اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > معلمي مصر > الجودة والإعتماد التربــــــــــــــــــوى

الجودة والإعتماد التربــــــــــــــــــوى كل ما يخص الجودة و الدراسات التربوية و كادر المعلم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #76  
قديم 17-08-2010, 11:14 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي


الحوافز والمشجعات وأثرها


الحمد لله الذي رضي من عباده اليسير من العمل، وتجاوز عنهم الكثير من الزلل، وخص من شاء بهدايته وتوفيقه نعمة منه وفضلاً، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، رحمة العالمين، وقدوة العاملين، وحجة السالكين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:
سنتكلم في الدرس عن الحوافز وأهميتها في التربية.
الحوافز هي الأمور التي تدعو الإنسان إلى العمل، وإلى التضحية والبذل، وإلى المشاركة الفعالة، وهي من الوسائل المهمة في التربية.
بل المتتبع للآيات القرآنية والأحاديث النبوية يجد هذا الأسلوب واضحاً جلياً، فتجد الإخبار بالأجر والثواب للمؤمنين الطائعين.
{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (7-8) سورة الزلزلة.
وهذا من الحوافز، فالأجر عند الله على الأعمال الصالحة، والعقوبة على الأعمال السيئة.
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من صلّى علي صلاة صلّى الله عليه بها عشراً)1
والحسنة في الإسلام بعشر أمثالها، وكل هذا من التحفيز والتشجيع على الخير.
ويقول تبارك وتعالى: {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ} الرحمن:60.
والجهاد مثلاً لأن فيه فقدان للحياة وسيلان للدماء وإطاحة الرؤوس وعقر الجواد، تجد أن الشريعة جعلت للإنسان حوافز في الجهاد كبيرة. فبين الله -عز وجل- فضل الجهاد والمجاهدين، وما أُعد لهم في الآخرة حتى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
(إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجة والأخرى كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله)2 وأنت ترى أن هذا من أعظم الحوافز على الجهاد، بل هناك أيضاً في الجهاد حوافز دنيوية عاجلة، كما كان يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزواته:
(من *** قتيلاً فله سلبه)3 يعني أن له ما مع القتيل من سلاح وعتاد، وكانوا يعطون من الغنيمة من باب التحفيز لهم والتشجيع.
ولابد أن يكون في التربية حوافز، تدفع المتعلم على التعلم، حوافز للمبدعين وحوافز للمدرسين والمربين، وحوافز للمخترعين والمجتهدين، والباحثين. وحوافز لأصحاب الطاقات والمواهب.
فالأب الحريص على أن يحفظ ابنه القرآن لا بد أن يستخدم معه بعض الحوافز التي تشجعه على ذلك، سواءً كانت معنوية أو مادية، فلها في نفس الطفل أثر كبير. فإذا أحسن الابن في فعل شيء، أو تقدم في الخير، فينبغي أن يجد من الأب ما يدل على الرضا منه، وتشجيعه.
وكثير من التربويين اليوم يشكون من عدم توفر الدافعية نحو التعلم عند الأبناء، ويواجه كثير من الآباء والأمهات مشكلة عدم وجود رغبة التعلم لدى الطلاب.
ويرجع السبب في ذلك إلى عدم وجود الدافعية للتعلم والحفظ، فإن أي نشاط يقوم به الفرد لا يستمر دون وجود دافع، وليس بالضرورة دائماً أن تكون الحوافز مادية بل إن المدح والثواب له أثر إيجابي على التعلم وإتقانه وعلى الاندفاع إلى العمل.
"كما أن الذم والعقاب والتوبيخ قد يكف السلوك بشكل مؤقت دون أن يخلق سلوكاً ثابتاً، إضافة إلى ما ينتج عن ذلك من الشعور بالكراهية عند المتعلم للمادة والمعلم، وكذا حب واحترام الابن لوالديه، وبذا يقل إنتاجه وتقل سرعة تعلمه ويتأخر عن غيره ممن حظي بالمدح والثناء. ولكن يجب الحذر من الإسراف في المديح فقد يخلق ذلك عند المتعلم الشعور بالغرور والمبالغة في تقدير الذات، كما أنه يبعث على الفتور في الأداء ما لم يحظ بمزيد من الثناء، ولهذا يجب أن يكون المديح بالقدر الذي يدعم ويعزز السلوك وفق قدر مناسب"4.
والدوافع والحوافز بينهما فرق واضح وهناك من يخلط بينهما.
"فالدافع هو الشيء الذي ينبع من نفس الإنسان، ويخلق لديه الرغبة في العمل، أي قوة داخلية تدفعه للبحث عن هدف محدد، أما الحافز فهو شيء خارجي يجذب الفرد باعتباره وسيلة لإشباع حاجات إنسانية، وعليه كلما كانت عملية التوفيق بين الدوافع إلى العمل والحافز إلى العمل الموجود في التنظيم مكتملة، كلما كانت فاعلية الحافز في إثارة أنواع السلوك المطلوب أكبر"5.
فلا بد من أن يحرص الآباء والمربون على استخدام هذا الأسلوب القرآني والنبوي في التربية والتوجيه، حتى تكتمل تربية الأبناء، ولكي يجد الأبناء ما يشجعهم للتعلم وحفظ القرآن، وعمل الخير، والخلق الحسن. نسأل الله أن يصلح أبناءنا وذرياتنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رد مع اقتباس
  #77  
قديم 17-08-2010, 11:16 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أثر القرآن الكريم


الحمد لله على سوابغ النعم، وله الشكر على جلائل القسم، ربنا الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن أثر القرآن الكريم على الإنسان أثر عظيم وظاهر لمن تأمل التاريخ والحاضر، وعظمة القرآن من عظمة قائله -جل جلاله- وهو الذي يقول: {لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا} (166) سورة النساء، فهو شفاء ورحمة ومصدر هدى ونور وسعادة للبشرية كلها.
والقرآن يبعث السعادة الكاملة التـي تبعث الأمل والرضا، وتثمر السكينة والاطمئنان، وتحقق الأمن النفسي والروحي للإنسان فيحيا سعيداً هانئاً آمناً مطمئناً.
إن القرآن منهج الحياة، وليس كتاب دين أو كتاب فقه فقط، إنه كتاب معجز جامع، جمع بين دفتيه كل صنوف الحكمة والعلم، وجميع دروب المثـل والأخلاق العليا والأدب، كما قال تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} (38) سورة الأنعام.
والله يقول: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا} (الرعد: من الآية 31) فالقرآن له تأثير قويّ على نفوس المؤمنين بالله تعالى، ولقد ضرب لنا الله -عز وجل- مثلاً لذلك، فقال: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (21- الحشر) فهذا حال الجبال مع القرآن، فكيف مع الإنسان؟!
قال القرطبي: "ولولا أنه -سبحانه- جعل في قلوب عباده من القوة على حمله ما جعله، ليتدبروه وليعتبروا به، وليتذكروا ما فيه من طاعته وعبادته، يقول تعالى جده -وقوله الحق-: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} فأين قوة القلوب من قوة الجبال؟! ولكن الله تعالى رزق عباده من القوة على حمله ما شاء أن يرزقهم، فضلاً منه ورحمة"1.
وانظر إلى تأثر الجن بالقرآن حين استمعوا له، قال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (32 - الأحقاف). بل قالوا في سورة الجن: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} (1) سورة الجن.
وانظر إلى قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3) سورة العصر.
ففي هذه السورة القصيرة -سورة العصر- والتي تحتوي على ثـلاث آيات فقط، منهج كامل للحياة في جميع العصور، رسمت طريق النجاة وطريق الهلاك، وهو الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، فمن ترك الطريق فهو من الخاسرين.
والقرآن الكريم شفاء وهدى ورحمة كما وصفه قائله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} (57) سورة يونس.
وبقراءة القرآن يطمئن القلب، لأنه من أعظم الذكر الذي يُذكر به الله، والله -عز وجل-
يقول: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد.
والقرآن شفاء معنوي ومادي لكل أمراض الإنسان، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} (82) سورة الإسراء.
لكنه شفاء لمن آمن به، وعمل بتعاليمه، وعاش في رحابه، وأتخذه منهج حياة، لا لمن تنكب عنه، ونبذه وراء ظهره، وسلك منهجاً أرضياً منحرفاً، نعم هو شفاء للمؤمنين به، التالين له آناء الليل وأطراف النهار.
والقرآن مصدر للرحمة، لذا حث الله -عز وجل- مستمع القرآن أن يتدبره، وينصت له، ليحصل على رحمة الله فقال -عز وجل-: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (204) سورة الأعراف. وانظر إلى حال السلف: كيف كانوا يتأثرون بالقرآن؟ وكيف أثر بهم القرآن؟ قال عبد الله بن عروة بن الزبير: قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر: كيف كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سمعوا القرآن؟ قالت: "تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم كما نعتهم الله"2. وقال ابن أبي مليكة: "صحبت ابن عباس -يعني في السفر- فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن حرفاً حرفاً، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب"3. وسمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رجلاً يتهجد في الليل ويقرأ سورة الطور، فلما بلغ إلى قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِن دَافِعٍ} (7-8) سورة الطور، قال عمر: "قسم ورب الكعبة حق، ثم رجع إلى منزله فمرض شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه". وانظر إلى مدى تعظيم السلف لكلام الله! يقول قتادة: "ما أكلت الكراث منذ قرأت القرآن"4 يريد تعظيماً للقرآن. وكره أبو العالية: أن يقال سورة صغيرة أو قصيرة، وقال لمن سمعه قال: ها أنت أصغر منها، وأما القرآن فكله عظيم".
والقرآن مصدر هداية إلى الصراط المستقيم، كما يقول تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء: من الآية 9).
فعلينا -حتى نتأثر بالقرآن- أن نكثر من قراءته، وكيف لا نكثر من قراءته والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف).5
وعلينا أن نتدبر القرآن عند قراءته أو الاستماع إليه؛ ليكون التدبر وسيلةً للفهم والتأثر، ثم العمل، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} (29-ص) وقوله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24- محمد)
ولأن المقصود هو التدبر حتى يحصل الأثر؛ لذلك نهى الرسول-صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن عمرو بن العاص أن يختم القرآن في أقل من ثلاث فقال-: (لا يفقهه من يقرأه في أقل من ثلاث)6.
ولنذكر قصة واحدة تدل على مدى تأثير القرآن على الصحابة فهذا عبَّاد بن بشر الذي كان يحرس مع عمار بن ياسر في غزوة ذات الرقاع، فطلب من عمار- وقد كان متعباً- أن ينام أول الليل، ويقف هو، فلما رأى أن المكان آمن صلى، فجاء أحد المشركين فرماه بسهم فنزعه، وأكمل صلاته، ثم رماه بسهم ثان فنزعه وأكمل صلاته، ثم رماه بثالث فنزعه وأنهى التلاوة وأيقظ عماراً، وهو ساجد، فلما سأله عمار لِمَ لَمْ يوقظه أول ما رُمي؟! فأجاب: "كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها فلما تابع على الرمي ركعت فآذنتك، وأيم الله لولا أن أضيِّع ثغراً أمرني به رسول الله -صلى الله وسلم- بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها!!". الله أكبر كيف تأثروا بالقرآن! فكان كالروح يجري في أبدانهم لا يفارقها ولو فارقها لما طابت لهم الحياة.
نسأل الله أن يرزقنا التأثر بالقرآن، والعمل به، وتلاوته أناء الليل وأطراف النهار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رد مع اقتباس
  #78  
قديم 17-08-2010, 11:19 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

