اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > مصر بين الماضى و الحاضر

مصر بين الماضى و الحاضر قسم يختص بالحضارة و التاريخ المصرى و الاسلامى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-05-2015, 04:47 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي جهود يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن في حفظ ثغور الإسلام


جُهود يَعْقوب بن يوسف بن عبد المؤمن في حِفْظ ثُغُور الإسلام (1)

دَوْرُ قَبِيْلَتَي مَصْمُودة وكُوْمِيَّة الأَمازِيْغِيَّتَيْن في حِفْظ ثُغُور الإسلام

أُمَمٌ نَشَرت نورَ الإسلام في العالَمِيْن (17)


أ. حسام الحفناوي


وَلِيَ يعقوُب بن يوسف بعد وفاة والده، ففَرَّق الأموال في الضُّعَفاء، ورَدَّ المَظالِم، وأَكْرَم الفُقهاء، وراعَى الصُّلَحاء، وأهلَ الفَضْل، وأَجْرَى على أكثرهم الإنفاق من بيت المال، وفَرَّق في الأَجْناد أموالًا جَمَّة. [1]

ثم اسْتَنْفَر يعقوب الناسَ للغَزْو، ووَلَّى عليهم أخاه يَحْيَى، فاسْتَوْلى على بعض الحُصُون، وأَثْخَن في بلاد نَصارَى الأندلس[2]، ثم خرج يعقوبُ بن يوسف بنفسه على رأس جيش إلى الأندلس سنة 585هـ[3]، فغَزا غَرْبَها، فنازل شَنْترِيْن، وشَنَّ الغارات على نواحي لشْبُوْنة، وقُراها، فأَثْخَن فيهم، ثم انصرف إلى المغرب بغنائم كثيرة جدًا.[4]

ولما انْشَغَل يعقوب بن يوسف بضَبْط أمور إفْرِيْقِية التي كان بَنو غانِيَة قد ثاروا فيها على المُوَحِّدِيْن[5]، اغْتَنَم نَصارى غرب الأندلس الفرصة[6]، فاسْتَوْلَوا في سنة 585هـ بمَعُونة حَمْلَة بَحْرِيَّة صَلِيْبِيَّة كُبْرى كانت مُتَّجِهة إلى الشام[7] على مدينة شِلْب[8] التي كانت من أَمْنَع مُدُن غرب الأندلس، وأكثرها خَيْرات، وذلك بعد حِصار شديد، وجُهْد جَهِيْد، فرَحَل المسلمون بعده عن المدينة حامِلِيْن أَمْتِعَتَهم. [9]

وكان أن خرج ألفونسو الثامن مَلِك قشتالة ليُغِيْر على ولايات وَسَط الأندلس بالتَّوازِي مع حَمْلة سانشو الأول مَلِك البُرْتُغال على غَرْبِها، فاكْتَسَح العديد من البِقاع، واسْتَوْلى على عِدَّة حُصُون، وقِلاع.[10]

فغَضِب المنصور، وكتب إلى ولاته على الأندلس يأمرهم بالغَزْو، ويُعْلِمُهم أنه قادمٌ إليهم[11]، فاجتمع قادة الأندلس إلى والي قُرْطُبة، فخرج في جَيْش كَثِيْف من عساكر المُوَحِّدِيْن، والعرب، وأهل الأندلس، فغَزا غَرب الأندلس، واسْتَرْجَع المُدن المَذْكورة، وفَتَح قَصْر أبي دانِس[12]، وأَخْلَى النصارى عِدَّة حُصُون؛ لعدم قُدْرَتهم على دَفْع جيوشه، فخَرَّبها، وعاد إلى قُرْطُبة بغَنائم كثيرة سنة 587هـ.


