#676
|
||||
|
||||
وختاماً :
قال تعالى : (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً *ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً ) [سورة النساء:69-70]. وقال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً)[سورة الأحزاب:21[. فالمؤمن الحق هو المتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم والمستن بسنته وهديه . قال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)). قال عليه الصلاة والسلام: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن؛ وإن الله يبغض الفاحش البذيء)). وقال صلى الله عليه وسلم : ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، وخياركم خياركم لأهله)). ومن ها هنا نعلم اضطرارنا فوق كل ضرورة إلى معرفة نبينا صلى الله عليه وسلم لتقوى محبتنا له ، فإذا ما أحببناه اقتدينا بهديه وتأدبنا بآدابه وتعاليمه ، فبمتابعته يتميز أهل الهدى من أهل الضلال. أخي المسلم وبعد هذا أسالك سؤالا فأقول هل تحب نبيك صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ هل تريد نصرته ؟؟ فلماذا لا تهتدي بهديه وتستن بسنته وتطيعه ولا تعصيه حتى تكون من أهل سنته؟؟؟ نسأل المولى عز وجل أن يرزقنا حسن متابعته صلى الله تعالى عليه وسلم ، وأن ينفعنا بهديه ، لنفوز بشفاعته ومحبته صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة وأن يعيننا على خدمة السُنَّة النبوية المُطَهَّرة وأن يجمعنا وإياكم تحت لواء المصطفى صلى الله عليه وسلم. اللهم اجعل حبك وحب رسولك أحب إلينا من أنفسنا وأبنائنا ومن الماء البارد على الظمأ ، اللهم ارزقنا شفاعة نبيك محمد وأوردنا حوضه ، وارزقنا مرافقته في الجنة ، اللهم صلى وسلم وبارك أطيب وأزكى صلاة وسلام وبركة على رسولك وخليلك محمد وعلى آله وصحبه. وصلى الله على نبينا وحبينا وقرة أعيننا محمد وعلى آله وصحبه وسلم |
#677
|
||||
|
||||
لاتنسى صيام التاسع والعاشر من محرم وماذا فال النبي صلى الله عليه وسلم عن يوم عاشوراء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال ماهذا ؟ قالوا : يوم صالح , نجى الله فيه موسى , وبني اسرائيل من عدوهم , فصامه موسى فقال صلى الله عليه وسلم : أنا أحق بموسى منكم , وأمر بصيامه .. رواه البخاري ومسلم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء , وأمر بصيامه , قالوا: يارسول الله , انه يوم تعظمه اليهود والنصارى ..... فقال : اذا كان العام المقبل ان شاء الله صمنا اليوم التاسع , قال : فلم يأت العام المقبل , حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ..رواه مسلم وابوداود وفي لفظ , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن بقيت الى قابل لأصومن التاسع : يعني مع يوم عاشوراء ...رواه احمد ومسلم اللهم اجعلنا من اتباع نبيك صلى الله عليه وسلم وجنبنا طريق البدع واهل البدع انك سبحانك سميع الدعاء |
#678
|
||||
|
||||
|
#679
|
||||
|
||||
|
#680
|
||||
|
||||
دخل الحبيب على القصواء في حدب أرجاء مكة حاني الرأس منتصر كادت تلامس ظهر الرحل لحيته روحي الفداء لرحل فوقه القمر من يأتي دار أبي سفيان يكلأه عفو التسامح أو بالبيت يستتر دانت قريش وذلت عند سيدنا خاف الجميع فما تأمر يا محمد فنأتمر قال السلااااااااااااااااام فأنتم أهل جلدتنا الكل طليق وهذا الصفح والظفر فهو رسول الله خير العالمين ابن عبد الله ذي العز الرصين ابن عبد المطلب ابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصي ابن كلاب ابن مرة ابن كعب ابن لؤي ابن غالب ابن فهر ابن مالك ابن النضر ابن كنانة ابن خزيمة ابن مدركة ابن الياس ابن مضر ابن نزار ابن معد ابن عدنان يا له من نسب للمصطفى قد علا مد الثريا شرفا صلى رب الكون وسلم عليك يا محمد يا نعم المؤيد يا بحر الجمال والكمال يا محمد يا بحر فضلك وتاج عبدك جد لي بوصلك قبل المنية كم ذا منادي يا خير هادي عطفك عليّ أهديك حبي صلاة ربي ما ذاب القلب بالذكر حيّا |
#681
|
||||
|
||||
|
#682
|
|||
|
|||
اللهم اوردنا حوض حبيبك ونبيك محمد صلي الله عليه وسلم
واسقنامنه شربتا لا نظمأ بعدها ابدا وشفعه صلي الله عليه وسلم فينا بارك الله فيك وجزاك عنا خير الجزاء |
#683
|
||||
|
||||
اقتباس:
اللهم آمين اللهم صلى وسلم وبارك على الحبيب محمد اكرمك الله وبارك فيك ورضى عنك اختى الفاضلة |
#684
|
||||
|
||||
قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم
صلى الله عليه وسلم فداك ابى وامى ونفسى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم |
#685
|
||||
|
||||
عليه الصلاة وازكى السلام
|
#686
|
||||
|
||||
فرض الإيمان به
