|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1381
|
||||
|
||||
موقف المسلم من سماع النَّمِيمَة
عندما نسمع أحدًا يتكلم في أعراض الناس، وينمُّ عليهم فيجب علينا نصحه وزجره عن ذلك، فإن لم ينته فعلينا عدم الجلوس معه؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68]. وقول النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) . (ثم احذر النَّمِيمَة وسماعها، وذلك أنَّ الأشرار يدخلون بين الأخيار في صورة النصحاء فيوهمونهم النصيحة، وينقلون إليهم في عرض الأحاديث اللذيذة أخبار أصدقائهم محرَّفة مموَّهة، حتى إذا تجاسروا عليهم بالحديث المختلق يصرحون لهم، بما يفسد مودَّاتهم ويشوه وجوه أصدقائهم، إلى أن يبغض بعضهم بعضًا) . |
#1382
|
||||
|
||||
ماذا يفعل من حملت إليه النَّمِيمَة؟
قال الغزالي: (كل من حملت إليه النَّمِيمَة وقيل له: إنَّ فلانًا قال فيك كذا وكذا، أو فعل في حقك كذا، أو هو يدبر في إفساد أمرك، أو في ممالاة عدوك أو تقبيح حالك، أو ما يجري مجراه؛ فعليه ستة أمور: الأوَّل: أن لا يصدقه؛ لأنَّ النَّمام فاسق، وهو مردود الشهادة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ [الحجرات: 6]. الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصح له، ويقبح عليه فعله، قال الله تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ [لقمان: 17] الثالث: أن يبغضه في الله تعالى، فإنَّه بغيض عند الله تعالى، ويجب بغض من يبغضه الله تعالى. الرابع: أن لا تظنَّ بأخيك الغائب السوء، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ [الحجرات: 12]. الخامس: أن لا يحملك ما حكي لك على التجسس والبحث لتحقق اتباعًا لقول الله تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات: 12]. السادس: أن لا ترضى لنفسك ما نهيت النَّمام عنه ولا تحكي نميمته؛ فتقول: فلان قد حكى لي كذا وكذا، فتكون به نمَّامًا ومغتابًا، وقد تكون قد أتيت ما عنه نهيت) . (جاء رجل إلى علي بن الحسين رضي الله عنهما فنمَّ له عن شخص، فقال: اذهب بنا إليه، فذهب معه، وهو يرى أنه ينتصر لنفسه، فلما وصل إليه قال: يا أخي، إن كان ما قلت فيَّ حقًّا يغفر الله لي، وإن كان ما قلتَ فيَّ باطلًا يغفر الله لك) . |
#1383
|
||||
|
||||
قصَّة نمَّام
قال حماد بن سلمة: باع رجل عبدًا، وقال للمشتري: ما فيه عيب إلا النَّمِيمَة. قال: رضيت. فاشتراه، فمكث الغلام أيَّامًا، ثم قال لزوجة مولاه: إنَّ سيدي لا يحبك، وهو يريد أن يتسرى عليك، فخذي الموسى واحلقي من شعر قفاه عند نومه شعرات، حتى أسحره عليها فيحبَّك. ثم قال للزَّوج: إنَّ امرأتك اتخذت خليلًا، وتريد أن ت***ك، فتناوم لها حتى تعرف ذلك. فتناوم لها، فجاءت المرأة بالموسى، فظن أنَّها تريد ***ه، فقام إليها ف***ها، فجاء أهل المرأة ف***وا الزَّوج، ووقع القتال بين القبيلتين . |
#1384
|
||||
|
||||
النَّمِيمَة ت*** صاحبها