[1] ضبط يعقوب الثغور، وحَصَّن البلاد، وبنى المساجد، والمدارس في بلاد إفْرِيْقِية، والمغرب، والأندلس، وبنى المارستانات للمرضى والمجانين، وأجرى عليهم الإنفاق في جميع أعماله، وأجرى المرتبات على الفقهاء وطلبة العلم، كل على قدر مرتبته، وبنى الصوامع، والقناطر، وحفر الآبار للماء في البرية، واتخذ عليها المنازل، وكانت أيامه أيام دعة وأمن ورخاء ورفاهية وبهجة، وكان ملكًا جوادًا عادلًا، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كما ينبغي من غير محاباة، ويصلي بالناس الصلوات الخمس، ويلبس الصوف، ويقف للمرأة والضعيف، ويأخذ لهم بالحق، وكان المنصور يشدد في إلزام الرعية بإقامة الصلوات الخمس، و*** في بعض الأحيان على شرب الخمر، و*** العمال الذين تشكوهم الرعايا، وأمر برفض فروع الفقه، وإحراق كتب المذاهب، وأن الفقهاء لا يُفْتون إلا من الكتاب والسنة النبوية، ولا يقلدون أحدًا من الأئمة المجتهدين، بل تكون أحكامهم بما يؤدي إليه اجتهادهم من استنباطهم القضايا من الكتاب والحديث والإجماع والقياس. انظر ترجمته في: المعجب في تلخيص أخبار المغرب (ص218-222)، ومضمار الحقائق وسر الخلائق (ص202،201)، والبيان المغرب قسم الموحدين (ص229-235)، ووفيات الأعيان (7/ 3-15)، وتاريخ الإسلام (42 / 213-228)، والعبر للذهبي (3 / 113)، ونفح الطيب للمقري (4 / 380-383)، وشذرات الذهب لابن العماد (4 / 321-323)، والاستقصا للناصري السلاوي (2 / 158-206)، وأعلام الزركلي (8 / 203)، ودولة الإسلام في الأندلس (4 / 140-248)، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة (13 / 255).

[2] انظر: تاريخ ابن خلدون (6 / 242،241)، والاستقصا (2 / 158).

[3] بعث السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى يعقوب بن يوسف في نفس العام، يطلب منه أن يمده بأساطيل حربية، تعينه على منازلة عكا، وصور، وطرابلس الشام، والحيلولة في البحر بين أساطيل الفرنج، وبين إمداد النصارى بالشام؛ لما كانت بلاد المغرب تتمتع به من وفرة المواد الخام لصناعة السفن التجارية، والحربية، وتمكن أهلها من شؤون البحر، وتمرسهم به، ولكن القاضي الفاضل عندما صاغ الخطاب لم يلقب يعقوب بن يوسف بإمارة المؤمنين، ولا الخلافة، فلم يعجبه ذلك، فأحسن يعقوب إلى الرسول، ولم يجبه لحاجته، وقيل: إنه جهز له بعد ذلك أسطولًا من مائة وثمانين قطعة، ومنع النصارى من سواحل الشام، والله تعالى أعلم. انظر: وفيات الأعيان (7/ 12)، والاستقصا (2/ 183،182)، ودولة الإسلام في الأندلس (4/ 181-186). وفيه بيان ما وقع من اختلاف بين رواية مؤرخي مصر ومؤرخي المغرب للخبر، وبيان أن صلاح الدين أرسل إليه سفارتين متتاليتين في طلب المعونة.
وإذا أردنا أن نحلل الخبر المذكور، فلعل المنصور يعقوب قد انشغل بمعاركه التي يخوضها في جبهة الأندلس من جهة، ومنازعة بني غانية له في شمال إفريقية، وإفساد القبائل الأعرابية المقيمة فيها، وتحالفها مع بني غانية في بعض الأحيان ضده، فكانت الأخطار تحدق بدولته من كل جانب، فلم يتيسر له إرسال الأسطول المطلوب، وهذا ما مال إليه الدكتور عنان في الموضع المذكور من كتابه دولة الإسلام، وضعف الرواية التي عللت عدم تفاعل المنصور مع استغاثة صلاح الدين بخلو رسالته من تلقيب المنصور بالخلافة.
و قد ذكر عبد الواحد المراكشي في المعجب (ص235) خبرًا يمكننا من معرفة موقفه من الحكم الأيوبي؛ فقد ذكر أن المنصور كان عازمًا على غزو الديار المصرية، وضمها إلى مملكته، وكان يستنكر بشدة ما ينتشر فيها، مما يعتقد هو أنه من البدع، فقال عبد الواحد في آخر ترجمة يعقوب بعد ذكر عودته من الأندلس عام 594هـ: بلغني عن غير واحد، أنه صرح للموحدين بالرحلة إلى المشرق، وجعل يذكر البلاد المصرية، وما فيها من المناكر والبدع، ويقول: نحن إن شاء الله مُطَهِّروها، ولم يزل هذا عزمه، إلى أن مات رحمه الله في صدر سنة 595هـ، انتهى. ومن الواضح أنه ذلك العزم كان في الفترة التي تلت وفاة صلاح الدين رحمه الله تعالى سنة 589هـ. ولا شك أن لتحالف قراقوش الغزي الذي كان واليًا على طرابلس من قبل صلاح الدين مع بني غانية في قتالهم للموحدين في شمال إفريقية دور في رغبة يعقوب في تأمين أطراف دولته ممن يريد نزع سيطرة الموحدين عنها، وإقامة الدعوة فيها لبني العباس الذين لم يعترف الموحدون بخلافتهم، بل نصب الموحدون أنفسهم خلفاء، واعتقدوا وجوب دخول المسلمين تحت طاعتهم. وخبر تحالف قراقوش مع بني غانية مذكور في المواضع التي أحلنا فيها على أخبارهم مع الموحدين في الهامش بعد الآتي.

