|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تجريد استدراكات العلامة السيوطي على الإمام الشاطبي في (حرز الأماني ووجه التهاني)
تجريد استدراكات العلامة السيوطي على الإمام الشاطبي في (حرز الأماني ووجه التهاني) محمد آل رحاب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أنزال القرآن هدى ونورًا وشفاء لما في الصدور، والصلاة والسلام على نبينا محمد الهادي البشير والسراج المنير، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم النشور. وبعد: فإن من العلماء الذين ضربوا في كل فن من الفنون بسهم علامةَ الدنيا جلال الدين السيوطي تـ911 هـ رحمه الله. وأثناء جردي لشرحه على القصيدة اللامية الشاطبية الموسومة بـ (حرز الأماني ووجه التهاني) للإمام أبي القاسم الشاطبي ت590 هـ لفَت نظري استدراك العلامة السيوطي وانتقاده لبعض أبيات (الحرز)، وليس هذا بعائبٍ النظم ولا الناظم شيئًا؛ بل انطلاقًا من قوله رحمه الله: 75 - أَخي أَيُّهَا الْمُجْتَازُ نَظْمِي بِبَابِهِ يُنَادَى عَلَيْهِ كَاسِدَ السُّوقِ أَجْمِلَا 76 - وَظُنَّ بِهِ خَيْرًا وَسَامِحْ نَسِيجَهُ بِالاِغْضاءِ وَالْحُسْنَى وَإِنْ كانَ هَلْهَلَا 77 - وَسَلِّمْ لإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إِصَابَةٌ وَالُاخْرَى اجْتِهادٌ رَامَ صَوْبًا فَأَمْحَلَا 78 - وَإِنْ كانَ خَرْقٌ فَادَّرِكْهُ بِفَضْلَةٍ مِنَ الْحِلْمِ ولْيُصْلِحْهُ مَنْ جَادَ مِقْوَلَا ولا يزال الناس بين رادٍّ ومردود عليه، ومَن ألَّف فقد استهدف. ولم يكن العلامة السيوطي بدعًا في هذا الأمر؛ فقد سبقه - بل وتبعه - شُرَّاح (القصيد) بالاستدراك على (الحرز)؛ إذ الكمال لله وحده ولكتابه، ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 82][1]. كما فعل الإمام أبو شامة تلميذُ تلميذ الناظم في شرحه (إبراز المعاني)، وكما فعل الإمام ملا علي القاري في شرحه على الحرز[2]، وأفرد كتابًا سماه: (الضابطيَّة لأبيات الشاطبية) نشره شيخنا عبدالحكيم الأنيس وغيره، وكما فعل غيرهما من الشرَّاح. ♦ ♦ ♦ والإمام السيوطي رحمه الله في كل استدراكاته - بالتتبع والاستقراء - قد انطلق مِن قول الناظم رحمه الله: 65- وَسَوْفَ أُسَمِّي حَيْثُ يَسْمَحُ نَظْمُهُ بِهِ مُوضِحًا جِيدًا مُعَمًّا وَمُخْوَلَا حيث وجد أن هناك أبياتًا رمَز فيها الإمام الشاطبي، ووَزْن البيت يستقيم بالتصريح باسم القارئ أو وصفِه ولكن بسبكٍ آخر، وهذا ما قام به العلامة السيوطي رحمه الله، فأحببتُ أن أجمع متفرقها، وأضمَّ النظير إلى النظير، بعد أن قمتُ بجردها وتعليقها على نسختي الخاصة من (الحرز)، وأيضًا تخصيص قسم لها ضمن الديوان الجامع لأشعار الإمام السيوطي، الذي قاربتُ على الانتهاء منه، والله الموفق. ♦ ♦ ♦ قال الإمام الشاطبي رحمه الله في باب الاستعاذة: 99- وَإِخْفَاؤُهُ فَصْلٌ أَبَاهُ وُعَاتُنَا وَكَمْ مِنْ فَتًى كالْمَهْدَوِي فِيهِ أَعْمَلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال المصنف: وإخفاؤه عن نافعٍ ثم حمزةٍ لوفَّى بالتسمية". قلت: فيصير البيت هكذا: وإخفاؤه عن نافعٍ ثم حمزةٍ وَكَمْ مِنْ فَتًى كالْمَهْدَوِي فِيهِ أَعْمَلَا ♦ ♦ ♦ قال الإمام الشاطبي رحمه الله في باب البسملة: 100- وَبَسْمَلَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ بِسُنَّةٍ رِجَالٌ نَمَوْها دِرْيَةً وَتَحَمُّلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال المصنف: وقالون بين السورتين وعاصمٌ مع ابن كثير والكسائيِّ بسملا لوفى بالتسمية". قال الإمام الشاطبي رحمه الله في باب البسملة أيضًا: 101- وَوَصْلُكَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فَصَاحَةٌ وَصِلْ وَاسْكُتَنْ كُلٌّ جَلاَيَاهُ حَصَّلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال بدل: (فصاحة) (لحمزةٍ) لوفى بالتسمية"... إلى أن قال: "ولو قال بدل كلمات الرمز: ورشٌ وشامٍ وذو العَلا لوفى بالتسمية". قلت: فيصير البيت هكذا: 101- وَوَصْلُكَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ لحمزةٍ وَصِلْ وَاسْكُتَنْ ورشٌ وشامٍ وذو العَلا ♦ ♦ ♦ قال الإمام الشاطبي رحمه الله: 102- وَلاَ نَصَّ كَلاَّ حُبَّ وجْهٌ ذَكَرْتُهُ وَفِيها خِلاَفٌ جِيدُهُ وَاضِحُ الطُّلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال بدل البيت: ولا نصَّ عن بصريِّهم وابن عامرٍ وعن ورشَ فيها الخُلْف فارددْ أوِ اقبلا[3] لوفى بالتسمية مع زيادة فائدة". ♦ ♦ ♦ قال الإمام الشاطبي رحمه الله في باب سورة أم القرآن: 108- وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ رَاوِيهِ نَاصِرٌ وَعَنْدَ "سِرَاطٍ" وَ"السِّرَاطَ" لِقُنْبُلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال: ومالكِ يُروى عن عليٍّ[4] وعاصمٍ لوفى بالتسمية". قال الإمام الشاطبي رحمه الله: 111- وَصِلْ ضَمَّ مِيمِ الْجَمْعِ قَبْلَ مُحَرَّكٍ دِرَاكًا، وَقاَلُونٌ بِتَخْيِيرِهِ جَلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال بدله: لمكٍّ لوفى بالتسمية". قلت: فيصير البيت: 111- وَصِلْ ضَمَّ مِيمِ الْجَمْعِ قَبْلَ مُحَرَّكٍ لِمَكٍّ، وَقاَلُونٌ بِتَخْيِيرِهِ جَلَا قال الإمام الشاطبي رحمه الله: 114- مَعَ الْكَسْرِ قَبْلَ الْهَا أَوِ الْيَاءِ سَاكِنًا وَفي الْوَصْلِ كَسْرُ الْهَاءِ بالضَّمِّ شَمْلَلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال: وضَمَّ عليُّ الها وحمزةُ مُوصلا لوفى بالتسمية". ♦ ♦ ♦ قال الإمام الشاطبي رحمه الله: 160- وَسَكِّنْ يُؤَدِّهْ مَعْ نُوَلِّهْ وَنُصْلِهِ وَنُؤْتِهِ مِنْهَا فَاعَتَبِرْ صَافِيًا حَلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال المصنف: وسكن يؤدهْ لابنِ عياشِ حمزةٍ نولهْ ونصلهْ نؤتهِ وفتى العَلا لوفى بالتسمية". قال الإمام الشاطبي رحمه الله: السيف أصدق إنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال بدل الشطر الثاني: أبو بكرِ والبصريْ وخَلَّادُ معْ خِلا لوفى بالتسمية، وكان فيه نوعٌ بديعي، وهو الاكتفاء"[5]. قال الإمام الشاطبي رحمه الله: 162- وَقُلْ بسُكُونِ الْقَافِ وَالْقَصْرِ حَفْصُهُمْ وَيَأْتِهْ لَدَى طه بِالاِسْكَانِ يُجْتَلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال: ويأتهْ بطه صالحٌ[6] ساكنًا جلا لوفى بالتسمية". قال الإمام الشاطبي رحمه الله: 163- وَفي الْكُلِّ قَصْرُ الْهَاءِ بَانَ لِسَانُهُ بخُلْفٍ وَفِي طَهَ بِوَجْهَيْنِ بُجِّلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال: وفي الكل قالونٌ بقصْر هشامُهمْ بخُلْفٍ وساواه بطه فأعملا لوفى بالتسمية". قال الإمام الشاطبي رحمه الله: 164- وَإِسْكَانُ يَرْضَهُ يُمْنُهُ لُبْسُ طَيِّبٍ بِخُلْفِهِمَا وَالْقَصُرَ فَاذْكُرْهُ نَوْفَلَا 165- لَهُ الرَّحْبُ وَالزِّلْزَالُ خَيْرًا يَرَهْ بِهَا وَشَرًّا يَرَهْ حَرْفَيْهِ سَكِّنْ لِيَسْهُلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال بدلَ البيتين: وصالحُ يرضهْ معْ هشام ودورهم بخلفهما، والقصر فانسبْه الاولا وحمزة معْه[7] نافعٌ ثم عاصمٌ يرهْ لهشامٍ في كِلا حرفِ زلزلا لوفَّى بالتسمية" ♦ ♦ ♦ قال الإمام الشاطبي رحمه الله في ذكر ذال إذ: 259 - نَعَمْ إِذْ تَمَشَّتْ زَيْنَبٌ صَالَ دَلُّهَا سَمِيَّ جَمَالٍ وَاصِلاً مَنْ تَوَصَّلا 260 - فإِظْهَارُهَا أجْرى دوَامَ نَسِيْمِهَا وَأَظْهَرَ رَيَّا قوْلِهِ وَاصِفٌ جَلَا 261 - وَأَدْغَمَ ضَنْكًا وَاصِلٌ تُومَ دُرِّه وَأَدْغَمْ مُوْلَى وُجْدُهُ دائمٌ وَلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال المصنف بدل الأبيات: وأحرف "إذ" مجموعُ: صدَّ تجز ستةْ فأدغمها فيها هشامٌ وذو العَلا وفي الدال مزْ والدال والتاء ضف، وفي سوى الجيم خلادُ الكسائيُّ أدخلا لكان أبْيَنَ وأخْصرَ". ♦ ♦ ♦ قال الإمام الشاطبي رحمه الله في ذكر دال قد: 262 - وَقَدْ سَحَبَتْ ذيْلاً ضَفَا ظَلَّ زَرْنَبٌ جلَتْهُ صبَاهُ شائِقًا وَمُعَلَّلَا 263 - فَأظْهَرَهَا نَجمٌ بدَا دَلَّ وَاضِحًا وَأَدْغَمَ وَرْشٌ ضَرَّ ظمْآنَ وَامْتَلَا 264 - وَأَدْغَمَ مُرْوٍ وَاكِفٌ ضَيْرَ ذَابِلٍ زَوَى ظِلَّهُ وَغْرٌ تَسَدَّاهُ كَلْكلَا 265 - وَفِي حَرْفِ زَيَّنَا خِلاَفٌ وَمُظْهِرٌ هِشَامٌ بِصَادٍ حَرْفَهُ مُتَحمِّلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال المصنف بدلَ الأبيات: وأحرف "قد" جيمٌ وذال وزايها وظاءٌ وشين الضاد واثنان أُهملا فأظهرَ قالونٌ ومكٍّ وعاصمٌ وفي ضادها والظا فقط ورشٌ ادخلا[8] وفي ذينِ والذال ابن ذكوانَ، واختُلفْ بزايٍ وفي صادٍ هشامهمُ جلا لكان أوضح وأخصر". ♦ ♦ ♦ قال الإمام الشاطبي رحمه الله في فرش سورة الطور: 1048- رِضًا يَصْعَقُونَ اضْمُمْهُ كَمْ نَصَّ وَالْمُسَيْ طِرُونَ لِسانٌ عَابَ بِالْخُلْفِ زُمَّلَا قال العلامة السيوطي رحمه الله: "ولو قال بدل كلمات الرمز: هشامٌ حفصُ بالخُلْف قُنبلا لوفى بالتسمية". قلت: فيصير البيت هكذا: 1048- رِضًا يَصْعَقُونَ اضْمُمْهُ كَمْ نَصَّ وَالْمُسَيْ طِرُونَ هشامٌ حفصُ بالخُلْف قُنبلا ♦ ♦ ♦ فهذه اثنان وعشرون بيتًا ووضعًا انتقدها العلامة السيوطي على الإمام الشاطبي، وهي تبين براعة العلامة السيوطي في النظم، واقتداره عليه، وما يتمتع به من حس عالٍ في النقد وأدب جم في الاستدراك. رحم الله الإمامين ونفعنا بعلمها وألحقنا بهم على خير. والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبين، وأستغفر الله لي ولوالدي ولكل المسلمين وكتب الفقير إلى رحمة ربه الوهاب محمد بن أحمد آل رحاب القاهرة العامرة قرب الجامع الطولوني الذي كان يملي فيه العلامة السيوطي الحديث ويعقد مجلس تحديثه، وبجوار جامع شيخون الذي تولى مشيخته، أعاد الله مجدهما وسالف عزهما الثلاثاء 10 - رجب - 1436 هـ [1] وفي قراءة سبعية: "كثيرًا". [2] ولا يزال مخطوطًا يعمل على تحقيقه شيخنا المعصراوي، وشيخنا حامد أكرم البخاري، وغيرهما. [3] أصلها: اقبلنْ. [4] وهو اسم الإمام الكسائيِّ المرموز له بالراء. [5] قال ابن أبي الإصبع: وتبعه عليه الحلي، وهو حذف بعض الألفاظ؛ لدلالة الباقي عليه (الشفا في بديع الاكتفا) للنواجي ص 24، وينظر تعريف العلامة السيوطي له، والأمثلة عليه في تعليقه على ألفيته في البلغة (عقود الجمان). وهو نوع من الإيجاز؛ لأن التحقيق في تعريف الإيجاز أن يُقال: هو أن يحذف بعض الكلام، ويدل بدلالة أما لفظية نحو: ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ [الكهف: 79]؛ أي: صالحة بدليل ﴿ أَنْ أَعِيبَهَا ﴾ [الكهف: 79]، وإن قرئ كذلك، وأن يعيبها ألا يُخرجها عن كونها سفينة؛ فلا فائدة حينئذ، أو عقلية نحو: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ [يوسف: 82]؛ أي: أهل القرية؛ لامتناع توجه السؤال لها عقلاً، والاكتفاء ما دل عليه بدلالة لفظية، فهو أخص منه. [6] هو اسم الإمام السوسي. [7] بصلة الهاء لأجل الوزن. [8] بحذف الهمزة ونقل حركتها في "أدخلا" إلى النون الساكنة في التنوين قبلها. |
العلامات المرجعية |
|
|