#1351
|
||||
|
||||
وسائل النَّجاة مِن كيد الكائدين
1- الصَّبر والتَّقوى: إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران: 120]. 2-إخفاء النِّعمة التي رزقك الله بها عن أعين الحاسدين: كما قال يعقوب ليوسف -عليهما السَّلام-: قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [يوسف: 5]. 3- دعاء الله عزَّ وجلَّ بصدق وإخلاص: كما قال يوسف -عليه السَّلام-: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يوسف: 33-34]. 4- التَّوكُّل على الله عزَّ وجلَّ: قال تعالى عن نبيِّه هود -عليه السَّلام- وقومه: إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [هود: 54–56]. |
#1352
|
||||
|
||||
عاقبة مَن يصبر على كيد الكائد
قال ابن القيِّم: (يوسف الصِّدِّيق كان قد كِيد غير مرَّة، أوَّلها أنَّ إخوته كادوا به كيدًا، حيث احتالوا به في التَّفريق بينه وبين أبيه، ثمَّ إنَّ امرأة العزيز كادته بما أظهرت أنَّه راودها عن نفسها، ثمَّ أودع السِّجن، ثمَّ إنَّ النِّسوة كادوه حتى استعاذ بالله مِن كيدهنَّ، فصرفه عنه، وقال له يعقوب: لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا، وقال الشَّاهد لامرأة العزيز: إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [يوسف: 28]. وقال تعالى في حق النِّسوة: فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ [يوسف: 34]. وقال للرَّسول: قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ [يوسف: 50]. فكاد الله له أحسن كيدٍ وألطفه وأعدله، بأن جمع بينه وبين أخيه، وأخرجه مِن أيدي إخوته بغير اختيارهم، كما أخرجوا يوسف مِن يد أبيه بغير اختياره، وكاد له عوض كيد المرأة بأن أخرجه مِن ضيق السِّجن إلى فضاء الملك، ومكَّنه في الأرض يتبوَّأ منها حيث يشاء، وكاد له في تصديق النِّسوة اللَّاتي كذَّبنه وراودنه حتى شهدن ببراءته وعفَّته، وكاد له في تكذيب امرأة العزيز لنفسها، واعترافها بأنَّها هي التي راودته، وأنَّه مِن الصَّادقين، فهذه عاقبة مَن صبر على كيد الكائد له بغيًا وعُدْوَانًا) . |
#1353
|
||||
|
||||
كيد الشَّيطان
1- كيده لنفسه: (أمَّا كيده لنفسه: فإنَّ الله -سبحانه- لما أمره بالسُّجود لآدم -عليه السَّلام- كان في امتثال أمره وطاعته سعادته وفلاحه وعزُّه ونجاته، فسوَّلت له نفسه الجاهلة الظَّالمة: أنَّ في سجوده لآدم -عليه السَّلام- غضاضة عليه وهضمًا لنفسه؛ إذ يخضع ويقع ساجدًا لمن خُلِق مِن طين، وهو مخلوق مِن نار، والنَّار -بزعمه- أشرف مِن الطِّين، فالمخلوق منه خيرٌ مِن المخلوق منها، وخضوع الأفضل لمِن هو دونه غضاضةٌ عليه، وهضمٌ لمنزلته، فلمَّا قام بقلبه هذا الهوس، وقارنه الحسد لآدم لـمَّا رأى ربَّه -سبحانه- قد خصَّه به مِن أنواع الكرامة، فإنَّه خَلَقَه بيده، ونفخ فيه مِن روحه، وأسجد له ملائكته، وعلَّمه أسماء كلِّ شيء وميَّزه بذلك عن الملائكة... ثمَّ قرَّر ذلك بحجَّته الدَّاحضة في تفضيل مادَّته وأصله على مادَّة آدم -عليه السَّلام- وأصله، فأنتجت له هذه المقدمات إباءَه وامتناعه مِن السُّجود، ومعصيته الرَّبَّ المعبود) . 