اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-10-2013, 11:00 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New جوانب من حيطته وحذره صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد



الحمد لله ربِّ العالَمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسَلين، نبيِّنا محمَّد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعدُ:

فإنَّ غزوة أحد مليئة بالدروس والعِظات والعِبر، التي يمكن أن يدركها القارئُ لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وقد أحببتُ أن أجلي درسًا عظيمًا في هذه الغزوة، هذا الدرس هو: "الحيطة والحذر اللَّذان كان يتَّصف بهما صلى الله عليه وسلم".

وسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما يقرؤها المسلمُ يجدها مليئةً بهذا الجانب؛ ولكن سنقتصر على ما هو موجودٌ في غزوة أحد؛ ومن هذه الجوانب ما يلي:

1- الاستعداد والتأهُّب لمواجهة الجيش القادم:

ذكر المؤرِّخون أنَّ سبب هذه الغزوة ما حَصَل لقُريش من هزيمة في بدر، وأنَّ قُريشًا كانت تجيش فيها نزعاتُ الانتقام وأخْذ الثأر، فقرَّرت أن تقوم بحرب شاملة ضدَّ المسلمين، تَشفي غيظَها، وتروي غلَّة حِقدها.

"فلمَّا تحرَّك جيش المشركين من مكَّة متجهًا إلى المدينة، أرسل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه رسالةً يخبر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بخبر هذا الجيش، فظلَّتِ المدينة في حالة من الاستنفار العام، فكان الرِّجال لا يفارقون حملَ السِّلاح، حتَّى وهُم في الصلاة. وكانت مفرزة من الأنصار -فيهم سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسعد بن عبادة- يحرسون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يَبيتون على بابه، وعليهم السلاح رضي الله عنهم".

"وكلفت مفرزات تحرس مداخلَ المدينة وأنقابَها؛ خوفًا من أن يؤخذوا على غِرَّة، كما أنَّ هناك دورياتٍ من المسلمين كان دورها اكتشافَ تحرُّكات العدو، فكانت تتجوَّل حول طرق المدينة التي يحتمل أن يسلكها المشركون للإغارة على المسلمين" (انظر المغازي للواقدي [204-1/209]، وعيون الأثر [1/412]).

2- استشارته صلى الله عليه وسلم لأصحابه وخطَّة الدفع التي كان يراها:

"لَمَّا وصل جيش المشركين قريبًا من أُحد في مكان يُقال له: عينين، وعسكر بجنوده هناك، عقد النبي صلى الله عليه وسلم مجلسًا استشاريًّا عسكريًّا؛ لسماع آراء المسلمين، وكان رأيه صلى الله عليه وسلم ألاَّ يخرجوا من المدينة، وأن يتحصَّنوا بها، فإن أقام المشركون بمعسكرهم أقاموا بشرِّ مقام، وبغير جدوى، وإن دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزِقَّة والنِّساء من فوق البيوت، وكان هذا هو الرأي الأفضل. ولكنَّ جماعة من فُضلاء الصحابة ممَّن فاته يوم بدر، وممَّن يريدون الشهادة في سبيل الله، أشاروا على النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج للقاء العدو، وألحوا عليه في ذلك، وقالوا: "اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يَروْن أنَّا جَبُنَّا عنهم وضعُفنا"، وكانوا هم الأغلبية، فاستقرَّ الرأي على الخروج من المدينة" (دلائل النبوة للبيهقي [3/226]، وسيرة ابن هشام [2/63]، والسيرة النبوية لابن كثير [3/26]).

3- لبس الدرعين والتدجج بالسلاح:

"صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالناس يوم الجُمُعة، وحضَّهم على الجد والاجتهاد، وأخبرهم بالنصر بما صبروا، وأمرهم بالتهيُّؤ للعدو، ثم صلَّى بهم العصر، وقد حشدوا، وحضر أهل العوالي -سكَّان أعلى المدينة-، ثم دخل بيته، ومعه أبو بكر وعمر، فعمَّماه وألبساه، فتدجج بسلاحه وظاهَرَ بين درعين -أي: لبس درعًا فوق درع-، وتقلَّد السيف، ثم خرج على الناس" (عيون الأثر [1/412]).

فلمَّا خرج قال له الذين ألحُّوا عليه بالخروج: يا رسول الله، ما كان لنا أن نخالفَك، فاصنع ما شئت، إن أحببتَ أن تمكث بالمدينة فافعلْ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ينبغي لنبيٍّ إذا لبس لأْمَتَه وهي الدرع أن يضعَها حتى يحكمَ الله بينه وبين عدوِّه» (المستدرك [2/141]، وسنن البيهقي الكبرى [2/452]).

4- رد الصغار الذين لا يطيقون القتال من بين الجيش:

"عندما وصل الجيش إلى مكان يُقال له: (الشيخان)، استعرض الجيش وردَّ الذين لا يُطيقون القتال من الصِّغار، وكان منهم عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، وأسامة بن زيد، وأسيد بن ظُهَير، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وعرابة بن أوس، وعمرو بن حزم، وأبو سعيد الخدري، وزيد بن حارثة الأنصاري، وسعد بن حبتة. وأجاز رافعَ بن خديج، وسمرة بن جندب على صِغر سنهما، وذلك: أنَّ رافع بن خديج كان ماهرًا في رِماية النبل، وسمرة كان أقوى من رافع؛ لأنَّهما تصارعا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فصرع سَمُرةُ رافعًا، فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم" (المغازي للواقدي [1/215]، وعيون الأثر [410/1-411]، وزاد المعاد [3/172]، وسبل الهدى والرشاد [4/187]).

5- اختيار خمسين رجلاً لحراسة المعسكر:

"لَمَّا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم المساء في المكان الذي استعرض فيه الجيش، بات هناك، واختار خمسين رجلاً لحراسة المعسكر، وجعل قائدَهم محمَّدَ بن سلمة، وكان هؤلاء يتجوَّلون حولَ المعسكر. وتولَّى ذكوان بن عبد قيس حراسةَ النبي صلى الله عليه وسلم كل هذا حيطةً وحذرًا منه صلى الله عليه وسلم على الجيش أن يُصاب بمكروه" (الرحيق المختوم [ص:253]).

6- سلوك طريق تخرج على القوم من كثب دون المرور بهم:

"كان جيش المشركين يحول بين جيش المسلمين وبينَ أُحد في مناطقَ كثيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن رَجلٌ يخرج بنا على القوم مِن كثب -أي: من قريب- من طريق لا يمرُّ بنا عليهم؟»، فقال أبو خيثمة: أنا يا رسول الله، ثم اختار طريقًا قصيرًا إلى أُحد يمرُّ بحرَّة بني حارثة وبمزارعهم، تاركًا جيشَ المشركين إلى الغرب، ونفذ الجيش الإسلاميُّ، حتى نزل من جبل أُحد في عُدوة الوادي" (سيرة ابن هشام [2/ 64]).

7- اختياره موضعًا مرتفعًا لمعسكره:

"لَمَّا نزل من جبل أُحد وصل إلى عُدوة الوادي، فعسكر النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه مستقبِلاً المدينة، وجعل ظهرَه إلى هضاب جبل أُحد، فصار جيشُ العدوِّ فاصلاً بين المسلمين وبين المدينة، وقد كان لهذا الترتيب فائدةٌ عظيمة، وهي حماية ظهر الجيش" (سيرة ابن هشام [2/65]، والسيرة النبوية لابن كثير [3/29]).

8- اختيار خمسين من الرُّماة الماهرين، وجعلهم على جبل صغير:

"عبَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيش وهيَّأه للقتال، وانتخب من الجيش خمسين من الرُّماة الماهرين، وأعطى قيادتَهم لعبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري، وأمرهم بالتمركُّز على جبل يقع على الضِّفة الجنوبيَّة من وادي قناة جنوب شرق المعسكر، على بعد حوالي مائة وخمسين مترًا من مقرِّ الجيش الإسلامي، عُرِفَ هذا الجبل بعد ذلك بجبل الرُّماة" (سيرة ابن هشام [2/65]، ومختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم [ص:274]).

9- وصاياه للرماة ألا يغادروا أماكنهم:

أوْصى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرُّماةَ بعدَّة وصايا، وذلك تأكيدًا عليهم بألا يُغادروا أماكنَهم، فقال لقائد الرُّماة: «انضح عنَّا الخيل بالنبل، لا يأتوننا مِن خلفنا، إن كانت لنا أو علينا، فاثبت مكانَك لا نؤتين مِن قِبَلك» (سيرة ابن هشام [2/65]).

