#811
|
||||
|
||||
|
#812
|
||||
|
||||
تفسير سورة الصافات
{1} وَالصَّافَّاتِ صَفًّا سُورَة الصَّافَّات [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا نَزَلَتْ بَعْد الْأَنْعَام ] "وَالصَّافَّات صَفًّا" الْمَلَائِكَة تَصُفّ نُفُوسهَا فِي الْعِبَادَة أَوْ أَجْنِحَتهَا فِي الْهَوَاء تَنْتَظِر مَا تُؤْمَر بِهِ {2} فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا "فَالزَّاجِرَات زَجْرًا" الْمَلَائِكَة تَزْجُر السَّحَاب أَيْ تَسُوقهُ {3} فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا "فَالتَّالِيَات" أَيْ قُرَّاء الْقُرْآن يَتْلُونَهُ "ذِكْرًا" مَصْدَر مِنْ مَعْنَى التَّالِيَات {4} إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ "إنَّ إلَهكُمْ" يَا أَهْل مَكَّة {5} رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ "رَبّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا وَرَبّ الْمَشَارِق" أَيْ وَالْمَغَارِب لِلشَّمْسِ لَهَا كُلّ يَوْم مَشْرِق وَمَغْرِب {6} إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ "إنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِب" أَيْ بِضَوْئِهَا أَوْ بِهَا وَالْإِضَافَة لِلْبَيَانِ كَقِرَاءَةِ تَنْوِين زِينَة الْمُبَيَّنَة بِالْكَوَاكِبِ {7} وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ "وَحِفْظًا" مَنْصُوب بِفِعْلٍ مُقَدَّر : أَيْ حَفِظْنَاهَا بِالشُّهُبِ "مِنْ كُلّ" مُتَعَلِّق بِالْمُقَدَّرِ "شَيْطَان مَارِد" عَاتٍ خَارِج عَنْ الطَّاعَة {8} لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ "لَا يَسَّمَّعُونَ" أَيْ الشَّيَاطِين مُسْتَأْنَف وَسَمَاعهمْ هُوَ فِي الْمَعْنَى الْمَحْفُوظ عَنْهُ "إلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى" الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء وَعُدِّيَ السَّمَاع بِإِلَى لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْإِصْغَاء وَفِي قِرَاءَة بِتَشْدِيدِ الْمِيم وَالسِّين أَصْله يَتَسَمَّعُونَ أُدْغِمَتْ التَّاء فِي السِّين "وَيُقْذَفُونَ" أَيْ الشَّيَاطِين بِالشُّهُبِ "مِنْ كُلّ جَانِب" مِنْ آفَاق السَّمَاء {9} دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ "دُحُورًا" مَصْدَر دَحَرَهُ : أَيْ طَرَدَهُ وَأَبْعَدَهُ وَهُوَ مَفْعُول لَهُ "وَلَهُمْ" فِي الْآخِرَة "عَذَاب وَاصِب" دَائِم {10} إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ "إلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَة" مَصْدَر : أَيْ الْمَرَّة وَالِاسْتِثْنَاء مِنْ ضَمِير يَسَّمَعُونَ : أَيْ لَا يَسْمَع إلَّا الشَّيْطَان الَّذِي سَمِعَ الْكَلِمَة مِنْ الْمَلَائِكَة فَأَخَذَهَا بِسُرْعَةٍ "فَأَتْبَعهُ شِهَاب" كَوْكَب مُضِيء "ثَاقِب" يَثْقُبهُ أَوْ يُحْرِقهُ أَوْ يَخْبِلهُ {11} فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ "فَاسْتَفْتِهِمْ" اسْتَخْبِرْ كُفَّار مَكَّة تَقْرِيرًا أَوْ تَوْبِيخًا "أَهُمْ أَشَدّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا" مِنْ الْمَلَائِكَة وَالسَّمَاوَات وَالْأَرْضِينَ وَمَا فِيهِمَا وَفِي الْإِتْيَان بِمِنْ تَغْلِيب الْعُقَلَاء "إنَّا خَلَقْنَاهُمْ" أَيْ أَصْلهمْ آدَم "مِنْ طِين لَازِب" لَازِم يُلْصَق بِالْيَدِ : الْمَعْنَى أَنَّ خَلْقهمْ ضَعِيف فَلَا يَتَكَبَّرُوا بِإِنْكَارِ النَّبِيّ وَالْقُرْآن الْمُؤَدِّي إلَى هَلَاكهمْ الْيَسِير {12} بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ "بَلْ" لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَض إلَى آخَر وَهُوَ الْإِخْبَار بِحَالِهِ وَحَالهمْ "عَجِبْت" بِفَتْحِ التَّاء خِطَابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ مِنْ تَكْذِيبهمْ إيَّاكَ "وَيَسْخَرُونَ" مِنْ تَعَجُّبك {13} وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ "وَإِذَا ذُكِّرُوا" وُعِظُوا بِالْقُرْآنِ "لَا يَذْكُرُونَ" لَا يَتَّعِظُونَ {14} وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ "وَإِذَا رَأَوْا آيَة" كَانْشِقَاقِ الْقَمَر "يَسْتَسْخِرُونَ" يُسْتَهْزَءُونَ بِهَا {15} وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ "وَقَالُوا" فِيهَا "إنْ" مَا "هَذَا إلَّا سِحْر مُبِين" بَيِّن وَقَالُوا مُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ : {16} أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ "أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ" فِي الْهَمْزَتَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ التَّحْقِيق وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ {17} أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ "أَوْ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ" بِسُكُونِ الْوَاو عَطْفًا بِأَوْ وَبِفَتْحِهَا وَالْهَمْزَة لِلِاسْتِفْهَامِ وَالْعَطْف بِالْوَاوِ وَالْمَعْطُوف عَلَيْهِ مَحَلّ إنَّ وَاسْمهَا أَوْ الضَّمِير فِي لَمَبْعُوثُونَ وَالْفَاصِل هَمْزَة الِاسْتِفْهَام {18} قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ "قُلْ نَعَمْ" تُبْعَثُونَ "وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ" أَيْ صَاغِرُونَ {19} فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ "فَإِنَّمَا هِيَ" ضَمِير مُبْهَم يُفَسِّرهُ : "زَجْرَة" أَيْ صَيْحَة "وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ" أَيْ الْخَلَائِق أَحْيَاء "يَنْظُرُونَ" مَا يُفْعَل بِهِمْ {20} وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ "وَقَالُوا" أَيْ الْكُفَّار "يَا" "وَيْلنَا" هَلَاكنَا وَهُوَ مَصْدَر لَا فِعْل لَهُ مِنْ لَفْظه وَتَقُول لَهُمْ الْمَلَائِكَة : "هَذَا يَوْم الدِّين" يَوْم الْحِسَاب وَالْجَزَاء {21} هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ "هَذَا يَوْم الْفَصْل" بَيْن الْخَلَائِق {22} احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ وَيُقَال لِلْمَلَائِكَةِ : "اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا" أَنْفُسهمْ بِالشِّرْكِ "وَأَزْوَاجهمْ" قُرَنَاءَهُمْ مِنْ الشَّيَاطِين {23} مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ "مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره مِنْ الْأَوْثَان "فَاهْدُوهُمْ" دُلُّوهُمْ وَسُوقُوهُمْ "إلَى صِرَاط الْجَحِيم" طَرِيق النَّار {24} وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ "وَقِفُوهُمْ" احْبِسُوهُمْ عِنْد الصِّرَاط "إنَّهُمْ مَسْئُولُونَ" عَنْ جَمِيع أَقْوَالهمْ وَأَفْعَالهمْ وَيُقَال لَهُمْ تَوْبِيخًا : |
#813
|
||||
|
||||
|
#814
|
||||
|
||||
الصافات
{25} مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ "مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ" لَا يَنْصُر بَعْضكُمْ بَعْضًا كَحَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا وَيُقَال لَهُمْ : {26} بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ "بَلْ هُمُ الْيَوْم مُسْتَسْلِمُونَ" مُنْقَادُونَ أَذِلَّاء {27} وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ "وَأَقْبَلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض يَتَسَاءَلُونَ" يَتَلَاوَمُونَ وَيَتَخَاصَمُونَ {28} قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ "قَالُوا" أَيْ الْأَتْبَاع مِنْهُمْ لِلْمَتْبُوعِينَ "إنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِين" عَنْ الْجِهَة الَّتِي كُنَّا نَأْمَنكُمْ مِنْهَا لِحَلِفِكُمْ أَنَّكُمْ عَلَى الْحَقّ فَصَدَّقْنَاكُمْ وَاتَّبَعْنَاكُمْ الْمَعْنَى أَنَّكُمْ أَضْلَلْتُمُونَا {29} قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ "قَالُوا" أَيْ الْمُتَّبِعُونَ لَهُمْ "بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" وَإِنَّمَا يَصْدُق الْإِضْلَال مِنَّا أَنْ لَوْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَرَجَعْتُمْ عَنْ الْإِيمَان إلَيْنَا {30} وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ "وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان" قُوَّة وَقُدْرَة تَقْهَركُمْ عَلَى مُتَابَعَتنَا "بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ" ضَالِّينَ مِثْلنَا {31} فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ "فَحَقَّ" وَجَبَ "عَلَيْنَا" جَمِيعًا "قَوْل رَبّنَا" بِالْعَذَابِ : أَيْ قَوْله "لَأَمْلَأَن جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ" "إنَّا" جَمِيعًا "لَذَائِقُونَ" الْعَذَاب بِذَلِكَ الْقَوْل وَنَشَأَ عَنْهُ قَوْلهمْ : {32} فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ "فَأَغْوَيْنَاكُمْ" الْمُعَلَّل بِقَوْلِهِمْ "إنَّا كُنَّا غَاوِينَ" {33} فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ "فَإِنَّهُمْ يَوْمئِذٍ" يَوْم الْقِيَامَة "فِي الْعَذَاب مُشْتَرِكُونَ" أَيْ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْغَوَايَة {34} إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ "إنَّا كَذَلِكَ" كَمَا نَفْعَل بِهَؤُلَاءِ "نَفْعَل بِالْمُجْرِمِينَ" غَيْر هَؤُلَاءِ : أَيْ نُعَذِّبهُمْ التَّابِع مِنْهُمْ وَالْمَتْبُوع {35} إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ "إنَّهُمْ" أَيْ هَؤُلَاءِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْده {36} وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ "وَيَقُولُونَ أَإِنَّا" فِي هَمْزَتَيْهِ مَا تَقَدَّمَ "لَتَارِكُوا آلِهَتنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُون" أَيْ لِأَجْلِ مُحَمَّد {37} بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ "بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ" الْجَائِينَ بِهِ وَهُوَ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّه {38} إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ "إنَّكُمْ" فِيهِ الْتِفَات {39} وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ "وَمَا تُجْزَوْنَ إلَّا" جَزَاء "مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" {40} إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ "إلَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع أَيْ ذَكَرَ جَزَاءَهُمْ فِي الْآيَة التَّالِيَة {41} أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ "أُولَئِكَ لَهُمْ" فِي الْجَنَّة "رِزْق مَعْلُوم" بُكْرَة وَعَشِيًّا {42} فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ "فَوَاكِه" بَدَل أَوْ بَيَان لِلرِّزْقِ وَهُوَ مَا يُؤْكَل تَلَذُّذًا لَا لِحِفْظِ صِحَّة لِأَنَّ أَهْل الْجَنَّة مُسْتَغْنَوْنَ عَنْ حِفْظهَا بِخَلْقِ أَجْسَامهمْ لِلْأَبَدِ "وَهُمْ مُكْرَمُونَ" بِثَوَابِ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى {44} عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ "عَلَى سُرَر مُتَقَابِلِينَ" لَا يَرَى بَعْضهمْ قَفَا بَعْض {45} يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ "يُطَاف عَلَيْهِمْ" عَلَى كُلّ مِنْهُمْ "بِكَأْسٍ" هُوَ الْإِنَاء بِشَرَابِهِ "مِنْ مَعِين" مِنْ خَمْر يَجْرِي عَلَى وَجْه الْأَرْض كَأَنْهَارِ الْمَاء {46} بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ "بَيْضَاء" أَشَدّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَن "لَذَّة" لَذِيذَة "لِلشَّارِبِينَ" بِخِلَافِ خَمْر الدُّنْيَا فَإِنَّهَا كَرِيهَة عِنْد الشُّرْب {47} لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ "لَا فِيهَا غَوْل" مَا يَغْتَال عُقُولهمْ "وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ" بِفَتْحِ الزَّاي وَكَسْرهَا مِنْ نَزَفَ الشَّارِب وَأَنْزَفَ : أَيْ يَسْكَرُونَ بِخِلَافِ خَمْر الدُّنْيَا {48} وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ "وَعِنْدهمْ قَاصِرَات الطَّرْف" حَابِسَات الْأَعْيُن عَلَى أَزْوَاجهنَّ لَا يَنْظُرْنَ إلَى غَيْرهمْ لِحُسْنِهِمْ عِنْدهنَّ "عِين" ضِخَام الْأَعْيُن حِسَانهَا {49} كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ "كَأَنَّهُنَّ" فِي اللَّوْن "بِيض" لِلنَّعَامِ "مَكْنُون" مَسْتُور بِرِيشِهِ لَا يَصِل إلَيْهِ غُبَار وَلَوْنه وَهُوَ الْبَيَاض فِي صُفْرَة أَحْسَن أَلْوَان النِّسَاء {50} فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ "فَأَقْبَلَ بَعْضهمْ" بَعْض أَهْل الْجَنَّة "عَلَى بَعْض يَتَسَاءَلُونَ" عَمَّا مَرَّ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا {51} قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ "قَالَ قَائِل مِنْهُمْ إنِّي كَانَ لِي قَرِين" صَاحِب يُنْكِر الْبَعْث |
#815
|
||||
|
||||
|
#816
|
||||
|
||||
الصافات
{52} يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ "يَقُول" لِي تَبْكِيتًا "أَإِنَّك لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ" بِالْبَعْثِ {53} أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ "أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا" فِي الْهَمْزَتَيْنِ فِي الثَّلَاثَة مَوَاضِع مَا تَقَدَّمَ "لَمَدِينُونَ" مَجْزِيُّونَ وَمُحَاسَبُونَ ؟ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا {54} قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ "قَالَ" ذَلِكَ الْقَائِل لِإِخْوَانِهِ : "هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ" مَعِي إلَى النَّار لِنَنْظُر حَاله ؟ فَيَقُولُونَ : لَا {55} فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ "فَاطَّلَعَ" ذَلِكَ الْقَائِل مِنْ بَعْض كُوَى الْجَنَّة "فَرَآهُ" أَيْ رَأَى قَرِينه "فِي سَوَاء الْجَحِيم" فِي وَسَط النَّار {56} قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ "قَالَ" لَهُ تَشْمِيتًا "تَاللَّهِ إنْ" مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة "كِدْت" قَارَبْت "لَتُرْدِينِي" لِتُهْلِكنِي بِإِغْوَائِك {57} وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ "وَلَوْلَا نِعْمَة رَبِّي" عَلَيَّ بِالْإِيمَانِ "لَكُنْت مِنَ الْمُحْضَرِينَ" مَعَك فِي النَّار وَتَقُول أَهْل الْجَنَّة : {59} إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ "إلَّا مَوْتَتنَا الْأُولَى" أَيْ الَّتِي فِي الدُّنْيَا "وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ" هُوَ اسْتِفْهَام تَلَذُّذ وَتَحَدُّث بِنِعْمَةِ اللَّه تَعَالَى مِنْ تَأْبِيد الْحَيَاة وَعَدَم التَّعْذِيب {60} إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "إنَّ هَذَا" الَّذِي ذَكَرْت لِأَهْلِ الْجَنَّة {61} لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ "لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ" قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ وَقِيلَ هُمْ يَقُولُونَهُ {62} أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ "أَذَلِكَ" الْمَذْكُور لَهُمْ "خَيْر نُزُلًا" وَهُوَ مَا يُعَدّ لِلنَّازِلِ مِنْ ضَيْف وَغَيْره "أَمْ شَجَرَة الزَّقُّوم" الْمُعَدَّة لِأَهْلِ النَّار وَهِيَ مِنْ أَخْبَث الشَّجَر الْمُرّ بِتُهَامَة يُنْبِتهَا اللَّه فِي الْجَحِيم كَمَا سَيَأْتِي {63} إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ "إنَّا جَعَلْنَاهَا" بِذَلِكَ "فِتْنَة لِلظَّالِمِينَ" أَيْ الْكَافِرِينَ مِنْ أَهْل مَكَّة إذْ قَالُوا : النَّار تُحْرِق الشَّجَر فَكَيْفَ تُنْبِتهُ {64} إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ "إنَّهَا شَجَرَة تَخْرُج فِي أَصْل الْجَحِيم" أَيْ قَعْر جَهَنَّم وَأَغْصَانهَا تَرْتَفِع إلَى دَرَكَاتهَا {65} طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ "طَلْعهَا" الْمُشَبَّه بِطَلْعِ النَّخْل "كَأَنَّهُ رُءُوس الشَّيَاطِين" الْحَيَّات الْقَبِيحَة الْمَنْظَر {66} فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ "فَإِنَّهُمْ" أَيْ الْكُفَّار "لَآكِلُونَ مِنْهَا" مَعَ قُبْحهَا لِشِدَّةِ جُوعهمْ {67} ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ "ثُمَّ إنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيم" أَيْ مَاء حَارّ يَشْرَبُونَهُ فَيَخْتَلِط بِالْمَأْكُولِ مِنْهَا فَيَصِير شَوْبًا لَهُ {68} ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ "ثُمَّ إنَّ مَرْجِعهمْ لَإِلَى الْجَحِيم" يُفِيد أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْهَا لِشُرْبِ الْحَمِيم وَأَنَّهُ خَارِجهَا {69} إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ "إنَّهُمْ أَلْفَوْا" وَجَدُوا {70} فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ "فَهُمْ عَلَى آثَارهمْ يُهْرَعُونَ" يُزْعَجُونَ إلَى اتِّبَاعهمْ فَيُسْرِعُونِ إلَيْهِ {71} وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ "وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلهمْ أَكْثَر الْأَوَّلِينَ" مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة {72} وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ" مِنْ الرُّسُل مُخَوِّفِينَ {73} فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ "فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذَرِينَ" الْكَافِرِينَ : أَيْ عَاقِبَتهمْ الْعَذَاب {74} إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ "إلَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُمْ نَجَوْا مِنْ الْعَذَاب لِإِخْلَاصِهِمْ فِي الْعِبَادَة أَوْ لِأَنَّ اللَّه أَخْلَصَهُمْ لَهَا عَلَى قِرَاءَة فَتْح اللَّام {75} وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ "وَلَقَدْ نَادَانَا نُوح" بِقَوْلِهِ "رَبّ إنِّي مَغْلُوب فَانْتَصِرْ" "فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ" لَهُ نَحْنُ : أَيْ دَعَانَا عَلَى قَوْمه فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِالْغَرَقِ {76} وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ "وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْله مِنَ الْكَرْب الْعَظِيم" أَيْ الْغَرَق |
#817
|
||||
|
||||
|
#818
|
||||
|
||||
الصافات
{77} وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ "وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ" فَالنَّاس كُلّهمْ مِنْ نَسْله عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَة أَوْلَاد : سَام وَهُوَ أَبُو الْعَرَب وَالْفُرْس وَالرُّوم وَحَام وَهُوَ أَبُو السُّودَان ويافث وَهُوَ أَبُو التُّرْك وَالْخَزْر وَيَأْجُوج وَمَأْجُوج وَمَا هُنَالِكَ {78} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ "وَتَرَكْنَا" أَبْقَيْنَا "عَلَيْهِ" ثَنَاء حَسَنًا "فِي الْآخِرِينَ" مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم إلَى يَوْم الْقِيَامَة {79} سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ "سَلَام" مِنَّا {80} إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "إنَّا كَذَلِكَ" كَمَا جَزَيْنَاهُمْ {82} ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ "ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ" كُفَّار قَوْمه {83} وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ "وَإِنَّ مِنْ شِيعَته" أَيْ مِمَّنْ تَابَعَهُ فِي أَصْل الدِّين "لِإِبْرَاهِيم" وَإِنْ طَالَ الزَّمَان بَيْنهمَا وَهُوَ أَلْفَانِ وَسِتّمِائَةِ وَأَرْبَعُونَ سَنَة وَكَانَ بَيْنهمَا هُود وَصَالِح {84} إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ "إذْ جَاءَ رَبّه" أَيْ تَابَعَهُ وَقْت مَجِيئِهِ "بِقَلْبٍ سَلِيم" مِنْ الشَّكّ وَغَيْره {85} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ "إذْ قَالَ" فِي هَذِهِ الْحَالَة الْمُسْتَمِرَّة لَهُ "لِأَبِيهِ وَقَوْمه" قَالَ مُوَبِّخًا لِأَبِيهِ وَقَوْمه "مَاذَا" مَا الَّذِي {86} أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ "أَإِفْكًا" فِي هَمْزَتَيْهِ مَا تَقَدَّمَ "آلِهَة دُون اللَّه تُرِيدُونَ" وَإِفْكًا مَفْعُول لَهُ وَآلِهَة مَفْعُول بِهِ لتُرِيدُونَ وَالْإِفْك : أَسْوَأ الْكَذِب أَيْ أَتَعْبُدُونَ غَيْر اللَّه؟ {87} فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ "فَمَا ظَنّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ" إذْ عَبَدْتُمْ غَيْره أَنَّهُ يَتْرُككُمْ بِلَا عِقَاب ؟ لَا وَكَانُوا نَجَّامِينَ فَخَرَجُوا إلَى عِيد لَهُمْ وَتَرَكُوا طَعَامهمْ عِنْد أَصْنَامهمْ زَعَمُوا التَّبَرُّك عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعُوا أَكَلُوهُ وَقَالُوا لِلسَّيِّدِ إبْرَاهِيم : اُخْرُجْ مَعَنَا {88} فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ "فَنَظَرَ نَظْرَة فِي النُّجُوم" إيهَامًا لَهُمْ أَنَّهُ يَعْتَمِد عَلَيْهَا لِيَعْتَمِدُوهُ {89} فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ "فَقَالَ إنِّي سَقِيم" عَلِيل أَيْ سَأَسْقَمُ {90} فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ "فَتَوَلَّوْا عَنْهُ" إلَى عِيدهمْ {91} فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ "فَرَاغَ" مَالَ فِي خُفْيَة "إلَى آلِهَتهمْ" وَهِيَ الْأَصْنَام وَعِنْدهَا الطَّعَام "فَقَالَ" اسْتِهْزَاء "أَلَا تَأْكُلُونَ" فَلَمْ يَنْطِقُوا {92} مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ فَقَالَ "مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ" فَلَمْ يُجَبْ {93} فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ "فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ" بِالْقُوَّةِ فَكَسَرَهَا فَبَلَغَ قَوْمه مِمَّنْ رَآهُ {94} فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ "فَأَقْبَلُوا إلَيْهِ يَزِفُّونَ" أَيْ يُسْرِعُونَ الْمَشْي فَقَالُوا لَهُ : نَحْنُ نَعْبُدهَا وَأَنْت تَكْسِرهَا {95} قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ "قَالَ" لَهُمْ مُوَبِّخًا "أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ" مِنْ الْحِجَارَة وَغَيْرهَا أَصْنَامًا {96} وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ "وَاَللَّه خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ" مِنْ نَحْتكُمْ وَمَنْحُوتكُمْ فَاعْبُدُوهُ وَحْده وَمَا مَصْدَرِيَّة وَقِيلَ مَوْصُولَة وَقِيلَ مَوْصُوفَة {97} قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ "قَالُوا" بَيْنهمْ "ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا" فَامْلَئُوهُ حَطَبًا وَأَضْرِمُوهُ بِالنَّارِ فَإِذَا الْتَهَبَ "فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيم" النَّار الشَّدِيدَة {98} فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ "فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا" بِإِلْقَائِهِ فِي النَّار لِتُهْلِكهُ "فَجَعَلْنَاهُمْ الْأَسْفَلِينَ" الْمَقْهُورِينَ فَخَرَجَ مِنْ النَّار سَالِمًا {99} وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ "وَقَالَ إنِّي ذَاهِب إلَى رَبِّي" مُهَاجِر إلَيْهِ مِنْ دَار الْكُفْر "سَيَهْدِينِي" إلَى حَيْثُ أَمَرَنِي رَبِّي بِالْمَصِيرِ إلَيْهِ وَهُوَ الشَّام فَلَمَّا وَصَلَ إلَى الْأَرْض الْمُقَدَّسَة قَالَ : {100} رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ "رَبّ هَبْ لِي" وَلَدًا "مِنَ الصَّالِحِينَ" {101} فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ "فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم" أَيْ ذِي حِلْم كَثِير {102} فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي" أَيْ أَنْ يَسْعَى مَعَهُ وَيُعِينهُ قِيلَ بَلَغَ سَبْع سِنِينَ وَقِيلَ ثَلَاث عَشْرَة سَنَة "قَالَ يَا بُنَيّ إنِّي أَرَى" أَيْ رَأَيْت "فِي الْمَنَام أَنِّي أَذْبَحك" وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاء حَقّ وَأَفْعَالهمْ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى "فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى" مِنْ الرَّأْي شَاوَرَهُ لِيَأْنَس بِالذَّبْحِ وَيَنْقَاد لِلْأَمْرِ بِهِ "قَالَ يَا أَبَتِ" التَّاء عِوَض عَنْ يَاء الْإِضَافَة "افْعَلْ مَا تُؤْمَر" بِهِ "سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّه مِنَ الصَّابِرِينَ" عَلَى ذَلِكَ |
#819
|
||||
|
||||
|
#820
|
||||
|
||||
الصافات
{103} فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ "فَلَمَّا أَسْلَمَا" خَضَعَا وَانْقَادَا لِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى "وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ" صَرَعَهُ عَلَيْهِ وَلِكُلِّ إنْسَان جَبِينَانِ بَيْنهمَا الْجَبْهَة وَكَانَ ذَلِكَ بِمِنًى وَأَمَرَّ السِّكِّين عَلَى حَلْقه فَلَمْ تَعْمَل شَيْئًا بِمَانِعٍ مِنْ الْقُدْرَة الْإِلَهِيَّة {105} قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "قَدْ صَدَّقْت الرُّؤْيَا" بِمَا أَتَيْت بِهِ مِمَّا أَمْكَنَك مِنْ أَمْر الذَّبْح : أَيْ يَكْفِيك ذَلِكَ فَجُمْلَة نَادَيْنَاهُ جَوَاب لِمَا بِزِيَادَةِ الْوَاو "إنَّا كَذَلِكَ" كَمَا جَزَيْنَاك "نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ" لِأَنْفُسِهِمْ بِامْتِثَالِ الْأَمْر بِإِفْرَاجِ الشِّدَّة عَنْهُمْ {106} إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ "إنَّ هَذَا" الذَّبْح الْمَأْمُور بِهِ "لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِين" أَيْ الِاخْتِبَار الظَّاهِر {107} وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ "وَفَدَيْنَاهُ" أَيْ الْمَأْمُور بِذَبْحِهِ وَهُوَ إسْمَاعِيل أَوْ إسْحَاق قَوْلَانِ "بِذِبْحٍ" بِكَبْشٍ "عَظِيم" مِنْ الْجَنَّة وَهُوَ الَّذِي قَرَّبَهُ هَابِيل جَاءَ بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَذَبَحَهُ السَّيِّد