2- كيده للأبوين آدم وحوَّاء: قال ابن القيِّم: (وأمَّا كيده للأبوين فقد قصَّ الله -سبحانه- علينا قصَّته معهما، وأنَّه لم يزل يخدعهما ويَعِدُهما ويمنِّيهما الخلود في الجنَّة، حتى حلف لهما بالله جهد يمينه: إنَّه ناصح لهما، حتى اطمأنَّا إلى قوله وأجاباه إلى ما طلب منهما، فجرى عليهما مِن المحنة والخروج مِن الجنَّة ونَزْع لباسهما عنهما ما جرى، وكان ذلك بكيده ومكره الذي جرى به القلم وسبق به القَدَر، وردَّ الله -سبحانه- كيده عليه، وتدارك الأبوين برحمته ومغفرته، فأعادهما إلى الجنَّة على أحسن الأحوال وأجملها، وعاد عاقبة مكره عليه ولا يحيق المكْر السَّيِّئ إلَّا بأهله) . 3- كيده لأحد وَلَدَي آدم: قال ابن القيِّم: (ثمَّ كاد أحدَ وَلَدَي آدم، ولم يزل يتلاعب به حتى *** أخاه، وأسخط أباه، وعصى مولاه، فسنَّ للذرِّية *** النُّفوس، وقد ثبت في الصَّحيح عنه أنَّه قال: ((ما مِن نفس تُقْتَل ظُلْمًا إلَّا كان على ابن آدم الأوَّل كِفْلٌ مِن دمها؛ لأنَّه أوَّل مَن سنَّ ال***)) فكاد العدوُّ هذا القاتل بقطيعة رحمه، وعقوق والديه، وإسخاط ربِّه، ونقص عدده، وظُلْم نفسه، وعرَّضه لأعظم العقاب، وحَرَمَه حظَّه مِن جزيل الثَّواب) . 4- كيده بتزيين عبادة غير الله: لم يقتصر كيده على نفسه ولا على آدم وحوَّاء، حتى كاد ذريَّة نفسه وذريَّة آدم، فكان مشؤومًا على نفسه وعلى ذريَّته وأوليائه وأهل طاعته مِن الجنِّ والإنس . وكان أوَّل ما كاد به عبادة الأصنام مِن جهة العكوف على القبور وتصاوير أهلها ليتذكَّروهم بها، كما قصَّ الله -سبحانه- قصصهم في كتابه، فقال: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح: 23]، قال البخاريُّ في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: هذه أسماء رجال صالحين مِن قوم نوح، فلمَّا هلكوا أوحى الشَّيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا، وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تُعْبَد حتى إذا هلك أولئك ونُسِخَ العِلم عُبِدت . |
#1354
|
||||
|
||||
غاية كيد الشَّيطان
غاية كيد الشَّيطان الوسوسة، فإنَّ شيطان الجِنِّ إذا غُلِب وسوس، وشيطان الإنس إذا غُلِب كذب، والوسواس يعرض لكلِّ مَن توجَّه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، لا بدَّ له مِن ذلك، فينبغي للعبد أن يَثْبُت ويصبر، ويلازم ما هو فيه مِن الذِّكر والصَّلاة، ولا يضجر، فإنَّه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشَّيطان، إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [النَّساء: 76] . فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال ((إنَّ أحدنا ليجد في نفسه ما يتعاظم أن يتكلَّم به، فقال: الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة)) . |
#1355
|
||||
|
||||
الحكم والأمثال في المكْر - امكر وأنت في الحديد ! - ضرب أخماس لأسداس. يضرب مثلًا للمُمَاكَرة والخِدَاع، وأصله في إوراد الإبل، وهو أن يُظْهِر الرَّجل أن وِرْدَه سدس وإنَّما يريد الخمس . وأنشد ابن الأعرابي: وذلك ضرب أخماس أريدت *** لأسداس عسى ألَّا تكونا ويقال للذي لا يعرف المكْر والحيلة: إنَّه لا يعرف ضرب أخماس لأسداس؛ وذلك إذا لم يكن له دهاء .
