اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-09-2008, 03:25 PM
الصورة الرمزية Sherif Elkhodary
Sherif Elkhodary Sherif Elkhodary غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 3,957
معدل تقييم المستوى: 20
Sherif Elkhodary is on a distinguished road
افتراضي

جزاكي الله خيرا

و جعله في ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-09-2008, 07:12 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

د. سلمان بن فهد العودة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله محمد وآله وصحبه وبعد :

فقد كثر التساؤل عن مساهمات تتعلق ببطاقة ( سوا ) الهاتفية، وهل تجوز المساهمة فيها، علماً أنها تعطي أرباحاً أسبوعية ثابتة ؟

وقد انتشرت هذه المساهمة بين المواطنين والمقيمين, ويضخ فيها مئات الملايين من الريالات لأشخاص غير معتمدين من شركة الاتصالات، ولكن بحسب الثقة بهم من قبل أصحاب الأموال، حتى علمت أن بعضهم يبيع سيارته أو منـزله ليضع القيمة في بطاقة (سوا) التي تدر له ربحاً ثابتاً يتراوح ما بين ( 1500- 1800 ) ريال .

الجواب :
المكرم الأخ/ حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
والذي يظهر أن غالب هذه المعاملة هي من باب النصب والاحتيال، أو ما يسمى بغسيل الأموال, وأن المبالغ التي ذهبت فيها تعادل أضعاف القيمة الحقيقة لسوق بطاقة سوا ..

وهذه العمليات تتم في الخفاء، ويرفض بعض المتعاملين البوح بأسماء من يتعامل معهم، أو تحديد الطريقة للتأكد من صدق المعاملة.

وقد أعلنت شركة الاتصالات أن لديها اثني عشر موزعاً معتمداً، وبسعر محدد هو أربع وتسعون ريالاً للبطاقة من فئة مائة ريال.

وقد ذكر في بعض الصحف ضبط متلاعبين بأموال الناس باسم هذه البطاقة.

وتم نشر إعلانات من شركة الاتصالات للتحذير من هذه المساهمات، وأنها ليست سوى عمليات نصب واحتيال للحصول على الكسب المادي بطرق غير مشروعة وأنه لا علاقة للشركة بمثل هذه المساهمات.

كما أن وزارة التجارة أصدرت نحواً من هذا ..

وعليه فإنه لا يجوز التعامل مع هذه المجموعات المجهولة؛ لأن ذلك من باب التفريط وإضاعة المال الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

كما في الصحيح من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثًا فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ».

ولا يغتر المرء بربح عاجل؛ يكون فخاً لتحصيل المزيد , ثم الهروب , ووضع الناس أمام الأمر الواقع, وليست المشكلة هنا في كون الربح محدداً، فإن هذا راجع إلى أن سعر البطاقة محدد تقريباً وها مش الربح معلوم في الغالب..

ولكن المشكلة في عدم صدق هذه المعاملات وكونها عرضة للنصب والتلاعب والخداع واستغلال طيبة المستثمرين وسذاجتهم وقلة وعيهم، أو ظروفهم المادية التي تجعلهم يتسرعون في قبول ما يغريهم بالربح السريع.

فيجب على المرء أن يحذر من هذه الطرق, ويجتنبها ولا ينخدع بالوعود التي تذهب أدراج الرياح, وألا يتعامل إلا مع وكلاء معتمدين, ووفق وثائق صحيحة واضحة، ولا يكتفي بثقته بفلان أو فلان ..

وإنما حملني على كتابة هذه الأسطر أنه على رغم التحذيرات المعلنة في الصحف يومياً إلا أن الكثير ما زالوا يسألون عن حكمها فجاءت هذه الكلمات مساندة للتحذيرات الرسمية داعية إلى تجنب هذه الحيل وعدم الاغترار بها.

والله الهادي إلى سواء السبيل.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-09-2008, 07:14 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

جمع من العلماء(*)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، أما بعد:
فتشهد السوق المالية المحلية في الأيام القريبة القادمة طرح شركة " اتحاد اتصالات " للاكتتاب العام. ونظراً لكثرة أسئلة الناس واستفساراتهم عن حكم الدخول في هذه الشركة ، وحكم تداول أسهمها بعد مرحلة التخصيص ، وغير ذلك من الأسئلة الشائعة والمتكررة ، فقد رأى موقع " الإسلام اليوم " أن من الضروري إصدار فتوى مبنية على اجتهاد جماعي تجلي الحكم الشرعي في هذه القضايا.
ولأجل ذلك فقد قام عدد من أصحاب الفضيلة من المهتمين بالمعاملات المالية بدراسة هذه القضية وتداول الرأي للوصول إلى رأي جماعي فيها ، وبعد دراسة مستفيضة في ضوء ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ، وما قرره فقهاء الأمة ، وما صدر من فتاوى من عدد من المجامع الفقهية وهيئات الفتوى المعاصرة ، خلصوا إلى النتائج الآتية:
1- الأصل في الاكتتاب في الشركات المساهمة هو الحل، عملاً بالقاعدة الشرعية "أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة"، بدليل قوله تعالى: "وأحل الله البيع".

2- يَخرج عن الأصل السابق ما إذا كان نشاط الشركة في أعمال محرمة، فيحرم الاكتتاب فيها حتى وإن لم تبدأ الشركة في مزاولة نشاطها المحرم، لأن ما بني على باطل فهو باطل، وذلك مثل البنوك الربوية وشركات التبغ، وشركات القمار، وشركات الإعلام الهابط.

3- وبناء على ما سبق فإذا كان النشاط المعلن للشركة مباحاً، ولم يتضمن نظامها الأساسي أو نشرة الاكتتاب أو طريقة التمويل لبدء النشاط محظوراً شرعياً، فلا حرج على المسلم من الاكتتاب فيها، أخذاً بمبدأ البراءة الأصلية. ويدخل في هذا الصنف شركة " اتحاد اتصالات" ، حيث قام عدد من المتخصصين – ومن بينهم فريق العمل الشرعي ببنك البلاد - مشكورين - بفحص النظام الأساسي للشركة ونشرة الاكتتاب ، والاستفسار من بعض الأعضاء المرشحين لمجلس إدارة الشركة عن بعض ما أشكل في النظام الأساسي ونشرة الاكتتاب، ولم يتبين لهم من خلال ما اطلعوا عليه ما يمنع من الاكتتاب فيها، لاسيما وقد صرح القائمون عليها عبر بعض وسائل الإعلام بأن تمويل بدء نشاط الشركة كان بالمرابحة الإسلامية.

4- يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا. وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما،ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%، أما لو حددت حصة الواحد منهما فلا يجوز كما لو قال: خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك، لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح، فقد لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل، أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن.
ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح ، لا سيما أن هذا التصرف لا يظهر ما يمنع منه نظاماً ،فقد نص النظام الأساسي للشركة على جواز أن يكون السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر ، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل الشركة ، ولا تمنع الإجراءات المنظمة لسوق المال من اقتراض قيمة الاكتتاب ، وغير خافٍ أن المشاركة أفضل من كل وجه من الاقتراض.

5- يجوز بيع أسهم الشركة وشراؤها بعد الإذن بتداول الأسهم في السوق، لأن الشركة تمتلك موجودات أخرى غير النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً، فمن ذلك قيمة الترخيص للعمل في قطاع الاتصالات الذي تجاوزت قيمته اثني عشر مليار يال ، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة موجودات الشركة نفسها أو مطلوباتها، وإنما ترجع إلى عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام وغير ذلك. والله أعلم

وفي الختام، نهتبل هذه الفرصة لحث القائمين على الشركات المساهمة على البعد عن التمويل والاستثمار الربوي ، كما نحث المتعاملين في سوق المال على دعم الشركات المساهمة التي تتجنب في معاملاتها ما يخالف أحكام الشريعة ، ونوجه النصح لجميع الإخوة المكتتبين بالحذر من أخذ قروض أو تسهيلات بنكية بفوائد لتغطية قيمة الاكتتاب .
نسأل الله تبارك وتعالى يلهمنا الرشد والصواب ، ويفقنا للخير والسداد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

---------------------------
الموقعون:
1- د. محمد بن سعود العصيمي. مدير عام المجموعة الشرعية ببنك البلاد.
2- د. عبد الله بن موسى العمار. عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام.
3- د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان. عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام.
4- د. يوسف بن عبد الله الشبيلي. عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام.
5- د. سلمان بن فهد العودة. المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-09-2008, 07:15 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

حكم الأناشيد الإسلامية



قال العلامة عبدالعزيز ابن باز .. قدس الله روحه : ( الأناشيد الإسلامية تختلف فإذا كانت سليمة ليس فيها إلا الدعوة إلى الخير والتذكير بالخير وطاعة الله ورسوله والدعوة إلى حماية الأوطان من كيد الأعداء والاستعداد للأعداء ونحو ذلك فليس فيها شيء ، أما إذا كانت فيها غير ذلك من دعوة إلى المعاصي واختلاط النساء بالرجال أو تكشف عندهم أو أي فساد فلا يجوز استماعها ) اهـ "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (3/437) .

و قال أيضا رحمه الله : ( الأناشيد الإسلامية مثل الأشعار؛ إن كانت سليمة فهي سليمة ، و إن كانت فيها منكر فهي منكر ... و الحاصل أن البَتَّ فيها مطلقاً ليس بسديد ، بل يُنظر فيها ؛ فالأناشيد السليمة لا بأس بها ، والأناشيد التي فيها منكر أو دعوة إلى منكرٍ منكرةٌ ) [ راجع هذه الفتوى في شريط أسئلة و أجوبة الجامع الكبير ، رقم : 90 / أ ]

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله : ( الأناشيد الإسلامية كثُرَ الكلام حولها، و أنا لم أستمع إليها منذ مدة طويلةٍ ، و هي أول ماظهرت كانت لابأس بها ، ليس فيها دفوف ، و تُؤدَّى تأديةً ليس فيها فتنة ، و ليست على نغمات الأغاني المحرمة ، لكن تطورت و صارَ يُسمع منها قرع يُمكن أن يكون دُفاً ، و يمكن أن يكون غيرَ دُفٍّ. كما تطورت با ختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة ، ثم تطورت أيضاً حتى أصبحت تؤدى على صفة الأغاني المحرمة ، لذلك: أصبح في النفس منها شيء و قلق ، و ل ايمكن للإنسان أن يفتي بإنها جائزة على كل حال و لا بإنها ممنوعة على كل حال ، لكن إن خلت من الأمور التي أشرت إليها فهي جائزة ، أما إذا كانت مصحوبة بدُفٍ ، أو كانت مختاراً لها ذوو الأصوات الجميلة التي تَفتِن ، أو أُدِّيَت على نغمات الأغاني الهابطة ، فإنّه لايجوز الاستماع إليها ) [ انظر : الصحوة الإسلامية ، ص : 185]

اعتَبَرَت اللجنةُ الدائمةُ للإفتاءُ الأناشيدَ بديلاً شرعيّاً عن الغناء المحرّم ، إذ جاء في فتاواها ( يجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية ، فيها من الحِكَم و المواعظ و العِبَر ما يثير الحماس و الغيرة على الدين ، و يهُزُّ العواطف الإسلامية ، و ينفر من الشر و دواعيه ، لتَبعَثَ نفسَ من يُنشِدُها ومن يسمعُها إلى طاعة الله ، و تُنَفِّر من معصيته تعالى ، و تَعَدِّي حدوده ، إلى الاحتماءِ بحِمَى شَرعِهِ ، و الجهادِ في سبيله . لكن لا يتخذ من ذلك وِرْداً لنفسه يلتزمُه ، و عادةً يستمر عليها ، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة ، عند و جود مناسباتٍ و دواعيَ تدعو إليه ، كالأعراس و الأسفار للجهاد و نحوه ، و عند فتور الهمم ، لإثارة النفس و النهوض بها إلى فعل الخير ، و عند نزوع النفس إلى الشر و جموحها ، لردعها عنه وتـنفيرها منه . و خيرٌ من ذلك أن يتخذ لنفسه حزباً من القرآن يتلوه ، و وِرداً من الأذكار النبوية الثابتة ، فإن ذلك أزكَى للنفس ، و أطهر ، و أقوى في شرح الصدر، و طُمأنينة القلب . قال تعالى : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) [ الزمر : 23 ] ، و قال سبحانه : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) [ الرعد : 28 ، 29 ] . و قد كان دَيدَن الصحابة و شأنهم رضي الله عنهم العناية بالكتاب و السنة حفظاً و دِراسةً و عملاً ، و مع ذلك كانت لهم أناشيد و حداء يترنمون به في مثل حفرِ الخندق ، و بناء المساجد ، و في سيرهم إلى الجهاد ، و نحو ذلك من المناسبات ، دون أن يجعلوه شعارهم ، و يعيروه جلّ همهم و عنايتهم ، لكنه مما يروحون به عن أنفسهم ، و يهيجون به مشاعرهم ) [ انظر النص الكامل لهذه الفتوى في كتاب : فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء ، جمع وترتيب محمد بن عبدالعزيز المسند : 4 / 533 ]

قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ( حفظه الله ) :
النشيد هو قراءة القصائد إما بصوت واحد أو بترديد جماعتين، وقد كرهه بعض المشايخ، وقالوا: إنه من طرق الصوفية، وأن الترنم به يشبه الأغاني التي تثير الغرائز، ويحصل بها نشوة ومحبة لتلك النغمات. ولكن المختار عندي: جواز ذلك- إذا سلمت من المحذور- وكانت القصائد لا محذور في معانيها، كالحماسية والأشعار التي تحتوي على تشجيع المسلمين على الأعمال، وتحذيرهم من المعاصي، وبعث الهمم إلى الجهاد، والمسابقة في فعل الخيرات، فإن مصلحتها ظاهرة، وهي بعيدة عن الأغاني، وسالمة من الترنم ومن دوافع الفساد. (( من موقع نداء الإيمان al-eman.com ))

قال محدّث الديار الشاميّة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ( إذا كانت هذه الأناشيد ذات معانٍ إسلامية ، و ليس معها شيء من المعازف و آلات الطرب كالدفوف و الطبول و نحوِها ، فهذا أمرٌ لا بأس به ، و لكن لابد من بيان شرطٍ مهم لجوازها ، وهو أن تكون خالية من المخالفات الشرعية ؛ كالغلوّ ، و نَحوِه ، ثم شرط آخر ، و هو عدم اتخاذها دَيدَناً ، إذ ذلك يصرِفُ سامعيها عن قراءة القرآن الذي وَرَدَ الحضُّ عليه في السُنَّة النبوية المطهرة ، و كذلك يصرِفُهُم عن طلب العلم النافع ، و الدعوة إلى الله سبحانه ) [العدد الثاني من مجلة الأصالة ، الصادر بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1413هـ ]

جمعها علي بن محمد الضبعان
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-09-2008, 07:16 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

بيان من اللجنة الدائمة
في التحذير من برنامج "ستار أكاديمي" وما شابهه من البرامج



هذا البيان صدر في تاريخ 8 / 2 / 1425هـ برقم 22895
من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية ولإفتاء .
( بيان في التحذير من برنامج " ستار أكاديمي " وما شابهه من البرامج )
الحمدلله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعـــــد :

فقد أطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاءات الواردة إليها من عدد من الغيورين عن البرنامج الذي تبثه بعض القنوات الفضائية العربية المسمى " ستار أكاديمي "، وما شابهه من البرامج، وبعد دراسة الموضوع رأت اللجنة تحريم بث هذه البرامج ومشاهدتها وتمويلها، والمشاركة فيها والاتصال عليها للتصويت أو لإظهار الإعجاب بها، وذلك لما اشتملت عليه تلك البرامج من استباحة للمحرمات المجتمع على تحريمها والمجاهرة بها ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف "، رواه البخاري من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، وعنه أنه قال : " كل أمتي معافا إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول : عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ثم يصبح يكشف ستر الله عنه" . رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وأي مجاهرة بالمحرمات والفواحش تفوق ما تبثه هذه البرامج التي اشتملت على جملة من المنكرات العظيمة، من أهمها :

أولاً : الاختلاط بين الجنسين من الذكور والإناث، وقد قال الله عز وجل ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) الآية 35 من سورة الأحزاب، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : " لا يخلون أحدكم بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما "، رواه الإمام احمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب. فكيف بهذه البرامج التي تقوم فكرتها الرئيسة على خلط الجنسين من الذكور والإناث وإزالة الحواجز فيما بينهم، مع ما عليه الإناث من التبرج والسفور وإظهار للمفاتن مما يسبب الشر والبلاء. وقد قال الله عز وجل ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن .. ) الآية 31 من سورة النور .