قال القاضي أبو الفضل رحمه الله : إذا تقرر ثبوتُ نبوته وصحةُ رسالته ، وجَب الإيمان به وتصديقه فيما أتى به ، قال الله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (التغابن : 8 ) وقال : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفتح : 8-9 ) . وقال َآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الأعراف 158 ) فالإيمان بالنبي محمد واجب متعين لا يتم إيمان إلا به ، ولا يصح إسلام إلا معه ، قال الله تعالى : (وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً) (الفتح : 13 ) *حدثنا أبو محمد الخشني الفقيه بقراءتي عليه ، حدثنا الإمام أبو علي الطبري ، حدثنا عبد الغافر الفارسي حدثنا ابن عمرويه ، حدثنا ابن سفيان ، حدثنا أبو الحسين ، حدثنا أمية بن بسطام ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا روح ، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله قال : أُمِرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءَهم وأموالَهم إلا بحقها ، وحسابُهم على الله . قلت : هذا اللفظ رواه مسلم في كتاب الإيمان ، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله. ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي ، وأن من فعل ذلك عصم نفسه وماله إلا بحقها، ووكلت سريرته إلى الله تعالى. وقتال من منع الزكاة أو غيرها من حقوق الإسلام واهتمام الإمام بشعائر الإسلام . حدثنا أحمد بن عبدة الضبي. أخبرنا عبدالعزيز (يعني الداوردي)، عن العلاء. وحدثنا أمية بن بسطام، واللفظ له. حدثنا يزيد بن زريع. حدثنا روح عن العلاء بن عبدالرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله. ويؤمنوا بي وبما جئت به. فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها. وحسابهم على الله". |
#687
|
||||
|
||||
معنى المحبة للنبي وحقيقتها
اختلف الناس في تفسير محبة الله ومحبة النبي ، وكثرت عباراتهم في ذلك ، وليست ترجع بالحقيقة إلى اختلاف مقال ، ولكنها اختلاف أحوال . -وقد قال علي رضي الله عنه في صفته : من رآه بديهةً هابه ، ومن خالطه معرفةً أحبه . -فقال سفيان : المحبة اتباع الرسول ، كأنه التفت إلى قوله تعالى : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران : 31 ). -وقال بعضهم : محبة الرسول اعتقاد نصرته ، والذب عن سنته ، والانقياد لها ، وهيبة مخالفته . -وقال بعضهم : المحبة : دوام الذكر للمحبوب . -وقال آخر : إيثار المحبوب . -وقال بعضهم : المحبة الشوق إلى المحبوب . -وقال بعضهم : المحبة مواطأة القلب لمراد الرب ، يحب ما أحب ، ويكره ما كره . -وقال آخر : المحبة ميل القلب إلى موافق له . -وأكثر العبارت المتقدمة إشارة إلى ثمرات المحبة دون حقيقتها . -وحقيقة المحبة الميل إلى ما يوافق الإنسان ، وتكون موافقته له إما لاستلذاذه بإدراكه ، كحب الصور الجميلة ، والأصوات الحسنة ، والأطعمة والأشربة اللذيذة ، وأشباهها مما كل طبع سليم مائل إليها لموافقتها له ، أو لاستلذاذه بإدراكه بحاسة عقله وقلبه معاني باطنة شريفة ، كمحبة الصالحين والعلماء وأهل المعروف ، والمأثور عنهم السير الجميلة والأفعال الحسنة ، فإن طبع الإنسان مائل إلى الشغف بأمثال هؤلاء حتى يبلغ التعصب بقوم ، والتشيع من أمة في آخرين ما يؤدي إلى الجلاء عن الأوطان ، وهتك الحرم ، واحترام النفوس ، أو يكون حبه إياه لموافقته له من جهة إحسانه له وإنعامه عليه ، فقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها . فإذا تقرر هذا نظرت هذه الأسباب كلها في حقه فعلمت أنه جامع لهذه المعاني الثلاثة الموجبة للمحبة : أما جمال الصورة والظاهر ، وكمال الأخلاق والباطن ، فقد قررنا منها قبل فيما مر في الكتاب ما لا يحتاج إلى زيادة . وأما إحسانه وإنعامه على أمته فكذلك قد مر منه في أوصاف الله تعالى له من رأفته بهم ، ورحمته لهم ، و هدايته إياهم ، و شفقته عليهم ، و استنفاذهم به من النار ، و أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم ، ورحمة للعالمين ، ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، ويتلو عليهم آياته ، ويزكيهم ، ويعلهم الكتاب والحكمة ، ويهديهم إلى صراط مستقيم . فأي إحسان أجل قدراً ، وأعظم خطراً من إحسانه إلى جميع المؤمنين ؟ وأي إفضال أعم منفعة وأكثر فائدة من إنعامه على كافة المسلمين ، إذ كان ذريعتهم إلى الهداية ، ومنقذهم من العماية ، وداعيهم إلى الفلاح ، ووسيلتهم إلى ربهم ، وشفيعهم والمتكلم عنهم ، والشاهد لهم ، والموجب لهم البقاء الدائم والنعيم السرمد فقد استبان لك أنه مستوجب للمحبة الحقيقية شرعاً بما قدمناه من صحيح الآثار ، وعادة وجبلةً بما ذكرناه آنفاً ، لأفاضته الإحسان ، وعمومه الإجمال ، فإذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه مرةً أو مرتين معروفأً ، أو استنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذي بها قليل منقطع ـ فمن منحه ما لا يبيد من النعيم ، ووقاه ما لا يفنى من عذاب الجحيم أولى بالحب . وإذا كان يُحَبُّ بالطبع ملكٌ لحسن سيرته ، أو حاكمٌ لما يؤثر من قوام طريقته ، أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه أو كرم شيمته ـ فمن جمع هذه الخصال على غاية مراتب الكمال أحق بالحب ، وأولى بالميل . وذكرنا عن بعض الصحابة أنه كان لايصرف بصره عنه محبةً فيه |
#688
|
||||
|
||||
لقد رسم النبي صلى الله عليه وسلم فيما رسم منهجاً واضحاً في وصايا وجّهها لشباب الأمة المحمدية ، ممثلة في ابن عمه عبد الله بن عباس ، حيث قال له : (( يا غلام ، إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفّت الصحف )) . إن أول لبنة في بناء الشباب لبنة العقيدة ورسوخ الإيمان ، وصدق التعلق بالله وحده والاعتماد عليه ، (( ولقد تتابعت فقرات الوصية لابن عباس في هذا الحديث وكلها في قضايا الإيمان من الاستعانة وغيرها )) . ويوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وصية تدعم الإيمان وتزيده رسوخاً قائلاً له : (( اعبد الله كأنك تراه ، وأعدد نفسك في الموتى ، واذكر الله عند كل حجر وشجر وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة ، السرُّ بالسر ، والعلانية بالعلانية )) بهذه الوصية جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل بين المراقبة والإخلاص والعلم والطهر ، وهي صلب العقيدة وغايتها وروحها ، ويوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن تكون حاله في الدنيا كحال الغريب الذي ليس له مسكن يأوي إليه ، أو كعابر السبيل القاصد البلد البعيد ، فعن عبد الله بن عمر قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال : (( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )) . لقد جاءت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم للشباب ابن عمر عكس ما يوصي به الناس الناس الشباب في هذا الزمن من تأمين المستقبل ، والتفكير في متطلبات الحياة ، وبذل الجهد في أسباب الراحة والسعادة الدنيوية . ويوصي النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وغيره من الصحابة إلى مراقبة الله سبحانه وتعالى في كل وقت ، وأن الله مطّلع عليهم في أي مكان كانوا : (( اتق الله حيثما كنت ، واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن )) فالشباب معرّض أكثر من غيره للوقوع في المعصية لقوة دوافع الشهوة عنده ، فإذا ضعفت نفسه وزلّت قدمه فإنه يجد في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمحو ذنبه ويريح قلبه . وفي إطار حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تأديب الشباب ، ولعلمه صلى الله عليه وسلم أن الشباب في هذه المرحلة أحوج ما يكون إلى النصيحة والإرشاد فإنه يوصيهم ببعض الوصايا ، ومنها : وصيته للشاب معاذ بن جبل بجملة من الأعمال ثم قال : (( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ )) قال معاذ : بلى ، فأخذ بلسانه وقال : (( تكف عليك هذا )) قال معاذ : يانبي الله ، وإنّا لمؤاخذون بما نتكلم به ! قال : (( ثكلتك أمك يا معاذ ، هل يكبُّ الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم )) . وهذه إشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب إلى أن السلامة في كف اللسان ، فالكلام يخبر بمكنونات السرائر ، فحري بالعاقل أن يحذر من زلَلِه بالإمساك عن الكلام أو بالإقلال منه . ويوصي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بقوله : (( يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة )) . ولمّا سأل جرير بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة أمره صلى الله عليه وسلم أن يصرف بصره . ما أحوج الشباب إلى مثل هذه النصيحة والتأكيد عليها لاجتماع شهواتهم وكثرة الفتن في هذا الزمان . ولأن الشاب قد تغلبه نفسه ويغلبه هواه فيقع فيما حرّم الله ، فقد حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم في وصاياه الشباب من الوقوع في أمور كثيرة ، منها إسبال الثياب ، قال ابن عمر : مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء فقال : (( يا عبدالله ، ارفع إزارك )) فرفعته ثم قال : (( زد )) فزدت ، فما زلت اتحراها بعد ، فقال بعض القوم : إلى أين ؟ فقال : أنصاف الساقين )) . فلابدّ أن يدرك الشباب جيداً خطر هذا الجُرم ، وما يترتب عليه من الإثم ، ومن ذلك أن الله لا ينظر إلى من جرّ إزاره بطراً ، وأنه معرّض لأن يخسف الله به الأرض . وكان صلى الله عليه وسلم يوصي الشباب با ستغلال شبابهم في العمل الصالح الذي يقربهم من الله سبحانه وتعالى ؛ لأنه يجتمع لهم من النشاط والقوة وصفاء الذهن والصحة والفراغ ما لا يجتمع لغيرهم . عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيته بوضوئه وحاجته فقال : (( سل )) فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة ، قال : (( أوغير ذالك ؟ )) قلت : هو ذاك . قال : (( فأعني على نفسك بكثرة السجود )) . كما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان أيضاً بكثرة السجود قائلاً : (( عليك بكثرة السجود فإنك لا تسجد لله سجدة إلأا رفعك الله بها درجة ، وحط عنك بها خطيئة )) . وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يا عبدالله ، لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل )) . |
#689
|
||||
|
||||