- رُبَّ حيلة كانت على صاحبها وبيلة. - رُبَّ حيلة أهلكت المحتال. - مَن حفر مُغَوَّاة وقع فيها . |
#1356
|
||||
|
||||
ذم الكَيْد والمكْر في واحة الشِّعر قال الشَّاعر: لم يبقَ في النَّاسِ إلَّا المكرُ والملَقُ *** شوكٌ إذا اختبروا زهرٌ إذا رمقوا فإن دعاك إلى ائتلافِهم قَدَرٌ *** فكن جحيمًا لعلَّ الشوكَ يحترقُ وقال آخر: وكم مِن حافرٍ لأخيه ليلًا *** تردَّى في حفيرتِه نهارًا وقال تقي الدِّين الهلالي: وليس يحيقُ المكْرُ إلَّا بأهلِه *** وحافرُ بئرِ الغَدْرِ يسقطُ في البئرِ وكم حافرٍ لحدًا ليدفنَ غيرَه *** على نفسِه قد جَرَّ في ذلك الحفرِ وكم رائشٍ سهمًا ليصطادَ غيرَه *** أُصِيب بذاك السَّهمِ في ثغرة النَّحرِ وقال أبو عبد الله محمد بن عثمان المعروف بابن الحداد: فلا مهجة إلَّا إليك نزاعُها *** وما زال يُطوى عن سواك لها كَشْحُ وليس يحيقُ المكْرُ إلَّا بأهلِه *** وكم موقدٍ يغشاه مِن وقدِه لفحُ وقال آخر: لا تأمننَّ كيدَ العدوِّ *** فأمنُ كيدِهم غرَرْ كنْ منه إن كان القويَّ *** أو الضَّعيفَ على حذرْ وقال أبو هلال العسكري: أحسن ما قيل في الكَيْد والحرب قول أبي تمَّام: هززتَ له سيفًا مِن الكَيْد إنَّما *** تُجذُّ به الأعناقُ ما لم يجرَّدِ يسرُّ الذي يسطو بهِ وهو مغمدٌ *** ويفضحُ مَن يسطو به غيرَ مُغَمدِ |
#1357
|
||||
|
||||
نقض العهد
معنى نقض العهد لغةً واصطلاحًا معنى النقض: النقض ضد الإبرام، وهو إفساد ما أبرمت من عقد أو بناء، نقض الشَّيء نقضًا أفسده بعد إحكامه، يُقال: نقض البناء. هدمه، و: نقض الحبل أو الغزل. حلَّ طاقاته. والنقيض: المنقوض، وأصل هذه المادة يدلُّ على نكث شيء . وقال الرَّاغب: (النَّقض: انتثار العقد من البناء والحبل والعقد، وهو ضدُّ الإبرام، ومن نقض الحبل والعقد استعير نقض العهد) . معنى العهد لغةً: العهد: الوصية، والأمان، والموثق، والذمة، ومنه قيل للحربي يدخل بالأمان: ذو عهد ومعاهد، وقد عَهِدْتُ إليه، أي أوصيته، ومنه اشتُقَّ العَهْدُ الذي يكتب للوُلاةِ، وأصل هذه المادة يدل على الاحتفاظ بالشَّيء . معنى العهد اصطلاحًا: قال الجرجانيُّ: (العهد: حفظ الشَّيء ومراعاته حالا بعد حال. هذا أصله ثمَّ استخدم في الموثق الذي يلزم مراعاته) . معاني العهد: ويأتي العهد على عدة معان، وهي : 1- العهد: الموثق واليمين يحلف بها الرجل والجمع كالجمع، تقول: علي عهد الله وميثاقه، وقيل: ولي العهد، لأنه ولي الميثاق الذي يؤخذ على من بايع الخليفة. 2- والعهد: الوصية، يقال عهد إليَّ في كذا: أوصاني. 3- والعهد: التقدم للمرء في الشيء، ومنه العهد الذي يكتب للولاة، والجمع: عهود، وقد عهد إليه عهدًا. 4- والعهد: الوفاء والحفاظ ورعاية الحرمة. 5- والعهد: الأمان، قال شمر: العهد الأمان، وكذلك الذمة، تقول: أنا أعهدك من هذا الأمر، أي: أؤمنك منه، ومنه اشتقاق العهدة. 6- والعهد: الالتقاء، وعهد الشيء عهدًا عرفه، وعهدته بمكان كذا أي لقيته وعهدي به قريب. 7- والعهد: ما عهدته فثافنته، يقال: عهدي بفلان وهو شاب، أي: أدركته فرأيته كذلك. 8- والعهد: المنزل الذي لا يزال القوم إذا انتأوا عنه رجعوا إليه، ويقال له: المعهد - أيضًا- وكذلك المنزل المعهود به الشيء يقال له: العهد، قال ذو الرمة: هل تعرف العهد المحيل رسمه 9- والعهد: أول مطر، والولي الذي يليه من الأمطار، وفي الصحاح: العهد: المطر الذي يكون بعد المطر، وقد عهدت الأرض فهي معهودة أي: ممطورة. 10- والعهد: الزمان، كالعهدان بالكسر. 11- والعهد: التوحيد. 12- والعهد: الضمان. معنى نقض العهد اصطلاحًا: هو عدم الوفاء بما أعلن الإنسان الالتزام به، أو قطعه على نفسه من عهد أو ميثاق، سواء فيما بينه وبين الله تعالى، أو فيما بينه وبين النَّاس . |
#1358
|
||||
|
||||
الفرق بين العهد والنقض وبعض الكلمات
- الفرق بين العهد والوعد: قيل: العهد ما يكون من الجانبين، وأمَّا ما يكون من جانب فوعد، ونقضه خلف وعد . - الفرق بين النَّقض والخيانة: أنَّ الخيانة تقتضي نقض العهد سرًّا، أمَّا النَّقض فإنَّه يكون سرًّا وجهرًا، ومن ثمَّ يكون النَّقض أعمُّ من الخيانة ويرادفه الغدر، وضدُّ الخيانة الأمانة، وضدُّ النَّقض: الإبرام . |
#1359
|
||||
|
||||
ذم نقض العهد والنهي عنه
أولًا: في القرآن الكريم - قال تعالى: وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ [التوبة: 12]. قال السدي: (إن نكثوا عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام وطعنوا فيه، فقاتلوهم) ((جامع البيان)) للطبري . وقال القرطبيُّ: (إذا حارب الذمي نقضَ عهدَه، وكان ماله وولده فيئًا معه) ((الجامع لأحكام القرآن)) . وقال الرازي: (وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم أي: نقضوا عهودهم) ((مفاتيح الغيب)) . - وقوله تعالى: الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة: 27]. قال الطبري: (وما يضلُّ به إلا التاركين طاعة الله، الخارجين عن اتباع أمره ونهيه، الناكثين عهود الله التي عهدها إليهم في الكتب التي أنزلها إلى رسله، وعلى ألسن أنبيائه باتباع أمر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وما جاء به، وطاعة الله فيما افترض عليهم في التوراة من تبيين أمره للناس، وإخبارهم إياهم أنهم يجدونه مكتوبًا عندهم، أنه رسول من عند الله مفترضة طاعته. وترك كتمان ذلك لهم ونكثهم ذلك، ونقضهم إياه هو مخالفتهم الله في عهده إليهم، فيما وصفت أنه عهد إليهم، بعد إعطائهم ربهم الميثاق بالوفاء بذلك، كما وصفهم به جلَّ ذكره) ((جامع البيان)) للطبري . وقال السدي: (هو ما عهد إليهم في القرآن فأقروا به، ثم كفروا فنقضوه) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير. وقال السعدي: (وهذا يعمُّ العهد الذي بينهم وبينه، والذي بينهم وبين عباده الذي أكده عليهم بالمواثيق الثقيلة والإلزامات، فلا يبالون بتلك المواثيق؛ بل ينقضونها، ويتركون أوامره ويرتكبون نواهيه؛ وينقضون العهود التي بينهم وبين الخلق) ((تيسير الكريم الرحمن)) . - وقال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء: 155]. قال ابن كثير: (وهذه من الذنوب التي ارتكبوها، مما أوجب لعنتهم، وطردهم، وإبعادهم عن الهدى، وهو نقضهم المواثيق والعهود التي أخذت عليهم) ((تفسير القرآن العظيم)) . قال ابن عباس: (هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه) رواه الطبري في ((تفسيره)) . قال الزمخشري: (وأما التوكيد فمعناه