وقال للرُّماة: «احموا ظهورَنا، فإن رأيتمونا ن***، فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا، فلا تشركونا» (رواه أحمد [2609]، والحاكم في المستدرك [2/324]، والطبراني في المعجم الكبير [10/301]، وحسَّن إسنادَه شعيبٌ الأرناؤوط)، وقال: «إن رأيتمونا تخطَّفَنا الطير، فلا تبرحوا مكانَكم هذا، حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هَزمْنا القوم وأوطأناهم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم» (رواه البخاري رقم [2874]).

فكان هذا التأكيدُ منه صلى الله عليه وسلم على الرُّماة، وهذا التحذير لهم بألا يبرحوا أماكنَهم مهما كانتِ النتيجة؛ حيطةً وحذرًا من أن تقومَ خيولُ المشركين بالالتفاف خلفَ الجيش الإسلامي وتطوقه، وبعد أن تَرَك الرُّماةُ أماكنَهم، حَصَل ما كان يحذرُه صلى الله عليه وسلم.

10- إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن مالك أن يصمت:

بعد عملية التطويق التي حلَّت بالجيش الإسلامي؛ "استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يشقَّ طريقًا إلى جيشه، فلمَّا وصل إليهم رآه كعبُ بن مالك فنادى بأعلى صوته: يا معشرَ المسلمين، أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه أن اصمت؛ وذلك لئلاَّ يَعرِف موضعَه المشركون؛ وقد كان أُشيع في أوساطهم أنَّه قد قُتل" (ابن هشام [2/83]).

11- خطَّة الانسحاب المنظم:

"بعد أن وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جيشه المطوق تجمَّع حولَ النبي صلى الله عليه وسلم جماعةٌ من الصحابة؛ فيهم أبو بكر وعمر وعلي، وطلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام والحارث بن الصمة، ورهط من المسلمين" (انظر: دلائل النبوة للبيهقي [3/237]، وسبل الهدى والرشاد [4/208])، "فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بعملية الانسحاب المنظَّم إلى شعب الجبل، فشقَّ طريقًا بين المشركين المهاجمين لبقية الجيش، حتى ينسحبوا إلى الجبل، ويتخلَّصوا من عملية التطويق التي حلَّت بهم، وبهذه الطريقة انسحب الجيشُ، وفشلت عملية التطويق التي كان يُراد منها القضاءُ على ذلك الجيش" (انظر: الرحيق المختوم [ص:243]).

12- منع الصحابة من إجابة أبي سفيان:

"لَمَّا انتهتِ المعركة، وأخذ جيشُ المشركين في التهيُّؤ للانصراف، أشرف أبو سفيان على الجبل، فنادى: أفيكم محمَّد؟ فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يُجيبوه، فقال: أفيكم عمر بن الخطَّاب؟ فلم يجيبوه.

ولم يسألْ إلاَّ عن هؤلاء الثلاثة؛ لعلمِه، وعِلم قومه أنَّ قِوام الإسلام بهم.

فقال: أمَّا هؤلاء فقد كفيتموهم.

فلم يملك عمر نفسَه أن قال: يا عدوَّ الله، إنَّ الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقى الله لك ما يسوءك.

فقال: قد كان في القوم مثلة، لم آمر بها ولم تسؤني.

ثم قال: اعلُ هُبل.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألاَ تجيبونه؟» فقالوا: ما نقول؟ قال: «قولوا: الله أعلى وأجلُّ».

ثم قال: لنا العُزَّى، ولا عزَّى لكم.

قال: «ألا تجيبونه؟» قالوا: ما نقول؟ قال: «قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم».

