#976
|
||||
|
||||
القصص
{60} وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْء فَمَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا" تَتَمَتَّعُونَ وَتَتَزَيَّنُونَ بِهِ أَيَّام حَيَاتكُمْ ثُمَّ يَفْنَى "وَمَا عِنْد اللَّه" أَيْ ثَوَابه "خَيْر وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء أَنَّ الْبَاقِي خَيْر مِنْ الْفَانِي {61} أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ "أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه" وَهُوَ مُصِيبه وَهُوَ الْجَنَّة "كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا" فَيَزُول عَنْ قَرِيب "ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ" أَيْ إلَى النَّار الْأَوَّل الْمُؤْمِن وَالثَّانِي الْكَافِر أَيْ لَا تَسَاوِي بَيْنهمَا {62} وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ "وَ" اُذْكُرْ "يَوْم يُنَادِيهِمْ" اللَّه "فَيَقُول أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ" تَزْعُمُونَهُمْ شُرَكَائِي {63} قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ "قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْل" بِدُخُولِ النَّار وَهُمْ رُؤَسَاء الضَّلَالَة "رَبَنا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغَوَيْنَا" مُبْتَدَأ وَصِفَة "أَغْوَيْنَاهُمْ" خَبَره فَغَوَوْا "كَمَا غَوَيْنَا" لَمْ نُكْرِههُمْ عَلَى الْغَيّ "تَبَرَّأْنَا إلَيْك" تَبَرَّأْنَا إلَيْك مِنْهُمْ "مَا كَانُوا إيَّانَا يَعْبُدُونَ" مَا نَافِيَة وَقَدَّمَ الْمَفْعُول لِلْفَاصِلَةِ {64} وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ "وَقِيلَ اُدْعُوَا شُرَكَاءَكُمْ" أَيْ الْأَصْنَام الَّذِينَ تَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ شُرَكَاء اللَّه "فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ" أَيْ لِدُعَائِهِمْ "وَرَأَوْا" هُمْ "الْعَذَاب" أَبْصَرُوهُ "لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ" فِي الدُّنْيَا لِمَا رَأَوْهُ فِي الْآخِرَة {65} وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ "وَ" اُذْكُرْ "يَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ" إلَيْكُمْ {66} فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ "فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاء" الْأَخْبَار الْمُنْجِيَة فِي الْجَوَاب "يَوْمئِذٍ" لَمْ يَجِدُوا خَبَرًا لَهُمْ فِيهِ نَجَاة "فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ" فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ عَنْهُ فَيَسْكُتُونَ . {67} فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ "فَأَمَّا مَنْ تَابَ" مِنْ الشِّرْك "وَآمَنَ" صَدَّقَ بِتَوْحِيدِ اللَّه "وَعَمِلَ صَالِحًا" أَدَّى الْفَرَائِض "فَعَسَى أَنْ يَكُون مِنْ الْمُفْلِحِينَ" النَّاجِينَ بِوَعْدِ اللَّه {68} وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ "وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار" مَا يَشَاء "مَا كَانَ لَهُمْ" لِلْمُشْرِكِينَ "الْخِيَرَة" الِاخْتِيَار فِي شَيْء "سُبْحَان اللَّه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" عَنْ إشْرَاكهمْ {69} وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ "وَرَبّك يَعْلَم مَا تُكِنّ صُدُورهمْ" تُسِرّ قُلُوبهمْ مِنْ الْكُفْر وَغَيْره "وَمَا يُعْلِنُونَ" بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ ذَلِكَ {70} وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "وَهُوَ اللَّه لَا إلَه إلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْد فِي الْأُولَى" الدُّنْيَا "وَالْآخِرَة" الْجَنَّة "وَلَهُ الْحُكْم" الْقَضَاء النَّافِذ فِي كُلّ شَيْء "وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" بِالنُّشُورِ |
#977
|
||||
|
||||
|
#978
|
||||
|
||||
القصص {71} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ
