اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-03-2010, 10:03 PM
نزيه الصعيدى نزيه الصعيدى غير متواجد حالياً
معلم بالمرحلة الابتدائية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 1,704
معدل تقييم المستوى: 17
نزيه الصعيدى will become famous soon enough
افتراضي غزوة بني قريظة

  • غزوة بني قريظة في سنة خمس


جبريل يأتي بحرب بني قريظة : فلما كانت الظهر،أتَى جبريل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، كما حدثني الزهري ، مُعْتَجِرا[1] بعمامة من اسْتبرق[2] ، على بغلة عليها رِحَالَة[3] ، عليها قطيفة من ديباج ، فقال : أوَقَدْ وضعتَ السلاح يا رسولَ الله ؟ قال : نعم فقال جبريل : فما وضعتِ الملائكة السلاحَ بعدُ، وما رجعتْ الآنَ إلا من طلب القوم ، إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قُريظة، فإنى عامد إليهم فمزلزل بهم .

فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مُؤذنا، فأذَّن في الناس ، من كان سامعا مطيعا، فلا يصلينَّ العصر إلَّا ببني قريظة .

واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ، فيما قال ابن هشام .




علي يبلغ الرسول ما سمعه من بني قريظة : قال ابن اسحاق : وقدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب برايته إلى بني قُريظة، وابتدرها الناسُ . فسار علي بن أبي طالب ، حتى إذ دنا من الحصون سمع منها مقالةً قبيحة لرسول للّه صلى الله عليه وسلم، فرجع حتى لَقِىَ رسولَ للّه صلى الله عليه وسلم بالطريق ، فقال : يا رسول للّه ، لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث ؛ قال : لم ؟ أظنك سمعت منهم لي أذًى؟ قال : نعم يا رسول الله ؛ قال : لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا، فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم . قال : يا إخوانَ القِردَةِ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته ؟ قالوا: يا أبا لقاسم ، ما كنتَ جهولا

جبريل في صورة دِحْية الكلبي : ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه بالصَّوْرَيْن[4] قبل أن يصل إلى بني قريظة، فقال : هل مر بكم احد؟ قالوا: يا رسول الله ، قد مر بنا دِحْية بن خليفة الكلبى[5] ، على بغلة بيضاء عليها رِحَالة، عليها قطيفة ديباج . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك جبريل ، بُعث إلى بني قُريظة يزلزل بهم حصونهم ، ويقذف الرعب في قلوبهم .

ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قُريظة : نزل على بئر من آبارِها من ناحية اموالهم يقال لها بئر أنا.

قال ابن هشام : بئر أنى.


تجمع المسلمين للقتال : قال ابن اسحاق : وتلاحق به الناس ، فأتى رجالٌ منهم من بعد العشاء الآخرة، ولم يصلُّوا العصر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصلينَّ أحد العصر إلا ببني قريظة، فشغلهم ما لم يكن منه بد في حربهم ، وأبوْا أن يصلوا، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى تأتوا بني قريظة " فصلوا العصر بها، بعد العشاء الآخرة، فما عابهم الله بذلك في كتابه ، ولا عنفهم به[6] رسول الله صلى الله عليه وسلم. حدثني


بهذا الحديث أبي : اسحاقُ بن يسار، عن مَعْبِد بن كعب بن مالك الأنصاري .

حصار بني قريظة: قال : وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب .

وقد كان حُيى بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم ، حين رجعت عنهم قريش وغَطَفان وفاءً لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه .

كعب بن أسد ينصح قومه : فلما أيقنوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزَهم ، قال كعب بن أسد لهم : يا معشر يهود، قد نزل بكم من الأمر ما ترون ، وأنى عارض عليكم خلالا ثلاثا؛ فخذوا أيها شئتم ؛ قالوا: وما هي ؟ قال : نتابع هذا الرجل ونصدقه فوالله لقد تبين لكم أنه لنبي مُرْسَل ، وأنه للذي تجدونه في كتابكم ، فتأمَنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم ، قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره ؛ قال : فإذا أبيتم على هذه ، فهلمّ فلنقتل أبناءَنا ونساءَنا، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مُصْلِتين السيوفَ ، لم نترك وراءنا ثَقَلا، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نَهْلِك نهلِك ، ولم نترك وراءَنا نسلا نخشى عليه ، وإن نظهر فلعَمْرِي لنجدنَّ النساءَ والأبناءَ قالوا: نقتل هؤلاء المساكين ! فما خير العيش بعدَهم ؟ قال : فإن أبيتم على هذه ، فإن الليلة ليلة. السبت ، وأنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد آمنونا فيها، فأنزلوا لعلنا نُصيبُ من محمد وأصحابه غِرَةً، قالوا: نُفسد سَبْتنَا علينا، ونحدث فيه مالم يحدث من كان قبلنا إلا من قد علمت ، فأصابه ما لم يَخْفَ عليك من المسخ ! قال : ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما.


قصة أبي لبابة في هذه الغزوة : قال : ثم أنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ابعثْ إلينا أبا لُبابة[7] بن عبد المنذر، أخا بني عمرو ابن عوف وكانوا حلفاء الأوس ، لنستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ؛ فلما رأوْه قام إليه الرجال ، وجهش إليه النساءُ والصبيان يبكون في وجهه ، فرَقَّ لهم ، وقالوا له : يا أبا لُبابة أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال : نعم ، وأشار بيده إلى حلقِه ، إنه الذبح .

قال أبو لُبابة: فوالله ما زالت قَدَماي من مكانهما حتى عرفتُ أني قد خنت الله ورسولَه صلى الله عليه وسلم.

ثم أنطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عُمُده ، وقال : لا أبرْحُ مكاني هذا حتى يتوبَ الله علىَّ مما صنعتُ ؛ وعهد الله : أن لا أطأ بني قريظة أبدا، ولا أرى في بلد خُنت الله ورسولَه فيه أبدا.

ما نزل في أبي لبابة: قال ابن هشام : وأنزل الله تعالى في أبي لبابة، فيما قال سفيان بن عيينة، عن اسماعيل بن أبي خالد، عن عبدالله بن أبي قَتادة : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا الله وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ( [الأنفال: 27].

قال ابن اسحاق : فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره ، وكان قد استبطأه ،


قال : أما انه لو جاءني لاستغفرتُ له ، فأما إذْ قد فعل ما فعل ، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوبَ الله عليه .

توبة الله على أبي لبابة : قال ابن اسحاق : فحدثني يزيدُ بن عبدالله بن قُسَيْط : إن تَوْبة أبي لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحَر، وهو في بيت أم سلمة . فقالت أم سلمة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر وهو يضحك قالت : فقلت : مِمَّ تضحك يا رسول الله ؟ أضحك الله سِنَّك . قال : تيب على أبي لبابة. قالت : قلت : أفلا أبشره يا رسول الله ! قال : بلى، إن شئت . قال : فقامت على باب حجرتها، وذلك قبل أن يُضربَ عليهم الحجابُ ، فقالت : يا أبا لُبابة، أبشر فقد تاب الله عليك قالت : فثار الناس إليه ليطلقوه فقال : لا والله حتى يكونَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده ؛ فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه .

ما نزل في توبة أبي لبابة : قال ابن هشام : أقام أبو لبابة مُرتبطا بالجِزع ستِّ ليالٍ ، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة، فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع ، فيما حدثني بعضُ أهل العلم ، والآية التي نزلت في توبته قول الله عز وجل : وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ(.[التوبة: 102]

إسلام بعض بني هَدْل : قال ابن اسحاق : ثم ان ثعلبة بن سعية، واسَيد بن سَعْية، أسد بن عبيد، وهم نفر من بني . هَدْل ، ليسوا من بني قُريظة ولا النضير، نسبهم فوق ذلك ، هم بنو عم القوم ، أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قصة عمرو بن سُعْدَى: وخرج في تلك الليلة عَمْرو بن سُعْدَى القُرَظى، فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه محمد بن مسلَمة تلك
الليلة؛ فلما رآه قال : من هذا؟ قال أنا عَمرو بن سعدى - وكان عمرو قد أبي أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال : لا أغدر بمحمد أبدا - فقال محمد بن مَسْلَمة حين عرفه : اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام ، ثم خلَّى سبيله . فخرج على وجهه حتى أتى بابَ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة، ثم ذهب فلم يُدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا، فذُكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم شأنه ؛ فقال : ذاك رجل نجاه الله بوفائِه . وبعضُ الناس يزعم أنه كان أوثق برِمَّة[8] فيمن أوثق من بني قريظة، حين نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصبحت رمته مُلقاة، ولا يُدْرَى أين يذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تلك المقالة، والله أعلم أي ذلك كان .