ما روي عن السلف والأئمة من محبتهم للنبيوشوقهم له قال القاضي أبو الفضل رحمه الله :*حدثنا القاضي الشهيد ، حدثنا الرازي ، حدثنا الجلودي ، حدثنا ابن سفيان ، حدثنا مسلم ، حدثنا قتيبة ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن سهيل ، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : من أشد أمتي لي حباً يكونون بعدي ، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله . ومثله عن أبي ذر ...~ قلت :كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها باب فيمن يود رؤية النبي ، بأهله وماله * حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا يعقوب (يعني ابن عبدالرحمن) عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله قال "من أشد أمتي لي حبا، ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني، بأهله وماله". -وقد تقدم حديث عمر رضي الله عنه ، و قوله للنبي : لأنت أحب إلى من نفسي . وما تقدم عن الصحابة في مثله . -وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه : ما كان أحد أحب إلي من رسول الله -وعن عبدة بنت خالد بن معدان ، قالت : ما كان خالد يأوي إلى فراش إلا وهو يذكر من شوقه إلى رسول وإلى أصحابه من المهاجرين والأنصار يسميهم ويقول : هم أصلي وفصلي ، وإليهم يحن قلبي ، طال شوقي ، فعَجِّل رب قبضي إليك حتى يغلبه النوم . -وروي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال للنبي : والذي بعثك بالحق لإسلام أبي طالب كان أقر لعيني من إسلامه -يعني أباه أبا قحافة ، وذلك أن إسلام أبي طالب كان أقر لعينك . -ونحوه عن عمر بن الخطاب ، قاله للعباس رضي الله عنه : أن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطاب ، لأن ذلك أحب إلى رسول الله . وعن ابن إسحاق ان امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد مع رسول الله ، فقالت : ما فعل رسول الله ؟ قالوا : خيراً ، هو بحمد الله كما تحبين . قالت : أرونيه حتى أنظر إليه . فلما رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل . -وسئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كيف كان حبكم رسول الله قال : كان والله أحب إلينا من اموالنا وأولادنا و آبائنا وأمهاتنا ، ومن الماء البارد على الظمأ . -وعن زيد بن أسلم : خرج عمر رضي الله عنه ليلة يحرس الناس ، فرأى مصباحاً في بيت ، وإذا عجوز تنفش صوفاً ، و تقول : على محمد صلاة الأبرارْ صلى عليه الطيبون الأخيارْ قد كنت قواماً بُكاً بالأسحارْ يا ليت شعري والمنايا أطوارْ هــل تـجـمـعـنـي وحـبـيـبي الـدارْ تعني النبي . فجلس عمر رضي الله عنه يبكي ، و في الحكاية طول . -وروي أن عبد الله بن عمر خدرت رجله فقيل له : اذكر أحب الناس إليك يزل عنك . فصاح : يا محمداه ! فانتشرت . -ولما احتضر بلال رضي الله عنه نادت امرأته : واحزاناه ! فقال : واطرباه ! غداً ألقى الأحبهْ . محمداً وحزبهْ . ومثله عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما . -ويروى أن امرأة قالت لعائشة رضي الله عنها : اكشفي لي قبر رسول الله ، فكشفته لها فبكت حتى ماتت . ولما أخرج أهل مكة زيد بن الدثنة من الحرم ليقتلوه قال ابو سفيان ابن حرب : أنشدك الله يا زيد ، أتحب أن محمداً الآن عندنا مكانك يضرب عنقه ، وإنك في أهلك ؟ فقال زيد : والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة وإني جالس في أهلي . فقال أبو سفيان : ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً ! . -وعن ابن عباس : كانت المرأة إذا أتت النبي حلفها بالله : ما خرجت من بغض زوج ولا رغبة بأرض عن ارض ، وما خرجت إلا حباً لله ورسوله . -ووقف ابن عمر على ابن الزبير رضي الله عنهما بعد قتله فاستغفر له ، وقال : كنت والله ما علمت صواماً قواماً تحب الله ور سوله . |
#690
|
||||
|
||||
تعظيم أمره ووجوب توقيره وبره ما ورد في ذلك من النصوص*قال الله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * ) ( الفتح- 8-9 ) -وقال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(الحجرات 1 ) وقال :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * ) ( الحجرات 2- 3) -وقال تعالى : (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً ) (النور : 63 ) فأوجب الله تعالى تعزيزه وتوقيره ، وألزم إكرامه وتعظيمه . -قال ابن عباس : تعزروه : تجلوه .وقال المبرد : تعزروه : تبالغوا في تعظيمه.وقال الأخفش: تنصرونه . وقال الطبري :تعينونه . وقرىء : تعززوه ـ بزايين ـ من العز . ونهي عن التقدم بين يديه بالقول ، و سوءالأدب بسبقه بالكلام ، على قول ابن عباس وغيره ، وهو اختيار ثعلب . -قال سهل بن عبد الله : لا تقولوا قبل أن يقول ، وإذا قال فاستمعوا له وأنصتوا . ونهوا عن التقدم والتعجل بقضاء أمر قبل قضائه فيه ، وأن يفتاتوا يشيء في ذلك من قتال أو غيره من أمر دينهم ، ولا يسبقوه به . وإلى هذا يرجع قول الحسين ، ومجاهد ، والضحاك ، والسدي ، والثوري . ثم وعظهم وحذرهم مخالفة ذلك ، فقال : (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(الحجرات 1 ). -قال الماوردي : اتَّقُوا ـ يعني في التقدم . -وقال السلمي : اتقوا الله في إهمال حقه وتضييع حرمته ، إنه سميع لقولكم ، عليم بفعلكم . -ثم نهاهم عن رفع الصوت فوق صوته ،والجهر له بالقول كما يجهر بعضهم لبعض ويرفع صوته . وقيل : كما ينادي بعضهم بعضاً باسمه . -قال أبو محمد مكي : أي لا تسابقوه بالكلام ، وتغلظوا له بالخطاب ، ولا تنادوه باسمه نداء بعضكم بعضاً ولكن عظموه ونادوه بأشرف ما يحب أن ينادي به : يا رسول الله، يا نبي الله . وهذا كقوله في الآية الأخرى : (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم ) (النور : 63 ) على