تحقيق أنَّ العقاب، أو تحريم الطيبات، لم يكن إلا بنقض العهد، وما عطف عليه من الكفر و*** الأنبياء وغير ذلك) ((الكشاف)) . قال الخازن: (فبسبب نقضهم ميثاقهم لعنَّاهم، وسخطنا عليهم، وفعلنا بهم ما فعلنا) ((لباب التأويل في معاني التنزيل)) . - وقَوْله تَعَالَى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة: 13]. قال الطبري: (معنى الكلام: فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضلَّ سواء السبيل، فنقضوا الميثاق، فلعنتهم، فبما نقضهم ميثاقهم لعنَّاهم، فاكتفى بقوله: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ من ذكر فنقضوا) ((جامع البيان )) . قال ابن كثير: (أي: فبسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم لعنَّاهم، أي: أبعدناهم عن الحق وطردناهم عن الهدى) ((تفسير القرآن العظيم)) . - وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: 10]. قال ابن كثير: (إنَّما يعود وبال ذلك على الناكث، والله غنيٌّ عنه) ((تفسير القرآن العظيم)) . قال السمرقندي: (فمن نكث يعني: نقض العهد، والبيعة فإنَّما ينكث على نفسه يعني: عقوبته على نفسه) ((بحر العلوم)) . وقال ابن عطية: (أنَّ من نكث يعني من نقض هذا العهد، فإنَّما يجني على نفسه، وإيَّاها يهلك، فنكثه عليه لا له) ((المحرر الوجيز)) . - وقال الله تعالى: وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ [النحل: 92] الآية. وقال ابن عطية في تفسير هذه الآية: (شبهت هذه الآية الذي يحلف أو يعاهد أو يبرم عقدة، بالمرأة التي تغزل غزلها وتفتله محكمًا، وشبه الذي ينقض عهده بعد الإحكام، بتلك الغازلة إذا نقضت قوى ذلك الغزل فحلته بعد إبرامه) ((المحرر الوجيز)) . |
#1360
|
||||
|
||||
ثانيًا: في السنة النبوية
- عن علي رضي الله عنه قال: (ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم... ذمة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين، لا يقبل منه صرفٌ ولا عدل) . وفي رواية مسلم: ((ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم)) . قال النووي: (قوله صلى الله عليه وسلم: ((ذمَّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم)). المراد بالذمة هنا الأمان. معناه: أنَّ أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أمَّنه به أحد المسلمين، حرُم على غيره التعرُّض له، ما دام في أمان المسلم، وللأمان شروط معروفة... وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله)). معناه: من نقض أمانَ مسلم فتعرَّض لكافر أمَّنه مسلم، قال أهل اللغة: يقال: أخفرتُ الرجل إذا نقضتُ عهده، وخفرته إذا أمَّنته) . وقال ابن حجر: (قوله: ((ذمَّة المسلمين واحدة)) أي: أمانهم صحيح، فإذا أمَّن الكافرَ واحدٌ منهم حرُم على غيره التعرُّض له... وقوله: ((يسعى بها)) أي: يتولَّاها ويذهب ويجيء، والمعنى: أنَّ ذمَّة المسلمين سواء صدرت من واحد أو أكثر، شريف أو وضيع، فإذا أمَّن أحد من المسلمين كافرًا وأعطاه ذمَّةً لم يكن لأحد نقضه، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة، والحرَّ والعبد؛ لأنَّ المسلمين كنفس واحدة... وقوله: ((فمن أخفر)) بالخاء المعجمة والفاء