طبقات المتربين و تقويم المتعلمين


المقدمة :
يواجه عدد من المربين كثيرا من العقبات منها أنه يبذل جهده مع أحد المتربين و في النهاية يصدم ويحبط به بأنه لم يتغير قيد أنملة
أو أننا نؤمل في أحدهم ثم في لا يكون كما توقعنا
أو نحتقر أحدهم ثم يخرج خير من كثير من ممن كنا نؤمل فيهم وقد نطرح برنامجا قويا مكثفا ثم نجد أن المستفيدين منه قلة قليلة
وقد نتنازل في برامجنا فنتفاجأ ببعض المتميزين أنه تسرب من محاضننا
فمن هذا المنطلق اكتشفت أن في الأمر خللا وهو أننا نعامل هؤلاء المتربين كنموذج واحد إما بلسان حالنا أو بلسان مقالنا فجاءت فكرة هذا الموضوع.
ويجب أن نعرف أنها فلسفة تربوية , ومنهجية ربانية وليست اجتهادات وآراء فردية .
أهمية الموضوع:
1 - أن معرفة أحوال الناس لا تكون إلا بإحدى ثلاث : بشهادة الناس , و بالجرح والتعديل , و بالاختبار والامتحان , والأخيرتان من أهم وسائل التقويم لهذه الطبقات .
2 - أن عددا من المربين غافل عن هذه الطبيعة البشرية - أعني تقسم الناس إلى طبقات متفاوتة- مما أدى إلى اتخاذ أحكام خاطئة وظالمة على بعض المتربين فقد يهمل المتميز وقد يحمل الضعيف مالا يطيق.
3 _ قد يقول البعض إنك لم تأت بجديد , فأقول نعم ولكن الواقع يثبت أن هناك غبشا في الصورة , وتخبطا في بعض التطبيقات مما استوجب تقعيد هذه النظرية .
طبقات المتربين:
قد يختلف في تقسيمهم لكن لعلنا أن نقسمهم إلى ثلاثة أقسام ونبين على سبيل الإجمال ما يجب لكل قسم:
الطبقة الأولى:
وهم الصفوة التربوية التي يجب ألا يفرط فيها مهما كان الأمر فهم القاعدة الصلبة للدعوة وهم الأساس التي تقوم عليها -بأذن الله- .
وقد يسأل سائل من هو المتميز ؟
نقول هو من يزيد عن أترابه وأصحابه في جانب أو في عدة جوانب مثل أن يكون ذكيا فطناٌ أو مفوها خطيبا , أو جريئا شجاعا, ونحو ذلك فمن المتربين من يحمل بعض هذه الصفات وبعضهم من يحمل واحدة منها و بعضهم من يكون قريبا من الكمال لكثرة ما يحمل من الصفات ، فيجب أن يكون الاهتمام بهم على قدر ما يحملون من صفات.
ويجب التنبه إلى أن هؤلاء المتربين قد يكونون ظاهري الاتصاف بهذه الصفات وقد تكون هذه الصفات خفية وهنا تكون مهمة المربي أصعب وأكثر أجراً بإذن الله .
وهذه الفئة يجب ألا نقنع معها إلى حد متواضع مع التربية بل يجب ألا نرضى معهم إلا بالقمة مع مراعاة التدرج بهم لئلا يتحطمون مع أول صدمة لهم .
وعلى المربي التجرد معهم لله ويسعى إلى أن يكونوا خيرا منه بدلا من محاولته على أن يكونوا صورة طبق الأصل منه ، ولا يحزن إذا صاروا خيرا منه وأفضل فإن وقع في نفسه شيء من ذلك فليراجع نيته فهي مدخولة , ويجب كذلك عدم انتظار التقدير منهم , أو رؤية الثمرة الآنية الحاضرة.
وقد روي أن أحد العلماء كان مقربا من الوالي يسأله عن كل شيء ويصدر عن رأيه فمرة سأله الوالي على عادته عن مسألة وكان العالم يعلمها لكنه أراد أن يرتقي بمتربيه فقال للوالي تلميذي فلان يعلم هذه المسألة فسأله الوالي فأجاب فأعجب الوالي به فقربه ، فانظروا لهذا التجرد لله في النية .
القسم الثاني : المتوسطون :
وهم الصالحون لكثير من الأعمال الدعوية والتربوية بل ويتقنون الكثير منها لكن لم يتميزوا بصفات تفوقوا بها عن أقرانهم عن الحد الطبيعي مع أنهم قد يمتلكون عدد من المواهب سابقة الذكر في القسم الأول لكن هم متوسطون فيها أيضا .
وهؤلاء - وإن لم يكونوا متميزين - إلا أننا نستطيع أن نرتقي بهم , والواجب علينا إلا نهملهم بسبب اهتمامنا بالقسم الأول فقد يضحوا ويبذلوا أكثر من القسم الأول والواقع يشهد بذلك .
وهم وإن لم يتصفوا بعدد من الصفات القيادية والنجومية إلا أنهم قابلين لامتلاك عدد منها ، وكم من متربي من هؤلاء لا تلقي له بال وقد يكون عنده من الصبر والتحدي مالا يوجد عند التميز ثم تجده بعد عدد من الأعوام قد جاز ما لم يجز المتميز وحاز ما لم يحز.( ولينظر كل واحد منا إلى نفسه عندما كان متربيا)
وقد قال الشاعر :
ترى الرجل النحيل فتزدريه وفي جنبيه أسد هصور
القسم الثالث : الضعفاء
ويقصد بهم من يكون عنده ضعف في الاستيعاب مثلا ، أو عدم امتلاك أي من المواهب ونحو ذلك .
وهؤلاء - وإن كان يحتقرهم كثير من المربين - إلا أن الواجب أن يؤدى لهم حق الدعوة ومعاملتهم على حسب طاقتهم وقدراتهم فلا يطلب منهم ما لا يطيقون ولا يأمل فيهم ذلك , وإنما نحاول أن نرتقي بهم على حسب قدرتهم ، ومن الظلم أن يهملوا فهم وإن كانوا ضعفاء إلا أن بعضهم يحمل في قلبه من الإخلاص و حب الخير ما ينفع المحضن أكثر من القسمين السابقين وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما تنصروا بضعفائكم ) .
وهناك أعمال لا ينبري لها إلا هؤلاء بسبب استنكاف المتميزين عنها.
ضوابط التقويم الدعوي :
وكل ما مضى من أقسام لا يأتي تقسيمهم جزافا ولكن لابد من ضوابط لهذا الأمر وهي:
1. الإخلاص وان يكون هذا التقويم مقرونا بحب الأجر والمثوبة , وأن يكون خالصا لوجه الله غير مشوب بنية أخرى , كأن يتكسب من وراء ذلك مصلحة شخصية حتى ولو كانت صغير كاكتساب ود أو عبارة مجاملة .
2. العدل والإنصاف قال تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا)سورة الأنعام 153.
3. الموازنة بين الجرح والتعديل وعدم الاكتفاء بأحد طرفي الخ والسكوت عن الآخر .
وكما قال الأول:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا
4. عدم تجاوز الحدود الشرعية في المدح والهجاء , والوصف بما لا يعلمه إلا الله , كالشهادة بالإيمان المحض أو بالنفاق والجزم به .
5. الانتباه إلى طبيعة القلوب وأنها ينالها مد وجزر فالقلوب بين أصبعين من أصابع الله ولأجل هذا فلابد من مراجعة التقويم بين فترة وأخرى(فمن الخطأ أن نعتمد على تقيمينا للطالب في المرحلة المتوسطة ونسحب هذا التقييم عليه إلى نهاية الثانوية مثلا)
6. الصدق المستند إلى علم وليس التخمين .
7. الأصل في التقويم هو الأخذ بالظاهر إلا أن هناك قرائن يعمل بها كمساند ومن أهمها الإلهام إلا أنه يجب مراعاة أمرين :
الأول : أن لا يبالغ فيه.
الثاني : أن هذه البصيرة و الإلهام لا تتم إلا من قلب طائع تقي قد أفتقر أشد الافتقار إلى ربه ثم بعد ذلك يكشف الله له الحقائق ويجليها له . أنظر فتاوى ابن تيمية (20\42)
8. تحديد الصفة المعدلة أو المجرحة فقد نقول أحيانا فلان جيد فيعامل على أنه جيد في أشياء عدة فإذا هو متميز في الإدارة فقط وهكذا .
ومن أمثلة تطبيق هذه القاعدة في السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد قيس إن فيك خصلتان يحبهما الله : الحلم والأناة )رواه مسلم (17)وأبو داود(5225).
وقد يتهم المتربي بالضعف لصفة فيه ولكن للإجمال الذي يحصل يُظَن أن ضعفه ضعف عام.
ومن أمثلة تطبيق هذه القاعدة في السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر (إني أراك يا أبا ذر ضعيفا , وإني أحب لك ما أحب لنفسي , لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم)رواه الشيخان.
9. التفريق بين الصفة اللازمة والصفة الطارئة : فلا يقيم المتربي بعد رحلة بادر فيها في أمر معين بأنه أكثر المتربين مبادرة والعكس بالعكس .
10 .(وهذه خاصة في الجرح): أن تكون الغيبة بقدر الحاجة بل كأكل الميتة.
11.التجرد : وهو من أصعب الأشياء على النفس فلابد على المربي أن يتجرد في تعديله وجرحه فلا يكون مبنيا على موقف يتشفى في لنفسه ولا يمتدح ذلك المتربي من أجل أنه يقدره ويحترمه فتكون شهوة نفسية.
12. أن لا يكون التقويم إلا من أجل العمل والبذل ولا يكون فاكهة المجالس عند المربين.
فوائد التقويم:
1. الحكم بالعدل والقسط ولا يكون الأمر جزافا.
2. التعريف الأشخاص واختيار الأصلح والأمثل .
3. الموازنة بين أعمال الرجال وتوزيعهم على حسب قدراتهم وميولا تهم .
4. أنه من ضروريات الدعوة والتربية فالعلم والتربية كالطعام بالنسبة للناس وكالدواء للمرضى فرب طعام من أطيب الطعام لم يأكله الشخص لأنه لم يشتهيه فلا تقدم طعامك لمن لا يشتهيه ووفر في جهدك , ورب دواء مفيد قدم لمريض لا يصلح له أودى بحياته إلى الهلاك.
5. التقويم أقوى دعائم التربية الفردية والارتقاء بالمتربي .
كيف نستفيد من هذا الموضوع ؟
نستفيد من خلال عنصرين مهمين :
الأول : وسائل عملية :
1. طرح برنامج عام يناسب كل الطبقات على قدر الاستطاعة وإيجاد برامج أخرى رديفة للمتميزين.
2. عند إقامة المنافسات بين المتربين يراعى على قدر الاستطاعة وضع المستويات ومراعاة التفاوت بينهم.
الثاني : إرشادات:
1. اعرف ما الهدف الذي تريد إيصاله لكل طبقة فالضعاف لو خرجوا مستقيمين على الدين ومحبين للدعوة ولو لم يتطوروا فإن هذا يعد نجاحا بخلاف طبقة المتميزين .
2. لعل من أشد ما يلاقيه كثير من المربين : أن يأتيهم شخص فيه من الجوانب التميز ما فيه كالذكاء أو الحفظ ونحو ذلك لكن المشكلة أن هذا المتربي قد أخلد إلى الأرض ولم يتطورولم يرغب بذلك ولو بأقل القليل فنقول هناك نقطتين تجاه هذا الأمر :
أ - أن نراجع أنفسنا في تقييم هذا المتميز على زعمنا فقد نكون قد بالغنا في .
ب - أن نستشعر قول الله تعالى إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء )القصص 56
وقوله تعالى فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) الكهف 6
وقوله(فلا تذهب نفسك عليهم حسرات)فاطر 8.
3. لا تطالب الطبقات الثلاث بالمستوى نفسه من الفهم والتطور الذاتي ونحو ذلك.
4. يجب أن تعلم أن المتربي لا يبقى طول دهره في طبقة واحدة إذ أنه قد ينتقل إلى طبقة أعلى أو أدنى.
5. قد يحبط بعض المربين من بعض متربيه بعد أن يبذل معه جهدا كبيرا لكن الخطأ هو أن هذا المربي أخطأ في تقييمه لهذا المتربي.
6. الطبقات السالفة الذكر هي طبقات تعديل لا طبقات جرح فالشخص الطالح غير صالح للمحاضن التربوية .
7. من أهم فوائد التقويم ألا تنشغل بالضعاف مثلا أو بغير القابلين للتطوير انشغالا يكون على حساب المتميزين فتكون كقصة عبس وتولى - مع الفارق - وهذا قد غفل عنه كثير من المربين , ولأن يأتيك المتربي ضعيفا ولكنه قابل للتطور والتحسن خير بألف مرة من المتميز الذي شعاره مكاني حيث وضعتني ومثل هذا تغيير جبل عن محله أسهل من تغييره خطوة وهو ما يسميه بعضهم بالتشبع الكاذب .
8. يجب مراعاة المدح أمام المتربين فلا يبالغ في القسم الأول مثلا فيصاب بالعجب ويصاب القسم الثالث بالإحباط ، وكذلك أن يحرص على الموازنة بمقدار التربية فصحيح أن يعطى القسمين الأولين نصيبا من التربية أكثر من الثالث لكن لا يعني إلغاء الثالث .
9. حرق المراحل :وهو من الآفات التي تمر في المحاضن التربوية , فسبب حماس بعض المربين واندفاعهم واغترارهم ببعض المتميزين, يبدؤون بإعطاء المتربي ما سوف يأخذه في المستقبل فيستعجلون الثمرة وينتج عن هذا أمرين :
1. أن المربي إذا أقبل على المرحلة التالية لن يجد شيئا جديدا فسيكون الأمر مكرورا مما قد يؤدي هذا الشعور إلى الانتكاسة أو على الأقل الانسحاب من المحضن الجديد.
2. أن المتربي سيكون كالطفل الذي لم يفطم بعد وقد أعطي لحم جمل فوق جبل فلن يستفيد منه , بل يضره , ويعسر هضمه عليه.
وهذا الأمر ينطبق على الأشخاص كذلك فمن دخل لتوه في الاستقامة أو كان في طبقة المتوسطين فمن حرقه أن يعطى برنامج المتميزين.
خاتمة:
لعلنا نختم هذا المقال بكلام نفيس للإمام الشاطبي في كتابه الموافقات وأترك التعليق عليه للقارئ الكريم:قال رحمه الله:
" وذلك أن الله عز وجل خلق الخلق غير عالمين بوجوه مصالحهم لا في الدنيا ولا في الآخرة ألا ترى إلى قول الله تعالى( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) ثم وضع فيهم العلم بذلك على التدريج والتربية تارة بالإلهام كما يلهم الطفل التقام الثدي ومصه وتارة بالتعليم فطلب الناس بالتعلم والتعليم لجميع ما يستجلب به المصالح وكافة ما تدرأ به المفاسد إنهاضا لما جبل فيهم من تلك الغرائز الفطرية والمطالب الإلهامية لأن ذلك كالأصل للقيام بتفاصيل المصالح كان ذلك من قبيل الأفعال أو الأقوال أو العلوم والإعتقادات أو الآداب الشرعية أو العادية وفي أثناء العناية بذلك يقوى في كل واحد من الخلق ما فطر عليه وما ألهم له من تفاصيل الأحوال والأعمال فيظهر فيه وعليه ويبرز فيه على أقرانه ممن لم يهيأ تلك التهيئة فلا يأتي زمان التعقل إلا وقد نجم على ظاهره ما فطر عليه في أوليته فترى واحدا قد تهيأ لطلب العلم وآخر لطلب الرياسة وآخر للتصنع ببعض المهن المحتاج إليها وأخر للصراع والنطاح إلى سائر الأمور هذا وإن كان كل واحد قد غرز فيه التصرف الكلي فلا بد في غالب العادة من غلبة البعض عليه فيرد التكليف عليه معلما مؤدبا في حالته التي هو عليها فعند ذلك ينتهض الطلب على كل مكلف في نفسه من تلك المطلوبات بما هو ناهض فيه ويتعين على الناظرين فيهم الإلتفات إلى تلك الجهات فيراعونهم بحسبها ويراعونها إلى أن تخرج في أيديهم على الصراط المستقيم ويعينونهم على القيام بها ويحرضونهم على الدوام فيها حتى يبرز كل واحد فيما غلب عليه ومال إليه من تلك الخطط ثم يخلى بينهم وبين أهلها فيعاملونهم بما يليق بهم ليكونوا من أهلها إذا صارت لهم كالأوصاف الفطرية والمدركات الضرورية فعند ذلك يحصل الإنتفاع وتظهر نتيجة تلك التربية فإذا فرض مثلا واحد من الصبيان ظهرعليه حسن إدراك وجودة فهم ووفور حفظ لما يسمع وإن كان مشاركا في غير ذلك من الأوصاف ميل به نحو ذلك القصد وهذا واجب على الناظر فيه من حيث الجملة مراعاة لما يرجى فيه من القيام بمصلحة التعليم فطلب بالتعلم وأدب بالآداب المشتركة بجميع العلوم ولا بد أن يمال منها إلى بعض فيؤخذ به ويعان عليه ولكن على الترتيب الذي نص عليه ربانيو العلماء فإذا دخل في ذلك البعض فمال به طبعه إليه على الخصوص وأحبه أكثر من غيره ترك وما أحب وخص بأهله فوجب عليهم إنهاضه فيه حتى يأخذ منه ما قدر له من غير إهمال له ولا ترك لمراعاته ثم إن وقف هنالك فحسن وإن طلب الأخذ في غيره أوطلب به فعل معه فيه ما فعل فيما قبله وهكذا إلى أن ينتهي كما لو بدأ بعلم العربية مثلا فإنه الأحق بالتقديم فإنه يصرف إلى معلميها فصار من رعيتهم وصاروا هم راعة له فوجب عليهم حفظه فيما طلب بحسب ما يليق به وبهم فإن انتهض عزمه بعد إلى أن صار يحذق القرآن صار من رعيتهم وصاروا هم رعاة له كذلك ومثله أن طلب الحديث أو التفقه في الدين إلى سائر ما يتعلق بالشريعة من العلوم وهكذا الترتيب فيمن ظهر عليه وصف الإقدام والشجاعة وتدبير الأمور فيمال به نحو ذلك ويعلم آدابه المشتركة ثم يصار به إلى ما هو الأولى فالأولى من صنائع التدبير كالعرافة أو النقابة أو الجندية أو الهداية أو الإمامة أو غير ذلك مما يليق به وما ظهر له فيه نجابة ونهوض وبذلك يتربى لكل فعل هو فرض كفاية قوم لأنه سير أولا في طريق مشترك فحيث وقف السائر وعجز عن السير فقد وقف في مرتبة محتاج إليها في الجملة وإن كان به قوة زاد في السير إلى أن يصل إلى إلى أقصى الغايات في المفروضات الكفائية وفي التي يندر من يصل إليها كالاجتهاد في الشريعة والإمارة فبذلك تستقيم أحوال الدنيا وأعمال الآخرة فأنت ترى أن الترقي في طلب الكفاية ليس على ترتيب واحد ولا هو على الكافة بأطلاق ولا على البعض بأطلاق ولا هو مطلوب من حيث المقاصد دون الوسائل ولا بالعكس بل لا يصح أن ينظر فيه نظر واحد حتى يفصل بنحو من هذا التفصيل ويوزع في أهل الإسلام بمثل هذا التوزيع وإلا لم ينضبط القول فيه بوجه من الوجوه والله أعلم وأحكم" الموافقات (2\181 - 182).
رد مع اقتباس
  #79  
قديم 17-08-2010, 11:20 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