[4] انظر: الاستقصا (2/ 181).

[5] كان أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين قد استعمل على جزر ميورقة ومنورقة ويابسة بشرق الأندلس قائده محمد بن علي بن يحيى المسوفي المعروف بابن غانية، فتوارثها بنوه من بعده إلى أيام يوسف بن عبد المؤمن، فبعث إليه محمد بن إسحاق بن محمد المسوفي بالطاعة، فقبل ذلك يوسف بن عبد المؤمن، وبعث إليه قائده علي بن الروبرتير؛ ليختبر أمره، ويعقد له البيعة عليه، ويؤكد الأمر في ذلك، وكان لمحمد بن إسحاق المذكور عدة إخوة يساهمونه في الرياسة، فلما انتهى إليهم ابن الروبرتير، وعلموا الأمر الذي قدم لأجله، أنكروا على أخيهم ذلك؛ لأنه لم يكن أعلمهم بمكاتبة يوسف بن عبد المؤمن، فتقبضوا عليه، وعلى ابن الروبرتير، وقدموا مكانه أخاهم علي بن إسحاق بن محمد، ثم بلغهم خبر وفاة يوسف بن عبد المؤمن، وولاية ابنه يعقوب المنصور، فركب علي ابن إسحاق أسطوله، وطَرَق مدينة بجاية - الواقعة بالجزائر الآن - على حين غفلة من أهلها، فاستولى عليها سنة 581هـ، ثم استولى على عدة مدن أخرى بالمغرب الأوسط، فبعث المنصور الموحدي جيشًا لحربه، مدعومًا بأسطول بحري قوي، فشردوا ابن غانية عن تلك البلاد إلى الصحراء في أخبار يطول ذكرها، ثم عاود ابن غانية الهجوم على بلاد إفريقية، واستولى على مدينة قفصة، وظاهره على ذلك قراقوش الغزي من موالي السلطان صلاح الدين الأيوبي - وكان قد تغلب على طرابلس وما والاها - فنهض المنصور بنفسه لقتالهم سنة 582ه-، وجمع ابن غانية إليه من الملثمين، والعرب، وجاء معه قراقوش الغزي صاحب طرابلس، فسرح إليهم المنصور مقدمة جيشه، فانهزموا أمام جيش ابن غانية، فأسرع المنصور بجيشه، ولقيهم فهزمه، وشردهم، وأفلت ابن غانية، وقراقوش من المعركة، و*** أكثر من معهم، ثم تابع استرجاع مدن إفريقية، ثم فتك بعربها الذين أعانوا جيش ابن غانية، ثم نقل الثائرين منهم إلى المغرب الأقصى؛ ليكونوا تحت بصره، ثم رجع إلى مراكش سنة 584هـ. انظر: المعجب لعبد الواحد المراكشي (ص223-230)، ووفيات الأعيان (7/ 4)، وتاريخ الإسلام للذهبي (40/ 61-63)، (42/ 216،215)، والروض المعطار للحميري (ص568،567)، والاستقصا (2/ 159-161)، ودولة الإسلام في الأندلس (4/ 144-167).

