|
#1
|
||||
|
||||
مرسي والتوازن في السياسة الخارجية
مرسي والتوازن في السياسة الخارجية على رغم أنّ الرئيس المصري محمّد مرسي تبوأ منصبه منذ 30 حزيران (يونيو) أي منذ نحو شهرين فقط، فقد قام بمبادرات جريئة في السياسة الخارجية قد تضعه في مواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. ومن الواضح أنّه مستعدّ لهذه المجازفة. يقضي هدفه على ما يبدو باستعادة قدر من الاستقلال من الوصاية التي تمارسها هاتان القوتان. وفي حال نجح في ذلك، سينال ثناء الأكثرية الساحقة من المصريين.باترك سيل ويتعلّق ميدان المواجهة المحتملة بالضغوط الدولية الكبيرة على النظامين الإيراني والسوري بهدف إسقاطهما. تسعى الولايات المتحدّة إلى شلّ اقتصاد إيران من خلال فرض عقوبات شديدة عليها كما أنّها تدعم الثوّار السوريين في محاولتهم الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. يرفض الرئيس مرسي ذلك. فقد تجرأ على مواجهة الولايات المتحدّة وإسرائيل عبر رفض عزل إيران أو تشويه سمعتها. واختار أن يحضر قمة دول عدم الانحياز التي عُقدت في طهران هذا الأسبوع علماً أنه أول رئيس مصري يزور الجمهورية الإسلامية منذ الإطاحة بالشاه عام 1979. وقد كسر الجليد مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد منذ بضعة أسابيع حين التقيا خلال القمة الإسلامية في مكّة. وكان لقاؤهما ودياً جداً. ومن الواضح أنّ الرئيس مرسي يفضّل حلّ الأزمة السورية عن طريق المفاوضات بدلاً من الحرب، الأمر الذي يشكّل معارضة مباشرة لواشنطن. كما اقترح أن تشكّل القوى الأساسية الأربع في المنطقة، أي مصر والمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا مجموعة اتصال للإشراف على حلّ يتمّ التفاوض عليه. بمعنى آخر، هو يطلب من الولايات المتحدّة وحلف شمال الأطلسي أن يبقيا بعيدين عن سورية وأن يتركا القوى المحلية تتولى زمام الأمور. (يفرض تحرّك مرسي معضلة كبيرة أمام الديبلوماسية التركية: هل يجب أن تدعم تركيا التي تشكّل جزءاً من حلف شمال الأطلسي الولايات المتحدّة لنقل الأسلحة والأموال والمعلومات الاستخباراتية إلى الثوّار السوريين أم يجدر بأنقرة الانضمام إلى الجهود الإقليمية الرامية إلى إنهاء النزاع عن طريق المفاوضات؟) وجّه الرئيس الأميركي باراك أوباما دعوة إلى الدكتور مرسي لزيارة واشنطن في شهر أيلول (سبتمبر) وقد تكون وراء الدعوة رغبة لتوجيه ملاحظات على سياسته. لكن، في معرض التأكيد من جديد على الاستقلال المصري، زار الدكتور مرسي بكين ثم توجّه منها إلى طهران. وقد تكون هذه طريقته ليشير إلى أنّه لن يسمح بأن يتمّ إملاء الأمور عليه. أما الموضوع الذي يشكّل موضع خلاف جدي فيتعلّق بالملاحق العسكرية الواردة في معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية التي أُبرمت عام 1979 والتي يرغب الرئيس مرسي شأنه شأن معظم المصريين في مراجعتها. حين قامت مجموعة من المسلحين في سيناء في 5 آب (أغسطس) بالهجوم على حاجز للجيش المصري على الحدود بين مصر وقطاع غزة، ما أدى إلى مقتل 16 جندياً مصرياً وجرح آخرين، أرسل مرسي على الفور قوة تضمّ جنوداً وطائرات مروحية ودبابات لمطاردتهم. لكن، تنص الملاحق العسكرية على أنّ مصر يجب أن تحصل على موافقة مسبقة من إسرائيل قبل إرسال الدبابات إلى سيناء، على رغم أنّ هذه المنطقة تخضع للسيادة المصرية. ويبدو أنّ مرسي لم يشعر بالحاجة إلى القيام بذلك. حين أجريتُ في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي مقابلة مع عمرو موسى، وزير الخارجية المصري الأسبق والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والذي كان حينها مرشحاً للرئاسة المصرية، دعا إلى مراجعة الملاحق العسكرية. وقال لي: «ستظل معاهدة السلام قائمة إلا أنّ مصر بحاجة إلى قوى في سيناء. فالوضع الأمني يتطلّب ذلك. يجب أن تفهم إسرائيل أنّه يجب مراجعة القيود التي تفرضها المعاهدة». ولا شكّ في أن مرسي يشاطره الرأي. لم يعجب هذا الحديث إسرائيل. فقد ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في 22 آب (أغسطس) أنّ إسرائيل «قلقة» بسبب غياب التنسيق وطلبت من القاهرة سحب دباباتها. إلا أنّ إسرائيل تجد نفسها في وضع صعب. فهي تريد أن تحافظ مصر على الأمن في منطقة سيناء التي تعاني الفوضى والاضطرابات، إلا أنها تخشى أن يؤدي نشر القوات المسلحة المصرية إلى تهديد أمنها في يوم من الأيام. ووجّه دنيس روس الذي يعمل في معهد واشنطن (المتفرّع من مجموعة «ايباك» التي تشكل اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة) انتقادات لاذعة عبر صحيفة «واشنطن بوست» في 19 آب إلى مرسي بسبب إرساله الدبابات إلى سيناء من دون إبلاغ إسرائيل. وقال: «في حال استمر هذا التصرّف، ستتوقّف الولايات المتحدّة عن تقديم الدعم إلى مصر الذي يعدّ ضرورياً للحصول على المساعدة الاقتصادية الدولية ولتعزيز الاستثمار». ويعتبر روس المعروف أنه «محامي إسرائيل» بسبب دفاعه على مدى عقود عن المصالح الإسرائيلية حين كان في الحكومة، أنّه لا يزال يتحدّث باسم الإدارة الأميركية. ويجب أن نأمل أنه على خطأ في هذا الاعتقاد. أما الخطوات الأخرى التي قام بها مرسي والتي أثارت قلق واشنطن وتل أبيب فهي إقالة مجموعة من الضباط الكبار الذين أقامت إسرائيل والولايات المتحدّة علاقات وثيقة معهم على مرّ السنوات. وتضم هذه المجموعة من فلول نظام مبارك وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامي عنان وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع ومدير جهاز الاستخبارات مراد موافي إلى جانب قادة آخرين. وعيّن الرئيس مرسي اللواء عبد الفتاح السيسي وزيراً للدفاع واللواء صدقي صبحي رئيساً للأركان. ويبدو أنّ الرجلين يشاركان الدكتور مرسي رغبته في التحرّر من النفوذ الأميركي والإسرائيلي. وتقوم أولوية الرئيس مرسي وفريقه على إعادة إحياء الاقتصاد في مصر الذي يبدو في وضع مزرٍ. إذ يجب إطعام 85 مليون شخص. كما يعدّ إنشاء فرص العمل ضرورياً. ويجب إعادة تفعيل خدمات الحكومة. أما المساعدة الخارجية فضرورية. وفي ظلّ الظروف الحالية، ما من خطر يتهدّد معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية لجهة إمكان إلغائها. فلا يسع أي مصري اليوم التفكير في الحرب مع إسرائيل. ولا يبدو الجيش المصري مستعداً للتضحية بالمساعدة السنوية بقيمة 1.3 بليون دولار التي يحصل عليها من الولايات المتحدّة للحفاظ على السلام مع إسرائيل. إلا أنّ الرئيس مرسي سيسعى بلا شكّ إلى إقامة علاقة جديدة مع الولايات المتحدّة وإسرائيل. ومن الآن فصاعداً، من المرجّح أن تكون مصر أقل تسامحاً إزاء معاملة إسرائيل السيئة للفلسطينيين الذين يقعون تحت الحصار والاحتلال. وسبق أن شدّد على الحاجة