الأسباب الميسرة لحفظ القرآن


اعلم أخي المسلم – وفقني الله وإياك – أن حفظ القرآن الكريم يسير على من يسّره الله عليه ، قال تعالى:((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)) (القمر:17).
ولما كان الأخذ بالأسباب أمراً لازماً لا بد منه، رأيت أن أذكر لك جملة من الأسباب التي تعين على حفظ كتاب الله عز وجل وضبطه، لعلك تنتفع بها أو ببعضها والله الموفق .
1- الإخلاص، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ... )) [1].
فينوي بحفظه وجه الله، والعمل به وتعليمه، لا ليقال فلان حافظونحو ذلك .
2- قوة العزيمة، وتوفر الهمة لحفظه، والاستمرار على ذلك .
3- المداومة على الحفظ يوميا وإن قلّ المحفوظ ؛ فخير الأعمال أدومها وإن قل، فلا يحفظ يوما وينقطع أياماً، ومن فعل ذلك فإنه في الغالب لا يستمر .
4- ترك النظر إلى آخر المصحف أو إلى آخر السورة، لا سيما عند بداية الحفظ وبداية كل سورة طويلة، فإن ذلك مما يضعف الهمة ويثني العزيمة .
5- أن لا يبدأ في حفظ آيات جديدة حتى يحسن ما قبلها .
6- أن يحفظ في مصحف واحد لا تختلف طبعته (وإن اختلفت النسخ) حتى يضبط مكان الآيات في المصحف، فيسهل عليه استحضارها متى شاء .
7- كثرة التكرار والصبر على ذلك، وأحسن طريقة للحفظ أن يقرأ الآيات التي يريد حفظها خمسين مرة نظراً في المصحف، ثم خمسين مرة عن ظهر قلب، أو أقل أو أكثر حسب مقدرته وطاقته، ولا ينبغي أن يكلف نفسه ما لا يطيق .
8- التفرغ للحفظ؛ فيخصص لحفظه وقتاً معيناً ثابتاً في كل يوم ينقطع فيه عن كل شاغل إلا ما لا بدل له منه .
9- اختيار الوقت المناسب، والمكان المناسب، وهذا يختلف من شخص لآخر، وأنسب الأوقات ما كان بعد راحة ونوم، وأما المكان المناسب فما كان بعيداً عن الضوضاء والمناظر الملهية ونحو ذلك .
10- صفاء الذهن؛ فلا يكون أثناء الحفظ مشغول البال؛ فيكون حفظه مضطرباً ضعيفاً .
11- أن يحفظ على شيخ موثوق ضابط؛ فإن القرآن إنما نقل إلينا مشافهة، والعلم إذا كان لا يؤخذ من الكتب مباشرة؛ فإن القرآن هو أصل العلم وأساسه، فلا يؤخذ من المصحف، ولا يكفي التلقي عن الشيوخ عن طريق الأشرطة المسجلة؛ بل لا بدّ من شيخ تجلس بين يديه وتقرأ عليه.
12- التنافس على حفظه مع الأقران، (( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)) فإن التنافس في مثل هذه الأمور يضاعف الهمة ويقوي العزيمة.
13- المبادرة إلى حفظه قبل الانشغال، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((اغتنم خمساً قبل خمس)) ذكر منها: ((فراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك)) .
والعلم في الصغر كالنقش على الحجر، ولقد كان من هدي سلفنا الصالح -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يعلمون أولادهم القرآن في سن مبكرة، فلا يتم أحدهم العاشرة إلا وقد حفظ القرآن كله وأتقنه .
14- كثرة استماع القرآن من المذياع وغيره، فإن ذلك يعين على الحفظ ويسهله .
15- ربط كل آية بالتي قبلها والتي بعدها أثناء الحفظ؛ فإن ذلك يعين على ضبط ترتيب الآيات وتسلسلها فلا يقدم آية على أخرى.
16- مراجعة تفسير الآيات من كتب التفسير الموثوقة؛ فإن فهم الآيات يعين على حفظها.
17- كتابة الآيات قبل حفظها من المصحف للتأكد من ضبطها؛ وبعد الحفظ فإن الكتابة تعين على تثبيت الحفظ .
18- العناية بالآيات المتشابهة أثناء الحفظ وبعده، وضبطها، وقد ألّفت في ذلك مؤلفات يمكن الرجوع إليها والاستعانة بها، ولكاتب هذه الأسطر رسالة صغيرة في هذا الموضوع بعنوان: تنبيه الحفّاظ للآيات المتشابهة الألفاظ ) .
وأخرها وهو من أهمها: الجمع بين الحفظ ومراجعة ما سبق حفظه، فيخصص وقتاً للمراجعة أثناء فترة الحفظ، ويحرص على قراءة ما حفظه في الصلوات وفي غيرها، حتى لا ينساه فيذهب جهده سدى.
ولا بأس أن يحمل في جيبه مصحفاً صغيراً للنظر فيه متى احتاج إلى ذلك، لكن ينبغي أن يحرص على صيانة المصحف من الإهانة أو الجلوس عليه، أو الدخول به إلى الأماكن النجسة ونحو ذلك .
هذه بعض الأسباب المعينة على حفظ القرآن وضبطه، أسال الله أن ينفع بها، وصلى الله على نبينا محمد .
رد مع اقتباس
  #80  
قديم 17-08-2010, 11:22 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

وصايا للشاب الذي يعاني من الفراغ العاطفي


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد:
فقد سألني بعض الشباب عن ابتلاء بعضهم بالوحدة والفراغ العاطفي والشعور بالحزن والنقص والحرمان وغير ذلك من المشاعر السلبية فتعجبت من وجود ذلك في وسط الشباب وإظهار هذا الموضوع والشكوى منه.
إن لهذه الحالة الوجدانية أسباب:
1- ضعف الروابط الأسرية بين الشاب وباقي أفراد الأسرة مما يجعله يشعر بالوحدة والأنانية .
2- ضعف صلة الشاب بربه وعلاقته بدينه ووقوعه في الغفلة وقسوة قلبه .
3- كثرة الفراغ في وقته وعدم ملأ الوقت بما ينفعه في دينه ودنياه .
4- تأثره بلغة الإعلام الفاسد الذي يشيع ثقافة الحب الزائف عن طريق الأغاني الماجنة والبرامج الهابطة والرواية الساقطة.
5- تأثره بالبيئة الفاسدة التي حوله من أصدقاء السوء.
6- إسرافه على نفسه بالذنوب وأسره تحت سلطان الشهوة وظلمة المعصية .
إن وقوع الشاب في هذه الحالة واستسلامه لها يدفعه إلى الهروب من واقعه الذي يعيشه إلى عالم الأوهام والضياع بتعاطي الممنوعات والسفر إلى بلاد الفساد والبحث عن العلاقات المشبوهة ظنا منه أن هذه الوسائل تحل مشكلته وتشبع رغباته وتروي طموحه واهتماماته.
إن الشاب له طاقة كبيرة واهتمامات متنوعة ومراهقة شديدة في كثير من الأحيان يجب توجيهها في المجالات النافعة والبرامج المفيدة واحتوائها بما ينفع البلاد والعباد وإلا أدت إلى مفاسد عظيمة وآثارا سيئة على المجتمع في الجانب الأخلاقي والأمني والديني والاجتماعي.
إن الشاب يجب عليه أن يسعى جاهدا في إصلاح نفسه وحل مشكلته والخروج مما يعانيه من وحدة وفراغ وأن لا يستسلم لأوهامه وخيالاته فهو يتمتع بقدرة ونوع حرية واختيار وقرار أكثر مما تتمتع به الفتاة مما يجعل المسؤولية عليه أعظم.
ومما يعين الشاب على ذلك العمل بهذه الوصايا الحسنة:
أولا: عليه بالإكثار من دعاء الله بالهداية والسداد وانشراح الصدر والتوفيق للطاعة.
ثانيا: عليه بالإقبال على تلاوة القرآن بتدبر وتعقل وتفهم والإكثار من الذكر. قال - تعالى -(الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
ثالثا: الحرص على صحبة أهل الخير ومجالستهم غالب الأوقات. قال - تعالى -(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).
رابعا: شغل الوقت بالبرامج المفيدة والأنشطة العملية من الرياضة والقراءة والفنون المباحة والانصراف إلى الجد والاجتهاد والابتعاد عن الكسل والراحة وكثرة اللهو.
خامسا: المبادرة بالزواج المبكر إذا كان قادرا على ذلك فإنه يملأ فراغه ويشبع رغبته ويحميه من مساوئ الأخلاق والرذيلة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج) متفق عليه.
سادسا: أن يصرف عاطفته ومحبته إلى محبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ومحبة ما يقرب إليهما فإن انصراف القلب لذلك يملأه ويجمع شتات قلبه ويحميه من الأوهام والظنون الكاذبة.
سابعا: مجاهدة النفس بفعل الفرائض والإكثار من النوافل واجتناب المحرمات فإن الطاعة لها أثر عظيم في تزكية النفس وصلاح القلب وانشراحه وطرد الهموم والأحزان. قال - تعالى -(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
ثامنا: الإبتعاد والفرار عن كل ما يقوي الشهوة ويهيجها ويثير المشاعر من وسائل الفتنة والبيئة الفاسدة فإن الإبتعاد عن ذلك يسكن القلب ويهدأ الروح.
وأخيرا ينبغي على الشاب أن يستفرغ وسعه ويبذل جهده في علاج قلبه وإصلاح نفسه ويستعين بالله ويحسن التوكل عليه ويعتمد على نفسه بعد الله ولا يكون أسيرا للأوهام والشكوك والوساوس، و ربما يجد مرارة وألما في ابتداء العلاج و بداية الطريق الصحيح ولكن ذلك سيزول عما قريب إذا فتح الله على قلبه وذاق حلاوة الإيمان وخالط بشاشة قلبه.
أسأل الله أن يصلح شباب المسلمين ويملأ قلوبهم بالإيمان والحكمة وينزل عليهم الخشوع والسكينة ويجعل حياتهم سعادة حافلة بطاعة الله.
رد مع اقتباس
  #81  
قديم 17-08-2010, 11:24 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

المربون واختلاف الفتوى


تنوَّعت وسائل الاتصال اليوم بما يزيل كثيراً من الحواجز، وأسهم تطور الآلة الإعلامية وتنوَُع أدواتها في اتِّساع دائرة التأثير، وإتاحة الفرص أمام العديد من الناس للتصدُّر والحديث فيما يحسنون وما لا يحسنون.
وبقدر ما أسهم ذلك في إتاحة مساحة واسعة للمشاركة والتأثير، وفي فتح المجال أمام العديد من الدعاة وطلاب العلم للدعوة والتعليم والبلاغ، فقد أدَّى ذلك إلى تصدُّر من لم يستجمع شروط التصدُّر.
ومن أخطر ما في ذلك التصدُّر للفتوى التي هي توقيع عن رب العالمين، وقول في دين الله تعالى.
ومن هنا تنوَّعت الفتاوى وتعددت الأقوال أمام عامة الناس، واختلفت مشارب المفتين ومدارسهم ما بين متشدد ومتساهل ومن هو بين ذلك، فأصبح كثير من الناس في حيرة وقلق.
إنَّ تنوُّع حاجات الناس ومشكلاتهم، وقلة أهل العلم المؤهلين للفتوى تقتضي قدراً من التوسع والتنوُّع في المفتــين.
وبقــدر ما يسهم ذلك في تسهيل وصول الناس للفتوى فهو يقود إلى قلق واضطراب لدى فئات منهم.
وهو يفرض متطلبات تربوية ينبغي أن يعنى بها المربون، ويعيها المفتون.
أول هذه المتطلبات: تنمية القدرة على التعامل مع مسائل الخلاف وتنوُّع الفتوى، وهو لن يقود إلى إكساب جمهور الناس القدرةَ على الترجيح والاختيار بين أقوال أهل العلم وفتاواهم؛ فليسوا كلهم مؤهلين لذلك، لكنه يركز على إكسابهم المتطلبات الأساسية للتعامل مع قضايا الخلاف، ومن ذلك:
ـ تجلية منهج التعامل مع آراء أهل العلم، وآلية العمل عند تنوُّع الفتوى واختلافها.
ـ التربية على توقير أهل العلم، والفصل بين الموقف من الآراء والموقف من أشخاصهم وذواتهم.
وثانيها: تنمية الورع وتقوى الله في النفوس، والبعد عن اتِّباع الهوى؛ فإن تنوُّع الآراء قد يقود كثيراً من الناس إلى اتِّباع ما تهواه نفسه وتميل إليه، وقد وصف أولئك الإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ بقوله: (وطبقة أخرى وهم قوم بلغت بهم رقّة الدين وقلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كل قائل، فهم يأخذون ما كان رخصة من قول كل عالم، مقلِّدين له غير طالبين ما أوجبه النص عن الله ـ تعالى ـ وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم -) (الإحكام: 5/65).
إن زخم الحياة المادية اليوم، والصوارف والشهوات أفسدت كثيراً من معاني التقوى والورع لدى الناس؛ فشاع لديهم تتبُّع الرخص والشواذ، ورأوا أن أي فتوى أو رأي سمعوه جاز لهم اتِّباعه والسير عليه، مما يؤكد أهمية العناية بتنمية التقوى والورع.
وثالثها: تربية الناس على تعظيم نصوص الشريعة، واتِّباع الدليل، والعبودية لله وحده؛ فقد شاع لدى كثير منهم أن ورود الخلاف ـ بغضِّ النظر عن مدى الاعتداد به ـ كافٍ في أن يختار المرء ما شاء من الأقوال، حتى صار الخلاف أعلى من النص الشرعي، بل هو الحاكم عليه.
وهذا يناقض قولَ الله ـ تعالى ـ: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [الشورى:10].
وقولَه ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59].
إن الأمر لا يعني أخذ الناس بالشدة، والأغلظ من الأقوال، ولا يعني مسايرة أهوائهم، إنه يفرض على المربين وعلى المفتين تربية الناس على الديانة لله والورع والتقوى، وعلى المنهج الشرعي في التعامل مع الخلاف.
رد مع اقتباس
  #82  
قديم 17-08-2010, 11:25 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