ثانياً: الدعوة الصريحة للفاحشة ووسائلها، قال الله عز وجل ( إن الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذااب أليم في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) الآية 19 من سورة النور .

ثالثاً : الدعوة إلى إماتة الحياء و*** الغيرة في قلوب المسلمين بالفة مشاهدة هذه المناظر المخزية التي تهيج الغرائز وتبعد عن الأخلاق والفضائل، ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " رواه البخاري من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الإيمان بضع وسبعون شعبه والحياء شعبة من الإيمان " متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وعنه صلى الله عليه وسلم أيضاً : " اتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه، والله أغير مني " رواه البخاري من حديث المغير بن شعبه رضي الله عنه .

ولا يكفي في ذلك - أيها المسلم - أن تترك المشاركة في هذه البرامج والنظر إليها بل يجب عليك النصح والتذكير لمن تعلم أنه يشارك فيها بأي وجه من الوجوه لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى والتناهي عن الأثم والعدوان .

كما تدعو اللجنة التجار الممولين لهذه البرامج أن يتقوا الله تعالى فيما منَّ الله عليهم من نعمة الأموال فلا يستخدموها فيما يدمر شباب الأمة، ويهدم شعائر الدين، ويخدم أعداء الإسلام، فإن ذلك من كفران النعم وهو سبب في زوالها .

ولا يخفى أن هذه البرامج وأمثالها هي من أسباب جلب المصائب والبلايا على الإسلام والمسلمين، يقول الله عز وجل ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) الآية 30 من سورة الشورى. وفي الصحيحين من حديث زينب رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقول : " لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد أقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها، فقلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : نعم إذا كثر الخبث " .

نسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعصمنا وسائر المسلمين من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن لا يؤخذنا بما فعل السفهاء منا، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا أتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس / عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ
عضو / صالح بن فوزان الفوزان
عضو / عبدالله بن عبدالرحمن الغديان
عضو / عبدالله بن محمد المطلق
عضو / عبدالله بن علي الركبان
عضو / أحمد بن علي المباركي .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-09-2008, 07:18 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

مسابقات خط (700)



السؤال :
فضيلة الشيخ: ما حكم الاشتراك في المسابقات التي تتطلب الاتصال بالرقم 700 ، حيث تكون قيمة الاتصال على هذا الرقم باهظة الثمن، تترواح ما بين 3 إلى 5 ريالات، وكيف أتصرف لو فزت بالجائزة؟ أفتونا مأجورين
المجيب :سامي بن عبد العزيز الماجد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فكل المسابقات التي تجرى على الرقم (700) هي - بلا شك - من صريح القمار، بل ما هي إلا صورة جديدة لـ (اليانصيب) المعروف بصورته البدائية الساذجة.
والفرق بينهما صوري لا يشغب على اتفاقهما في الحقيقة والمعنى؛ فإن الأجرة التي يتكلفها المتسابق (وهو في حقيقة الأمر مقامرٌ)؛ بسبب اتصاله بالرقم (700)، هي بمثابة ثمن قسيمة الاشتراك (الكوبون) في اليانصيب.
والمال الذي يغنمه أحد المتسابقين (المقامرين) في مسابقات الرقم (700) - والمتمثل في الجائزة التي يفوز بها - ، هو في الحقيقة جزءٌ من الأموال التي تكبدها المتسابقون الآخرون جرّاء اتصالهم على هذا الرقم، وهو بمثابة المال الذي يغنمه بعض المقامرين في اليانصيب، والذي هو جزء مما تكبّده المقامرون الآخرون في شراء قسائم الاشتراك.
وكلتا الصورتين لليانصيب ( الصورة القديمة المتمثلة في قسائم اشتراك (كوبونات) تباع في الأسواق، والصورة الحديثة المعروضة في تقنيتها الحديثة من خلال الاتصال بالرقم (700) كلتاهما قمارٌ داخلٌ في الميسر الذي نزل تحريمه صريحاً في كتاب الله، قال –تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" [المائدة 90-91].
قال القرطبي (الجامع لأحكام القرآن 1/53) : "قال مالك: الميسر مَيْسِران: ميسر اللهو، وميسر القمار؛ فمن ميسر اللهو النرد والشطرنج والملاهي كلها. وميسر القمار: ما يتخاطر الناس عليه" أ.هـ .
وضابط هذه المخاطرة المحرمة:
"أن يخرج المتسابق من المسابقة إما غانماً وإما غارماً، إما أن يغنم ما غرمه غيره من المتسابقين فيكسب الجائزة التي هي من أموالهم، وإما أن يغرم ما دفعه ويذهب عليه".
وعلى هذا فكل مسابقة تحققت فيها هذه المخاطرة فهي حرامٌ، ولا يستثنى منها إلا ما استثناه الرسول- صلى الله عليه وسلم- في قوله: " لا سَبَقَ - بفتح الباء - إلا في نصل أو خف أو حافر" أخرجه أحمد (2/256) والترمذي (1/317) والنسائي (2/122) وأبو داود (2574)، وصححه غير واحد من أهل العلم .
واستثناء هذه الثلاث دليل على أن ما عداها لا يجوز، وإنما جرت بها الرخصة واستثنيت من التحريم؛ لما فيها من معنى إعداد القوة للجهاد في سبيل الله.
لقد كان ميسر الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه شبيهاً بهذه المسابقات، بل هو أهون منها من وجه كما سيأتي، وصفته - كما حكاه الأزهري وغيره - أنه كانت لهم عشرة أقداح، لكل واحد منها نصيب معلوم من جزورٍ ينحرونها، ويجزِّؤنها عشرة أجزاء، ثم يجعلون هذه الأقداح في خريطة، ويضعونها على يد عدل، ثم يجلجلها ويدخل يده فيخرج منها واحداً باسم رجل، ثم واحداً باسم رجل ..إلخ، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب الموسوم به ذلك القدح، ومن خرج له قدح لا نصيب له لم يأخذ شيئاً، وغرم ثمن الجزور كلِّه. وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها، ويفتخرون بذلك، ويذمّون من لم يدخل فيه. ينظر الكشاف للزمخشري 1/259 .
ولا اعتبار لما يتحجّج به بعضهم من أن هذه المسابقات (بل المقامرات) قد انتفع بها بعض الفقراء، فكم من فقيرٍ اغتنى بسببها في أقل وقت وجهد، فهي فرصة ينبغي ألا يحرم منها الفقراء!
وهذه حجة داحضة إنما يُخادَعُ بها الصبيان، فإن العرب في الجاهلية كانوا يدفعون ما غنموه من لحم الجزور الذي تقامروا عليه إلى الفقراء ولا يأكلون منه، ومع ذلك حرَّمه الإسلام، ونهى عنه أشد النهي، ولم يستثنِ هذه الصورة مع أن فيها خيراً للفقراء، فكيف إذا كان المقامر يأكل ما قامر عليه، ولا يدفعه للفقراء؟!.
بل حتى لو صح أن فقيراً انتفع بهذه المسابقات يوماً ما، فكم فيها من ملايين الخاسرين - والذين منهم فقراء يطمعون في الغنى - ، الذين غرموا أموالاً طائلة طمعاً في الفوز بالجوائز المغرية.
إن الشرع لم يحرم الميسر (ومنه القمار) لأنه لا منفعة فيه، كيف وقد أثبت القرآن أن فيه منافع للناس، ولكن حرّمه لأن إثمه أكبر من نفعه، (يسألونك عن الخمر والميسر، قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافعُ للناس، وإثمهما أكبرُ من نفعهما) ]البقرة: 219[، فكل ما كانت مضاره وإثمه أكبر من منفعته فهو حرام، عملاً بهذه القاعدة الشرعية.
وقد عدّ العلماء للميسر مفاسد كثيرة قد أشار الله إلى بعضها في قوله -تعالى-: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) ]المائدة: 90-91[. وأسهب فيها الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره (تفسير المنار 2/ 331-336 ) فليراجع.
على أنه لو كان الاتصال بـالرقم (700) بالمجان، لا يتكبد فيها المشترك رسوماً (المتمثِّلة في أجور الاتصال الباهظة) لكانت حلالاً كالماء الزلال - بشرط أن تخلو من المحذورات الشرعية الأخرى - ؛ لأن جوائزها عندئذ تكون من غير أموال المتسابقين قطعاً، فخرجت من شبهة القمار؛ لأن كل متسابق يدخلها وهو بين احتمالين: إما أن يغنم، أو لا يغرم، وما يغنمه ليس من مال المتسابقين (فهم قد سابقوا بالمجان)، بل هو مال لشخص متبرعٍ غيرهم، ولذا فليس فيه أكلٌ لأموال الناس بالباطل؛ بخلاف القمار الذي يكون حال المقامر فيه متردداً بين أن يغنم ما غرمه غيره من المتسابقين، أو يغرم أجرة اتصاله بالرقم (700).
هذا بالنسبة للمتسابقين، وأما الجهة التي تقيم هذه المسابقات (المقامرات)، وتتاجر بأحلام المتسابقين وأمانيهم، وتستأكل من حرصهم وتشوفهم للجوائز - والتي لا تمثل إلا قدراً ضئيلاً من عوائد اتصالات المتسابقين على الرقم (700) - فعليها إثمان:
إثم الإعانة على الإثم، ولا شك أنها معينة على الإثم بإقامتها لهذه المقامرات، وأنها بصنيعها هذا داعيةٌ إلى ضلالة.
وإثمُ أكل أموال الناس بالباطل. وكل ما ربحته من هذه المسابقات فهو سحت، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به.
فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه، وأن يحذر الدخول في هذه المسابقات (التي هي في حقيقتها مقامرات) بعد أن قامت عليه الحجة بحرمتها، وألا يجادل في الحق بعدما تبيَّن، وألا يغترّ بكثرة المسارعين فيها المخدوعين بها، فإن الله قد قال لنبيه (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) ]الأنعام:116[ ، وقال: (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنّكم في العذاب مشتركون) ]الزخرف: 39[.
ومن ربح (وبئس الربح) شيئاً من جوائز هذه المقامرات، فعليه أن يخرجها من ماله بصرفها في أبواب البر تخلّصاً لا تصدقاً.
نسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
المصدر : موقع الإسلام اليوم
السؤال :
فضيلة الشيخ / سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتشر في هذه الأيام الاتصال على الرقم الذي يبدأ 700 وقيمة المكالمة بحدود 5 ريال للدقيقة الواحدة ، وعلى ضوء الاتصال تدخل في مسابقة أو سحب فوري ، وقد تكسب مبلغاً مالياً أو تخسر قيمة المكالمة .
أرجو توضيح الحكم الشرعي مفصلاً ؟ والله يحفظكم ويرعاكم .
الجواب : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا الأمر من القمار الذي حرمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو مؤسس لجلب الأموال سواء كانت من حلال أو من حرام ، وقائم على أكل أموال الناس بالباطل ، واستنـزاف أموالهم ، بطرق ما كرة ، وحيل ملتوية ومحرمة ، ولهذه المسابقة سلبيات كثيرة ، ومضار متعددة ، فمن ذلك : تبذير مال المسابق ، نتيجة المكالمات ومنها إضاعة الوقت في المكالمات الخيالية التي هي إلى ضررها أقرب منها إلى نفعها ، ومنها التلاعب بعقول الناس ، ومنها الاعتماد على سبب قد لا يمت للحقيقة بصلة ، ومنها أن هذه المسابقة قد تعطل على بعض ضعاف النفوس من الناس أعمالهم التجارية الصحيحة فبدلاً من أن يكسب من عمل يده يجلس الأيام في متابعة هذه المسابقة ويُمضي الساعات في ملاحقة هذه الأمور الوهمية .
ومن صور القمار أن تخاطر بدفع المال دون عين أو منفعة رجاء أن تنال أكثر كما في برنامج من سيربح المليون المبثوث عبر قناة إم بي سي ، ومنها مسابقات كنـز الأحلام والتي انتشرت في بعض الفضائيات العربية ، ومن ذلك جوائز السحب في بعض المحلات التجارية ، فيشتري أحدهم سلعة – لعله ليست له بها حاجة - بقصد أن يغنم هذه الجائزة ، ومن ذلك ، اللعب بالنرد ، والشطرنج والبلوت ونحو ذلك على عوض ، ومنه التأمين على النفس والرخصة ، والبيت ، والسيارة ، والبضاعة ، مالم تكن إكراهاً ، أو اضطراراً.
وهذه البرامج ، والجمعيات ، والتأمينات ، المؤسسة على القمار سلبياتها الاقتصادية متعددة بل توقع الاقتصاد في هوة سحيقة ، ولا تضيف شيئاً يستحق الذكر إلى ثروة المجتمع ، وميزانية الفرد ، فلا عجب حين أجمع العلماء على تحريم القمار ، وتجريم فاعله وتأديبه ، أو الحجر عليه ، والحث على التجارة ، والترغيب في ذلك ، بطرق زاكية وغايات محمودة ، وليست التجارة في الإسلام نـهب أموال المجتمع بالمكر والخديعة وغير ذلك من أساليب الترويج المغرية والغربية المضللة ، وفي نفس الوقت ليست وظيفة مالية شأنها إنماء الثروة الاقتصادية فحسب .
وهذا الأمر الذي جاء في السؤال هو من الميسر الذي جاء تحريمه في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ) والمتأمل في الآيات القرآنية يجد أن الله تعالى كثيراً ما يقرن الميسر بالخمر (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ) ذلك لأن كلاً منهما يستحوذ على الفكر ، ويمنعه من التفكير السليم ، ويسيطر على دينه ودنياه ويورث العداوة والبغضاء ، وقليله يدعو إلى كثيره ، ومفاسده راجحة ، ونفعه مرجوح وعاقبته سيئة .
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في الفروسية (308) فقرن الميسر بالأصنام والأزلام والخمر ، وأخبر أن الأربعة رجس من عمل الشيطان ، ثم أمر باجتنابها ، وعلق الفلاح باجتنابها ، ثم نبه على وجوه المفسدة المقتضية للتحريم فيها ، وهي ما يوقعه الشيطان بين أهلها من العداوة والبغضاء ، ومن الصد عن ذكر الله ، وعن الصلاة .
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن مفسدة الميسر أعظم من مفسدة الربا قال رحمه الله تعالى في الفتاوى (32/237)
فتبين أن (الميسر) اشتمل على مفسدتين : مفسدة في المال وهي أكله بالباطل . ومفسده في العمل ، وهي ما فيه من مفسدة المال وفساد القلب والعقل وفساد ذات البين وكل من المفسدتين مستقلة بالنهي ، فينهى عن أكل المال بالباطل مطلقاً ولو كان بغير ميسر كالربا ، وينهى عما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء ولو كان بغير أكل مال ، فإذا اجتمعا عظم التحريم : فيكون الميسر المشتمل عليهما أعظم من الربا ، ولهذا حرم ذلك قبل تحريم الربا ، ومعلوم أن الله تعالى لما حرم الخمر حرمها ولو كان الشارب يتداوى بها ، كما ثبت في الحديث الصحيح . وحرم بيعها لأهل الكتاب وغيرهم ، وإن كان أكل ثمنها لا يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، ولا يوقع العداوة والبغضاء ؛ لأن الله تعالى إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه ، كل ذلك مبالغة في الاجتناب . فكذا الميسر منهي عن هذا وعن هذا . والمعين على الميسر كالمعين على الخمر ، فإن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان . وكما أن الخمرة تحرم الإعانة عليها ببيع أو عصر أو سقي أو غير ذلك ؛ فكذلك الإعانة على الميسر : كبائع آلاته ، والمؤجر لها والمذبذب الذي يعين أحدهما ؛ بل مجرد الحضور عند أهل الميسر كالحضور عند أهل الخمر ... ).
والشريعة تحارب الميسر ، وتطارده في كل المجالات ، ولا تبيح منه شيئاً . وفساده وقبحه يعلم بالشرع ، والعقل ، ولو لم يرد في تحريمه دليل من الكتاب ، والسنة، والإجماع لكانت المصلحة تقتضي منعه ، وزجر فاعله ، فقد جاءت الشريعة بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الفروسية (309) وإذا تأملت أحوال هذه المغالبات ، رأيتها في ذلك كالخمر ، قليلها يدعو إلى كثيرها ، وكثيرها يصد عن ما يحبه الله ورسوله ، ويوقع فيما يبغضه الله ورسوله ، فلو لم يكن في تحريمها نص ؛ لكانت أصول الشريعة ، وقواعدها ، وما اشتملت عليه من الحكم والمصالح وعدم الفرق بين المتماثلين ، توجب تحريم ذلك ، والنهي عنه .
وحين كانت الشريعة الإسلامية مؤسسة على العدل ، ومحاربة الظلم بكل أشكاله وصنوفه وألوانه ، وجاءت بقواعد نورانية منها القاعدة العظيمة (لا ضرر ولا ضرار) وعلى هذا الأساس منعت كل المعاملات التي يتخللها ظلم ومنها الميسر ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى (28/385)
فمن العدل فيها ما هو ظاهر ، يعرفه كل أحد بعقله كوجوب تسليم الثمن على المشتري ، وتسليم المبيع على البائع للمشتري ........... ومنه ما هو خفي جاءت به الشرائع أو شريعتنا – أهل الإسلام – فإن عامة ما نهى عنه الكتاب والسنة من المعاملات يعود إلى تحقيق العدل ، والنهي عن الظلم دقه وجله ؛ مثل أكل المال بالباطل . وجنسه الربا والميسر . وأنواع الربا والميسر التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم : مثل بيع الغرر ، وبيع حبل الحبلة ........ .
وإن المال هو عصب الحياة ، وهو قوام الإنسانية ، به يعمر الكون ، وهو زينة الحياة الدنيا ، به يحج ويجاهد ، وهو المقرب إلى الجنة أو النار ، أو النعيم أو العذاب ، فطوبى لمن أخذه على وجهه المشروع ، والطريق المتبوع ، وويل ثم الويل لمن أخذه بالحيل المحرمة ، والطرق المحظورة .
إن الشريعة جاءت بتنمية الاقتصاد (فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) وذلك على وفق طرق صحيحة ، ووسائل سليمة ، وجاء فضل المال الصالح على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم المال الصالح للمرء الصالح) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/197) والبخاري في الأدب المفرد (112) وابن حبان في صحيحه (8/6) من طريق موسى بن علي ، عن أبيه ، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه .
وبينت الآيات القرآنية ، والسنة النبوية ، الطرق الصحيحة لتنمية الاقتصاد والحفاظ على الأموال ، وجاء في ضمن إطار الضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع على المحافظة عليها ، وهي : الدين ، والنفس ، والعقل ، والعرض ، والمال .
فأهيب بالمسلمين أن يتحروا الكسب الحلال ، والمطعم الصافي الخالص من شوائب الشبه والارتياب ، وأن تكون طريقتهم المتبوعة في كسب المال ، وكل شؤن الحياة كطريقة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم النبراس الأعظم ، والجيل المعظم والقرن المفضل ، فهم القدوة ، وبهم الأسوة، وسلوكهم هو الذي يدل على هذا الفهم وبإطلالنا على سيرهم وتراجمهم نجدهم وكأنهم في عالم غير عالمنا ، يأخذون بالأسباب في الكسب ، ويجعلون جزءاً من أوقاتهم للعلم والدعوة وجهاد الذين كفروا ، فإذا دعا داعي الجهاد فهم الرجال ، ومنهم الأغنياء بلا بطر ، وفيهم الفقراء بلا ضجر ومع التعفف ، وفيهم من يدفع الدنيا بالراحتين والصدر ، ومنهم من أتته الدنيا وهي راغمة ، وكانوا أشد الناس بعداً عن توظيف كل أوقاتهم في التكالب على الدنيا ، وجمع الحطام الفاني ، فتحوا البلاد ، وأنشئوا المدن ، وأقاموا الدول .
وقد سار على دربهم ، وتبعهم على منهجهم تابعوهم بإحسان ، وأين نحن من قول الإمام محمد بن المنكدر ، كم من عين ساهرة في رزقي في ظلمات البر والبحر .
وقد سئل سعيد بن عبد العزيز عن الكفاف من الرزق ما هو ؟ قال : شبع يوم وجوع يوم .
ويقول أبو سليمان الداراني من وثق في رزقه زاد في حسن خلقه ، وأعقبه الحلم وسخت نفسه ، وقلت وساوسه في صلاته .
ومن شعر أبي تمام
هلكن إذاً مـن جهلهن الـبهائمُ ولو كانت الأرزاق تُجرى على الحِجى
ولا المجد في كفِّ امرىءٍ والدراهم ولـم يـجتمع شرقٌ وغرب لقاصدٍ
ودرهم من حلال خير من مئات من حرام
قليل الـمال تصـلحه فـيبقى ولا يـبقى الـكثير مـع الفسـاد
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-09-2008, 07:19 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