أحد التأويلين . -وقال غيره لا تخاطبوه إلا مستفهمين . -ثم خوفهم الله تعالى بحبط أعمالهم إن هم فعلوا ذلك ، وحذرهم منه . -وقيل : نزلت الآية في وفد بني تميم ـ وقيل : في غيرهم ، أتوافنادوه : يا محمد ، يا محمد ، اخرج إلينا . فذمهم الله تعالى بالجهل ، ووصفهم بأن أكثرهم لا يعقلون . -وقيل : نزلت الآية في محاورة كانت بين أبي بكر وعمر بين يدي النبي ، واختلاف جرى بينهما ، حتى ارتفعت أصواتها . -وقيل : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس خطيب النبي في مفاخرة بني تميم ، وكان في أذنيه صمم فكان يرفع صوته ، فلما نزلت هذه الآية أقام في منزله ، وخشي أن يكون حبط عمله ، ثم أتى النبي فقال : يا نبي الله ، لقد خشيت أن أكون هلكت ، نهانا الله أن نجهر بالقول ، وأنا امرؤ جهير الصوت . فقال النبي : أما ترضى أن تعيش حميداً ، وتقتل شهيداً ، وتدخل الجنة ! فقتل يوم اليمامة . -وروي أن أبا بكر لما نزلت هذه الآية قال : والله يا رسول الله ، لا أكلمك بعدها إلا كأخي السرار . -وأن عمر كان إذا حدثه كأخي السرار ،ما كان يسمع رسول الله بعد هذه الآية حتى يستفهمه ، فأنزل الله تعالى فيهم : إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * ) ( الحجرات 3) -وقيل : نزلت : (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) (الحجرات : 4 ) ـ في غير بني تميم ، نادوه باسمه . -وروى صفوان بن عسال : بينا النبي في سفر إذا ناداه أعرابي بصوت له جهوري : أيا محمد . أيا محمد ، قلنا له : اغضض من صوتك ، فإنك قد نهيت عن رفع الصوت . -وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة : 104 ). -قال بعض المفسرين : هي لغة كانت في الأنصار ، نهوا عن قولها تعظيماً للنبي ، وتبجيلا له ، لأن معناها : ارعنا نرعك ، فنهوا عن قولها ، إذ مقتضاها كأنهم لا يرعونه إلا برعايته لهم ، بل حقه أن يرعى على كل حال . -وقيل : كانت اليهود تعرض بها للنبي بالرعونة ، فنهى المسلمون عن قولها ، قطعاً للذريعة ، ومنعاً للتشبيه بهم في قولها ، لمشاركة اللفظة . وقيل غير هذا . وقفة مع الإمام القرطبي في تفسير الآيات من 1 على 5 من سورة الحجرات ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 1 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ( 2 ) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ( 3 ) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ( 4 ) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( 5 [ الآية: 1 {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم} قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله" قال العلماء: كان في العربي جفاء وسوء أدب في خطاب النبي وتلقيب الناس. فالسورة في الأمر بمكارم الأخلاق ورعاية الآداب. وقرأ الضحاك ويعقوب الحضرمي: "لا تَقَدَّموا" بفتح التاء والدال من التقدم. الباقون "تُقدِموا" بضم التاء وكسر الدال من التقديم. ومعناهما ظاهر، أي لا تقدموا قولا ولا فعلا بين يدي الله وقول رسوله وفعله فيما سبيله أن تأخذوه عنه من أمر الدين والدنيا. ومن قدم قوله أو فعله على الرسول فقد قدمه على الله تعالى، لأن الرسول إنما يأمر عن أمر الله عز وجل. واختلف في سبب نزولها على أقوال ستة: الأول: ما ذكره الواحدي من حديث ابن جريج قال: حدثني ابن أبي مليكة أن عبدالله بن الزبير أخبره أنه قدم ركب من بني تميم على رسول الله ، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد. وقال عمر: أمر الأقرع بن حابس. فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي. وقال عمر: ما أردت خلافك. فتماديا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: "يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله - إلى قوله - ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم". رواه البخاري عن الحسن بن محمد بن الصباح، ذكره المهدوي أيضا. الثاني: ما روي أن النبي أراد أن يستخلف على المدينة رجلا إذا مضى إلى خيبر، فأشار عليه عمر برجل آخر، فنزل: "يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله". ذكره المهدوي أيضا. الثالث: ما ذكره الماوردي عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي أنفذ أربعة وعشرين رجلا من أصحابه إلى بني عامر فقتلوهم، إلا ثلاثة تأخروا عنهم فسلموا وانكفؤوا إلى المدينة، فلقوا رجلين من بني سليم فسألوهما عن نسبهما فقالا: من بني عامر، لأنهم أعز من بني سليم فقتلوهما، فجاء نفر من بني سليم إلى رسول الله فقالوا: ان بيننا وبينك عهدا، وقد قتل منا رجلان، فوداهما النبي بمائة بعير، ونزلت عليه هذه الآية في قتلهم الرجلين. الرابع: وقال قتادة: إن ناسا كانوا يقولون لو أنزل في كذا، لو أنزل فيّ كذا؟ فنزلت هذه الآية.5وعن ابن عباس: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه. الخامس :وقال مجاهد: لا تفتاتوا على الله ورسوله حتى يقضي الله على لسان رسوله، ذكره البخاري أيضا. السادس :وقال الحسن: نزلت في قوم ذبحوا قبل أن يصلي رسول الله ، فأمرهم أن يعيدوا الذبح... وعن ابن جريج: لا تقدموا أعمال الطاعات قبل وقتها الذي أمر الله تعالى به ورسوله . قلت: هذه الأقوال الخمسة المتأخرة ذكرها القاضي أبو بكر بن العربي، وسردها قبله الماوردي. قال القاضي: وهي كلها صحيحة تدخل تحت العموم، فالله أعلم ما كان السبب المثير للآية منها، ولعلها نزلت دون سبب، والله أعلم. قال القاضي: إذا قلنا إنها نزلت في تقديم الطاعات على أوقاتها فهو صحيح، لأن كل عبادة مؤقتة بميقات لا يجوز تقديمها عليه كالصلاة والصوم والحج، وذلك بين. إلا أن العلماء اختلفوا في الزكاة، لما كانت عبادة مالية وكانت مطلوبة لمعنى مفهوم، وهو سد خلة الفقير، ولأن النبي استعجل من العباس صدقة عامين، ولما جاء من جمع صدقة الفطر قبل يوم الفطر حتى تعطى لمستحقيها يوم الوجوب وهو يوم الفطر، فاقتضى ذلك كله جواز تقديمها العام والاثنين. فإن جاء رأس العام والنصاب بحاله وقعت موقعها. وإن جاء رأس العام وقد تغير النصاب تبين أنها صدقة تطوع. وقال أشهب: لا يجوز تقديمها على الحول لحظة كالصلاة، وكأنه طرد الأصل في العبادات فرأى أنها إحدى دعائم الإسلام فوفاها حقها في النظام وحسن الترتيب. ورأى سائر علمائنا أن التقديم اليسير فيها جائز، لأنه معفو عنه في الشرع بخلاف الكثير. وما قاله أشهب أصح، فإن مفارقة اليسير الكثير في أصول الشريعة صحيح، ولكنه لمعان تختص باليسير دون الكثير. فأما في مسألتنا فاليوم فيه كالشهر، والشهر كالسنة. فإما تقديم كلي كما قال أبو حنيفة والشافعي، وإما حفظ العبادة على ميقاتها كما قال أشهب. قوله تعالى: "لا تقدموا بين يدي الله" أصل في ترك التعرض لأقوال النبي ، وإيجاب اتباعه والاقتداء به، وكذلك قال النبي في مرضه: [مروا أبا بكر فليصل بالناس]. فقالت عائشة لحفصة رضي الله عنهما: قولي له إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يُسْمع الناس من البكاء، فَمُرْ عمر فليصل بالناس. فقال : [إنكن لأنتن صواحب يوسف. مروا أبا بكر فليصل بالناس]. فمعنى قول [صواحب يوسف] الفتنة بالرد عن الجائز إلى غير الجائز. وربما احتج بُغَاةُ القياس بهذه الآية. وهو باطل منهم، فإن ما قامت دلالته فليس في فعله تقديم بين يديه. وقد قامت دلالة الكتاب والسنة على وجوب القول بالقياس في فروع الشرع، فليس إذاً تقدمٌ بين يديه. "واتقوا الله" يعني في التقدم المنهي عنه. "إن الله سميع" لقولكم "عليم" بفعلكم. الآية: 2 {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" روى البخاري والترمذي عن ابن أبي مليكة قال: حدثني عبدالله بن الزبير أن الأقرع بن حابس قدم على النبي ، فقال أبو بكر: يا رسول الله استعمله على قومه، فقال عمر: لا تستعمله يا رسول الله، فتكلما عند النبي حتى ارتفعت أصواتهما، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي. فقال عمر: ما أردت خلافك، قال: فنزلت هذه الآية: "يا أيها لذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" قال: فكان عمر بعد ذلك إذا تكلم عند النبي لم يسمع كلامه حتى يستفهمه. قال: وما ذكر ابن الزبير جده يعني أبا بكر. قال: هذا حديث غريب حسن. وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مليكة مرسلا، لم يذكر فيه عن عبدالله بن الزبير. قلت: هو البخاري، قال: عن ابن أبي مليكة كاد الخيران أن يهلكا أبو بكر وعمر، رفعا أصواتهما عند النبي حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، فقال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي. فقال: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" الآية. فقال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله بعد هذه الآية حتى يستفهمه. ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر الصديق. وذكر المهدوي عن علي رضي الله عنه: نزل قوله: "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" فينا لما ارتفعت أصواتنا أنا وجعفر وزيد بن حارثة، نتنازع ابنة حمزة لما جاء بها زيد من مكة، فقضى بها رسول الله لجعفر، لأن خالتها عنده... وفي الصحيحين عن أنس بن مالك أن النبي افتقد ثابت بن قيس فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه، فقال له: ما شأنك؟ فقال: شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي فقد حبط عمله وهو من أهل النار. فأتى الرجل النبي فأخبره أنه قال كذا وكذا. فقال موسى: فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: (اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة) (لفظ البخاري) وثابت هذا هو ثابت بن قيس بن شماس الخزرجي يكنى أبا محمد بابنه محمد. وقيل: أبا عبدالرحمن. قتل له يوم الحرة ثلاثة من الولد: محمد، ويحيى، وعبدالله. وكان خطيبا بليغا معروفا بذلك، كان يقال له خطيب رسول الله ، كما يقال لحسان شاعر رسول الله . ولما قدم وفد تميم على رسول الله وطلبوا المفاخرة قام خطيبهم فافتخر، ثم قام ثابت بن قيس فخطب خطبة بليغة جزلة فغلبهم، وقام شاعرهم وهوالأقرع بن حابس فأنشد: أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا إذا خلفونا عند ذكر المكــارم وإنا رؤوس الناس من كل معشر وأن ليس في أرض الحجاز كدارم وإن لنا المرباع في كــل غارة تكون بنجد أو بأرض التـهـائم فقام حسان فقال: بني دارم لا تفخروا إن فخركم يعود وبالا عند ذكر المكارم هبلتم علينا