إلى معالجة مسألة فلسطين التي طالما تمّ إهمالها. وسيكون أقل استعداداً من سلفه للقبول بطبول الحرب التي تقرعها إسرائيل ضد إيران. وعلى رغم أنه لن يكون قادراً على تحدّي هيمنة إسرائيل العسكرية المموّلة والمجهّزة والمضمونة من الولايات المتحدّة، سيسعى إلى وضع حدّ لاستغلال إسرائيل هيمنتها لا سيّما هجماتها المتكرّرة على الدول المجاورة لها. ويشعر عدد كبير من المصريين بالذنب حيال معاهدة السلام التي أُبرمت عام 1979 مع إسرائيل. فهم يعرفون أنّه من خلال إبعاد مصر عن المعادلة العسكرية العربية، منحت معاهدة السلام إسرائيل أكثر من 30 سنة من الهيمنة العسكرية التي لم يتمكن أحد من تحديها وحرية ضرب الدول المجاورة لها متى شاءت من دون أن تتعرّض للردّ. وقد جرب لبنان والفلسطينيون والعراق وسورية هجمات إسرائيل. يطمح الرئيس مرسي بوضوح إلى إعادة التوازن إلى علاقات القوة في الشرق الأوسط. ومن المثير أن نرى كيف سيقوم بهذا العمل الذي يشكل خطراً كبيراً وكيف ستختار الولايات المتحدّة وإسرائيل التصرّف تجاه هذه السياسة المصرية. |
#2
|
||||
|
||||
خطاب مرسي في قمة عدم الانحياز"قنبلة عنقودية"
خطاب مرسي في قمة عدم الانحياز"قنبلة عنقودية" خطاب السيد الرئيس محمد مرسى فى افتتاح اجتماع رؤساء دول عدم الانحياز خطاب مشكل بامتياز . وجه الإشكال نستطيع تبينه من عرض المناهج المختلفة لتحليل الخطاب .د. الهام حمدان إذا حللنا الخطاب من وجهة نظر معظم المصريين الذين يرون أن ما يحدث فى سوريا ثورة من ثورات ما أطلقت عليه هيلارى كلينتون الربيع العربى ، فإن مرسى من هذا المنطلق بطل ثورى يقف فى صف ثورة ضد نظام شمولى قمعى يقتل شعبه ، وهكذا يكتسب مرسى شعبية جارفة بصفة خاصة بين الشباب المصرى الثائر ، وتصبح كلمات مرسى عن دماء السوريين التى هى فى أعناقنا جميعا ، وعن أن النظام السورى الذى يقتل شعبه قد فقد شرعيته كلمات من نور تضئ طريق الثورة والثوار مع أن تعبليق الجيش الحر كان : " نريد أفعال لا أقوال " بالطبع مع رضاهم التام . أما من وجهة نظر الخليج فقد كان فتحا مبينا ، فى ظل مخاوفهم من تقارب مصرى إيرانى من ناحية ، أو تخفيف من موقف مرسى تجاه سوريا مجاملة لإيران ، ولا سيما أن الخليج دفع دم قلبه من المليارات لدعم ما يسمى بالجيش الحر وتسليحه . أما من وجهة نظر السنة فى مصر والخليج وتركيا والعالم فقد صار مرسى بطلا بالدعاء على سدة الشيعة الكبرى للخلفاء الراشدين الذين يلعنهم كل جمعة الإيرانيون . ومن وجهة نظر الغرب وعلى رأسه أمريكا فقد قرت عيونهم لأن وجهة نظر مرسى حول سوريا كما أعلنها على الملأ هى وجهة نظرهم ، ومن وجهة نظر أتباع نظرية المؤامرة سواء من كتاب الغرب إو العرب فإن خطاب مرسى بداية للحرب المتوقعة بين السنة والشيعة بعد اعتلاء الإسلاميين لعرش الحكم فى كثير من البلاد العربية ، بجانب أن الإخوان المسلمين والسنة تقود الحرب ضد النظام السورى العلوى الحليف عقائديا للشيعة . ومن وجهة نظر الناصريين واليساريين فى مصر فإن مرسى يضرب قلعة القومية العربية الأخيرة ، المتمثلة فى النظام السورى آخر معاقل المقاومة ضد الصهيونية وضد الهيمنة الأمريكية ، ومقاومة التيارات الإسلامية التى تستبدل بالخلافة الإسلامية القومية العربية ، وأن مرسى ينضم لصف الغرب الداعم لإسرائيل ضد الحقوق العربية . أما تحليل الخطاب من وجهة النظر الدبلوماسية فقد كسب مرسى أرضية واسعة على مستوى العالم المعادى لإيران وللنظام السورى ، وإن كان قد جافى كل قواعد الدبلوماسية بضرب البلد المضيف على قفاه مرتين الأولى بالدعاء لأعداء المذهب الشيعى (أبو بكر وعمر وعثمان بل وإلحاق على بهم ) ، والثانية بقلب المائدة فى وجه الموقف الإيرانى الذى يعتبر معركة سوريا معركته وأن النظام السورى يضرب لتأييده لإيران بل إن ضرب ذلك النظام أول رصاصة موجهة لإيران ، حتى أن التليفزيون والراديو فى إيران زيفوا ترجمة الخطاب وحذفوا منه وأضافوا إليه ، بينما هلل له أردوغان وبعض الساسة الغربيين . من الناحية الدبلوماسية كانت مصر تسلم رئاسة المؤتمر لإيران ، وكان من المتوقع دبلوماسيا أن يكون الخطاب تشريفيا ومجاملا ، لكن ذلك لم يحدث ، وأصبح التقارب مع إيران فى خبر كان ، مع أن مبادرة الرئيس مرسى التى طرحها فى المؤتمر الإسلامى تدعو لتشكيل لجنة من إيران وتركيا والسعودية ومصر لعلاج المشكل السورى ، فكيف لمثل هذه اللجنة المتصارعة أن تحل صراعا ؟! أما من وجهة نظر النظام السورى فقد نعى على مصر زعيمة العرب وقاطرتهم -على حد تعبيرهم- أن تتخذ نفس موقف أمريكا التى يتهمونها بإشعال الموقف فى بلدهم . كيف نحكم على الخطاب ؟ لايمكن لخطاب إشكالى مثل هذا أن يخضع لحكم واحد مع تعدد وجهات النظر ، فقط يمكننا القول أن مرسى توكل على الله وألقى قنبلة عنقودية فى المؤتمر سوف تتوالى انفجاراتها مع الوقت. |
#3
|
|||
|
|||
الكلام المكتوب اللى قالهم مرسى وقالبين الدنيا كانه فتح عكا او حرر القدس
ماذا لو قلد الجميع مرسى فى افتتاحه لمؤتمر عدم الاحياز فبدأ نجاد كلمته: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته و افتتح ممثل الدومينيكان: بسم الاّب والابن و الروح القدس و قال رئيس وزراء الهند: السلام على بوذا و على الكارما والنيرفانا و استهل رئيس وزراء نيبال كلمته: أيتها البقرة المقدسة، لكى التمجيد والدعاء ------------------ *** اعتقد ان حركة عدم الانحياز التى اسسها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ونهرو وتيتو لترسيخ السلام العالمى بين الشعوب والطوائف والتى رفعت اسم عاليا فى العالم اعتقد انه سيتغير اسمها الى حركة الانحياز للفتن واشعال الحروب بين الشعوب فعلا لقد تم تحرير القدس!!! |
#4
|
||||
|
||||
صراحة خطاب مرسى خطاب رائع اثلج صدورنا جميعا
بغض النظر عن موقف الدول الاخرى الا انه بين اننا لسنا نتبع أحدا وان مصر لها موقفها الجديد المبنى على الكرامه ليس بخصوص سوريا فقط بل فلسطين واسرائيل وأمريكا وايران قال الحق وأعلن مبادءه واختار مصلحة بلاده ربما كان شديدا لكنه كان رائعا غالعالم ينتظر موقفنا مما يحدث حولنا بارك الله فيه ووفقه واعانه على هذه المهام الشاقه وجزااااكم الله خيرا
__________________
يا قوم كفانا خذلانا سيروا فى ركب الرحمن عودوا للحق ولا تهنوا فالنصر لأهل القرآن |
#5
|
|||
|
|||
لقد تناسى المقال كما تتجاهل الصحف والتقارير الأمريكية تعليق الدكتور مرسى على إستخدامات الطاقة النووية فى إيران وأنه يؤيد موقف إيران فى شأن الإستخدام السلمى للطاقة النووية كما ينكر على إسرائيل إمتلاكها اسلحة دمار شامل مطالباً أن تكون المنطقة كامل المنطقة بلا إستثناء خالية من السلاح النووى وتحاول التقارير الأمريكية جاهدة تفريغ مضمون الخطاب إلى صالحها رغم أن الزيارة فى حد نفسها ضد المصالح الأمريكية