كان رجل يغشي بعض الملوك، فيقوم بحذاء الملك، ويقول: أحسن إلى المحسن بإحسانه، والمسيء ستكفيه مساوئه، فحسده رجل على ذلك المقام والكلام، فسعى به إلى الملك، فقال: إن هذا الذي يقوم بحذائك، ويقول ما يقول يزعم أن الملك أبخر . فقال له الملك: وكيف يصحُّ ذلك عندي؟ قال: تدعو به إليك، فإذا دنا منك وضع يده على أنفه؛ لئلا يشمَّ ريح البخر. فقال له الملك: انصرف حتى أنظر، فخرج من عند الملك، فدعا الرجل إلى منزله، فأطعمه طعامًا فيه ثوم، فخرج الرجل من عنده، وقام بحذاء الملك، فقال: أحسن إلى المحسن بإحسانه، والمسيء ستكفيه مساوئه. فقال له الملك: ادن مني، فدنا منه، فوضع يده على فيه، مخافة أن يشتمَّ الملك منه ريح الثوم. فقال الملك في نفسه: ما أرى فلانًا إلا وقد صدق، وكان الملك لا يكتب بخطه إلا جائزة أو صلة، فكتب له كتابًا بخطه إلى عامل من عماله: إذا أتاك حامل كتابي هذا، فا***ه، واسلخه، واحش جلده تبنًا، وابعث به إليَّ. فأخذ الرجل الكتاب، وخرج، فلقيه الرجل الذي سعى به، فقال: ما هذا الكتاب؟ قال: خط الملك لي بصلة، فقال: هبه لي. فقال: هو لك، فأخذه، ومضى إلى العامل، فقال العامل: في كتابك: أن أ***ك، وأسلخك، قال: إنَّ الكتاب ليس هو لي، الله الله في أمري حتى أرجع إلى الملك، فقال: ليس لكتاب الملك مراجعة. ف***ه، وسلخه، وحشا جلده تبنًا، وبعث به، ثم عاد الرجل إلى الملك كعادته، وقال مثل قوله، فعجب الملك وقال: ما فعل الكتاب؟ قال: لقيني فلان، فاستوهبني إيَّاه، فوهبته له، فقال الملك: إنَّه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر. قال: ما فعلت، قال: فلم وضعت يدك على فيك؟ قال: كان أطعمني طعامًا فيه ثوم، فكرهت أن تشمه. قال: صدقت، ارجع إلى مكانك، فقد كفاك المسيء مساوئه . |
#1385
|
||||
|
||||
خدمٌ في بريد الشيطان سعى رجل بزياد الأعجم إلى سليمان بن عبد الملك، فجمع بينهما للموافقة، فأقبل زياد على الرجل وقال: فأنت امرؤ إما ائتمنتك خاليًا --- فخنت وإما قلت قولًا بلا علم فأنت من الأمر الذي كان بيننا --- بمنزلة بين الخيانة والإثم وقال رجل لعمرو بن عبيد: إن الأسواري ما يزال يذكرك في قصصه بشرٍّ. فقال له عمرو: يا هذا، ما رعيت حق مجالسة الرجل، حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أدَّيت حقِّي، حين أعلمتني عن أخي ما أكره، ولكن أعلمه أنَّ الموت يعمُّنا، والقبر يضمُّنا، والقيامة تجمعنا، والله تعالى يحكم بيننا، وهو خير الحاكمين.
ورفع بعض السعاة إلى الصاحب بن عبَّاد رقعة نبَّه فيها على مال يتيم يحمله على أخذه لكثرته، فوقع على ظهرها: السعاية قبيحة، وإن كانت صحيحة، فإن كنت أجريتها مجرى النصح، فخسرانك فيها أفضل من الربح، ومعاذ الله أن نقبل مهتوكًا في مستور، ولولا أنَّك في خفارة شيبتك، لقابلناك بما يقتضيه فعلك في مثلك، فتوق يا ملعون العيب، فإنَّ الله أعلم بالغيب، الميِّت رحمه الله، واليتيم جبره الله، والمال ثمره الله، والساعي لعنه الله . وصيَّة: (قال لقمان لابنه يا بني، أوصيك بخلال، إن تمسكت بهن لم تزل سيدًا، ابسط خلقك للقريب والبعيد، وأمسك جهلك عن الكريم واللئيم، واحفظ إخوانك، وصل أقاربك، وآمنهم من قبول قول ساع، أو سماع باغ، يريد فسادك، ويروم خداعك، وليكن إخوانك من إذا فارقتهم وفارقوك، لم تعبهم ولم يعيبوك) . فائدة: قال بعض العلماء: (يُفسدُ النَّمَّام في ساعة ما لا يفسد الساحر في شهر، ولترغيب الشارع في الإصلاح بين الناس أباح الكذب فيه، ولزجره على الإفساد حرم الصدق فيه) . |