[6] كان مؤسس مملكة البرتغال ألفونسو هنريكيز المعروف في المصادر الإسلامية العربية باسم ابن الرنق قد توفي في عام 581هـ بعد نحو نصف قرن حكم فيها كثيرًا من بقاع غرب الأندلس مستقلًا عن مملكة قشتالة، ومؤسسًا للبرتغال، وحرص فيها أشد الحرص على التوسع جنوبًا وشرقًا على حساب الأراضي الإسلامية الأندلسية، فخلفه ولده سانشو الأول، فعمل على إكمال مشوار أبيه من التوسع في الجنوب، والشرق بعد أن عمل على إصلاح بلاده، وترميم حصونه من جراء حملة يوسف بن عبد المؤمن، ثم بدأ في غزو أراضي المسلمين في غرب الأندلس. انظر: دولة الإسلام في الأندلس (ص170).

[7] وصل قبالة سواحل لشبونة أسطول بحري صليبي ضخم، تجمع من أسطولين صليبيين كان ذاهبين إلى الشرق لقتال المسلمين في الشام، وكان ذلك الأسطول مكون من مجموعات من ألمانيا، وإنجلترا، وبعض الأقاليم الواقعة حاليًا في شمال بلجيكا، وهولندا، وفرنسا، فرحب بهم ملك البرتغال سانشو الأول، وعقد مع كبرائهم حلفًا لقتال المسلمين في مدينة شلب، فقَبِلوا طمعًا في ثروات تلك المدينة الغنية. انظر: دولة الإسلام في الأندلس (ص171،170).

[8] هكذا ضبطها ياقوت في معجمه، نقلًا عن جماعة من أهل الأندلس، ونقل عن بعض أدبائها أنه ضبطها بخطه بفتح الشين المعجمة، وتقع إلى الجنوب من مدينة باجة بغرب الأندلس، وإلى الغرب من قرطبة، وبينها وبين شنترين خمسة أيام، وكانت قاعدة إقليم أكشونبة، ويكثر فيها شجر التفاح، وكان سكانها من المسلمين من فصحاء من عرب اليمن، يحبون الشعر، ويقولونه فطرة، والمدينة بالبرتغال حاليًا. انظر: معجم البلدان (3/ 358،357)، والروض المعطار (ص343،342). وقد وقع في معجم البلدان أنها قاعدة إقليم أشكونية، وهذا - والله أعلم - تحريف من النسخة، أو سهو من المؤلف؛ فإن كورة تسمى أشكوني تقع بشرق الأندلس، وهي من كور إقليم تُدْمِيْر. انظر: الروض المعطار (ص132،131،61،60)، وتعليق الدكتور إحسان عباس على الموضع الأول، ومعجم البلدان (2/ 19).