تحكيم سعد في أمر بني قريظة : قال : فلما أصبحوا نزلوا على حكمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتواثبت الأوْسُ ، فقالوا: يا رسول الله ، إنهم موالينا دونَ الخزرج ، وقد فَعَلْت في موالى إخواننا بالأمس ما قد عَلمت - وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبْل بني قريظة قد حاصر بني قَيْنُقاع ، وكانوا حلفاء الخزرج ، فنزلوا على حكمه ، فسأله إياهم عبدالله ابن أبي ابن سَلُول ، فوهبهم له - فلما كلمته الأوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا ترضون يا معشرَ الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ قالوا: بلى؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذاك إلى سعد بن معاذ.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسْلم ، يقال لها رُفَيْدة[9] ، في مسجده ، كانت تداوي الجرحَى،


وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضَيْعة من المسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق : اجعلوه في خيمة رُفَيْدة حتى أعودَه من قريب . فلما حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة، أتاه قومه فحملوه على حمار قد وَطَّئوا له بوسادة من أدَم وكان رجلا جسيما جميلا، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يقولون : يا أبا عَمْرو، أحسنْ في مواليك ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم ؛ فلما أكثروا عليه قال : لقد أنى لسعد أن لا تأخذه في الله لوْمة لائم . فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني عبد الأشهل ، فنعى لهم رجالَ بني قريظة، قبل أن يصل إليه سعد، عن كلمته التى سمع منه .

فلما أنتهى سعدٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوموا إلى سيِّدكم - فأما المهاجرون من قريش، فيقولون : إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصارَ؛ وأما الأنصار: فيقولون : قد عَمَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقاموا إليه ، فقالوا: يا أبا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم . فقال سعد بن معاذ: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه ، أن الحكم فيهم لما حَكمْتُ ؟ قالوا: نعم . وعلى من هاهنا؟ في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مُعْرِض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم ؛ قال سعد: فإنى أحكم فيهم أن تُقْتَل الرجالُ ، وتُقَسَّم الأموالُ ، وتسْبَى الذراري والنساء[10].


رضاه عليه الصلاة والسلام بحكم سعد: قال ابن اسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن مُعاذ، عن علقمة بن وقاص الليثي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد:"لقدحكمتَ فيهم بحكمِ الله من فوقِ سبعةِ أرقعة"[11] .

علي ينهي المعركة لصالح المسلمين: قال ابن هشام : حدثني بعضُ من أثق به من أهل العلم : أن علي بن أبي طالب صاح وهم محاصرو بني قريظة: يا كتيبة الإيمان ، وتقدم هو والزبير بن العوام ، وقال : والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم ، فقالوا: يا محمد، ننزل على حكم سعد بن معاذ.

حبس بني قريظة ومقتلهم : قال ابن اسحاق : ثم استُنزلوا، فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار بنت الحارث[12] ، امرأة من بني النجار، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة، التي هى سوقها


اليوم ، فخندق بها خنادق ، ثم بعث اليهم ، فضرب أعناقَهم في تلك الخنادق ، يخرج بهم إليه أرْسالا[13]، وفيهم عدو الله حُيى بن أخطب ، وكعب بن أسد، رأس القوم ، وهم ستمائة أو سبعمائة، والمكثر لهم يقول : كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة .

وقد قالوا لكعب بن أسد، وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ارْسالا: يا كعب ، ما تراه يصنع بنا؟ قال : أفي كل موطن لا تعقلون ؟ ألا ترون الداعى لا يَنْزِع ، وأنه من ذهب به منكم لا يرجع ؟ هو والله القتلُ ! فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مقتل ابن أخطب : وأتي بحُيى بن أخطب عدو الله ، وعليه حُلة له فقّاحية[14] - قال ابن هشام : فقاحية : ضرب من الوَشْي - قد شقها عليه من كل ناحية قدْرَ أنملة لئلا يُسْلَبها، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ، فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : أما والله ما لمت نفسي في عداوتك ، ولكنه من يَخْذُلِ الله يُخذل ، ثم أقبل على الناس ، فقال : أيها الناس ، إنه لا بأس بأمر الله ، كتاب وقدر ملحمة كتبها الله على بني اسرائيل ، ثم جلس فضُربت عنقه .

شعر جبل في مقتل حيي بن أخطب : فقال جبل بن جوال الثعلبى:

# لعَمْرك ما لام ابنُ أخطبَ نفسَه ولكنه من يخذُل الله يُخذلِ
# لجاهد حتى أبلغَ النفسَ عذرَها وقلقَل يبغى العزَّ كل مُقلقِلِ[15]

قتل امراة من نسائهم وسببه : قال ابن اسحاق : وقد حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت : لم يُقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة . قالت : والله إنها لعندي تَحَدَّث معى، وتضحك ظهرا وبطنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل رجالَها في السوق ، إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة؟ قالت : أنا والله . قالت : قلت لها: ويلك ؛ مالك ؟ قالت : أقتل : قلت : ولم ؟ قالت : لحدث أحدثته ؟ قالت : فانطلق بها، فضُرب عنقها؟ فكانت عائشة تقول : فوالله ما أنسى عجبا منها طَيبَ نفسها وكثرة ضَحِكها، وقد عَرفت أنها تُقتل[16] .


قال ابن هشام : وهى التى طرحت الرحا على خلاد بن سُوَيد فقتلته .

قصة الزبير بن باطا: قال ابن اسحاق : وقد كان ثابت بن قيس بن الشَّمَّاس ، كما ذكر لي ابن شهاب الزهري ، أتى الزبير[17] ابن باطا القُرَظى، وكان يكنى أبا عبد الرحمن - وكان الزبير قد مَنَّ على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية، ذكر لي بعض ولد الزبير أنه كان منَّ عليه يوم بُعَاث ، أخذه فجز ناصيته ، ثم خلَّى سبيلَه - فجاءه ثابت وهو شيخ كبير، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، هل تعرفني ؟


قال . وهل يجهل مثلى مثلَك ؛ قال : أنى قد أردت أن أجزيَك بيدك عندي ، قال : إن الكريمَ مُجزى الكريم .

ثم أتى ثابتُ بنُ قيس رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنه قد كانت للزبير علىّ مِنة، وقد أحببتُ أن أجزيَه بها، فهب لي دمَه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو لك فأتاه، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وهب لي دمَك ، فهو لك ، قال : شيخ كبير لا أهل له ولا ولد، فما يصنع بالحياة؟

قَال : فأتى ثابتٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال : بأبى أنت وأمي يا رسول الله ، هب لي امرأته وولدَه ؟ قال : هم لك : قال : فأتاه فقال : قد وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلك وولدَك ، فهم لك قال : أهل بيت بالحجاز لا مال لهم ، فما بقاؤهم على ذلك ؟

فأتى ثابتٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله، ماله ، قال : هو لك . فأتاه ثابت فقال : قد أعطانى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك ، فهو لك . قال : أى ثابت ، ما فعل الذي كان وجهه مرآة صِينية يتراءى فيها عَذارَى الحي ، كعبُ بن أسد؟ قال : قُتل ، قال : فما فعل سيد الحاضر والبادي حييَ بن أخطب ؟ قال : قُتل قال فما فعل مُقَدِّمتنا إذا شددنا، وحاميتُنا إذا فررنا، عَزال بن سَمَوْأل ؟ قال : قتل : قال : فما فعل المجلسان ؟ يعنى بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة؛ قال : ذهبوا قتلوا؟ قال : فإنى أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتنى بالقوم ، فوالله ما في العيش بعد هؤلاءِ من خير، فما أنا بصابر لله فَتلة دَلو ناضح[18] حتى ألقى الأحبة، فقدمه ثابت ، فضرب عنقه .


فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله " ألقى الأحبة ". قال : يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا.

قال ابن هشام : قبلة دلو ناضح . قال زهير بن أبي سُلْمى في " قبلة ":

# وقابِلٍ يتغنَّى كلما قَــدَرَتْ على العَرَاقي يداه قائما دَفَقَا
وهذا البيت في قصيدة له .


قال ابن هشام : ويروى: وقابل يتلقى، يعني قابل الدلو[19] يتناول .

أمر عطية القرظي ورفاعة بن سمؤال : قال ابن اسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بقتل كل من أنبت منهم .

قال ابن اسحاق : وحدثني شُعبة بن الحجاج ، عن عبد الملك بن عُمير، عن عطية القرظى[20]، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أن يُقتل من بني قريظة كل من أنبت منهم وكنتُ غلاما، فوجدوني لم أنبت ، فخلوا سبيلي[21] .

قال ابن إسحاق : وحدثني أيوب بن عبد الرحمن بن عبدالله بن أبي صعصعة أخو بني عدي بن النجار: أن سَلْمَى بنت قيس[22] ، أم المنذِر، أخت سليط ابن أخت سليط بن قيس - وكانت احدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد صلَّت معه القبلتين ، وبايعته بيعة النساء - سالته


رفاعةَ بن سمؤال القُرظي ، وكان رجلا قد بلغ ، فلاذ بها، وكان يعرفهم قبل ذلك ، فقالت : يا نبى الله ، بأبى أنت وأمي ، هَبْ لي رفاعة، فإنه قد زعم أنه سيصلي ويأكل لحم الجمل ؛ قال : فوهبه لها، فاستَحْيته .

