#1246
|
||||
|
||||
الإسراء
{1} سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ سُورَة الْإِسْرَاء [ مَكِّيَّة إلَّا الْآيَات 26 و32 و57 مِنْ آيَة 73 إلَى غَايَة 80 فَمَدَنِيَّة وَآيَاتهَا 111 نَزَلَتْ بَعْد الْقَصَص ] "سُبْحَان" أَيْ تَنْزِيه "الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ" مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَيْلًا" نُصِبَ عَلَى الظَّرْف وَالْإِسْرَاء سَيْر اللَّيْل وَفَائِدَة ذِكْره الْإِشَارَة بِتَنْكِيرِهِ إلَى تَقْلِيل مُدَّته "مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام إلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى" بَيْت الْمَقْدِس لِبُعْدِهِ مِنْهُ "الَّذِي بَارَكْنَا حَوْله" بِالثِّمَارِ وَالْأَنْهَار "لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتنَا" عَجَائِب قُدْرَتنَا "إنَّهُ هُوَ السَّمِيع الْبَصِير" أَيْ الْعَالِم بِأَقْوَالِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْعَاله فَأَنْعَمَ عَلَيْهِ بِالْإِسْرَاءِ الْمُشْتَمِل عَلَى اجْتِمَاعه بِالْأَنْبِيَاءِ وَعُرُوجه إلَى السَّمَاء وَرُؤْيَة عَجَائِب الْمَلَكُوت وَمُنَاجَاته لَهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"أُتِيت بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّة أَبْيَض فَوْق الْحِمَار وَدُون الْبَغْل يَضَع حَافِره عِنْد مُنْتَهَى طَرَفه فَرَكِبْته فَسَارَ بِي حَتَّى أَتَيْت بَيْت الْمَقْدِس فَرَبَطْت الدَّابَّة بِالْحَلْقَةِ الَّتِي تَرْبِط فِيهَا الْأَنْبِيَاء ثُمَّ دَخَلْت فَصَلَّيْت فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْت فَجَاءَنِي جِبْرِيل بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْر وَإِنَاء مِنْ لَبَن فَاخْتَرْت اللَّبَن قَالَ جِبْرِيل : أَصَبْت الْفِطْرَة قَالَ : ثُمَّ عُرِجَ بِي إلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل قِيلَ : مَنْ أَنْتَ قَالَ : جِبْرِيل قِيلَ : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد قِيلَ : أَوَ قَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ ؟ قَالَ : قَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِآدَم فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِالْخَيْرِ ثُمَّ عُرِجَ بِي إلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقِيلَ : مَنْ أَنْتَ فَقَالَ : جِبْرِيل قِيلَ : وَمَنْ مَعَك قَالَ : مُحَمَّد قِيلَ أَوَ قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا بِابْنَيْ الْخَالَة يَحْيَى وَعِيسَى فَرَحَّبَا بِي وَدَعَوَا لِي بِالْخَيْرِ ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقِيلَ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : جِبْرِيل فَقِيلَ : وَمَنْ مَعَك قَالَ : مُحَمَّد فَقِيلَ : أَوَ قَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ قَالَ : قَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِيُوسُف وَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْر الْحُسْن فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقِيلَ : مَنْ أَنْتَ قَالَ جِبْرِيل فَقِيلَ : وَمَنْ مَعَك قَالَ : مُحَمَّد فَقِيلَ : أَوَ قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيس فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقِيلَ : مَنْ أَنْتَ قَالَ : جِبْرِيل فَقِيلَ : وَمَنْ مَعَك قَالَ : مُحَمَّد فَقِيلَ : أَوَ قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بَهَارُونَ فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقِيلَ : مَنْ أَنْتَ فَقَالَ : جِبْرِيل فَقِيلَ : وَمَنْ مَعَك قَالَ : مُحَمَّد فَقِيلَ : أَوَ قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقِيلَ : مَنْ أَنْتَ فَقَالَ : جِبْرِيل قِيلَ وَمَنْ مَعَك فَقَالَ : مُحَمَّد قِيلَ : أَوَ قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيم فَإِذَا هُوَ مُسْتَنِد إلَى الْبَيْت الْمَعْمُور وَإِذَا هُوَ يَدْخُلهُ كُلّ يَوْم سَبْعُونَ أَلْف مَلَك ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إلَيْهِ ; ثُمَّ ذَهَبَ إلَى سِدْرَة الْمُنْتَهَى فَإِذَا أَوْرَاقهَا كَآذَانِ الْفِيَلَة وَإِذَا ثَمَرهَا كَالْقِلَالِ فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْر اللَّه مَا غَشِيَهَا تَغَيَّرَتْ فَمَا أَحَد مِنْ خَلْق اللَّه تَعَالَى يَسْتَطِيع أَنْ يَصِفَهَا مِنْ حُسْنهَا قَالَ : فَأَوْحَى اللَّه إلَيَّ مَا أَوْحَى وَفَرَضَ عَلَيَّ فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة خَمْسِينَ صَلَاة فَنَزَلْت حَتَّى انْتَهَيْت إلَى مُوسَى فَقَالَ : مَا فَرَضَ رَبّك عَلَى أُمَّتك قُلْت : خَمْسِينَ صَلَاة فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة قَالَ : ارْجِعْ إلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لِأُمَّتِك فَإِنَّ أُمَّتك لَا تُطِيق ذَلِكَ وَإِنِّي قَدْ بَلَوْت بَنِي إسْرَائِيل وَخَبَرْتهمْ قَالَ : فَرَجَعْت إلَى رَبِّي فَقُلْت : أَيْ رَبّ خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا فَرَجَعْت إلَى مُوسَى قَالَ : مَا فَعَلْت فَقُلْت قَدْ حَطَّ عَنِّي خَمْسًا قَالَ : إنَّ أُمَّتك لَا تُطِيق ذَلِكَ فَارْجِعْ إلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لِأُمَّتِك قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِع بَيْن رَبِّي وَبَيْن مُوسَى وَيَحُطّ عَنِّي خَمْسًا خَمْسًا حَتَّى قَالَ : يَا مُحَمَّد هِيَ خَمْس صَلَوَات فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة بِكُلِّ صَلَاة عَشْر فَتِلْكَ خَمْسُونَ صَلَاة وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَة فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ سَيِّئَة وَاحِدَة فَنَزَلْت حَتَّى انْتَهَيْت إلَى مُوسَى فَأَخْبَرْته فَقَالَ ارْجِعْ إلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَإِنَّ أُمَّتك لَا تُطِيق ذَلِكَ فَقُلْت :"قَدْ رَجَعْت إلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْت" رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظ لِمُسْلِمٍ وَرَوَى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"رَأَيْت رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ" {2} وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا "وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب" التَّوْرَاة "أَ" نْ "لَا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا" يُفَوِّضُونَ إلَيْهِ أَمْرهمْ وَفِي قِرَاءَة تَتَّخِذُوا بِالْفَوْقَانِيَّةِ الْتِفَاتًا فَأَنْ زَائِدَة وَالْقَوْل مُضْمَر" {3} ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا "ذُرِّيَّة مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح" فِي السَّفِينَة "شَكُورًا" كَثِير الشُّكْر لَنَا حَامِدًا فِي جَمِيع أَحْوَاله {4} وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا "وَقَضَيْنَا" أَوْحَيْنَا "فِي الْكِتَاب" التَّوْرَاة "لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْض" أَرْض الشَّام بِالْمَعَاصِي "وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا" تَبْغُونَ بَغْيًا عَظِيمًا {5} فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا "فَإِذَا جَاءَ وَعْد أُولَاهُمَا" أُولَى مَرَّتَيْ الْفَسَاد "أُولِي بَأْس شَدِيد" أَصْحَاب قُوَّة فِي الْحَرْب وَالْبَطْش "فَجَاسُوا" تَرَدَّدُوا