|
#1
|
||||
|
||||
(29) إنهم أعدائي! إِنَّ الفتنة بالخير، أو بالشر، أو بهما معًا هي الامتحان الإلهي الذي يدخله المؤمن، فإن شَكَر في السَّرَّاء، وصَبَر في الضَّرَّاء، وثَبَت في البأساء فقد فاز ... وأما إن كان مِن الذين قال الله فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}. سورة الحج، الآية رقم: 11؛ فبلا شك قد خسر وهَلَك. فالإيمان ليس شيئًا هيّنًا، وطريق المؤمنين ليس مفروشًا بالورود ألم تقرأ قول الله عز وجل: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}. سورة العنكبوت، الآيتان: 2، 3... وقد عَدَّد القرآنُ الكريم أنواع الفتن، فإذا بها كثيرة، أذكــرُ مــنـــهـــــا: - فتنة الشيطان: قال اللهُ تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ}. سورة الأعراف، الآية رقم: 27 - فتنة السِّحر: قال اللهُ تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}. سورة البقرة، الآية رقم: 102 - فتنة الظُّلم: قال اللهُ تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. سورة الأنفال، الآية رقم: 25 - فتنة المال والولد: قال اللهُ تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}. سورة الأنفال، الآية رقم: 28 - فتنة الشر والخير: قال اللهُ تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}. سورة الأنبياء، الآية رقم: 35 - فتنة الابتداع: قال اللهُ تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. سورة النور، الآية رقم: 63 - فتنة الناس: قال اللهُ تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}. سورة الفرقان، الآية رقم: 20 - فتنة الإيذاء: قال اللهُ تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}. سورة العنكبوت، الآية رقم: 10 - فتنة الهزيمة: قال اللهُ تعالى: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا}. سورة الأحزاب، الآية رقم: 14 - فتنة العِلم: قال اللهُ تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}. سورة الزمر، الآية رقم: 49 هذا وقد تكرَّر لفظ الفتنة في القرآن الكريم 60 مرة، وتكرَّر لفظ الابتلاء 37 مرة، أما لفظ الامتحان فلم يَرِد إِلاَّ مرتين. فمَن تتبَّع هذه الألفاظ الثلاثة ومُشتقَّاتها علم أن المؤمن يعيش حياته في جو مليء بالفتن والابتلاء، فإن صبر وصابر كان من الفائزين، وإن جَبُن وانهزم خسر الدنيا والآخرة! *********
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
(30) البنت زي الولد مش كمالة عدد! لا يزال أدعياء حقوق المرأة يُردِّدُون كلامهم في كل وقت ومكان بأن المساواة بين الرِّجال والنِّساء تُشكِّل الشَّرط الذي لا يمكن بدونه أن يتحقق التغيير الاجتماعي والاقتصادي في الدُّول النامية ... ويؤكدون على أنهم في خلال فترة قصيرة سيتمكنون من إلغاء فكرة الرجل أعلى مكانة من المرأة في كل تلك الدول ثم العالم تقريبًا ... والواقع أن هذا الصنيع المؤسف كان له أثره البالغ في نفوس الرجال الذين يعرفون ماهية تلك الدعوة، والنساء اللاتي يعرفن قدرهن حقًّا وليس كما يدعيه أولائك. فهذه الدعوة مُعَارَضَة واضحة لصَرِيح القرآن الكريم وصحيح السنة المطهرة وخلاف المعروف والمعقول فاللَّهُ عزَّ وجل يقول: {ولَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى}. سورة آل عمران، الآية رقم: 36؛ أي: أن المرأة لا تساوي الرجل في القُوَّة والجَلَد وتحمُّل المَشَاق في الخدمة وغيرها من الأعمال ... ويقول سبحانه وتعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. سورة النساء، الآية رقم: 34؛ فالمعنى: أن الرجل قَيِّم على المرأة، فهو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدّبها إذا اعوجَّت بما فضَّل اللَّهُ بعضَهم على بعض، لأن الرجال أفضل من النساء والرجل خير من المرأة، وتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة من كون الولاية مختصة بالرجال والنبوة والرسالة واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجُمَع وبما خصَّهم اللَّهُ تعالى به من العقل والرَّزانة والصبر والجَلَد الذى ليس للنساء مثله، وكذلك خَصَّهم بالنَّفقات على الزوجات إلى غير ذلك. يقول اللهُ سبحانه وتعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}. سورة البقرة، الآية رقم: 228؛ قال العلماءُ رحمهم اللَّهُ تفسيرًا لهذه الآية الكريمة: للرجال عليهن درجة في الفضيلة في الخَلْق والخُلُق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة ... وقد ثَبَت في السُّنَّة عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً». رواه البخاري، حديث رقم: 4425؛ فهذا يدل على أن المرأة لا ينبغي أن تتولى القيادة العامة ولا المُلْك ولا الرئاسة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفي الفلاح عمَنَّ جعل الأمر إليها، وكيف تساوي الرجال وهي بهذه المثابة، وثَبَت عن سولنا صلى الله عليه وسلم أنه قال في خُطبة حَجَّة الوداع المشهورة: «اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ». أي: أَسِيرات ... فالمرأة عند الرجل بمنزلة الأَسِير له عليها الأمر والولاية وله تأديبها والقيام بجميع مصالحها ... فكيف تساويه وهي التي هذا وصفها ولا يخفى على أهل الإسلام أن الشريعة الإسلامية فرَّقت بين الرجال والنساء في مواضع كثيرة في القرآن والسنة، وكما هو الواقع والمعروف شرعًا وعقلاً وعُرفًا، واللَّهُ سبحانه قد جعل ميراث المرأة على النصف من ميراث الرجل وجعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل ودِيَّتها على النصف من دِيَّة الرجل ... إلى غير ذلك مما وَرَد في الشريعة. والمقصود هنا التنبيه وليس هذا موضع حصر يتعلق بهذا الموضوع ... فالمرجو من كل رجل -فعلاً- التأمل في هذه القضية وعدم المخالفة لما جاءت به الشريعة الإسلامية والرُّجوع عما اعتقده قديمًا إِنْ كان مِن أصحاب تلك الدَّعوة القَمِيئة والتي يُراد بها الباطل وليس الحق كما يزعم أهلُها! *********
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
(31) مَــــــــــدَاااااااااااااااااد! أن يختلف المسلمون فيما بينهم حول بعض الفروع أمر قد يمكن السكوت عنه إذا ما اتفقوا على الأصول، أما أن يكون اختلافهم حول هذه الأصول ذاتها، فإن هذا ما يؤرق كل مُخلِص غَيُّور على دِينه. ولا شك أن دعاء غير الله، والاستغاثة بالصالحين، وطلب المَدَد منهم، وتقديم النُّذور والقرابين لهم، والطَّواف حول قبورهم، كل ذلك ليس من الفروع، بل هو الأصل الأول في الإسلام؛ لأنه يتعلَّق بكلمة التوحيد: لا إله إلا الله، فقد سمَّى اللهُ عزَّ وجلَّ هذه الأمور شِركًا، فهو سبحانه يقول: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ. إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}. (سورة فاطر، الآيتان: 13، 14)؛ وهو جلَّ في عُلاَه يقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ. وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}. (سورة الأحقاف، الآيتان: 5، 6)؛ وهو الذي يقول عزَّ من قائل: {وَإِذَا مَسَّ الإنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}. (سورة الزمر، الآية: 8). وفي مجتمعنا المعاصر انتشرت كل صور الشِّرك حول قبور الصالحين وغيرهم، وما حدث ذلك إلا لأننا خالفنا هَدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإن بناء المساجد حول قبور الصالحين أمر حذَّر منه النبي صلوات الله وسلامه عليه وبالغ في التحذير والنهي عنه، إِذْ قال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ». رواه مسلم (1/ 532)؛ والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. ولذلك فإننا عندما نرى ما يدور حول الأضرحة وبخاصة في الموالد التي كانت وما زالت وستبقى سوقًا رائجة لكل مُنكَر، حيث فيها اللَّهو والطَّرب والرَّقص والخمر والمخدرات والمَيْسِر واختلاط الرِّجال بالنساء، وما إلى ذلك من كل أنواع المُنكَر، ويتم ذلك كله باسم حُبِّ الصَّالحين، والصَّالحون بَرآء من ذلك كله! أقول إننا عندما نرى ذلك تنفطر قلوبنا لما وصلت إليه هذه الأمة من جهالة وشعوذة باسم الدِّين ... ومما يزيد الطين بلّة اشتراك بعض علماء المسلمين في إحياء هذه الموالد، ممَن يحتلُّون أكبر المناصب الدينية في الدولة، فذلك يعطي الموالد لونًا من الشرعية أمام الناس. هدانا اللهُ عزَّ وجلّ للطريق القويم *********
