 172). [9] فيض القدير(6/82). [10] زاد المعاد(4/208-209) |
#2
|
|||
|
|||
مشروعية الاستغفار :
الاستغفار مشروع في كل وقت ، وهناك أوقات وأحوال مخصوصة يكون للاستغفار فيها مزيد فضل ، وكثير أجر ، فيستحب الاستغفار بعد العبادات ، ليكون كفارة لما يقع فيها من خلل أو تقصير ، إذن تتأكد مشروعية الاستغفار في الأوقات التالية : 1- بعد الفراغ من الصلوات الخمس : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة المفروضة يستغفر الله ثلاثاً ؛ لأن العبد عرضة لأن يقع منه نقص في صلاته بسبب غفلة أو سهو . 2- في ختام صلاة الليل : قال تعالى عن المتقين : { كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الذاريات 17-18 ] . وقال تعالى : { الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } [ آل عمران17 ] . 3- بعد الإفاضة من عرفة والفراغ من الوقوف بها : قال تعالى : { ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ البقرة199 ] . 4- في ختم المجالس ونهايتها : حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم عندما يقوم الإنسان من المجلس أن يقول كفارة المجلس ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ " [ أخرجه الترمذي وغيره ، وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ ] ، فإن كان مجلس خير كان كالطابع عليه ، وإن كان غير ذلك كان كفارة له . 5- في ختام العمر ، وفي حال كبر السن : فقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عند اقتراب أجله : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } [ سورة النصر 1-3 ] . فقد جعل الله فتح مكة ، ودخول الناس في دين الله أفواجاً ، علامة على قرب أجل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمره عند ذلك بالاستغفار . فينبغي لكم أيها المسلمون ملازمة الاستغفار في كل وقت ، والإكثار منه ليلاً ونهاراً لتحوزوا على فضائله ، وتنالوا خيراته ، وتنهلوا من معينه ، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار ، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فكيف بنا ، ونحن لا ندري أيُغفر لنا أم لا ؟ . عَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِىِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي ، وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ " [ رواه مسلم ] . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ " [ أخرجه مسلم ] . وفي سنن ابن ماجة بسند جيد عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ رضي الله عنه يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا " . منقول جزاك الله خيرا
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
بارك الله فيكم ونفع بكم
|
العلامات المرجعية |
|
|