إستقالة من جماعة الإخوان المسلمين

[simsim elmasry]

فتحى عبد الستار يكتب: استقالة من جماعة الإخوان المسلمين
فتحى عبد الستار


2013-05-15 23:57:01

"بعد تفكير طويل وصراع داخلى مرير، قررت الاستقالة من جماعة الإخوان المسلمين، بعد سنوات طويلة قضيتها فى هذه الجماعة، متنقلًا بين مستوياتها التنظيمية المختلفة، قدمت فيها زهرة شبابى وعصارة أيامى.. إلخ".
بمثل هذه الكلمات تقدم بعض أعضاء الجماعة باستقالاتهم على الشبكات الاجتماعية وغيرها من وسائل النشر، ثم اختلفت توجهات وتفاعلات كل منهم بعد هذه الاستقالة.
وبداية دعونا نقرر أن من حق أى إنسان أن ينتمى لأى تجمع بشرى يتوافق مع رؤيته وأهدافه ويتماشى مع أفكاره، ومن ثم فمن حقه أيضًا أن ينفصل عن هذا التجمع عندما تتغير هذه الرؤية وتلك الأهداف والأفكار عنده، أو يرى أن التجمع الذى ينتمى له قد حاد عنها وتحول لغيرها، وأعتقد أننا تجاوزنا منذ زمن الجدل حول مفهوم جماعة المسلمين ومفهوم مفارقتها.
ودعونا نتفق أيضًا على أن الأخ المستقيل لا يتحمل المسئولية وحده، فقد يشاركه هذه المسئولية ويتحمل جزءًا كبيرًا منها بعض أفراد فى الصف لم يحسنوا التعامل معه، ولم ينجحوا فى احتوائه واستيعابه، وكانوا سببًا فى صده وتنفيره، فلم يطق الأخ صبرًا، وعجز عن سلوك دروب أخرى فى الجماعة بعيدا عمن صدوه ونفروه، فآثر الخروج.
لكن ما أعتقد أنه يخرج عن حق الطرفين، بل يخالف الشرع ويجافى الخلق الحسن، أن يحاول كل طرف بعد هذه المفاصلة إثبات خطأ الآخر، ويجعل من هذا الغرض قضية يتمحور حولها ويعيش من أجلها، ويفنى فى سبيلها الجهود والأوقات.
والواقع يشهد حقيقةً بأن الجماعة تتعفف عن مثل هذا، بل على العكس تصدر التوصيات بعدم تناول الأخ المستقيل أو حتى المفصول إلا بالخير والستر عليه، ولكن هذا لا يمنع بالطبع -لطبيعة البشر- من حدوث بعض التجاوزات الفردية وسقوط البعض فى شهوة الانتقام والتشويه وادعاء معرفة بواطن الأمور.
أما المستقيلون فتتعدد -كما أشرت سابقًا- توجهات كل منهم وتفاعلاته بحسب شخصيته و"أصله" و"تربيته".
فمنهم من يطوى صفحة الماضى مستفيدًا من دروسها، وينصرف لتجمع آخر يوافق أفكاره الجديدة، فيعمل على بنائه وتقويته والعمل من خلاله، أو يعمل منفردًا من خلال مشروع شخصى يضعه لنفسه، دون أن يحاول فى الحالتين محاربة أو هدم الكيان الأول الذى انفصل عنه، ودون أن يمنعه هذا أيضًا من إبداء الرأى بموضوعية أو تقديم النصيحة بآدابها فيما يعن من قضايا ومواقف تتعلق بالجماعة، محتفظًا بعلاقات الأخوة والمحبة المتبادلة بينه وبين إخوانه داخلها.
ومنهم من يعتزل العمل العام، وينصرف إلى حياته الخاصة، مؤثرًا العيش فى هدوء، بعيدًا عن صخب العمل العام وما يصاحبه من هموم ومتاعب.
ومنهم -للأسف- من ينسى وداد السنوات، وصحبة المساجد، ورفقة حلقات العلم والذكر، وأيام العافية، وأيام الابتلاء، ويجعل كل همه وقضية حياته الانتقام واغتيال الجماعة وقيادتها معنويًّا، وإثبات أنه كان على الحق عندما اتخذ قراره بالاستقالة أو حين فصلته الجماعة، فيعمل على إبراز المثالب وكشف الأسرار، وقد يختلق ويكذب ويقلب الحقائق أحيانًا فى سبيل هذا، ويقع فريسة لنداء الأضواء، ويضعف أمام إغراء الشهرة، واللعب على أوتار النفس الضعيفة، خاصة أن مثل هذه الاستقالات تلقى احتفالاً واحتفاءً ملحوظًا ومبالغًا فيه من مناهضى الإخوان -وما أكثرهم-، يدل على تشوف وتشوق لها، ليتشفوا من خلالها ويتخذوا منها وسيلة إضافية للطعن والتجريح، بعيدًا عن أى معيار للشرف والموضوعية.
إن الصنفين الأول والثانى يستحقان من الجميع كل احترام وتقدير، بل تعاون ومشاركة ودعاء بالتوفيق والفلاح، أيًّا كانت الأسباب التى دعتهما للانفصال عن الجماعة، ولكن الصنف الثالث بما له من ظهير إعلامى يفرضه علينا، فإنه يغطى على الصنفين الأول والثانى، ويخرجهما من الصورة بصوته العالى وجسده المنتفخ زورًا.. سامحهم الله.
فى النهاية، أعتذر لمن أزعجهم عنوان المقالة ومقدمتها، وأطمئنهم أنى على العهد والبيعة، وأسألهم المسامحة، أما الذين تهللوا وتشوفوا واستعدوا للتشفى والاستغلال، فلا يستحقون منا إلا الدعاء بالهداية والرشاد.
http://fj-p.com/article.php?id=61211

[باسمة]

اللهم ثبتنا واستعملنا ولا تستبدلنا