وعليه يجب عدم الإنسياق خلف التحليل الأمريكى لمضمون خطاب الرئيس فلدينا نص الخطاب نستطيع تحليله كلمة كلمة الرسائل التي ارسلها الرئيس مرسي الي كل الاطراف بارك الله فيكم وجزاكم خيراً أستاذ أيمن |
#6
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيرا
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
جزاك الله خيراوبارك فيك
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
ما هي احتمالات قيام "دويلة علوية" في سوريا؟
معوقات التقسيم مع توالي الضربات التي يتلقّاها نظام الأسد، وجنوحه أكثر فأكثر للاعتماد على القوّة الجوّية في تدمير المدن السورية، في محاولة للحد من تقدّم الجيش السوري الحر ومن سيطرته على الأرض؛ تبرز مؤشرات الهزيمة،ما هي احتمالات قيام "دويلة علوية" في سوريا؟ علي حسين باكير - باحث في منظمة البحوث الإستراتيجية الدولية - تركيا فالنظام كما يؤكد رئيس الوزراء السوري المنشق مفلس ماليًّا، ومنهارٌ اقتصاديًّا ومعنويًّا، ومتفكك عسكريًّا، ولولا الدعم الروسي والإيراني المفتوح الذي لا يزال يتلقاه لما كنّا نتحدّث عنه الآن. وأمام هذه المعطيات؛ يكثر الحديث والتحليلات والتكهنات عن إمكانية أن يلجأ الأسدُ إلى خيار أخير في ظل هذه الظروف وفي حال خسر العاصمة دمشق يتضمن الانسحاب إلى المناطق العلوية في مواجهة الساحل السوري، ومحاولة تأسيس دويلة علوية هناك، خاصة وأنَّ هناك بعض المؤشرات التي توحي بأنه قد يتّجه فعلا إلى تحقيق ذلك. أولا: مؤشرات الدويلة العلوية 1- تفجيرُ حربٍ أهلية طائفية: إذ مع شعور نظام الأسد المتنامي بالانهزام تصبح هناك نية أكبر لإشعال حرب طائفية لدى النظام، فمن شأن هكذا حرب أن تفكك المجتمع، وتخدم هدفه بالادعاء بحماية الأقليات، وبالتالي الاستحواذ أيضا على الاهتمام الغربي. ولذلك فهو عمد في الآونة الأخيرة إلى التحريض الطائفي، وإلى افتعال مشاكل طائفية، وإلى التخويف من السنّة تحت شعارات إرهابيين وراديكاليين وعصابات مسلحة، وفي الوقت نفسه عرض نفسه كحامٍ للأقليات والمدافع عنها كالمسيحية والعلوية، وبالتالي تبرير الإجراءات التي يتخذها تحت هذا الإطار. فتحت وطأةِ الشعور بمثل هذا التطور؛ سيتم دفع الأقليات إلى التقوقع والتمترس في مناطقهم، مما يسهّل الدفع باتجاه إقامة مناطق معزولة عن بعضها بعضا، وتصبح إمكانية إقامة دويلة علوية من الناحية النظرية على الأقل أسهل تحت مبررات الخوف من انتقام الآخر، التضامن الاجتماعي والطائفي، المصالح المشتركة والبيئة الحاضنة. 2- تحديد خط ديمغرافي طائفي بموازاة الساحل السوري: ولأن المناطق التي من المفترض أن يقيم عليها النظام دويلة علوية لا توجد فيها وحدة طائفية علوية بما فيها المناطق التي تعرف بأنها علوية؛ بدأ النظام بمحاولة رسم حدود جغرافية بناءً على معطيات طائفية عبر تصفية القرى السنيّة عبر مجازر مروّعة، كمجزرة الحولة التي ذهب ضحيتها حوالي 110 أشخاص نصفهم من الأطفال غير البالغين والنساء، وقد تم تقطيعهم أو ذبحهم بالسكاكين والأسلحة الحادة، إضافة إلى الإعدامات رميا بالرصاص بعد تقييدهم بما في ذلك الأطفال. ثم تبعتها مجازر أخرى في الحفة والقبير والتريمسة التي بلغ عدد الضحايا فيها وحدها قرابة 200 شخص، وما تخللها من عمليات يمكن اعتبارها "تطهيرا طائفيا"، عدا دموية حصار حمص وتدمير حلب مع توجهات إلى تطهير ريف حمص واللاذقية من التواجد السني. 3- نقل بعض المعدات والأسلحة: حيث أشارت بعض التقارير الأمنية وأخرى إعلامية إلى أنّ نظام الأسد قام بنقل أسلحة إستراتيجية ومعدات مهمة وذخائر إلى المناطق العلوية التي تشكّل لب المنطقة التي من الممكن أن يتحصّن بها في اللاذقية وطرطوس، كمقدمة لتحصين المنطقة عسكريًّا في وقت لاحق بعد فشل المحاولات الهجومية على المدن الأخرى لدحر الجيش الحر منها. ويعد ذلك مؤشرا على أنّ النظام قد يكون يجهز لمنطقة يتراجع فيها في المربع الأخير من المعركة حتى تشكل ملاذًا آمنًا له، ويفسّر البعض مثل هذه الخطوة -حال التأكد منها- بأنها دليل حقيقي على نيته إنشاء دويلة علوية؛ إذ من دون الأسلحة الإستراتيجية لن تكون أي دويلة علوية قادرة على الدفاع عن نفسها حتى وإن كانت في منطقة جبلية صعبة ووعرة. 4- إنشاء مجمّع يضم قاعدة عسكرية ومطارا في اللاذقية: إذ قامت إيران بالموافقة على صفقة تمت مناقشتها أثناء زيارة مساعد نائب الرئيس السوري للشئون الأمنية محمد نصيف خيربيك لطهران في حزيران من عام 2011. وتتضمن الصفقة مبادرة طهران لبناء مجمع عسكري قرب مطار اللاذقية يكون بمثابة قاعدة عسكرية ضخمة تبلغ تكلفته ملايين الدوارات قام النظام الإيراني بالموافقة على توفير 23 مليون دولار لها، على أن ينتهي العمل بها نهاية عام 2012 وفق الخطة الأساسية آنذاك. وتهدف القاعدة حال بنائها إلى توفير ممر يسمح لإيران بتزويد سوريا بالأسلحة والمعدات الثقيلة بشكل مباشر عبر البحر دون الاضطرار إلى المرور بطرف ثالث، وهو أمر يخدم أيضًا مشروع دويلة علوية إذا كان هناك شروع للعمل بها؛ إذ ستكون هذه الدويلة في حاجة إلى دعم، وليس هناك أفضل من خط مباشر بين إيران وبينها لتقديم هذا الدعم، وهو ما يقدّمه هذا المجمّع العسكري. 5- التدمير الممنهج للمدن الرئيسية في البلاد: إذ إنّ اتّباع الأسد لسياسة الأرض المحروقة في مهاجمة المدن الرئيسية لا سيما درعا وحمص وحلب ودير الزور إضافة إلى الأرياف وريف دمشق وتدميرها بشكل ممنهج وكلّي عبر استهداف المباني السكنية والمجمعات والأحياء ومناطق تخزين المياه والطعام والمنشآت الحيوية والرئيسية وتخريب المصانع والمتاجر وحرق الحقول والبيادر وأراضي المحاصيل الزراعية، في مقابل تحييد بعض الأماكن عن هذا الدمار الهائل كما في بعض المناطق الكردية والعلوية يعد مؤشرا على إمكانية وجود نية لإقامة هذه الدويلة العلوية على المناطق التي تم تحييدها. ثانيا: الأطراف المستفيدة من الدويلة العلوية ويستندُ البعض إلى أنّ هناك مصلحة لدى بعض الدول والأطراف في تشجيع الأسد على الذهاب قدما في هذا الخيار إذا ما فقد دمشق، خاصة وأنّ مصالحها قد تتوافق مع مثل هذا الطرح، ومن هذه الدول: 1- روسيا: على الرغم من أنّي لا أميل إلى التحليل الرائج لدى المتخصصين في السياسة الروسية من أنّ سبب التعنّت في الموقف الروسي إزاء الأزمة السورية ودعمها اللا محدود للنظام السوري إنما يعود في جزء منه إلى الإطلالة التي تمنحها سوريا إياها على البحر المتوسط عبر قاعدة طرطوس البحرية، وإنما يتعلق بالدرجة الأولى بإيران والثانية بصعود الإسلام السياسي السنّي في المنطقة وهو أيضا سبب آخر يعود بدوره إلى السبب الأول. لكن على فرض أنّ المسألة هي قاعدة طرطوس وأنّ الموضوع يتعلق بالأهمية الجغرافية ومعها بطبيعة الحال الجيو-سياسية والجيو-إستراتيجية للساحل السوري بالنسبة إلى موسكو؛ فإن إنشاء دويلة علوية في هذه الحالة سيكون مصلحة روسية بامتياز. فهذه الدويلة الوليدة ستكون في الأحضان الروسية تماما، وعليه فإن روسيا لن تمتلك موطئ قدم فقط في الشرق الأوسط وفي ساحل المتوسط؛ وإنما ستكون بمثابة قاعدة روسية متقدمة. 