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 10-12-2016 الساعة 07:22 AM |
#4
|
||||
|
||||
(32) إلى أهل التقدم والحضارة! فإن غرورًا بالغًا يصيب الناس في كل زمان، خاصة هذا الزمان، حيث ينظرون إلى أنفسهم أنهم أهل التَّقدم والحَضَارة والرُّقي، وأن مَن سبقهم هم أهل التَّخلُّف والانحطاط والرَّجعية، فيقولون: "وصلنا من العلوم ما لم يدركه السابقون، فأقوالنا وآراؤنا أعلم وأحكم"، ومن عجب أنهم يقولون ذلك حتى في أمور الشَّرع والدِّين! فيجعلون الخَلَف في معرفة الله بأسمائه وصفاته أعلم وأحكم مِن السَلَف، وهذه مقولة خبيثة تحمل أصحابها ومن اغتر بهم على رَدِّ ما جاء به الشَّرع. والإنسان قد وَهَبه اللهُ تعالى في كل عصر من العلوم ما يُنظِّم بها حياته، فلا ينبغي أن يتطاول بها أو يطغى، فإن فعل أخذه اللهُ أخذ عَزِيز مُقْتَدِر. وبعض العصور الماضية قد بلغ الإنسان فيها طرفًا من العلوم المادية، عَجَز رجال اليوم ومُفكِّروه عن معرفته واستخدامه، من أمثلة ذلك قوم عاد وثمود وقوم فرعون، فقوم عاد بَنَوا مدينة "إِرَم" التي قال عنها رَبُّ العِزَّة سبحانه: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ}. سورة الفجر، الآيتان: 7، 8)، ووَصَف قوم ثمود بقوله: {الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ}، وبقوله: (يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ءَامِنِينَ}. (سورة الحِجر، الآية رقم: 82)، وكذلك وَصَف قوم فرعون بقوله: {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ}. (سورة الفجر، الآية رقم: 10)؛ أي الذين يبنون الجبال، فالأهرامات في بنائها وتحنيط جُثث موتاهم بها، وما طلبه فرعون من وزيره أن يبني له صرحًا يبلغ به السماء، كل ذلك من العلوم ما يعجز علماء اليوم أن يعرفوه. ففي مجالات التقدم العمراني كانت عاد وثمود وقوم فرعون مَضرب الأمثلة في القرآن الكريم. أما في مجال التقدم الطِّبي؛ فنحن نظن أن الإنسان قديمًا كان عاجزًا عما نعرفه اليوم من علوم وأبحاث في طب الأبدان، وهذا من غرورنا، لكن ظهر للباحثين خلاف ذلك، ففي العصر البرونزي عرف الإنسان عملية التربنة التي يستبدل فيها جزء تالف من عظام الدماغ وهي من الجراحات الدقيقة، وعرف القدماء المصريون زراعة الأسنان، وعرف الهنود قبل الميلاد بسبعة قرون عملية ترقيع الجلد، ولا تزال طريقتهم هي المستخدمة اليوم عند الأطباء المعاصرين مع بعض التعديلات الطفيفة. هذا؛ واللهُ سبحانه الذي بعث كل نبي بمعجزة يبهر بها قومه فيما كانوا يجيدون ويحسنون، بعث المسيح، عليه السلام: (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ}. (سورة آل عمران، الآية رقم: 49)، وذلك لأن القوم بَرعوا في الطِّب بما لم يبلغه مَن قبلهم ولا مَن بعدهم. وليس بغريب علينا ما نراه من طِبِّ العرب القدماء من العطارة والأعشاب ما يحتاجه أطباء اليوم ويتداولونه. وإن التقدم العلمي اليوم والتطور الهائل لا نستطيع له إنكارًا، وإنما أردتُ أن أُبَيِّن أنَّ حلقات التقدم المادي متغيرة على مَرِّ التاريخ، والتقدم فيها ليس دليل تقدم ورُقِيّ شامل، فاللهُ سبحانه عَابَ أقوامًا بقوله: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}. (سورة الرُّوم، الآية رقم: 7)، وإن زيادة التقدم العلمي قَرَّب السَّاعة يشهد له قوله تعالى في سورة يونس: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}. (يونس: 24) *********
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 10-12-2016 الساعة 07:30 AM |
#5
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا اخي الفاضل