"قُلْ" لِأَهْلِ مَكَّة "أَرَأَيْتُمْ" أَيْ أَخْبِرُونِي "إنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ اللَّيْل سَرْمَدًا" دَائِمًا "إلَى يَوْم الْقِيَامَة مَنْ إلَه غَيْر اللَّه" أَيْ بِزَعْمِكُمْ "يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ" نَهَار تَطْلُبُونَ فِيهِ الْمَعِيشَة "أَفَلَا تَسْمَعُونَ" ذَلِكَ سَمَاع تَفَهُّم فَتَرْجِعُونَ عَنْ الْإِشْرَاك {72} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ "قُلْ" لَهُمْ "أَرَأَيْتُمْ إنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ النَّهَار سَرْمَدًا إلَى يَوْم الْقِيَامَة مَنْ إلَه غَيْر اللَّه" أَيْ بِزَعْمِكُمْ "يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ" تَسْتَرِيحُونَ "فِيهِ" مِنْ التَّعَب "أَفَلَا تُبْصِرُونَ" مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَأ فِي الْإِشْرَاك فَتَرْجِعُونَ عَنْهُ {73} وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "وَمِنْ رَحْمَته" تَعَالَى "جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْل وَالنَّهَار لِتَسْكُنُوا فِيهِ" أَيْ فِي اللَّيْل "وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْله" فِي النَّهَار لِلْكَسْبِ "وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" النِّعْمَة فِيهِمَا {74} وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ "وَ" اُذْكُرْ "يَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ" ذَكَرَ ثَانِيًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ {75} وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ "وَنَزَعْنَا" أَخَرَجْنَا "مِنْ كُلّ أُمَّة شَهِيدًا" وَهُوَ نَبِيّهمْ يَشْهَد عَلَيْهِمْ بِمَا قَالُوا "فَقُلْنَا" لَهُمْ "هَاتُوا بُرْهَانكُمْ" عَلَى مَا قُلْتُمْ مِنْ الْإِشْرَاك "فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقّ" فِي الْإِلَهِيَّة لِلَّهِ "لِلَّهِ" لَا يُشَارِكهُ فِيهِ أَحَد "وَضَلَّ" غَابَ "عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ" وَغَابَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنَّ مَعَهُ شَرِيكًا تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ {76} إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ "إنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى" ابْن عَمّه وَابْن خَالَته وَآمَنَ بِهِ "فَبَغَى عَلَيْهِمْ" بِالْكِبْرِ وَالْعُلُوّ وَكَثْرَة الْمَال "وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوز مَا إنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء" تَثْقُل "بِالْعُصْبَةِ" الْجَمَاعَة "أُولِي" أَصْحَاب "الْقُوَّة" أَيْ تَثْقُلهُمْ فَالْبَاء لِلتَّعْدِيَةِ وَعِدَّتهمْ قِيلَ سَبْعُونَ وَقِيلَ أَرْبَعُونَ وَقِيلَ عَشَرَة وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ اُذْكُرْ "إذْ قَالَ لَهُ قَوْمه" الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيل "لَا تَفْرَح" بِكَثْرَةِ الْمَال فَرَح بَطَر "إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ" بِذَلِكَ {77} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ "وَابْتَغِ" اُطْلُبْ "فِيمَا آتَاك اللَّه" مِنْ الْمَال "الدَّار الْآخِرَة" بِأَنْ تُنْفِقهُ فِي طَاعَة اللَّه . "وَلَا تَنْسَ" تَتْرُك "نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا" أَيْ أَنْ تَعْمَل فِيهَا لِلْآخِرَةِ "وَأَحْسِنْ" لِلنَّاسِ بِالصَّدَقَةِ "كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إلَيْك وَلَا تَبْغِ" تَطْلُب "الْفَسَاد فِي الْأَرْض" بِعَمَلِ الْمَعَاصِي "إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ" بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعَاقِبهُمْ |
#979
|
||||
|
||||
|
#980
|
||||
|
||||
القصص {78} قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ
"قَالَ إنَّمَا أُوتِيته" أَيْ الْمَال "عَلَى عِلْم عِنْدِي" أَيْ فِي مُقَابَلَته وَكَانَ أَعْلَم بَنِي إسْرَائِيل بِالتَّوْرَاةِ بَعْد مُوسَى وَهَارُونَ "أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مَنْ قَبْله مِنْ الْقُرُون" الْأُمَم "مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوَّة وَأَكْثَر جَمْعًا" لِلْمَالِ : أَيْ هُوَ عَالِم بِذَلِكَ وَيُهْلِكهُمْ اللَّه "وَلَا يَسْأَل عَنْ ذُنُوبهمْ الْمُجْرِمُونَ" لِعِلْمِهِ تَعَالَى بِهَا فَيَدْخُلُونَ النَّار بِلَا حِسَاب {79} فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ "فَخَرَجَ" قَارُونَ "عَلَى قَوْمه فِي زِينَته" بِأَتْبَاعِهِ الْكَثِيرِينَ رُكْبَانًا مُتَحَلِّينَ بِمَلَابِس الذَّهَب وَالْحَرِير عَلَى خُيُول وَبِغَال مُتَحَلِّيَة "يَا" لِلتَّنْبِيهِ "لَيْتَ لَنَا مِثْل مَا أُوتِيَ قَارُون" فِي الدُّنْيَا "إنَّهُ لَذُو حَظّ" نَصِيب "عَظِيم" وَافٍ فِيهَا {80} وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ "وَقَالَ" لَهُمْ "الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم" بِمَا وَعَدَ اللَّه فِي الْآخِرَة "وَيْلكُمْ" كَلِمَة زَجْر "ثَوَاب اللَّه" فِي الْآخِرَة بِالْجَنَّةِ "خَيْر لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا" مِمَّا أُوتِيَ قَارُون فِي الدُّنْيَا "وَلَا يُلَقَّاهَا" أَيْ الْجَنَّة الْمُثَاب بِهَا "إلَّا الصَّابِرُونَ" عَلَى الطَّاعَة وَعَنْ الْمَعْصِيَة {81} فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ "فَخَسَفْنَا بِهِ" بِقَارُون "وَبِدَارِهِ الْأَرْض فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَة يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره بِأَنْ يَمْنَعُوا عَنْهُ الْهَلَاك "وَمَا كَانَ مِنْ الْمُنْتَصِرِينَ" مِنْهُ {82} وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ "وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانه بِالْأَمْسِ" أَيْ مِنْ قَرِيب "يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّه يَبْسُط" يُوَسِّع "الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده وَيَقْدِر" يَضِيق عَلَى مَا يَشَاء "وَي" اسْم فِعْل بِمَعْنَى : أَعْجَب أَيْ أَنَا وَالْكَاف بِمَعْنَى اللَّام "لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّه عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا" بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُول "وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِح الْكَافِرُونَ" لِنِعْمَةِ اللَّه كَقَارُون {83} تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ "تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة" أَيْ الْجَنَّة "نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض" بِالْبَغْيِ "وَلَا فَسَادًا" بِعَمَلِ الْمَعَاصِي "وَالْعَاقِبَة" الْمَحْمُودَة "لِلْمُتَّقِينَ" عِقَاب اللَّه بِعَمَلِ الطَّاعَات {84} مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا" ثَوَاب بِسَبَبِهَا وَهُوَ عَشْر أَمْثَالهَا "وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَات إلَّا" جَزَاء "مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" أَيْ : مِثْله |
#981
|
||||
|
||||
|
#982
|
||||
|
||||
القصص
{85} إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن" أَنْزَلَهُ "لَرَادّك إلَى مَعَاد" إلَى مَكَّة وَكَانَ قَدْ اشْتَاقَهَا "قُلْ رَبِّي أَعْلَم مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَال مُبِين" نَزَلَ جَوَابًا لِقَوْلِ كُفَّار مَكَّة لَهُ : إنَّك فِي ضَلَال أَيْ فَهُوَ الْجَائِي بِالْهُدَى وَهُمْ فِي ضَلَال وَأَعْلَم بِمَعْنَى : عَالِم {86} وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ "وَمَا كُنْت تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إلَيْك الْكِتَاب" الْقُرْآن "إلَّا" لَكِنْ أُلْقِيَ إلَيْك "رَحْمَة مِنْ رَبّك فَلَا تَكُونَن ظَهِيرًا" مُعِينًا "لِلْكَافِرِينَ" عَلَى دِينهمْ الَّذِي دَعَوْك إلَيْهِ {87} وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "وَلَا