2- إيران: وهي بدأت تشعر من خلال دعواتها المتكررة لعقد مؤتمر يضم النظام والمعارضة للتفاهم سياسيا، أنّ النظام السوري في طريقه إلى الانهيار رغم الدعم اللا محدود الذي قدّمته له سياسيا وماليا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا. ولأن إيران أحرقت كل الجسور عبر هذا الدعم المقدم لنظام الأسد مع المعارضة السورية ومع العالم العربي ومع تركيا، ولأنها لن تكون قادرة على تحمل التبعات والخسائر الإقليمية الناجمة عن الزلزال الجيوبوليتيكي الذي سيضرب المنطقة وتاليا مصالحها التي استثمرت فيها أكثر من 30 عاما في العالم العربي؛ فإنه سيكون من مصلحتها البحث عن بدائل لا سيما في حال نشوء نظام سوري جديد غير موالٍ لها. وفي هذه الحالة؛ فإن من مصلحة إيران الدفع باتجاه إنشاء دويلة علوية إذا كان هناك قرار بذلك لأنها ستخفف من خسائر إيران في المنطقة العربية جيوبوليتيكيا، ناهيك عن أنها ستحافظ على موقع إيران سواء من ناحية كونها إطلالة على المتوسط أو من ناحية كونها امتدادا لنفوذها في لبنان عبر حزب الله وعضدا له وشوكة في خاصرة العرب وتحييدا لأي سوريا قوية. 3- حزب الله: ولا شك أنّه سيحبّذ إنشاء مثل هذه الدويلة لتكون سندا وعضدا له تستبدل النظام السوري في سوريا الأسد بنظام آخر يؤمن له نفس المنافع السابقة؛ إذ من المعلوم أنه إذا انهار نظام الأسد دون إيجاد البديل الذي يكون بمثابة الرئة التي تربط إيران بحزب الله؛ فإن دور الأخير سينتهي بشكله المعهود عاجلا أم آجلا. ولذلك نرى الدفاع المستميت من قبل حسن نصر الله تجاه الأسد ونظامه؛ بل إنّ هناك معلومات تشير إلى أنّ بعض الأوساط في حزب الله لا تتحفظ من الآن على سيناريو إنشاء دويلة علوية في حال فقد الأسد سوريا بأكملها، على الرغم من حديثهم العلني المستمر حول مخاطر التقسيم، وأن الغرب هو من يريد التقسيم، علمًا بأنّهم عمليا -كما الحال في لبنان- يدفعون إلى التقسيم بشكل ممتاز. ثانيا:معوقات إنشاء دويلة علوية في سوريا وعلى الرغم مما تم ذكره حتى الآن؛ فإن تقسيم سوريا وتفتيتها وإنشاء دويلة علوية فيها تتبعها دويلة كردية ليس بالأمر البسيط أو السهل أو الممكن التحقيق بهذا القدر من التصوّر، ولعل من أهم الأسباب التي تحول دون تحقيق مثل هذا السيناريو الآن حول إنشاء دويلة علوية: 1- الوضع الديمغرافي: خلافا لما يزال يعتقده كثيرون، فإن الحقيقة القائلة بأنّ المناطق الجبلية المواجهة للساحل السوري لا سيما طرطوس واللاذقية هي مناطق علوية خالصة، فذلك ليس أمرا صحيحا؛ بل إنّ عددا من هذه المدن على هذا الخط ذات أغلبية سنّية الآن كاللاذقية التي تزيد نسبة السنة فيها عن 70%، وحتى مدينة طرطوس تبلغ فيها نسبة السنة وفق بعض التقديرات 45%، أمّا الأرياف فهي مختلطة بالمجمل، وضمن هذا الاختلاط توجد قرى ذات أغلبية سنية وأخرى ذات أغلبية شيعية أو علوية، وبدون التخلص كليا من هذه الفئات السنية سيكون صعبا جدا إن لم يكن في عداد المستحيل إنشاء هذه الدويلة العلوية. فبالرغم من الهجرة السنيّة الواسعة وحجم المذابح التي تحدثنا عنها سابقا والتي تهدف إلى رسم الخط الجغرافي الداخلي لهذه الدولية؛ إلا أنها لم تنجح حتى الآن في تحقيق هدفها. 2- البنى التحتية: لأن طموح عائلة الأسد كان دوما السيطرة على كامل سوريا وليس على منطقة صغيرة فيها أو بضع قرى وبلدات؛ فإن التركيز على دعم المناطق العلوية وتنميتها دون غيرها كان ليطيح بالطموح الكبير، وبدلا من ذلك، فتح آل الأسد المؤسسات الأمنية والعسكرية لأبناء الطائفة العلوية فانتشروا في كل مفاصل الدولة وأجهزتها ومراكزها الحيوية، وأصبح الانتشار العلوي على مستوى الوطن. ولذلك فإن هذه المدن التي من المفترض أن تقام عليها دويلة علوية وفق التصورات الممكنة لا تتمتع بأي بنى تحتية مميزة على الصعيد الاقتصادي أو الخدمات بما يؤهلها لأن تكون جاهزة لإنشاء دويلة، ناهيك عن ثروات طبيعية أو صناعات تضمن ديمومتها. فباستثناء مرفأ طرطوس والواجهة البحرية، لا يوجد شيء معتبر، وإن كان هذا بدوره لا يعرقل إنشاء دويلة إذا كانت هناك نية حقيقية لإقامتها، ولكنه مؤشر على صعوبة تحقيق ذلك. 3- الوضع الجغرافي: إنشاء دويلة علوية يعني أن باقي سوريا ستكون دويلة مغلقة لا منفذ بحريا لها، ومن الصعب بمكان تخيّل أن باقي السوريين سيقبلون بذلك نظرا لما للمنفذ البحري من أهمية إستراتيجية عادة لأي دويلة بريّة، وعليه فقد يتحوّل ذلك إلى دافع إضافي لباقي السوريين لمنع إقامة مثل هذه الدويلة. 4- الوضع الأمني للمنطقة المفترضة: لا تمتلك هذه المناطق أية قدرات دفاعية معتبرة باستثناء طبيعتها الجبلية، وانسحاب الشبيحة إلى هذه الجبال، وما تبقى من العلويين في الجيش السوري إليها أيضا لا يعني أنها محصّنة، فقد يصمدون هناك لفترة من الزمن، لكن من الصعب تصوّر أنّ الجيش الحر والمقاتلين في باقي سوريا سيتوقفون في حال سقوط دمشق وانسحاب الأسد ومناصريه بعدها إلى الجبال؛ بل إنّ ذلك سيدفعهم إلى الزحف نحو ما تبقى من مناطق، فمن يسيطر على كامل سوريا لن يتوقف عند المدن التي من المفترض أن تقام عليها مثل هذه الدويلة العلوية. 5- الموقف الدولي: من المعلوم أنّ إنشاء دويلة جديدة إنما يتطلب دعم المجتمع الدولي وعدد من الدول الفاعلة إقليميا ودوليا. وعلى الرغم من المخاوف المستمرة لدى الرأي العام العربي من وجود مصلحة إسرائيلية وأخرى غربية لتقسيم الدول العربية على الدوام؛ إلا أنَّه وحتى هذه اللحظة لا يوجد دعم غربي لفكرة إقامة مثل هذه الدويلة، ولذلك سيكون من الصعب بمكان إن لم يتغير هذ الموقف أن يتم إنشاء دويلة بدعم من روسيا وإيران فقط بعيدا عن المجتمع الدولي، ناهيك عن أن إنشاء مثل هذه الدويلة سيؤدي إلى نزاعات أخرى لإقامة دويلة مماثلة سواء للأكراد أو لغيرهم في داخل سوريا وفي محيطها الإقليمي، وهو ما يعني أنّ هذه الفكرة ستحارب بشكل قوي، على الأقل إقليميا. 6- الجيش السوري الحر: أدرك مؤخرا أنّ هناك محاولات من قبل بعض الأقليات لاستغلال الأماكن التي لا يتواجد فيها من أجل القيام بمحاولات إدارة ذاتية للمناطق، ولذلك فالجيش الحر يحرص مؤخرا على تأكيد تواجده على كافة الأراضي السورية، وقد قام بإنشاء مجلسين عسكريين مؤخرا، واحد في منطقة اللاذقية، وآخر في الحسكة، لكي يكون حاضرا هناك، وبالتالي يمنع أي عملية استغلال لتجميع قوات موالية للنظام لاحقًا. |
#9
|
||||
|
||||
عن الخليج: الحملة الأمنية في الإمارات