تفخرون وأنتم لنـا *** من بين ظئر وخـادم في أبيات لهما. فقالوا: خطيبهم أخطب من خطيبنا، وشاعرهم أشعر من شاعرنا، فارتفعت أصواتهم فأنزل الله تعالى: "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول". وقال عطاء الخراساني: حدثتني ابنة ثابت بن قيس قالت: لما نزلت: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" الآية، دخل أبوها بيته وأغلق عليه بابه، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه يسأله ما خبره، فقال: أنا رجل شديد الصوت، أخاف أن يكون حبط عملي. فقال عليه السلام: (لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير). قال: ثم أنزل الله: "إن الله لا يحب كل مختال فخور" [لقمان: 18] فأغلق بابه وطفق يبكي، ففقده النبي فأرسل إليه فأخبره، فقال: يا رسول الله، إني أحب الجمال وأحب أن أسود قومي. فقال: [لست منهم بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة]. قالت: فلما كان يوم اليمامة خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة فلما التقوا انكشفوا، فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيقة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله ، ثم حفر كل واحد منهما له حفرة فثبتا وقاتلا حتى قتلا، وعلى ثابت يومئذ درع له نفيسة، فمر به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم أتاه ثابت في منامه فقال له : أوصيك بوصية، فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستن في طوله، وقد كفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رحل، فأت خالدا فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها، وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله - يعني أبا بكر - فقل له: إن علي من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق وفلان، فأتى الرجل خالدا فأخبره، فبعث إلى الدرع فأتى بها وحدث أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته. قال: ولا نعلم أحدا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت، رحمه الله، ذكره أبو عمر في الاستيعاب. قوله تعالى: "ولا تجهروا له بالقول" أي لا تخاطبوه: يا محمد، ويا أحمد. ولكن: يا نبي الله، ويا رسول الله، توقيرا له. وقيل: كان المنافقون يرفعون أصواتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم، ليقتدي بهم ضعفة المسلمين فنهي المسلمون عن ذلك. وقيل: "لا تجهروا له" أي لا تجهروا عليه، كما يقال: سقط لفيه، أي على فيه - "كجهر بعضكم لبعض" الكاف كاف التشبيه في محل النصب، أي لا تجهروا له جهرا مثل جهر بعضكم لبعض. وفي هذا دليل على أنهم لم ينهوا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم إلا أن يكلموه بالهمس والمخافتة، وإنما نهوا عن جهر مخصوص مقيد بصفة، أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منه فيما بينهم، وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها وانحطاط سائر الرتب وإن جلت عن رتبتها. "لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون" أي من أجل أن تحبط، أي تبطل، هذا قول البصريين. وقال الكوفيون: أي لئلا تحبط أعمالكم. معنى الآية الأمر بتعظيم رسول الله r وتوقيره، وخفض الصوت بحضرته وعند مخاطبته، أي إذا نطق ونطقتم فعليكم ألا تبلغوا بأصواتكم وراء الحد الذي يبلغه بصوته، وأن تغضوا منها بحيث يكون كلامه غالبا لكلامكم، وجهره باهرا لجهركم، حتى تكون مزيته عليكم لائحة، وسابقته واضحة، وامتيازه عن جمهوركم كشية الأبلق. لا أن تغمروا صوته بلغطكم، وتبهروا منطقه بصخبكم. وفي قراءة ابن مسعود "لا ترفعوا بأصواتكم". وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره عليه السلام. وكره بعض العلماء رفع الصوت في مجالس العلماء تشريفا لهم، إذ هم ورثة الأنبياء. قال القاضي أبو بكر بن العربي: حرمة النبي r ميتا كحرمته حيا، وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثال كلامه المسموع من لفظه، فإذا قرئ كلامه، وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يعرض عنه، كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به. وقد نبه الله سبحانه على دوام الحرمة المذكورة على مرور الأزمنة بقوله تعالى: "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا" [الأعراف: 204]. وكلامه r من الوحي، وله من الحكمة مثل ما للقرآن، إلا معاني مستثناة، بيانها في كتب الفقه. ليس الغرض برفع الصوت ولا الجهر ما يقصد به الاستخفاف والاستهانة، لأن ذلك كفر والمخاطبون مؤمنون. وإنما الغرض صوت هو في نفسه والمسموع من جَرْسِه غير مناسب لما يهاب به العظماء ويوقر الكبراء، فيتكلف الغض منه ورده إلى حد يميل به إلى ما يستبين فيه المأمور به من التعزير والتوقير. ولم يتناول النهي أيضا رفع الصوت الذي يتأذى به رسول الله r ، وهو ما كان منهم في حرب أو مجادلة معاند أو إرهاب عدو أو ما أشبه ذلك، ففي الحديث أنه قال عليه السلام للعباس بن عبدالمطلب لما انهزم الناس يوم حنين: (اصرخ بالناس)، وكان العباس أجهر الناس صوتا. يروى أن غارة أتتهم يوما فصاح العباس: يا صاحباه فأسقطت الحوامل لشدة صوته، وفيه يقول نابغة