تكذيب الرؤيا المزعومة
من خادم الحجرة النبوية المسمى الشيخ أحمد
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله



من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين حفظهم الله بالإسلام، وأعاذنا وإياهم من شر مفتريات الجهلة الطغام آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:

فقد اطلعت على كلمة منسوبة إلى الشيخ أحمد خادم الحرم النبوي الشريف بعنوان: (هذه وصية من المدينة المنورة، عن الشيخ أحمد خادم الحرم النبوي الشريف). قال فيها: (كنت ساهرا ليلة الجمعة أتلو القرآن الكريم، وبعد تلاوة قراءة أسماء الله الحسنى، فلما فرغت من ذلك تهيأت للنوم، فرأيت صاحب الطلعة البهية رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أتى بالآيات القرآنية والأحكام الشريفة؛ رحمة بالعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: يا شيخ أحمد، قلت: لبيك يا رسول الله، يا أكرم خلق الله، فقال لي: أنا خجلان من أفعال الناس القبيحة، ولم أقدر أن أقابل ربي ولا الملائكة؛ لأن من الجمعة إلى الجمعة مات مائة وستون ألفا على غير دين الإسلام، ثم ذكر بعض ما وقع فيه الناس من المعاصي، ثم قال: فهذه الوصية رحمة بهم من العزيز الجبار، ثم ذكر بعض أشراط الساعة... إلى أن قال: فأخبرهم يا شيخ أحمد بهذه الوصية؛ لأنها منقولة بقلم القدر من اللوح المحفوظ، ومن يكتبها ويرسلها من بلد إلى بلد، ومن محل إلى محل بُني له قصر في الجنة، ومن لم يكتبها ويرسلها حرمت عليه شفاعتي يوم القيامة، ومن كتبها وكان فقيرا أغناه الله، أو كان مديونا قضى الله دينه، أو عليه ذنب غفر الله له ولوالديه ببركة هذه الوصية، ومن لم يكتبها من عباد الله اسود وجهه في الدنيا والآخرة.

وقال: والله العظيم (ثلاثا) هذه حقيقة، وإن كنت كاذبا أخرج من الدنيا على غير الإسلام، ومن يصدق بها ينجو من عذاب النار، ومن كذب بها كفر).

هذه خلاصة ما في هذه الوصية المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد سمعنا هذه الوصية المكذوبة مرات كثيرة منذ سنوات متعددة تنشر بين الناس فيما بين وقت وآخر، وتروج بين الكثير من العامة، وفي ألفاظها اختلاف، وكاذبها يقول: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فحمله هذه الوصية، وفي هذه النشرة الأخيرة التي ذكرناها لك أيها القارئ، زعم المفتري فيها أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حين تهيأ للنوم لا في النوم، فالمعنى: أنه رآه يقظة. زعم هذا المفتري في هذه الوصية أشياء كثيرة هي من أوضح الكذب وأبين الباطل، سأنبهك عليها قريبا في هذه الكلمة إن شاء الله، ولقد نبهت عليها في السنوات الماضية، وبينت للناس أنها من أوضح الكذب وأبين الباطل، فلما اطلعت على هذه النشرة الأخيرة ترددت في الكتابة عنها؛ لظهور بطلانها وعظم جرأة مفتريها على الكذب، وما كنت أظن أن بطلانها يروج على من له أدنى بصيرة أو فطرة سليمة.

ولكن أخبرني كثير من الإخوان أنها قد راجت على كثير من الناس، وتداولوها بينهم، وصدقها بعضهم، فمن أجل ذلك رأيت أنه يتعين على أمثالي الكتابة عنها؛ لبيان بطلانها، وأنها مفتراة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يغتر بها أحد، ومن تأملها من ذوي العلم والإيمان أو ذوي الفطرة السليمة والعقل الصحيح، عرف أنها كذب وافتراء من وجوه كثيرة.

ولقد سألت بعض أقارب الشيخ أحمد المنسوبة إليه هذه الفرية عن هذه الوصية، فأجابني بأنها مكذوبة على الشيخ أحمد، وأنه لم يقلها أصلا، والشيخ أحمد المذكور قد مات من مدة، ولو فرضنا أن الشيخ أحمد المذكور أو من هو أكبر منه زعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم أو اليقظة، وأوصاه بهذه الوصية- لعلمنا يقينا أنه كاذب، أو أن الذي قال له ذلك شيطان، وليس هو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لوجوه كثيرة منها:

الوجه الأول: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرى في اليقظة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، ومن زعم من جهلة الصوفية أنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، أو أنه يحضر المولد، أو ما أشبه ذلك فقد غلط أقبح الغلط، ولبس عليه غاية التلبيس، ووقع في خطأ عظيم، وخالف الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم؛ لأن الموتى إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة، لا في الدنيا، كما قال الله سبحانه وتعالى: { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } فأخبر سبحانه أن بعث الأموات يكون يوم القيامة لا في الدنيا، ومن قال خلاف ذلك فهو كاذب كذبا بينا، أو غالط ملبّس عليه، لم يعرف الحق الذي عرفه السلف الصالح ودرج عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان.

الوجه الثاني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول خلاف الحق، لا في حياته، ولا في وفاته، وهذه الوصية تخالف شريعته مخالفة ظاهرة من وجوه كثيرة- كما يأتي:- وهو صلى الله عليه وسلم قد يرى في النوم، ومن رآه في المنام على صورته الشريفة فقد رآه؛ لأن الشيطان لا يتمثل في صورته، كما جاء بذلك الحديث الصحيح الشريف، ولكن الشأن كل الشأن في إيمان الرائي وصدقه وعدالته وضبطه وديانته وأمانته، وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم في صورته أو في غيرها؟، ولو جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث قاله في حياته من غير طريق الثقات العدول الضابطين لم يعتمد عليه، ولم يحتج به، أو جاء من طريق الثقات الضابطين ولكنه يخالف رواية من هو أحفظ منهم وأوثق مخالفة لا يمكن معها الجمع بين الروايتين لكان أحدهما منسوخا لا يعمل به، والثاني ناسخ يعمل به حيث أمكن بذلك بشروطه، وإذا لم يمكن ذلك ولم يمكن الجمع، وجب أن تطرح رواية من هو أقل حفظا وأدنى عدالة، والحكم عليها بأنها شاذة لا يعمل بها، فكيف بوصية لا يعرف صاحبها الذي نقلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تعرف عدالته وأمانته... فهي والحالة هذه حقيقة بأن تطرح ولا يلتفت إليها، وإن لم يكن فيها شيء يخالف الشرع، فكيف إذا كانت الوصية مشتملة على أمور كثيرة تدل على بطلانها، وأنها مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتضمنة لتشريع دين لم يأذن به الله! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: { من قال عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار }
وقد قال مفتري هذه الوصية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل، وكذب عليه كذبا صريحا خطيرا، فما أحراه بهذا الوعيد العظيم، وما أحقه به إن لم يبادر بالتوبة وينشر للناس أنه قد كذب في هذه الوصية على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن من نشر باطلا بين الناس ونسبه إلى الدين لم تصح توبته منه إلا بإعلانها وإظهارها، حتى يعلم الناس رجوعه عن كذبه وتكذيبه لنفسه؛ لقول الله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }

فأوضح الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن من كتم شيئا من الحق لم تصح توبته من ذلك إلا بعد الإصلاح والتبيين، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة ببعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما أوحى الله إليه من الشرع الكامل، ولم يقبضه إليه إلا بعد الإكمال والتبيين، كما قال عز وجل: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }

ومفتري هذه الوصية قد جاء في القرن الرابع عشر يريد أن يلبّس على الناس دينهم، ويشرع لهم دينا جديدا، يترتب عليه دخول الجنة لمن أخذ بتشريعه وحرمان الجنة ودخوله النار لمن لم يأخذ بتشريعه، ويريد أن يجعل هذه الوصية التي افتراها أعظم من القرآن وأفضل، حيث افترى فيها أن من كتبها وأرسلها من بلد إلى بلد أو من محل إلى محل بُني له قصر في الجنة، ومن لم يكتبها ويرسلها حرمت عليه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وهذا من أقبح الكذب، ومن أوضح الدلائل على كذب هذه الوصية، وقلة حياء مفتريها، وعظم جرأته على الكذب؛ لأن من كتب القرآن الكريم وأرسله من بلد إلى بلد، أو من محل إلى محل لم يحصل له هذا الفضل، إذا لم يعمل بالقرآن الكريم، فكيف يحصل لكاتب هذه الفرية وناقلها من بلد إلى بلد، ومن لم يكتب القرآن ولم يرسله من بلد إلى بلد لم يُحْرم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مؤمنا به تابعا لشريعته، وهذه الفرية الواحدة في هذه الوصية تكفي وحدها للدلالة على بطلانها، وكذب ناشرها ووقاحته وغباوته وبعده عن معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الهدى، وفي هذه الوصية سوى ما ذكر أمور أخرى كلها تدل على بطلانها وكذبها، ولو أقسم مفتريها ألف قسم أو أكثر على صحتها، ولو دعا على نفسه بأعظم العذاب وأشد النكال على أنه صادق لم يكن صادقا ولم تكن صحيحة، بل هي والله ثم والله من أعظم الكذب وأقبح الباطل، ونحن نشهد الله سبحانه ومن حضرنا من الملائكة، ومن اطلع على هذه الكتابة من المسلمين شهادة نلقى بها ربنا عز وجل: أن هذه الوصية كذب وافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخزى الله من كذبها وعامله بما يستحق.