يَصُدَّنك" أَصْله يَصُدُّونَنَكَ حُذِفَتْ نُون الرَّفْع لِلْجَازِمِ وَالْوَاو لِلْفَاعِلِ لِالْتِقَائِهَا مَعَ النُّون السَّاكِنَة "عَنْ آيَات اللَّه بَعْد إذْ أُنْزِلَتْ إلَيْك" أَيْ لَا تَرْجِع إلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ "وَادْعُ" النَّاس "إلَى رَبّك" بِتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَته "وَلَا تَكُونَن مِنْ الْمُشْرِكِينَ" بِإِعَانَتِهِمْ وَلَمْ يُؤَثِّر الْجَازِم فِي الْفِعْل لِبِنَائِهِ {88} وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "وَلَا تَدْعُ" تَعْبُد "مَعَ اللَّه إلَهًا آخَر لَا إلَه إلَّا هُوَ كُلّ شَيْء هَالِك إلَّا وَجْهه" إلَّا إيَّاهُ "لَهُ الْحُكْم" الْقَضَاء النَّافِذ "وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" بِالنُّشُورِ مِنْ قُبُوركُمْ |
#983
|
|||
|
|||
جزاك الله كل خير وجعله الله في ميزان حسناتك
|
#984
|
||||
|
||||
|
#985
|
||||
|
||||
|
#986
|
||||
|
||||
تفسير سورة النمل
{1} طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ سُورَة النَّمْل [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا 93 أو94 أو95 آيَة نَزَلَتْ بَعْد سُورَة الشُّعَرَاء ] "طس" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِذَلِكَ "تِلْكَ" هَذِهِ الْآيَات "آيَات الْقُرْآن" آيَات مِنْهُ "وَكِتَاب مُبِين" مُظْهِر لِلْحَقِّ مِنْ الْبَاطِل عَطْف بِزِيَادَةِ صِفَة {2} هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ هُوَ "هُدًى" هَادٍ مِنْ الضَّلَالَة "وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ" الْمُصَدِّقِينَ بِهِ بِالْجَنَّةِ {3} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ "الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة" يَأْتُونَ بِهَا عَلَى وَجْههَا "وَيُؤْتُونَ" يُعْطُونَ "الزَّكَاة وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" يَعْلَمُونَهَا بِالِاسْتِدْلَالِ وَأُعِيدهُمْ لَمَّا فَصَلَ بَيْنه وَبَيْن الْخَبَر {4} إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ "إنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالهمْ" الْقَبِيحَة بِتَرْكِيبِ الشَّهْوَة حَتَّى رَأَوْهَا حَسَنَة "فَهُمْ يَعْمَهُونَ" يَتَحَيَّرُونَ فِيهَا لِقُبْحِهَا عِنْدنَا {5} أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ "أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوء الْعَذَاب" أَشَدّه فِي الدُّنْيَا الْقَتْل وَالْأَسْر "وَهُمْ فِي الْآخِرَة هُمْ الْأَخْسَرُونَ" لِمَصِيرِهِمْ إلَى النَّار الْمُؤَبَّدَة عَلَيْهِمْ {6} وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ "وَإِنَّك" خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَتُلَقَّى الْقُرْآن" يُلْقَى عَلَيْك بِشِدَّةٍ "مِنْ لَدُنْ" مِنْ عِنْد "حَكِيم عَلِيم" فِي ذَلِكَ {7} إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ اُذْكُر "إذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ" زَوْجَته عِنْد مَسِيره مِنْ مَدْيَن إلَى مِصْر "إنِّي آنَسْت" أَبْصَرْت مِنْ بَعِيد "نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ" عَنْ حَال الطَّرِيق وَكَانَ قَدْ ضَلَّهَا "أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَس" بِالْإِضَافَةِ لِلْبَيَانِ وَتَرَكَهَا أَيْ شُعْلَة نَار فِي رَأْس فَتِيلَة أَوْ عُود "لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ" وَالطَّاء بَدَل مِنْ تَاء الِافْتِعَال مِنْ صَلِيَ بِالنَّارِ بِكَسْرِ اللَّام وَفَتْحهَا : تَسْتَدْفِئُونَ مِنْ الْبَرْد {8} فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ" أَيْ بِأَنْ "بُورِكَ" أَيْ بَارَكَ اللَّه "مَنْ فِي النَّار" أَيْ مُوسَى "وَمَنْ حَوْلهَا" أَيْ الْمَلَائِكَة أَوْ الْعَكْس وَبَارَكَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ وَيَقْدِر بَعْد فِي مَكَان "وَسُبْحَان اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ" مِنْ جُمْلَة مَا نُودِيَ وَمَعْنَاهُ تَنْزِيه اللَّه مِنْ السُّوء {9} يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "يَا مُوسَى إنَّهُ" أَيْ الشَّأْن {10} وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ "وَأَلْقِ عَصَاك" فَأَلْقَاهَا "فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزّ" تَتَحَرَّك "كَأَنَّهَا جَانّ" حَيَّة خَفِيفَة "وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّب" يَرْجِع "يَا مُوسَى لَا تَخَفْ" مِنْهَا "إنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ" عِنْدِي "الْمُرْسَلُونَ" مِنْ حَيَّة وَغَيْرهَا {11} إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ "إلَّا" لَكِنْ "مَنْ ظَلَمَ" نَفْسه "ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا" أَتَاهُ "بَعْد سُوء" أَيْ تَابَ "فَإِنِّي غَفُور رَحِيم" أَقْبَل التَّوْبَة وَأَغْفِر لَهُ {12} وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ "وَأَدْخِلْ يَدك فِي جَيْبك" طَوِّقْ قَمِيصك "تَخْرُج" خِلَاف لَوْنهَا مِنْ الْأَدَمَة "بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء" بَرَص لَهَا شُعَاع يُغْشِي الْبَصَر آيَة "فِي تِسْع آيَات" مُرْسَلًا بِهَا {13} فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ "فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَتنَا مُبْصِرَة" مُضِيئَة وَاضِحَة "قَالُوا هَذَا سِحْر مُبِين" بَيِّن ظَاهِر |
#987
|
||||
|
||||
|
#988
|
||||
|
||||
النمل
{14} وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ "وَجَحَدُوا بِهَا" لَمْ يُقِرُّوا "وَ" قَد "اسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ" أَيْ تَيَقَّنُوا أَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه "ظُلْمًا وَعُلُوًّا" تَكَبُّرًا عَنْ الْإِيمَان بِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى رَاجِع إلَى الْجَحْد "فَانْظُرْ" يَا مُحَمَّد "كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُفْسِدِينَ" الَّتِي عَلِمْتهَا مِنْ إهْلَاكهمْ {15} وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ "وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُود وَسُلَيْمَان" ابْنه "عِلْمًا" بِالْقَضَاءِ بَيْن النَّاس وَمَنْطِق الطَّيْر وَغَيْر ذَلِكَ "وَقَالَا" شُكْرًا لِلَّهِ "الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا" بِالنُّبُوَّةِ وَتَسْخِير الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّيَاطِين {16} وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ "وَوَرِثَ سُلَيْمَان دَاوُود" النُّبُوَّة وَالْعِلْم دُون بَاقِي أَوْلَاده "وَقَالَ يَا أَيّهَا النَّاس عُلِّمْنَا مَنْطِق الطَّيْر" أَيْ : فَهْم أَصْوَاته "وَأُوتِينَا مِنْ كُلّ شَيْء" تُؤْتَاهُ الْأَنْبِيَاء وَالْمُلُوك "إنَّ هَذَا" الْمُؤْتَى "لَهُوَ الْفَضْل الْمُبِين" الْبَيِّن الظَّاهِر {17} وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ "وَحُشِرَ" جُمِعَ "لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر" فِي مَسِير لَهُ "فَهُمْ يُوزَعُونَ" يَجْمَعُونَ ثُمَّ يُسَاقُونَ {18} حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ "حَتَّى إذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْل" هُوَ بِالطَّائِفِ أَوْ بِالشَّامِ نَمْلَة صِغَار أَوْ كِبَار "قَالَتْ نَمْلَة" مَلِكَة النَّمْل وَقَدْ رَأَتْ جُنْد سُلَيْمَان "يَا أَيّهَا النَّمْل اُدْخُلُوا مَسَاكِنكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ" يَكْسِرَنكُمْ "سُلَيْمَان وَجُنُوده وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" نَزَّلَ النَّمْل مَنْزِلَة الْعُقَلَاء فِي الْخِطَاب بِخِطَابِهِمْ {19} فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ "فَتَبَسَّمَ" سُلَيْمَان ابْتِدَاء "ضَاحِكًا" انْتِهَاء "مِنْ قَوْلهَا" وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ ثَلَاثَة أَمْيَال