فأمرهم بجوابه عند افتخاره بآلهته وبشِرْكه؛ تعظيمًا للتوحيد، وإعلامًا بعزَّة مَن عبده المسلمون، وقوَّة جانبه، وأنَّه لا يُغلب، ونحن حِزبُه وجنده، ولم يأمرْهم بإجابته حين قال: أفيكم محمد؟ أفيكم ابن أبي قحافة؟ أفيكم عمر؟ بل قد روي أنَّه نهاهم عن إجابته، وقال: «لا تجيبوه»؛ لأنَّ كَلْمَهم لم يكن بَرِدَ بعدُ في طلب القوم، ونار غيظهم بعدُ متوقِّدة، فلمَّا قال لأصحابه: أمَّا هؤلاء فقد كفيتموهم، حمي عمر بن الخطَّاب واشتدَّ غضبه، وقال: كذبت يا عدوَّ الله، فكان في هذا الإعلام من الإذلال والشجاعة، وعدم الجُبن والتعرُّف إلى العدوِّ -في تلك الحال- ما يؤذنهم بقوَّة القوم وبسالتهم، وأنَهم لم يَهِنوا ولم يَضعُفوا، وأنَّه وقومَه جديرون بعدم الخوف منهم، وقد أبقى الله لهم ما يسوءهم منهم، وكان في الإعلام ببقاء هؤلاء الثلاثة وهلةٌ بعد ظنِّه وظن قومه أنَّهم قد أُصيبوا من المصلحة، وغيظِ العدوِّ وحزبه، والفَتِّ في عضده، ما ليس في جوابه حين سأل عنهم واحدًا واحدًا، فكان سؤالُه عنهم ونعيهم لقومه آخرَ سهام العدوِّ وكيده، فصبر له النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوفى كيدَه، ثم انتدب له عمر، فردَّ سِهام كيده عليه، وكان ترك الجواب أوَّلاً عليه أحسن، وذِكْره ثانيًا أحسن" (انظر زاد المعاد [201/3-202]).

13- التثبت من موقف المشركين:

قال ابن إسحاق: "ولمَّا انصرف أبو سفيان ومَن معه نادى: إنَّ موعدكم بدر للعام القابل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه قل: «نعم، هو بيننا وبينكم موعد». ثم بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، فقال: «اخرج في آثار القوم، فانظر ماذا يصنعون، وما يُريدون، فإن كانوا قد جنَّبوا الخيل وامتطوا الإبل، فإنَّهم يُريدون مكَّة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل، فإنَّهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنَّ إليهم فيها، ثم لأناجزنهم». قال علي: فخرجتُ في آثارهم أنظر ماذا يصنعون، فجنَّبوا الخيل وامتطوا الإبل، ووجهوا إلى مكَّة" (سيرة ابن هشام [2/94]).

14- حالة الطوارئ بعد الرجوع:

"رجع المسلمون إلى المدينة، وباتوا ليلة الأحد الثامن من شهر شوال سنة 3 هـ، وهم في حالة الطوارئ، باتوا وقد أنهكهم التَّعبُ، ونال منهم أيَّ منال، يحرسون أنقابَ المدينة ومداخلها، ويحرسون قائدَهم الأعلى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خاصَّة، إذ كانت تتلاحقهم الشُّبهات من كل جانب" (انظر الرحيق المختوم [ص:284]).

15- غزوة حمراء الأسد:

بات الرسول صلى الله عليه وسلم يفكِّر في الموقف، فقد كان يخاف أنَّ المشركين إن فكَّروا في أنَّهم لم يستفيدوا شيئًا من النصر والغلبة التي كسبوها في ساحة القِتال، فلا بدَّ من أن يندموا على ذلك، ويرجعوا من الطريق لغزو المدينة مرَّة ثانية، فصمَّم على أن يقوم بعملية مطاردة للجيش المكِّي.

قال ابن كثير: "ولَمَّا أصبح يوم الأحد، ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى النُّهوض في طلب العدوِّ؛ إرهابًا لهم، وهذه غزوة حمراء الأسد، وأمر ألاَّ يخرج معه إلاَّ مَن حضر أحدًا، فلم يخرج إلاَّ مَن شهد أحدًا، سوى جابر بن عبد الله؛ فإنَّه كان أبوه استخلفه في مهمَّاته، فقُتل أبوه يوم أحد، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى حمراء الأسد، فأذن له".

"فنهض المسلمون كما أمرهم صلى الله عليه وسلم وهم مُثْقلون بالجراح، حتى بلغ حمراءَ الأسد، وهي على ثمانية أميال من المدينة، فذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:172]" (الفصول في سيرة الرسول [ص:44]).

"ولم يكن ما توقَّعه الرسول صلى الله عليه وسلم من عودة المشركين إلاَّ حقًّا، فإنهم لما نزلوا بالرَّوْحاء على بعد ستة وثلاثين ميلاً من المدينة تلاوموا فيما بينهم، قال بعضُهم لبعض: لم تصنعوا شيئًا، أصبتم شوكتَهم وحدهم، ثم تركتموهم، وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم، فارجعوا حتى نستأصلَ شأفتهم" (انظر زاد المعاد [3/216]).