ويدل على كذبها وبطلانها سوى ما تقدم أمور كثيرة:
الأول منها: قوله فيها: (لأن من الجمعة إلى الجمعة مات مائة وستون ألفا على غير دين الإسلام؛ لأن هذا من علم الغيب، والرسول صلى الله عليه وسلم قد انقطع عنه الوحي بعد وفاته، وهو في حياته لا يعلم الغيب فكيف بعد وفاته؛ لقول الله سبحانه: { قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ } وقوله تعالى: { قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ } وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { يُذاد رجال عن حوضي يوم القيامة فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }

الثاني من الأمور الدالة على بطلان هذه الوصية، وأنها كذب: قوله فيها: (من كتبها وكان فقيرا أغناه الله، أو مديونا قضى الله دينه، أو عليه ذنب غفر الله له ولوالديه ببركة هذه الوصية)... إلى آخره.

وهذا من أعظم الكذب، وأوضح الدلائل على كذب مفتريها، وقلة حيائه من الله ومن عباده؛ لأن هذه الأمور الثلاثة لا تحصل بمجرد كتب القرآن الكريم، فكيف تحصل لمن كتب هذه الوصية الباطلة! وإنما يريد هذا الخبيث التلبيس على الناس وتعليقهم بهذه الوصية حتى يكتبوها ويتعلقوا بهذا الفضل المزعوم، ويَدَعُوا الأسباب التي شرعها الله لعباده، وجعلها موصلة إلى الغنى وقضاء الدين ومغفرة الذنوب، فنعوذ بالله من أسباب الخذلان وطاعة الهوى والشيطان.

الأمر الثالث من الأمور الدالة على بطلان هذه الوصية: قوله فيها: (ومن لم يكتبها من عباد الله اسود وجهه في الدنيا والآخرة). وهذا أيضا من أقبح الكذب، ومن أبين الأدلة على بطلان هذه الوصية، وكذب مفتريها، كيف يجوز في عقل عاقل أن من لم يكتب هذه الوصية التي جاء بها رجل مجهول في القرن الرابع عشر، يفتريها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويزعم: أن من لم يكتبها يسود وجهه في الدنيا والآخرة، ومن كتبها كان غنيا بعد الفقر، وسليما من الدين بعد تراكمه عليه، ومغفورا له ما جناه من الذنوب، سبحانك هذا بهتان عظيم.

وإن الأدلة والواقع يشهدان بكذب هذا المفتري، وعظم جرأته على الله وقلة حيائه من الله ومن الناس، فهؤلاء أمم كثيرة لم يكتبوها، فلم تسود وجوههم، وهاهنا جم غفير لا يحصيهم إلا الله قد كتبوها مرات كثيرة فلم يقض دينهم، ولم يزل فقرهم، فنعوذ بالله من زيغ القلوب ورين الذنوب، وهذه صفات وجزاءات لم يأت بها الشرع الشريف لمن كتب أفضل كتاب وأعظمه، وهو: القرآن الكريم، فكيف تحصل لمن كتب وصية مكذوبة مشتملة على أنواع من الباطل، وجمل كثيرة من أنواع الكفر؟! سبحان الله، ما أحلمه على من اجترأ عليه بالكذب.

الأمر الرابع من الأمور الدالة على أن هذه الوصية من أبطل الباطل، وأوضح الكذب: قوله فيها: (ومن يصدق بها ينجو من عذاب النار، ومن كذب بها كفر).
وهذا أيضا من أعظم الجرأة على الكذب، ومن أقبح الباطل، يدعو هذا المفتري جميع الناس إلى أن يصدقوا بفريته، ويزعم أنهم بذلك ينجون من عذاب النار، وأن من كذب بها يكفر، لقد أعظم والله هذا الكذاب على الله الفرية وقال- والله- غير الحق، إن من صدق بها هو الذي يستحق أن يكون كافرا لا من كذب بها؛ لأنها فرية وباطل وكذب لا أساس له من الصحة، ونحن نشهد الله على أنها كذب، وأن مفتريها كذاب يريد أن يشرع للناس ما لم يأذن به الله، ويدخل في دينهم ما ليس منه، والله قد أكمل الدين وأتمه لهذه الأمة من قبل هذه الفرية بأربعة عشر قرنا. فانتبهوا أيها القراء والإخوان، وإياكم والتصديق بأمثال هذه المفتريات، وأن يكون لها رواج فيما بينكم، فإن الحق عليه نور، لا يلتبس على طالبه، فاطلبوا الحق بدليله، واسألوا أهل العلم عما أشكل عليكم، ولا تغتروا بحلف الكذابين، فقد حلف إبليس اللعين لأبويكم على: أنه لهما من الناصحين، وهو أعظم الخائنين، وأكذب الكذابين، كما حكى الله عنه ذلك في سورة الأعراف، حيث قال سبحانه { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } فاحذروه واحذروا أتباعه من المفترين، فكم له ولهم من الأيمان الكاذبة والعهود الغادرة والأقوال المزخرفة للإغواء والتضليل.

عصمني الله وإياكم وسائر المسلمين من شر الشياطين، وفتن المضلين، وزيغ الزائغين، وتلبيس أعداء الله المبطلين، الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ويلبسوا على الناس دينهم، والله متم نوره، وناصر دينه، ولو كره أعداء الله من الشياطين، وأتباعهم من الكفار والملحدين. وأما ما ذكره هذا المفتري من ظهور المنكرات، فهو أمر واقع، والقرآن الكريم والسنة المطهرة قد حذرا منها غاية التحذير، وفيهما الهداية والكفاية.

ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنَّ عليهم باتباع الحق والاستقامة عليه، والتوبة إلى الله سبحانه من سائر الذنوب، فإنه التواب الرحيم، والقادر على كل شيء.

وأما ما ذكر عن أشراط الساعة، فقد أوضحت الأحاديث النبوية ما يكون من أشراط الساعة، وأشار القرآن الكريم إلى بعض ذلك، فمن أراد أن يعلم ذلك وجده في محله من كتب السنة، ومؤلفات أهل العلم والإيمان، وليس بالناس حاجة إلى بيان مثل هذا المفتري وتلبيسه، ومزجه الحق بالباطل، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-09-2008, 07:24 PM
الصورة الرمزية MohammeD el_SadaT
MohammeD el_SadaT MohammeD el_SadaT غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 8,093
معدل تقييم المستوى: 0
MohammeD el_SadaT is an unknown quantity at this point
افتراضي

جزاكى الله خيراً
على هذا الموضوع الأكثر من رائع
و
جعله الله لكى فى ميزان حسناتك
بجد
مجهود أكثر من رائع
تسلم إيدك

وياريت تستمرى فيه
__________________

Always remember two things
Don’t' take any decision when you are Angry
Don’t' make any promises when you are Happy
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-09-2008, 07:21 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

حكم التوسل بالأولياء والصالحين
قرأها وراجعها الأستاذ الدكتور
ناصر بن عبدالكريم العقل


الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:

*فإنه نتيجة لبعد كثير من المسلمين عن ربهم وجهلهم بدينهم في هذا الزمن فقد كثرت فيهم الشركيات والبدع والخرافات، ومن ضمن هذه الشركيات التي انتشرت بشكل كبير تعظيم بعض المسلمين لمن يسمونهم بالأولياء والصالحين ودعاؤهم من دون الله واعتقادهم أنهم ينفعون ويضرون، فعظموهم وطافوا حول قبورهم.
* ويزعمون أنهم بذلك يتوسلون بهم إلى الله لقضاء الحاجات وتفريج الكربات، ولو أن هؤلاء الناس الجهلة رجعوا إلى القرآن والسنة وفقهوا ما جاء فيهما بشأن الدعاء والتوسل لعرفوا ما هو التوسل الحقيقي المشروع ؟
* إن التوسل الحقيقي المشروع هو الذي يكون عن طريق طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بفعل الطاعات واجتناب المحرمات، وعن طريق التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة وسؤاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، فهذا هو الطريق الموصل إلى رحمة الله ومرضاته.
* أما التوسل إلى الله عن طريق : الفزع إلى قبور الموتى والطواف حولها، والترامي على أعتابها وتقديم النذور لأصحابها، لقضاء الحاجات وتفريج الكربات فليس توسلا مشروعا بل هذا هو الشرك والكفر بعينه والعياذ بالله .
* فكل من غلا في حيٍ ، أو رجل صالح، أو نحوه، وجعل له نوعا من أنواع العبادة مثل أن يقول إذا *** شاة: باسم سيدي، أو يعبده بالسجود له أو يدعوه من دون الله تعالى مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغفر لي أو ارحمني أو انصرني أو ارزقني أو أغثني، أو نحو ذلك من الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الرب والتي لا تصلح إلا الله تعالى، فقد أشرك بالله شركا أكبر، فإن الله تعالى إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له ولا نجعل مع الله إلها آخر.
* والذين كانوا يدعون مع الله آلهةً أخرى مثل اللات والعزى وغيرها لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق، أو أنها تنزل المطر، وإنما كانوا يعبدونها ويقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ويقولون: هم شفعاؤنا عند الله.
*فأرسل الله رسله تنهى أن يُدعى أحد من دونه لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة، وقال تعالى: ( قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً ) الإسراء: 56 وقال تعالى: ( قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) سبأ :22 فأخبر سبحانه: أن ما يُدعى من دون الله ليس له مثقال ذرة في الملك وأنه ليس له من الخلق عون يستعين به.
* ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، فقال في مرض موته: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا) وكان ذلك سدا لذريعة الوقوع في الشرك فإن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كان بسبب تعظيم القبور بالعبادة ونحوها.
* وأما ما جاء في توسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنهما، الذي قد يحتج به البعض، فإن عمر توسل بدعاء العباس لا بشخصه، والتوسل بدعاء الأشخاص غير التوسل بشخصهم بشرط أن يكونوا أحياء؛ لأن التوسل بدعاء الحي نوع من التوسل المشروع بشرط أن يكون المتوسل بدعائه رجلا صالحا. وهذا من جنس أن يطلب رجل الدعاء من رجل صالح حي ثم يطلب من الله أن يقبل دعاء هذا الرجال الصالح الحي له.
* أما الميت الذي يذهب إليه السائل ليسأل الله ببركته ويطلب منه العون قد أصبح بعد موته لا يملك لنفسه شيئا ولا يستطيع أن ينفع نفسه بعد موته فكيف ينفع غيره؟! ولا يمكن لأي إنسان يتمتع بذرة من العقل السليم يستطيع أن يقرر أن الذي مات وفقد حركته وتعطلت جوارحه يستطيع أن ينفع نفسه بعد موته فضلا عن أن ينفع غيره، وقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم قدرة الإنسان على فعل أي شيء بعد موته فقال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) فتبين من الحديث أن الميت هو الذي بحاجة إلى من يدعو له ويستغفره له، وليس الحي هو الذي بحاجة إلى دعاء الميت، وإذا كان الحديث يقرر انقطاع عمل ابن آدم بعد موته، فكيف نعتقد أن الميت حي في قبره حياة تمكنه من الاتصال بغيره وإمداده بأي نوع من الإمدادات؟ كيف نعتقد ذلك؟! وفاقد الشيء لا يعطيه والميت لا يمكنه سماع من يدعوه مهما أطال في الدعاء قال تعالى: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمٍْ ) فاطر:13،14 فنفى الله عنهم الملك وسماع الدعاء ومعلوم أن الذي لا يملك لا يعطي، وأن الذي لا يسمع لا يستجيب ولا يدري، وبينت الآية أن كل مدعو من دون الله كائنا من كان فإنه لا يستطيع أن يحقق لداعيه شيئا .
* وكل معبود من دون الله فعبادته باطلة، قال تعالى( وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنْ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ ) الآية يونس: 106،107 ويتبين من هذه الآية أن كل مدعو من دون الله لا ينفع ولا يضر، فإذا ما الفائدة من عبادته ودعائه، وهذا فيه تكذيب لأهل الخرافة الذين يقولون ذهبنا للقبر الفلاني أو دعونا الولي الفلاني وتحصل لنا ما نريد، فمن قال ذلك فقد كذب على الله، ولو فرض أن حصل شيء مما يقولون فإنه حصل بأحد سببين:
1- إن كان الأمر مما يقدر عليه الخلق عادة فهذا حصل من الشياطين لأنهم دائما يحضرون عند القبور، لأنه ما من قبر أو صنم يعبد من دون الله إلا تحضره الشياطين لتعبث في عقول الناس.
* وهؤلاء المتوسلون بالأولياء لما كانوا من جنس عباد الأوثان صار الشيطان يضلهم ويغويهم كما يضل عباد الأوثان قديما فتتصور الشياطين في صورة ذلك المستغاث به وتخاطبهم بأشياء على سبيل المكاشفة، كما تخاطب الشياطين الكهان وقد يكون بعض ذلك صدقاً، ولكن أكثره كذب، وقد تقضي بعض حاجاتهم وتدفع عنهم بعض ما يكرهون مما يقدر عليه البشر عادة، فيظن هؤلاء السذج أن الشيخ، أو الولي هو الذي خرج من قبره وفعل ذلك، وإنما هو في الحقيقة الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك المستغيث به، كما تدخل الشياطين في الأصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم.
2- أما إن كان الأمر مما لا يقدر عليه إلا الله كالحياة والصحة والغنى والفقر، وغير ذلك مما هو من خصائص الله، فهذا انقضى بقدر سابق قد كتبه الله ولم يحصل ذلك ببركة دعاء صاحب القبر كما يزعمون.
* فينبغي على الإنسان العاقل ألا يصدق مثل هذه الخرافات، وأن يعلق قلبه بالله وينزل حاجته به حتى تقضي ولا يلتفت إلى الخلق لأن الخلق ضعفاء مساكين فيهم الجهل والعجز، وكيف يطلب الإنسان حاجته من مخلوق مثله؟ وقد يكون ذلك المخلوق ميتا أيضا لا يسمع ولا يرى ولا يملك شيئا، ولكن الشيطان يزين للناس ما كانوا يعملون.
الكرامات المزعومة
* لقد اختلطت الأمور على كثير من الناس اختلاطا عجيبا جعلهم يجهلون حقيقة المعجزات والكرامات، فلم يفهموها على وجهها الصحيح، ليفرقوا بين المعجزات والكرامات الحقيقية التي تأتي من الله وحده إتماما لرسالته إلى الناس وتأييدا لرسله أو إكراما لبعض أوليائه الصالحين الحقيقيين، لم يفرقوا بينها وبين الخرافات والأباطيل التي يخترعها الدجالون ويسمونها معجزات وكرامات ليضحكوا بها على عقول الناس وليأكلوا أموالهم بالباطل .
* ولقد ظن الجهلة من الناس أن المعجزات والكرامات من الأمور الكسبية والأفعال الاختيارية التي تدخل في استطاعة البشر، بحيث يفعلونها من تلقاء أنفسهم وبمحض إرادتهم، وبهذا الجهل اعتقدوا أن الأولياء والصالحين يملكون القدرة على فعل المعجزات والكرامات في أي وقت يشاءون، وما ذلك إلا بجهل الناس بربهم وبحقيقة دينهم.
* ونقول لهؤلاء : إن تصوير ما يحدث من هؤلاء الدجالين على أنها معجزة أو كرامة لهذا الولي أو ذلك كذب، وإنما هذه الحوادث كلها من عبث الشياطين أو من اختراع عقلية ماكرة اصطنعت تلك الحوادث الوهمية وسمتها كرامات ومعجزات لتضفي على أصحاب هذه القبور مهابة وإجلالا فتجعل لهم بركات ليعظمهم الناس.
* ولا يمكن لأي عاقل يحتفظ بفطرته السليمة أن يصدق أن الميت يمكنه القيام بأي عمل بعد أن خرجت روحه من بدنه وبطلت حركته وأكل الدود جسمه وأصبح عظاما بالية، من الذي يصدق مثل هذه المزاعم المفضوحة إلا إنسان جاهل ساذج!! لأن هذه المزاعم التي يزعمونها مما يستحيل أن يفعلها الأحياء فضلا عن الأموات! فهل نلغي عقولنا التي منحنا الله لنصدق مثل هذه الخرافات؟
* إن العقول المستنيرة والفطرة السليمة ترفض بشدة تصديق مثل هذه الخرافات لما في ذلك من مخالفة لسنن الله الشرعية والكونية. قال تعالى: ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) آل عمران: 79،80
المشركون قديما وحديثا
* إن الكثيرين من الناس من مرتادي القبور والمزارات يقولون: إن المشركين في الجاهلية كانوا يعبدون الأصنام، أما نحن فلا أصنام عندنا نعبدها، بل لدينا قبور لبعض المشايخ والصالحين لا نعبدها ولكننا فقط نسأل الله أن يقضي حاجاتنا إكراما لهم، والعبادة غير الدعاء.

