|
#1
|
||||
|
||||
|
#2
|
||||
|
||||
|
#3
|
||||
|
||||
تفسير سورة الزمر
{1} تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ سُورَة الزُّمَر [ مَكِّيَّة إلَّا الْآيَات 52 و53 و54 فَمَدَنِيَّة وَآيَاتهَا 75 نَزَلَتْ بَعْد سَبَأ ] "تَنْزِيل الْكِتَاب" الْقُرْآن مُبْتَدَأ "مِنَ اللَّه" خَبَره "الْعَزِيز" فِي مُلْكه "الْحَكِيم" فِي صُنْعه {2} إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ "إنَّا أَنْزَلْنَا إلَيْك" يَا مُحَمَّد "الْكِتَاب بِالْحَقِّ" مُتَعَلِّق بِأَنْزَل "فَاعْبُدِ اللَّه مُخْلِصًا لَهُ الدِّين" مِنْ الشِّرْك : أَيْ مُوَحِّدًا لَهُ {3} أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ "أَلَا لِلَّهِ الدِّين الْخَالِص" لَا يَسْتَحِقّهُ غَيْره "وَاَلَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونه" عِبَادَة الْأَصْنَام "أَوْلِيَاء" وَهُمْ كُفَّار مَكَّة قَالُوا : "مَا نَعْبُدهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّه زُلْفَى" قُرْبَى مَصْدَر بِمَعْنَى تَقْرِيبًا "إنَّ اللَّه يَحْكُم بَيْنهمْ" وَبَيْن الْمُسْلِمِينَ "فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" مِنْ أَمْر الدِّين فَيَدْخُل الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّة وَالْكَافِرِينَ النَّار "إنَّ اللَّه لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِب" فِي نِسْبَة الْوَلَد إلَيْهِ "كُفَّار" بِعِبَادَتِهِ غَيْر اللَّه {4} لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ "لَوْ أَرَادَ اللَّه أَنْ يَتَّخِذ وَلَدًا" كَمَا قَالُوا : "اتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا" "لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُق مَا يَشَاء" وَاِتَّخَذَهُ وَلَدًا غَيْر مَنْ قَالُوا مِنْ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه وَعُزَيْر ابْن اللَّه وَالْمَسِيح ابْن اللَّه "سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ اتِّخَاذ الْوَلَد "هُوَ اللَّه الْوَاحِد الْقَهَّار" لِخَلْقِهِ {5} خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ "خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ" مُتَعَلِّق بخَلَقَ "يُكَوِّر" يُدْخِل "اللَّيْل عَلَى النَّهَار" فَيَزِيد "وَيُكَوِّر النَّهَار" يُدْخِلهُ "عَلَى اللَّيْل" فَيَزِيد "وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر كُلّ يَجْرِي" فِي فُلْكه "لِأَجَلٍ مُسَمَّى" لِيَوْمِ الْقِيَامَة "أَلَا هُوَ الْعَزِيز" الْغَالِب عَلَى أَمْره الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ "الْغَفَّار" لِأَوْلِيَائِهِ |
#4
|
||||
|
||||
الزمر
{6} خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ "خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة" أَيْ آدَم "ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجهَا" حَوَّاء "وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَام" الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم الضَّأْن وَالْمَعْز "ثَمَانِيَة أَزْوَاج" مِنْ كُلٍّ زَوْجَانِ ذَكَر وَأُنْثَى كَمَا بَيَّنَ فِي سُورَة الْأَنْعَام "يَخْلُقكُمْ فِي بُطُون أُمَّهَاتكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْد خَلْق" أَيْ نُطَفًا ثُمَّ عُلَقًا ثُمَّ مُضَغًا "فِي ظُلُمَات ثَلَاث" هِيَ ظُلْمَة الْبَطْن وَظُلْمَة الرَّحِم وَظُلْمَة الْمَشِيمَة "ذَلِكُمُ اللَّه رَبّكُمْ لَهُ الْمُلْك لَا إلَه إلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ" عَنْ عِبَادَته إلَى عِبَادَة غَيْره {7} إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ "إنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّه غَنِيّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْر" وَإِنْ أَرَادَهُ مِنْ بَعْضهمْ "وَإِنْ تَشْكُرُوا" اللَّه فَتُؤْمِنُوا "يَرْضَهْ" بِسُكُونِ الْهَاء وَضَمّهَا مَعَ إشْبَاع وَدُونه : أَيْ الشُّكْر "لَكُمْ وَلَا تَزِر" نَفْس "وَازِرَة وِزْر" نَفْس "أُخْرَى" أَيْ لَا تَحْمِلهُ "ثُمَّ إلَى رَبّكُمْ مَرْجِعكُمْ فَيُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إنَّهُ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور" بِمَا فِي الْقُلُوب {8} وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ "وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ" أَيْ الْكَافِرَ "ضُرٌّ دَعَا رَبّه" تَضَرَّعَ "مُنِيبًا" رَاجِعًا "إلَيْهِ ثُمَّ إذَا خَوَّلَهُ نِعْمَة" أَعْطَاهُ إنْعَامًا "مِنْهُ نَسِيَ" تَرَكَ "مَا كَانَ يَدْعُو" مَا فِي مَوْضِع مَنْ يَتَضَرَّع "إلَيْهِ مِنْ قَبْل" وَهُوَ اللَّه "وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا" شُرَكَاء "لِيُضِلّ" بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمّهَا "عَنْ سَبِيله" دِين الْإِسْلَام "قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِك قَلِيلًا" بَقِيَّة أَجَلك {9} أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ "أَمَّنْ" بِتَخْفِيفِ الْمِيم وَفِي قِرَاءَة أَمْ مَنْ فَأَمْ بِمَعْنَى بَلْ وَالْهَمْزَة "هُوَ قَانِت" قَائِم بِوَظَائِف الطَّاعَات "آنَاء اللَّيْل" سَاعَاته "سَاجِدًا وَقَائِمًا" فِي الصَّلَاة "يَحْذَر الْآخِرَة" أَيْ يَخَاف عَذَابهَا "وَيَرْجُو رَحْمَة" جَنَّة "رَبّه" كَمَنْ هُوَ عَاصٍ بِالْكُفْرِ أَوْ غَيْره "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" أَيْ لَا يَسْتَوِيَانِ كَمَا لَا يَسْتَوِي الْعَالِم وَالْجَاهِل "إنَّمَا يَتَذَكَّر" يَتَّعِظ "أُولُو الْأَلْبَاب" أَصْحَاب الْعُقُول {10} قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ "قُلْ يَا عِبَاد الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبّكُمْ" أَيْ عَذَابه بِأَنْ تُطِيعُوهُ "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا" بِالطَّاعَةِ "حَسَنَة" هِيَ الْجَنَّة "وَأَرْض اللَّه وَاسِعَة" فَهَاجِرُوا إلَيْهَا مِنْ بَيْن الْكُفَّار وَمُشَاهَدَة الْمُنْكَرَات "إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ" عَلَى الطَّاعَة وَمَا يُبْتَلَوْنَ بِهِ "أَجْرهمْ بِغَيْرِ حِسَاب" بِغَيْرِ مِكْيَال وَلَا مِيزَان |
#5
|
||||
|
||||
الزمر
{11} قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ "قُلْ إنِّي أُمِرْت أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّين" مِنَ الشِّرْك {12} وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ "وَأُمِرْت لِأَنْ" أَيْ بِأَنْ "أَكُونَ أَوَّل الْمُسْلِمِينَ" مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة {14} قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي "قُلِ اللَّه أَعْبُد مُخْلِصًا لَهُ دِينِي" مِنَ الشِّرْك {15} فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ "فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونه" غَيْره فِيهِ تَهْدِيد لَهُمْ وَإِيذَان بِأَنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّه تَعَالَى "قُلْ إنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْم الْقِيَامَة" بِتَخْلِيدِ الْأَنْفُس فِي النَّار وَبِعَدَمِ وُصُولهمْ إلَى الْحُور الْمُعَدَّة لَهُمْ فِي الْجَنَّة لَوْ آمَنُوا "أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخَسْرَان الْمُبِين" الْبَيِّن {16} لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ "لَهُمْ مِنْ فَوْقهمْ ظُلَل" طِبَاق "مِنَ النَّار وَمِنْ تَحْتهمْ ظُلَل" مِنَ النَّار "ذَلِكَ يُخَوِّف اللَّه بِهِ عِبَاده" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ لِيَتَّقُوهُ يَدُلّ عَلَيْهِ {17} وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِي "وَاَلَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوت" الْأَوْثَان "أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا" أَقْبَلُوا "إلَى اللَّه لَهُمُ الْبُشْرَى" بِالْجَنَّةِ {18} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْل فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ" وَهُوَ مَا فِيهِ صَلَاحهمْ "أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّه وَأُولَئِكَ هُمُ أُولُو الْأَلْبَاب" أَصْحَاب الْعُقُول {19} أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ "أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَة الْعَذَاب" أَيْ : "لَأَمْلَأَن جَهَنَّم" الْآيَة "أَفَأَنْتَ تُنْقِذ" تُخْرِج "مَنْ فِي النَّار" جَوَاب الشَّرْط وَأُقِيمَ فِيهِ الظَّاهِر مَقَام الْمُضْمَر وَالْهَمْزَة لِلْإِنْكَارِ وَالْمَعْنَى لَا تَقْدِر عَلَى هِدَايَته فَتُنْقِذهُ مِنْ النَّار {20} لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ "لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقُوا رَبّهمْ" بِأَنْ أَطَاعُوهُ "لَهُمْ غُرَف مِنْ فَوْقهَا غُرَف مَبْنِيَّة تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار" أَيْ مِنْ تَحْت الْغُرَف الْفَوْقَانِيَّة وَالتَّحْتَانِيَّة "وَعْد اللَّه" مَنْصُوب بِفِعْلِهِ الْمُقَدَّر "لَا يُخْلِف اللَّه الْمِيعَاد" وَعْده {21} أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ "أَلَمْ تَرَ" تَعْلَم "أَنَّ اللَّه أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيع" أَدْخَلَهُ أَمْكِنَة نَبْع "فِي الْأَرْض ثُمَّ يُخْرِج بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانه ثُمَّ يَهِيج" يَيْبَس "فَتَرَاهُ" بَعْد الْخُضْرَة مَثَلًا "مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلهُ حُطَامًا" فُتَاتًا "إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى" تَذْكِيرًا "لِأُولِي الْأَلْبَاب" يَتَذَكَّرُونَ بِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى وَحْدَانِيَّة اللَّه تَعَالَى وَقُدْرَته |
#6
|
||||
|
||||
الزمر
{22} أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّه صَدْره لِلْإِسْلَامِ" فَاهْتَدَى "فَهُوَ عَلَى نُور مِنْ رَبّه" كَمَنْ طُبِعَ عَلَى قَلْبه دَلَّ عَلَى هَذَا "فَوَيْل" كَلِمَة عَذَاب "لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبهمْ مِنْ ذِكْر اللَّه" أَيْ عَنْ قَبُول الْقُرْآن "أُولَئِكَ فِي ضَلَال مُبِين" بَيِّن {23} اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ "اللَّه نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيث كِتَابًا" بَدَل مِنْ أَحْسَن أَيْ قُرْآنًا "مُتَشَابِهًا" أَيْ يُشْبِه بَعْضه بَعْضًا فِي النَّظْم وَغَيْره "مَثَانِيَ" ثُنِيَ فِيهِ الْوَعْد وَالْوَعِيد وَغَيْرهمَا "تَقْشَعِرّ مِنْهُ" تَرْتَعِد عِنْد ذِكْر وَعِيده "جُلُود الَّذِينَ يَخْشَوْنَ" يَخَافُونَ "رَبّهمْ ثُمَّ تَلِينَ" تَطْمَئِنّ "جُلُودهمْ وَقُلُوبهمْ إلَى ذِكْر اللَّه" أَيْ عِنْد ذِكْر وَعْده "ذَلِكَ" أَيْ الْكِتَاب {24} أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ "أَفَمَنْ يَتَّقِي" يَلْقَى "بِوَجْهِهِ سُوء الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة" أَيْ أَشَدّه بِأَنْ يُلْقَى فِي النَّار مَغْلُولَة يَدَاهُ إلَى عُنُقه كَمَنْ أَمِنَ مِنْهُ بِدُخُولِ الْجَنَّة "وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ" أَيْ كُفَّار مَكَّة "ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ" أَيْ جَزَاءَهُ {25} كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ "كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ" رُسُلهمْ فِي إتْيَان الْعَذَاب "فَأَتَاهُمُ الْعَذَاب مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ" مِنْ جِهَة لَا تَخْطِر بِبَالِهِمْ {26} فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ "فَأَذَاقَهُمْ اللَّه الْخِزْي" الذُّلّ وَالْهَوَان مِنْ الْمَسْخ وَالْقَتْل وَغَيْره "فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَعَذَاب الْآخِرَة أَكْبَر لَوْ كَانُوا" أَيْ الْمُكَذِّبُونَ "يَعْلَمُونَ" عَذَابهَا مَا كَذَّبُوا {27} وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ "وَلَقَدْ ضَرَبْنَا" جَعَلْنَا "لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآن مِنْ كُلّ مَثَل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" يَتَّعِظُونَ {28} قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ "قُرْآنًا عَرَبِيًّا" حَال مُؤَكِّدَة "غَيْر ذِي عِوَج" أَيْ لَبْس وَاخْتِلَاف "لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" الْكُفْر {29} ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ "ضَرَبَ اللَّه" لِلْمُشْرِكِ وَالْمُوَحِّد "مَثَلًا رَجُلًا" بَدَل مِنْ مَثَلًا "فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ" مُتَنَازِعُونَ سَيِّئَة أَخْلَاقهمْ "وَرَجُلًا سَلَمًا" خَالِصًا "لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا" تَمْيِيز : أَيْ لَا يَسْتَوِي الْعَبْد لِجَمَاعَةٍ وَالْعَبْد لِوَاحِدٍ فَإِنَّ الْأَوَّل إذَا طَلَبَ مِنْهُ كُلّ مِنْ مَالِكَيْهِ خِدْمَته فِي وَقْت وَاحِد تَحَيَّرَ فِيمَنْ يَخْدُمهُ مِنْهُمْ وَهَذَا مَثَل لِلْمُشْرِكِ وَالثَّانِي مَثَل لِلْمُوَحِّدِ "الْحَمْد لِلَّهِ" وَحْده "بَلْ أَكْثَرهمْ" أَيْ أَهْل مَكَّة "لَا يَعْلَمُونَ" مَا يَصِيرُونَ إلَيْهِ مِنْ الْعَذَاب فَيُشْرِكُونَ {30} إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ "إنَّك" خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَيِّت وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" سَتَمُوتُ وَيَمُوتُونَ فَلَا شَمَاتَة بِالْمَوْتِ نَزَلَتْ لَمَّا اسْتَبْطَئُوا مَوْته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {31} ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ "ثُمَّ إنَّكُمْ" أَيّهَا النَّاس فِيمَا بَيْنكُمْ مِنْ الْمَظَالِم |
#7
|
||||
|
||||
الزمر
{32} فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ "فَمَنْ" أَيْ لَا أَحَد "أَظْلَم مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّه" بِنِسْبَةِ الشَّرِيك وَالْوَلَد إلَيْهِ "وَكَذَّبَ بِالصَّدْقِ" بِالْقُرْآنِ "إذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مَثْوًى" مَأْوًى "لِلْكَافِرِينَ" بَلَى {33} وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ "وَاَلَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ" هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَصَدَّقَ بِهِ" هُمْ الْمُؤْمِنُونَ فَاَلَّذِي بِمَعْنَى الَّذِينَ "أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" الشِّرْك {34} لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ "لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْد رَبّهمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ" لِأَنْفُسِهِمْ بِإِيمَانِهِمْ {35} لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ "لِيُكَفِّر اللَّه عَنْهُمْ أَسْوَأ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرهمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ" أَسْوَأ وَأَحْسَن بِمَعْنَى السَّيِّئ وَالْحَسَن {36} أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ "أَلَيْسَ اللَّه بِكَافٍ عَبْده" أَيْ النَّبِيّ, بَلَى "وَيُخَوِّفُونَك" الْخِطَاب لَهُ "بِاَلَّذِينَ مِنْ دُونه" أَيْ الْأَصْنَام أَنْ تَقْتُلهُ أَوْ تَخْبِلهُ {37} وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ "وَمَنْ يَهْدِ اللَّه فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلّ أَلَيْسَ اللَّه بِعَزِيزٍ" غَالِب عَلَى أَمْره "ذِي انْتِقَام" مِنْ أَعْدَائِهِ ؟ بَلَى {38} وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ "وَلَئِنْ" لَام قَسَم "سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيَقُولُنَّ اللَّه قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ" تَعْبُدُونَ "مِنْ دُون اللَّه" أَيْ الْأَصْنَام "إنْ أَرَادَنِي اللَّه بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَات ضُرّه" لَا "أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَات رَحْمَته" لَا وَفِي قِرَاءَة بِالْإِضَافَةِ فِيهِمَا "قُلْ حَسْبِيَ اللَّه عَلَيْهِ يَتَوَكَّل الْمُتَوَكِّلُونَ" يَثِق الْوَاثِقُونَ {39} قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ "قُلْ يَا قَوْم اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتكُمْ" حَالَتكُمْ "إنِّي عَامِل" عَلَى حَالَتِي {40} مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ "مَنْ" مَوْصُولَة مَفْعُول الْعِلْم "يَأْتِيه عَذَاب يُخْزِيه وَيَحِلّ" يَنْزِل "عَلَيْهِ عَذَاب مُقِيم" دَائِم هُوَ عَذَاب النَّار وَقَدْ أَخْزَاهُمْ اللَّه بِبَدْرٍ |
#8
|
||||
|
||||
الزمر
{41} إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ "إنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ" مُتَعَلِّق بِأَنْزَلَ "فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ" اهْتِدَاؤُهُ "وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ" فَتُجْبِرهُمْ عَلَى الْهُدَى {42} اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ يَتَوَفَّى "الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامهَا" أَيْ يَتَوَفَّاهَا وَقْت النَّوْم "فَيُمْسِك الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسِل الْأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى" أَيْ وَقْت مَوْتهَا وَالْمُرْسَلَة نَفْس التَّمْيِيز تَبْقَى بِدُونِهَا نَفْس الْحَيَاة بِخِلَافِ الْعَكْس "إنَّ فِي ذَلِكَ" الْمَذْكُور "لَآيَات" دَلَالَات "لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الْقَادِر عَلَى ذَلِكَ قَادِر عَلَى الْبَعْث وَقُرَيْش لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي ذَلِكَ {43} أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ "أَمْ" بَلْ "اتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه" أَيْ الْأَصْنَام آلِهَة "شُفَعَاء" عِنْد اللَّه بِزَعْمِهِمْ "قُلْ" لَهُمْ "أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا" يَشْفَعُونَ مِنْ الشَّفَاعَة وَغَيْرهَا "وَلَا يَعْقِلُونَ" أَنَّكُمْ تَعْبُدُونَهُمْ وَلَا غَيْر ذَلِكَ ؟ لَا {44} قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَة جَمِيعًا" أَيْ هُوَ مُخْتَصّ بِهَا فَلَا يَشْفَع أَحَد إلَّا بِإِذْنِهِ {45} وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ "وَإِذَا ذُكِرَ اللَّه وَحْده" أَيْ دُون آلِهَتهمْ "اشْمَأَزَّتْ" نَفَرَتْ وَانْقَبَضَتْ "قُلُوب الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونه" أَيْ الْأَصْنَام {46} قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ "قُلْ اللَّهُمَّ" بِمَعْنَى يَا اللَّه "فَاطِر السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مُبْدِعهمَا "عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة" مَا غَابَ وَمَا شُوهِدَ "أَنْتَ تَحْكُم بَيْن عِبَادك فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" مِنْ أَمْر الدِّين اهْدِنِي لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقّ {47} وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ "وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا وَمِثْله مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوء الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة وَبَدَا" ظَهَرَ "لَهُمْ مِنَ اللَّه مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ" يَظُنُّونَ |
#9
|
||||
|
||||
الزمر
{48} وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ "وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَات مَا كَسَبُوا وَحَاقَ" نَزَلَ "بِهِمْ مَا كَانُوا به يَسْتَهْزِئُونَ" أَيْ الْعَذَاب {49} فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ "فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ" الْجِنْس "ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ خَوَّلْنَاهُ" أَعْطَيْنَاهُ "نِعْمَة" إنْعَامًا "مِنَّا قَالَ إنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم" مِنْ اللَّه بِأَنِّي لَهُ أَهْل "بَلْ هِيَ" أَيْ الْقَوْلَة "فِتْنَة" بَلِيَّة يُبْتَلَى بِهَا الْعَبْد "وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ لَا يَعْلَمُونَ" أَنَّ التَّخْوِيل اسْتِدْرَاج وَامْتِحَان {50} قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ" مِنْ الْأُمَم كقَارُون وَقَوْمه الرَّاضِينَ بِهَا {51} فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ "فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَات مَا كَسَبُوا" أَيْ جَزَاؤُهَا "وَاَلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ" أَيْ قُرَيْش "سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَات مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ" بِفَائِتِينَ عَذَابنَا فَقُحِطُوا سَبْع سِنِينَ ثُمَّ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ {52} أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "أَوَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق" يُوَسِّعهُ "لِمَنْ يَشَاء" امْتِحَانًا "وَيَقْدِر" يُضَيِّقهُ لِمَنْ يَشَاء ابْتِلَاء "إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" بِهِ {53} قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ لَا تَقْنَطُوا" بِكَسْرِ النُّون وَفَتْحهَا وَقُرِئَ بِضَمِّهَا تَيْأَسُوا "مِنْ رَحْمَة اللَّه إنَّ اللَّه يَغْفِر الذُّنُوب جَمِيعًا" لِمَنْ تَابَ مِنْ الشِّرْك {54} وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ "وَأَنِيبُوا" ارْجِعُوا "إلَى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُوا" أَخْلِصُوا الْعَمَل "لَهُ مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيكُمْ الْعَذَاب ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ" بِمَنْعِهِ إنْ لَمْ تَتُوبُوا {55} وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ "وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبّكُمْ" هُوَ الْقُرْآن "مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيكُمْ الْعَذَاب بَغْتَة وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" قَبْل إتْيَانه بِوَقْتِهِ {56} أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ فَبَادِرُوا قَبْل "أَنْ تَقُول نَفْس يَا حَسْرَتَى" أَصْله يَا حَسْرَتِي أَيْ نَدَامَتِي "عَلَى مَا فَرَّطْت فِي جَنْب اللَّه" أَيْ طَعَته "وَإِنْ" مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة أَيْ وَإِنِّي "كُنْت لَمِنَ السَّاخِرِينَ" بِدِينِهِ وَكِتَابه |