بني جعدة: زجر أبي عروة السباع إذا أشفق أن يختلطن بالغنم زعمت الرواة أنه كان يزجر السباع عن الغنم فيفتق مرارة السبع في جوفه. قال الزجاج: "أن تحبط أعمالكم" التقدير لأن تحبط، أي فتحبط أعمالكم، فاللام المقدرة لام الصيرورة وليس قوله: "أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون" بموجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم، فكما لا يكون الكافر مؤمنا إلا باختياره الإيمان على الكفر، كذلك لا يكون المؤمن كافرا من حيث لا يقصد إلى الكفر ولا يختاره بإجماع. كذلك لا يكون الكافر كافرا من حيث لا يعلم. الآية: 3 {إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم} قوله تعالى: "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله" أي يخفضون أصواتهم عنده إذا تكلموا إجلالا له، أو كلموا غيره بين يديه إجلالا له. قال أبو هريرة: لما نزلت "لا ترفعوا أصواتكم" قال أبو بكر رضي الله عنه: والله لا أرفع صوتي إلا كأخي السرار. وذكر سنيد قال: حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال: لما نزلت: "لا تقدموا بين يدي الله ورسوله" [الحجرات: 1] قال أبو بكر: والذي بعثك بالحق لا أكلمك بعد هذا إلا كأخي السرار. وقال عبدالله بن الزبير: لما نزلت: "لا ترفعوا أصواتكم" ما حدث عمر عند النبي rبعد ذلك فسمع كلامه حتى يستفهمه مما يخفض، فنزلت: "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى". قال الفراء: أي أخلصها للتقوى. وقال الأخفش: أي اختصها للتقوى. وقال ابن عباس: "امتحن الله قلوبهم للتقوى" طهرهم من كل قبيح، وجعل في قلوبهم الخوف من الله والتقوى. وقال عمر رضي الله عنه: أذهب عن قلوبهم الشهوات. والامتحان افتعال من محنت الأديم محنا حتى أوسعته. فمعنى أمتحن الله قلوبهم للتقوى وسعها وشرحها للتقوى. وعلى الأقوال المتقدمه: امتحن قلوبهم فأخلصها، كقولك: امتحنت الفضة أي اختبرتها حتى خلصت. ففي الكلام حذف يدل عليه الكلام، وهو الإخلاص. وقال أبو عمرو: كل شيء جهدته فقد محنته. وأنشد: أتت رذايا باديا كلالهــا قد محنت واضطربت آطالها "لهم مغفرة وأجر عظيم". الآية: 4 {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون} قوله تعالى: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات" قال مجاهد وغيره: نزلت في أعراب بني تميم، قدم الوفد منهم على النبي r، فدخلوا المسجد ونادوا النبي r من وراء حجرته أن اخرج إلينا، فإن مدحنا زين وذمنا شين. وكانوا سبعين رجلا قدموا الفداء ذراري لهم، وكان النبي r نام للقائلة. وروي أن الذي نادي الأقرع بن حابس، وأنه القائل: إن مدحي زين وإن ذمي شين، فقال النبي r: [ذاك الله]. ذكره الترمذي عن البراء بن عازب أيضا. وروى زيد بن أرقم فقال: أتى أناس النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل، فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس باتباعه، وإن يكن ملكا نعش في جنابه. فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه وهو في حجرته: يا محمد، يا محمد، فأنزل الله تعالى هذه الآية. قيل: إنهم كانوا من بني تميم. قال مقاتل كانوا تسعة عشر: قيس بن عاصم، والزبرقان بن بدر، والأقرع بن حابس، وسويد بن هاشم، وخالد بن مالك، وعطاء بن حابس، والقعقاع بن معبد، ووكيع بن وكيع، وعيينة بن حصن وهو الأحمق المطاع، وكان من الجرارين يجر عشرة آلاف قناة، أي يتبعه، وكان اسمه حذيفة وسمي عيينة لشتركان في عينيه ذكر عبدالرزاق في عيينة هذا: أنه الذي نزل فيه "ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا" [الكهف: 28]. ... ذكره البخاري. وروي أنهم وفدوا وقت الظهيرة ورسول الله r راقد، فجعلوا ينادونه: يا محمد يا محمد، أخرج إلينا، فاستيقظ وخرج، ونزلت. وسئل رسول الله r فقال: [هم جفاة بني تميم لولا أنهم من أشد الناس قتالا للأعور الدجال لدعوت الله عليهم أن يهلكهم]. والحجرات جمع الحجرة، كالغرفات جمع غرفة، والظلمات جمع ظلمة. وقيل: الحجرات جمع الحجر، والحجر جمع حجرة، فهو جمع الجمع. وفيه لغتان: ضم الجيم وفتحها. قال: ولما رأونا باديا ركباتنا على موطن لا نخلط الجد بالهزل والحجرة: الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها. وحظيرة الإبل تسمى الحجرة، وهي فعلة بمعنى مفعولة. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع "الحجرات" بفتح الجيم استثقالا للضمتين. وقرئ "الحجرات" بسكون الجيم تخفيفا. وأصل الكلمة المنع. وكل ما منعت أن يوصل إليه فقد حجرت عليه. ثم يحتمل أن يكون المنادي بعضا من الجملة فلهذا قال: "أكثرهم لا يعقلون" أي إن الذين ينادونك من جملة قوم الغالب عليهم الجهل. الآية: 5 {ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم} أي لو انتظروا خروجك لكان أصلح في دينهم ودنياهم. وكان r لا يحتجب عن الناس إلا في أوقات يشتغل فيهما بمهمات نفسه، فكان إزعاجه في تلك الحالة من سوء الأدب وقيل: كانوا جاؤوا شفعاء في أساري بني عنبر فأعتق رسول الله rنصفهم، وفادي على النصف. ولو صبروا لأعتق جميعهم بغير فداء. "والله غفور رحيم". |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
المختار, المصطفى, النبى, ابا القاسم |
|
|