* ونقول لهؤلاء : إن طلب المدد والبركة من الميت هو في الحقيقة دعاء، كما كانت الجاهلية تدعو أصنامها تماما ولا فرق بين الصنم الذي يعبده المشركون قديما وبين القبر الذي يعبد الناس ساكنه حديثا، فالصنم والقبر والطاغوت كلها أسماء تحمل معنى واحدا وتطلق على كل من عبد من دون الله سواء كان إنسانا حيا أو ميتا أو جمادا أو حيوانا أو غير ذلك، ولما سئل المشركون قديما عن سبب توسلهم بالأصنام ودعائهم لها كان جوابهم: ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) الزمر:3 أي وسطاء بيننا وبين الله لقضاء حاجتنا، ومن ذلك يتبين أنه لا فرق بين دعوى الجاهلية الأولى وبين عباد القبور الذين ينتسبون إلى الإسلام اليوم فغاية الجميع واحدة وهي الشرك بالله ودعاء غير الله.
شرك المحبة
* إن مجرد انصراف القلب والمشاعر كلها إلى مخلوق بالحب والتعظيم فيما لا يجوز إلا الله يعتبر عبادة له، فالذين يزعمون أنهم يحبون الموتى من الأولياء والصالحين لكنهم يعظمونهم ويقدسونهم بما يزيد عن الحد الشرعي هم في الحقيقة يعبدونهم لأنهم من فرط حبهم له انصرفوا إليهم فجعلوا لهم الموالد والنذور وطافوا حول قبورهم كما يطوفون حول الكعبة واستغاثوا بهم وطلبوا المدد والعون منهم، ولولا التقديس والغلو فيهم ما فعلوا كل ذلك من أجل الموتى.
* ومن غلوهم يهم أيضا أنهم يحرصون على أن يحلفوا بهم صادقين بينما لا يتحرجون من أن يحلفوا بالله كاذبين هازلين، والبعض منهم قد يسمع من يسب الله تعالى فلا يغضب لذلك ولا يتأثر بينما لو سمع أحدا يسب شيخه لغضب لذلك غضبا شديدا أليس في ذلك غلو في أوليائهم ومشايخهم أكثر من تعظيمهم لله؟ وأن محبتهم لهم غلبت محبة الله، قال تعالى: ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ) البقرة:165
الله قريب من عباده
* إن الله تعالى قريب من عباده( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقر: 186 فليس بين الله وبين عباده ما يمنع من مناجاته واللجوء إليه وطلب الحاجة منه مباشرة حتى يلجأ الإنسان إلى قبور الموتى يتوسل بهم ويدعوهم ليشفعوا له عند الله ويسألهم مالا يملكون ويطلب منهم ما لا يقدرون عليه.
* بل يجب على الإنسان أن يلجأ إلى ربه مباشرة، ويتوسل إليه التوسل المشروع وذلك بالتقرب إليه بالطاعات والأعمال الصالحة ودعائه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا وأن يكون معتقدا تمام الاعتقاد أن الله تعالى هو المعز المذل المحيي المميت الرازق النافع المدبر لشؤون الحياة كلها وأن بيده وحده النفع والضر، قال صلى الله عليه وسلم (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) فالفرد سواء كان حيا أو ميتا من باب أولى لن ينفع ولن يضر أحد إلا بشيء قد كتبه الله.
* لذا فيجب على كل من ابتلي بمثل هذه الشركيات وهذه البدع والخرافات من طواف حول القبور وتعظيمها وسؤال أصحابها الحاجات وتفريج الكربات أن يتوب إلى الله من هذا العمل الفاسد الذي هو في الحقيقة شرك بالله وصاحبه مخلد في النار والعياذ بالله . قال تعالى: ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) المائدة 72 وأن يخلص العبادة لله وحده لا شريك له في كل شأن من شؤون حياته وأن يعبد الله بما شرعه إن كان صادقا في إسلامه وألا يلتفت لأحد من الخلق كائنا من كان لا في دعاء ولا غيره مما لا يقدر عليه إلا الله وأن يلتزم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وألا يخالط أهل البدع وأهل الشرك لئلا يتأثر بهم ويقلدهم فيهلك معهم ويخسر الدنيا والآخرة والله أعلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-09-2008, 07:22 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

حكم شراء أو بيع أو الترويج للمطبوعات
التي تسخر من الإسلام وتقع في الدعاة وتنشر الفساد


س :كثير من الصحف والمجلات تسخر من الإسلام وتقع في الدعاة وتشيد بالكفار والفجار وأهل الفن ، وتنشر صور النساء السافرات ، فم حكم شراء هذه المطبوعات أو بيعها أو الترويج لها؟

ج : الصحف التي بهذه المثابة : من نشر الصور الخليعة ، أو سب الدعاة ، أو التثبيط عن الدعوة ، أو نشر المقالات الإلحادية أو ما شابه ذلك - الصحف التي هذا شأنها يجب أن تقاطع ، وأن لا تشترى ويجب على الدولة إذا كانت إسلامية أن تمنعها .

لأن هذه تضر المجتمع وتضر المسلمين ، فالواجب على المسلم أن لا يشتريها ، وأن لا يروجها ، وأن يدعو إلى تركها ، ويرغب في عدم اقتنائها وعدم شرائها ، وعلى المسئولين الذين يستطيعون منعها أن يمنعوها ، أو يوجهوها إلى الخير ، حتى تدع الشر وتستقيم على الخير .

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 12-09-2008, 07:26 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

أربعة فتاوى في حكم تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة



1) سؤال:
ما حكم تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ وهل يصح لمن رأى هذا التقسيم أن يحتج بقول الرسول: "من سن سنة حسنة في الإسلام..." الحديث، وبقول عمر: "نعمت البدعة هذه..."؟ نرجو في ذلك الإفادة، جزاكم الله خيرًا.

الجواب:
ليس مع من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة دليل؛ لأن البدع كلها سيئة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" [رواه النسائي في "سننه" (3/188 ـ 189) من حديث جابر بن عبد الله بنحوه، ورواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) بدون ذكر: ((وكل ضلالة في النار)) من حديث جابر بن عبد الله. وللفائدة انظر: "كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة رحمه الله تعالى (ص93) وما بعدها].

وأما قوله صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/704 ـ 705) من حديث جرير بن عبد الله]، فالمراد به: من أحيا سنة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك بمناسبة ما فعله أحد الصحابة من مجيئه بالصدقة في أزمة من الأزمات، حتى اقتدى به الناس وتتابعوا في تقديم الصدقات.

وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه"[رواه البخاري في "صحيحه" (2/252) من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري]؛ فالمراد بذلك البدعة اللغوية لا البدعة الشرعية؛ لأن عمر قال ذلك بمناسبة جمعه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح، وصلاة التراويح جماعة قد شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ حيث صلاها بأصحابه ليالي، ثم تخلف عنهم خشية أن تفرض عليهم[انظر: "صحيح البخاري" (2/252) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وبقي الناس يصلونها فرادى وجماعات متفرقة، فجمعهم عمر على إمام واحد كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي التي صلاها بهم، فأحيا عمر تلك السنة، فيكون قد أعاد شيئًا قد انقطع، فيعتبر فعله هذا بدعة لغوية لا شرعية؛ لأن البدعة الشرعية محرمة، لا يمكن لعمر ولا لغيره أن يفعلها، وهم يعلمون تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع [للفائدة: انظر: كتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة (ص 93 ـ 95)].

مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/171، رقم الفتوى في مصدرها: 94.
2) سؤال:
عن معنى البدعة وعن ضابطها؟ وهل هناك بدعة حسنة؟ وما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة"؟.

الجواب:
البدعة شرعًا ضابطها "التعبد لله بما لم يشرعه الله"، وإن شئت فقل: "التعبد لله تعالى بما ليس عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا خُلفاؤه الراشدون" فالتعريف الأول مأخوذ من قوله تعالى : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]. والتعريف الثاني مأخوذ من قول النبي، عليه الصلاة والسلام،: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور"، فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله، أو بشيء لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه. أما الأمور العادية التي تتبع العادة والعُرف فهذه لا تسمى بدعة في الدّين وإن كانت تُسمى بدعة في اللغة، ولكن ليست بدعة في الدين وليست هي التي حذر منها رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وليس في الدين بدعة حسنة أبدًا، والسنة الحسنة هي التي توافق الشرع وهذه تشمل أن يبدأ الإنسان بالسنة أي يبدأ العمل بها أو يبعثها بعد تركها، أو يفعل شيئًا يسنه يكون وسيلة لأمر متعبد به فهذه ثلاثة أشياء:

الأول: إطلاق السنة على من ابتدأ العمل وبدل له سبب الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ على التصدق على القوم الذين قدموا عليه صلى الله عليه وسلم وهم في حاجة وفاقة، فحثّ على التصدق فجاء رجل من الأنصار بِصُرَّة من فضة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي، عليه الصلاة والسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" فهذا الرجل سنَّ سنة ابتداء عمل لا ابتداء شرع.

الثاني: السُنة التي تركت ثم فعلها الإنسان فأحياها فهذا يقال عنه سنّها بمعنى أحياها وإن كان لم يشرعها من عنده.

الثالث: أن يفعل شيئًا وسيلة لأمر مشروع مثل بناء المدارس وطبع الكتب فهذا لا يتعبد بذاته ولكن لأنه وسيلة لغيره فكل هذا دخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها". والله أعلم.

مصدر الفتوى: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين، 2/291، رقم الفتوى في مصدرها: 346.
3) سؤال:
أخذ الناس يبتدعون أشياء ويستحسنونها، وذلك أخذًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "من سن سنة حسنة في الإسلام؛ فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة..." إلى آخر الحديث؛ فهل هم محقون فيما يقولون؟ فإن لم يكونوا على حق؛ فما مدلول الحديث السابق ذكره؟ وهل يجوز الابتداع بأشياء مستحسنة؟ أجيبونا عن ذلك أثابكم الله.

الجواب:
البدعة هي ما لم يكن له دليل من الكتاب والسنة من الأشياء التي يُتقرب بها إلى الله.

قال عليه الصلاة والسلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" [رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (ج3 ص167) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (ج3 ص1343 ـ 1344) من حديث عائشة رضي الله عنها].

وقال عليه الصلاة والسلام: "وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" [رواه الإمام أحمد في "مسنده" (4/126، 127)، ورواه أبو داود في "سننه" (4/200)، ورواه الترمذي في "سننه" (7/319، 320)؛ كلهم من حديث العرباض بن سارية].

والأحاديث في النهي عن البدع والمحدثات أحاديث كثيرة ومشهورة، وكلام أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من المحققين كلام معلوم ومشهور وليس هناك بدعة حسنة أبدًا، بل البدع كلها ضلالة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "وكل بدعة ضلالة".

فالذي يزعم أن هناك بدعة حسنة يخالف قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، وهذا يقول: هناك بدعة ليست ضلالة! ولا شك أن هذا محادٌ لله ولرسوله.

أما قوله صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/704، 705) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه]؛ فهذا لا يدل على ما يقوله هؤلاء؛ لأن الرسول لم يقل من ابتدع بدعة حسنة، وإنما قال: "من سن سنة حسنة"، والسنة غير البدعة، السنة هي ما كان موافقًا للكتاب والسنة، موافقًا للدليل، هذا هو السنة؛ فمن عمل بالسنة التي دل عليها الكتاب والسنة؛ يكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ يعني: من أحيا هذه السنة وعلمها للناس وبينها للناس وعملوا بها اقتداءً به؛ فإنه يكون له من الأجر مثل أجورهم، وسبب الحديث معروف، وهو أنه لما جاء أناس محتاجون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، عند ذلك رق لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأصابه شيء من الكآبة من حالتهم، فأمر بالصدقة وحث عليها، فقام رجل من الصحابة وتصدق بمال كثير، ثم تتابع الناس وتصدقوا اقتداءً به؛ لأنه بدأ لهم الطريق، عند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها"؛ فهذا الرجل عمل بسنة، وهي الصدقة ومساعدة المحتاجين، والصدقة ليست بدعة؛ لأنها مأمور بها بالكتاب والسنة، فهي سنة حسنة، من أحياها وعمل بها وبينها للناس حتى عملوا بها واقتدوا به فيها؛ كان له من الأجر مثل أجورهم.

مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/173، رقم الفتوى في مصدرها: 96.
4) سؤال:
ذكرتم فضيلتكم أن كل بدعة ضلالة، وأنه ليس هناك بدعة حسنة، والبعض قسم البدعة إلى خمسة أقسام: بدعة واجبة، وبدعة مندوبة، وبدعة محرمة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة؛ فما هو الرد على هؤلاء؟

الجواب:
الرد أن هذه فلسفة وجلد مخالفان لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "كل بدعة ضلالة" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو جزء من حديث طرفه: "كان رسول الله ص إذا خطب...".]، وهم يقولون: ما كل بدعة محرمة! فهذه فلسفة في مقابل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وتعقيب على كلامه.

أما ما ذكروه من بعض الأمثلة وأنها بدعة حسنة؛ مثل جمع القرآن ونسخ القرآن؛ فهذه ليست بدعة، هذه كلها تابعة لكتابة القرآن، والقرآن كان يكتب ويجمع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه متممات للمشروع الذي بدأه الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فهي داخلة فيما شرعه.

كذلك ما قالوه من بناء المدارس، هذا كله في تعليم العلم، والله أمر بتعليم العلم، وإعداد العدة له، والرسول أمر بذلك؛ فهذا من توابع ما أمر الله به.

لكن البدعة هي التي تحدث في الدين، وهي ليست منه؛ كأن يأتي بعبادة من العبادات ليس لها دليل من الشرع، هذه هي البدعة.

مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/176، رقم الفتوى في مصدرها: 97.
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 12-09-2008, 07:28 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

المناهي اللفظية
للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله



1- سئل فضيلة الشيخ : عما يقول بعض الناس من أن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب ؟
فأجاب بقوله : إن أراد بتصحيح الألفاظ إجراءها على اللغة العربية فهذا صحيح فإنه لا يهم – من جهة سلامة العقيدة – أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة العربية ما دام المعنى مفهوما وسليما .