[9] انظر: المعجب (ص233،232)، ووفيات الأعيان (7/ 4)، والكامل لابن الأثير (10/ 200،199)، والروض المعطار (ص343،342)، ونفح الطيب (4/ 381،380)، والاستقصا (2/ 184). وقد وقع في المعجب، والروض المعطار أن استيلاء ملك البرتغال على شلب كان سنة 585هـ، ووقع في الكامل أنه كان في سنة 586هـ. وقد وقع في جميع المصادر المذكورة أن المنصور يعقوب قد استعاد شلب، ولكن وقع في البيان المغرب لابن عذاري قسم الموحدين (ص204-207)، ونحوه ابن خلدون باختصار (6/ 245،244) مسارًا للأحداث مال إليه الدكتور محمد عبد الله عنان في كتابه دولة الإسلام في الأندلس (4/ 175-178)، ولم ينقل عن المصادر الكثيرة التي ذكرت فتح يعقوب للمدينة شيئًا، وذكر ابن خلدون في تاريخه (6/ 245) أن المنصور أسرع السير إلى شلب بعد عبوره البحر للأندلس، ووافته بها حشود الأندلس، فتركهم لحصارها، وزحف إلى حصن طرش، فافتتحه، ورجع إلى إشبيلية، ثم رجع إلى منازلة شلب سنة سبع وثمانين، فافتتحه، وهو ملخص ما عند ابن عذاري. وملخص ما ذكره ابن عذاري أن يعقوب لم يسترجع مدينة شلب إلا في حملته الثانية على غرب الأندلس، وإنما هاجم في الحملة الأولى بحيوشه وجنوده شمال البرتغال، فأثخن في السهول الخضراء شمالي شنترين، وافتتح حصنًا يسمى طُرُّش، وخربه، وأكمل مسيره شمالًا، فحاصر مدينة تسمى طومار، وأرسل سراياه، وبعوثه في تلك النواحي، تثخن، وتخرب، في الوقت الذي أرسل فيه جيوشه تحاصر شلب من البر، وأساطيله تهاجمها من البحر، رغبة منه في إشغال البرتغاليين بالدفاع عن أنفسهم في الشمال، تيسيرًا على الجيش الموحدي المحاصر لشلب في الجنوب، وكان ملك البرتغال متحصنًا في شنترين في تلك الأوقات لا يستطيع الخروج لمواجهة جيوش الموحدين، لكن البرتغاليين كان قد أعدوا عُدَّتهم للحصار، ووقع خلل في المؤن والإمدادات في الجيش الموحدي المحاصر بعد فترة، وأرسل في الوقت ذاته ملك البرتغال في طلب الصلح، فقبل المنصور؛ لما رآه من نقص في المؤن، ومن ثم فقد عَدَّ الدكتور عنان تلك الغزوة الأولى للمنصور غزوة فاشلة، لم تتمكن من تحقيق هدفها الرئيس، وهو استرجاع مدينة شلب. وقد استغل المنصور فترة إقامته بإشبيلية بعد الرجوع من الغزوة في القضاء على المنكرات، والنظر في المظالم. ثم خرج المنصور بعد أن أعد العدة من إشبيلية لحملته الثانية لغزو غرب الأندلس بعد مرور ما يقرب من عام على حملته الأولى، ونجح في فتح المدينة، ولعل الاختلاف الموجود في روايات بقية المصادر راجع إلى الاختصار، والله أعلم. وانظر: البيان المغرب قسم الموحدين (ص210-212)، ودولة الإسلام في الأندلس (4/ 186-188).

[10] انظر: البيان المغرب لابن عذاري قسم الموحدين (ص201-203)، ودولة الإسلام في الأندلس (4/ 175،174).

[11] لما عبر المنصور يعقوب في جيوش الموحدين إلى الأندلس بعد استيلاء البرتغاليين على مدينة شلب، واستيلاء ألفونسو الثامن على بعض الحصون والقلاع في وسط الأندلس، فزع ألفونسو ملك قشتالة، وأرسل يطلب الصلح، ويعرض التحالف مع الموحدين على ملوك النصارى بالأندلس، وكذا طلب ملك ليون الهدنة، فقبل ذلك المنصور؛ لما رأى من المصلحة في تفريق كلمة الملوك النصارى بالأندلس، مما يمكنه من تركيز الجهود على غزو البرتغاليين، وتأديبهم. انظر: وفيات الأعيان (7/ 4)، ودولة الإسلام في الأندلس (ص176).

[12] انظر: الروض المعطار (ص475)، ووصفه بأنه بغرب الأندلس، ثم أعاده (ص477،476) باسم القصر، وقال: مدينة بالأندلس بينها وبين شلب أربع مراحل، وهي مدينة حسنة متوسطة، وعلى ضفة النهر الكبير، وهو نهر تصعد منه السفن السَّفَرِيَّة، وفيما استدار بها من الأرض كلها شجر الصنوبر، وبها الإنشاء الكثير، وهي خصيبة كثيرة الألبان، والسمن، والعسل، واللحم، وبين القصر والبحر عشرون ميلًا.







رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25-05-2015, 04:48 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

جُهود يَعْقوب بن يوسف بن عبد المؤمن في حِفْظ ثُغُور الإسلام (2)

دَوْرُ قَبِيْلَتَي مَصْمُودة وكُوْمِيَّة الأَمازِيْغِيَّتَيْن في حِفْظ ثُغُور الإسلام


أُمَمٌ نَشَرت نورَ الإسلام في العالَمِيْن (18)

أ. حسام الحفناوي
مَوْقِعة الأَرَك:
خرج ملك قشتالة إلى بلاد المسلمين بعد انْقِضاء الصُّلْح الذي كان بينه وبين المَنْصور يَعْقوب لخَمْس سِنين، فعاث في بلاد المسلمين في الأندلس عَيْثًا فظيعًا، ونَهَب، وسَبَى[1]، فبَلَغَ الخَبَرُ المَنْصور، فتَجَهَّز لقَصْدِهم في جَيْش كبير من عساكر المُوَحِّدِيْن، والقبائل الأَمازِيْغِيَّة، والعربية، واسْتَصْحَب الفقهاء، والصُّلَحاء بالمغرب، عَبَر به البَحْر سنة 591هـ، فعَلِم النَّصارى بقُدومه، فجَمَعوا الجُمُوع من شَتَّى أَنْحاء بلادهم لحَرْبه.

وكان المَنْصُور قد خَفَّ إلى الخُروج لسَبْتة للعُبُور، ولم يَنْتِظر اجْتِماع الجُيوش، فتَتابع الناسُ في أَثَره من سائر الأَقْطار، ولم يَقُم بهم في الجَزيرة الخَضْراء إلا يومًا واحدًا، ثم نَهَض بهم إلى بلاد العَدُوِّ قبل أن تَفْتُر هِمَّتُهم، فنَزَل قُرْب حِصْن الأرك[2]، وكان العدو قد نَزَل بإزائه بجُيوشِه الضَّخْمة، والتي قيل: إنها كانت تزيد على 300 ألف مُقاتِل.

ووَعَظ يعقوبُ الناس، وطَلَب منهم العَفْو عما عَساه أن يكون قد صَدَر منه، فاشْتَدَّ تَأَثُّرُهم، واسْتَشار أهلَ الأندلس لمَعْرِفَتهم بقِتال نَصارَى الأندلس أكثر من غيرهم، فشاور قائدَ أهلِ الأندلس ابن الصَّنادِيْد، ثم وضع خُطَّة مُحْكَمَةً للقِتال.

فلما نَشَب القِتال ثَبَت المسلمون، وأَبْلَوا بَلاءً حَسَنًا ونَزَل النَّصْر، وفَرَّ مُلوك نَصارى الأندلس الثَلاثة الذين كانوا قد تَحالَفُوا في تلك المعركة، وقُتِل من العَدُوِّ ما يزيد على المائة ألف، واسْتُشْهِد من المسلمين نَحْو عِشرين ألفًا، وكانت الغَنائم تُعَدُّ بمئات الأُلوف.

وتَحَصَّن بعضُ الفارِّيْن من جُيوش العَدُوِّ بحِصْن الأرك، فحاصَرَهم المسلمون، وعَفا يعقوب المَنْصور عن خَمْسة آلاف من زُعمائهم، في مُقابِل تَسْليم ما يُماثِلُهم من أَسْرى المسلمين عندهم[3].

وقد كانت موقعة الأَرَك ذات أَثَر إيجابي بالِغ في تاريخ الأندلس، لا يُقاربه أو يُدانِيْه إلا أَثَر مَوْقِعة الزَّلَّاقة التي خاضَها يوسفُ بن تاشفين ضد ألفونسو السادس، وسَبَق الحديثُ عنها.