مستر حاتم وبارك الله فيك تحياتي وتقديري |
#6
|
||||
|
||||
اقتباس:
شرفني وأسعدني مرورك الغالي أستاذتنا الكريمة/ أم فيصل
بارك اللهُ فيكِ
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
(33) نَتَّبِع أَم نَحتَفِل؟! اعتاد أكثر المسلمين في مصر وغيرها من البلاد أن يحتفلوا بذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام، وهم يظنون أن هذه الاحتفالات تُقرِّبهم إلى الله زُلفَى لأنها تُثبِت حُبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم! كما يتَّهمون مَن يُنكِر عليهم احتفالاتهم بأنهم أقل منهم حُبًّا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه! ومسألة حُبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا علاقة لها بالاحتفال بذكرى مولده، وإنما المقياس الحقيقي لحُبِّنا لله تبارك وتعالى وحُبِّنا لرسوله هو اتباع هذا الرسول عملاً بقول الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}. (سورة آل عمران الآية رقم: 31) ولو كانت الاحتفالات ترجمة صادقة لحُبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل معنى هذا أن الخُلفاءَ الرَّاشدين: أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً رضي اللهُ عنهم، كانوا لا يحبونه؟! وهل الصَّحابة جميعاً رضوان اللهُ تعالى عليهم كانوا لا يحبونه؟! وهل التَّابِعُون رحمهم اللهُ كانوا لا يحبونه؟! وهل مَن جاء بعدهم مِن خَير القُرون كانوا لا يحبونه؟! إنَّ صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام وتابعيهم لم يحتفلوا بذكرى مولده عليه الصلاة والسلام، فلم تُعرَف هذه الاحتفالات إلا بعد أن دخلت مصر إحدى فرق الشِّيعة التي ادَّعت أن نَسَبها ينتمي إلى فاطمة الزَّهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمُّوا أنفسَهم بالفاطميين بقصد استمالة الناس إليهم، وأحدثوا في البلاد صُور الشِّرك التي ما زالت باقية إلى يومنا هذا متمثلة في المشاهد والأضرحة والقباب التي تُعبَد من دون الله عزّ وجلّ! *********
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
(34) أَئِمَّةُ الثَّعَالِب فِي المَكْرِ والدَّهَاء! يُقال في الأساطير: إِنَّ الثَّعلب زَعَم أن الوحوش تهابه، كما تهاب النمر! فقال له النمر: كذبت. فقال الثعلب: الدليل على صدقي أن تسير معي في الغابة، وترى بعينك كيف تفر مني كلها! فسار النمر معه، وكلما مَرَّ علي حيوان فَرَّ منه لا مِن الثعلب؛ والثعلب يقول: هل صدقتَ الآن؟! وهكذا اليهود مع الأمريكان! *********
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
اقتباس:
سلمت يداك مستر حاتم تحياتي وتقديري آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 19-09-2024 الساعة 03:57 AM |
#10
|
||||
|
||||
(35) إِلَــى أَهْـــلِ الـفُــتْــيَــــا! التَّقدم العِلمي والتِّقني اليوم في غرس الأعضاء وغيره أفاد كثيرًا، وأدَّى خدمات للبشرية، إلا أنه من جهة أخرى وضعنا أمام قضايا فقهية ومشاكل أخلاقية كثيرة لا بُدّ مِن وضع حلول شرعية لها ... وهذه القضايا الجديدة في أمور الطِّب والقضايا القريبة منها في أمور المال قد تتفاوت فيها أنظار الفقهاء والعلماء المتخصصين بين مُجيزين يُحلون منها الكثير وبين مُتحفظين يَنهون منها عن اليسير؛ فينظر غير المتخصص فيحتار في هذه الأقوال المختلفة ويحتار ماذا يعمل...؟! لِذَا فإنه ينبغي علينا في كل أمر حادث جديد أن ننظر إلى فتاوى المجامع العلمية المعتبرة التي يشهدها عدد كبير من علماء العالم الإسلامي، والتي يُستعان فيها بالخبراء والمتخصصين دون تأثير على أقوالهم وقراراتهم من نظام سياسي أو مطمع دنيوي مادي، فقراراتهم هي الأقرب إلى سبيل المؤمنين الذي قال رَبُّ العِزَّة عنه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}. سورة النساء، الآية رقم: 115 هذه المجامع الفقهية كثيرة في العالم الإسلامي، مثل مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، ومجمع