أما إذا أراد بتصحيح الألفاظ ترك الألفاظ التي تدل على الكفر والشرك فكلامه غير صحيح بل تصحيحها مهم، ولا يمكن أن نقول للإنسان أطلق لسانك في قول كل شئ ما دامت النية صحيحة بل نقول الكلمات مقيدة بما جاءت به الشريعة الإسلامية .
2- سئل فضيلة الشيخ : عن هذه الأسماء وهي : إبراز – ملاك – إيمان – جبريل – جنى ؟
فأجاب بقوله : لا يتسمى بأسماء أبرار ، وملاك ، وإيمان ، وجبريل أما جنى فلا أدري معناها .
3- سئل فضيلة الشيخ: عن صحة هذه العبارة أجعل بينك وبين الله صلة ، وأجعل بينك وبين الرسول صلة)؟
فأجاب قائلاً : لا الذي يقول أجعل بينك وبين الله صلة أي بالتعبد له وأجعل بينك وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ، صلة أي باتباعه فهذا حق . أما إذا أراد بقوله أجعل بينك وبين الرسول صلى الله عليه وسلم صلة أي اجعله هو ملجأك عند الشدائد ومستغاثك عند الكربات فإن هذا محرم بل هو شرك أكبر مخرج عن الملة .
4- سئل فضيلة الشيخ عن هذا القول (أحبائي في رسول الله ؟
فأجاب فضيلته قائلا: هذا القول وإن كان صاحبه فيما يظهر يريد معنى صحيحا ، يعني : أجتمع أنا وإياكم في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن هذا التعبير خلاف ما جاءت به السنة ، فإن الحديث ( من أحب في الله ، وأبغض في الله ) ، فالذي ينبغي أن يقول : أحبائي في الله – عز وجل – ولأن هذا القول الذي يقوله فيه عدول عما كان يقول السلف ، ولأنه ربما يوجب الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، والغفلة عن الله، والمعروف عن علمائنا وعن أهل الخير هو أن يقول : أحبك في الله .
5- سئل فضيلة الشيخ إذا كتب الإنسان رسالة وقال فيها (إلى والدي العزيز ) أو (إلى أخي الكريم) فهل في هذا شئ ؟
فأجاب بقوله : هذا ليس فيه شئ بل هو الجائز قال الله تعالى : )لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ( (1) وقال – تعالى - : )ولها عرش عظيم ( (2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم، (عن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف). فهذا دليل على أن مثل هذه الأوصاف تصح لله – تعالى – ولغيره ولكن اتصاف الله بها لا يماثله شئ من اتصاف المخلوق بها ، فإن صفات الخالق تليق بها وصفات المخلوق تليق به .

وقول القائل لأبيه أو أمه أو صديقه (العزيز) يعني أنك أبدا الصفة التي تكون لله وهي العزة التي لا يقهره بها أحد، وإنما يريد أنك عزيز على وغال عندي وما أشبه ذلك .
6- وسئل : عن عبارة (أدام الله أيامك) ؟
فأجاب بقوله : قول (أدام الله أيامك ) من الاعتداء في الدعاء لأن دوام الأيام محال مناف لقوله تعالي : )كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ( (1) وقوله تعالى ) وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ( (2).
7- وسئل ما رأي فضيلتكم في هذه الألفاظ جلاله وصاحب الجلالة ، وصاحب السمو ؟ وأرجو وآمل ؟
فأجاب بقوله : لا بأس بها إذا كانت المقولة فيه أهلا لذلك ، ولم يخشى منه الترفع والإعجاب بالنفس ، وكذلك أرجو وأمل .
8- سئل فضيلة الشيخ عن هذه الألفاظ (أرجوك ) ، (تحياتي) ، و(أنعم صباحا) ، و(أنعم مساءً) ؟
فأجاب بقوله : لا بأس أن تقول لفلان (أرجوك ) في شئ يستطيع أن يحقق رجائك به .

وكذلك (تحياتي لك ) . و(لك منى التحية ) . وما أشبه ذلك لقوله تعالى ) وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ( (3) وكذلك (أنعم صباحا) و(أنعم مساء)لا بأس به ، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلا عن السلام الشرعي.
9- وسئل فضيلة الشيخ : عمن يسأل بوجه الله فيقول أسألك بوجه الله كذا وكذا فما الحكم في هذا لقول ؟
فأجاب قائلا : وجه الله أعظم من أن يسأل به الإنسان شيئاً من الدنيا ويجعل سؤاله بوجه الله – عز وجل – كالوسيلة التي يتوصل بها إلى حصول مقصوده من هذا الرجل الذي توسل إليه بذلك ، فلا يقدمن أحد على مثل هذا السؤال ، أي لا يقل وجه الله عليك أو أسألك بوجه الله أو ما أشبه ذلك .
10- وسئل فضيلة الشيخ حفظه الله : ما رأيكم فيمن يقول ( آمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ، واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب بقوله : أما قول القائل ( أمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ) فهذا ليس فيه بأس وهذه حال كل مؤمن أن يكون متوكلا على الله ، مؤمنا به ، معتصما به .

وأما قوله (واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ) فإنها كلمة منكرة والاستجارة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا تجوز أما الاستجارة به في حياته في أمر بقدر عليه فهي جائزة قال الله – تعالى - : )وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ( (4).

فالاستجارة بالرسول صلى الله عليه وسلم ، بعد موته شرك أكبر وعلى من سمع أحدا يقول مثل هذا الكلام أن ينصحه ، لأنه قد يكون سمعه من بعض الناس وهو لا يدري ما معناها وأنت (يا أخي ) إذا أخبرته وبينت له أن هذا شرك فلعل الله أن ينفعه على يدك . والله الموفق .
11- سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول (أطال الله بقاءك ) ( كال عمرك ) ؟
فأجاب قائلا : لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء ، لأن طول البقاء قد يكون خيراً وقد يكون شراً ، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله ، وعلى هذا فلو قال أطال بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك .
12- سئل فضيلة الشيخ: عن قول أحد الخطباء في كلامه حول عزوة بدر : ( التقى إله وشيطان) . فقد قال بعض العلماء أن هذه العبارة كفر صريح، لأن ظاهر العبارات إثبات الحركة لله – عز وجل- نرجو سيادتكم توضيح ذلك ؟
فأجاب بقوله : لا شك أن هذه العبارة لا تنبغي ، وإن كان قائلها قد أراد التجوز فإن التجوز إنما يسوغ إذ لم يوهم معنى فاسدا لا يليق به . والمعني الذي لا يليق هنا هو أن يجعل الشيطان قبيلاً لله – تعالى -، وندا له ، وقرناً يواجهه ، كما يواجه المرء قرنه ، وهذا حرام ، ولا يجوز .

ولو أراد الناطق به تنقص الله –تعالى – وتنزيله إلى هذا الحد لكان كافرا ، ولكنه حيث لم يرد ذلك نقول

له : هذا التعبير حرام ، ثم إن تعبيره به ظاناً أنه جائز بالتأويل الذي قصده فإنه لا يأثم بذلك لجهله، ولكن عليه ألا يعود لمثل ذلك .

وأما قول بعض العلماء الذي نقلت : (إن هذه العبارة كفر صريح ) ، فليس بجيد على إطلاقه ، وقد علمت التفصيل فيه .

وأما تعليل القائل لحكمه بكفر هذا الخطيب أن ظاهر عبارته إثبات الحركة لله – عز وجل- ، فهذا التعليل يقتضي امتناع الحركة لله ، وإن إثباتها كفر ، وفيه نظر ظاهر ، فقد أثبت الله – تعالى – لنفسه في كتابه أنه يفعل ، وأنه يجئ يوم القيامة ، وأنه استوى على العرش ، أي علا عليه علوا يليق بجلاله ، وأثبت نبيه صلى الله عليه وسلم ، أنه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليله فاستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له؟ واتفق أهل السنة على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه ، ولا محرفين للكلم عن مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله . وهذه النصوص في إثبات الفعل ، والمجيء ، والاستواء ، والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها ، وإن كنا لا نعقل كيفية هذه الحركة، ولهذا أجاب الإمام مالك من سأله عن قوله تعالى: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } (1). كيف استوى ؟ فقال : " الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". وإن كانت هذه النصوص لا تستلزم الحركة لله – لم يكن لنا إثبات الحركة له بهذه النصوص ، وليس لنا أيضاً أن ننفيها عنه بمقتضى استبعاد عقولنا لها ، أو توهمنا أنها تستلزم إثبات النقص ، وذلك أن صفات الله – تعالى- توقيفية، يتوقف إثباتها ونفيها على ما جاء من الكتاب والسنة، لامتناع القياس في حقه – تعالي -،فانه لا مثل له ولاند ،وليس في الكتاب والسنة إثبات لفظ الحركة أو نفيه ، فالقول بإثبات لفظه أو نفيه قول على الله بلا علم. وقد قال الله ـ تعالى _قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق أن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطان وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ( (2) وقال تعالى _ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا( (3).فإن كان مقتضى النصوص السكوت عن إثبات الحركة لله _تعالى _أو نفيها عنه ، فكيف نكفر من تكلم بكلام يثبت ظاهرهم _حسب زعم هذا العالم –التحرك لله –تعالى-؟! أو تكفير المسلم ليس بالأمر الهين ، فإن من دعاء رجلاً بالكفر وقد باء بها أحدهما ، فإن كان المدعو كافرا باء بها ، وإلا باء بها الداعي .

وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله – في كثير من رسائله في الصفات على مسألة الحركة ، وبين أقوال الناس فيها ، وما هو الحق من ذلك ، وأن من الناس من جزم بإثباتها ، ومنهم من توقف ، ومنهم جزم بنفيها .

والصواب في ذلك : إنما دل عليه الكتاب والسنة من أفعال الله – تعالى - ، ولوازمه فهو حق ثابت يجب الإيمان به ، وليس فيه نقص ولا مشابهة للحق ، عليك بهذا الأصل فإنه يفيدك ، وأعرض عنه ما كان عليه أهل الكلام ومن الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص الكتاب والسنة إليها ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه ، سواء النية صالحة أو سيئة .
13- وسئل فضيلته:يستعمل بعض الناس عند أداء التحية عبارات عديدة منها مساك الله بالخير). و(الله بالخير) . و(صبحك الله بالخير ). بدلا من لفظ التحية الواردة ، وهل يجوز بالسلام بلفظ : (عليك السلام) ؟ .
فأجاب قائلا : السلام الوارد هو أن يقول الإنسان : ( السلام عليك ) ، أو ( سلام عليك) ، ثم يقول بعد ذلك ما شاء الله من أنواع التحيات ، وأما ( مساك الله بالخير ) . و ( صبحك الله بالخير ) ، أو ( الله بالخير ) . وما أشبه ذلك فهذه تقال بعد السلام المشروع بهذا فهو خطأ .

أما البدء بالسلام بلفظ ( عليك السلام ) فهو خلاف المشروع ، لأن هذا اللفظ للرد لا للبداءة .
14- وسئل: عن هذه الكلمة (الله غير مادي) ؟ .
فأجاب: القول بأن الله غير مادي قول منكر ، لأن الحوض في مثل هذا بدعة منكرة ، فالله – تعالى – ليس كمثله شئ ، فهو الأول الخالق لكل شئ وهذا شبيه بسؤل المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم ، هل من ذهب أو من فضة أو من كذا وكذا ؟ وكل هذا حرام لا يجوز السؤال عنه وجوابه في كتاب الله : )قل هو الله الأحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (. فكف عن هذا ما لك ولهذا السؤال .
15- سئل فضيلته : عن قول بعض الناس إذا انتقم الله من الظالم ( الله ما يضرب بعصا ) ؟ .
فأجاب بقوله : لا يجوز أن يقول الإنسان مثل هذا التعبير بالنسبة لله – عز وجل- ، ولكن له أن يقول : إن الله – سبحان وتعالى - ، حكم لا يظلم أحد ، فإنه ينتقم من الظالم ، وما أشبه هذه الكلمات التي جاءت بها النصوص الشرعية ، أما الكلمة التي أشار إليها السائل فلا أرى إنها جائزة .
16- سئل فضيلة الشيخ : كثيرا ما نرى على الجدران كتابة لفظ الجلالة (الله ) ، وبجانبها لفظ محمد صلى الله عليه وسلم أو نجد ذلك على الرقاع، أو على الكتب،أو على بعض المصاحف فهل موضعها هذا صحيح ؟.
فأجاب قائلا : موقعها ليس بصحيح لأن هذا يجعل النبي صلى الله عليه وسلم ، نداً لله مساوياً له ، ولو أن أحدا رأي هذه الكتابة وهو لا يدري المسمى بهما لأيقن يقيناً أنمما متساويات متماثلات ، يجب إزالة اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبقى النظر في كتابة : (الله) وحدها فإنها كلمة يقولها الصوفية ، يجعلونها بدلا عن الذكر ، يقولون ( الله الله الله ) ، وعلى هذا فلتقى أيضا ، ولا يكتب ( الله ) ، ولا (محمد ) على الجدران ، ولا على الرقاع ولا في غيره .
17- سئل فضيلة الشيخ : كيف نجمع بين قول الصحابة ( الله ورسوله أعلم ) العطف بالواو وإقرارهم على ذلك وإنكاره صلى الله عليه وسلم ، على من قال ( ما شاء وشئت ) ؟ .
فأجاب بقوله : قوله (الله ورسوله ) جائز . فذلك لأن علم الرسول من علم الله ، فالله – تعالى – هو الذي يعلمه ما لا يدركه البشر ولهذا أتى بالواو وكذلك في المسائل الشرعية يقال : ( الله ورسوله أعلم ) لأنه ، صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشريعة الله ، وعلمه بها من علم الله الذي علمه كما قال الله – تعالى - : )وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم ( (1). وليس هذا كقوله ( ما شاء الله وشئت ) لأن هذا في باب القدرة والمشيئة ، ولا يمكن أن يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم مشاركا لله فيها .

ففي الأمور الشرعية يقال ( الله ورسوله أعلم ) وفي الأمور الكونية لا يقال ذلك .

ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب الآن على بعض الأعمال )وقل أعملوا فيسرى الله عملكم ورسوله( (1) . لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرى العمل بعد موته .
18- سئل فضيلة الشيخ : عن هذه العبارة (أعطي الله لا يهينك ) ؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : هذه العبارة صحيحة ، والله سبحانه و تعالى – قد يهين العبد ويذله ، وقد قال الله – تعالى- في عذاب الكفار : إنهم يجزون عذاب الهون بما كانوا يستكبرون في الأرض ، فأذاقهم الله الهوان والذي بكبريائهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق . وقال : ) ومن يهن الله فما له من مكرم( (1). والإنسان إذا أمرك فقد تشعر بأن هذا إذلال وهو أن لك فيقول : (الله لا يهينك ) .
19- وسئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة (الله يسأل عن حالك ) ؟ .
فأجاب بقوله : هذه العبارة : (الله يسأل عن حالك) ، لا تجوز لأنها أن الله – تعالى – يجهل الأمر فيحتاج إلى أن يسأل ، وهذا من المعلوم أنه أمر عظيم ، والقائل لا يريد هذا في الواقع لا يريد أن الله يخفى عليه شئ ، ويحتاج إلى سؤال ،لكن هذه العبارات قيد تفيد هذا المعنى ، أو توهم هذا المعنى ، فالواجب العدول عنها ، واستبدالها بأن تقول : ( أسأل الله أن يتفي بك ) ، و( أن يلطف بك ) ، وما أشبهها .
20- وسئل : هل يجوز على الإنسان أن يقسم على الله ؟ .
فأجاب بقوله : الأقسام على الله أن يقول الإنسان والله لا يكون كذا، كذا ، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا والإقسام على الله نوعان :

أحدهما : أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله – عز وجل- وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم : "رُب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" ودلل آخر واقعي وهو حديث أنس بن النضر حينما كسرت أخته الربيع سنّا لجارية من الأنصار فطالب أهلها بالقصاص

فطلب إليهم العفو فأبوا ، فعرضوا الأرش فأبوا ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا إلا القصاص فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص فقال أنس بن النضر أتكسر ثنيّة الربيع ؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أنس كتاب الله القصاص ) فرضي القوم فعفوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) وهو – رضي الله عنه – لم يقسم اعتراضاً على الحكم وإباء لتنفيذه فجعل الله الرحمة في قلوب أولياء المرأة التي كسرت سنها فعفو عفواً مطلقاً ، عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) فهذا النوع من الأقسام لا بأس به .