إنهم يؤثرون


هكذا أحببت أن أبدأ مقالي والسبب هو التالي:
لقد بذلت جهداً في غرس بعض القيم بابنتي وبما أنها الأولى وكما تعلمون نظل نركز عليهم حتى النخاع وإنني أشعر أن الأول مسكين لأنه يأخذ كل جهد أهله في التربية والتعليم والاهتمام .
حاولت أن أقنعها ببعض الأمور لكني حقاً فشلت وجلست محتارة كيف أعلمها لكن الحل لم يكن يأتي سريعاً .
حتى الحقتها بمراكز تحفيظ القران الكريم الصباحي . وبدأت تتغير .
هي الآن تكتسب الكثير من صفات الخير وبالرغم من أنها من النوع الذي لا يتحدث كثيراً ولا تبادر بأعمال جيدة حقاً قد اكتسبت الكثير من الآداب مثل غسل الأيدي واحترام الطعام وحب القرآن وغسل الوجه والأسنان بالإضافة إلى المحافظة على الصلاة أما عن الحب والاحترام فقد ظهر على سلوكها مع بغضها الشديد للكلام السيء.
أما السر في ذلك فهو الهدوء النفسي الدي خيم عليها والطمئنية التي أصبحت تسكنها والسعادة التي تغمرها فهي التي غيرت حياتي معها .
لقد تغيرت عندما أصبحت تدرس هناك لقد أصبحت أكثر هدوءًا وبعداً عن العصبية والمزاج النكد والبكاء والتعلق بالألعاب أو الحاجيات وأصبح لعبها أكثر هدوءًا من ذي قبل ومع أختها أصبحت أجمل .
قد يظن المعلم للقران أنه غير مؤثر ولكنه أشد تاثيراً من غيره ويكفيه الخيرية التي أخبرنا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد جمع معها الحب للتعليم والتربية .
إن معلم القرآن يحمل البركة والخير وكم من بيت كان صلاحه بعد فضل الله بمعلم القرآن .
رد مع اقتباس
  #83  
قديم 17-08-2010, 11:27 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

جلد الذات


بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه ومن والاه . أما بعد :
فمع التقصير فى حق الله و التفريط فى حق النفس و العباد , كان لابد من محاسبة النفوس و مجاهدتها حتى تتخلى عن الرذائل و تتحلى بالفضائل , فإذا هم الإنسان بذلك وجد من ينازعه و يقول له : لا داعي لجلد الذات و تأنيب الضمير !!! بل قد يخوفونه بأنه سيصاب بحالة اكتئاب . وأن اجتهاده فى الصالحات واتهامه لنفسه بالتقصير سينتهى به إلى الخبل و الجنون !!.
لقد صار إقصاء الدين عن الحياة , وفلسفة الذنوب و المعاصى سمة من سمات العصر الذى نعيشه , وبينما يحدث التمجيد لمن يقاتل فى سبيل الطاغوت , ويوصف بالبطولة من يموت فى سبيل نشر القومية و الإلحاد و الديمقراطية .. نجد الاستخفاف و الاستهزاء بمن يقاتل فى سبيل الله , وقد يرسب الطالب فى الامتحان , ويفشل الإنسان فى عمله فتتلمس له المعاذير من هنا و من هناك , فإذا كان متديناً قامت الدنيا ولم تقعد !! و بينما تمتلئ المصحات النفسية و المستشفيات العقلية بالنزلاء فى أوروبا و أمريكا و تكثر نسب الانتحار فى النرويج و الدانمارك , مع يسر ورفاهية الحياة , ويكثرون من التحليلات و التبريرات . نجد هؤلاء , لو اكتشفوا من يسلك طريق التدين والإلتزام فأصابه جنون أو عاهة نفسية يسارعون بالتفشى واتهام الدين !! وقد يسلكون مسلك الناصحين و الأطباء العارفين فيحاولون إبعاده عما هو فيه , وفى أحسن الأحوال يقولون له عش حياتك , صل و صم ولا مانع من مشاهدة الراقصة و سماع الأغنية .. ساعة و ساعة أو نقرة و نقرة بالضبط كما كان يصنع أهل الجاهلية , عندما يقولون اليوم خمر و غداً أمر , ولكن هل هذا هو العلاج و المخرج من البلاد و الاكتئاب ؟!
ولقد أسرف البعض فى الكلام على الشعور و اللاشعور , بما لا طائل تحته , ولا فائدة من ورائه , وما يعنينا هو ما جاء فى كتاب الله وفى سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم , وكل إنسان بعد ذلك يؤخذ من قوله و يترك , ولا عبرة بما خالف الحق ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) " الملك : 14 " وبدلاً من استخدام مصطلح جلد الذات نحتاج فى هذا و غيره لاستخدام الكلمات الشرعية كالمحاسبة و المجاهدة قال تعالى ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا )" الشمس : 7 - 10 " وقال ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) " النازعات : 40 - 41 " وقال (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) " العنكبوت : 69 " وقال ( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) " القيامة : 1 - 2 " . فذكر هنا النفس اللوامة .
و النفوس ثلاثة , نفس أمارة بالسوء , وهى مأوى الشرور , و منبع الأخلاق الذميمة , وهذه النفس يجب مجاهدتها , والنفس اللوامة , دائماً تلوم صاحبها لما قلت كذا و لما فعلت كذا , وكلما صدرت عنها سيئة بحكم جبلتها أخذت تلوم صاحبها , وقد أقسم الله بها فى كتابه وقيل لا تجد المؤمن إلا وهو يلوم نفسه , وأرفع النفوس وأعلاها النفس المطمئنة , وهى التى انخلعت عن صفاتها الذميمة و تخلقت بالأخلاق الحميدة , وهى التى ينادى عليها ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ) " الفجر : 27 - 30 ".
وذكر البعض أن النفوس لها ثلاث قوى : النفس الشهوانية , ويشترك فيها الإنسان و سائر الحيوانات , والنفس الغضيبة وهى كسابقتها و النفس الناطقة وهى التى يتميز بها الإنسان على سائر الحيوانات ولكل واحدة من الثلاث آفاتها و عيوبها التى ينبغى مجاهدتها , ولان الغضب و الشهوة و النطق تؤثر فى الأخلاق محمودها و مذمومها و مجاهدتها تتم بتعلم الهدى و دين الحق , والعمل بذلك و الدعوة إليه و الصبر على مشاق الطريق وأذى الخلق .
إن النفس حرون وهى طالعة إلى كل سوء , فكيف تترك وما تهواه بزعم عدم جلد الذات قال تعالى ( فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) " النازعات : 27 - 41 " , قال الحسن البصرى : إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائماً .
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا , فإنه أهون عليكم فى الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم و تزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ".
وقال الحسن " المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله , وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة , إن المؤمن يفاجئه الشئ و يعجبه فيقول و الله إنى لأشتهيك وإنك لمن حاجتى , ولكن والله ما من حيلة إليك , هيهات حيل بينى و بينك , ويفرط منه الشئ فيرجع إلى نفسه فيقول ما أردت إلى هذا , مالى و لهذا والله لا أعود إلى هذا أبداً , إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن و حال بين هلكتهم .
إن المؤمن أسير فى الدنيا يسعى فى فكاك رقبته, لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله , يعلم أنه مأخوذ عليه فى سمعه وفى بصره وفى لسانه وفى جوارحه , مأخوذ عليه فى ذلك كله.
قال مالك بن دينار " رحم الله عبداً قال لنفسه ألست صاحبة كذا ألست صاحبة كذا ثم زمها , ثم خطمها , ثم ألزمها كتاب الله عز و جل فكان لها قائداً " ما الذى يمنعني من أن أقول : أنا ذلك العبد المذنب المسئ , خيره سبحانه إلينا نازل و شرنا إليه صاعد , يتحبب إلينا بالنعم رغم غناه عنا , ونحن نتبغض إليه بالمعاصى و نحن إليه محتاجون , وقد أصبحنا فى نعم الله ما لا نحصيه , مع كثرة ما نعصيه , فلا ندرى أيتهما نشكر أجميل ما يسر أم قبيح ما ستر , نتشرف بالانتساب لهذا الدين , فهل أقمناه فى حياتنا الخاصة و العامة , و نقول كل خير فى اتباع من سلف وكل شر فى ابتداع من خلف , ولو ذكرت أحوال الأفاضل بيننا لافتضحنا كلنا , تطلعنا إلى عيوب الآخرين و نسينا أمثال الجبال فى أنفسنا , وتكلمنا على الوحدة الإسلامية وقد نكون معاول هدم فى جسدها بانحرافنا عن مثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و الصحابة الكرام , خف علينا الكلام و ثقل علينا العمل , نتعجب من تسلط يهود على البلاد و العباد و العيب فينا , فما حدث ذلك بسبب قوة يهود , وإنما بسبب ضعفنا , وضعفنا لا بسبب قلة العدد و العتاد , وإنما بسبب البعد عن منهج الله , نلعب و نلهو و ننشغل بالمباريات و الرقص و الغناء فى الوقت الذى ي*** فيه المسلمون و تنتهك أعراضهم , نومنا طويل فى الوقت الذى لا ينام فيه الشيطان , وأولياؤه يعدون العدة للإجهاز على هذه الأمة , و ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله .. ما الذى يمنعني من وقفة محاسبة و مجاهدة استحث بها الخطى للحاق بقوم غير بهم سبحانه وجه الأرض ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) " الرعد : 11 " قال تعالى (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ) " آل عمران : 30 " .
وإذا كان الصادقون يسئلون عن صدقهم و يحاسبون عليه فما الظن بالكاذبين , قال تعالى ( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ ) " الأحزاب : 8 " قال الحسن : رحم الله عبداً وقف عند همه , فإن كان لله أمضاه , وإن كان لغيره تأخر " وقال محمد بن واسع : لو كان للذنوب ريح ما قدر أحد يجلس إلى , فالمحاسبة تدل الإنسان على عيوب النفس و تمنعه من الغرور , ورد عن عقبة بن صهبان قال : سألت عائشة رضى الله عنها عن قول الله عز و جل ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ) " فاطر : 32 " فقالت : يا بنى هؤلاء فى الجنة أما السابق فمن مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و شهد له رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجنة و الرزق , وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق به وأما الظالم لنفسه فمثلى و مثلك , فجعلت نفسها معناً بالمحاسبة يتعرف العبد على عظيم حق الله عليه , وانه سبحانه أحق أن يطاع فلا يعصى وان يشكر فلا يكفر , وان يذكر فلا ينسى , فيدفعه ذلك إلى المجاهدة والإنابة و التأسى برسول الله صلى الله عليه و سلم , فعن عائشة رضى الله عنها - قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه , فقالت عائشة : يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : يا عائشة أفلا أكون عبداً شكوراً " رواه البخارى و مسلم.
وعن حذيفة قال : صليت مع النبى ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت : يركع عند المائة ثم مضى فقلت يصلى بها فى ركعة فمضى فقلت : يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل , وإذا مر بتعوذ تعوذ , ثم ركع فجعل يقول : سبحان ربى العظيم فكان ركوعه نحواً من قيامه , ثم قال : سمع الله لمن حمده " ثم قام طويلاً قريباً مما ركع . ثم سجد فقال : سبحان ربى الأعلى " فكان سجوده قريباً من قيامه " رواه مسلم .
إن النفس تميل إلى الدعة و الراحة , وقد تؤثر الانحطاط و السفول و التدنى , والإخلاد إلى الأرض , ولو فقهت لكان منها المجاهدة طلباً لمعالى الأمور , قيل للبعض إلى كم تتعب نفسك , قال : راحتها أريد , وقال عيسى عليه السلام : طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود غائب لم يره " وقال أبو بكر الصديق - رضى الله عنه - فى وصيته لعمر حين استخلفه " عن أول ما أحذرك نفسك التى بين جنبيك " ويحكى أنس - رضى الله عنه - عن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ والله يا ابن الخطاب لتتقين الله , أو ليعذبنك و سئل ابن عمر عن الجهاد فقال : أبدأ بنفسك فجاهدها , وأبدأ بنفسك فاغزها " وقال إبراهيم بن علقمة لقوم جاءوا من الغزو : قد جئتم من الجهاد الأصغر فما فعلتم فى الجهاد الأكبر ؟ قالوا : وما الجهاد الأكبر ؟ قال : جهاد القلب . وقال سفيان الثورى : ما عالجت شيئاً أشد على من نفسى , مرة لى ومرة على . وكان أبو العباس الموصلى يقول لنفسه : يا نفس لا فى الدنيا مع أبناء الملوك تتنعمين , ولا فى طلب الآخرة مع العباد تجتهدين , كأنى بك بين الجنة و النار تحبسين , يا نفس ألا تستحين " وقال الحسن : " ما الدابة الجموح بأحوج إلى اللجام الشديد من نفسك " وقال ميمون بن مهران : لا يكون الرجل تقياً حتى يحاسب نفسه محاسبة شريكه وحتى يعلم من أين ملبسه و مطعمه و مشربه " وقال ابن القيم : لا يسئ الظن بنفسه إلا من عرفها , ومن أحسن الظن بنفسه فهو من اجهل الناس بنفسه " وقال الغزالى : إن النفس عدو منازع يجب علينا مجاهدتها " وكان مالك بن دينار يطوف فى السوق فإذا رأى الشئ يشتهيه قال لنفسه : اصبرى فوالله ما أمنعك إلا من كرامتك على " وقال يحيى بن معاذ : أعداء الإنسان ثلاثة : دنياه , وشيطانه , و نفسه , فاحترس من الدنيا بالزهد فيها , ومن الشيطان بمخالفته , ومن النفس بترك الشهوات . فمن صبر على مجاهدة نفسه وهواه و شيطانه غلبهم , وحصل له النصر و الظفر وملك نفسه فصار ملكاً عزيزاً , ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غلب و قهر وأسر , وصار عبداً ذليلاً أسيراً فى يد شيطانه و هواه , وجهاد العدو الخارجى يتطلب جهاد العدو الباطن , وهو جهاد النفس و الهوى , فإن جهادهما من أعظم الجهاد .
قال الفيروزبادى : والحق أن يقال : المجاهدة ثلاثة أدرب : مجاهدة العدو الظاهر ومجاهدة الشيطان , ومجاهدة النفس , والمجاهدة تكون باليد و اللسان .
وفى تفسير قوله تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ) "العنكبوت : 69 " قال العلماء ومن جملة المجاهدات , مجاهدة النفس بالصبر عند الابتلاء , ليعقب ذلك انس الصفاء , وينزع عنه لباس الجفاء . فأنت بحاجة لمحاسبة لكونك عبد الله تدور مع إسلامك حيث دار , ورائدك فى هذا و غيره , ما جاء فى الكتاب و السنة , وهذا هو الطريق الموصل إلى رضوان الله تعالى و الجنة , وتتحصل بذلك على خير الدنيا و الآخرة , وتمتلك ناصية الخير , ويتحقق انكار الذات , وتسمو بين أقرانك وفى مجتمعك , فإذا سمعت من ينفرك , ويقول لك : لا داعى لجلد الذات وتأنيب الضمير , فقل : تهمة لا أنفيها و شرف لا أدعيه , فأنا أتمنى أن أكون من المحاسبين لأنفسهم دون إفراط أو تفريط , ومن المجاهدين فى ذات الله وفق معانى الحق و العدل , حتى تستقيم الأقوال و الأفعال و الحركات و السكنات فى العسر و اليسر و المنشط و المكره و الغضب و الرضا , حذراً من يوم تقول فيه نفس (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ ) " الزمر : 56 " . وطلباً لنعيم لا ينفد وقرة عين لا تنقضى , وحياءاً من رب كريم , بر رؤوف رحيم دعانا بإحسانه وإنعامه , قلوبنا له مفضبة , وسرنا عنده علانية , والغيب لديه مكشوف وكل أحد إليه ملهوف , عنت الوجوه لنور وجهه ودلت الفطر على امتناع مثله و شبهه , قال تعالى ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ) " فاطر : 45 " فاغتنموا الفرصة وبادروا بالطاعات , وأقلعوا عن السيئات واثبتوا الأجل نصب أعينكم واستحيوا من الله حق الحياء .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رد مع اقتباس
  #84  
قديم 17-08-2010, 11:29 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