تقسيم الفيء : قال ابن اسحاق : ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني قريظة ونساءَهم وأبناءَهم على المسلمين ، وأعلم في ذلك اليوم سُهمان الخيل وسُهمان الرجال ، وأخرج منها الخُمس ، فكان للفارس ثلاثة أسهم ، للفرس سهمان ولفارسه سهم ، وللراجل من ليس له فرس ، سهم . وكانت الخيل يومَ بني قريظة ستة وثلاثين فرسا، وكان أول فيء وقعت فيه السُّهمان ، وأخرج منها الخمس ، فعلى سنتها وما مضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وقعت المقاسم ، ومضت السُّنة في المغازي . ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبد الأشْهل بسبى من سبايا[23] بني قُريظة إلى نجد، فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا .

إسلام ريحانة: قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ّ قد اصطفى لنفسه من نسائهم رَيْحانة بنت عمرو بن خُنافَة، إحدى نساء بني عمرو ابن قُريظة، فكانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تُوفي عنها وهى في مِلكه ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليها أن يتزوجها، ويضربَ عليها الحجابَ ؛ فقالت : يا رسول الله ، بل تتركنى في ملكك ، فهو أخف على وعليك ، فتركها. وقد كانت حين سباها قد تعصَّت بالإسلام ، وأبت إلا اليهودية، فعزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجد في نفسه لذلك من أمرِها. فبينا هو مع أصحابه ، إذ سمع وقع نعلين خلفَه ؛ فقال :


إن هذا لثعلبة بن سَعْية يبشرني باسلام رَيْحانة؟ فجاءه فقال : يا رسول الله، قد أسلمت رَيْحانة، فسره ذلك من أمرها"

ما نزل من القرآن في الخندق وبني قريظة : قال ابن اسحاق : وأنزل الله تعالى في أمر الخندق ، وأمر بني قريظة من القرآن، القصة في الأحزاب ، يذكر فيها ما نزل من البلاء، ونعمته عليهم ، وكفايته إياهم حين فرج ذلك عنهم ، بعد مقالة من قال من أهل النفاق : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب: 9]. والجنود قريش وغطفان وبنو قريظة، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة . يقول الله تعالى :{ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ[24] وَتَظُنُّونَ بِالله الظُّنُونَ}ْ [الأحزاب: 10] فالذين جاءوهم من فوقهم بنو قريظة، والذين جاءوهم من أسفل منهم قريش وغطفان . يقول الله تبارك وتعالى :{ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ




الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا. وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 11، 12] لقول مُعَتِّب بن قشير إذ يقول ما قال{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا } [الأحزاب: 13] لقول أوس بن قَيْظي ومن كان على رايه من قومه{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} [الأحزاب: 14]: أى المدينة. قال ابن هشام : الأقطار: الجوانب ؟ وواحدها: قطر، وهي الإقتار، وواحدها: قتر.

قال الفرزدق :

# كم من غِنًى فتح الإلهُ لهم بــه والخيلُ مُقْعيةٌ على الأقطارِ[25]
ويروى : " على الأقتار . وهذا البيت في قصيدة له.


)ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ( [الأحزاب: 14] : أي الرجوع إلى الشرك )لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا * وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا الله مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ الله مَسْئُولًا( [الأحزاب: 14، 15] فهم بنو حارثة، وهم الذين هموا أن يفشلوا يوم أحد مع بني سلمة حين همتا بالفشل يوم أحد، ثم عاهدوا الله أن لا يعودوا لمثلها أبدا، فذكر لهم الذين أعطوا من أنفسهم ، ثم قال تعالى :)قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا* قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنْ الله إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ الله وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا* قَدْ يَعْلَمُ الله الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ([الأحزاب: 16،18][26]: أي أهل

207


النفاق )وَالْقَائِلِينَ لإِِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا(: أي إلا دفعا وتعذيرا[27] )أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ( أي للضغن الذي في أنفسهم )فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ(: أي إعظاما له وفرقا منه )فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ (؛ أي في القول بما لا تحبون ، لأنهم لا يرجون آخرةً، ولا تحملهم حِسْبة[28] ، فهم يهابون الموت هيبةَ من لا يرجو ما بعده .

قال ابن هشام : سلقوكم : بالغوا فيكم بالكلام ، فأحرقوكم وآذوكم .

تقول العرب : خطيب سَلاق ، وخطيب مِسْلَق ومِسْلاق . قال أعشى بني قَيْس بن ثعلبة :

# فيهم المجدُ والسماحةُ والنجـ ـد ةُ فيهمُ والخاطبُ السَّلاقُ
وهذا البيت في قصيدة له .


)يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا ( قريش وغطفان )وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا( [الأحزاب: 20].

ثم اقبل على المؤمنين فقال :)لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ(: أي لئلا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ، ولا عن مكان هو به .

ثم ذكر المؤمنين وصدقَهم وتصديقهم بما وعدهم الله من البلاء يختبرهم به ، فقال : )وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا( [الأحزاب: 22]






: أي صبرا على البلاء وتسليما للقضاء، وتصديقا للحق ، ولما كان الله تعالى وعدهم ورسولُه صلى الله عليه وسلم ثم قال : )مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ(

: أى فرغ من عمله ، ورجع إلى ربه ، كمن استُشهد يوم بدر ويوم أحدا قال ابن هشام : قضي نحبه : مات ، والنحب : النفس ، فيما أخبرنى أبو عبيدة، وجمعه : نحوب . قال ذو الرِّمَّة :

# عَشيَّة فر الحارِثيون بعدما قضى نحبَه في مُلتقَى الخيلِ هَوْبَرُ
وهذا البيت في قصيدة له . وهَوْبَر. من بني الحارث بن كعب ، أراد: يزيد بن هَوْبر. والنحْب أيضا. النذر: قال جرير بن الخَطفى:


# بطِخْفَةَ جالدنا الملوكَ وخيلُنـا عَشِيةَ بِسْطَامٍ جَرَيْنَ على نَحْبِ
يقول : على نَذْر، كانت نَذَرت أن تقتله فقتلته ، وهذا البيت في قصيدة له . وبِسْطام : بسطام بن قَيس بن مسعود الشيْباني ، وهو ابن ذي الجَدِّين . حدثني أبو عُبيدة : أنه كان فارس ربيعة بن نزار. وطِخْفَة: موضع بطريق البصرة .


والنحب . الخِطَار، وهو الرهان . قال الفرزدق :

# وإذ نَحَبَتْ كلب على الناسِ أينا علىالنحْبِ أعطى للجزيلِ وأفضلُ
والنحب : البكاء. ومنه قولهم ينتحب . والنحب : الحاجة والهمة، تقول . ما لي عندهم نحب . قال مالك بن نُوَيْرة اليربوعى:


# وما لِيَ نحب عندَهم غيرَ أننى تلمسْتُ ماتبغي من الشدُنِ الشُّجْر[29]






وقال نَهار بن تَوْسِعَة، أحدُ بني تيم اللات بن ثعلبة بن عُكَابة ابن صعب بن علي بن بكربن وائل . قال ابن هشام : هؤلاء موالى بني حنيفة :

# ونَجَّى يوسفَ الثقفىَّ رَكْض دِرَاكٌ بعدَ ما وقع اللواءُ[30]
# ولو أدركْنَه لقضيْن نحبــا به ولكلِّ مُخْطَأةٍ وِقاءُ
والنحب أيضا: السير الخفيف المَرّ.


قال ابن اسحاق : ) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ( : أي ما وعد الله به من نصره ، والشهادة على ما مضى عليه أصحابه . يقول الله تعالى :)وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا( [الأحزاب: 23]: أي ما شكُّوا وما ترددوا في دينهم ، وما استبدلوا به غيره . )لِيَجْزِيَ الله الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الله كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا* وَرَدَّ الله الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ(: أي قريشا وغَطَفان)لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى الله الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ الله قَوِيًّا عَزِيزًا* وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ (: اي بني قريظة )مِنْ صَيَاصِيهِمْ( والصياصى : الحصون والآطام التى كانوا فيها.

قال ابن هشام : قال سُحَيْم عَبْد بني الحَسْحَاس ، وبنو الحَسْحَاس من بني اسد بن خُزَيمة :

# وأصبحت الثيرانُ صرعى وأصبحت نساءُ تميمٍ يَبتدِرْنَ الصَّيَاصِيَا[31]




وهذا البيت في قصيدة له [32]والصياصى : القرون . قال النابغة الجعدي :

# وسادةَ رهطي حتى بَقِيـ ـتُ فردا كصيصَةِ الأعْضَبِ
يقول : أصاب الموتُ سادةَ رهطي . وهذا البيت في قصيدة له . وقال أبو دواد الِاياديُ :


# فذَعَرْنا سُحْمَ الصياصي بأيديـ ـهن نَضْحٌ من الكُحَيْلِ وقارِ[33]
وهذا البيت في قصيدة له والصياصي أيضا: الشوك الذي للنساجين ، فيما أخبرنى أبو عُبَيدة . وأنشدني لدرَيد بن الصّمَّة الجُشَمي ، جُشَم ابن معاوية بن بكر بن هوازن :


# نظرتُ إليه والرماحُ تنوشُه كوقعِ الصَّياصي في النسيجِ الممددِ[34]
وهذا البيت في قصيدة له . والصياصى أيضا: التى تكون في أرجل الديكة ناتئة كأنها القرون الصغار، والصياصى أيضا: الأصول . أخبرنى أبو عبيدة أن العرب تقول : جذَّ الله صيصيته : أي أصله .