النوع الثاني : من الإقسام على الله : ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس وأنه يستحق على الله كذا وكذا ، فهذا والعياذ بالله محرم ، وقد يكون محبطاً للعمل ، ودليل ذلك أن رجلاً كان عابداً وكان يمر بشخص عاص لله ، وكلما مر به نهاه فلم ينته ، فقال ذات يوم والله لا يغفر الله لفلان – نسأل الله العافية – فهذا تحجر رحمه الله ؛ لأنه مغرور بنفسه فقال الله – عز وجل – " من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان قد غفرت له وأحبطت عملك " قال أبو هريرة : ( تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته) . ومن هذا نأخ أن من أضر ما يكون على الإنسان اللسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه-ألا أخبرك بملاك ذلك كله ) قلت:بلى يا رسول ا لله ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه فقال : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟.

فقال : " ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصاد ألسنتهم". والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط .
21- وسئل فضيلة الشيخ: عن التسمي بالإمام ؟ .
فأجاب قائلاً : التسمي بالإمام أهون بكثير من التسمي بشيخ الإسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، سمي إمام المسجد إماماً ولو لم يكن معه إلا واحد ، لكن ينبغي أن لا يتسامح في إطلاق كلمة ( إمام) إلا على من كان قدوة وله اتباع كالإمام أحمد وغيره ممن له أثر في الإسلام ، ووصف الإنسان بما لا يستخدمه هضم للأمه ، لان الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام ممن يبلغ منزلة الإمامة هان الإمام الحق في عينه .
22- سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق بعض الأزواج على زوجاتهم وصف أم المؤمنين ؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : هذا حرام ، ولا يحل لأحد أن يسمي زوجته أم المؤمنين ، لأم مقتضاه أن يكون هو نبي لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هنّ زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، وهل هو يريد أن يتبوأ مكان النبوة وأن يدعو نفسه بعد النبي ؟ بل الواجب على الإنسان أن يتجنب مثل هذه الكلمات ، وأن يستغفر الله – تعالى – مما جرى منه .
23- سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول ( يا عبدي) و ( يا أمتي) ؟ .
فأجاب : قول القائل : (يا عبدي) ، ( يا أمتي) ، ونحوه له صورتان :

الصورة الأولى : إن يقع بصيغة النداء مثل : يا عبدي ، يا أمتي ؛ فهذا لا يجوز للنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم ، : " لا يقل أحدكم عبدي وأمتي " .

الصورة الثانية : أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين :

القسم الأول : إن قاله بغيبة العبد ، أو الأمة فلا بأس فيه .

القسم الثاني : إن قاله في حضرة العبد أو الأمة ، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منه وإلا فلا ، لأن القائل بذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل ، وإنما يقصد أنه مملوك له وإلى هذا التفصيل الذي ذكرناه أشار في ( تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب يقول عبدي وأمتي . وذكره صاحب فتح الباري عن مالك .
24- وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان أنا حرّ ؟ .
فأجاب بقوله: إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق العبودية لله – عز وجل – فقد أساء في فهم العبودية ، ولم يعرف معنى الحرية ، لأن العبودية لغير الله هي الرق ، أما عبودية المرء لربه – عز وجل – فهي الحرية، فإنه إن لم يذل لله ذل لغير الله ، فيكون هنا خادعاً نفسه إذا قال: إنه حر يعني إنه متجرد من طاعة الله ، ولن يقوم بها .
25- سئل فضيلة الشيخ: عن قول العاصي عند الإنكار عليه (أنا حر في تصرفاتي) ؟ .
فأجاب بقوله: هذا خطأ ، نقول : لست حراً في معصية الله ، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوي.
26- سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان : (إن الله على ما يشاء قدير) عند ختم الدعاء ونحوه ؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا ينبغي لوجوه :
الأول:أن الله – تعالى – إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله – تعالى- ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير((1). وقوله ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير ((2) . وقوله : ) ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض ( (3). وقوله : ) ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير ( (4). فعمم في الملك والقدرة ، وخص الخلق بالمشيئة ، أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم يشأ ، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأ لم يقع والآيات في ذلك كثيرة .

الثاني : أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم،وأتباعه فقد قال الله عنهم يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير ( (1). ولم يقولوا (إنك على ما تشاء قدير ) ، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علماً وأقوم عملاً .

الثالث : أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله – تعالى – فقط ، لا سيما وأن ذلك التقييد يؤتي به في الغالب سابقاً حيث يقال: (على ما يشاء قدير) وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة ، وإذا خصت قدره الله – تعالى – بما يشاؤه كان ذلك نقصاً في مدلولها وقصراً لها عن عمومها فتكون قدرة الله – تعالى ناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه ، وهو خلاف الواقع فإن قدره الله – تعالى- عامة فيما يشاؤه وما لم يشاءه ، لكن ما شاءه فلابد من وقوعه ، وما لم يشأه فلا يمكن وقوعه .

فإذا تبين أن وصف الله – تعالى – بالقدرة لا يقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله – تعالى – بالقدرة لا يقيد بالمشيئة يعارضه قول الله – تعالي - : ) وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ( (1) . فإن المقيد هنا بالمشيئة هو الجمع لا القدرة، والجمع فعل لا يقع إلا بالمشيئة ولذلك قيد بها فمعنى الآية أن الله تعالى قادر على جمعهم متى شاء وليس بعاجز عنه كما يدعيه من ينكره ويقيده بالمشيئة رد لقول المشركين الذي قال الله – تعالى – عنهم : ) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين ، قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( (1). فلما طلبوا الإتيان بآبائهم تحدياً وإنكاراً لما يجب الإيمان به من البعث ، بين الله – تعالى – أن ذلك الجمع الكائن في يوم القيامة لا يقع إلا بمشيئة ولا يوجب وقوعه تحدي هؤلاء وإنكارهم كما قال الله – تعالى - : ) زعم الذي كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ( (2). والحاصل أن قوله – تعالى - : ) وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ( . لا يعارض ما قررناه من قبل لأن القيد بالمشيئة ليس عائداً إلى القدرة وإنما يعود إلى الجمع . وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب(الإيمان ) في (باب آخر أهل النار خروجاً ) من حديث ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم آخر من يدخل رجل ) فذكر الحديث وفيه أن الله – تعالى – قال للرجل : " إني لا استهزئ منك ولكني على ما شاء قادر " وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقدير أمر واقع والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة ، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله – تعالى – أذلا وأبدلاً ، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل ( قادر) دون الصفة المشبهة ( قدير )

على هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستعبد قالوا قادر على ما يشاء ، يجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على إنها صفة لله – تعالى – فلا يقيد بالمشيئة ، وبين ذكرها لتقدير أمر واقع ولا مانع من تقيدها بالمشيئة ، لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة ، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقدير وقوعه ، والله – سبحانه – أعلم .
27- سئل فضيلة الشيخ: قول القائل ( أنا مؤمن إنشاء الله ) يسمى عند العلماء ( مسألة الاستثناء في الإيمان ) وفيه تفصيل:
أولا : إن كان الاستثناء صادرا عن شك في وجود أصل الإيمان فهذا محرم بل كفر ؛ لأن الإيمان جزم والشك ينافيه .

ثانيا: إن كان صادراً عن خوف تذكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولا وعملا واعتمادا ، فهذا واجب خوفا من المحذور .

ثالثاً : إن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة، أو بيان التعليل وأن ما قام بقلبه من الإيمان بمشية الله، فهذا جائز التعليق على هذا الوجه – أعني بيان التعليل – لا ينافي تحقيق المعلق فإنه قد ورد التعليق على هذا الوجه في الأمور المحققة كقوله – تعالى - : ) لتدخلن المسجد الحرام إنشاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون ( (1). والدعاء في زيارة القبور ( وإنا إنشاء الله بكم لاحقون ) وبهذا عرف انه لا يصح إطلاق الحكم على الاستثناء في الإيمان بل لابد من التفصيل السابق .
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 12-09-2008, 07:29 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

44- وسئل فضيلة الشيخ : عن حكم ثناء الإنسان على نفسه ؟
فأجاب قائلا : الثناء على النفس إن أراد به الإنسان التحدث بنعمة الله – عز وجل – أو أن يتأسى بها غيره من أقرانه ونظائره فهذا لا بأس به ، وإن أراد الإنسان تذكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه – عز وجل – فإنه هذا فيه شئ من المنة ولا يجوز فقد قال الله – تعالى - : ) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( (1) .

من أراد به مجرد الخبر فلا بأس به لكن الأولى تتركه .

فالأحوال إذن في مثل هذا الكلام الذي فيه ثناء المرء على نفسه أربع : الحالة الأولى أن يريد بذلك التحدث بنعمة الله عليه فيما حباه به من الإيمان والثبات .

الحالة الثانية : أن يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظائره على مثل ما كان عليه .

فهاتان الحالتان محمودتان لما يشتملان عليه من هذه النية الطيبة .

الحالة الثالثة : أن يريد بذلك الفخر والتباهي والإدلال على الله – عز وجل- بما هو عليه من الإيمان والثبات وهذا غير جائز لما ذكرنا من الآية .

الحالة الرابعة:أن يريد بذلك مجرد الخبر أن نفسه بما هو عليه من الإيمان والثبات فهذا جائز ولكن الأولى تركه

45- سئل فضيلة الشيخ : عن قول ( يا حاج ) ، و ( السيد فلان ) ؟
فأجاب بقوله:قول (حاج ) يعني أد الحج لا شئ فيها . وأما السيد فيظهر إن كان صحيحا أنه ذو زيادة فيقال : هو سيد بدون الـ فلا بأس به ، بشرط ألا يكون فاسقا ولا كافراً ، فإن كان فاسقا أو كافرا فإنه لا يجوز إطلاق لفظ سيد إلا مضافا إلى قومه ، مثل سيد بنى فلان ، أو سيد الشعب فلان ونحو ذلك .

46- وسئل أيضاً:عن حكم ما درج على ألسنة بعض الناس من قولهم ( حرام عليك أن تفعل كذا وكذا) ؟
فأجاب بقوله : هو الذي وصفه بالتحريم إما أن يكون ما حرم الله كما لو قالوا حرام أن يعتدي الرجل على أخيه أو أشبه ذلك فإن وصف هذا الشيء بالحرام صحيح مطابق لما جاء به الشرع .

وأما إذا كان الشيء غير محرم فإنه لا يجوز أن يوصف بالتحريم ولو لفظاً ؛ لأن ذلك قد يوهمه تحريم ما أحل الله –عز وجل – أو يوهم الحجر على الله – عز وجل – في قضاءه وقدره بحيث يقصدون بالتحريم التحريم القدري، لأن التحريم يكون قدريا ويكون شرعيا فيما يتعلق بفعل الله – عز وجل – وإنه يكون تحريماً قدرياً ، وما يتعلق بشرعه فإنه يكون تحريما شرعيا على هذا فينهى هؤلاء على إطلاق مثل هذه الكلمة ولو كانوا لا يريدون بها التحريم الشرعي ، لأن التحريم القدري ليس إليه أيضا بل هو إلى الله – عز وجل – هو الذي يفعل ما يشاء فيحدث ما يشاء وأن يحدث ويمنع ما شاء أن يمنعه ، فالمهم أن الذي أرى أنه يتنزهون عن هذه الكلمة وأن يبتعدوا عنها وإن كان قصدهم في ذلك شئ صحيحاً . والله الموفق .

47- سئل فضيلة الشيخ : قلتم في الفتوى رقم (46) أن التحريم يكون قدرياً ويكون شرعياً فنأمل من سيادتكم التكرم ببيان بعض الأمثلة ؟
فأجاب بقوله : سؤالكم عما ورد في جوابنا رقم (46) من أن التحريم يكون قدرياً ويكون شرعياً وطلبكم أمثلة لذلك فإليكم ما طلبتم :

فمن التحريم القدري قوله – تعالى – في موسى : .

)وحرمنا عليه المراضع من قبل((1) . وقوله – تعالي : ) وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ( (2)

ومن التحريم الشرعي قوله – تعالى - : ) حرمت عليكم أمهاتكم ( (3) . وقوله – تعالى - ) قل لا أجد فيما أوحي إلىّ محرما على طاعم يطمعه إلا أن يكون ميتة ( (4) الآية .

48- وسئل فضيلة الشيخ : نسمع ونقرأ كلمة (حرية الفكر) ، وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد ، فيما تعليقكم على ذلك ؟
فأجاب بقوله : تعليقنا على ذلك أن الذي يجيز أن يكون للإنسان حر الاعتقاد ، يعتقد ما شاء من الأديان فإن كافر ، لأن كل من اعتقد أن أحداً يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كافر بالله – عز وجل – يستتاب فإنه تاب وإلا وجب ***ه .

والأديان ليست أفكاراً ، ولكنها وحي من الله – عز وجل – ينزله على رسله ، ليسير عبادة عليه ، وهذه الكلمة – أعني كلمة – فكر الإسلامية ، التي يقصد بها الدين . يجب أن تحذف من قواميس الكتب الإسلامية ، لأنها تؤدي إلى هذا المعنى الفاسد ، وهو أن يقال عن الإسلام : فكر ، والنصرانية فكر ، واليهودية فكر – وأعني بالنصرانية التي يسميها أهلها بالمسيحية – فيؤدي إلى أن تكون هذه الشرائع مجرد أفكار أرضية يعتنقها من شاء من الناس ، والواقع أن الأديان السماوية أديان من عند الله – عز وجل – يعتقدها الإنسان على أنها من البشر وهي من الله تعبد بها عبادة ، ولا يجوز أن يطلق عليها ( فكر ) . وخلاصة الجواب : أن من يعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء وأنه حر فيما يتدين به فإنه كافر بالله – عز وجل – لأن الله – تعالى – يقول : ) ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ( (1) . فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن ديناً سوى الإسلام جائز يجوز للإنسان أن يتعبد به بل إذا اعتقد هذا فقد صرح أهل العلم بأنه كافر كفراً مخرجاً عن الملة .

49- سئل فضيلة الشيخ : هل يجوز أن يقول الإنسان للمفتي ما حكم الإسلام في كذا وكذا ؟ أو ما رأي الإسلام ؟
فأجاب بقوله : لا ينبغي أن يقال (ما حكم الإسلام في كذا ) أو ( ما رأي الإسلام في كذا ) فإنه قد يخطئ فلا يكون ما قاله حكم الإسلام ، لكن لو كان الحكم نصاً صريحاً فلا بأس أن يقال : ما حكم الإسلام في أكل الميتة؟ فنقول : حكم الإسلام في أكل الميتة أنها حرام .

50- سئل فضيلة الشيخ : عن وصف الإنسان بأنه حيوان ناطق ؟
فأجاب بقوله : الحيوان الناطق يطلق على الإنسان كما ذكره أهل المنطق ، وليس فيه عندهم عيب ، لأنه تعريف بحقيقة الإنسان ، لكنه في العرف قول يعتبر قدحاً في الإنسان ، ولهذا إذا خاطب الإنسان به عامياً فإن العامي سيعتقد أن هذا قدحاً فيه ، وحينئذ لا يجوز أن يخاطب بها العامي ؛ لأن كل شئ يسئ إلى المسلم فهو حرام ، أما إذا خوطب به من يفهم الأمر على حسب اصطلاح المناطقة ، فإن هذا لا حرج فيه ، لأن الإنسان لا شك أن حيوان باعتبار أنه فيه حياة ، وأن الفصل الذي يميزه عن غيره من بقية الحيوانات هو النطق . ولهذا قالوا : إن كلمة (حيوان ) جنس، وكلمة (ناطق ) فصل ، والجنس يعم المعرف وغيره ، والفصل يميز المعرف عن غيره .