أي: نقض العهد، يقال: خفرته بغير ألف أمَّنته، وأخفرته نقضت عهده) . قال ابن تيمية: (جاء الكتاب والسنة بالأمر بالوفاء بالعهود، والشروط والمواثيق والعقود، وبأداء الأمانة ورعاية ذلك، والنهي عن الغدر، ونقض العهود، والخيانة، والتشديد على من يفعل ذلك) - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته)) . قال ابن رجب: (... ((فلا تخفروا الله في ذمته)). أي: لا تغدروا بمن له عهد من الله ورسوله، فلا تفوا له بالضمان، بل أوفوا له بالعهد) . وقال القاري: (أي: لا تخونوا الله في عهده، ولا تتعرَّضوا في حقِّه من ماله، ودمه، وعرضه، أو الضمير للمسلم أي: فلا تنقضوا عهد الله) ، (ولا تخونوه بانتهاك حقوقه، فإنَّ أي اعتداء عليه هو خيانة لله ورسوله، ونقض لعهدهما، وإهدار لكرامة الإسلام) . |
#1361
|
||||
|
||||
أقوال السلف والعلماء في نقض العهد - قال ابن حجر: (الغدر حرمته غليظة، لا سيَّما من صاحب الولاية العامَّة؛ لأنَّ غدره يتعدَّى ضرره إلى خلق كثير؛ ولأنَّه غير مضطرٍّ إلى الغدر لقدرته على الوفاء) . - وقال ابن كثير: (إنَّ من صفات المنافقين، أنَّ أحدهم إذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، وإذا حدَّث كذب، وإذا ائتمن خان؛ ولذلك كان حال هؤلاء الأشقياء، ومصيرهم إلى خلاف ما صار إليه المؤمنون، كما أنَّهم اتَّصفوا بخلاف صفاتهم في الدُّنيا، فأولئك كانوا يوفون بعهد الله، ويصلون ما أمر الله به أن يوصل، وهؤلاء ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) . - وقال محمد بن كعب القرظيُّ رحمه اللّه تعالى: (ثلاث خصال مَن كُنَّ فيه كُنَّ عليه: البَغْي، والنُّكْث، والمكر. وقرأ: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ [فاطر: 43]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم [يونس: 23]، فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح: 10]) . - وصف أعرابيٌّ قومًا فقال: (أولئك قوم أدَّبتهم الحكمة، وأحكمتهم التَّجارب، ولم تغررهم السَّلامة المنطوية على الهلكة، ورحل عنهم التَّسويف الذي قطع النَّاس به مسافة آجالهم، فقالت ألسنتهم بالوعد، وانبسطت أيديهم بالإنجاز، فأحسنوا المقال، وشفعوه بالفعال، كان يقال: آفة المروءة خلف الوعد) . - (دخل بعض السلف على مريض مكروب فقال له: عاهد الله على التوبة، لعله أن يقيلك صرعتك. فقال: كنت كلَّما مرضت عاهدت الله على التوبة فيقيلني، فلما كان هذه المرة ذهبت أعاهد كما كنت أعاهد، فهتف بي هاتف من ناحية البيت: قد أقلناك مرارًا فوجدناك كذَّابًا. ثم مات عن قريب) . - وتاب بعض من تقدم ثم نقض فهتف به هاتف بالليل: سأترك ما بيني وبينك واقفًا *** فإن عدت عدنا والوداد مقيم تواصل قومًا لا وفاء لعهدهم *** وتترك مثلي والحفاظ قديم - وقال أبو العالية: (ستُّ خصال في المنافقين، إذا كانت فيهم الظَّهرة على النَّاس أظهروا هذه الخصال: إذا حدَّثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا ائتمنوا خانوا، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض، وإذا كانت الظَّهرة عليهم أظهروا الخصال الثَّلاث: إذا حدَّثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا ائتمنوا خانوا) .