حَمَلَتْهُ إلَيْهِ الرِّيح فَحَبَسَ جُنْده حِين أَشْرَفَ عَلَى وَادِيهمْ حَتَّى دَخَلُوا بُيُوتهمْ وَكَانَ جُنْده رُكْبَانًا وَمُشَاة فِي هَذَا السَّيْر "وَقَالَ رَبّ أَوْزِعْنِي" أَلْهِمْنِي "أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت" بِهَا "عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدِيّ وَأَنْ أَعْمَل صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك فِي عِبَادك الصَّالِحِينَ" الْأَنْبِيَاء وَالْأَوْلِيَاء {20} وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ "وَتَفَقَّدَ الطَّيْر" لِيَرَى الْهُدْهُد الَّذِي يَرَى الْمَاء تَحْت الْأَرْض وَيَدُلّ عَلَيْهِ بِنَقْرِهِ فِيهَا فَتَسْتَخْرِجهُ الشَّيَاطِين لِاحْتِيَاجِ سُلَيْمَان إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَرَهُ "فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد" أَيْ أَعْرِضْ لِي مَا مَنَعَنِي مِنْ رُؤْيَته ؟ "أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ" فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْبَتِهِ فَلَمَّا تَحَقَّقَهَا {21} لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ قَالَ "لَأُعَذِّبَنهُ عَذَابًا" تَعْذِيبًا "شَدِيدًا" بِنَتْفِ رِيشه وَذَنَبه وَرَمْيه فِي الشَّمْس فَلَا يَمْتَنِع مِنْ الْهَوَامّ "أَوْ لَأَذْبَحَنهُ" بِقَطْعِ حُلْقُومه "أَوْ لَيَأْتِيَنِّي" بِنُونٍ مُشَدَّدَة مَكْسُورَة أَوْ مَفْتُوحَة يَلِيهَا نُون مَكْسُورَة "بِسُلْطَانٍ مُبِين" بِبُرْهَانٍ بَيِّن ظَاهِر عَلَى عُذْره {22} فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ "فَمَكَثَ" بِضَمِّ الْكَاف وَفَتْحهَا "غَيْر بَعِيد" يَسِيرًا مِنْ الزَّمَن وَحَضَرَ لِسُلَيْمَان مُتَوَاضِعًا بِرَفْعِ رَأْسه وَإِرْخَاء ذَنَبه وَجَنَاحَيْهِ فَعَفَا عَنْهُ وَسَأَلَهُ عَمَّا لَقِيَ فِي غَيْبَته "فَقَالَ أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ" أَيْ : اطَّلَعْت عَلَى مَا لَمْ تَطْلُع عَلَيْهِ "وَجِئْتُك مِنْ سَبَإٍ" بِالصَّرْفِ وَتَرْكه قَبِيلَة بِالْيَمَنِ سُمِّيَتْ بِاسْمِ جَدّ لَهُمْ بِاعْتِبَارِهِ صُرِفَ "بِنَبَإٍ" خَبَر |
#989
|
||||
|
||||
|
#990
|
||||
|
||||
النمل
{23} إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ "إنِّي وَجَدْت امْرَأَة تَمْلِكهُمْ" أَيْ : هِيَ مَلِكَة لَهُمْ اسْمهَا بِلْقِيس "وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء" يَحْتَاج إلَيْهِ الْمُلُوك مِنْ الْآلَة وَالْعُدَّة "وَلَهَا عَرْش" سَرِير "عَظِيم" طُوله ثَمَانُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضه أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَارْتِفَاعه ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا مَضْرُوب مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة مُكَلَّل بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوت الْأَحْمَر وَالزَّبَرْجَد الْأَخْضَر وَالزُّمُرُّد وَقَوَائِمه مِنْ الْيَاقُوت الْأَحْمَر وَالزَّبَرْجَد الْأَخْضَر وَالزُّمُرُّد عَلَيْهِ سَبْعَة أَبْوَاب عَلَى كُلّ بَيْت بَاب مُغْلَق . {24} وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ "وَجَدْتهَا وَقَوْمهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُون اللَّه وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيل" طَرِيق الْحَقّ {25} أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ "أَلَا يَسْجُدُوا لِلَّهِ" أَيْ : أَنْ يُسْجِدُوا لَهُ فَزِيدَتْ لَا وَأُدْغِمَ فِيهَا نُون أَنْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : "لِئَلَّا يَعْلَم أَهْل الْكِتَاب" وَالْجُمْلَة فِي مَحَلّ مَفْعُول يَهْتَدُونَ بِإِسْقَاطِ إلَى "الَّذِي يُخْرِج الْخَبْء" مَصْدَر بِمَعْنَى الْمَخْبُوء مِنْ الْمَطَر وَالنَّبَات "فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَيَعْلَم مَا تُخْفُونَ" فِي قُلُوبهمْ "وَمَا تُعْلِنُونَ" بِأَلْسِنَتِهِمْ {26} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ "اللَّه لَا إلَه إلَّا هُوَ رَبّ الْعَرْش الْعَظِيم" اسْتِئْنَاف جُمْلَة ثَنَاء مُشْتَمِل عَلَى عَرْش الرَّحْمَن فِي مُقَابَلَة عَرْش بِلْقِيس وَبَيْنهمَا بَوْن عَظِيم {27} قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ "قَالَ" سُلَيْمَان لِلْهُدْهُدِ "سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت" فِيمَا أَخْبَرْتنَا بِهِ "أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ" أَيْ مِنْ هَذَا النَّوْع فَهُوَ أَبْلَغ مِنْ أَمْ كَذَبْت فِيهِ ثُمَّ دَلَّهُمْ عَلَى الْمَاء فَاسْتَخْرَجَ وَارْتَوُوا وَتَوَضَّئُوا وَصَلَّوْا ثُمَّ كَتَبَ سُلَيْمَان كِتَابًا صُورَته ( مِنْ عَبْد اللَّه سُلَيْمَان بْن دَاوُد إلَى بِلْقِيس مَلِكَة سَبَأ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم السَّلَام عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْد فَلَا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ثُمَّ طَبَعَهُ بِالْمِسْكِ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْهُدْهُدِ {28} اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ "اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إلَيْهِمْ" أَيْ بِلْقِيس وَقَوْمهَا "ثُمَّ تَوَلَّ" انْصَرِفْ "عَنْهُمْ" وَقَفَ قَرِيبًا مِنْهُمْ "فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ" يَرُدُّونَ مِنْ الْجَوَاب فَأَخَذَهُ وَأَتَاهَا وَحَوْلهَا جُنْدهَا وَأَلْقَاهَا فِي حِجْرهَا فَلَمَّا رَأَتْهُ ارْتَعَدَتْ وَخَضَعَتْ خَوْفًا ثُمَّ وَقَفَتْ عَلَى مَا فِيهِ {29} قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ثُمَّ "قَالَتْ" لِأَشْرَافِ قَوْمهَا "يَا أَيّهَا الْمَلَأ إنِّي" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة بِقَلْبِهَا وَاوًا مَكْسُورَة "كَرِيم" مَخْتُوم {30} إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "إنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ" أَيْ مَضْمُونه {32} قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ "قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة بِقَلْبِهَا وَاوًا أَيْ أَشِيرُوا عَلَيَّ "فِي أَمْرِي مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا" قَاضِيَته "حَتَّى تَشْهَدُونَ" تُحْضِرُونَ {33} قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ "قَالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّة وَأُولُوا بَأْس شَدِيد" أَيْ : أَصْحَاب شِدَّة فِي الْحَرْب "وَالْأَمْر إلَيْك فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ" تَأْمُرِينَنَا نُطِعْك {34} قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ "قَالَتْ إنَّ الْمُلُوك إذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا" بِالتَّخْرِيبِ "وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ" أَيْ : مُرْسِلُو الْكِتَاب {35} وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ "وَإِنِّي مُرْسِلَة إلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ" مِنْ قَبُول الْهَدِيَّة أَوْ رَدّهَا إنْ كَانَ مَلِكًا قَبْلهَا أَوْ نَبِيًّا لَمْ يَقْبَلهَا فَأَرْسَلَتْ خَدَمًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا أَلْفًا بِالسَّوِيَّةِ وَخَمْسمِائَةِ لَبِنَة مِنْ الذَّهَب وَتَاجًا مُكَلَّلًا بِالْجَوَاهِرِ وَمِسْكًا وَعَنْبَرًا وَغَيْر ذَلِكَ مَعَ رَسُول بِكِتَابٍ فَأَسْرَعَ الْهُدْهُد إلَى سُلَيْمَان يُخْبِرهُ الْخَبَر فَأَمَرَ أَنْ تُضْرَب لَبِنَات الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَنْ تُبْسَط مِنْ مَوْضِعه إلَى تِسْعَة فَرَاسِخ مَيْدَانًا وَأَنْ يَبْنُوا حَوْله حَائِطًا مُشْرَفًا مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَنْ يُؤْتَى بِأَحْسَن دَوَابّ الْبَرّ وَالْبَحْر مَعَ أَوْلَاد الْجِنّ عَنْ يَمِين الْمَيْدَان وَشَمَاله |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
تفسير, قران |
|
|