#1386
|
||||
|
||||
حكم وأمثال في النَّمِيمَة
- النَّمِيمَة أرثة العداوة الأرثة والإراث: اسم لما تؤرث به النَّار، أي: النَّميمة وقود نار العداوة - (وقيل في منثور الحكم: النَّمِيمَة سيفٌ قاتلٌ. - وقال بعض الأدباء: لم يمش ماشٍ شرٌّ من واشٍ. - وقال بعض الحكماء: السَّاعي بين منزلتين قبيحتين: إمَّا أن يكون صدق فقد خان الأمانة، وإمَّا أن يكون قد كذب فخالف المروءة. - وقال بعض الحكماء: الصِّدق يزيِّن كلِّ أحدٍ إلَّا السَّعاة، فإنَّ السَّاعي أذمُّ وآثم ما يكون إذا صدق) . |
#1387
|
||||
|
||||
ذم النَّمِيمَة في واحة الشعر قال أحد الشعراء: تنحَّ عن النَّمِيمَةِ واجتنبْها --- فإنَّ النمَّ يحبطُ كلَّ أجـرِ يثيرُ أخو النَّمِيمَةِ كلَّ شرٍّ --- ويكشفُ للخلائقِ كلَّ سرِّ وي***ُ نفسَه وسواه ظلمًا --- وليس النَّمُّ مِن أفعالِ حُرِّ ولقد أحسن من قال: عجبتُ لواشٍ ظلَّ يكشفُ أمرَنا --- وما بسوى أخبارِنا يتنفسُ وماذا عليه من عنائي ولوعتي --- أنا آكلُ الرمانَ والوُلدُ تضرسُ ورحم الله من قال: وفي النَّاس من يغري الورَى بلسانِه --- وبين البرايا للنَّميمةِ يحملُ يرى أنَّ في حملِ النَّمِيمَةِ مكسبًا --- تراه بها بين الورَى يتأكَّلُ وقال آخر: ويحرمُ بهتٌ واغتيابٌ نميمةٌ --- وإفشاءُ سرٍّ ثم لعنٌ مقيد وقال آخر: لا تقبلـنَّ نميمـةً بُلِّغتَهـا --- وتحفَظَّنَّ مِن الذي أنبأكها إنَّ الذي أهدى إليك نميمةً --- سينمُّ عنك بمثلِها قد حاكها ورحم الله من قال: من نمَّ في الناسِ لم تؤمنْ عقاربُه --- على الصديقِ ولم تؤمنْ أفاعيه كالسيلِ بالليلِ لا يدري به أحدٌ --- من أين جاء ولا من أين يأتيه الويلُ للعهدِ منه كيف ينقضُه --- والويلُ للودِّ منه كيف يُفنيه وقال آخر: إذا الواشي نعى يومًا صديقًا --- فلا تدعِ الصديقَ لقولِ واشي وقال آخر: يسعى عليك كما يسعى إليك فلا --- تأمنْ غوائلَ ذي وجهين كياد وقال صالح بن عبد القدوس: من يخبرك بشتمٍ عن أخٍ --- فهو الشاتمُ لا مَن شتمك ذاك شيءٌ لم يواجهْك به --- إنَّما اللومُ على مَن أعلمك وقال آخر: إن يعلموا الخيرَ أخفوه وإن علموا --- شرًّا أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا وقال آخر: إن يسمعوا ريبةً طاروا بها فرحًا --- مني وما سمعوا من صالحٍ دفنوا صمٌّ إذا سمعوا خيرًا ذكرت به --- وإن ذكرتُ بسوءٍ عندهم أذنوا
|
#1388
|
||||
|
||||
الوَهن معنى الوَهن لغةً واصطلاحًا معنى الوَهن لغةً: الوَهن: الضَّعف في العَمَل والأمر، وكذلك في العَظْم ونحوه، تقول: قد وَهَنَ العَظْمُ يَهِن وَهْنًا وأَوْهَنَه يُوْهِنُه، ورجلٌ واهِنٌ في الأمر والعَمَل، ومَوْهُون في العَظْم والبَدَن، وقد وَهَنَ الإنسانُ، ووَهَنَهُ غيره. يتعدَّى ولا يتعدَّى. ووَهِنَ -أيضًا- وَهْنًا، أي ضَعُفَ. وأَوْهَنْتُهُ -أيضًا- ووَهَّنْتُهُ تَوْهينًا . معنى الوَهن اصطلاحًا: (الوَهْن والوَهَن- مُحرَّكة- الضَّعف في العَمَل، وقيل: الضَّعف مِن حيثُ الخَلْق والخُلُق) . وقيل: (الوَهَن: استيلاء الخوف على النَّاس) . وقيل: (الوَهَن: ضعف يلحق القلب، والضَّعف مطلقًا اختلال القوَّة الجسمية) . |