قال ابن اسحاق : )وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا( [الأحزاب: 25،26]: أي قتل الرجال ، وسبي الذراري والنساء،)وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا(. يعني خيبر)وَكَانَ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا([الأحزاب: 27].


إكرام سعد في موته: قال ابن اسحاق : فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحُه ، فمات منه شهيدا. قال ابن اسحاق : حدثني مُعاذ بن رفاعة الزرَقى، قال : حدثني من شئت من رجال ،قومي : " أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبض سعدَ بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من استبرق ، فقال : يا محمد، من هذا الميت الذي فُتحت له أبواب السماء، واهتز له العرشُ[35] ؟ قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبَه إلى سعد، فوجده قد مات ".




قال ابن اسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي بكر، عن عَمرة بنت عبد الرحمن قالت : أقبلتْ عائشةُ قافلةً من مكة، ومعها أسَيْد بن حُضَيْر، فلقيه موتُ امرأة له ، فحزن عليها بعض الحزن ، فقالت له عائشة: يغفر الله لك يا أبا يحيى ، أتحزن على امرأة وقد أصبت بابن عمك ، وقد اهتزَّ له العرش .

قال ابن اسحاق : وحدثني من لا أتهم عن الحسن البَصْري ، قال : كان سعد رجلا بادنا، فلما حمله الناس وجدوا له خِفةً فقال رجال من المنافقين : والله إن كان لبادِنا، وما حملنا من جنازة أخفَّ منه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " وإن له حملةً غيرَكم" ، والذي نفسي بيده ، لقد استبشرت الملائكةُ بروْحِ سعدٍ ، واهتز له العرشُ ". قال ابن اسحاق : وحدثني مُعاذ بن رِفاعة، عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجَمو ح ، عن جابر بن عبدالله ، قال : لما دُفن سعد ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسبَّح الناسُ معه ؟ ثم كبَّر فكبَّر الناسُ معه ، فقالوا: يا رسول الله ، مِمَّ سبحت ؟ قال : لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبرُه ، حتى فرَّجه الله عنه . قال ابن هشام : ومجاز هذا الحديث قول عائشة : " قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم إن للقبرِ لضَمَّة لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد بن معاذ ". قال ابن اسحاق : ولسعد يقول رجلٌ من الأنصار:

# وما اهتزعرش الله من موتِ هالكٍ سَمِعْنا به إلا لسعدٍ أبي عَمْرِو
وقالت أم سعد، حين احتُمل نعشه وهي تبكيه - قال ابن هشام - وهي كُبَيْشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبد ابن الأبْجَر، وهو خُدْرَة بن عَوْف بن الحارث بن الخزرج :



# وَيْلُ أمِّ سعدٍ سعـــــدَا صَرَامةً وحَدّا
# وسُوددا ومَجْـــــــدا وفارسا مُعَدّا
# سُدَّ به مَسَــــــــدَّا يَقُدُّ هَاما قدّا
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلُّ نائحة تكذب ، إلا نائحةُ سعدِ بن معاذ".


الشهداء يوم الخندق : قال ابن اسحاق : ولم يُستشهد من المسلمين يومَ الخندق إلا ستة نفر.

من بني عبد الأشهل : سعدُ بن معاذ، وأنس بن أوْس بن ستيك ابن عمرو، وعبدُالله بن سَهْل . ثلاثة نفر.

ومن بني جُشَم بن الخزرج ، ثم من بني سَلَمة : الطُّفَيل بن النعمان ، وثعلبة بن غنَيْمة . رجلان.

ومن بني النجار، ثم من بني النجار: كعب بن زيد، أصابه سهم غَرْب[36] ، فقتله . قال ابن هشام : سهمُ غربٍ وسَهْم غَرْب ، بإضافة وغير اضافة، وهو الذي لا يعرف من أين جاء ولا مَنْ رمى به .

قتلى المشركين : وقُتل من المشركين ثلاثة نفر.

من بني عبد الدار بن قصى : مُنبِّه بن عثمان بن عُبَيْد بن السَّباق ابن عبد الدار، أصابه سهم ، فمات منه بمكة .

قال ابن هشام : هو عثمان بن أمية بن مُنَبِّه بن عُبَيد بن السباق .


قال ابن إسحاق : ومن بني مخزوم بن يَقَظة: نَوْفل بن عبدالله ابن المغيرة، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم جسدَه ، وكان اقتحم الخندق ، فتورَّط فيه ، فقُتل ، فغلب المسلمون على جسده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا حاجةَ لنا في جسده ولا بثمنه ، فخلَّى بينهم وبينه . قال ابن هشام : اعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده عشرةَ الأف درهم ، فيما بلغني عن الزهري .

قال ابن اسحاق : ومن بني عامر بن لؤي ، ثم من بني مالك ابن حِسْل : عمرو بن عبد وُدّ قتله على بن أبي طالب رضوان الله عليه . قال ابن هشام : وحدثني الثقة أنه حُدِّث عن ابن شهاب الزهري أنه قال : قتل على بن ابى طالب يومئذ عمرو بن عبد وُدّ وابنه حِسْل ابن عمرو.

قال ابن هشام : ويقال عمرو بن عبد وُدّ، ويقال : عمرو بن عَبْد.

الشهداء يوم بني قريظة : قال ابن إسحاق : واستُشهد يوم بني قريظة من المسلمين ، ثم من بني الحارث بن الخزرج : خَلاد بن سُوَيد بن ثعلبة بن عمرو، طُرحت عليه رحى[37] ، فشدخته شدخا شديدا، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن له لـأجر شهيدين ". ومات أبو سنان بن مِحْصَن بن حُرْثان ، أخو بني أسد بن خُزَيمة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم محاصر بني قريظة، فدُفن في مقبرة بني قريظة التي يدفنون فيها اليوم ، وإليه دفنوا أمواتَهم في الإسلام .


ولما انصرف أهلُ الخندقِ عن الخندقِ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنى : " لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم ". فلم تغزهم قريش بعد ذلك ، وكان هو الذي يغزوها، حتى فتح الله عليه مكة.

ما قيل من الشعر في أمر الخندق وبني قريظة

ما قال ضرار بن الخطاب : قال ضرار بن الخطاب بن مِرْداس ، أخو بني محارب بن فِهْر، في يوم الخندق :

# ومُشْفقةٍ تظنُّ بنا الظنونَــا وقد قُدْنا عَرَنْدَسَةً طَحُونَا[38]
# كان زُهاءَها أحُد إذا مـــا بَدتْ أركانه للناظرينَا
# ترى الأبدانَ فيها مُسْبغاتٍ على الأبطالِ واليَلَبَ الحصينَا[39]
# وجُرْدا كالقِداحِ مُسَوَّمَـاتٍ نَؤُمُّ بها الغُواةَ الخاطيينا
# كأنهمُ إذا صالوا وصلنـــا ببابِ الخنْدقَيْن مصافحونَا
# أناس لا ترى فيهم رشيــدا وقد قالوا ألسْنا راشدِينَا
# فأحْجَرناهمُ شهرا كَرِيتـــا وكنا فوقَهم كالقاهرِينَا[40]
# نراوحُهم ونغدو كلَّ يـــومٍ عليهم في السلاحِ مدجَّجينَا
# بأيدينا صوارمُ مُرهفـــات نَقُدُّ بها المفارقَ والشّئونَا[41]
# كأن وميضهنَّ مُعَرّبــــات إذا لاحتْ بأيْدِي مُصلتينا[42]

# وميضُ عَقيقةٍ لمَعْت بليــــلٍ ترى فيها العقائقَ مُسْتَبينا[43]
# فلولا خندق كانوا لديــــــه لدمَّرنا عليهم أجمعينَا
# ولكن حَالَ دونَهمُ وكانـــــوا به من خوفِنا متعوِّذينا
# فإن نرحلْ فإنا قد تركنـــــا لدى أبياتِكم سعدا رهينَا
# إذا جن الظلامُ سمعتَ نَوْحَــي على سعدٍ يُرجِّعْنَ الحنينَا
# وسوف نزوركم عما قريـــب كما زرناكمُ متوازِرِينا
# بجمعٍ من كنانة غير عُـــزْل كأسْدِ الغابِ قد حَمَتِ العَرينَا
كعب بن مالك يرد على ضرار: فأجابه كعب بن مالك ،


أخو بني سلمة، فقال :