القرآن بين ضبط السلوك وضبط التلاوة


إنّ الأمة تمر بمرحلة من أعصب مراحلها، كيد من أعدائها، وتكالب عليها، وجهل من أبنائها، وتفريط في أسباب مجدها وعزها، والذي يعجب له أن هناك شبه إجماع على أسباب هذا الواقع المرير، وكيفية الخروج منه، فكثير من المسلمين إذ سئل عن سبب واقع الأمة المرير أجاب قائلاً: ذلك لبعدنا عن كتاب ربنا، وإذا سئل فما هو الحل، وكيف نغير هذا الواقع إلى ما نرجوه لأمتنا من الريادة والمجد أجاب قائلاً: يكون ذلك بالرجوع إلى كتاب ربنا، فإذا الداء معروف والدواء معروف فأين تكمن المشكلة؟
المشكلة تكمن في أنا أخذنا قارورة الدواء وصرنا نقرأ فيها، ونتأمل الإرشادات المصاحبة لها، ونستمع إلى الطبيب وهو يحدثنا عن كم مرة يستعمل هذا الدواء في اليوم، وكيف يكون ذلك الاستعمال، ثم اكتفينا بذلك ولم نستعمله، فهل بهذا يستفاد من الدواء، وهل بذا يكون الداء سبباً في الشفاء، إننا جميعاً نؤمن أن القرآن هو الدواء، ولكن اكتفينا بقراءته عن العمل به، فالقرآن جاء ليضبط السلوك ويقوم المنهج، جاء ليصحح تصرفاتنا ويصحح عقائدنا ومعتقداتنا، فأخذنا ألواحه وعكفنا عليها قارئين وتالين دون أن نصحح به معتقدنا أو نقوم به سلوكنا.
إن هذا الداء هو الذي أهلك من كان قبلنا، قال الله تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (الجمعة:5)، قال ابن عباس: "فجعل الله مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يتبع ما فيه كمثل الحمار يحمل كتاب الله الثقيل لا يدري ما فيه"(1)، وقال الله تعالى: "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" (البقرة:78)، قال القرطبي في تفسير كلمة أماني التي وردت في هذه الآية: "والأماني جمع أمنية وهي التلاوة"(2) فلقد كان حظ كثير من أهل الكتاب مما أنزل الله عليهم تلاوته فقط، وقد مدح الله منهم فريقاً كانوا يتلونه حق تلاوته، أي يعملون بمقتضى ما يقرءون، قال عمر بن الخطاب في معنى هذه الآية: "يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه"(3).
إن أمر تلاوة القرآن من الأمور المهمة والعظيمة التي يثاب العبد عليها، وليس المقصد أن تقلل الأمة من قراءة القرآن أو تهجر تلاوته، وإنما المقصد أن تتجاوز مرحلة التلاوة وضبطها إلى مرحلة التطبيق والعمل، فإننا نجد النبي صلى الله عليه وسلم قد خفف في أمر ضبط التلاوة فقال: "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران"(4)، وبالمقابل فقد جاءت الأدلة متنوعة في الأمر باتباع القرآن والعمل به في الكتاب والسنة، وذم من ترك العمل به ولو قرأه فقد صح عند الشيخين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي قال له اعدل: إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطباً لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية -وأظنه قال- لئن أدركتهم لأ***نهم *** ثمود.
وفي صحيح مسلم من حديث جابر في الحج قوله عليه الصلاة والسلام: وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله.
إنَّ معاناة الأمة ليس بسبب نقص التالين للقرآن، وإنما بسبب نقص العاملين بالقرآن مع التأكيد على أهمية التلاوة وفضلها، ولن تقوم للأمة قائمة ما لم تتجنب داء الأمم من قبلها ممن جعلوا التلاوة فقط هي الغاية، والله المستعان.
رد مع اقتباس
  #85  
قديم 17-08-2010, 11:33 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

دعوة للمصارحة أسباب ضعف العمل الدعوي


دعوة للمصارحة:
إن مما يفرح القلب ويثلج الصدر مانراه من إقبال فئات المجتمع وخاصة الشباب على التمسك بكتاب الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام مع كثرة المحاضن التربوية التي تحتضنهم لكن هذه الأفواج تتلمس من المربين الرعاية والتوجيه وبذل النفس والنفيس والأوقات والأعمال والطاقات حتى تستقيم حق الاستقامة وتثبت على هذا الطريق إلى أن تلقى الله ، منضبطة بقواعد الشرع ونهج من سلف ، الحكمة سبيلها والكتاب والسنة دليلها ، والسلف الصالح قدوتها ، بعيدة عن التهم التي توجه إليها من كل حدب وصوب ، فهي أمانة في الأعناق ، لا نجعلهم عرضة للمز والهمز وتصيُّد الأخطاء وحديث المجالس والعوام والركبان ، لا توضع بأيدٍ لا تتقن فن التربية والتوجيه فيُنشؤا جيلاً هزيلاً ، صورته ضياء وباطنه خواء ، فلا قرآن يُحفظ ولا دروس للعلم تُحضر ولا كتب تُقرأ ولا همٌّ للدعوة يُحمل ، تجرؤٌ على الفتوى وعدم انضباط في المواعيد وتساهل في الأوقات وتقصير في النوافل وتأخر عن الصفوف الأولى في الصلوات ويوم الجمعة ، ضعف في التعامل والأخلاق مع العوام وقلة إفشاء السلام،تعلق برواسب الماضي وعد م تحرر من أصدقاء زمن الغواية والحنين إليهم وتأثيرهم عليه لمعرفتهم نقاط الضعف فيه (36) ، في بدايات الدروس والدورات العلمية إقبال يعقبه إدبار ، في البداية يكون الحرص على فعل السنن وترك المكروهات والقوة في التمسك ثم يدب الضعف ، التفكك والضعف داخل محاضن التربية ، التغير والشقاق عند أدنى حدث وهزة، تراشق بالعبارات الجارحة وتبادلٌ للاتهامات الباطلة عند أدنى خلاف ، الجدل على أمور اجتهادية لكل واحد فيها حظٌ من النظر أولا طائل من ورائها ، فنتساءل أين سمْت العلماء ونضارة العبَّاد وزهد الصالحين ونور الصادقين وخلق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وأخوة الدين، أين التناصح والتماس الأعذار ودفن الأخطاء وستر المعايب والإيثار ، أين سلامة الصدور وطهارة القلوب عند أدنى خلاف ؟ أين حمل همِّ الدعوة وطلب العلم واتهام النفس والرأي ؟
أين تربية الأجيال على سِيَر أؤلئك الرجال { رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } فهل الحقيقة كالخيال !!؟ كل ادعاء لابد له من بينة وإلا :
فكل يدَّعي وصلاً بليلى *** وليلى لاتقر لهم بذاكـا
أخوة الإيمان : وبعد هذا كله نتساءل لماذا هذا الضعف ؟ لنقف على نتف وإشارات سريعة وصريحة حول أسباب ضعف العمل الدعوي وضعف آثاره من قِبل الدعاة والمدعوِّين، أردت بها الترقي في السير بركبهم في طريق الدعوة إلى الله نحو الكمال النسبي الذي يؤتي أكله كل حين بإذن ربه ، ومشاركة في دفع العجلة التربوية ، ولاشك أن هناك من الدعاة والمربين بلغوا مبلغاً عظيماً في النفع بقوة إخلاصهم وطرحهم وعملهم وتوفيق الله لهم ، ولذ ا نرى كمّاً هائلاً من المتلقين والمتربين قوة في الإيمان والعلم والدعوة إلى الله وتربية النفس تربية جادة . لكن أردت بها التذكير لمن غفل عنها أو جهلها أو قصَّر فيها وهي اجتهادية أشكر لمن أهداني فيها عيبي ونقصي ، فهاكها وعلى الله قصد السبيل .
أولاً : من جهة الملقي .
1- مجانبة الإخلاص في هداية المتلقي بوحي الله أو عدم استحضاره بسبب الانشغال بالعمل وزحمته .
2- صدور الكلام نياحة من قلب غير متأثر .
3- نسيان الدعاء بالقبول وصدق اللجوء إلى الله في ذلك (37) .
4- عدم الإعداد المسبق الجاد المتمثل في ضعف المادة العلمية .
5- عدم احترام العقول وجهل أو تجاهل مستوى المتلقي ( إن مما أورث الناس السامة أن أكثر ما يسمعونه أقل أهمية مما ينبغي أن يسمعوه ) .
6- عدم التجديد والتنويع .
7- الطول الممل والقِصر المخل .
8- التكرار الممل والركام الهائل مما هو مكرر في مكتباتنا من كتب وأشرطة ومطويات سواء اتفقت العناوين أو اختلفت .
9- ضعف الإلقاء والأسلوب .
10- الاستعلاء على السامعين .
11- عدم اختيار الوقت والمكان المناسبين لطرح مالديه .
12- كثرة استخدام الألفاظ الغريبة .
13- عدم اختيار الموضوع المناسب .
14- عدم التفاعل من المتكلم مع ما يقول وانعدام العاطفة الجياشة الآسرة .
15- التركيز على بعض المتلقين دون غيرهم .
16- إهمال المتلقي فلا حوار ولا نقاش ولا سؤال وهذا في الدروس العلمية واللقاءات الخاصة وأما المحاضرات والخطب فليس مناسباً .
17- الخروج عن الدرس وعدم التركيز .
18- عدم استخدام الشعر فهو يهز الوجدان ويحرك المشاعر ( وإن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة ) رواه البخاري .
19- إهمال العنونة للمواضيع وعدم اختيار العناوين المناسبة .
20- ترك ضبط المستمعين .
21- الكلام في غير التخصص بما لا يعلمه أو يجيده فإن كان ولابد فعند الضرورة مع تعلمه والرجوع إلى أهل التخصص .
22- عدم الواقعية والبعد عن واقع المتلقين وتارة يكون الموضوع ولغة التخاطب أكبر من المستمعين أو أقل منهم .
23- التصريح بما حقه التلميح .
24- التصدر قبل النضوج .
25- عدم حصر الدرس في نقاط محددة .
26- خدش الهيئة والسمت والوقار بما لا يليق (ضعف القدوة) .
27- ضعف فراسة المتكلم في فهم مداخل النفوس وطريق التأثير عليها .
28- إغفال آراء الآخرين وعدم استشارتهم في الموضوع وعناصره .
29- إغفال جانب القصص الصحيح والمؤثر .
30- عدم التنويع في الملقين .
31- عدم الاهتمام بالجوانب الشكلية والإخراج فيما يحتاج فيه إلى ذلك .
32- تضييع العمر في طلب الإجماع على مسائل لا تقبل بطبعها وحدة الرؤية .
33- عدم استغلال الفرص المناسبة للتذكير عند وقوع المصائب والحوادث والمناسبات .
34 - أصبح الكتاب والشريط عند البعض باباً من أبواب الرزق والتجارة فذهبت البركة مع الإخلاص وضعف انتشاره والله المستعان .
35- كثرة التقطع في الدروس العلمية والتوسع في شرحها والمؤدي إلى طول الوقت وملل الشيخ والطلاب والتوقف وعدم الاستمرار (39)
36- الارتباط بين الشيخ والطلاب لا يتجاوز الحلقة .
37- عدم ربط الطلاب أثناء الدرس بأعمال القلوب وتخولهم بالموعظة .
38- قلَّّ الاهتمام والعناية بركيزة الوعظ والتذكير وهي ركيزة تربوية مؤثرة ومفيدة يحتاجها الجميع-الجاهل والعالم والمتعلم- وللأسف نجد من يزهد في شريط ومحاضرة وعظية ، حينها تعطلت الطاقات الإيمانية وأصبح علم أعمال القلوب والوعظ من العلم المفقود وعلم الفضلة .
إن صح أن الوعظ أصـبح فضلة *** فالموت أرحم للنفوس وأنفع
فلولا رياح الوعظ ما خاض زورق *** ولا عبرت بالمبحرين البواخـر
أقبل البعض من الناس والشباب والدعاة على العلم وتركوا الوعظ
وأعمال القلوب نتيجة لردود الأفعال والتوازن مطلوب كحال الرسول صلى الله عليه وسلم .
حلاوة المعاناة (40) :
لا يفيد الإنسان ولا يبرع في فن من الفنون حتى يذوق المعاناة ، يحترق بنار الجهد والدأب ليكون عطاؤه نابعاً من قلبه ووجدانه .
عشرات الكلمات والخطب والدروس والمؤلفات والبرامج والمخيمات جثث هامدة ، لا روح فيها ، لأنها قدمت بلا تعب و معاناة ، فخسرت قيمتها وتأثيرها ووقعها.
إن الإكثار شيء والجودة شيء آخر، فعلى الباردين في عواطفهم وإعدادهم أن يعيشوا معاناة ما يحملون وهمَّ ما يريدون حتى يصلوا إلى ما يريدون ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً { فبقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى وابتناء المناقب باحتمال المتاعب والأجر على قدر المشقة} (41)
ثانياً : من جهة المتلقي .
1- الكبر والغرور التعالي المتمثل في :
أ ) احتقار المتكلم .
ب) شعوره بأنه لا جديد يُذكر .
ج ) اعتقاده بأن المخاطب بالدرس غيره .
د ) عدم الشعور بحاجته إلى الموضوع .
2- التحزب حائل .
3- عدم الاهتمام بإصلاح النفس والترقي بها والرضا بالدون .
4- عدم الحرص على الفائدة وعدم تقييد الفوائد .
5- اليأس المخيم على نفسه ومن حالته التي يعيشها والاستسلام لها.
6- السمعة السيئة للمتكلم عند السامع .
7- الفهم الخاطئ .
8- شرود الذهن وتشعبه في أودية الدنيا .
9- عدم التهيؤ للدرس .
10- الآثام والذنوب .
11- الانشغال بتتبع السقطات لغوية وغيرها .
12- الاهتمام بالمتكلم وشهرته دون الفكرة والموضوع .
13- عدم استشعار فضل ما هو فيه .
14- تدني مستوى المتلقي في الذوق والوجدان .
15- تدني مستوى المتلقي في فهم العربية .
16- عدم احترام آراء المتلقي ووجهات نظره .
17- المداخلات أثناء ما يطرح سواء كانت حسية أو معنوية كالطعام والشراب والدخول والخروج والأسئلة وغيرها .
18- فساد البيئة في البيت والمدرسة والحي والأقارب وعدم وجود الصاحب الصالح المعين بعد الله جلَّ وعلا .
ثالثاً : الأسباب العامة.
وتتعلق بالمراكز الدعوية والمؤسسات الخيرية والمحاضن التربوية وغيرها على المستوى الجماعي والفردي .
1- الإعلان المتأخر عن ما يراد طرحه أو عدم انتشاره أو إخراجه بطريقة بدائية لاقوة ولا تجديد فيها .
2- عدم تهيئة الجو المناسب من حيث البرودة والتدفئة .
3- ضيق المكان وعدم معرفته وعدم وضع رسم بياني يوضحه .
4- ضعف أجهزة الصوت وعدم تفقدها قبل الاستخدام .
5- الإطالة في التقديم للملقي أو ما يراد طرحه .
6- عدم ذكر ضوابط لما يراد طرحه والشرح المبسط لكيفية القيام به .
7- الفوضوية بكل معانيها وصورها من برامج وأساليب دعوية ورحلات ودروس وانتقاء لأفراد المحضن التربوي .
8- ضعف التنظيم والإدارة وعدم التركيز والدقة في الأعمال .
9- الازدواجية والجماهيرية في العمل من أسباب الفشل مما يؤدي إلى عدم التوفيق بينها والاتقان فيها وتزاحمها وقلة الإنتاج ولها صورمنها : العمل في أكثر من مركز ومؤسسة دعوية أو علمية أو مجموعة أو لقاء سواءً مسؤولاً أو عضواً فيكون مشتت الذهن والأفكار مع وجود كثير من الطاقات والعقليات المغمورة داخل الجامعات والمدارس وغيرها لم يُبحث عنها ولم تُوجه للعمل وإنما التركيز على بعض الأفراد في كثير من الأعمال وهذا فيه *** للجميع بل يجب علينا جميعاً أن نتعاون على تجديد العاملين في جميع الميادين وأن ندفعهم إلى الأمام مع شيء من الإلحاح إذا وثقنا في القدرات ونكون الدليل إليهم حتى يُعرفوا فيشاركوا ويعملوا ومنها وجود أكثر من عمل دعوي أو إغاثي في مكان واحد كتقديم الكتب والأشرطة وإفطار صائم وهدايا وصدقات الحجيج فيلاحظ فائض كبير بين أيديهم والأولى التنسيق بين المؤسسات في ذلك (42) .
10- عدم تحديد الأهداف التربوية التي يراد الوصول إليها والتي من خلالها توضع الوسائل الموصلة إليها سواء على مستوى العموم أو الأفراد ( فمثلاً الجدية وقيام الليل والعلم أهداف تغرس بواسطة بعض البرامج ) .
11- عدم الانضباط في المواعيد والدقة في الوقت التي تؤدي إلى الخلل في كثير من البرامج وتأخرها وعدم الحزم في ذلك من قِبل المربين .
12- عدم وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب كلٌ حسب طاقته وتخصصه .
13- التركيز على الدعوة والتربية الجماعية والتقصير في الدعوة والتربية الفردية .
14- عدم التقييم لما يُطرح بين كل فينة وأخرى ومعرفة الأخطاء وأسبابها ومحاولة تلافيها فالسكوت عن الأخطاء يشجع على تكرارها .
15- عدم الاستفادة من تجارب الماضي والآخرين .
16- الاستعجال في إدخال بعض الأفراد للعمل .
17- الأحكام السريعة والتصرفات غير المنضبطة نتيجةً لردود الأفعال والأحداث (43) .
18- الاهتمام بالكم لا الكيف أو العكس وجعله قاعدة مطلقة ليس بصحيح وإنما كل قضية لها مايناسبها من ذلك وتارة نحتاج إلى إحداهما في البداية والأخرى في النهاية .
19- عدم العتاب بالأسلوب المناسب لمن استحق ذلك والتشجيع لمن أحسن .
20- العمل على انفراد وتحمل الأعباء دون التعاون مع الآخرين عند وجودهم .
21- العمل في مكان ما لفترة طويلة ثم تركه والانتقال عنه دون وضع الإنسان المناسب لمواصلة ما بدأ به .
22- عدم العناية بالتربية العملية كتوجيه المتربين للانضمام للدروس العلمية والقيام بأعمال دعوية كلٌ حسب قدرته وتخصصه .
23- الشكوك والظنون وتناقل الشائعات وفتح باب القيل والقال وتفضيل بعض الأشخاص على بعض بدون مبررات ودخول آفة الإعجاب والتعلق بين أفراد المحاضن التربوية أو تعلق المتربين بالمربين وكل ذلك يؤدي إلى الفرقة والخلاف وهدم دُور التعليم والتوجيه والانتكاسة والانحراف بين الأفراد وحدوث الضعف والفتور والشقاق بين المربين .
24- المركزية لدى بعض المربين وعدم توزيع الأعمال على الآخرين وإعداد القيادات البديلة .
25- عدم مراعاة التناسب بين البرامج بأنواعها مع الوقت والمكان وقدرات المتلقين والفوارق الفردية بين المتربين من حيث السن والمراحل الدراسية مما يؤدي إلى عدم استفادة البعض من البرامج المطروحة إما أكبر من مستوى البعض أو أقل .
26- أسبوعية اللقاءات للشباب أنفسهم مع عدم وجود ما يشغل أوقاتهم تماماً ويشبع تطلعاتهم خلال الأسبوع كله في منازلهم أو كثرة اللقاءات الجماعية فيما بينهم التي يعتقد المربون أنها أحفظ للأفراد من الضياع والانحراف ولو كانت مبرمجة وهذا له سلبيات والأولى أن يكلف الشباب بما يحفظ أوقاتهم في منازلهم (44) . ولنعود الشباب على التربية الذاتية ومساعدتهم على ذلك .
27- ذكر بعض المربين أخطاء المربين الآخرين أمام المتربين بأسمائهم مما يؤدي إلى عدم قبول توجيههم ونصحهم سواء كانت أخطاء شخصية أو اجتهادات دعوية .
28- التركيز على بعض الأشخاص مع إهمال الأكثرين بحجة اعتذارهم عن المشاركة دون محاولة التكرار عليهم ومعرفة الأسباب لذلك فإن قال : لا أقدر .. فقل : حاول .. وإن قال : لا أعرف .. فقل : تعلم .. وإن قال : مستحيل . فقل: جرب . وبهذا يستطيع الجميع أن يشارك ويعمل وتغرس الثقة فيهم .
29- اهتمام بعض المربين بأشخاص لفترة طويلة وليس عندهم _ أي المتربين _ استعداداً لتغيير واقع أنفسهم وإنما يأتي للمحضن من أجل الأنس واللقاء أو يعتريه الضعف لحداثة تمسكه والأولى عدم الاهتمام به على حساب الآخرين وأعمال المحضن وعلاجه على نحو الدرجات التالية اجتهاداً لاتوقيفاً :
أ- الاهتمام به فترة من الزمن فقط .
ب- معرفة أسباب عدم الاستفادة ومحاولة العلاج بعد ذلك .
ج- الاهتمام به من قبل آخرين .
د- مناصحته ومصارحته .
هـ- نقله إلى محضن آخر وسيأتي مزيد تفصيل إن شاء الله .
رد مع اقتباس
  #86  
قديم 17-08-2010, 11:35 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