عن الخليج: الحملة الأمنية في الإمارات من النادر أن نرى تغطية إعلامية في الغرب عن القمع المنسق الذي يتعرض له الناشطون المطالبون بالديمقراطية في شبه الجزيرة العربية. تعد المملكة العربية السعودية الأولى بين أقرانها في الجزيرة العربية التي ترفض وبقسوة أي اقتراحات باصلاحات ديمقراطية. فقد قامت السلطات السعودية مؤخراً باعتقال رجل الدين، نمر النمر، في القطيف في عملية تم فيها إطلاق النار على قدمه وقتل آخرين في قرية العوامية. وقال وزير الداخلية، الأمير أحمد بن عبد العزيز، أن النمر هو "مثير للفتنة" و" رجل مشكوك في مستواه العلمي وحالته العقلية، وأن الطرح الذي يطرحه يظهر إلى أي مدى يعاني من قصور وخلل عقلي". وبناء عليه، فأنت مختل عقلياً إن حاولت أن تدعو إلى الديمقراطية في المملكة العربية السعودية. وهكذا، فالنمر ليس حالة منفردة. فقد اعتقلت السلطات رائف البداوي، رئيس تحرير الليبراليين السعوديين الأحرار، ونشطاء آخرون مثل محمد الشكوري من القطيف، مركز العنف. يستعمل السعوديون قوانين الكفر بأسلوب ذكي لضرب نشطاء الديمقراطية بقوة. فالنشطاء هم "فئات ضالة"، أي أنهم أشخاص ضلوا طريق الحق، ولا ينفع مع هؤلاء إلا هراوة السلطة لتعيدهم إلى جادة الصواب. Vijay Prashad منذ ما يقرب من عام، لم تتوقف السلطات البحرينية عن حملتها الأمنية ضد دعاة الديمقراطية. ومؤخراً، تم اعتقال نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان وأحد السجناء القدامى في سجون آل خليفة، بتهمة إرسال تغريدة مهينة. في الثاني والعشرين من يونيو، قام ما يقرب من اثنين وعشرين ناشطاً من حزب الوفاق بقيادة زعيمهم، الشيخ علي سلمان، بالتظاهر في شرق المنامة حاملين الزهور. قامت الشرطة بمواجهتهم بالغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت مما أدى لجرح معظم المتظاهرين. لقد تدهورت الأمور في البحرين لدرجة أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أصدر بياناً يدعو فيه الملك، حمد بن عيسى آل خليفة، لتطبيق توصيات لجنة التحقيقات البحرينية المستقلة التي عينها بنفسه. وفي تطور غير مفاجئ، فقد جلست الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وسبع دول أوروبية أخرى من ضمنها السويد، صامتين ولم يؤيدوا الإعلان. أما في الامارات العربية المتحدة (وهو اتحاد من سبع إمارات يضم الاماراتين الشهيرتين أبو ظبي ودبي) فقد أخذت الأمور منحى آخر للأسوأ . فقد أظهرت السلطات هناك قسوة في التعامل مع "الإصلاح"، وهي منظمة للاصلاح والإرشاد الاجتماعي. فمنذ مارس في العام الحالي، اعتقلت السلطات الاماراتية خمسين ناشطاً على الأقل، وبضمنهم محامين لحقوق الإنسان مثل محمد الركن، ومحمد المنصوري، إضافة لخليفة النعيمي وهو مدون ومغرد على التويتر. بدأ الهجوم على "الإصلاح" في ديسمبر 2011، حين وصل حماس الربيع العربي إلى المدن المطلية بالذهب، وقامت السلطات على الفور باعتقال القادة الرئيسيين وتجريدهم من ***ياتهم الاماراتية. أصدر الاماراتيون السبعة، كما يطلقون على أنفسهم، بياناً يدعون فيه إلى الإصلاح "في السلطة التشريعية حتى يمكن تحضير الجو لانتخابات برلمانية عامة". لم يحدث شيء من هذا القبيل، وبالتأكيد فإن الضربة الساحقة التي تلقاها الناشطون كانت سريعة و مؤثرة. في الرابع والعشرين من يوليو، صدر الحكم على الدكتور أحمد يوسف الزعبي، أستاذ القانون في جامعة الشارقة والقاضي السابق، بالسجن لمدة عام بتهمة التزوير. زعمت الحكومة أنه قد انتحل شخصية أخرى (مهنته في الجواز قاض رغم أنه قد تم فصله بعد أن ساند دعوة الاصلاح السياسي عام 2003). تعد الاعتقالات الأخيرة جزءاً من سياسة عامة بعدم التسامح مع التنوع السياسي وضد أي دعوة للإصلاح. في الأول من أغسطس، دعا جو ستروك، من منظمة هيومان رايتس ووتش، الولايات المتحدة وبريطانيا "للتحدث بشكل علني وفي الاجتماعات مع المسؤولين الاماراتيين حول ردود الفعل القاسية على دعوات معتدلة تطالب باصلاحات ديمقراطية متواضعة". في المقابل هناك صمت مطبق من وزيرة الخارجية الأميركية التي قالت في الحادي عشر من فبراير 2011، إن الولايات المتحدة ستساند " المواطنين الذين يعملون لجعل حكوماتهم أكثر انفتاحاً، وشفافية، وتقبلاً للمحاسبة". إلا أن علامة الترقيم على هذا التصريح تشير إلى ملاحظة مفادها : "مواطنو دول الخليج غير مشمولين بهذا". ديمقراطية الصحراء العربية كتب مهندس دبي، جون هاريس، في خطته الرئيسية عام 1971 أن النظام السياسي في الامارات العربية المتحدة كان "ديمقراطية صحراوية عربية تقليدية تمنح الحاكم سلطة مطلقة" ( هذا اقتباس من من كتاب أحمد كنه الرائع الصادر في 2011 : دبي المدينة الشركة). إن تعبير "الديمقراطية الصحراوية" أصبح كليشيهاً متداولاً في السبعينات. في عام 1967، نشرت مجلة التايم قصة عن الكويت وصفتها فيها بأنها "ديمقرطية صحراوية"، وهو عنوان أعادت المجلة استعماله في عام 1978 في قصتها عن السعودية. إن فكرة "الديمقراطية الصحراوية" تشير إلى سماح الملكيات الخليجية بتشكيل المجلس، وهو مجلس يقوم باسداء النصح للملك أو الأمير، في نفس الوقت الذي تتعهد فيه الامارة الغنية بالنفط بتوفير دفعات مالية لمواطنيها لمكافأتهم على حسن سلوكهم ( في عام 1985، قال زعيم الحزب الشيوعي السعودي المحظور أن هذه الدفعات جعلت العمال السعوديين أفراداً تحابيهم الثروة). إذا تم خرق هذا الميثاق الأساسي، عن طريق الدعوة إلى مزيد من الديمقراطية على سبيل المثال، فإن الملك أو الأمير سيضطر لاستعمال الخيار الأمني. يبدو وكأن ملوك وأمراء الخليج قد قرأوا برنارد لويس، أستاذ برنستون الجليل، والذي يقول في كتابه (أين الخطأ؟ الصدام بين الحداثة والاسلام في الشرق الأوسط - 2001) إن " كل أعمدة الاستشراق مثل المجتمع القبلي، والتحزب العربي وغيرها تتهاوى". إن ضباب الثقافة مقبول، ولكنه يعمي الانسان عن تفسيرات أكثر بساطة. فأمراء الخليج ليسوا معنيين بمشاركة شعوبهم في السلطة لأنهم قد يُسألوا أسئلة محرجة عن البذخ الذي تعيش فيه العوائل الحاكمة من دولارات البترول. لا يمكن لأي من النخبة أن يذعن للديمقراطية برغبته الحرة، "أكثر شيء معيب في العالم" كما وصفه إدموند بيرك. كانت هناك آمال طيبة منذ الخمسينات أن "الجيل القادم" من عرب الخليج سيكون أكثر اعتدالاً من سابقيهم، وأن المسافة التي ستبعدهم عن خيامهم ستجعلهم أكثر ليبرالية. يبلغ الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، السابعة الثمانين من العمر، ويبلغ ولي عهده، سلمان بن عبد العزيز، سبعة وسبعين عاماً وهو مريض، ولم يظهر أي من الأمراء الشباب حتى الآن أي رغبة في التحرك نحو الإصلاح لأن النتائج ستكون كارثية فيما يخص سيطرتهم على الثروة. تعرف الولايات المتحدة تماماً تفاصيل هذا الوضع، ففي برقية للخارجية الأميركية أرسلت عام 1996 هناك حديث عن أن "الأمراء يبدون أكثر قدرة على تبذير الثروة منهم على الاحتفاظ بها..