لِطَلَبِكُمْ "خِلَال الدِّيَار" وَسْط دِيَاركُمْ لِيَقْتُلُوكُمْ وَيَسْبُوكُمْ "وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا" وَقَدْ أَفْسَدُوا الْأُولَى بِقَتْلِ زَكَرِيَّا فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ جَالُوت وَجُنُوده فَقَتَلُوهُمْ وَسَبَوْا أَوْلَادهمْ وَخَرَّبُوا بَيْت الْمَقْدِس {6} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا "الْكَرَّة" الدَّوْلَة وَالْغَلَبَة "عَلَيْهِمْ" بَعْد مِائَة سَنَة بِقَتْلِ جَالُوت "نَفِيرًا" عَشِيرَة {7} إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا "إنْ أَحْسَنْتُمْ" بِالطَّاعَةِ "أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ" لِأَنْ ثَوَابه لَهَا "وَإِنْ أَسَأْتُمْ" بِالْفَسَادِ "فَلَهَا" إسَاءَتكُمْ "وَعْد" الْمَرَّة "الْآخِرَة" بَعَثْنَاهُمْ "لِيَسُوءُوا وُجُوهكُمْ" يُحْزِنُوكُمْ بِالْقَتْلِ وَالسَّبْي حُزْنًا يَظْهَر فِي وُجُوهكُمْ "وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِد" بَيْت الْمَقْدِس فَيُخَرِّبُوهُ "كَمَا دَخَلُوهُ" وَخَرَّبُوهُ "أَوَّل مَرَّة وَلِيُتَبِّرُوا" يُهْلِكُوا "مَا عَلَوْا" غَلَبُوا عَلَيْهِ "تَتْبِيرًا" هَلَاكًا وَقَدْ أَفْسَدُوا ثَانِيًا بِقَتْلِ يَحْيَى فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ بُخْتُنَصَّر فَقَتَلَ مِنْهُمْ أُلُوفًا وَسَبَى ذُرِّيَّتهمْ وَخَرَّبَ بَيْت الْمَقْدِس |
#1247
|
||||
|
||||
|
#1248
|
||||
|
||||
الإسراء
{8} عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا "يَرْحَمكُمْ" بَعْد الْمَرَّة الثَّانِيَة إنْ تُبْتُمْ "وَإِنْ عُدْتُمْ" إلَى الْفَسَاد "عُدْنَا" إلَى الْعُقُوبَة وَقَدْ عَادُوا بِتَكْذِيبِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُلِّطَ عَلَيْهِمْ بِقَتْلِ قُرَيْظَة وَنَفْي النَّضِير وَضَرْب الْجِزْيَة عَلَيْهِمْ "حَصِيرًا" مَحْبِسًا وَسِجْنًا {9} إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا "لِلَّتِي" أَيْ لِلطَّرِيقَةِ الَّتِي "هِيَ أَقْوَم" أَعْدَل وَأَصْوَب {10} وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا "وَ" يُخْبِر "أَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا" أَعْدَدْنَا "لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" مُؤْلِمًا هُوَ النَّار {11} وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا "وَيَدْعُ الْإِنْسَان بِالشَّرِّ" عَلَى نَفْسه وَأَهْله إذَا ضَجِرَ "دُعَاءَهُ" أَيْ كَدُعَائِهِ لَهُ "بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَان" الْجِنْس "عَجُولًا" بِالدُّعَاءِ عَلَى نَفْسه وَعَدَم النَّظَر فِي عَاقِبَته {12} وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا "وَجَعَلْنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ" دَالَّتَيْنِ عَلَى قُدْرَتنَا "فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل" طَمَسْنَا نُورهَا بِالظَّلَامِ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالْإِضَافَة لِلْبَيَانِ "مُبْصِرَة" أَيْ مُبْصِرًا فِيهَا بِالضَّوْءِ "لِتَبْتَغُوا" فِيهِ "فَضْلًا مِنْ رَبّكُمْ" بِالْكَسْبِ "وَلِتَعْلَمُوا" بِهِمَا "عَدَد السِّنِينَ وَالْحِسَاب" لِلْأَوْقَاتِ "وَكُلّ شَيْء" . يُحْتَاج إلَيْهِ "فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا" بَيَّنَّاهُ تَبْيِينًا {13} وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا "وَكُلّ إنْسَان أَلْزَمْنَاهُ طَائِره" عَمَله يَحْمِلهُ "فِي عُنُقه" خُصَّ بِالذِّكْرِ لِأَنْ اللُّزُوم فِيهِ أَشَدّ وَقَالَ مُجَاهِد : مَا مِنْ مَوْلُود يُولَد إلَّا وَفِي عُنُقه وَرَقَة مَكْتُوب فِيهَا شَقِيّ أَوْ سَعِيد "كِتَابًا" مَكْتُوبًا