الفقه الإسلامي بجدة، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وغيرها من المجامع الفقهية. وسيجد المسلم الذي يريد أن يتحرَّى عن أمر دينه في قرارات هذه المجامع بغيته المنشودة، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ»؛ فإن العلم هو أفضل ما يَتَّقِي به العَبدُ الشبهات، فإن المشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، أي يعلمهن قليل من الناس، هم العلماء الأفذاذ، فيطلب علمها عندهم. لِذَا فإنك تجد الفتاوى الفردية في المستجدات العصرية متفاوتة تفاوتًا كبيرًا، بينما قرارات المجامع العلمية إن لم تكن متطابقة فهي متقاربة جدًّا، وهي بتحفُّظات علمائها الصادرة في قراراتهم لا تكاد تختلف مع غيرها من نظائرها. وليس معنى هذا ادِّعاء العِصمة لهذه القرارات بحيث لا يجوز لمجمع جديد أن ينقض فتوى لمجمع فقهي سابق، بل كلما اتسع ما لديهم من علوم وخبراء ومتخصصين يَدلون بدَلوهم ويوضحون حقيقته العلمية والأدلة الشرعية والوقائع والنتائج والتطبيقات ورصدها، فكلما كثر ذلك، كانت قراراتهم أصوب وأحكم. فَعَلى المسلم أن يأخذ في المستجدات العصرية، مثل أحكام الأموال والبنوك والبورصة وأحكام الجراحات الحديثة، وما شابه ذلك عليه أن يأخذ بفتاوى المجامع العلمية المعتبرة دون ادعاء العصمة لها. أما الفتاوى الفردية، فمع إجلالي وتقديري لمَن أفتوا بها، فإننا نضعها في موضعها الصحيح، غير معارضين بها فتاوى وقرارات المجامع العلمية ... يقول الإمام العَلَم عبد الله بن المبارك رحمه الله: "رُبَّ رَجُلٍ في الإسلام له قَدَم حَسَن وآثار صالحة كانت منه الهَفْوة والزَّلَّة، فلا يُقْتَدى به في هَفْوَته وزَلَّتِه". كتبتُ هذه الكلمات تنبيهًا على مسألة هامة؛ وهي: أنه في الأمور الحادثة العَصرية التي لم يُسبَق لها نظير يجب اتباع فتاوى وقرارات اللجان العلمية المعتبرة التي يشهدها عدد كبير من علماء العالم الإسلامي متجرِّدين من الضغوط السياسية والمادية، فهي أرشد وأوثق وأوفق، مع عدم إعمال اللِّسان أو الطَّعن في المخالفين من العلماء، مع إيماننا أنهم في قولهم الذي خالفوا فيه المجامع العلمية قد خالفهم الصواب، فهي منهم هفوة وزلة لا يُقتَدى بهم فيها. ********* |
#11
|
||||
|
||||
(36) بـِمَــا كَـسَبَــت أَيـدِيـنـــا! يقول الإمام ابن كثير في كتابه الماتع "البداية والنهاية" (ج13/ ص339): "لما حُوصِرت عَكَّا مِن قِبَل الصليبيين في عهد السلطان الكبير صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، واشتدّ الحِصار وتأخر النَّصر، وكان القاضي الفاضل بمصر يُدبِّر الممالك بها ويُجهِّز إلى السلطان ما يحتاج إليه من الأموال وعمل الأسطول والكُتب السُّلطانية، فمنها كتاب يذكر فيه: "إن سبب هذا التطويل في الحِصار كثرة الذُّنوب وارتكاب المعاصي بين الناس؛ فإن اللهَ لا يُنَال ما عنده إلا بطاعته، ولا تُفرَّج الشدائد إلا بالرجوع إليه وامتثال أمره، فكيف لا يطول الحصار ويتأخر النَّصر والمعاصي في كل مكان فاشية، وقد صعد إلى الله منها ما يتوقع التوبة والإنابة منها، وأن بيت المقدس قد ظهر فيه المنكرات والفواحش والظلم". وإِنَّنا قد أُوتِينا مِن قِبَل أنفسنا، ولو صَدقنا لعجَّل اللهُ لنا عواقب صِدقنا، ولو أطعناه لما عاقبنا بعدونا، ولو فعلنا ما نقدر عليه من أمره لفعل لنا ما لا نقدر عليه إِلاَّ به. ********* |
#12
|
||||
|
||||
[QUOTE=Mr. Hatem Ahmed;1065765557
]وإِنَّنا قد أُوتِينا مِن قِبَل أنفسنا[/b]، ولو صَدقنا لعجَّل اللهُ لنا عواقب صِدقنا، ولو أطعناه لما عاقبنا بعدونا، ولو فعلنا ما نقدر عليه من أمره لفعل لنا ما لا نقدر عليه إِلاَّ به. ********* |
#13
|
||||
|
||||
[quote=الأستاذة ام فيصل;1065765831]
اقتباس:
جزاك الله خيرًا وبارك فيكِ أستاذتنا
__________________
|
#14
|
|||
|
|||
ربنا يكتبلنا زيارة الكعبه
|
#15
|
||||
|
||||
آمين آمين
وشكرًا للمرور الكريم
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|