وطالما ظل أمراء آل سعود ينظرون للسعودية وثروتها النفطية على أنها شركة لآل سعود، فإن الآلاف من الأمراء والأميرات سيرون أنه حق مكتسب بالولادة أن يستلموا دفعات مالية وأن يستمروا بالإغارة على صندوق النقود"، فالإصلاح يشتت تفكيرهم عن سلب الأموال. كتب السفير الأميركي، جيمس سميث، لوزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، في فبراير 2010، أنه ثبت أن العلاقات السعودية- الأميركية "صامدة"، وقد قيل نفس الكلام فيما يخص العلاقات الأميركية والأوروبية مع دول الخليج الأخرى. النفط بالطبع هو المفتاح، ولكنه ليس الشيء الوحيد، فالسيطرة السياسية من خلال القواعد العسكرية هي على نفس الجانب من الأهمية. فمن بين العديد من القواعد، تعد قاعدة الدعم البحري في البحرين، وقاعدة الظفرة في الإمارات العربية المتحدة، والقاعدة الجوية في العديد في قطر أكثرها أهمية. يمكن للغرب أن يلقي جانباً بأوهام الديمقراطية وما شابهها من أفكار ليخلق تحالفاً واقعياً مع عرب الخليج الذين يشاركون الولايات المتحدة، وحسب تعبير السفير سميث، "رؤية مشتركة للتهديدات التي يمثلها الإرهاب والتطرف، والخطر الذي تمثله إيران". إن أحد أهم الأخطار التي تمثلها إيران هو محاولتها تصدير أسلوبها في الديمقراطية الإسلامية، والتي تمثل لعنة على الملكيات الحاكمة في الخليج. لهذا، فقد وقفت الولايات المتحدة وراء الارستقراطية ضد الديمقراطية. إن قوة ملوك الخليج تتزايد رغم أنهم أقل إستقراراً، فقد عبر الناس مراحل الميثاق، والحوار وهم يطلبون ما هو أكثر الآن. يسدل الليل أستاره، ويتحرك رجال المخابرات والمطاوعة (الشرطة الدينية)، هناك إطلاق نار، صرخات تدوي، ثم يسود صمت مطبق. |
#10
|
||||
|
||||
قراءة في خطاب مرسي بقمة عدم الانحياز في طهران
تحولات هيكلية لم يكن خطابُ الرئيس المصري د. محمد مرسي في الجلسة الافتتاحية لقمة دول عدم الانحياز في طهران مجردَ اتباعٍ تقليدي للمراسم الدبلوماسية المتبعة في تسليم رئاسة الحركة؛ وإنما جاء الخطابُ متضمنًا رسائلَ ودلالاتٍ كاشفةً عن تحولات هيكلية في ثوابت وتوجهات السياسة الخارجية المصرية تجاه الإقليم، وما يرتبط بها من رسائل موجهةقراءة في خطاب مرسي بقمة عدم الانحياز في طهران محمد عبدالله يونس مدرس مساعد في كلية الاقتصاد والسياسية جامعة القاهرة للداخل لتدعيم أركان الجمهورية الثانية بسياسة خارجية مستقلة، استنادًا إلى مركزية الدور المصري في منطقة الشرق الأوسط، واستغلالًا للدلالات الفارقة لأول زيارة رئاسية مصرية لطهران منذ عقود في خضم التجاذبات الإقليمية حيال الأزمة السورية أسفرت إجمالا عن انقسامات معقدة وثنائيات استقطابية والتحولات الداخلية الملحقة بالموجات الارتدادية للربيع العربي. استقطاب إقليمي جديد أثرت متغيرات عديدة على خطاب الرئيس مرسي بطهران، أهمها الجدل المحتدم إقليميًّا حول دلالات زيارته لطهران، ومدى اعتبارها مؤشرًا على تقاربٍ مصري إيراني، وإعادة تشكيل للتحالفات وتوازن القوى الإقليمي، لا سيما وأن الزيارة تأتي مسبوقة بزيارة الرئيس مرسي للصين، أحد أهم الحلفاء الإستراتيجيين لطهران والداعمين لنظام بشار الأسد في سوريا. وفي السياق ذاته ارتبطت الخطابات بانتقادات داخلية متصاعدة من جانب رموز التيار السلفي باعتبار زيارة طهران تدعيمًا للمحور الشيعي في المنطقة، في ظل الأبعاد الطائفية للصراع الداخلي في سوريا، والتحالف الوثيق بين النظام العلوي في سوريا والنظام الإيراني، ومن هذا المنطلق بدت الرسائل التي حرص مرسي على إيصالها كالتالي: - استهل الرئيس محمد مرسي خطابه بالثناء على الصحابة (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) في رسالة موجهة لتأكيد الخلافات المذهبية الدينية بين إيران والدول الإسلامية السنية، وأنها خلافات هيكلية لا يمكن تجاوزها لا سيما في ظل الأبعاد الطائفية والمذهبية في السياسة الإقليمية لطهران، وشبكة علاقاتها المعقدة بالقوى الشيعية في العراق ولبنان وسوريا ودعمها لتسييس الطائفية في المنطقة. - تضمن الخطابُ إشارة الرئيس مرسي إلى جهود الرئيس عبد الناصر في تأسيس حركة عدم الانحياز، وأنه كان يعبر عن إرادة الشعب المصري، بما يكشف عن انتقال الرئيس مرسي من مرحلة التوظيف الانتقائي أيديولوجيا للتاريخ المصري -المرتبط بالقطيعة التاريخية بين الإخوان والنظام الناصري- إلى توظيف المكانة المصرية التاريخية في استعادة حيوية الدور المصري في دوائر السياسة الخارجية المصرية، لا سيما الدائرة الإفريقية ودائرة دول الجنوب التي شهدت انسحابًا للدور المصري خلال فترة حكم الرئيس السابق مبارك. - أغفل الرئيسُ المصري الحديث عن ثورة البحرين في إطار إشارته للثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن، فيما يحمل دلالات قوية على الموقف المصري حيال الأبعاد المذهبية لتلك التحولات الداخلية، والتأكيد على دعم دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة القوى الشيعية المرتبطة بإيران بعلاقات وثيقة، وهو ما يمكن اعتباره انخراطًا للنظام المصري في المحاور المذهبية المتقاطعة في منطقة الشرق الأوسط، وانحيازًا للمحور السني الذي يضم المملكة العربية السعودية في مواجهة الاستقطاب الإقليمي الذي تقوده إيران. - تضمن خطاب الرئيس انتقادات حادة لنظام بشار الأسد في سوريا المتحالف مع طهران؛ حيث أكد على دعم الشعب السوري ونضاله ضد النظام القمعي، داعيًا دول عدم الانحياز إلى دعم مطالب الثورة السورية، والانتقال السلمي إلى نظام ديمقراطي يحفظ سوريا من الحرب الأهلية أو التقسيم اعتمادًا على المبادرة المصرية، موجها دعوته لتوحيد صفوف المعارضة السورية بما يعكس تحولا هيكليا في الموقف الرسمي لمصر قبيل تولي الرئيس مرسي مهام منصبه الذي ارتكز على تجنب الانحياز لأي من أطراف الصراع في سوريا، والتركيز على التفاوض لتسوية الصراع دون إدانة أي طرف. - شدد الخطاب على الركائز التقليدية للسياسة الخارجية المصرية في الدائرة الشرق أوسطية لا سيما القضية الفلسطينية والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ومبادرات منع الانتشار النووي في المنطقة وانتقاد الممارسات الإسرائيلية في كلتا القضيتين، بما يعكس استمرارية للسياسة الخارجية المصرية رغم التحولات الهيكلية داخليًّا. أبعاد التحول وتداعياته يكشف خطاب الرئيس مرسي عن مراجعة هيكلية لثوابت السياسة الخارجية المصرية في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما تجاه التجاذبات المذهبية والصراعات الداخلية المحتدمة في سوريا بما استتبع تداعيات آنية لتلك التحولات ليس أقلها انتقادات