#10
|
||||
|
||||
الزمر
{57} أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ "أَوْ تَقُول لَوْ أَنَّ اللَّه هَدَانِي" بِالطَّاعَةِ فَاهْتَدَيْت "لَكُنْت مِنَ الْمُتَّقِينَ" عَذَابه {58} أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ "أَوْ تَقُول حِين تَرَى الْعَذَاب لَوْ أَنَّ لِي كَرَّة" رَجْعَة إلَى الدُّنْيَا "فَأَكُون مِنَ الْمُحْسِنِينَ" الْمُؤْمِنِينَ فَيُقَال لَهُ مِنْ قِبَل اللَّه : {59} بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ "بَلَى قَدْ جَاءَتْك آيَاتِي" الْقُرْآن وَهُوَ سَبَب الْهِدَايَة "فَكَذَّبْت بِهَا وَاسْتَكْبَرْت" تَكَبَّرْت عَنْ الْإِيمَان بِهَا {60} وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ "وَيَوْم الْقِيَامَة تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّه" بِنِسْبَةِ الشَّرِيك وَالْوَلَد إلَيْهِ "وُجُوههمْ مُسَوَّدَة أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مَثْوًى" مَأْوًى "لِلْمُتَكَبِّرِينَ" عَنْ الْإِيمَان ؟ بَلَى {61} وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "وَيُنَجِّي اللَّه" مِنْ جَهَنَّم "الَّذِينَ اتَّقَوْا" الشِّرْك "بِمَفَازَتِهِمْ" أَيْ بِمَكَانِ فَوْزهمْ مِنْ الْجَنَّة بِأَنْ يُجْعَلُوا فِيهِ {62} اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ "اللَّه خَالِقُ كُلّ شَيْء وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء وَكِيل" مُتَصَرِّف فِيهِ كَيْفَ يَشَاء {63} لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ "لَهُ مَقَالِيد السَّمَاوَات وَالْأَرْض" أَيْ مَفَاتِيح خَزَائِنهمَا مِنْ الْمَطَر وَالنَّبَات وَغَيْرهمَا "وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّه" الْقُرْآن "أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" مُتَّصِل بِقَوْلِهِ : "وَيُنَجِّي اللَّه الَّذِينَ اتَّقُوا" إلَخْ وَمَا بَيْنهمَا اعْتِرَاض {64} قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ "قُلْ أَفَغَيْر اللَّه تَأْمُرُونِّي أَعْبُد أَيّهَا الْجَاهِلُونَ" غَيْر مَنْصُوب بِأَعْبُد الْمَعْمُول لِتَأْمُرُونِّي بِتَقْدِيرِ أَنْ بِنُونٍ وَاحِدَة وَبِنُونَيْنِ بِإِدْغَامٍ وَفَكّ {65} وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ "وَلَقَدْ أُوحِيَ إلَيْك وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلك" وَاَللَّه "لَئِنْ أَشْرَكْت" يَا مُحَمَّد فَرْضًا {66} بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ " بَلِ اللَّه" وَحْده "فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ" إنْعَامه عَلَيْك {67} وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ "وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره" مَا عَرَفُوهُ حَقّ مَعْرِفَته أَوْ مَا عَظَّمُوهُ حَقّ عَظَمَته حِين أَشْرَكُوا بِهِ غَيْره "وَالْأَرْض جَمِيعًا" حَال : أَيْ السَّبْع "قَبْضَته" أَيْ مَقْبُوضَة لَهُ : أَيْ فِي مُلْكه وَتَصَرُّفه "يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات" مَجْمُوعَات "بِيَمِينِهِ" بِقُدْرَتِهِ "سُبْحَانه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" مَعَهُ |
#11
|
||||
|
||||
الزمر
{68} وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ "وَنُفِخَ فِي الصُّور" النَّفْخَة الْأُولَى "فَصَعِقَ" مَاتَ "مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه" مِنْ الْحُور وَالْوِلْدَان وَغَيْرهمَا "ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ" أَيْ جَمِيع الْخَلَائِق الْمَوْتَى "قِيَام يَنْظُرُونَ" يَنْتَظِرُونَ مَا يُفْعَل بِهِمْ {69} وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ "وَأَشْرَقَتِ الْأَرْض" أَضَاءَتْ "بِنُورِ رَبّهَا" حِين يَتَجَلَّى اللَّه لِفَصْلِ الْقَضَاء "وَوُضِعَ الْكِتَاب" كِتَاب الْأَعْمَال لِلْحِسَابِ "وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء" أَيْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّته يَشْهَدُونَ لِلرُّسُلِ بِالْبَلَاغِ "وَقُضِيَ بَيْنهمْ بِالْحَقِّ" أَيْ الْعَدْل "وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" شَيْئًا {70} وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ "وَوُفِّيَتْ كُلّ نَفْس مَا عَمِلَتْ" أَيْ جَزَاءَهُ "وَهُوَ أَعْلَم" عَالِم "بِمَا يَفْعَلُونَ" فَلَا يَحْتَاج إلَى شَاهِد {71} وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ "وَسِيق الَّذِينَ كَفَرُوا" بِعُنْفٍ "إلَى جَهَنَّم زُمَرًا" جَمَاعَات مُتَفَرِّقَة "حَتَّى إذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابهَا" جَوَاب إذَا "وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُل مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَات رَبّكُمْ" الْقُرْآن وَغَيْره "وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَة الْعَذَاب" أَيْ : "لَأَمْلَأَن جَهَنَّم" الْآيَة {72} قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ "قِيلَ اُدْخُلُوا أَبْوَاب جَهَنَّم خَالِدِينَ فِيهَا" مُقَدِّرِينَ الْخُلُود "فَبِئْسَ مَثْوَى" مَأْوَى "الْمُتَكَبِّرِينَ" جَهَنَّم {73} وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ "وَسِيق الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبّهمْ" بِلُطْفٍ "إلَى الْجَنَّة زُمَرًا حَتَّى إذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابهَا" الْوَاو فِيهِ لِلْحَالِ بِتَقْدِيرِ قَدْ "وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتهَا سَلَام عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ" حَال "فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ" مُقَدِّرِينَ الْخُلُود فِيهَا وَجَوَاب إذَا مُقَدَّر أَيْ دُخُولهَا وَسَوْقهمْ وَفَتْح الْأَبْوَاب قَبْل مَجِيئِهِمْ تَكْرِمَة لَهُمْ وَسَوْق الْكُفَّار وَفَتْح أَبْوَاب جَهَنَّم عِنْد مَجِيئِهِمْ لِيَبْقَى حَرّهَا إلَيْهِمْ إهَانَة لَهُمْ {74} وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ "وَقَالُوا" عُطِفَ عَلَى دُخُولهَا الْمُقَدَّر "الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْده" بِالْجَنَّةِ "وَأَوْرَثَنَا الْأَرْض" أَيْ أَرْض الْجَنَّة "نَتَبَوَّأ" نَنْزِل "مِنْ الْجَنَّة حَيْثُ نَشَاء" لِأَنَّهَا كُلّهَا لَا يُخْتَار فِيهَا مَكَان عَلَى مَكَان "فَنِعْمَ أَجْر الْعَامِلِينَ" الْجَنَّة |
#12
|
||||
|
||||
الزمر
{75} وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "وَتَرَى الْمَلَائِكَة حَافِّينَ" حَال "مِنْ حَوْل الْعَرْش" مِنْ كُلّ جَانِب مِنْهُ "يُسَبِّحُونَ" حَال مِنْ ضَمِير حَافِّينَ "بِحَمْدِ رَبّهمْ" مُلَابِسِينَ لِلْحَمْدِ : أَيْ يَقُولُونَ : سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ "وَقُضِيَ بَيْنهمْ" بَيْن جَمِيع الْخَلَائِق "بِالْحَقِّ" أَيْ الْعَدْل فَيَدْخُل الْمُؤْمِنُونَ الْجَنَّة وَالْكَافِرُونَ النَّار "وَقِيلَ الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ" خَتْم اسْتِقْرَار الْفَرِيقَيْنِ بِالْحَمْدِ مِنْ الْمَلَائِكَة |
#13
|
||||
|
||||
|
#14
|
||||
|
||||
تفسير سورة ص
{1} ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ سُورَة ص [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا 86 أَوْ 88 آيَة نَزَلَتْ بَعْد الْقَمَر ] "ص" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ "وَالْقُرْآن ذِي الذِّكْر" أَيْ الْبَيَان أَوْ الشَّرَف وَجَوَاب هَذَا الْقَسَم مَحْذُوف : أَيْ مَا الْأَمْر كَمَا قَالَ كُفَّار مَكَّة مِنْ تَعَدُّد الْآلِهَة {2} بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ "بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا" مِنْ أَهْل مَكَّة "فِي عِزَّة" حَمِيَّة وَتَكَبُّر عَنْ الْإِيمَان "وَشِقَاق" خِلَاف وَعَدَاوَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {3} كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ "كَمْ" أَيْ كَثِيرًا "أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلهمْ مِنْ قَرْن" أَيْ أُمَّة مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة "فَنَادَوْا" حِين نُزُول الْعَذَاب بِهِمْ "وَلَاتَ حِين مَنَاص" أَيْ لَيْسَ الْحِين حِين فِرَار وَالتَّاء زَائِدَة وَالْجُمْلَة حَال مِنْ فَاعِل نَادَوْا أَيْ اسْتَغَاثُوا وَالْحَال أَنْ لَا مَهْرَب وَلَا مَنْجَى وَمَا اعْتَبَرَ بِهِمْ كُفَّار مَكَّة {4} وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ "وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِر مِنْهُمْ" رَسُول مِنْ أَنْفُسهمْ يُنْذِرهُمْ وَيُخَوِّفهُمْ النَّار