"وخالفهم صفوان بن أُمية قائلاً: يا قوم، لا تفعلوا، فإنِّي أخاف أن يجمع عليكم من تخلَّف من الخروج -أي: من المسلمين في غزوة أحد- فارجعوا والدولة لكم، فإنِّي لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولةُ عليكم" (انظر المغازي للواقدي [1/335]، وسبل الهدى والرشاد [4/308]).

"فرفض الأغلبية رأيَ صفوان، وأجمع جيش مكَّة على المسير نحوَ المدينة، وقبل أن يتحرَّك أبو سفيان بجيشه رأى معبد بن أبي معبد الخزاعي، فقال: ما وراءَك يا معبد؟ فقال معبد: محمَّد قد خرج في أصحابه، يطلبكم في جمع لم أرَى مثله قطُّ، يتحرَّقون عليكم تحرُّقًا، قد اجتمع معه من كان تخلَّف عنه في يومكم، وندموا على ما ضيَّعوا، فيهم من الحنق عليكم شيء لم أرى مثله قطُّ. قال أبو سفيان: ويحَك، ما تقول؟! قال: والله، ما أرى أن ترتحل، حتى ترى نواصي الخيل، أو حتى يطلع أوَّل الجيش من وراء هذه الأكمة. فقال أبو سفيان: والله، لقد أجمعنا الكرَّة عليهم لنستأصلَهم. قال: فلا تفعل" (انظر: سيرة ابن هشام [2/102]، والسيرة النبوية لابن كثير [3/99]).

"وحينئذٍ انهارتْ عزائمُ الجيش المكِّي وأخذه الفزع والرُّعب، فلم يرى العافية إلاَّ في مواصلة الانسحاب والرُّجوع إلى مكة. ومرَّ بأبي سفيان ركبٌ من عبد القيس يريد المدينة، فقال: هل أنتم مبلِّغون عنِّي محمَّدًا رسالة، وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيبًا بعكاظ إذا أتيتم إلى مكَّة؟ قالوا: نعم. قال: فأبلغوا محمَّدًا أنا قد أجمعنا الكرَّة لنستأصله ونستأصل أصحابه. فمرَّ الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال: «حسبنا الله ونِعمَ الوكيل». وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد بعد مقدمه يومَ الأحد، الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة" (سيرة ابن هشام [2/103]).

16- إعدام أبي عزَّة الجمحي ومعاوية بن المغيرة:

روى البيهقي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنَّه قال: "كان من الممنون عليهم بلا فِدية يوم بدر أبو عزَّة الجمحي، تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبناته، وأخذ عليه عهدًا ألاَّ يقاتله، فأخفرَه وقاتله يوم أحد، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألاَّ يفلت، فما أُسِر من المشركين رجلٌ غيره، فقال: يا محمَّد، امنن علي ودعني لبناتي، وأعطيك عهدًا ألاَّ أعود إلى قتالك".

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمسح على عارضيك بمكَّة، وتقول: قد خدعتُ محمَّدًا مرَّتين»، فأمر به فضُرِبت عنقُه (سنن البيهقي الكبرى [9/65]).

"أمَّا معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، فإنه لَمَّا رجع المشركون يوم أحد جاء إلى ابن عمه عثمان بن عفان رضي الله عنه فاستأمن له عثمانُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأمنه على أنَّه إن وجد بعد ثلاث ***ه، فلمَّا خلت المدينة من الجيش الإسلامي أقام فيها أكثرَ من ثلاث يتجسَّس لحساب قريش، فلمَّا رجع الجيش خرج معاوية هاربًا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدَ بن حارثة وعمَّار بن ياسر، فتعقَّباه حتى ***اه" (انظر: سيرة ابن هشام [2/104]، وعيون الأثر [2/6]).

تلك المواقف والتدبيرات البارزة التي تجلَّت في تلك الغزوة تدلُّ دلالةً واضحة على ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الحَيْطة والحذر والتيقُّظ ممَّا يدور حولَه، وما يدبِّر له أعداؤه، فكان يعدُّ لكلِّ حادثة ما يناسبها، فهل يأخذ المسلمون هذا الدرسَ، ويتفطَّنون لِمَا يُحاك ضدَّهم من مؤامرات، ويكونون على يقظةٍ تامَّة بما يُريده أعداؤهم منهم.