تابع
30- ضعف المربي في الجوانب العلمية والإيمانية والتربوية وإقحام بعض الشباب في ميدان رعاية محضن تربوي وليست عنده القدرة على ذلك لضعفه أو لصغر سنه أو لعدم تفرغه ثم النتيجة فقد الأفراد الثقة في قدرات المربي والانسحاب من عنده وضعف المتربيـن وكثـرة الأخطاء والمشاكل داخل المحضن ثم سقوطه وتفرقهم وفتور كثير منهم كما هو واقع بعض المحاضن .
31- عدم المرونة في المناقشة وقبول الأعذار والتخلص من المواقف الحرجة والعجلة في إصدار الأحكام دون تأمل ومداولة للآراء وتأجيل البت فيها حتى تحمل قوة وقناعة وقبولاً من المتربين. (من ظلال التربية /للشيخ:عبد الله السلوم ) .
32- الإكثار من الترفيه بحجة عدم الإثقال وكسب القلوب ( الإسلام دين يسر ) ثم النتيجة ( تربية غير جادة ) .
33- اعتماد المربين على بعض الأشخاص في الأعمال البدنية كإعداد الرحلات والمشتروات وغيرها دون أن ينالوا حظهم من الدروس وغيرها مستمعين أو ملقين والأولى توزيع الأعمال البدنية على الجميع حتى يتعودوا تعلمها وبذل الجهد وحتى لا تتوقف الأعمال بسبب غياب فلان وفي نفس الوقت تربية للنفس على التواضع وخدمة الآخرين .
34- دخول بعض الشباب في بداية التمسك وهم أقوياء محاضن يسودها الضعف مما يؤدي إلى ضعفهم أو رجوعهم .
35- عدم ارتباط بعض المحاضن بالدعاة وطلاب العلم والاستفادة منهم علماً وعملاً ودعوة والرجوع إليهم فيما يشكل عليهم كلٌ حسب تخصصه وهذه من المسائل التي ينبغي التنبه لها في فقه الاستشارة ويخلط فيها كثير من الناس فإذا كان الإنسان لا يعيش واقع الشباب ومشكلاتهم فلا يُسأل عن ذلك وإن سُئل فيعتذر عن الجواب .
36- التركيز على الجانب العلمي أو الإيماني أو التربوي والأولى التنويع بين تلك المجالات من خلال الدروس والبرامج بأنواعها حتى تتكامل وتتوازن شخصية المتربي .
37- عدم الاهتمام بالأذكياء وأصحاب القدرات وإهمالهم ثم النتيجة ضياع تلك القدرات وإنما الاهتمام عند البعض بأصحاب الطرافة والمظاهر والمصالح الشخصية أو على الأقل أشخاص عاديون .
38- حرص المربي على ألا يتلقى المتربي التربية والتوجيه إلا منه فقط والحساسية الزائدة والتضجر إذا تلقى من غيره أو رُؤيَ مع غيره إلا إذا رؤي مع أشخاص في منهجهم خلل غير قابل للاجتهاد أو ضعيف أو مخالف للكتاب والسنة فينبهون بالطرق المناسبة المقنعة بدون أن تحدث ردود أفعال .
39- اعتبار بعض الشباب هذه المحاضن أنها للنزهة والترويح عن النفس في الدرجة الأولى وأنها ليست للتربية والتعليم والتعاون على الخير .
40- ذهاب بعض الشباب إلى أصحاب الخبرات القليلة والذين ليس عندهم تمكن في علاج المشاكل التربوية لحل مشاكلهم لأنهم مكثوا سنيناً في المحاضن التربوية وهذا لا يعني تمكنهم في ذلك وفي المقابل إبداء الطرف الآخر الرأي والحل وتكون النتائج غير مرضية .
41- تسرب أخطاء أو مشاكل المتربين بين أفراد المحضن من قبل المربي سواء خطأً أو عمداً مما يؤدي إلى انتكاسة المتربي وتركه والأولى الحرص على السرية في مشاكل الأفراد ومعالجتها وعدم إدخال الأفراد في حلولها .
42- كثرة مخالطة المربي مع المتربين فيما لا فائدة فيه مما ينتج عنه قلة الهيبة والتقدير له وعدم أخذ كلمته بجدية والاطلاع على أخطائه التي لا تُعرف إلا مع كثرة المخالطة ثم النتيجة ضعف القدوة .
43- قلة اللقاءات التربوية بين المربين التي تعالج المشكلات بصورة جماعية مع ظهور الفردية في حل أي مشكلة وذلك يضعف الحلول .
44- ضعف التناصح والمصارحة والوضوح في العمل بين المربين أو المتربين أو كلٌ مع الطرف الآخر وبين الدعاة والعاملين في طريق الدعوة .
يا أيها الدعاة والعاملون : لابد من المصارحة والمناصحة حتى نسير على الطريق ونحقق المقصود ولا تتبعثر الجهود فالغاية واحدة .
45- عدم اتخاذ أسلوب المناصحة المكثف والمنوع مع من يرى عليه الفتور أو شيء من المعاصي من البداية فالسكوت يؤدي إلى اتساع الضعف ومن ثم تصعب المعالجة إلا أن يشاء الله .
46- تحكيم العواطف والتعلق بآراء الأشخاص والذوات لا الكتاب والسنة في تربية النفوس ومواجهة الفتن والأحداث والتسليم بقبول آراء الأشخاص لذواتهم بغض النظر عن تأمل القول مع وجود القدرة على ذلك ، وإذا خالف أحد قول داعية أو عالم مع تمسكه بأدب الخلاف وجهت له التهم بالجهل والحسد وعدم احترام أهل العلم وهجر .
47- عدم مراعاة أوقات الدروس العلمية في المساجد مع أوقات البرامج الخاصة بالمحضن التربوي .
48- تقديم بعض المربين والدعاة بعض الشباب المبتدئين في بعض المهمات وتفضيلهم على غيرهم ورفعهم فوق منزلتهم وهذا فيه زج بهم إلى مزالق خطيرة منها الغرور بالنفس والتحدث بما لا ينبغي التحدث به وربما أوقع المربي بما لا تحمد عقباه وربما يلام المربي على بعض الأخطاء التي تصدر من هذا المتربي لقربه منه وملازمته له .
49- الحكم على الشخص ووضعه في القائمة السوداء من خلال بعض الأخطاء والتشهير به في كل مجلس وربما هجر وترك ولم يُدع للمشاركة في البرامج الدعوية ، نُسيت الفضائل وبقيت الرذائل ، نسي ( أن كل بني آدم خطاء ) .
من ذا الذي ماساء قط *** ولم تكن له الحسنى فقط
والمعاصي تتفاوت وهناك فرق بين المجاهر من عدمه والخطأ في حق الله وحق الأشخاص قال ابن المسيب رحمه الله : ( ومن الناس من ينبغي ألا يذكر عيبه ويوهب نقصه لفضله) وأقل الأحوال مسلم لا تجوز غيبته ولاندع لأنفسنا باب التأول في ذكر معايبه كما يفعل البعض .
50- تفلت المحضن وأفراده وتوقف البرنامج عند غياب المربي عن البرنامج اليومي أو لفترة من الزمن والأولى إيجاد البديل المناسب المؤقت من نفس المحضن أوغيره لإتمام مابدئ به ،لأن الغياب يؤدي إلى سلبيات كثيرة .
51- انشغال المربي أو بعض الأفراد بإنسان انحرف بعد الاستقامة وهذا الانشغال يكون على حساب الآخرين مع أن غيره أحوج إلى بذل الجهد .( فالمقبل أولى من المدبر ) ( ولا ننسى أن الكلام الذي يقال للمنتكس.. يوماً من الأيام هو كان يقوله للناس !! ) .
52- دخول المحضن التربوي غير الملتزمين أو أناس يريدون الالتزام لكن مازالت رواسب الماضي قوية التعلق بهم فالأولى عدم إدخال الصنف الأول والاهتمام بالصنف الثاني والارتباط بهم خارج المحضن وتهيئتهم للدخول فيه حتى لايؤثروا في أفراد المحضن سلباً .
53- عدم التجديد في الأفراد بين كل فترة وأخرى واستقطاب الشباب للمحضن مع مراعاة الاختيار الأمثل ،فالتجديد يورث النشاط والحيوية والعكس يؤدي إلى الضعف والتفكك والملل .
54- عدم المصارحة بكل ماله صلة بالموضوع ويؤثر فيه عند الاستشارة في أمر من الأمور أو إخفاء بعض العيوب والأخطاء التي كانت بسببه _ أي المستشير _ أو يستشير وليس عنده القناعة بما يستشير فيه أو يشار عليه به ثم النتيجة يبرر لنفسه ولأخطائه في خاصة نفسه أولمن حوله إذا لامه أنه استشار فلان ونسي أن الاستشارة بنيت على غير حقائق وهذا أمر مشاهد في الناس وفي مشاكل المحاضن التربوية من قبل المربي والمتربي ، فليتنبه الجميع وعلى المستشار عدم الاستعجال في إبداء الرأي في ما يخص المحاضن وغيرها والتحري في الأمور ( والمستشار مؤتمن ) حديث رواه أبوداود .
55- التحدث مع الشباب المبتدئين أو حين وجودهم عن بعض المشكلات والخلافات قبل نضجهم العلمي والفكري فيحدث لهم ردة فعل تكون سبباً في رجوعهم وبعدهم عن التمسك وإن كان ولابد فإعطاؤهم قواعداً في فقه الخلاف وموقف السلف منه حتى لا يحدث عندهم اضطراب أو يأتي من يلبس عليهم الحق بالباطل .
56- ضعف الصلة بين أفراد المحضن أو المربي مع من يترك المحضن لسفر بسبب التعلم أو الوظيفة أوغيرها وعدم الاتصال بهم هاتفيا أو زيارة أو مراسلة أو ربطهم بالدعاة والأخيار في البلد الذي انتقلوا إليه وهذا أمر مشاهد وملموس ولذا نرى الفتور وتقديم التنازلات بسبب الغربة والوظيفة وعدم وجود الرفقة الصالحة والاضطرار إلى العيش مع الرفقة السيئة أو على الأقل لوحـده والفراغ مفسـدة.
57- عدم المرجعية عند كثير من الشباب والمربين عند النزاع فلا يرجع عند الخلاف إلى العلماء وهذا يجرنا إلى ويلات لانهاية لها كما هو مشاهـد وملموس ، والخلاف أمر لابد منه لكن لايصل إلى حد الاتهام بالباطل والوقيعة في الأعراض والحزازيات في الصدور والتوقف عن العلم والدعوة بل تؤدى الفرائض والنفوس منشغلة ومشتعلة تضيع الجهود وتبعثر ، تهدر الأوقات وتخسر الأموال والقدرات والكتب والأوراق وكثير من الصالحين والمفكرين والأخيار ومن نحبهم في الله ومن المستفيد يا حملة الإسلام والعلم والإيمان ..؟ إنه الشيطان وحزب الشيطان والله المستعان ولاحول ولاقوة إلا بالله .
قال صلى الله عليه وسلم (يئس الشيطان أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم ) رواه مسلم والترمذي وأحمد .
فيا أيها الشباب : هيا إلى التلاحم والتناصح والأخوة الحقة والمحبة الصادقة يكفي ما مضى ، لنستدرك ما فات ، سنوات مضت ، لنأخذ العبرة ولا نعيد الكرة كفى وكفى وألف كفى .
يا أمل الأمة ويا ملح البلد ، ما يصلح الملح إذا الملح فسد !!؟
58- التكلفة الباهضة لإعداد المشاريع الدعوية من حيث البناء ومستلزماته مما يؤدي إلى التأخر في البدء بالمشروع لعدم وجود المال الكافي أو لكبره وكذلك يؤدي إلى بذل الأموال الطائلة التي يمكن الاستفادة منها في أكثر من مشروع ، كذلك يـؤدي إلى نزع ثقة التجار في القائمين عليها بسبب الإسراف والاعتذار عن المساهمة (45) .
59- الحماس غير المنضبط المؤدي إلى الخطأ والاستعجال وتراكم الأعمال وكثرتها وطولها وعدم التناسب مع القدرات والإثقال على النفس والآخرين ثم الملل والاعتذار والانقطاع .
60- الاهتمام بالتجديد كوسيلة حتى يضعف المضمون وتفقد الغاية وهذه قضية ينبغي التنبه لها ، لأننا نلحظ هذا الجانب بدأ يظهر في أوساط الذين يهتمون بجانب التجديد حيث يغلبونه على القضية الأساسية للفكرة وهي الدعوة إلى الله وهداية الخلق وإفادة الناس والتجديد لاشك أنه مطلب في ميدان الدعوة وأقترح على كل فرد و محضن ومؤسسسة دعوية أن تجند أصحاب التخصص لكي يفكروا ويبتكروا في مايجيدون فيه كل حسب تخصصه (46) .
أخي الداعية والمدعو والمربي والمتربي :
عذراً على هذه الكلمات فليست نظرة سوداوية أو نظرة يائس و متشائم أو تتبع للأخطاء والتفنن في عرض السقطات أوطلب للمثالية الزائدة أو متناس أن كل بني آدم خطاء وكل عمل لايخلو من خطأ و صواب وأن الكمال لله والناقد بصير .. كلا بل هو واقع نلمسه وحياة نعيشها .
إن كثيراً مما تقدم تعيشه الأمة كلها على جميع مستوياتها وليست تلك النقاط في طريق الدعاة والمدعوين فقط لكن الحديث جاء موجهاً لهم لأنهم أمل الأمة بعد الله وهم حملة الرسالة وأتباع الأنبياء ومحل النظر والاقتداء .
إن ذكر الأخطاء ولَّد عندنا ردود الأفعال، فلم يفرق البعض بين ذكر الأخطاء وطريقة عرض الأخطاء وتفسير النيات والبعض يقول إن ذكر الأخطاء يزيد الغم غمين ويكفينا تربص الأعداء فالحال غير مناسب .
فيقال : إن ذكر الأخطاء أمر جآءت به الشريعة والقرآن والسنة مليئان بذلك ، بل إن المتأمل لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في بدايتها وما واجهته من أحداث ومعارضات وما كان ينزل من القرآن نحو قوله تعالى{عبس وتولى..} قصة ابن مكتوم رضي الله عنه وقوله {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلا ً..} وغيرها لدليل على أن ذكر الأخطاء وتصحيح المسار أثناء المسير مطلب لاغبار عليه والسكوت عن الأخطاء يشجع على تكرارها وترك الداء بلا دواء يؤدي إلى *** الجسد لكن نحتاج إلى مراعاة ما يلي :
أ- أن نفرق بين الخطأ والظاهرة من حيث ماهيتهما قلة وكثرة .
ب- أن نفرق في وسيلة العرض عند الحديث عنهما ، فهناك محاضرة وخطبة وشريط وكتاب ومقال ورسالة واتصال هاتفي ولقاء وغيرها وكل منها له ما يناسبه .
ج- أن نفرق بينهما من حيث الفئة المرتبطة بكل منهما من الناس فتارة الارتباط بشخص وتارة بشريحة من المجتمع وتارة بالمجتمع .
د- عدم ذكر التفاصيل ودقائق الأمور التي لا تكون إلا في حالات يسيرة ونادرة وقضايا عينية .
هـ- إذا كان التلميح يغني عن التصريح كان أولى .
و- الموازنة في عرض السلبيات والإيجابيات بل إن ذكر الجميع من العدل والإنصاف وحديثي عن أخطاء فئة من المجتمع ليس أشخاص بأعينهم فأخطاء الأشخاص موضوع مستقل .
ز- إشعار الناس بأن الخير موجود في الأمة كما أن الشر موجود وعدم إغفال ذكر الخير وصوره في الناس إذا ذكرت الصور المأساوية لبعث الأمل في الأمة والناس وليعلم الميْت أن في الأمة أحياء فيحيا بذكرهم .
ح- عدم ذكر ماكان مخفياً ومستوراً وضئيلاً كبعض المنكرات التي لا يعرفها إلا القليل .
ط- عدم ذكر القصص التي تأخذ حكم النادر وفيها من البشاعة والقذارة مالا يمكن وصفه وتردادها على مسامع الناس حتى لا يكون المتحدث عرضة للتكذيب والاتهام بالمبالغة وحتى لا يعتادها الجميع وتصبح أمراً عادياً وإن كان ولابد فذكرها مختصرة دون الإكثار وذكر التفاصيل فإنهـا تقسي القلب وكثرة المساس تقلل الإحساس وتبعث الإحباط في النفس والقرآن والسنة مليئان بالقصص التي تقرع القلوب وليس فيها كثرة تفصيل للأحداث .
ط- مراعاة المكان والمستمعين عند الحديث عن خطأ أو ظاهرة وهل هم بحاجته وهل كثير منهم يدركونه ويلمسونه ؟
إشكال : يرد ويتكرر ونسمعه عندما يتكلم عن مشكلة فتجد البعض يقول لماذا الحديث عن هذا الموضوع فلا ألمسه وكذا مثلي سيقرؤه ويسمعه وهو لا يدركه ؟
فيقال : ليس من المعقول أن يسكت عن ظاهرة من أجل أن واحداً أو اثنين أو عشرات لا يدركونها وفي المقابل مئات يعيشونها ومئات يرونها ومئات ضحايا بسببها بل لا يمكن أن يسكت حتى يؤتى على الأخضر واليابس .
فالمستمع إما : صاحب المشكلة أو قريب منها يحوم حولها بقصد أو بدونه أو داعية أو مسؤول أو متعلم ينبغي عليه معرفة الواقع أو مربي في بيت أو محضن يحتاج إلى معرفة ذلك أسباباً ومظاهراً وعلاجاً أو بعيد عن كل ذلك فالعلم به علم ( والوقاية خير من العلاج ) والشريعة جاءت مقررة لهذه القاعدة .
فإن لم يكن ذلك كله فدعه لمن يهمه ذلك وإن أبيت إلا الملام فبابه مفتوح والناقد بصير . والموضوع قابل للاجتهاد وهذا وسعي بعد تأمل واستشارة وأخذ للآراء والرأي معرض للخطأ والصواب .
إشكال : وهو أن بعض الأشخاص عنده شيء من المعاصي سواء كانت باطنة أو ظاهرة ولو ناصحته جفاك وأبعد عنك وبينك وبينه شيء من التقدير والاحترام وإذا ذهب عنك سيزداد انتكاسة (47) وضعفاً..!! الجواب :إن تأخير النصح والإنكار بل السكوت عنه أمر جآءت به الشريعة إذا كان لمصلحة كما هو مقرر عند أهل الأصول بقولهم درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) ولذا يقال في هذه الصورة :
أ- إن ترك النصح وتأخيره من المصلحة إذا كان يؤدي إلى مفسدة أعظم .
ب- إن النصح لا يتوقف على الأسلوب المباشر بل يمكن المناصحة بأسلوب غير مباشر كالـكتاب والشريط وكتابة الرسالة بدون ذكر الاسم أو البحث عن إنسان آخر يناصحه يكنُّ له _المنصوح _ الإجلال والتقدير .
ج- محاولة إصلاح الجوانب الأخرى كأعمال القلوب وصلاح الباطن فإذا صلح الباطن صلح الظاهر وللأسف أن عندنا تعظيم للمعاصي الظاهرة أكثر من الباطنة وقد تكون الباطنة أعظم من الظاهرة .
وهذا خلل أدى إلى ما يسمى ( الالتزام الأجوف ) أو تشخيص بعض المربين لهذه الحالة بقولهم فلان عنده انتكاسة داخلية ) .
تنبيه : وهو أن الإنسان لا يصل إلى درجة الانتكاسة الظاهرية إلا بعد العيش فترة من الزمن والضعف ينخر فيه داخلياً .
بمعنى أن الإنسان لا يأخذ من لحيته أو يسبل ثوبه أو غير ذلك إلا بعد ضعف الإيمان في القلب والخوف من الله جل وعلا ،فلا يفسد الظاهر إلا بعد فساد الباطن ولا ينتكس الإنسان ظاهرياً بين يوم وليلة .
رد مع اقتباس
  #87  
قديم 17-08-2010, 11:39 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