#1389
|
||||
|
||||
الفرق بين الضَّعف والوَهَن هناك فرق بين الضَّعف والوَهَن، وفي ذلك قال أبو هلال العسكري: (إنَّ الضَّعف ضدُّ القوَّة، وهو مِن فعل الله تعالى، كما أنَّ القوَّة مِن فعل الله، تقول: خلقه الله ضعيفًا، أو خلقه قويًّا. وفي القرآن: وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النَّساء: 28]، والوَهَن: هو أن يفعل الإنسان فِعْل الضَّعيف، تقول: وَهَن في الأمر يَهِن وَهْنًا. وهو وَاهِن إذا أخذ فيه أخذ الضَّعيف، ومنه قوله تعالى: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ [آل عمران: 139]، أي: لا تفعلوا أفعال الضُّعفاء وأنتم أقوياء على ما تطلبونه بتذليل الله إيَّاه لكم. ويدلُّ على صحَّة ما قلنا أنَّه لا يُقَال: خلقه الله واهِنًا، كما يقال: خلقه الله ضعيفًا، وقد يُسْتَعمل الضَّعف مكان الوَهَن مجازًا في مثل قوله تعالى: وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ [آل عمران: 146]، أي: لم يفعلوا فعل الضَّعيف. ويجوز أن يقال: إنَّ الوَهَن هو انكسار الجسد بالخوف ونحوه، والضَّعف نقصان القوَّة، وأما الاستكانة فقيل: هي إظهار الضَّعف، قال الله تعالى: وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ أي:لم يضعفوا بنقصان القوَّة ولا استكانوا بإظهار الضَّعف عند المقاومة.) . |
#1390
|
||||
|
||||
__________________
|
#1391
|
||||
|
||||
|
#1392
|
|||
|
|||
بارك الله فيكم
|
#1393
|
||||
|
||||
|
#1394
|
||||
|
||||
ذَمُّ الوَهَن والنَّهي عنه
أولًا: في القرآن الكريم وردت آيات في القرآن الكريم تنفي صفة الوَهَن عن المؤمنين، وآيات في ذَمِّ الوَهَن، ومِن ذلك ما يلي: - قال تعالى: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ [آل عمران: 146]. قال الطَّبري في تفسير هذه الآية: (يعني بقوله -تعالى ذكره-: فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ، فما عجزوا لما نالهم مِن أَلَم الجراح الذي نالهم في سبيل الله، ولا ل*** مَن قُتِل منهم، عن حرب أعداء الله، ولا نَكَلوا عن جهادهم: وَمَا ضَعُفُواْ، يقول: وما ضَعُفَت قواهم ل*** نبيِّهم: وَمَا اسْتَكَانُواْ، يعني وما ذَلُّوا فيتخشَّعوا لعدوِّهم بالدُّخول في دينهم ومداهنتهم فيه خِيفَة منهم، ولكن مضوا قُدُمًا على بصائرهم ومنهاج نبيِّهم، صبرًا على أمر الله وأمر نبيِّهم، وطاعة لله واتِّباعًا لتنزيله ووحيه) . وقال البيضاوي: (فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ [آل عمران: 146]، فما فتروا ولم ينكسر جِدُّهم لما أصابهم مِن *** النَّبيِّ أو بعضهم. وما ضعفوا عن العدو أو في الدِّين. وما استكانوا وما خضعوا للعدو) . (وكم من نبي قاتلت معه جماعات كثيرة. فما ضعفت نفوسهم لما أصابهم مِن البلاء والكرب والشِّدَّة والجراح. وما ضَعُفَت قواهم عن الاستمرار في الكفاح، وما استسلموا للجزع ولا للأعداء.. فهذا هو شأن المؤمنين، المنافحين عن عقيدة ودين.. وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران: 146].. الذين لا تضعف نفوسهم، ولا تتضَعْضَع قواهم، ولا تلين عزائمهم، ولا يستكينون أو يستسلمون.. والتَّعبير بالحبِّ مِن الله للصَّابرين له وقعه، وله إيحاؤه؛ فهو الحبُّ الذي يأسو الجراح، ويمسح على القَرْح، ويعوِّض ويَـرْبُو عن الضُّرِّ والقَرْح، والكفاح المرير) . - وقال تعالى: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران: 139]. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (قال الله تعالى مسلِّيًا للمؤمنين: وَلاَ تَهِنُوا أي: لا تضعفوا بسبب ما جرى، وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ أي: العاقبة والنُّصرة لكم أيُّها المؤمنون) . (فقوله سبحانه: وَلاَ تَهِنُوا (مِن الوَهَن والضَّعف، وَلاَ تَحْزَنُوا لما أصابكم ولما فاتكم، وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ.. عقيدتكم أعلى؛ فأنتم تسجدون لله وحده، وهم يسجدون لشيء مِن خلقه أو لبعضٍ مِن خلقه! ومنهجكم أعلى؛ فأنتم تسيرون على منهج مِن صنع الله، وهم يسيرون على منهج مِن صنع خلق الله! ودَوْرُكم أعلى، فأنتم الأوصياء على هذه البشريَّة كلِّها، الهداة لهذه البشريَّة كلِّها، وهم شاردون عن النَّهج، ضالُّون عن الطَّريق. ومكانكم في الأرض أعلى، فلكم وِرَاثة الأرض التي وعدكم الله بها، وهم إلى الفناء والنِّسيان صائرون.. فإن كنتم مؤمنين حقًّا فأنتم الأعلون. وإن كنتم مؤمنين حقًّا فلا تهنوا ولا تحزنوا. فإنَّما هي سنَّة الله أن تُصَابوا وتُصِيبُوا، على أن تكون لكم العقبى بعد الجهاد والابتلاء) . - ويقول تبارك وتعالى:فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [محمد: 35]. قال الكيا الهراسي: (فيه دليل على منع مهادنة الكفَّار إلَّا عند الضَّرورة، وتحريم ترك الجهاد إلَّا عند العَجْز عن مقابلتهم، لضعفٍ يكون بالمسلمين) . (فهذا هو الذي يحذِّر المؤمنين إيَّاه، ويضع أمامهم مصير الكفَّار المشاقِّين للرَّسول؛ ليحذروا شبحه مِن بعيد! وهذا التَّحذير يشي بوجود أفراد مِن المسلمين كانوا يستثقلون تكاليف الجهاد الطَّويل ومشقَّته الدَّائمة، وتهن عزائمهم دونه، ويرغبون في السِّلم والمهادنة ليستريحوا مِن مشقَّة الحروب. وربَّما كان بعضهم ذوي قرابة في المشركين ورحم، أو ذوي مصالح وأموال وكان هذا يجنح بهم إلى السِّلم والمهادنة. فالنَّفس البشريَّة هي هي؛ والتَّربية الإسلاميَّة تعالج هذا الوَهَن وهذه الخواطر الفطريَّة بوسائلها. وقد نجحت نجاحًا خارقًا. ولكن هذا لا ينفي أن تكون هناك رواسب في بعض النُّفوس، وبخاصَّة في ذلك الوقت المبكِّر مِن العهد المدني. وهذه الآية بعض العلاج لهذه الرَّواسب. فلننظر كيف كان القرآن يأخذ النُّفوس. فنحن في حاجة إلى تحرِّي خطوات القرآن في التَّربية، والنُّفوس هي النُّفوس: فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [محمد: 35].. أنتم الأعلون. فلا تهنوا وتدعوا إلى السِّلم. وأنتم الأعلون اعتقادًا وتصوُّرًا للحياة. وأنتم الأعلون ارتباطًا وصلةً بالعلي الأعلى. وأنتم الأعلون منهجًا وهدفًا وغايةً. وأنتم الأعلون شعورًا وخلقًا