نسأل الله أن يُفقِّهَنا في دينه، ويجعلنا مِن أنصاره وحِزبه، والحمد لله ربِّ العالمين.


منصور صالح حسين الجادعي

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-10-2013, 11:04 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New مواقف وحِكَم في غزوة أحد

غزوة أُحُد معركة اجتمع فيها النصر والهزيمة، وقد انكشفت المعركة عن م*** سبعين صحابيّاً وجرح العديد منهم، وانصرف المشركون مكتفين بالذي حقّقوه، وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الانسحاب بالبقية من أصحابه، حتى انتهى بهم إلى الشِّعب الذي قد نزل فيه في أول القتال، وقد يئس المشركون من إنهاء المعركة بنصر حاسم، وتعبوا من طولها ومن ثبات المسلمين رغم جراحاتهم الأليمة، فكفوا عن القتال، وانتهزها أبو سفيان فرصة ليولي الأدبار خائفا أن تكون الجولة الثالثة للمسلمين كما كانت لهم الجولة الأولى في بداية المعركة، إلا أنه وقف يشمت بالمسلمين ويفخر بآلهتهم .

عن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال: ( .. وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لا تجيبوه، قال: أفي القوم ابن أبي قُحافةَ ؟، فقال: لا تجيبوه، قال: أفي القوم ابن الخطاب؟، فقال: إن هؤلاء قُتِلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يملك عمر نفسه فقال : كذبتَ يا عدوَّ الله، أبْقَى الله لك ما يُحزنك، قال أبو سفيان: أُعْلُ هُبَل؟، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم – أجيبوهُ، قالوا: ما نقول ؟، قال : قولوا: الله أعلى وأجَلُّ، قال أبو سفيان: لنا العُزَّى، ولا عُزّى لكم، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أجيبوه، قالوا : ما نقول؟، قال: قولوا: الله مولانا ولا مولَى لكم، قال أبو سفيان: يوم بيومِ بدر، والحربُ سِجال ، وتجدون مُثْلة، لم آمُرْ بها ولم تَسُؤْني ) رواه البخاري .
قال ابن حجر : " وفي هذا الحديث من الفوائد: منزلة أبي بكر وعمر من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخصوصيتهما به، بحيث كان أعداؤه لا يعرفون بذلك غيرهما، إذ لم يسأل أبو سفيان عن غيرهما " .
وقال ابن القيم في كتابه " زاد المعاد " : " فأمرهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بجوابه عند افتخاره بآلهته وبشركه، تعظيماً للتوحيد، وإعلاماً بعزة إله المسلمين، وقوة جانبه، وأنه لا يُغْلَب، ولم يأمرهم بإجابته حين قال : أفيكم محمد؟ ، أفيكم ابن أبي قحافة؟،أفيكم عمر؟، ثم قال: " وبكل حال فلا أحسن من ترك إجابته أولاً، ولا أحسن من إجابته ثانياً " .

لما رجع المشركون ولم ي***وا ما أرادوا من المسلمين، ولكنهم أصابوا منهم ما أصابوا لحكمة يريدها الله، عاد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتفقد أصحابه، ويخفف ما نزل بهم، ويملأ نفوسهم إيمانا وطمأنينة، ورضا عن الله واستكانة لقضائه، فصفَّ المسلمين خلفه، ثم رفع يديه يثني على ربه ويدعوه، فاستووا وراءه صفوفا حامدين شاكرين، فزادتهم المحنة إيمانا وتسليما، وإذعانا وتفويضا، فما ارتابوا وما ضعفوا ولا استكانوا .
عن رفاعة بن رافع ـ رضي الله عنه ـ قال: ( لما كان يوم أحد، وانكفأ المشركون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: استووا حتى أثني على ربي - عز وجل ـ، فصاروا خلفه صفوفًا فقال: اللهم لك الحمد كلُّه، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لما هديت، ولا معطى لما منعت، ولا مانع لما أعطيت ولا مُقرِّب لما بعدت، ولا مُبْعِد لما قرَّبت، اللهم ابسط علينا من فضلك ورحمتك وبركتك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينهُ في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسُلك ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك إله الحق، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب، إله الحق ) رواه أحمد .