أقطاب نظام الأسد لخطاب الرئيس مرسي، واعتبار وزير الخارجية السوري وليد المعلم الخطاب المصري "تحريضا على سفك الدماء في سوريا" على حد تعبيره. بينما ارتبطت دلالات الخطاب باستعادة الثقل المصري في توازن القوى الإقليمي والالتزامات المصرية تجاه الأمن في المنظومات الإقليمية الفرعية، لا سيما تجاه أمن الخليج خاصة في ظل المخاوف من تقارب مصري إيراني بدايته زيارة الرئيس مرسي لطهران، في حين ظهر من الخطاب والمبادرة المصرية سعي الرئيس المصري إلى تدعيم محور إقليمي جديد يضم تركيا والمملكة العربية السعودية والأردن يستدعي الأزمة السورية لمراجعة توازنات القوى الإقليمية والدور الإيراني في أزمات الإقليم. وفي السياق ذاته؛ حملت المشاركة المصرية في قمة عدم الانحياز بطهران رسائل أخرى لمختلف الأطراف الإقليمية والدولية بتأسيس نهج جديد للسياسة الخارجية المصرية يقوم على الاستقلالية، وعدم الاستجابة للضغوط الهادفة إلى تحديد مسارات الحركة الخارجية المصرية وأولويات السياسة الخارجية المصرية، فضلا عن اتجاه مصر للإفادة من توازنات القوى الإقليمية والدولية في تعظيم العوائد الداخلية للسياسة الخارجية المصرية. كما لم يخل الخطاب من إدراك لانعكاساته الداخلية في تدعيم أركان الجمهورية الثانية بزعامة مرسي، وتثبيت أركان التحالف بين الإخوان والتيارات السلفية الداعمة لرئاسة مرسي، فضلا عن حشد التأييد الشعبي له ولجماعة الإخوان المسلمين قبيل الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية المقبلة استغلالا للتعاطف الشعبي المصري مع الثورة السورية ونزعة التدين لدى الجماهير المصرية في إطار التوظيف السياسي لقضايا السياسة الخارجية بصورة غائية. |
#11
|
|||
|
|||
رائع جدا
جزاك الله خيرا اخي السيد / ايمن نور
مقال جيد جدا وفيه الكفاية ولكن ما اثار انتباهي حقا في هذا المقال وهذا هو الجديد اقتباس:
فحقا كلمات رائعة فجزاك الله خيرا ويدل علي ان الرئيس مرسي له نظرة افق واسعة جدا فبفضل الله هو رجل موفق والسلام |
#12
|
||||
|
||||
اقتباس:
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 02-09-2012 الساعة 09:00 PM |
#13
|
||||
|
||||
عن الحلم الاجتماعي والأمن والفساد
عن الحلم الاجتماعي والأمن والفساد يجادل البحث في هذه الجزئية أن الحلم الاجتماعي والخيال السياسي في مصر متمحوران حول الأمن والفزع وبشكل رئيسي حول ثلاثة نقاط. الأولى هي تأمين وظيفة عمل والثانية هي الخدمات العامة للمنطقة من خلال نواب مجلس الشعب. والثالثة هى سلامة الجسد من ممارسات الشرطة أو البلطجية. ولهذا كانت لجان التفتيش الليلية أو في بعض النقاط المهمة في الشوارع المصرية بمثابة الرعب الأكبر لراكبي المكيروباص. أضف إلى ذلك توغل مؤسسة الشرطة في المناطق الشعبية على وجه الخصوص من خلال المخبرين والأمناء. وهنا لا يتعامل المخبر أو الأمين ككونه فرداً في المجتمع. ولكن تتجسد وتحل فيه سلطة المؤسسة الشرطية.علي الرجال وبما أن الشرطة كانت الجهاز الأكثر أهمية في الدولة في نظام مبارك وكانت تفعل ما يحلو لها ويدها مطلقة في وعلى المجتمع كان المخبر هو الآخر ذو يد طائلة. ولم يكن مستغرباً أن أحد أحلام الفتيات في مصر وبعض الأهالي في المناطق الفقيرة هو الزواج من ضابط شرطة أو مخبر أو أمين شرطة. فقد كان هذا يعني توفير الأمن لها ولأهلها بالإضافة إلى التلذذ بقدر كبير من ممارسة السلطة وتدوير القهر على آخرين. وبالطبع كان البطجي هو الآخر أحد أهم أبطال المشهد اليومي. فتقارير كثيرة تشير إلى استخدام الشرطة وبالأخص جهاز أمن الدولة لجيوش من البلطجية. وهو ما يعني أن البلطجي لم يكن خارجاً على القانون بل كان جزء أصيلاً من تركيبة السلطة في النظام السياسي وهو انعكاس آخر للمؤسسة. وهكذا يتضح أن إنتاج الفزع واللاأمن كان عملاً ممنهجاً للسيطرة على المجتمع. وبالطبع فإن غياب مشروع تنموي لنظام مبارك ومساحات العشوائيات الواسعة التي شهدها عصره ساعدا على تخصيب التربة الاجتماعية لهذه الممارسات ولخلق حالة من الفزع الاجتماعي الدائم. وقد أوضح فيلم مثل "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف عمق الواقع الاجتماعي والعلاقات المتداخلة مع السلطة والتي تمثلت في علاقة بطل الفيلم الذي تحول إلى بلطجي وتابع لجهاز الشرطة. ولكن لم يخرج الفيلم من إطار خلق الفزع وتنميط سكان هذه المناطق وتصويرهم –حتى وإن لم يرد مخرج الفيلم ذلك- على أنهم تهديد أمني كبير وأنهم ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض على بقية المجتمع وتجسيدهم كتهديد من ثورة الجياع. وهي النظرية التي أثبتت الثورة المصرية فشلها. إلا أن هذا النوع من الخوف والفزع قد تجلى بوضوح في معمار وهندسة المدن أو الأحياء الجديدة داخل القاهرة على سبيل المثال. فهذه المدن تتسم بارتفاع أسوارها المذهل وتشديد النزعة الأمنية على المحيط الخارجي وعملية المراقبة والتأمين تقوم على مبدأ استباقي؛ أي أن المراقبة تتم على ما هو خارج أسوار المدينة وليس على داخلها. وكأن المدن الجديدة في القاهرة تحاول حماية نفسها من المدينة القديمة. وهذا يؤدي إلى خلق ثنائية جامدة في المجتمع وفرزه بشكل شديد على أساس أمني وطبقي. وهو الأمر الذي يقود إلى إنقسام المجتمع على ذاته وتعزيز الخوف بين شرائحه المختلفة. بل أكثر من ذلك؛ فهذا النمط من التقسيم يولد قدراً هائلاً من الحقد عند طرف، ومن التوحش عند الطرف الآخر. ولقد عبرت رواية "يوتوبيا" لـ-أحمد خالد توفيق بشكل خيالي/واقعي عن هذين العالمين والواقع المادي والنفسي لكل منهما. فعلى طريقة فرانز فانون يصف خالد توفيق مدى وحشية العالم المترف وعدم تورعه في استغلال الثروات ونهبها وما يتولد من إنحطاط أخلاقي في مثل هذا المجتمع وعدم اكتراثه بأي منظومة للقيم غير اللذة وشهوة الاستهلاك والهوس المفرط بتأمين الذات من الآخر. ويستعين أفراد العالم الفوقي/المدن الجديدة بحراسات خاصة مما يكون منظومة أمنية مستقلة عن الدولة وبقية المجتمع، إضافة للأمن الذي توفره الدولة لهذه المناطق بحكم أن سكانها هم النخبة الحاكمة. وفي الرواية-مثلما في الحقيقية- تحظى هذه الأحياء بكافة الخدمات. وفي العالم الثاني يصف لنا توفيق، كما نرى على أرض الواقع إذا قارنا حياً مثل التجمع الخامس بعشوائيات القاهرة- عمق تدهور الأوضاع وما ساءت إليه الأمور من فقر وهمجية وحالة الذل والمهانة السائدة في هذا العالم. وفي حقيقية الأمر أن مثل هذا النمط في البناء وهندسة المساحة وهيكلتها يعكس طبيعة استعمارية أمنية عسكرية في بناء المجتمع. فهو عودة مرة أخرى إلى الهيكلة التي تمت في عهود الاستعمار. فعلى حسب وصف فرانز فانون تقوم تلك المجتمعات على هذا التقسيم بين مساكن السكان الأصلين وبين المستعمر الذي تلتحق به لاحقاً