إبْرَاهِيم مُكَبِّرًا {108} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ "وَتَرَكْنَا" أَبْقَيْنَا "عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ" ثَنَاء حَسَنًا {109} سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ "سَلَام" مِنَّا {110} كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "كَذَلِكَ" كَمَا جَزَيْنَاهُ "نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ" لِأَنْفُسِهِمْ {112} وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ "وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ" اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الذَّبِيح غَيْره "نَبِيًّا" حَال مُقَدَّرَة : أَيْ يُوجَد مُقَدَّرًا نُبُوَّته {113} وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ "وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ" بِتَكْثِيرِ ذُرِّيَّته "وَعَلَى إسْحَاق" وَلَده بِجَعْلِنَا أَكْثَر الْأَنْبِيَاء مِنْ نَسْله "وَمِنْ ذُرِّيَّتهمَا مُحْسِن" مُؤْمِن "وَظَالِم لِنَفْسِهِ" كَافِر "مُبِين" بَيِّن الْكُفْر {114} وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ "وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ" بِالنُّبُوَّةِ {115} وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ "وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمهمَا" بَنِي إسْرَائِيل "مِنَ الْكَرْب الْعَظِيم" أَيْ اسْتِعْبَاد فِرْعَوْن إيَّاهُمْ {116} وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ "وَنَصَرْنَاهُمْ" عَلَى الْقِبْط {117} وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ "وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَاب الْمُسْتَبِين" الْبَلِيغ الْبَيَان فِيمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْحُدُود وَالْأَحْكَام وَغَيْرهَا وَهُوَ التَّوْرَاة {118} وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ "وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاط" الطَّرِيق {119} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ "وَتَرَكْنَا" أَبْقَيْنَا "عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ" ثَنَاء حَسَنًا {120} سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ "سَلَام" مِنَّا {121} إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "إنَّا كَذَلِكَ" كَمَا جَزَيْنَاهُمَا {123} وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ "وَإِنَّ إلْيَاس" بِالْهَمْزَةِ أَوَّله وَتَرَكَهُ "لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ" قِيلَ هُوَ ابْن أَخِي هَارُونَ أَخِي مُوسَى وَقِيلَ غَيْره أُرْسِلَ إلَى قَوْم بِبَعْلَبَكّ وَنَوَاحِيهَا {124} إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ "إذْ" مَنْصُوب بِاُذْكُرْ مُقَدَّرًا "قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ" اللَّه {125} أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ "أَتَدْعُونَ بَعْلًا" اسْم صَنَم لَهُمْ مِنْ ذَهَب وَبِهِ سُمِّيَ الْبَلَد أَيْضًا مُضَافًا إلَى بَكّ : أَيْ أَتَعْبُدُونَهُ "وَتَذَرُونَ" تَتْرُكُونَ "أَحْسَن الْخَالِقِينَ" فَلَا تَعْبُدُونَهُ {126} اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ "اللَّه رَبّكُمْ وَرَبّ آبَائِكُمْ الْأَوَّلِينَ" بِرَفْعِ الثَّلَاثَة عَلَى إضْمَار هُوَ وَبِنَصْبِهَا عَلَى الْبَدَل مِنْ أَحْسَن |
#821
|
||||
|
||||
|
#822
|
||||
|
||||
الصافات {127} فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ "فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ" فِي النَّار {128} إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ "إلَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ نَجَوْا مِنْهَا {129} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ "وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ" ثَنَاء حَسَنًا {130} سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ "سَلَام" مِنَّا "عَلَى إلْ يَاسِين" قِيلَ هُوَ إلْيَاس الْمُتَقَدِّم ذِكْره وَقِيلَ هُوَ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ فَجَمَعُوا مَعَهُ تَغْلِيبًا كَقَوْلِهِمْ لِلْمُهَلِّبِ وَقَوْمه الْمُهَلِّبُونَ وَعَلَى قِرَاءَة آل يَاسِين بِالْمَدِّ أَيْ أَهْله الْمُرَاد بِهِ إلْيَاس أَيْضًا {131} إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "إنَّا كَذَلِكَ" كَمَا جَزَيْنَاهُ {134} إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ {135} إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ "إلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ" أَيْ الْبَاقِينَ فِي الْعَذَاب {136} ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ "ثُمَّ دَمَّرْنَا" أَهْلَكْنَا "الْآخَرِينَ" كُفَّار قَوْمه {137} وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ "وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ" عَلَى آثَارهمْ وَمَنَازِلهمْ فِي أَسْفَاركُمْ "مُصْبِحِينَ" أَيْ وَقْت الصَّبَاح يَعْنِي بِالنَّهَارِ {138} وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ "وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" يَا أَهْل مَكَّة مَا حَلَّ بِهِمْ فَتَعْتَبِرُونَ بِهِ {140} إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ "إذْ أَبَقَ" هَرَبَ "إلَى الْفُلْك الْمَشْحُون" السَّفِينَة الْمَمْلُوءَة حِين غَاضَبَ قَوْمه لَمَّا لَمْ يَنْزِل بِهِمْ الْعَذَاب الَّذِي وَعَدَهُمْ بِهِ فَرَكِبَ السَّفِينَة فَوَقَفَتْ فِي لُجَّة الْبَحْر فَقَالَ الْمَلَّاحُونَ : هُنَا عَبْد أَبَقَ مِنْ سَيِّده تُظْهِرهُ الْقُرْعَة {141} فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ "فَسَاهَمَ" قَارَعَ أَهْل السَّفِينَة "فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ" الْمَغْلُوبِينَ بِالْقُرْعَةِ فَأَلْقَوْهُ فِي الْبَحْر {142} فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ "فَالْتَقَمَهُ الْحُوت" ابْتَلَعَهُ "وَهُوَ مُلِيم" أَيْ آتٍ بِمَا يُلَام عَلَيْهِ مِنْ ذَهَابه إلَى الْبَحْر وَرُكُوبه السَّفِينَة بِلَا إذْن مِنْ رَبّه {143} فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ "فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ" الذَّاكِرِينَ بِقَوْلِهِ كَثِيرًا فِي بَطْن الْحُوت "لَا إلَه إلَّا أَنْتَ سُبْحَانك إنِّي كُنْت مِنَ الظَّالِمِينَ" {144} لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ "لَلَبِثَ فِي بَطْنه إلَى يَوْم يُبْعَثُونَ" لَصَارَ بَطْن الْحُوت قَبْرًا لَهُ إلَى يَوْم الْقِيَامَة {145} فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ "فَنَبَذْنَاهُ" أَيْ أَلْقَيْنَاهُ مِنْ بَطْن الْحُوت "بِالْعَرَاءِ" بِوَجْهِ الْأَرْض : أَيْ بِالسَّاحِلِ مِنْ يَوْمه أَوْ بَعْد ثَلَاثَة أَوْ سَبْعَة أَيَّام أَوْ عِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا "وَهُوَ سَقِيم" عَلِيل كَالْفَرْخِ الْمُمَّعِط {146} وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ "وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَة مِنْ يَقْطِين" وَهِيَ الْقَرْع تُظِلّهُ بِسَاقٍ عَلَى خِلَاف الْعَادَة فِي الْقَرْع مُعْجِزَة لَهُ وَكَانَتْ تَأْتِيه وَعِلَّة صَبَاحًا وَمَسَاء يَشْرَب مِنْ لَبَنهَا حَتَّى قَوِيَ {147} وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ "وَأَرْسَلْنَاهُ" بَعْد ذَلِكَ كَقَبْلِهِ إلَى قَوْم بِنِينَوَى مِنْ أَرْض الْمُوصِل "إلَى مِائَة أَلْف أَوْ" بَلْ "يَزِيدُونَ" عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ سَبْعِينَ أَلْفًا {148} فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ "فَآمَنُوا" عِنْد مُعَايَنَة الْعَذَاب الْمَوْعُودِينَ بِهِ "فَمَتَّعْنَاهُمْ" أَبْقَيْنَاهُمْ مُمَتَّعِينَ بِمَالِهِمْ "إلَى حِين" أَيْ حَتَّى تَنْقَضِي آجَالهمْ فِيهِ {149} فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ "فَاسْتَفْتِهِمْ" اسْتَخْبِرْ كُفَّار مَكَّة تَوْبِيخًا لَهُمْ "أَلِرَبِّك الْبَنَات" بِزَعْمِهِمْ أَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه "وَلَهُمْ الْبَنُونَ" فَيَخْتَصُّونَ بِالْأَسْنَى {150} أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ "أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَة إنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ" وَهُمْ مُشَاهِدُونَ لِخَلْقِنَا فَيَقُولُونَ ذَلِكَ {151} أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ "أَلَا إنَّهُمْ مِنْ إفْكهمْ" كَذِبهمْ {152} وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ "وَلَدَ اللَّه" بِقَوْلِهِمْ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه "وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ" فِيهِ {153} أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ "أَصْطَفَى" بِفَتْحِ الْهَمْزَة لِلِاسْتِفْهَامِ وَاسْتُغْنِيَ بِهَا عَنْ هَمْزَة الْوَصْل فَحُذِفَتْ أَيْ أَخْتَار "الْبَنَات عَلَى الْبَنِينَ" |
#823
|
||||
|
||||
|
#824
|
||||
|
||||
الصافات
{154} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ "مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" هَذَا الْحُكْم الْفَاسِد {155} أَفَلَا تَذَكَّرُونَ "أَفَلَا تَذَكَّرُونَ" بِإِدْغَامِ التَّاء فِي الذَّال أَنَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى مُنَزَّه عَنْ الْوَلَد {156} أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ "أَمْ لَكُمْ سُلْطَان مُبِين" حُجَّة وَاضِحَة أَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا {157} فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ" التَّوْرَاة فَأَرُونِي ذَلِكَ فِيهِ "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِي قَوْلكُمْ ذَلِكَ {158} وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ "وَجَعَلُوا" أَيْ الْمُشْرِكُونَ "بَيْنه" تَعَالَى "وَبَيْن الْجِنَّة" أَيْ الْمَلَائِكَة لِاجْتِنَانِهِمْ عَنْ الْأَبْصَار "نَسَبًا" بِقَوْلِهِمْ إنَّهَا بَنَات اللَّه "وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّة إنَّهُمْ" أَيْ قَائِلِي ذَلِكَ "لَمُحْضَرُونَ" لِلنَّارِ يُعَذَّبُونَ فِيهَا {159} سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ "سُبْحَان اللَّه" تَنْزِيهًا لَهُ "عَمَّا يَصِفُونَ" بِأَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا {160} إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ "إلَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع أَيْ فَإِنَّهُمْ يُنَزِّهُونَ اللَّه تَعَالَى عَمَّا يَصِفهُ هَؤُلَاءِ {161} فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ "فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ" مِنْ الْأَصْنَام {162} مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ "مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ" أَيْ عَلَى مَعْبُودكُمْ وَعَلَيْهِ مُتَعَلِّق بِقَوْلِهِ "بِفَاتِنِينَ" أَيْ أَحَدًا {163} إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ "إلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيم" إلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ ذَلِكَ فِي عِلْم اللَّه تَعَالَى {164} وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ قَالَ جِبْرِيل لِلنَّبِيِّ "وَمَا مِنَّا" مَعْشَر الْمَلَائِكَة أَحَد "إلَّا لَهُ مَقَام مَعْلُوم" فِي السَّمَاوَات يَعْبُد اللَّه فِيهِ لَا يَتَجَاوَزهُ {165} وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ "وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ" أَقْدَامنَا فِي الصَّلَاة {166} وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ "وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ" الْمُنَزِّهُونَ اللَّه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ {167} وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ "وَإِنْ" مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة "كَانُوا" أَيْ كُفَّار مَكَّة {168} لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ "لَوْ أَنَّ عِنْدنَا ذِكْرًا" كِتَابًا "مِنَ الْأَوَّلِينَ" أَيْ مِنْ كُتُب الْأُمَم الْمَاضِيَة {169} لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ "لَكُنَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ" الْعِبَادَة لَهُ {170} فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ "فَكَفَرُوا بِهِ" بِالْكِتَابِ الَّذِي جَاءَهُمْ وَهُوَ الْقُرْآن الْأَشْرَف مِنْ تِلْكَ الْكُتُب "فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ" عَاقِبَة كُفْرهمْ {171} وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ "وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتنَا" بِالنَّصْرِ "لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ" وَهِيَ "لَأَغْلِبَن أَنَا وَرُسُلِي" أَوْ هِيَ قَوْله "إنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ" {173} وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ "وَإِنَّ جُنْدنَا" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ "لَهُمُ الْغَالِبُونَ" الْكُفَّار بِالْحُجَّةِ وَالنُّصْرَة عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ لَمْ يَنْتَصِر بَعْض مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا فَفِي الْآخِرَة {174} فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ "فَتَوَلَّ عَنْهُمْ" أَيْ أَعْرِضْ عَنْ كُفَّار مَكَّة "حَتَّى حِين" تُؤْمَر فِيهِ بِقِتَالِهِمْ {175} وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ "وَأَبْصِرْهُمْ" إذْ نَزَلَ بِهِمْ الْعَذَاب "فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ" عَاقِبَة كُفْرهمْ {176} أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ فَقَالُوا اسْتِهْزَاء : مَتَى نُزُول هَذَا الْعَذَاب ؟ قَالَ تَعَالَى تَهْدِيدًا لَهُمْ : "أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ" {177} فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ "فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ" بِفِنَائِهِمْ قَالَ الْفَرَّاء : الْعَرَب تَكْتَفِي بِذِكْرِ السَّاحَة عَنْ الْقَوْم "فَسَاءَ" بِئْسَ صَبَاحًا "صَبَاح الْمُنْذَرِينَ" فِيهِ إقَامَة الظَّاهِر مَقَام الْمُضْمَر {179} وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ "وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ" كُرِّرَ تَأْكِيدًا لِتَهْدِيدِهِمْ وَتَسْلِيَة لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {180} سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ "سُبْحَان رَبّك رَبّ الْعِزَّة" الْغَلَبَة "عَمَّا يَصِفُونَ" بِأَنَّ لَهُ وَلَدًا {181} وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ "وَسَلَام عَلَى الْمُرْسَلِينَ" الْمُبَلِّغِينَ عَنْ اللَّه التَّوْحِيد وَالشَّرَائِع {182} وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "وَالْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ" عَلَى نَصْرهمْ وَهَلَاك الْكَافِرِينَ |
#825
|
||||
|
||||
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
تفسير, قران |
|
|