فِيهِ عَمَله "يَلْقَاهُ مَنْشُورًا" صِفَتَانِ ل "كِتَابًا" {14} اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا "حَسِيبًا" مُحَاسِبًا {15} مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ" لِأَنْ ثَوَاب اهْتِدَائِهِ لَهُ "وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا" لِأَنَّ إثْمه عَلَيْهَا "وَلَا تَزِر" لَا تَزِر نَفْس "وَازِرَة" آثِمَة أَيْ لَا تَحْمِل "وِزْر" نَفْس "أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ" أَحَدًا "حَتَّى نَبْعَث رَسُولًا" يُبَيِّن لَهُ مَا يَجِب عَلَيْهِ {16} وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا "مُتْرَفِيهَا" مُنَعَّمِيهَا بِمَعْنَى رُؤَسَائِهَا بِالطَّاعَةِ عَلَى لِسَان رُسُلنَا "فَفَسَقُوا فِيهَا" فَخَرَجُوا عَنْ أَمْرنَا "فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْل" بِالْعَذَابِ "فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" أَهْلَكْنَاهَا بِإِهْلَاكِ أَهْلهَا وَتَخْرِيبهَا {17} وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا "وَكَمْ" أَيْ كَثِيرًا "أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُون" الْأُمَم " خَبِيرًا بَصِيرًا" عَالِمًا بِبَوَاطِنِهَا وَظَوَاهِرهَا وَبِهِ يَتَعَلَّق بِذُنُوبٍ |
#1249
|
||||
|
||||
|
#1250
|
||||
|
||||
الإسراء
{18} مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا "مَنْ كَانَ يُرِيد" بِعَمَلِهِ "الْعَاجِلَة" أَيْ الدُّنْيَا "عَجَّلْنَا لَهُ" التَّعْجِيل لَهُ بَدَل مِنْ لَهُ بِإِعَادَةِ الْجَارّ "ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ" فِي الْآخِرَة "جَهَنَّم يَصْلَاهَا" يَدْخُلهَا "مَذْمُومًا" مَلُومًا "مَدْحُورًا" مَطْرُودًا عَنْ الرَّحْمَة {19} وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا "وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَة وَسَعَى لَهَا سَعْيهَا" عَمِلَ عَمَلهَا اللَّائِق بِهَا "وَهُوَ مُؤْمِن" حَال "مَشْكُورًا" عِنْد اللَّه أَيْ مَقْبُولًا مُثَابًا عَلَيْهِ {20} كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا "كُلًّا" مِنْ الْفَرِيقَيْنِ "نُمِدّ" نُعْطِي "هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ" بَدَل "مِنْ" مُتَعَلِّق بِنُمِدّ "عَطَاء رَبّك" فِي الدُّنْيَا "وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّك" فِيهَا "مَحْظُورًا" مَمْنُوعًا عَنْ أَحَد {21} انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا "اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضهمْ عَلَى بَعْض" فِي الرِّزْق وَالْجَاه "وَلَلْآخِرَة أَكْبَر" أَعْظَم "دَرَجَات وَأَكْبَر تَفْضِيلًا" مِنْ الدُّنْيَا فَيَنْبَغِي الِاعْتِنَاء بِهَا دُونهَا {22} لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا "مَخْذُولًا" لَا نَاصِر لَك {23} وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا "وَقَضَى" أَمَرَ "أَ" نْ أَيْ بِأَنْ "لَا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ" أَنْ تُحْسِنُوا "وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا" بِأَنْ تَبَرُّوهُمَا "يَبْلُغَنَّ" فَاعِل وَفِي قِرَاءَة يَبْلُغَانِّ فَأَحَدهمَا بَدَل مِنْ أَلِفه "أُفّ" بِفَتْحِ الْفَاء وَكَسْرهَا مُنَوَّنًا وَغَيْر مُنَوَّن مَصْدَر بِمَعْنَى تَبًّا وَقُبْحًا "وَلَا تَنْهَرهُمَا" تَزْجُرهُمَا "وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" جَمِيلًا لَيِّنًا {24} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاح الذُّلّ" أَلِنْ لَهُمَا جَانِبك الذَّلِيل "مِنْ الرَّحْمَة" أَيْ لِرِقَّتِك عَلَيْهِمَا "كَمَا" كَمَا رَحِمَانِي حِين "رَبَّيَانِي