بَعْد الْبَعْث وَهُوَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَقَالَ الْكَافِرُونَ" وُضِعَ الظَّاهِر مَوْضِع الْمُضْمَر {5} أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ "أَجَعَلَ الْآلِهَة إلَهًا وَاحِدًا" حَيْثُ قَالَ لَهُمْ قُولُوا : لَا إلَه إلَّا اللَّه أَيْ كَيْفَ يَسَع الْخَلْق كُلّهمْ إلَه وَاحِد "إنَّ هَذَا لَشَيْء عُجَاب" أَيْ عَجِيب {6} وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ "وَانْطَلَقَ الْمَلَأ مِنْهُمْ" مِنْ مَجْلِس اجْتِمَاعهمْ عِنْد أَبِي طَالِب وَسَمَاعهمْ فِيهِ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا : لَا إلَه إلَّا اللَّه "أَنِ امْشُوا" يَقُول بَعْضهمْ لِبَعْضٍ امْشُوا "وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتكُمْ" اُثْبُتُوا عَلَى عِبَادَتهَا "إنَّ هَذَا" الْمَذْكُور مِنْ الْوَحِيد "لَشَيْء يُرَاد" مِنَّا {7} مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ "مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّة الْآخِرَة" أَيْ مِلَّة عِيسَى "إنْ" مَا "هَذَا إلَّا اخْتِلَاق" كَذِب {8} أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ "أَأُنْزِلَ" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَتَرْكه "عَلَيْهِ" عَلَى مُحَمَّد "الذِّكْر" أَيْ الْقُرْآن "مِنْ بَيْننَا" وَلَيْسَ بِأَكْبَرِنَا وَلَا أَشَرَفنَا : أَيْ لَمْ يَنْزِل عَلَيْهِ "بَلْ هُمْ فِي شَكّ مِنْ ذِكْرِي" وَحْيِي أَيْ الْقُرْآن حَيْثُ كَذَّبُوا الْجَائِي بِهِ "بَلْ لَمَّا" لَمْ "يَذُوقُوا عَذَاب" وَلَوْ ذَاقُوهُ لَصَدَّقُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَلَا يَنْفَعهُمْ التَّصْدِيق حِينَئِذٍ {9} أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ "أَمْ عِنْدهمْ خَزَائِن رَحْمَة رَبّك الْعَزِيز" الْغَالِب "الْوَهَّاب" الْوَهَّاب مِنْ النُّبُوَّة وَغَيْرهَا فَيُعْطُونَهَا مَنْ شَاءُوا {10} أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ "أَمْ لَهُمْ مُلْك السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا" إنْ زَعَمُوا ذَلِكَ "فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَاب" الْمُوَصِّلَة إلَى السَّمَاء فَيَأْتُوا بِالْوَحْيِ فَيَخُصُّوا بِهِ مَنْ شَاءُوا وَأَمْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى هَمْزَة الْإِنْكَار {11} جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ "جُنْد مَا" أَيْ هُمْ جُنْد حَقِير "هُنَالِكَ" فِي تَكْذِيبهمْ لَك "مَهْزُوم" صِفَة جُنْد "مِنْ الْأَحْزَاب" صِفَة جُنْد أَيْضًا : أَيْ كَالْأَجْنَادِ مِنْ جِنْس الْأَحْزَاب الْمُتَحَزِّبِينَ عَلَى الْأَنْبِيَاء قَبْلك وَأُولَئِكَ قَدْ قُهِرُوا وَأُهْلِكُوا فَكَذَا نُهْلِك هَؤُلَاءِ {12} كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ "كَذَّبَتْ قَبْلهمْ قَوْم نُوح" تَأْنِيث قَوْم بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى "وَعَادٍ وَفِرْعَوْن ذُو الْأَوْتَاد" كَانَ يُتَّدُ لِكُلِّ مَنْ يَغْضَب عَلَيْهِ أَرْبَعَة أَوْتَاد يُشَدّ إلَيْهَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَيُعَذِّبهُ {13} وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ "وَثَمُود وَقَوْم لُوط وَأَصْحَاب الْأَيْكَة" أَيْ الْغَيْضَة وَهُمْ قَوْم شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام {14} إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ "إنْ" مَا "كُلّ" مِنْ الْأَحْزَاب "إلَّا كَذَّبَ الرُّسُل" لِأَنَّهُمْ إذَا كَذَّبُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ فَقَدْ كَذَّبُوا جَمِيعهمْ لِأَنَّ دَعْوَتهمْ وَاحِدَة وَهِيَ دَعْوَة التَّوْحِيد "فَحَقّ" وَجَبَ {15} وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ "وَمَا يَنْظُر" يَنْتَظِر "هَؤُلَاءِ" أَيْ كُفَّار مَكَّة "إلَّا صَيْحَة وَاحِدَة" هِيَ نَفْخَة الْقِيَامَة تَحِلّ بِهِمْ الْعَذَاب "مَا لَهَا مِنْ فَوَاق" بِفَتْحِ الْفَاء وَضَمّهَا : رُجُوع {16} وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ "وَقَالُوا" لَمَّا نَزَلَ "فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ" إلَخْ "رَبّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطّنَا" أَيْ كِتَاب أَعْمَالنَا "قَبْل يَوْم الْحِسَاب" قَالُوا ذَلِكَ اسْتِهْزَاء |
#15
|
||||
|
||||
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
تفسير, قران |
|
|