اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > القسم العلمى و الصحى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-05-2015, 05:19 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي زواج الأقارب.. بين الطب والحضارة

زواج الأقارب.. بين الطب والحضارة
د. مصطفى محمد طه


بداية، يمكن القول بأن الزواج هو: شرع الله عزّ وجلّ الذي شرّعه؛ لكي يتم اللقاء البيولوجي الحيوي والوجداني (العاطفي) بين جناحي البشرية الوحيدين، ألا وهما الذكر والأنثى، وليس ثمة إطار شرعي غير الزواج يحقق مثل هذا اللقاء الفريد، الذي يُعتبر تلبية لنداء الفطرة لدى الإنسان السويّ.
ومن هنا نرى أن الزواج قبل أن يكون ضرورة بيولوجية (حيوية)، وضرورة اجتماعية تحفظ النوع البشري، ومن ثم ضمان لاستمرارية نشر العمران الحضاري في الأرض، تحقيقًا لمبدأ الخلافة عن الله- إلى أن يأذن عزّ وجلّ بزوال الحياة- إنما هو أمر تعبّدي.. وفي هذا يقول الله عزّ وجلّ: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون. وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلمّا أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تُبدون وما كنتم تكتمون. وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين. وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكُلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فأزلّهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقرّ ومتاع إلى حين} (البقرة:30-36)، {وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات: 56).
إن المنطلقات الإيمانية والحضارية لهذه الآيات الكريمة تدلّ بأن الزواج يمثل على الحقيقة ضرورة بيولوجية وإيمانية من أجل إشباع غريزة ال*** لدى الإنسان، فضلًا عن حفظ النوع البشري حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. ولهذا أصبح للطب رأي في تحقيق الزواج المثالي، ومن ثم فإنه لابد لأي باحث، يتصدّى لمعالجة إشكالية الزواج، من استلهام رأي الطب، الذي يمثل في هذا السياق وجهة نظر العلم في القضية موضوع البحث، وعندما يدلي العلم بدلوه، وخصوصًا العلم المعملي التجريبي، في قضية ما، فلابد لنا من أن نستفيد من هذه المعطيات العلمية البحتة، خصوصًا ونحن الآن نعيش في عصر العلم بكل تجلياته.
وفي هذا الإطار، يقرر الطب الوقائي بأن زواج الأقارب يحمل في طياته الأمراض الوراثية التي وصل عددها وفقًا لمعطيات بعض الأبحاث الطبية الأكاديمية إلى حوالي مائتي مرض، وليس هنا مجال تناول هذه الأمراض بالدراسة والتحليل فذاك شأن الأطباء.
وإذا كان هذا هو الموقف الطبي من زواج الأقارب، فيا ترى ما موقف علماء الحضارة من هذا الزواج؟
وللإجابة عن هذا التساؤل، نقول: إن الاستقراء التاريخي للمسار الحضاري البشري، يشي بأن زواج الأقارب هو ظاهرة اجتماعية، عرفتها بعض المجتمعات البشرية عبر التاريخ، وهي ظاهرة أفرزت بعض اللمسات المرضية، ولهذا السبب جاءت كراهية شيوعها من الوجهة الدينية.
وكما يؤكد الواقع التاريخي للإنسان، فإن الوجهة الحضارية لم تكن في حالة انفصام مع الدين، فنحن نعرف أن التاريخ- التعبير الحي عن الحضارة- هو صناعة إنسانية، والحضارة هي تفاعل البشر- ذكرًا وأنثى- ومن ثم فإنه لا يمكن لهذا التفاعل أن يكون ناجحًا إلا إذا أسهم في تكوينه وصناعته بشر أقوياء، وهؤلاء البشر الأقوياء، يأتون بطبيعة الحال كنتاج للعلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة (الزواج)، وكلما كانت هذه العلاقة بينهما متباعدة كان النسل قويًّا.
والتاريخ خير شاهد على ذلك، فعندما انفتح العرب المسلمون في أول عهدهم بصنع الحضارة الإسلامية على الأجناس الأخرى، مثل الفرس والروم والمصريين والأسبان والأتراك والزنوج والهنود.. وما إلى هنالك من أجناس، وحدث بينهم التزاوج، نتج عن ذلك جيل قوي، عُرف في التاريخ باسم «المولدون»، وقد أتت قوة وحيوية هذا الجيل الجديد من كونه جيلًا حاملًا للصفات الوراثية الدينامية التي جاءت كانعكاس طبيعي لهذا التلاقح الحضاري، فكان هذا الخليط البشري المتنوع هو الزيت الصافي الذي غذّى مصباح الإبداع الإسلامي، ونتج عنه بالتالي ذلك الإفراز الشهي، ألا وهو الحضارة الإسلامية اليانعة التي أسهمت إسهامًا حيويًّا في الارتقاء البشري، وذلك باعتراف الكثيرين من مؤرّخي الحضارة على المستوى الكوني.
إن هذا الذي حدث يمكن لنا أن نسمّيه بالانفتاح البيولوجي في التاريخ، إذا صحّ التعبير، قبل اكتشاف قوانين الوراثة على يد العالم الغربي مندل. والزواج من غير الأقارب، فيه أيضًا دلالات للانفتاح الحضاري ذي الأبعاد الاجتماعية، وذلك لأنه يساعد على التواصل بين العائلات المتصاهرة، وذلك حتى يصبح المجتمع في نهاية الأمر كأنه قطعة نسيج واحدة، لحمتها المودّة، وسداها الرحمة، مصداقًا لقول الحق، وهو أصدق القائلين: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون} (الروم: 21).
إن الأمة الإسلامية في واقعها الراهن، إذا كانت تريد العودة إلى عصورها المتألقة فينبغي عليها عدم تشجيع زواج الأقارب، وذلك حتى يحدث التلاحم الحيوي بين أفراد مجتمعاتها المتباينة شرقًا وغربًا، تطبيقًا لقول الحق عزّ وجل: {يأيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} (الحجرات: 13). ومن أصدق من الله قيلًا؟! ومن أصدق من الله حديثًا؟!.
باحث علمي في الحضارة الإسلامية
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:44 PM.