|
#1362
|
||||
|
||||
آثار نقض العهد
كما أنَّ الوفاء بالعهد والميثاق له آثاره النافعة، فإنَّ نقض العهد والميثاق يترك آثارًا ضارة يقع ضررها على الفرد والمجتمع، ومن هذه المضار : 1- كفر من نقض عهد الله: قرن الله سبحانه وتعالى بين الكفر ونقض العهد في أكثر من موضع في القرآن الكريم، ولا شك في كفر من نقض عهده مع الله وأخلَّ بميثاقه الذي أخذه عليه، فقال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ [البقرة: 93]. 2- الخسران: الخسران عاقبة من نكث بعهده ونقض ميثاقه، قال تعالى: الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [البقرة: 27]. قال ابن حجر: (كان عاقبة نقض قريش العهد مع خزاعة حلفاء النَّبي صلى الله عليه وسلم- أن غزاهم المسلمون، حتَّى فتحوا مكَّة، واضطرُّوا إلى طلب الأمان، وصاروا بعد العزَّة والقوَّة في غاية الوهن، إلى أن دخلوا في الإسلام، وأكثرهم لذلك كاره) . 3- اللعن وقسوة القلوب والطبع عليها: قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً [المائدة: 13]. 4- الإغراء بالعداوة والبغضاء: لما نقض النصارى الميثاق والعهود وبدَّلوا دينهم، وضيَّعوا أمر الله، أورثهم الله العداوة والبغضاء، قال تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [المائدة: 14]. 5- تحريم الطيبات: عندما نقض بنو إسرائيل الميثاق، حرَّم الله عليهم الطيبات، قال تعالى: فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا [النساء: 160]. 6- ال*** والتشريد: فنقضُ المواثيق يؤدي إلى ال*** والتشريد، قال تعالى: الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [الأنفال: 56-57]. 7- الضلال عن سواء السبيل: لما كفر بنو إسرائيل بالله، وخانوا مواثيقه، أضلَّهم الله عن الطريق المستقيم، قال تعالى: وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ [المائدة: 12]. ثم قال في آخر الآية بعد تفصيل الميثاق: فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ [المائدة: 12]. 8- الخزي في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة: لما ذكر الله تعالى المواثيق التي أخذها على بني إسرائيل، ذكر خيانتهم وغدرهم ونكثهم للعهود والمواثيق، ثم هددهم قائلًا: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ[البقرة: 85]. 9- الجناية على النفس: نقض العهود تعود جنايتها على النفس، قال تعالى: فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح: 10] فالناقض لعهده يجني على نفسه ويوبقها، وهذه الآثار هو سببها، وهو حطبها ووقودها. |
#1363
|
||||
|
||||
حكم نقض العهد
نقض العهد كبيرة من كبائر الذنوب: وقد أمر الله المؤمنين بالوفاء بالعهود، وحرمَّ عليهم نقضها فقال: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء: 34]، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة: 1]، وتوجد الكثير من الأدلة في الكتاب والسنة التي تأمر بوجوب الوفاء بالعهد وتحرم نقضه، قال ابن عطية: (وكل عهد جائز بين المسلمين فنقضه لا يحلُّ) . وقد عدَّ بعض العلماء نقض العهود من الكبائر، ومنهم الذهبي، فقد عدها كبيرة من الكبائر حيث قال: الكبيرة الخامسة والأربعون: الغدر وعدم الوفاء بالعهد . وقال ابن حجر: (عَدُّ هذا من الكبائر هو ما وقع في كلام غير واحد) . |
#1364
|
||||
|
||||
صور نقض العهد
من صور نقض العهد : 1- نقض العهد الذي وصى الله به خلقه من فعل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال، وترك ما لا يحبه الله ولا يرضاه من الأقوال والأفعال، والذي تضمنته كتبه المنزلة، وبلَّغه رسله عليهم الصلاة والسلام، ومعنى نقض هذا العهد ترك العمل به. 2- نقض العهد الذي للإمام ونائبه على المسلمين، من وجوب الطاعة في المعروف، ونصرة دين الله عزَّ وجلَّ دون مبرر شرعي يقتضي ذلك. 3- نقض العهد الذي أعطاه الشارع الحكيم للكفار غير المحاربين، من أهل الذمة والمستأمنين، وكذلك المعاهدين، دون مبرر شرعي يقتضي ذلك، قال صلى الله عليه وسلم ((ألا من *** نفسًا معاهدة له ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر بذمة الله فلا يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفًا)) . 4- خلف الموعد بأن يعطي موعدًا وفي نيته عدم الوفاء، أما إذا أعطى موعدًا وفي نيته الوفاء ولم يف لأمر خارج عن إرادته فلا يعد ذلك نقضًا للوعد. نقض الحكام والولاة عهد الله بعدم تطبيقهم لشرعه والسير على منهجه. |
#1365
|
||||
|
||||
أسباب الوقوع في نقض العهد
1- ضعف الإيمان بالله. 2- النسيان. 3- الحرص على المصالح الدنيوية. 4- طول الأمد قد يتسبب في نقض العهد، كما حصل مع قوم موسى. 5- عدم وفاء الطرف الآخر بالعهد. 6- خوف الإنسان من المخلوق، ومراعاته دون خالقه. |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|