وسلوكًا.. ثمَّ.. أنتم الأعلون قوَّة ومكانًا ونصرةً. فمعكم القوَّة الكبرى: وَاللَّهُ مَعَكُمْ.. فلستم وحدكم. إنَّكم في صحبة العلي الجبَّار القادر القهَّار. وهو لكم نصير حاضر معكم. يدافع عنكم. فما يكون أعداؤكم هؤلاء والله معكم؟! وكلُّ ما تبذلون، وكلُّ ما تفعلون، وكلُّ ما يصيبكم مِن تضحيات محسوبٌ لكم، لا يضيع منه شيء عليكم: وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ.. ولن يقطع منها شيئًا لا يصل إليكم أثره ونتيجته وجزاؤه. فعلام يهن ويضعف ويدعو إلى السِّلم مَن يقرِّر الله سبحانه له أنَّه الأعلى، وأنَّه معه، وأنَّه لن يفقد شيئًا مِن عمله؟! فهو مكرَّم منصور مأجور) . |
#1395
|
||||
|
||||
ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة
وردت أحاديث في السُّنَّة النَّبويَّة في ذَمِّ الوَهَن، منها: - عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت)) . قال العظيم آبادي في شرح هذا الحديث: (... ((يوشك الأمم)). أي يَقْرُب فِرَق الكفر وأمم الضَّلالة. ((أن تداعى عليكم)). أي: تتداعى، بأن يدعو بعضهم بعضًا لمقاتلتكم، وكسر شوكتكم، وسلب ما ملكتموه مِن الدِّيار والأموال. ((كما تداعى الأكلة)). أي: يَقْرُب أنَّ فِرَق الكفر وأمم الضَّلالة... يدعو بعضهم بعضًا إلى الاجتماع لقتالكم وكسر شوكتكم؛ ليغلبوا على ما ملكتموها مِن الدِّيار، كما أنَّ الفئة الآكلة يتداعى بعضهم بعضًا إلى قصعتهم التي يتناولونها مِن غير مانع، فيأكلونها صفوًا مِن غير تعب. ((ومِن قلَّة)). أي: أنَّ ذلك التَّداعي لأجل قلَّة نحن عليها يومئذ. ((كثير)). أي: عددًا، وقليل مددًا. ((ولكنَّكم غُثَاء كغُثَاء السَّيل)). ما يحمله السَّيل مِن زَبَد ووَسَخ؛ شبَّههم به لقلَّة شجاعتهم ودناءة قدرهم. ((ولينزعنَّ)). أي: ليخرجنَّ. ((المهابة)). أي: الخوف والرُّعب. ((وليقذفنَّ)). أي: وليرمينَّ الله. ((الوَهن)). أي: الضَّعف، وكأنَّه أراد بالوَهن ما يوجبه، ولذلك فسَّره بحبِّ الدُّنيا وكراهة الموت. ((وما الوَهن؟)) أي: ما يوجبه وما سببه؟ قال الطيبيُّ رحمه الله: سؤالٌ عن نوع الوَهن، أو كأنَّه أراد منِ أي وجه يكون ذلك الوَهن. ((قال: حبُّ الدُّنيا وكراهية الموت)). وهما متلازمان، فكأنَّهما شيء واحد، يدعوهم إلى إعطاء الدَّنيَّة في الدِّين مِن العدو المبين، ونسأل الله العافية) . - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزَّرع، وتركتم الجهاد، سلَّط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) . قال المناويُّ شارحًا هذا الحديث: (... ((إذا تبايعتم بالعينة)). أن يبيع سلعةً بثمن لأجَل ثمَّ يشتريها منه بأقلَّ منه. ((وأخذتم أذناب البقر)). كناية عن الاشتغال بالحرث. ((ورضيتم بالزَّرع)). أي: بكونه همَّتكم ونهمتكم. ((وتركتم الجهاد)). أي: غزو أعداء الدِّين. ((سلَّط الله عليكم ذلًّا)). ضعفًا واستهانةً. ((لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)). أي: إلى الاهتمام بأمور دينكم، جعل ذلك بمنزلة الرِّدَّة والخروج عن الدِّين لمزيد الزَّجر والتَّهويل) . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|