ثم تَقَدَّم يعقوبُ بن يوسف بجُيوشه إلى بلاد العَدَوُّ، فافْتَتَح الحُصُون، والمَعاقِل، واكْتَسَح المُدُن والقُرى، وحاز من الأَسْرَى والمَغانِم ما لا يُحْصَى، حتى وَصَل إلى حِصْن قُرْب طُلَيْطَلَة يُسَمَّى بحِصْن جَبَل سُليمان، دون أن يَعْتَرِضَه أَحَد، ثم رَجَع إلى إشْبِيْلِيَة وقد امْتَلأت أَيْدِي المُسْلِمين من الغَنائِم، فنزلها حِيْنًا بها؛ ليَسْتَرِيْح الجَيْش.

ثم نَهَض بالناس لقِتال مَلِك قشتالة في الجُموع الكبيرة التي جَمَعها للانتقام[4] بعد أن أَرْسَل إلى المَغْرِب يَسْتَنْفِر الناسَ من غير إكْراه، فأَتاه من المُتَطَوِّعة والمُرْتَزِقة جَمْعٌ عَظيم، فالْتَقَى الجَيْشان سَنَة 592هـ، فانْهَزَم العَدُوُّ هَزِيْمة قَبِيْحة، وغَنِم المسلمون ما معهم من الأَموال، والسِّلاح، والدَّوابِّ، وغيرها.

ثم تَقَدَّم المَنْصُور إلى مَدِيْنة طُلَيْطَلة، فحاصَرَها، وقاتلها قِتالًا شديدًا، وشَنَّ الغارات على ما حولها من البِلاد[5]، وفَتَح فيها عِدَّة حُصُون، مثل قَلْعة رَباح، ووادي الحِجارة، ومَجْرِيط - وهي مدريد الحالية - وجَبَل سُلَيْمان، وأُقْلِيْش[6]، وكثيرًا من أَحْواز طُلَيْطَلة، ثم ارْتَحَل إلى مَدِيْنة طَلَمنْكة[7]، فدَخَلَها عَنْوَةً بالسَّيْف، فقَتَلَ المُقاتِلة، وسَبَى النِّساء والذُّرِّيَّة، وغَنِم أَمْوالها، وهَدَم أَسْوارَها، وأَضْرَم النَّيْران في جَوانِبها، وتَرَكها قاعًا صَفْصَفًا، ثم عاد إلى إشْبِيْلِيَة، فدَخَلها سنة ثلاث وتسعين. ثم خرج من إشْبِيْلِيَة غازيًا بلاد قشتالة، حتى نَزَل بساحة طُلَيْطَلة، فبَلَغَه أن صاحب برشلونة وصاحب طُلَيْطَلة قد خرجا بعَساكِرهما، وأنهم جميعًا بحِصْن مَجْرِيْط، فنَهَض إليهم، فانْفَضَّت جُمُوعهم لما أَطَلَّ عليهم من قبل القِتال، ثم رجع إلى إشْبِيْلِيَة.

ثم اجُتمع مُلوك النَّصارى بالأندلس، وأَرْسَلوا يطلبون الصُّلْح، فأجابهم إليه، وصالحهم على مُدَّة خَمْس سنين، بعد أن كان عازِمًا على الامْتِناع، مُرِيْدًا لمُلازَمَة الجِهاد إلى أن يَفْرُغ منهم، فأَتاه خَبَرُ علي بن إسحاق المَسُّوْفِي المَعْروف بابن غانِيَة، وأنه دخل إفْرِيْقِية، وأراد الاسْتِيلاء عليها[8]، ففَتَّ ذلك في عَزْمه، وصالَحَهم على المُدَّة التي ذكرنا؛ ليتفرغ لشأن إفْرِيْقِية، فعاد إلى المغرب في سنة 594هـ، ثم توفي يعقوب في السنة التالية رحمه الله تعالى[9].


[1] كان المنصور يتجهز للغزو في الأندلس قبل انتهاء مدة الصلح، حتى يشرع في الغزو عقب انتهاء المدة، فمرض مرضا شديدًا، فطمع ملك قشتالة ببلاد الأندلس، لاسيما وقد تفرقت جيوش المُوَحِّدِيْن لتسكين عيث بعض القبائل العربية المجاورة لهم بالمغرب، فازداد طمع ملك قشتالة. انظر: الاستقصا (2/ 186،185).