صَغِيرًا" {25} رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا "رَبّكُمْ أَعْلَم بِمَا فِي نُفُوسكُمْ" مِنْ إضْمَار الْبِرّ وَالْعُقُوق "إنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ" طَائِعِينَ لِلَّهِ "لِلْأَوَّابِينَ" الرَّجَّاعِينَ إلَى طَاعَته "غَفُورًا" لِمَا صَدَرَ مِنْهُمْ فِي حَقّ الْوَالِدَيْنِ مِنْ بَادِرَة وَهُمْ لَا يُضْمِرُونَ عُقُوقًا {26} وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا "وَآتِ" أَعْطِ "ذَا الْقُرْبَى" الْقَرَابَة "حَقّه" مِنْ الْبِرّ وَالصِّلَة "وَلَا تُبَذِّر تَبْذِيرًا" بِالْإِنْفَاقِ فِي غَيْر طَاعَة اللَّه {27} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا "إنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إخْوَان الشَّيَاطِين" أَيْ عَلَى طَرِيقَتهمْ "كَفُورًا" شَدِيد الْكُفْر لِنِعَمِهِ فَكَذَلِكَ أَخُوهُ الْمُبَذِّر |
#1251
|
||||
|
||||
|
#1252
|
||||
|
||||
|
#1253
|
||||
|
||||
|
#1254
|
||||
|
||||
الإسراء
{39} ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا "ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إلَيْك" يَا مُحَمَّد "الْحِكْمَة" الْمَوْعِظَة "مَدْحُورًا" مَطْرُودًا عَنْ رَحْمَة اللَّه {40} أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا "أَفَأَصْفَاكُمْ" أَخْلَصَكُمْ يَا أَهْل مَكَّة "إنَاثًا" بَنَات لِنَفْسِهِ بِزَعْمِكُمْ "إنَّكُمْ لَتَقُولُونَ" لَتَقُولُونَ بِذَلِكَ {41} وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا "وَلَقَدْ صَرَّفْنَا" بَيَّنَّا "فِي هَذَا الْقُرْآن" مِنْ الْأَمْثَال وَالْوَعْد وَالْوَعِيد "لِيَذَّكَّرُوا" يَتَّعِظُوا "وَمَا يَزِيدهُمْ" مَا يَزِيدهُمْ ذَلِكَ "إلَّا نُفُورًا" عَنْ الْحَقّ {42} قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا "قُلْ" لَهُمْ "لَوْ كَانَ مَعَهُ" أَيْ اللَّه "لَابْتَغَوْا" طَلَبُوا "إلَى ذِي الْعَرْش" أَيْ اللَّه "سَبِيلًا" لِيُقَاتِلُوهُ {43} سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا "سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ "وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ" مِنْ الشُّرَكَاء {44} تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا "تُسَبِّح لَهُ" تُنَزِّههُ "وَإِنْ" مَا "مِنْ شَيْء" مِنْ الْمَخْلُوقَات "إلَّا يُسَبِّح" مُتَلَبِّسًا بِحَمْدِهِ "بِحَمْدِهِ" أَيْ يَقُول سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ "وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ" تَفْهَمُونَ "تَسْبِيحهمْ" لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلُغَتِكُمْ "إنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا" حَيْثُ لَمْ يُعَاجِلكُمْ بِالْعُقُوبَةِ {45} وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا "مَسْتُورًا" أَيْ سَاتِرًا لَك عَنْهُمْ فَلَا يَرَوْنَك نَزَلَ فِيمَنْ أَرَادَ الْفَتْك بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {46} وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا "أَكِنَّة" أَغْطِيَة "أَنْ يَفْقَهُوهُ" مِنْ أَنْ يَفْهَمُوا الْقُرْآن أَيْ فَلَا يَفْهَمُونَهُ "وَفِي آذَانهمْ وَقْرًا" ثِقَلًا فَلَا يَسْمَعُونَهُ "نُفُورًا" نُفُورًا عَنْهُ {47} نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا "بِهِ" بِسَبَبِهِ مِنْ الْهُزْء "إذْ يَسْتَمِعُونَ إلَيْك" إلَى قِرَاءَتك "وَإِذْ هُمْ نَجْوَى" يَتَنَاجَوْنَ بَيْنهمْ أَيْ يَتَحَدَّثُونَ "إذْ" بَدَل مِنْ إذْ قَبْله "يَقُول الظَّالِمُونَ" فِي تَنَاجِيهمْ "إنْ" مَا "مَسْحُورًا" مَخْدُوعًا مَغْلُوبًا عَلَى عَقْله {48} انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا "اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَك الْأَمْثَال" بِالْمَسْحُورِ وَالْكَاهِن وَالشَّاعِر "فَضَلُّوا" بِذَلِكَ عَنْ الْهُدَى "فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا" طَرِيقًا إلَيْهِ {49} وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا "وَقَالُوا" مُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ |
#1255
|
||||
|
||||
|
#1256
|
||||
|
||||
الإسراء
{50} قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا "قُلْ" لَهُمْ {51} أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا "أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُر فِي صُدُوركُمْ" يَعْظُم عَنْ قَبُول الْحَيَاة فَضْلًا عَنْ الْعِظَام وَالرُّفَات فَلَا بُدّ مِنْ إيجَاد الرُّوح فِيكُمْ "فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدنَا" إلَى الْحَيَاة "فَطَرَكُمْ" خَلَقَكُمْ "أَوَّل مَرَّة" وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا لِأَنَّ الْقَادِر عَلَى الْبَدْء قَادِر عَلَى الْإِعَادَة بَلْ هِيَ أَهْوَن "فَسَيُنْغِضُونَ" يُحَرِّكُونَ "إلَيْك رُءُوسهمْ" تَعَجُّبًا "وَيَقُولُونَ" اسْتِهْزَاء "مَتَى هُوَ" أَيْ الْبَعْث {52} يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا "يَوْم يَدْعُوكُمْ" يُنَادِيكُمْ مِنْ الْقُبُور عَلَى لِسَان إسْرَافِيل "فَتَسْتَجِيبُونَ" فَتُجِيبُونَ دَعْوَتَهُ مِنْ الْقُبُور "بِحَمْدِهِ" بِأَمْرِهِ وَقِيلَ وَلَهُ الْحَمْد "إنْ" مَا "لَبِثْتُمْ" فِي الدُّنْيَا "إلَّا قَلِيلًا" لِهَوْلِ مَا تَرَوْنَ {53} وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا "وَقُلْ لِعِبَادِي" الْمُؤْمِنِينَ "يَقُولُوا" لِلْكُفَّارِ الْكَلِمَة "يَنْزَغ" يُفْسِد "إنَّ الشَّيْطَان كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا" بَيِّن الْعَدَاوَة وَالْكَلِمَة الَّتِي هِيَ أَحْسَن وَهِيَ {54} رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا "رَبّكُمْ أَعْلَم بِكُمْ إنْ يَشَأْ يَرْحَمكُمْ" بِالتَّوْبَةِ وَالْإِيمَان "أَوْ إنْ يَشَأْ" تَعْذِيبكُمْ "يُعَذِّبكُمْ" بِالْمَوْتِ عَلَى الْكُفْر "وَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِمْ وَكِيلًا" فَتُجْبِرهُمْ عَلَى الْإِيمَان وَهَذَا قَبْل الْأَمْر بِالْقِتَالِ {55} وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا "وَرَبّك أَعْلَم بِمَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض" فَيَخُصّهُمْ بِمَا شَاءَ عَلَى قَدْر أَحْوَالهمْ "وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْض النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْض" بِتَخْصِيصِ كُلّ مِنْهُمْ بِفَضِيلَةٍ كَمُوسَى بِالْكَلَامِ وَإِبْرَاهِيم بِالْخُلَّةِ وَمُحَمَّد بِالْإِسْرَاءِ {56} قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا "قُلْ" لَهُمْ "اُدْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ" أَنَّهُمْ آلِهَة "مِنْ دُونه" كَالْمَلَائِكَةِ وَعِيسَى وَعُزَيْر "تَحْوِيلًا" لَهُ إلَى غَيْركُمْ {57} أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا "أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ" أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَهُمْ آلِهَة "يَبْتَغُونَ" يَطْلُبُونَ "إلَى رَبّهمْ الْوَسِيلَة" الْقُرْبَة بِالطَّاعَةِ "أَيّهمْ" بَدَل مِنْ وَاو يَبْتَغُونَ أَيْ يَبْتَغِيهَا الَّذِي هُوَ "أَقْرَب" إلَيْهِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ "وَيَرْجُونَ رَحْمَته وَيَخَافُونَ عَذَابه" كَغَيْرِهِمْ فَكَيْفَ تَدْعُونَهُمْ آلِهَة {58} وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا "وَإِنْ" مَا "مِنْ قَرْيَة" أُرِيدَ أَهْلهَا "مُهْلِكُوهَا" بِالْمَوْتِ "أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا" بِالْقَتْلِ وَغَيْره "كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَاب" اللَّوْح الْمَحْفُوظ "مَسْطُورًا" مَكْتُوبًا |