# وسائلةٍ تُسائلُ ما لَقينــــــا ولو شهدتْ رأتْنا صابرينَا
# صَبْرنا لا نرى للّهِ عَـــــدْلا على ما نابنا مُتوكِّلينَا
# وكان لنا النبيُّ وزيرَ صِـــدْق به نعلو البريةَ أجمعينَا
# نقاتلُ مَعْشرا ظلموا وعَقُّـــوا وكانوا بالعداوةِ مُرْصِدينا
# نعاجلهم إذا نهضوا إلينــــا بضربٍ يُعْجِلُ المتسرِّعينَا
# ترانا في فضافِضَ سابغـــاتٍ كغُدرِانِ المَلا متسربلينا
[44]
# وفى أيْمانِنا بيض خِفــــاف بها نشْفى مِرَاح الشاغبينا
# بباب الخنْدَقَيْنِ كان أسْــــدا شَوَابِكُهُنَّ يَحْمين العَرينَا
# فوارسُنا إذا بَكَرُوا وراحـــوا على الأعداءِ شُوسا مُعْلَمِينَا
[45]
# لننصر أحمدا والله حتــــى نكونَ عبادَ صِدْقٍ مخلِصينَا
# ويعلمُ أهلُ مكةَ حين ســـاروا وأحزاب أتَوْا متحزِّبينَا:
# بأن الله ليس له شريـــــك وأن الله مولَى المؤمنينَا

# فإما تقتُلوا سعدا سَفاهـــا فإن الله خيرُ القادرينَا
# سيُدخلهُ جنانا طيبـــاتٍ تكونُ مُقامةً للصالحينا
# كما قد ردكم فَلا شريــدا بغيظِكم خزايا خائبينَا[46]
# خزايا لم تنالوا ثَمَّ خيــرا وكدتم أن تكونوا دامِرينَا
# بريحٍ عاصفٍ هَبَّتْ عليكم فكنتم تحتَهامُتكمِّهينَا[47]
شعر عبدالله بن الزبعرى في غزوة الخندق : وقال عبدالله


ابن الزبعرى السهمي ، يوم الخندق :

# حَيِّ الديارَ محا معارِفَ رسمِهـا طولُ البلىِ وتَراوحُ الأحقابِ
# فكأنما كتبَ اليهودُ رسومَهـــا إلا الكَنيَف ومَعْقِد الأطنابِ[48]
# قفرا كأنك لم تكن تلهو بهـــا في نعمةٍ بأوانسٍ أتْرابِ[49]
# فاتركْ تَذكُّر ما مضى من عيشـةٍ ومَحلةٍ خَلْق المَقام بَبابِ
# واذكرْ بلاءَ معاشر واشكرْهُـــمُ ساروا بأجمعِهم من الأنصابِ
# أنصابِ مكةَ عامدين ليثــــربٍ في ذي غَيَاطِلَ جَحْفَلٍ جَبْجَابِ[50]
# يَدَع الحَزُونَ مناهِجا معلومــــةً في كلِّ نَشر ظاهر وشِعابِ[51]
# فيها الجيادُ شَوازبٌ مَجْنوبــــة قُبُّ البطونِ لواحقُ الأقرابِ[52]
# من كُلِّ سَلْهَبةٍ وأجْرَدَ سَلْهَــــبٍ كالسِّيدِ بادرَ غفلَة الرُّقَّابِ[53]

# جيشٌ : عُيَيْنةُ قاصدٌ بلوائِـــه فيه وصخر قائدُ الأحزابِ
# قَرْمان كالبدْريْنِ أصبح فيهمـــا غَيْثُ الفقيرِ ومَعْقِلُ الهرَّابِ[54]
# حتى إذا وردوا المدينةَ وارتَــدوْا للموتِ كلَّ مُجَربٍ قضابِ
# شهرا وعشرا قاهرين محمـــدا وصِحابُه في الحرب خيرُ صِحابِ
# نادوا برحلِتهم صبيحةَ قلتــــمُ كِدنا نكونُ بها مع الخُيَّابِ
# لولا الخنادقُ غادروا من جمعِهــم قَتْلَى لطير سُغَّبٍ وذئابِ
رد حسان بن ثابت عليه : فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري ، فقال :


# هل رَسْمُ دارسةِ المقامِ يَبــــابِ متكلِّم لمحاورٍ بجوابِ[55]
# قَفر عَفَا رِهَمُ السحابِ رسومَـــه وهُبوبُ كلِّ مُطِلَّةٍ مِرْبابِ[56]
# ولقد رأيتُ بها الحلول يزينُهـــم بيضُ الوجوهِ ثواقبُ الأحسابِ[57]
# فدعِ الديارَ وذِكْرَ كلِّ خريــــدةٍ بيضاءَ آنسةِ الحديثِ كَعابِ
# واشْكُ الهمومَ إلى الإلهِ وما تــرى من مَعْشر ظَلموا الرسولَ غِضَابِ
# ساروا بأجمعِهم إليه وألَّبـــــوا أهلَ القُرى وبوادِيَ الأعْرابِ
# جيش عيينةُ وابنُ حربٍ فيهـــمُ مُتَخَمِّطون جَلبةِ الأحزابِ[58]
# حتى إذا وردوا المدينةَ وارتجَــوْا قَتْلَ الرسولِ ومَغْنَم الأسلابِ
# وغَدَوْا علينا قادرِين بأيدِهــــم رُدُّوا بغيظهِمُ على الأعقابِ
# بهُبوب مُعْصِفَةٍ تُفرقُ جمعَهـــم وجنود ربك سيدِ الأربابِ[59]

# فكفى الإلهُ المؤمنين قتالَهــم وأثابهم في الأجرِ خيرَ ثوابِ
# من بعد ما قَنَطوا ففرَّق جمعَهم تنزيلُ نصرِ مليكِنا الوهابِ
# وأقرَّ عينَ محمدٍ وصِحابِـــه وأذلَّ كلَّ مكذِّبٍ مُرتابِ
# عاتي الفؤادِ موقَّعٍ ذي ريبــةٍ في الكفرِ ليس بطاهرِ الأثوابِ
# عَلِقَ الشقاءُ بقلبِه ففــــؤادُه في الكفرِ آخرُ هذه الأحقابِ
كعب بن مالك يرد على ابن الزبعرى : وأجابه كعب بن مالك أيضا فقال :


# أبقَى لنا حَدثُ الحروبِ بقيـــةً من خيرِ نِحْلةِ ربِّنا الوهابِ
# بيضاءَ مُشرفةَ الذرَى ومَعاطنــا حُمَّ الجُذوعِ غزيرة الأحلابِ[60]
# كاللُّوبِ يُبذَل جَمُّها وحفيلُهـــا للجارِ وابنِ العمِّ والمنتابِ[61]
# ونزائعا مثلَ السراحِ نَمَى بهــا عَلَفُ الشعيرِ وجِزَّة المِقضابِ[62]
# عَرِيَ الشَّوَى منها وأردفَ نحضَها جُرْدُ المُتونِ وسائرُ الأرابِ[63]

# قودا تَراحُ إلى الصياحِ إذا غــَدَت فعلَ الضِّراءِ تَراحُ للكَلابِ[64]
# وتحوطُ سائمة الديار وتـــــارةً تُرْدِي العِدَا وتئوبُ بالأسْلابِ
# حُوشُ الوحوشِ مطارة عندَ الوغـى عُبْسُ اللقاءِ مُبينةُ الإنجابِ[65]
# عُلفتْ على دَعةٍ فصارت بُدَّنـــا دُخْسَ البَضِيع خَفيفةَ الإقصابِ[66]
# يِغْدُونَ بالزَّغْفِ المُضاعَف شَكَّــةً وبِمُتْرَصاتٍ في الثقاف صِيابِ[67]
# صوارمُ نَزعَ الصياقلُ غُلْبَهــــا وبكلِّ أروعَ ماجدِ الأنسابِ[68]
# يصِلُ اليمينَ بمارنٍ مُتقـــارِب وُكِلَتْ وقِيعتُه إلى خَبَّاب[69]
# وأغرَّ أزرق في القناةِ كأنــــه فيِ طُخْيَةِ الظَّلماءِ ضَوْءُ شهابِ[70]
# وكتيبةٍ يَنْفي القرآن قَتيرُهــــا وترَدُّ حَدَّ قَوَاحِذَ النُّشَّابِ[71]
# جَأوى مُلَمْلَمَة كان رماحَهــــا في كلِّ مَجمعةٍ ضَريمةُ غاب[72]
# يأوي إلى ظلِّ اللواءِ كأنــــه في صَعْدَةِ الخَطيِّ فَيْءُ عُقَاب[73]

# أعْيتْ أبا كَربٍ وأعيت تُبَّعا وأبتْ بسالتُها على الأعْرابِ
# ومواعظٍ مِن ربِّنا نُهْدَى بها بلسانِ أزهَرَ طَيِّبِ الأثْوابِ
# عُرضَتْ علينا فاشتهينا ذِكْرَها من بعدِ ما عُرضت على الأحزابِ
# حِكَماء يراها المجرمون بزعمِهم حَرَجا ويفهمُها ذَوُو الألبابِ
# جاءت سَخينةُ كي تغالبَ ربَّها فَلْيُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلابِ[74]
قال ابن هشام : حدثني من أثق به ، قال : حدثني عبد الملك بن يحيى بن عبّاد بن عبدالله بن الزبير، قال كعب بن مالك :


# جاءت سَخينةُ كي تغالبَ ربَّها فَليغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلابِ
قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : لقد شكرك الله يا كعبُ على قولك هذا.