النخبة الوطنية التي يخلقها. وعلى حسب وصف فانون فالسكان الأصلين يبدأن في اشتهاء كل ما يملكه المستعمر حتى نسائهم (Fanon, 2004: 3-4). ولقد عبر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام بوصف رائع لتلك الثنائية في أغنيتهم التي حملت أسم "هما مين وإحنا مين". وفي هذه الأغنية يتم وصف الاختلاف في المسكن ونوعية النساء والطعام وإيقاع الحياة بشكل عام ومن هم وقود الحرب. وهذه الهندسة للمجتمع تعكس تغول النزعة الأمنية الوقائية لفئة من فئة أخرى من أبناء نفس الوطن. وينتشر في البنية العقلية لكلا الطرفين أمر خطير وهو الخوف المتبادل؛ فالطرف الأغنى عنده شعور دائم بأن المهمشين سيقومون بالانقضاض عليه في أي لحظة لسرقته. وكذلك الطرف الفقير؛ فهو يشعر أن الطرف الغني سينقض لهدم مناطقه في أي لحظة لبناء مشاريع استثمارية على ما تبقى من أرضه ومساكنه المهلهلة. وبسبب هذه الثانئية الأمنية والطبقية تولد حالة شديدة من العداء الكامن في نفسية كل طرف للآخر. وعلى نطاق مجتمعي أوسع من العشوائيات، تسبب غياب دور الدولة في التوظيف والمحور الاقتصادي بشكل عام وتوحش سياسات الخصخصة بالأخص بتحول جذري في المجتمع حيث تمحور حلم قطاعات واسعة من الطبقات المعدمة وغير المعدمة حول تأمين وظيفة عمل. فالأهالي –من مختلف الطبقات- التي تحملت معاناة كبيرة في تعليم الأبناء أصبحت أمام عبء آخر أكثر ثقلاً من العملية التعليمية ذاتها وهو توظيف هذه الأعداد المهولة من الخريجين. ولقد تخلت الدولة عن هذا الدور بشكل كامل تقريباً مع اكتمال مشروع الخصخصة وتبني السياسات النيوليبرالية مع حلول الألفية. وصارت عملية التوظيف في يد رجال الأعمال إما بشكل مباشر عن طريق التعيين فيما يملكون من مؤسسات وشركات اقتصادية أو من خلال الوساطة في شركات أجنبية ومؤسسات دولية تربطهم بها شبكة علاقات واسعة من المصالح الاقتصادية والاجتماعية. ولقد ضم الحزب الوطني أغلب رجال الأعمال في مصر. أضف إلى هذا هيمنته الكاملة على النظام العام حيث كان يمثل النظام السياسي والاقتصادي والدولة معاً. ومن هنا نستطيع فهم شيئين. أولاً، حرص مرشحو الوطني من رجال الأعمال على الوصول إلى البرلمان لضمان استمرار مصالحهم الاقتصادية من خلال احتلال البنية التشريعية في الدولة. ثانيًا، نجاح أغلب هؤلاء المرشحين ودعمهم من قطاعات جماهيرية واسعة. فلقد تم اختزال الجانب الاقتصادي في رجال الأعمال وتم اختزال الدولة في الحزب الوطني. فهذا التماهي بين النظام السياسي والدولة والحزب الوطني جعلنا أمام الدولة متجسدة في كيان واحد من بداخلها يحظى ببعض ما يمكن أن تقدمه له الدولة من خدمات. أما من هو خارجها فهو خارج العملية بالكلية وعليه البحث عن منافذ أخرى لا علاقة لها بالدولة. ومن هنا حدث تزاوج بين الحلم الاجتماعي والوعد السياسي. والحقيقية أن الوعود المقدمة من مرشحي الحزب الوطني المنحل لم تكن تمثل وعود مرشحين سياسين على الأطلاق، بل كانت وعود دولة. ومن هنا نستطيع أيضاً فهم صعوبة منافسة أحزاب أخرى للحزب الوطني باستثناء الإخوان المسلمين. لعدة أسباب. أولاً: تغلغلهم داخل البينة الاجتماعية وتواجدهم الدائم مع الجماهير من خلال مؤسساتهم الممتدة من التعليم إلي الصحة وبساطة الأفكار وقدرتهم على فهم الواقع اليومي المعاش للجماهير. ثانياً: خطابهم الممزوج بين الديني والخدمي. ثالثاً: شبكة المصالح الاقتصادية القادرة على منح خدمات للمواطن بشكل يومي. رابعاً، قدرتهم على الوفاء بالوعد السياسي للجماهير. خامساً: ثقة قطاعات واسعة من الجماهير في هذه الخدمات؛ حيث لا تنقطع بعد الانتخابات ولا ترتبط بالمكسب أو الخسارة السياسية. علي سبيل المثال، المؤسسات الطبية المختلفة المتواجدة في الإسكندرية التابعة للإخوان المسلمين لا تتوقف عن تقديم خدماتها بل تتسم في كثير من الأحيان بالجودة. سادساً، تشابه بنية تنظيم الجماعة ومحاكاته لفكرة وتنظيم الدولة وتملكها لبنية تحتية موازية. وبهذا تستطيع الجماعة مناورة الحزب الوطني حيث لا يتفاعل كلاهما كأحزاب أو حركات ولكن كدول مع فارق الإمكانيات والقدرات وتفوق كل منهم على الآخر في مواقع مختلفة. ولنتناول سريعاً النقطة الأخيرة وهى علاقة الفساد بتوليد الأمن والفزع. كما أشرنا سابقاً ضرب الفساد بجذوره أفقياً ورأسياً في المجتمع المصري والدولة والنظام السياسي. إلا أن الأمر الأخطر هو تحول الفساد إلي نظام حياة حيث لا يستقيم النظام بدون ممارسة قدر كبير أو صغير منه حسب ما تقتضيه الحاجة. وهو ما يسبب حالة خوف كبيرة في قطاعات واسعة من المجتمع من محاولة انتزاعه. حيث يتسبب انتزاع الفساد لتعرض المنظومة العامة للانهيار والتخبط. وهو الأمر الذي عبر عنه سائق شاحنة نقل ثقيل في حوار دار بينه وبين الباحث في إحدى اللجان الشعبية. كان الرجل ناقماً بشدة على الثورة لدرجة تثير الاستغراب. وحينما تم سؤاله عن وظيفته هل تعرض لمضايقات أمنية واستغلال من قبل أفراد الشرطة، أجاب أنه أمر معتاد ويحدث له بشكل يومي وفي محافظات كثيرة. إلا أنه قبل الثورة كان يعرف كيف يتعامل داخل المنظومة التي ألفها وتملك مفاتيح التعامل معها. وقد قال نصاً: قبل الثورة كنت أحضر الخمسين جنيهاً للأمين أو المخبر في أماكن الكمائن المعروفة وبعد إعطائه له كانت تسير الأمور على مايرام أما الآن فأنا لا أعرف كيف أتصرف. ويشير الدكتور محمد بشير صفار أن الفساد في مصر تحول إلى أحد أهم ميكنزمات إعادة توزيع الثروة. وهكذا يرتبط الفساد هو الآخر بحالة شديدة من الأمننة. لأن حتى انتزاع الفساد لم يعد قضية سياسية أو اقتصادية في المقام الأول ولكن صار أزمة أمنية تهدد مسار الحياة اليومية للمواطن المصري. لم يتم تطوير الأفكار بخصوص الخلفيات النفسية والاجتماعية للعالمين من خلال قراءة فانون ويوتوبيا فقط. بل تمت في حقيقية الأمر قبل قراءة كل منهما من خلال تجربة عملية للباحث في أحداث منطقة طوسون الشعبية بالإسكندرية. حيث قامت قوات الأمن والمحافظة باجتياح المنطقة والهجوم على الأهالي وسحق منازلهم لصالح بعض المشاريع الاستثمارية. وكان الباحث أحد النشطاء والصحفين المهتمين بتلك القضية وقضى وقتاً طويلاً معها ومع أهالي طوسون ومازالت تربطهم به علاقات طيبة حتى اليوم. |
#14
|
|||
|
|||
مقال مثالي لوصف جزء منالحالة السياسية ايام مبارك
مقال مثالي لوصف جزء منالحالة السياسية ايام مبارك
جزاك الله خيرا ومما ينتبه له في هذا المقال اقتباس:
فلنصبر قليلا لا اقول سنوات بل شهور فقط حتي يتنبن لنا والله ان طلائع الغد تخفي وراءها خيرا كثيرا بإذن الله باراك الله فيك اخي الحبيب |
#15
|
||||
|
||||
اقتباس:
جزيل شكرى لحضرتك لمتابعتك و آرائك القيمة ،
اقتباس:
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك |
العلامات المرجعية |
|
|