ابني تغير


ابني تغير إنه لم يعد ذلك الطفل المطيع ؛ لقد بدأ يعاندني بل يخالفني في كثير من القضايا ؛ لم يتقبل كل ما أقوله له عن كثير من قضايا الحياة بكل سهولة كما عهدته من قبل : فقد يجادل ويناقش وقد يرفض التسليم بما أقول . حتى الأنشطة الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة كزيارة بعض الأقارب أو حضور مناسبة اجتماعية يرفض الذهاب مع الأسرة إلي كثير منها ويصر علي البقاء في البيت أو مع زملائه. إنه يصر علي السهر : ويمضي مع زملائه وقتاً ربما أطول مما يقضيه مع والديه وإخوانه .
هذه عبارات يرددها كثير من الآباء والأمهات متحدثين عن أبنائهم عندما يصلون إلي المرحلة المتوسطة أو بعد التحاقهم بها بسنة أو سنتين. هذه الشكاوى قد تقولها الأمهات عن بناتهن أيضاً مع بعض الخلافات البسيطة ، فقد تكون الشكوى حول الإصرار علي ملابس معينة أو البقاء علي الهاتف لفترات طويلة . وغيرها من الشكاوى وقد يتحدث الوالدان عن سرعة غضب أبنائهما أو سرعة بكائهما وغير ذلك من الملاحظات التي تؤكد التغير الذي يتحدثون عنه.
ومع أن هذا الوصف قد يكون فيه بعض المبالغة من بعض الآباء والأمهات ، وقد لا تجتمع هذه الأوصاف في ابن أو بنت واحدة إلا أنه يحمل كثيراً من الصحة فالأبناء والبنات لم يعودوا أطفالاً : وهم يمرون بمرحلة انتقالية بين مرحلة الطفولة ومرحلة الراشدين ، إنها مرحلة المراهقة .
هذه المرحلة الانتقالية وما يصاحبها من تغيرات جسمية ونفسية قد لا يجد بعض الآباء سهولة في تقبلها أو التعامل المناسب معها ؛ وهذا راجع لعدد من الأمور منها :
أولاً : الجهل بطبيعة هذه المرحلة وما لها من خصائص تميزها عن غيرها من المراحل . ومع أن جميع الآباء . والأمهات قد مروا بمثل هذه المرحلة فإن كثيراً منهم قد نسي ما كان يحس به وكيف كان ينظر للكبار والحياة بشكل عام عندما كان في تلك المرحلة.
وثانياً : أن الوالدين ينظران دوماً لأبنائهما علي أنهم لا زالوا صغاراً وليس من السهولة تقبل أنهم أصبحوا كباراً يستقلون برأيهم وتصرفاتهم لأن في هذا الاعتراف شعور داخلي بأن ذلك يعني فقد السلطة علي الأبناء ، وإشعار بكبر الآباء . مع أن هذه المشاعر قد يخالطها شعور بالافتخار لتحول الأبناء إلي رجال يقفون مع والديهم في شؤون الحياة والبنات إلي نساء يقفن في والدتهن. إن الوالدين يريدان مزايا تلك التحولات لكن لا يريدان التنازل عن بعض الأمور التي تتطلبها هذه المرحلة.
ولا يعني هنا الكلام أن ما ذكر في مطلع الكلام هنا من صفات يتحدث عنها الآباء أو الأمهات عن أبنائهم وبناتهم أنها صفات حتمية في المراهقة لابد أن يتصف بها المراهق. كلا فإن كثيراً من تلك الصفات تبرر في المراهقة نتيجة طريقة المعاملة التي يتلقاها المراهق ليس من والديه فحسب بل من المحيطين به بشكل عام.
إن الأصل في المراهقة أن تكون طبيعية تمر مروراً سلساً لو تعامل المجتمع معها بما يناسبها.
وإن من الأمور التي جدت في حياتنا المعاصرة طول فترة الإعداد للحياة العملية ، فالفتي أو الفتاة يمضي الواحد منهما أكثر من عشرين عاماً من حياته قبل أن يبدأ في العمل ويتعرف به كعضو كامل العضوية في المجتمع - هذا التأخير ترتب عليه تأخير في إشباع كثير من حاجات المراهق النفسية والفطرية ، وألجأه إلي تصرفات قد تكون غير مقبولة ليثبت لنفسه وللآخرين أنه رجل أو أنها امرأة ، وكلما زاد التضييق من قبل المجتمع علي الشباب في إعطائهم ما تتطلبه مرحلتهم زادت تلك التصرفات كثرة وحدة .
وإن المتأمل في وضع المجتمعات بشكل عام ومجتمعنا السعودي بشكل خاص ليجد أن التعامل مع المراهقين لم تكن مشكلة تقلق بال الآباء والأمهات بشكل كبير في الماضي كما هو الحاصل في وقتنا الحاضر. وهذا لا يعود لتغير المراهقة في ذاتها بقدر ما يعود لتغير نظرة المجتمع وتعاملهم مع المراهقين. لقد كان الفتي يعد رجلاً منذ أن يبلغ السادسة عشرة فهو يبدأ بالعمل ويتزوج بل قد يصبح أباً عند هذه السن . والفتاة قبل ذلك بسنتين أو ثلاث بل ربما أكثر.
ومما لاشك فيه أنه ليس في مقدور الآباء في الوقت الحاضر أن يجعلوا أبنائهم يعملون ويتزوجون في السن التي تزوج فيها أجدادهم لأن الأمر يتعلق بالمجتمع بأسرة ، ولكن يمكن للآباء أن يتعاملوا مع أبنائهم بما يوافق هذه المرحلة بما هو في حدود إمكاناتهم وهذا يتطلب في البداية أن يفهم الوالدان طبيعة هذه المرحلة من خلال الإطلاع والقراءة وسماع المحاضرات التي يتحدث فيها المتخصصون المشهود لهم بالعمل والاستقامة عن مرحلة المراهقة والشباب : وفي نفس الوقت يحاولون أن يسترجعوا بعض ذكرياتهم عندما كانوا في تلك المرحلة وماذا كانت مشاعرهم وتطلعاتهم وأن يحاولوا أن يضعوا أنفسهم موضع أبنائهم . كل ذلك دون إفراط أو تفريط ومحكوماً بضوابط الشرع .
أسأل الله الهداية والسداد للآباء والأبناء .
رد مع اقتباس
  #88  
قديم 17-08-2010, 11:41 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

المحبط لا ينتج


يسيطر على لغة كثير من الوعاظ الأخيار، وطلبة العلم الناصحين التقريع واللوم وإلهاب سياط المستمعين.
والعدوى انتقلت إلى طائفة من المربين، فهو يتحدث دوما عن آفات الشاب الملتزم، وعن مشكلاته وعن أخطائه وعن دنو همته وعن غياب جديته.... إلخ
وقلما زارني طائفة من الشباب الصالحين -الذي أقرأ في وجوههم البراءة، وألمس منهم الصدق والصفاء- إلا وأمطروني بأسئلة طويلة تنم عن إحباط وفشل.
وأحسب أن بين الأمرين صلة، إن موقع المربي وطبيعة مهمته قد تدعوه إلى الحديث عن الأخطاء، والانشغال بالسلبيات رغبة في الإصلاح وحرصا على التغيير.
لكن ذلك ولد جيلا محبطا، جبلا فاقدا للثقة في نفسه، بل كثير منهم ينتكس ويهوي بسبب شعوره باليأس من تغير أحواله.
إن الجيل الذي يراد منه الثبات في زمن المحنة، والجيل الذي يراد منه التغيير وقيادة الأمة لايمكن أن يكون هو الجيل المحبط الذي ينام ويصحو على التقريع واللوم.
فهل ننجح في غرس التفاؤل والشعور بالقدرة على النجاح دون أن يؤدي ذلك إلى الغرور والعجب المذموم؟ إنه تحد نتطلع إليه، أما اللوم والحديث عن الأخطاء فالكل يجيده.
المصدر: http://www.almurabbi.com
الشيخ محمد بن عبدالله الدويش
رد مع اقتباس
  #89  
قديم 17-08-2010, 11:44 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أبناؤنا في حلقات القرآن


من البشائر والحمد لله أن هناك الكثير من الأبناء الصغار والكبار والذكور والإناث الذين أتموا حفظهم للقرآن، فأصبحوا منارات إشعاع وفخراً لنا جميعاً، وهذه بشائر تلوح في الأفق تعلن سلامة المنهج والسير على طريق سلفنا الصالح رضوان الله عليهم.
وكل ذلك إنما هو بفضل الله أولاً، ثم بفضل مثل هذه المناشط التي تعتني بتحفيظ القرآن من مدارس ودور تحفيظ، والمنتشرة في ربوع البلاد الإسلامية، فجزى الله المسؤلين والقائمين عليها خير الجزاء.
وفي الحقيقة، كم نود أن تعتني هذه المحاضن -علاوة على الحفظ بتربية النشء- على فهم القرآن، وتشجيعهم على تدبر معانيه، فإن الكثير إذا حفظ وتخرج توقف بعد ذلك وربما نسي أو ظل يراجع ويجاهد نفسه جهادا على تذاكره، ولو تفطن هؤلاء لتدبره ما نسوه بل لسهل عليهم حفظه، ولتذوقوا معانيه وفرحوا به فرحاً عظيماً.
وكذلك، لو تنبه القائمون على هذه المحاضن لتعليم النشء تدبر القرآن لوجدوا الإجابة الشافية الكافية لتساؤلاتهم الكثيرة حول ضعف إيمان بعض الطلاب في الحلق، وسوء أخلاق بعضهم وتساهل البعض، إلى غير ذلك مما نسمعه كلما جلسنا والتقينا ..
أما السلف الصالح فقد تنبهوا إلى هذا وفهموا أن المقصود من تلاوة القرآن ليس مجرد التلاوة وتحريك اللسان به دون فهم أو بيان، قال تعالى:"وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ"[البقرة: 78].
قال الشوكاني قيل: (الأماني: التلاوة) أي: لا علم لهم إلا مجرد التلاوة دون تفهم وتدبر.
وقال ابن القيم:ذم الله المحرفين لكتابه، والأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة وهي الأماني .
ولما راجع عبد الله بن عمرو بن العاص النبي - صلى الله عليه وسلم- في قراءة القرآن لم يأذن له في أقل من ثلاث ليالٍ وقال: "لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث".فدل على أن فقه القرآن وفهمه هو المقصود بتلاوته لا مجرد التلاوة، وروى حذيفة رضي الله عنه :"أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فكان يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ"، فهذا تطبيق نبوي عملي للتدبر ظهر أثره بالتسبيح والسؤال والتعوذ.
وعن ابن عمر - رضي الله عنه- قال:"كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن،وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به .وفي هذا المعنى قال ابن مسعود: إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به" (الجامع لأحكام القرآن،1/39-40 وانظر مجلة المجتمع عدد 1216).
ولهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم- لا يتجاوزون العشر آيات حتى يعلموا ما فيهن من العلم والعمل، كما نقل أبو عبد الرحمن السلمي عن عثمان وابن مسعود وأبي كعب رضي الله عنهم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يقرئهم العشر فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا".(الجامع لأحكام القرآن، 1/39، وعزاه إلى كتاب أبي عمرو الداني (البيان)، والطبري، 1/60، 72) .
وهذا يدل على أن الصحابة - رضي الله عنهم- كانوا يتعلمون التفسير مع التلاوة،"وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ".فكان البيان منه - صلى الله عليه وسلم - بالألفاظ والمعاني،"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" والله تعالى يقول:"كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ".
وتدبروا هذا الموقف الذي يرويه المطلب بن عبد الله قال:"قرأ ابن الزبير رضي الله عنهما آية، فوقف عندها أسهرته حتى أصبح، فدعا ابن عباس رضي الله عنهما فقال: إني قرأت آية وقفت الليلة عندها فأسهرتني حتى أصبحت:" وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ"[يوسف : 106]؟ فقال ابن عباس:لا تسهرك إنما عني بها المشركون . ثم قرأ:" وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ"[ لقمان:25]،فهم يؤمنون هنا ويشركون بالله".(مختصر قيام الليل للمروزي، ص 149).
وفي موطأ مالك - رحمه الله- أنه بلغه:"أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها"(الموطأ1/205؛وابن سعد في الطبقات عن أبي مليح عن ميمون عن ابن عمر).
وعن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزوراً".(انظر:الجامع لأحكام القرآن، 1/40؛ وتهذيب سير أعلام النبلاء، 1/35 ،وابن سعد في الطبقات 4/121).
وسفيان بن عيينة يقول: أول العلم: الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ .
فيا أيها القائمون والقائمات على حلق القرآن: هذا هو منهج السلف في قراءة وحفظ القرآن، فهل نراجع أنفسنا ونصحح المسار، والكلام في هذا يحتاج لبسط وتفصيل ليس هذا مقامه، لكني أختمه بكلام جميل نفيس لأحمد بن أبي الحواري، حيث يقول:"إني لأقرأ القرآن وأنظر في آية فيحير عقلي بها، وأعجب من حفاظ القرآن؛ كيف يهنيهم النوم ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله! أما إنهم لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقه فتلذذوا به، واستحلوا المناجاة،؛ لذهب عنهم النوم فرحا بما قد رزقوا" (انظر:لطائف المعارف،ص 203).
ويؤكد هذا الزركشي بقوله(البرهان 2/171): "من لم يكن له علم وفهم وتقوى وتدبر، لم يدرك من لذة القرآن شيئا ".
ويقول ابن جرير الطبري (معجم الأدباء، 18/63):"إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يلتذ بقراءته!. ويقول أيضاً(مقدمة في أصول التفسير، ص2): "وحاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن ".
وأقول: بل هي اليوم أحوج ما تكون لفهم القرآن، نسأل الله الكريم المنان، أن يمن علينا بتدبر القرآن، وأن نجد حلاوته عند تلاوته،ونعوذ بالله من قلب لا يخشع، وعين لا تدمع، اللهم اجعلنا من أهل القرآن،الذين هم أهله وخاصته، ومن مفاتيح الخير والعطاء، اللهم عظم حب القرآن في قلوبنا، وقلوب أبنائنا، واجعلنا ممن تعلم القرآن وعلمه، اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا،وارزقنا تلاوته على الوجه الذي يرضيك عنا. اللهم آمين .
رد مع اقتباس
  #90  
قديم 17-08-2010, 11:46 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

وصايا مهمة تنفع في تربية الطلاب والطالبات


أخي أختي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك وصايا نبوية ووصايا لقمان الحكيم لابنه تساعد في تنشئته صالحة للابناء وبنات وطلاب وطالبات بإذن الله
فعلى المربي والمربية سواء كان مدرسا أو مدرسة، أو معلما أو معلمة، أو أبا أو أما أن يعلم الأولاد هذه الوصايا النافعة لهم، وللمعلم أو المعلمة أن يكتبها لهم على اللوح في كل يوم وصية ، ليكتبوها في دفاترهم ليحفظوها، ثم يشرحها لهم، وقد وردت في حديث صحيح هذا نصه: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال لي:" يا غلام إني أعلمك كلمات:
1- "احفظ الله يحفظك ": أي امتثل أوامر الله، واجتنب نواهيه يحفظك في دنياك وآخرتك.
2- "احفظ الله تجده تجاهك": أي أمامك، فاحفظ حدود الله، وراع حقوقه تجد الله يوفقك وينصرك.
3- "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ": أي إذا طلبت الإعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة، فاستعن بالله، ولا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله وحده كشفاء مرض، أو طلب رزق، فهي مما اختص الله بها وحده.
4- "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك. وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام وجفت الصحف" (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
وأما عن نصائح لقمان الحكيم لابنه هي
قال الله تعالى:{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ} [لقمان:13]
هذه وصايا نافعة حكاها الله تعالى عن لقمان الحكيم:
1- {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13]
احذر الشرك في عبادة الله، كدعاء الأموات أو الغائبين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" (رواه الترمذي وقال: حسن صحيح).
ولما نزل قوله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام:82].
شق ذلك على المسلمين، وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: يا بني لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم" (متفق عليه).
2- {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان:14].
ثم قرن وصيته إياه بعبادة الله وحده البر بالوالدين لعظم حقهما، فالأم حملت ولدها مشقة، والأب تكفل بالإنفاق، فاستحقا من الولد الشكر لله ولوالديه.
3- {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان:15].
قال ابن كثير: "أي إن حرصا عليك كل الحرص أن تتبعهما على دينهما، فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنع ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفا أي محسنا إليهما، واتبع سبيل المؤمنين ".
أقول: يؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف " (متفق عليه).
4- {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان:16].
قال ابن كثير: أي إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة خردل أحضرها الله تعالى يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، وجازى عليها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
5- {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ} أدها بأركانها وواجباتها بخشوع.
6- {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} بلطف ولين بدون شدة.
7- {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر سيناله أذى فأمره بالصبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" (صحيح رواه أحمد وغيره). {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} أي إن الصبر على الناس لمن عزم الأمور.
8- {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}. قال ابن كثبر: لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم احتقارا منك لهم، واستكبارا عليهم، ولكن ألن جانبك وابسط وجهك إليهم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة" (رواه الترمذي وغبره).
9- {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً}أي خيلاء متكبرا جبارا عنيدا، لا تفعل ذلك يبغضك الله، ولهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}. أي مختال معجب في نفسه، فخور على غيره. (ذكره ابن كثير).
10- {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} أي امش مشيا مقتصدا، ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط، بل عدلا وسطا بينَ بين. (ذكره ابن كثير).
11- {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}أي لا تبالغ في الكلام، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه، ولهذا قال: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}.
قال مجاهد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير: أي غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علوه ورفعه، ومع هذا هو بغيض إلى الله، وهذا التشبيه بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" (رواه البخاري).
"إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من فضله، فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانا" (متفق عليه، انظر تفسير ابن كثير ج 3/446).
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:36 PM.