قال ابن إسحاق : وقال كعبُ بنُ مالك في يومَ الخندق :

# من سَرَّه ضربٌ يُمعْمِعُ بعضُه بعضا كمَعْمَعَةِ الإباءِ المُحْرَقِ[75]

# فَلْياتِ مَاسدةً تُسنُّ سيوفُهــــا بين المذادِ وبينَ جزع الخنْدقِ[76]
# دَرِبوا بضربِ المعلِمين وأسلَموا مهجاتِ أنفسِهم لربِّ المشْرقِ
# في عُصبةٍ نصرالإلهُ نبيَّـــه بِهمُ وكانَ بعبْدِه ذا مَرْفقِ
# في كلِّ سابغةٍ تَخط فضولُهــا كالنَّهْي هَبَّتْ ريحُه المترقْرِق[77]
# بيضاءَ محكمةٍ كأن قَتِيرَهـــا حَدَقُ الجنادبِ ذات شَك مُوثَقِ[78]
# جدلاء يَحْفزُها نِجادُ مُهَنَّــــدٍ صافي الحديدةِ صارمٍ ذي رَوْنَقِ[79]
# تِلْكُم مع التقوى تكونُ لباسَنــا يومَ الهِياجِ وكلَّ ساعةِ مَصْدَق[80]
# نَصِلُ السيوفَ إذا قَصُرْن بخطوِنا قُدُما ونُلحِقُها إذا لم نَلْحَقِ

# فترى الجماجمَ ضاحيا هاماتُهــا بَلْهَ أخُفِّ كأنها لم تُخلَقِ[81]
# نلقَى العدوَّ بفخْمَةٍ مَلْمومــــةٍ تنفي الجُموعَ كَفَصْد ِرأسِ المَشْرقِ[82]
# ونُعِدُّ للأعداءِ كلَّ مُقَلَّــــصٍ وَرْدٍ ومَحْجولِ القوائمِ أبلقِ[83]
# تَرْدِي بفرسانٍ كأن كماتَهـــم عندَ الهياجِ أسودُ طَلّ مُلْثقِ[84]
# صُدَقٌ يعاطون الكُماةَ حُتوفَهــم تحتَ العَمايةِ بالوَشيِجِ المُزْهقِ[85]
# أمرالإلهُ بربطِها لعــــــدوِّه في الحربِ إن الله خيرُمُوَفقِ
# لتكونَ غيظا للعدوِّ وحُيَّطــــا للدارِ إن دَلَفَتْ خيولُ النُّزَّقِ[86]
# ويُعيننا الله العزيزُ بقـــــوةٍ منه وصِدْقِ الصبرِ ساعةَ نلتقي ،
# ونطيعُ أمرَ نبيِّنا ونجيبُــــه وإذا دعا لكريهةٍ لم نُسْبَقِ
# ومتى ينادِ إلى الشدائدِ نأتِهـــا ومتى نَرَ الحَوْماتِ فيها نعْنِق[87]
# من يتَّبعْ قولَ النبىِّ فإنـــــه فينا مطاعُ الأمرِ حق مُصَدَّق
# فبذاك يَنصرنا ويُظهر عزَّنـــا ويُصيبنا من نيلِ ذاك بمرْفَقِ
# إن الذين يكذِّبون محمـــــدا كفروا وضلُّوا عن سبيلِ المتَّقى
قال ابن هشام أنشدنى بيته :

# تلكم مع التقوى تكون لباسنا



وبيته :