#1257
|
||||
|
||||
|
#1258
|
||||
|
||||
الإسراء
{59} وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا "وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِل بِالْآيَاتِ" الَّتِي اقْتَرَحَهَا أَهْل مَكَّة "إلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ" لَمَّا أَرْسَلْنَاهَا فَأَهْلَكْنَاهُمْ وَلَوْ أَرْسَلْنَاهَا إلَى هَؤُلَاءِ لَكَذَّبُوا بِهَا وَاسْتَحَقُّوا الْإِهْلَاك وَقَدْ حَكَمْنَا بِإِمْهَالِهِمْ لِإِتْمَامِ أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَآتَيْنَا ثَمُود النَّاقَة" آيَة "مُبْصِرَة" بَيِّنَة وَاضِحَة "فَظَلَمُوا" كَفَرُوا "بِهَا" "بِالْآيَاتِ" الْمُعْجِزَات "إلَّا تَخْوِيفًا" لِلْعِبَادِ فَيُؤْمِنُوا {60} وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا "وَ" وَاذْكُرْ "إِذْ قُلْنَا لَك إنَّ رَبّك أَحَاطَ بِالنَّاسِ" عِلْمًا وَقُدْرَة فَهُمْ فِي قَبْضَته فَبَلِّغْهُمْ وَلَا تَخَفْ أَحَدًا فَهُوَ يَعْصِمك مِنْهُمْ "أَرَيْنَاك" عِيَانًا لَيْلَة الْإِسْرَاء "إلَّا فِتْنَة لِلنَّاسِ" أَهْل مَكَّة إذْ كَذَّبُوا بِهَا وَارْتَدَّ بَعْضهمْ لَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهَا "وَالشَّجَرَة الْمَلْعُونَة فِي الْقُرْآن" وَهِيَ الزَّقُّوم الَّتِي تَنْبُت فِي أَصْل الْجَحِيم جَعَلْنَاهَا فِتْنَة لَهُمْ إذْ قَالُوا : النَّار تُحْرِق الشَّجَر فَكَيْفَ تُنْبِتهُ "وَنُخَوِّفهُمْ" بِهَا "فَمَا يَزِيدهُمْ" تَخْوِيفنَا {61} وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا "وَ" اذْكُر "اُسْجُدُوا لِآدَم" سُجُود تَحِيَّة بِالِانْحِنَاءِ "طِينًا" نُصِبَ بِنَزْعِ الْخَافِض أَيْ مِنْ طِين {62} قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا "قَالَ أَرَأَيْتُك" أَيْ أَخْبِرْنِي "هَذَا الَّذِي كَرَّمْت" فَضَّلْت "عَلَيَّ" بِالْأَمْرِ بِالسُّجُودِ لَهُ "وَأَنَا خَيْر مِنْهُ خَلَقْتنِي مِنْ نَار" "لَئِنْ" لَام قَسَم "لَأَحْتَنِكَنَّ" لَأَسْتَأْصِلَنَّ "ذُرِّيَّته" بِالْإِغْوَاءِ "إلَّا قَلِيلًا" مِنْهُمْ مِمَّنْ عَصَمْته {63} قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا "قَالَ" تَعَالَى لَهُ "اذْهَبْ" مُنْظَرًا إلَى وَقْت النَّفْخَة الْأُولَى "جَزَاؤُكُمْ" أَنْتَ وَهُمْ "جَزَاء مَوْفُورًا" وَافِرًا كَامِلًا {64} وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا "وَاسْتَفْزِزْ" اسْتَخِفَّ "بِصَوْتِك" بِدُعَائِك بِالْغِنَاءِ وَالْمَزَامِير وَكُلّ دَاعٍ إلَى الْمَعْصِيَة "وَأَجْلِبْ" صِحْ "عَلَيْهِمْ بِخَيْلِك وَرَجِلك" وَهُمْ الرُّكَّاب وَالْمُشَاة فِي الْمَعَاصِي "وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَال" الْمُحَرَّمَة كَالرِّبَا وَالْغَصْب "وَالْأَوْلَاد" مِنْ الزِّنَى "وَعِدْهُمْ" بِأَنْ لَا بَعْث وَلَا جَزَاء "وَمَا يَعِدهُمْ الشَّيْطَان" بِذَلِكَ "إلَّا غُرُورًا" بَاطِلًا {65} إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا "إنَّ عِبَادِي" الْمُؤْمِنِينَ "سُلْطَان" تَسَلُّط وَقُوَّة "وَكَفَى بِرَبِّك وَكِيلًا" حَافِظًا لَهُمْ مِنْك {66} رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا "يُزْجِي" يُجْرِي "لَكُمْ الْفُلْك" السُّفُن "لِتَبْتَغُوا" تَطْلُبُوا "مِنْ فَضْله" تَعَالَى بِالتِّجَارَةِ "إنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا" فِي تَسْخِيرهَا لَكُمْ |
#1259
|
||||
|
||||
|
#1260
|
||||
|
||||