ثم قام - صلى الله عليه وسلم - يجمع الشهداء، وحمل نفرٌ من المسلمين شهداءَهم ليدفنوهم بالمدينة في مقابر أهلهم، فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( ادفنوا الشهداء في مضاجعهم ) رواه النسائي .
وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يُدفن الشهداء في ثيابهم ودمائهم، ولم يُغسِّلهم ولم يُصَلِّ عليهم، وكان ربما جمع الشهيدين والثلاثة في قبر واحد، وتكريما لأهل القرآن كان يسألهم قائلا: ( أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟، فإذا أُشير إلى أحدٍ منهم قدمه في اللحد على أصحابه ) رواه البخاري .
ولما فرغ ـ صلى الله عليه وسلم ـ من دفنهم قام ينظر إليهم، ويشهد لهم بقوله: ( أنا شهيدٌ على هؤلاء، ما من جريح جُرحَ جرحاً في سبيل الله إلا أتى يوم القيامة يدمي جرحه، اللون لون الدم والريح ريح المسك ) .

ثم عاد النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر النهار من يوم السبت السادس من شوال، من السنة الثالثة للهجرة، فلما بات ليلة الأحد خاف - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع العدو إلى المدينة مرة أخرى، فانتدب سبعين من أصحابه يخرجون في إثر العدو، عن عائشة - رضي الله عنها – أنها: ( قرأت قول الله تعالى: { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ }(آل عمران: 172)، فقالت لعروة ابن أختها: يا ابن أختي كان أبوك منهم الزبير وأبو بكر، لما أصاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما أصاب يوم أحد فانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا، فانتدب منهم سبعين رجلاً كان فيهم الزبير وأبو بكر ) رواه البخاري .

ولما انتهى أبو سفيان إلى مكان بعيد عن المدينة لقيه رجلٌ فقال: هل أنت مُبلِّغ عني محمداً ولك كذا وكذا؟، قال: نعم فقال: أخبر محمداً أنا راجعون إليهم لنستأصل بقيتهم، ونسبي نساءهم وذراريهم، فلما بلغ الخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، قالوا: " حسبنا الله ونعم الوكيل " .
قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما ـ: ( حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم - عليه السلام - حين ألقي في النار، وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم ـ حين قالوا: { إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }(آل عمران: من الآية173) ) رواه البخاري .

فوائد وحِكم :

مع ما في غزوة أحد مِن آلام وجراح، وشهداء وجرحى، إلا أن فيها من الفوائد والحِكم الكثير ..
قال ابن حجر: " قال العلماء: وكان في قصة أحد وما أصيب به المسلمون فيها من الفوائد والحكم الربانية أشياء عظيمة منها :
تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية، وشؤم ارتكاب النهي، لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي أمرهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألا يبرحوا منه .
ومنها: أن عادة الرسل أن تبتلى وتكون لها العاقبة، والحكمة في ذلك أنهم لو انتصروا دائما دخل في المؤمنين من ليس منهم، ولم يتميز الصادق من غيره، ولو انكسروا دائما لم يحصل المقصود من البعثة، فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين لتمييز الصادق من الكاذب، وذلك أن نفاق المنافقين كان مخفيا عن المسلمين، فلما جرت هذه القصة، وأظهر أهل النفاق ما أظهروه من الفعل والقول عاد التلويح تصريحا، وعرف المسلمون أن لهم عدوا في دورهم، فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم .
ومنها: أن في تأخير النصر في بعض المواطن هضما للنفس، وكسرا لشماختها، فلما ابتلى المؤمنون صبروا، وجزع المنافقون .
ومنها: أن الله هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لا تبلغها أعمالهم، فقيض لهم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها .
ومنها: أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقها إليهم .
ومنها: أنه أراد إهلاك أعدائه، فقيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه، فمحص بذلك ذنوب المؤمنين، ومحق بذلك الكافرين " .

لقد جرت سنة الله ـ عز وجل ـ في رسله وأتباعهم أن تكون الحرب سجالاً بينهم وبين أعدائهم، ثم تكون لهم العاقبة في النهاية، قال الله تعالى: { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }(الأعراف: من الآية128)، ولئن انتصر الباطل يوماً وكان له صولات وجولات، فالعاقبة دائما للمتقين، فما أحرى أمتنا الإسلامية ـ أفرادا ومجتمعات ـ أن تتأمل مواقف هذه الغزوة وغيرها من غزوات وأحداث في سيرة وحياة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتستفيد من دروسها وحِكمِها ..
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:57 PM.