[1]الإعتجار: التعمم على الرأس فقط دون جوانب الوجه او اللحية .
[2] الإستبرق : الديباج الغليظ الصفيق الحسن .
[3]الرحالة : السرج .
[4]الصورين : الصور القطعة من النخل ، وهي موقع قريب من المدينة .
[5]هو: دحية بفتح الدال ، ويقال : دحية بكسر الدال أيضا، ودحية بلسان اليمن الرئيس ، وجمعه دحاء، وفي مقطوع الأحاديث أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى البيت المعمور يدخله كل
يوم سبعون ألف دحية، تحت يد كل دحية سبعون ألف ملك ، ذكره القتبي ، ورواه
ابن سنجر في تفسيره مسندا إلى عبدالله بن الهذيل ، رواه عنه أبو التياح .
[6]وفى هذا من الفقه أنه لا يعاب على من أخذ بظاهر حديث أو آية، فقد صلت
منهم طائفة قبل أن تغرب الشمس ، وقالوا: لم يرد النبى صلى الله عليه وسلم إخراج الصلاة عن
وقتها، وإنما أراد الحث والإعجال فما عنف أحدا من الفريقين ، وفي هذا دليل على
أن كل مختلفين في الفروع من المجتهدين مصيب ، وفى حكم داود وسليمان ، في الحرث أصل لهذا الأصل أيضا، فانه قال سبحانه : )فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا( [الأنبياء: 79] ولا يستحيل أن يكون الشىء صوابا في حق انسان وخطأ في حق غيره ، فيكون من اجتهد في مسألة فأداه اجتهاده إلى التحليل مصيبا في استحلاله ،
وآخر اجتهد فأداه اجتهاده ونظره إلى تحريمها، مصيبا في تحريمها، وإنما المحال أن يحكم في النازلة بحكمين متضادين في حق شخص واحد، وإنما عسر فهم هذا الأمل على طائفتين : الظاهرية والمعتزلة أما الظاهرية فإنهم علقوا الأحكام بالمنصوص ،
فاستحال عندهم أن يكون النص يأتي بحظر، وإباحة معا إلا على وجه النسخ ، وأما المعتزلة، فإنهم علقوا الأحكام بتقبيح العقل وتحسينه ، فصار حسن الفعل عندهم أو قبحه صفة عين ، فاستحال عندهم أن يتصف فعل بالحسن في حق زيد والقبح في حق عمرو، كما يستحيل ذلك في الألوان ، والأكوان وغيرهما من الصفات القائمة
بالذوات ، وأما ما عدا هاتين الطائفتين من أرباب الحقائق ، فليس الحظر والإباحة عندهم بصفات أعيان ، وإنما هى صفات أحكام ، والحكم من الله تعالى، يحكم بالحظر في النازلة على من أداه نظره واجتهاده إلى الحظر، وكذلك الإباحة والندب والإيجاب والكراهة، كلها صفات أحكام . فكل مجتهد وافق اجتهاده وجها من التأويل ، وكان عنده من أدوات الإجتهاد ما يترفع به عن حضيض التقليد إلى هضبة النظر، فهو مصيب في اجتهاده مصيب في الحكم الذي تعبد به ، وأن تعبد غيره في تلك النازلة بعينها بخلاف ما تعبد هو به ؟ فلا يعد في ذلك إلا على من يعرف الحقائق أو عدل به الهوى عن أوضح الطرائق - عن السهيلي في كتابه الروض الأنف بتحقيقنا
ج 3 ص 2 28- 28 .
[7]هو رفاعة بن عبد المنذر بن زبير وقيل : اسمه مبشر، وتاب وربط نفسه حتى تاب الله عليه ، وذكر فيه أنه أقسم ألا يحله إلا رسول الله صلى وفيه أنزل الله تعالى:
)وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا( [التوبة: 102] غير أن المفسرين اختلفوا في ذنبه ما كان ، فقال ابن اسحاق ما ذكره في السيرة من اشارته على بني قريظة، وقال آخرون : كان من المخلفين الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزة تبوك ، فنزلت توبة الله عليه في هذه الآية .
[8]الرمة: الحبل البالى .
[9]وقيل أنها أنصارية من أسلم
[10] الذراري : الذرّ النسل والذرية فعلية من الذرّ وهم الصغار وتكون الذرّية واحدا وجمعا وفيها ثلاث لغات أفصحها ضم الذال وبها قرأ السبعة والثانية كسرها ويروى عن
زيد بن ثابت والثالثة فتح الذال مع تخفيف الراء وزان كريمة وبها قرأ أبَانُ ابن عثمان ، وتجمع على ذرّيات وقد تجمع على الذراريّ . المصباح المنير.
[11]الأرقعة : هكذا في السيرة : أرقعة، وفى الصحيح : من فوق سبع سماوات ، والمعنى
واحد، لأن الرقيع من أسماء السماء، لأنها رُقعت بالنجوم ، ومن أسمائها: الجرباء
وبرقع ، وفي غير رواية البكائى أنه عليه السلام قال في حكم سعد: بذلك : طرقني
الملك سحرا ،.
وفيه من الفقه تعليم حسن اللفظ إذا تكلمت بالفرق مخبرا عن الله سبحانه الا تراه
كيف قال : بحكم الله من فوق سبع سماوات ، ولم يقل فوق ، على الظرف ،
فدل على أن الحكم نازل من فوق ، وهو حكم الله تعالى، وهذا نحو من قوله
تعالى : )يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ( [النحل:50] أى يخافون عقابا ينزل من فوقهم ، وهو عقاب ربهم .
فان قيل : أوليس بجائز أن يخبر عنه سبحانه أنه فوق سبع سماوات ؟ قلنا: ليس في هذه الآية، ولا في هذا الحديث دليل على اطلاق ذلك ، فإن جاز فبدليل آخر.
[12]واسمها: كيسة بنت الحارث بن كريز بن حبيب بن عبد شمس ، وكانت تحت مسيلمة الكذاب ، ثم خلف عليها عبدالله بن عامر بن كريز.
[13] أرسالا: طائفة وراء أخرى.
[14]فقاحية : تضرب إلى لون الحمرة .
[15]قلقل :تحرك .
[16] في هذا الحديث دليل لمن قال بقتل المرتدة من النساء، أخذا بعموم قوله عليه السلام : من بدَّل دينه ، فاضربوا عنقه ، وفى هذا الحديث مع العموم قوة أخرى، وهو تعليق الحكم بالعلة، وهو التبديل والردة، ولا حجة مع هذا لمن زعم من أهل العراق
بأن لا تقتل المرأة لنهيه عليه السلام عن قتل النساء والولدان ، وللإحتجاج للفريقين ،
وما نزل به كَل واحد منهم موطن غير هذا - انظر بداية المجتهد ونهاية المقتصد
لابن رشد - من تحقيقنا.
[17]هو الزبير بفتح الزاي وكسر الباء جد الزبير بن عبد الرحمن المذكور في الموطأ في كتاب النكاح ، واختلف في الزبير بن عبد الرحمن ، فقيل : الزبير بفتح الزاي وكسر
الباء كاسم جده وقيل الزُّبير، وهو قول البخاري في التاريخ .
[18]الناضح : الحبل . والمعنى مقدار ما يأخذ الرجل من الدلو لصبها في الحوض .
[19]قابل الدلو: هو الذي يأخذها من المستقى .
[20]عطيةالقرظي : هو جد محمد بن كعب القرظى.
[21]ففي هذا الحديث أن الإنبات أصل في معرفة البلوغ إذا جهل الإحتلام ، ولم تُعرف سنوه . والإنبات هو ظهور شعر العانة.
[22]وقع في تاريخ البخاري أن أيوب نفسه هو المخبر أن سلمى بنت قيس هي : سلمى بنت أيوب بن عبد الرحمن بن عبدالله وهو الصحيح والله أعلم .
[23]سبايا: سبيت ، العدوّ سبيا من باب رمى والإسم السباء وزان كتاب والقصر لغة وأسبيته مثله فالغلام سَبِىّ ومَسبِي والجارية سبية ومسبية وجمعها سبابا. عن المصباح المنير.
[24]قوله تعالى : )وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ([الأحزاب: 10] والقلب لا ينتقل من موضعه ، ولو أنتقل إلى الحنجرة لمات صاحبه ، والله سبحانه لا يقول إلا الحق ، ففي هذا دليل على أن المتكلم بالمجاز على جهة المبالغة، فهو حق إذا فهم المخاطب عنك ، وهذا كقوله تعالى : )يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ( [الكهف: 77] أى مثله كمثل من يريد أن يفعل الفعل ، ويهم به ، فهو من مجاز التشبيه ، وكذلك هؤلاء مثلهم فيما بلغهم من الخوف والوهل وضيق الصدر كمثل المنخلع قلبه من موضعه ، وقيل : هو على-حذف المضاف ؟ تقديره : آ
بلغ وجيف القلوب الحناجر وأما قوله : )إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ( [غافر: 18] فلا معنى لحمله على المجاز، لأنه في صفة هول القيامة والأمر فيه اشد مما تقدم ، لا سيما وقد قال في أخرى : )لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ( [إبراهيم: 43]، أى قد فارق القلب الفؤاد، وبقي فارغا هواء، وفي هذا دليل على أن القلب غير الفؤاد، كان الفؤاد هو غلاف الغلب ، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم في أهل اليمن : ألين قلوبا وأرق افئدة مع قوله تعالى : )فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ( [الزمر: 22] ولم يقل للقاسية افئدتهم ، والقسوة ضد اللين ، فتأمله .
[25]مقعية: أى سقطت على أجنابها تريد القيام .
[26]وقوله تعالى:)قَدْ يَعْلَمُ الله الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ( أى المخذلين لإخوانهم : فيعوقونهم بالتخذيل عن الطاعة . لقولهم : هلم إلينا، تقول : عاقني الأمر عن كذا، وعوقني فلان
عن كذا، أى صرفنى عنه .
[27]التعذير: أن يفعل الشيء بغير نية وغرضه أن يعذر أمام الناس
[28]الحسبة : طلب الأجر.
[29] الشدن : الإبل الشدية منسوبة إلى شدن بلدة باليمن . الشجر: التي في أعينها حمرة.
[30] دراك : متتابع .
[31][31]الصياصيا: يقول السهيلى في كتابه الروض الأنف : ألفيت في حاشية الشيخ أبي بحر
رحمه الله على هذا البيت : الصياصى : قرون الثيران المذكورة فيه لا ما توهَّم ابن هشام
أنها الحصون والآطام ، يقول : لما أهلك هذا السيل الثيران وغرقها أصبحت نساء
تميم يبتدرن أخذ قرونها، لينسجن بها البجد، وهي الأكسية، قال هذا يعقوب بن السكيت عن الأصمعى، ويصحح هذا أنه لا حصون في بادية الأعراب ، قال السهيلى: ويصحح هذا التفسير أيضا رواية أحمد بن داود له ، فإنه أنشده في كتاب ،النبات
له ، فقال فيه يلتقطن الصياصيا ولم يقل : يبتدرن .
[32]الأعضب : مكسور القرن .
[33]السحم : السود. الصياصى : القرون ، الكحيل : القطران . القار: الزفت .
[34]تنوشه : تناوشوا بالرماح تطاعنوا بها. عن المصباح المنير.
[35] حديث اهتزاز العرش ثابت من وجوه وفي بعض ألفاظه أن جبريل عليه السلام نزل حين مات سعد معتجرا بعمامة من استبرق ، فقال : يا محمد من هذا الميت الذي فُتحت له أبواب السماء واهتز له العرش ؟ ، وفى حديث آخر قال عليه السلام :