الإسراء
{67} وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا "الضُّرّ" الشِّدَّة "فِي الْبَحْر" خَوْف الْغَرَق "ضَلَّ" غَابَ عَنْكُمْ "مَنْ تَدْعُونَ" تَعْبُدُونَ مِنْ الْآلِهَة فَلَا تَدْعُونَهُ "إلَّا إيَّاهُ" تَعَالَى فَإِنَّكُمْ تَدْعُونَهُ وَحْده لِأَنَّكُمْ فِي شِدَّة لَا يَكْشِفهَا إلَّا هُوَ "فَلَمَّا نَجَّاكُمْ" مِنْ الْغَرَق وَأَوْصَلَكُمْ "أَعْرَضْتُمْ" عَنْ التَّوْحِيد "وَكَانَ الْإِنْسَان كَفُورًا" جَحُودًا لِلنِّعَمِ {68} أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا "جَانِب الْبَرّ" أَيْ الْأَرْض كَقَارُونَ "أَوْ يُرْسِل عَلَيْكُمْ حَاصِبًا" أَيْ يَرْمِيكُمْ بِالْحَصْبَاءِ كَقَوْمِ لُوط "وَكِيلًا" حَافِظًا مِنْهُ {69} أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا "فِيهِ" أَيْ الْبَحْر "تَارَة" مَرَّة "قَاصِفًا مِنْ الرِّيح" أَيْ رِيحًا شَدِيدَة لَا تَمُرّ بِشَيْءٍ إلَّا قَصَفَتْهُ فَتَكْسِر فُلْككُمْ "فَيُغْرِقكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ" بِكُفْرِكُمْ "تَبِيعًا" نَاصِرًا وَتَابِعًا يُطَالِبنَا بِمَا فَعَلْنَا بِكُمْ {70} وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا" فَضَّلْنَا "بَنِي آدَم" بِالْعِلْمِ وَالنُّطْق وَاعْتِدَال الْخَلْق وَغَيْر ذَلِكَ وَمِنْهُ طَهَارَتهمْ بَعْد الْمَوْت "وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ" عَلَى الدَّوَابّ "وَالْبَحْر" عَلَى السُّفُن "كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا" كَالْبَهَائِمِ وَالْوُحُوش "تَفْضِيلًا" فَمَنْ بِمَعْنَى مَا أَوْ عَلَى بَابهَا وَتَشْمَل الْمَلَائِكَة وَالْمُرَاد تَفْضِيل الْجِنْس وَلَا يَلْزَم تَفْضِيل أَفْرَاده إذْ هُمْ أَفْضَل مِنْ الْبَشَر غَيْر الْأَنْبِيَاء {71} يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا "بِإِمَامِهِمْ" نَبِيّهمْ فَيُقَال يَا أُمَّة فُلَان أَوْ بِكِتَابِ أَعْمَالهمْ فَيُقَال يَا صَاحِب الشَّرّ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة "فَمَنْ أُوتِيَ" مِنْهُمْ "كِتَابه بِيَمِينِهِ" وَهُمْ السُّعَدَاء أُولُو الْبَصَائِر فِي الدُّنْيَا "يُظْلَمُونَ" يُنْقَصُونَ مِنْ أَعْمَالهمْ "فَتِيلًا" قَدْر قِشْرَة النَّوَاة {72} وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا "وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ" أَيْ الدُّنْيَا "أَعْمَى" عَنْ الْحَقّ "فَهُوَ فِي الْآخِرَة أَعْمَى" عَنْ طَرِيق النَّجَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن "وَأَضَلّ سَبِيلًا" أَبْعَد طَرِيقًا عَنْهُ وَنَزَلَ فِي ثَقِيف وَقَدْ سَأَلُوهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَرِّم وَادِيَهُمْ وَأَلَحُّوا عَلَيْهِ {73} وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا "وَإِنْ" مُخَفَّفَة "كَادُوا" قَارَبُوا "لَيَفْتِنُونَك" لَيَسْتَنْزِلُونَك "وَإِذًا" لَوْ فَعَلْت ذَلِكَ {74} وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا "وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاك" عَلَى الْحَقّ بِالْعِصْمَةِ "لَقَدْ كِدْت" قَارَبْت "تَرْكَن" تَمِيل "إلَيْهِمْ شَيْئًا" رُكُونًا "قَلِيلًا" لِشِدَّةِ احْتِيَالهمْ وَإِلْحَاحهمْ وَهُوَ صَرِيح فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْكَن وَلَا قَارَبَ {75} إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا "إذًا" لَوْ رَكَنْت "ضِعْف الْحَيَاة" أَيْ ضِعْف الْعَذَاب "وَضِعْف الْمَمَات" أَيْ مِثْلَيْ مَا يُعَذَّب غَيْرك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة "نَصِيرًا" مَانِعًا مِنْهُ |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
تفسير, قران |
|
|