[2] هو حصن منيع بمقربة من قلعة رباح أول حصون مملكة قشتالة بالأندلس. انظر: الروض المعطار (ص27).

[3] انظر: وفيات الأعيان (7/ 4-8)، والبيان المغرب قسم الموحدين (ص215-221)، والاستقصا (2/ 185-191)، ودولة الإسلام في الأندلس (4/ 196-217). ولقد ندم يعقوب بن يوسف بعد ذلك على العفو عن كل هؤلاء المقاتلين؛ لكونهم سيسعون للانتقام لما نزل بهم من هزيمة فيما بعد، وهو ما وقع في معركة العقاب التي كانت عقابا فعلًا، ومؤذنة بزوال شمس الإسلام من شبه جزيرة الأندلس. انظر: الاستقصا (2/ 206،205).

[4] لما انهزم ملك قشتالة، وصل إلى طليطلة في أسوأ حال، فحلق رأسه، ولحيته، ونكس صليبه، وركب حمارًا، وأقسم أن لا يركب فرسًا، ولا بغلًا، ولا ينام على فراش، ولا يقرب النساء، حتى تُنْصَر النصرانية، فجمع جموعًا عظيمة، وخرج بها. الاستقصا (2/ 192).

[5] لما حاصر يعقوب طليطلة، وضيق عليها، ولم يبق إلا فتحها، خرجت إليه والدة الملك، وبناته، ونساؤه، وبَكَيْن بين يديه، وسألنه إبقاء البلد عليهن، فرَقَّ لهن، ومَنَّ عليهن به، ووهب لهن من الأموال والجواهر ما جَلَّ، وردهن مُكَرَّمات، وعفا بعد القدرة. انظر: نفح الطيب للمقري (1/ 444،443)، وعنه الناصري في الاستقصا (2/ 193).

[6] هكذا ضبطها ياقوت في معجمه (1/ 237)، وهي مدينة من أعمال طليطلة، وقيل: من أعمال شنت برية. قال الحميري: وهي مُحْدَثة، بناها الفتح ابن موسى بن ذي النون، وفيها كانت ثورته وظهوره في سنة ستين ومائة، ثم اختار أقليش دارًا وقرارًا، فبناها، ومَدَّنَها. انظر: الروض المعطار (ص52،51).

[7] هكذا ضبطها ياقوت في معجم البلدان (4/ 39)، وهي مدينة بثغر الأندلس، بناها الأمير محمد بن عبد الرحمن بن هشام الأموي، وبينها وبين وادي الحِجارة عشرون ميلًا. انظر: الروض المعطار (ص393).

[8] سبق قبل ذلك ذكر خروج علي بن إسحاق، واستيلائه على كثير من مدن المغربين الأدنى، والأوسط بمعاونة قراقوش الغزي، وبعض القبائل العربية في تلك الأنحاء، وخروج المنصور لقتالهم، وتشريده لجموعهم، وهزيمته لجيوشهم، واستعادته لما حازوه من المدن، وحمله عددًا من رؤوس العرب معه إلى المغرب الأقصى؛ ليكونوا تحت بصره، وفي قبضته، ثم تكرر خروج علي بن إسحاق مرة أخرى عقب معارك المنصور المذكورة في الأندلس، فعاد إلى المغرب، وتوفي عقب عودته بقليل. انظر: تاريخ الإسلام (42/ 227)، والاستقصا (2/ 193). وفي هذا الخبر وأمثاله ما يبين مغبة شق عصا المسلمين، وتفريق جموعهم، فطالما حكمهم الحاكم بشريعة الله تعالى، فوجب عليهم الاجتماع، وحرم عليهم النزاع، وإن ظهرت منه بعض المظالم أو البدع أو الفسوق، إلا أن يروا كفرًا بواحًا عندهم من الله تعالى فيه برهان كما أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم.

[9] انظر: البيان المغرب قسم الموحدين (ص223-227)، ووفيات الأعيان (7/ 9)، وتاريخ الإسلام (42/ 225-227)، وتاريخ ابن خلدون (6/ 245)، ونفح الطيب (4/ 382،381)، والاستقصا (2/ 193،192).

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:18 AM.