لقد نزل لموت سعد بن معاذ سبعون الف ملك ما وطئوا الأرض قبلها ويذكر
أن قبره وُجد منه رائحة المسك ، وقال عليه السلام : لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد".
وقد تكلم الناس في معناه ، وظنوا أنه مشكل ، وقال بعضهم : الإهتزاز هاهنا بمعنى الإستبشار بقدوم روحه ، وقال بعضهم : يريد حملة العرش ومن عنده من الملائكة، استبعادا منهم لأن يهتز العرش على الحقيقة، ولا بعد فيه ، لأنه مخلوق ، وتجوز عليه الحركة والهزة، ولا يعدل عن ظاهر اللفظ ، ما وجد اليه سبيل ، وحديث اهتزاز العرش لموت سعد صحيح ، قال أبو عمر: هو ثابت من طرق متواترة، وما روي من قول البراء بن عازب في معناه : أنه سرير سعد اهتز لم يلتفت اليه العلماء، وقالوا: كانت
بين هذين الحيين من الأنصار ضغائن وفي لفظ الحديث : اهتز عرش الرحمن ، رواه
أبو الزبير عن جابر يرفعه ، ورواه البخاري من طريق الأعمش عن أبي صالح وأبى سفيان كلاهما عن جابر، ورواه من الصحابة جماعة غير جابر، منهم أبو سعيد الخدري ، وأسيد بن حُضَير ورُميثة بنت عمرو، ذكر ذلك الترمذي ، والعجب لما روي عن مالك رحمه الله من انكاره للحديث ، وكراهيته للتحدث به مع صحة نقله ، وكرة الرواة له ، ولعل هذه الرواية لم تصح عن مالك - والله أعلم . انظر الروض الأنف
بتحقيقنا ج 3 ص ه 8 2، 86 2.
[36] سهم غرب : فيه لغات السكون والفتح وجعله مع كل واحد صفة لسهم ومضافا إليه أي لا يُدرَي من رَمَى به .
[37]الرحى : مقصور الطاحون . فشدخته : شدخت رأسه -شدخا من باب نفع كسرته ، وكل عظم أجوف إذا كسرته فقد شدخته . - وانظر المصباح المنير في نفس المادة شدخ
[38]العرندسة : الشديدة، صفة لموصوف محذوف أي كتيبة.
[39] الأبدان : الدروع . اليلب : الترسة، وقيل : الدرق ، وقيل : بيضات ودروع كانت تتخذ من جلود الإبل .
[40]كريتا : كاملا .
[41]الشئون : مجمع عظام الراس . صوارم : صرم السيف احتدّ، وسيف صارم قاطع .
[42]المُصلت : الذي جرد سيفه من غمده .
[43] العقيقة : السحابة التى ينشق عنها البرق .
[44]فضافض : أى متناثرين .
[45] الشوس : من ينظرون بمؤخر عيونهم كبرا. مفرده : أشوس .
[46]الفَل : المنهزمون .
[47]المتكمه ، في الأصل : من وُلد أعمى : والمراد أنهم لا
يبصر ون .
[48]الكنيف : حفرة الماشية، والأطناب : الحبال التي تشد بها الخيام .
[49]الأتراب : المتساويات في السن .
[50]الغياطل : الأصوات . ويقصد " بذى غياطل جيشا كثير الأصوات . جبجاب : كثير.
[51]الحزون : ما ارتفع من الألم . المناهج : الطرق الواضحة. النثر: ما ارتفع من الأرض ،
والشعاب : جمع شعب : المنخفض بين جبلين .
[52]الشوازب : الضامرة . القب : الضامرة. لواحق الأقراب : ضامرة الخواصر.
[53]السلهبة : الطويلة . السيد: الذئب .
[54]قرمان : مثنى قرم وهو السيد.
[55]اليباب : القفر.
المحاور: من يجادلك في الكلام .
[56]الرهم : المطر. مرباب : ثابتة.
[57]الحلول : البيوت المجتمعة . ثواقب : مزهرة .
[58]متخطمون : مختلطون . الحلبة : الخيل المعدة للسباق .
[59][59]فيه شاهد لمن زعم أن السيد من أسماء الله، وقد كره أكثر العلماء أن يقال في
الدعاء: يا سيدي ، وأجاز بعضهم ، واحتج بحديث ليس اسناده بالقوى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل : يا سيد، فقال : السيد الله . وانظر لوامع البينات شرح أسماء الله تعالى الحسنى والصفات للامام الرازي - بتحقيقنا. ط - الكليات الأزهرية .
[60]الذرى : الأعالى . معاطنا يعنى: منابت النخل عند الماء شبهها بمعاطن الإبل ، وهى مباركها عند الماء. حم الجذوع : وصفها بالحمة، وهي السواد، لأنها تضرب إلى السواد من الخضرة والنعمة، وشبه ما يجتنى منها بالحلب ، فقال : غزيرة الأحلاب .
[61]اللوب : الأرض ذات الحجارة السود. يبذل جمها وحفيلها: أي : الكثير منها. والمنتاب : الزائر مفتعل من ناب ينوب إذا ألمَّ .
[62]النزائع : الخيل العربية ال*****ة من أرضها إلى أرض أخرى ونوَّنها وإن كانت ممنوعة من الصرف لضرورة الشعر - والسراح : وقع في الأصل السراج بالجيم ، أى كلا
واحد منها كالسراج ، ووقع في الحاشية بالحاء، وفسره فقال : جمع سرحان ، وهو الذئب . وجزة المقضاب : المقضاب : مزرعة، وجزتها ما يجز منها للخيل .
[63]الشوى، يعني القوائم . النحض : اللحم . جرد: ملس . المتون : الظهور. الأراب : المفاصل واحدها إرب ، وفى الحديث أمرت أن أسجد على سبعة آراب .
[64]قَودا: أي طوال الأعناق ، تراح : تنشط . الضراء: الكلاب الضارية، وفى الحديث : " أن
قيسا ضراء الله في الأرض "، أي أسده الضارية. والكلاب : جمع كالب . وهو صاحب
الكلاب ، الذي يصيد بها.
[65]الحوش : النافرة . عُبس : شديدة . الإنجاب : الكرم .
[66] دُخس: كثير اللحم . البضيع : اللحم المستطيل . الإقصاب ، يعني : جمع قصب وهو
المعيَ ، ومنه سمي الجزار قصابا.
[67]الزغف : ما لان من الدروع . المترصات : المحكمه ، يعني الرماح المثقفة . صياب :
صائبة . شكة: حلقه ونسجه .
[68]نزع الصياقل غلبها، أي صدءها، يقال غلب اللحم إذا لم يكن رخصا . والماجد: الشريف .
[69]المارن : اللين . وقيعته : صنعته أو صقله . خباب : عبد صانع للسيوف .
[70]الأغر الأزرق : يعنى الرمح ، وطخية الظماء: أي شدتها، وطخاء القلب : ظلمته .
[71]القران: تقارن النبل . القَتير: مسامير حلق الدرع ، ويِريد به الدروع . قواحذ النشاب :
النبال التي أصابت الأفخاذ.
[72]الجأوى : التي يخالط سوادها حمرة. ململمة: مجتمعة . الضريمة: الملتهبة .
[73]الصعدة : القناة المستقيمة . الخطى: الرمح . الفىء: الظل . العقاب : طائر جارح قوي
المخالب أعقف المنقار حاد البصر يطلق على المذكر والمؤنث .
[74] كان هذا الإسم مما سُميت به قريش قديما، ذكروا أن قصيا كان إذا ذبحت ذبيحة أو نحيرة بمكة أتي بعجزها، فصنع منه خزيرة، وهو لحم يطبخ ببر فيطعمه الناس ، فسميت قريش بها سخينة . وقيل : إن العرب كانوا إذا أسنتوا أكلوا العلهز، وهو الوبر
والدم ، وتأكل قريش الخزيرة والفتة فنفست عليهم ذلك فلقبوهم ، سخينة، ولم تكن
قريش تكره هذا اللقب ، ولو كرهته ما استجاز كعب أن يذكره ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم
منهم ، ولتركه أدبا مع النبى عليه السلام ، إذ كان قرشيا، ولقد استنشد عبد الملك
ابن مروان ما قاله الهوازني في قريش :
# يا شدة ما شددنا غير كاذبة على سخينة لولا الليل والحرم
فقال : ما زاد هذا على أن استثنى، ولم يكره سماع التلقيب بسخينة، فدل هذا على
أن هذا اللقب لم يكن مكروها عندهم ، ولا كان فيه تعيير لهم بشىء .
[75][75]السعة : صوت النار فيما عظم وكثف من الشعراء والقصباء ونحوها، والكلحبة صوتها فيما دق كالسراج ونحوه ، والقطمطة : صوت الغليان ، وكذلك الغرغرة والجعجعة صوت الرحى، والدردبة صوت الطبل .
الإباء: وهو القصب واحدتها إباءة، والهمزة الأخيرة فيها بدل من ياء، قاله ابن جنىلأنه عنده من الإبابة، كأنه القصب - الأغصان الملتفة - يأبى على من أراده
بمضغ او نحوه
[76]المأسدة: المكان الكثير الأسود ويريد هنا مكان الحرب . تسن سيوفها: بنصب الفاء،
وهو الأصح عند القاضى أبي الوليد، ووقع في الأصل عند أبي بحر: تسن سيوفها
بالرفع ، ومعنى الرواية الأولى : تسن أي تصقل ، ومعنى الرواية الثانية أى: تسن للابطال ،
ولمن بعدها من الرجال سنة الجرأة والإقدام . المذاد: مكان حفر الخندق .
[77]السابغة : الدروع الكاملة . تخط فضولها: ينجر على الإرض ما زاد منها. النهى : غدير
الماء.
[78]القتير: مسامير الدروع . الجنادب : جمع جندب : نوع صغير من الجراد. والشك : إحكام
في الصنع . موثق : قوية.
[79]جدلاء: من الجدل ، وهو قوة الفتل ، ومنه الأجدل للصقر، هذا البيت دليل على قوة
امتناع الصرف في أجدل وأنه من باب أفعل الذي مؤنثه فعلاء، ومن صرفه شبههه
بأرنب وأفكل ، وهو أضعف الوجهين ، وإن كانوا قد قالوا في جمعه : أجادل مثل
أرانب فقد قالوا أيضا الأجارع والأباطح في جمع أجرع وأبطح ، ولكنهم لا يصرفونهما
من حيث قالوا في المؤنث بطحاء وجرعاء، وكذلك القول في أبرق وبرقاء. يحفزها:
يرفعها أو يشمرها. النجاد: حمائل السيف . رونق السيف ، طلاوته وصفاؤه وبريقه .
[80]الشطر الأول من البيت ، من أجود الكلام : وأملح الإلتفاتات ، لأنه قول انتزعه من
قول الله تعالى: )وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ( [الأعراف: 26]. وموضع الإجادة والإحسان من قول
كعب أنه جعل لباس الدرع تبعا للباس التقوى، لأن حرف " مع " تعطي في الكلام
أن ما بعده هو المتبوع ، وليس بتابع - والله أعلم .
[81] بله : أى لا تسأل عن أخف ، وهو اسم فعل أمر بمعنى اترك أو دع
[82]الملمومة : المجتمعة. أي : كتيبة مجتمعة. كفصد رأس المشرق : الصحيح فيه : ما رواه
ابن هشام عن أبي زيد: كراس قدس المشرق ، لأن قدس جبل معروف من ناحية المشرق .
[83]المقلص : الفرس الخفيف . والورد: الأحمر الضارب إلى الصفرة . ومحجول القوائم : في قوائمه بياض .
[84]الطل : المطر الضعيف . اللثق : ما يكون عن الطل من زلق وطين، والأسد أجوع ما
تكون وأجرأ في ذلك الحين .
[85]العماية : ظلمة الغبار. الوشيج : الرماح .
[86]خيول العزق : صعبة الإنقياد لتعبها.


[87] نعنق : نسرع .
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:55 PM.