51- سئل فضيلة الشيخ : عن قول بعض الناس : ( وخسرت في الحج كذا ، وخسرت في العمرة كذا ، وخسرت في الجهاد كذا ، وكذا ؟
فأجاب قائلا : هذه العبارات غير صحيحة ، لأن ما بذل في طاعة الله ليس بخسارة ، بل هو الربح الحقيقي ، وإنما الخسارة ما صرف معصية ، أو في ما لا فائدة فيه ، وأما ما فيه فائدة دنيوية أو دينية فإنه ليس بخسارة .

52- سئل فضيلة الشيخ : عن قول الإنسان لرجل : ( أنت يا فلان خليفة الله في أرضه ) ؟
فأجاب بقوله : إذا كان ذلك صدقاً بأن كان هذا الرجل خليفة يعني ذا سلطان تام على البلد ، وهو ذو السلطة العليا على أهل هذا البلد ، فإن هذا لا بأس به ، ومعنى لو لنا ( خليفة الله ) أن الله استخلفه على العباد في تنفيذ شرعه ، لأن الله – تعالى – استخلفه على الأرض ، والله – سبحانه وتعالى – مستخلفنا في الأرض جميعاً وناظر ما كنا نعمل ، وليس يراد بهذه الكلمة أن الله – تعالى – يحتاج إلى أحد يخلفه ، في خلقة ، أو يعينه على تدبير شئونهم ، ولكن الله جعله خليفة يخلف من سبقه ، ويقوم بأعباء ما كلفه الله .

53- وسئل فضيلته : يستخدم بضع الناس عبارة (راعني) ويقصدون بها انظرني ، فما صحة هذه الكلمة ؟
فأجاب قائلا: لا الذي أعرف أن كلمة : (راعني ) يعني من المراعات أي أنزل لنا في السعر مثلاً ، وأنظر إلى ما أريد ، ووافقني عليه ، وما أشبه ذلك ، وهذه لا شئ فيها . وأما قول الله – تعالى - : ) يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا ( (1) .

فهذا كان اليهود يقولون (راعنا)، من الرعونة فينادون بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يريدون الدعاء عليه ، فلهذا قال الله لهم : )وقولوا انظرنا (. وأما (راعني ) ، ليست مثل (راعنا) ، لأن راعنا منصوبة بالألف وليست بالياء .

54- وسئل حفظه الله : ما حكم قول (رب البيت) ؟ (رب المنزل) ؟
فأجاب: لا قولهم رب البيت ونحوه ينقسم أقساماً أربعة :

القسم الأول : أن يكون الإضافة على ضمير المخاطب في معنى لا يليق بالله – عز وجل – مثل أن يقول (أطعم ربك) فهذا منهي عنه لوجهين :

الوجه الأول : من جهة الصيغة لأنه يوهم معنى فاسداً بالنسبة لكلمة رب ، لأن الرب من أسمائه – سبحانه- ، وهو سبحانه يطعم ولا يطعم .

الوجه الثاني : من جهة أنك تشعر العبد أو الأمة بالذي لأنه إذا كان السيد ربا كان العبد مربوباً والأمة مربوبه.

وأما إذا كان في معنى يليق بالله – تعالى – مثل أطلع ربك كان النهي عنه من أجل الوجه الثاني .

القسم الثاني : أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب مثل ربه ، وربها ، فإن كان في معنى لا يليق بالله كان من الأدب اجتنابه ، مثل أطعم العبد ربه أو أطعمت الأمة ربها ؛ لئلا يتبادر منه إلى الذهن معنى لا يليق بالله .

وإن كان في معنى يليق بالله مثل أطاع العبد ربه وأطاعت الأمة ربها فلا بأس بذلك لانتفاء المحذور .

ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ، في حديث اللقطة في ضالة الإبل وهو حديث متفق عليه " حتى يجدها ربها " وقال بعض أهل العلم أن حديث اللقطة في بهيمة لا تتعبد ولا تتذلل كالإنسان ، والصحيح عدم الفارق لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة بها . قال – تعالى - ) ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب ( (1) وقال في العباد ) وكثير من الناس ( (2) ليس جميعهـم ) وكثير حق عليه العذاب ( (3)

القسم الثالث : أن تكون الإضافة على ضمير المتكلم فقد يقول قائل بالجواز لقوله تعالى حكاية عن يوسف : ) إنه ربي أحسن مثواي( (4) أي سيدي، وإن المحظور هو الذي يقتضي الإذلال وهذا منتف لأن هذا من العبد لسيده .

القسم الرابع : أن يضاف إلى الاسم الظاهر فيقال : هذا رب الغلام فظاهر الحديث الجواز وهو كذلك ما لم يوجد محظور فيمنع كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالف لمملوكه .

55- سئل فضيلة الشيخ : عن قول ما يقول إن الإنسان يتكون من عنصرين عنصر من التراب وهو الجسد، وعنصر من الله وهو الروح ؟ .
فأجاب بقوله : هذا الكلام يحتمل معنيين :

أحدهما : أن الروح جزء من الله .

والثاني : أن الروح من الله خلقاً .

وأظهرهما أن أراد أن الروح جزء من الله لأنه لو أراد أن الروح من الله خلقا لم يكن بينها وبين الجسد فرق إذ الكل من الله – تعالى - : ) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ( (1) وأضاف روح عيسى إليه فقال : ) ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا ( (2) وأضاف بعض مخلوقات أخرى إليه كقوله : ) وطهر بيتي للطائفين والقائمين ( (1) . وقوله : ) وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ( (2) . وقوله عن رسوله صالح : ) فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها ( (3) ولكن المضاف إلى الله نوعان :

أحدهما : ما يكون منفصلاً بائنا عنه ، قائما بنفسه أو قائما بغيره ، فإضافته إلى الله تعالى إضافة خلق وتكون ، ولا يكون ذلك إلا فيما يقصد به تشريف المضاف أو بيان عظمه الله – تعالى - ، لعظم المضاف ، فهذا النوع لا يمكن أن يكون من ذات الله – تعالى - ، فلأن ذات الله تعالى واحدة لا يمكن تتجزأ أو تتفرق ، وأما كونه لا يمكن أن يكون من صفات الله فلأن الصفة معنى في الموصوف لا يمكن أن تنفصل عنه ، كالحياة ، والعلم ، والقدرة ، والقوة ، والسمع ، والبصر ، وغيرها . فإن هذه الصفات لا تباين موصو فها ، ومن هذا النوع إضافة ا لله – تعالى – روح آدم وعيسى إليه ، وإضافة البيت وما في السموات والأرض إليه ، وإضافة الناقة إليه ، فروح آدم ، وعيسى قائمة بهما ، وليست من ذات الله – تعالى - ، ولا من صفاته قطعاً ، والبيت وما في السموات والأرض ، والناقة أعيان قائمة بنفسها ، وليس من ذات الله ولا من صفاته ، وإذا كان لا يمكن لاحد أن يقول : إن بيت الله ، وناقة الله من ذاته ولا من صفاته ، ولا فرق بينهما إذ الكل بائن منفصل عن الله – عزل وجل – وكما أن البيت والناقة من الأجسام فكذلك الروح جسم تحل بدن الحي بإذن الله، يتوفاها الله حين موتها ، ويمسك التي قضي عليها الموت ، ويتبعها بصر الميت حين تقبض ، لكنها جسم من جنس آخر .

النوع الثاني من المضاف إلى الله : ملا يكون منفصلا عن الله بل هو من صفاته الذاتية أو الفعلية ، كوجهه ، ويده ، سمعه ، وبصره ، واستوائه على عرشه ، ونزوله إلى السماء الدنيا ، ونحو ذلك ، فإضافته إلى الله – تعالى – من باب إضافة الصفة إلى موصفها ، وليس من باب إضافة المخلوق والمملوك إلى مالكه وخالقه .

وقول المتكلم (إن الروح من الله ) يحتمل معنى آخر غير ما قلنا : إنه الأظهر ، وهو أن البدن مادته معلومة ، وهي التراب ، أما الروح فمادتها غير معلومة ، وهذا المعنى صحيح . كما قال الله – تعالى - ) ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ( (1) . – وهذه والله أعلم – من الحكمة في إضافتها إ ليه إنها أمر لا يمكن أن يصل إليه علم البشر بل هي مما استأثر الله بعلمه كسائر العلوم العظيمة الكثيرة التي لم نؤت منها إلا القليل ، ولا نحيط بشيء من هذا القليل إلا بما شاء الله – تبارك وتعالى - .

فنسأل الله – تعالى - ، أن يفتح علينا من رحمته وعلمه ما به صلاحنا ، وفلاحنا في الدنيا والآخرة .

56- سئل فضيلة الشيخ : عن المراد بالروح والنفس ؟ والفرق بينهما ؟ .
فأجاب قائلا : الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حسا أو معنى ، فالقران يسمى روحا قال الله – تعالى - : ) وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ( (1) لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان ، والروح التي يحيى بها البدن تسمى روحا قال الله – تعالى - ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ( (2)

أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيراً كما في قوله – تعالى - : ) الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ( (1) .

وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه ، فيقال جاء فلان نفسه ، فتكون بمعنى الذات ، فهما يفترقان أحيانا، ويتفقان أحيانا ، بحسب السياق .

وينبغي بهذه المناسبة أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها فقد تكون الكلمة الواحدة لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق ، فالقرية مثلا تطلق أحيانا على نفس المساكن ، وتطلق أحيانا على الساكن نفسه ففي قوله – تعالى – عن الملائمة الذين جاءوا إبراهيم ) قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية ( (2)

المراد بالقرية هنا المساكن ، وفي قوله – تعالى - : ) وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أم معذبوها عذاباً شديداً ( (1) المراد بها المساكن ، وفي قوله – تعالى : ) أو كالذي مر على قرية هي خاوية على عروشهـا ( (2) المراد بها المساكن ، وفي قوله : ) وأسأل القرية التي كنا فيها ( (3) المراد بها الساكن ، فالمهم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها وبحسب ما تضاف إليه ، وبهذه القاعدة المفيدة المهمة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه كثير من أهل العلم من أن القران الكريم ليس فيه مجاز ، وأن جميع الكلمات التي في القران كلها حقيقة، لان الحقيقة هي ما يدل عليه سياق الكلام بأي صيغة كان ، فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول إن في القران مجازا ، وقد كتب في هذا أهل العلم وبينوه ، ومن أبين ما يجعل هذا القول صوابا أن من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أنه يصح أن تنفيه فإذا قال : فلان أسد ، صح له نفيه ، وهذا لا يمكن أن يكون في القران ، فلا يمكن لأحد أن ينفي شيئا مما ذكره الله – تعالى – في القران الكريم .

57- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إطلاق لفظ (السيد) على غير الله تعالى ؟ .
فأجاب بقوله : إطلاق السيد على غير الله تعالى إن كان يقصد معناه وهي السيادة المطلقة فهذا لا يجوز، وإن كان المقصود به مجرد الإكرام فإن كان المخاطب به سيد ، أو نحو ذلك ، وإن كان لا يقصد به السيادة والإكرام وإنما هو مجرد اسم فهذا لا بأس به .

58- سئل فضيلة الشيخ : من الذي يستحق أن يوصف بالسيادة ؟ .
فأجاب بقوله : لا يستحق أحد أن يوصف بالسيادة المطلقة إلا الله – عز وجل – فالله تعالى هو السيد الكامل السؤدد ، أما غيره فيوصف بسيادة مقيدة مثل سيد ولد آدم ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسيادة قد تكون بالنسب ، وقد تكون بالعلم ، وقد تكون بالكرم ، وقد تكون بالشجاعة ، وقد تكون بالملك ، كسيد المملوك وقد تكون بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الإنسان سيدا ، وقد يقال للزوج سيد بالنسبة لزوجته ، كما في قوله – تعالى - : ) وألفيا سيدها لدا الباب ( (1) .

فأما السيد في النسب فالظاهر أن المراد أن من كان من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم أولاد فاطمة – رضي الله عنها – أي ذريتها من بنين وبنات ، وكذلك الشريف ، وربما يراد بالشريف من كان هاشميا وأيا كان الرجل أو المرأة سيدا أو شريفا فإنه لا يمتنع شرعا أن يتزوج من غير السيد والشريف ، فهذا سيد بني آدم وأشرفهم ، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج ابنتيه رقية وأم كلثوم عثمان بن عفان ، وليس هاشميا ، وزوج ابنته زينب أبا العاص بن الربيع وليس هاشميا .
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 12-09-2008, 07:30 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

59- وسئل فضيلته عن الجمع بين حديث عبد الله بن الشخير – رضي الله عنه – قال ( انطلقت في وفد بين عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا أنت سيدنا فقال " السيد الله تبارك وتعالى " . وما جاء في التشهد " اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد " . وحديث " أنا سيد ولد آدم " ؟ .
فأجاب قائلا : لا يرتاب عاقل أن محمدا صلى الله عليه وسلم ، سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك ، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة ، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله – وتعالى - : )من يطع الرسول فقد أطاع الله ( (1) ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم ، سيدنا ، وخيرنا ، وأفضلنا عند الله – سبحانه وتعالى- وأنه المطاع فيما يأمر به ، صلوات الله وسلامه عليه ، ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع ، عليه الصلاة والسلام ، أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد أن نقول : ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهي (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ) وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الأفضل ألا نصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، بها ، وإنما نصلى عليه بالصيغة التي علمنا إياها .

وبهذه المناسبة أود أبنه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمدا ، صلى الله عليه وسلم ، سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه وأن لا ينقص عنه ، فلا يبتدع في دينه الله ما ليس منه ، ولا ينقص من دين الله ما هو منه ، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي صلى الله عليه وسلم ، علينا .

وعلى هذا فإن أولئك المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم ، سيد ، لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه ، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " أنا سيد ولد آدم " والجمع بينه وبين قوله : " السيد الله " أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله فهو الآمر وغيره مأمور ، وهو الحاكم وغيره محكوم ، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شئ محدود، ومكان محدود، وعلى قوم دون قوم ، أو نوع من الخلائق دون نوع .

60- وسئل فضيلته عن هذه العبارة ( السيدة عائشة – رضي الله عنها - ) ؟ .
فأجاب قائلا : لا شك أن عائشة – رضي الله عنها – من سيدات نساء الأمة ، ولكن إطلاق (السيدة) على المرأة و( السيدات) على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من أوضع النساء ، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهم سيدات مطلقا ، والحقيقة أن المرأة مرأة ، وأن الرجل رجل، وتسميه المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح ، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة ، ولكن ليس مقتضى ذلك إننا نسمي كل امرأة سيدة .

كما أن التعبير بالسيدة عائشة ، والسيدة خديجة ، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفا عند السلف بل كانوا يقولون أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين خديجة ، فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونحو ذلك .

61- سئل فضيلة الشيخ : عن الجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم : " السيد الله تبارك وتعالى " وقوله ، صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم " وقوله : " قوموا إلى سيدكم " وقوله في الرقيق : " وليقل سيدي " ؟ .
فأجاب بقوله : أختلف على ذلك في أقوال :

القول الأول : أن النهي على سبيل الأدب ، والإباحة على سبيل الجوز ، فالنهي ليس للتحريم حتى يعارض الجواز.

القول الثاني : أن النهي حيث يخشى منه المفسدة وهي التدرج إلى الغلو ، والإباحة إذ لم يكن هناك محذور .

القول الثالث : أن النهي بالخطاب أي أن تخاطب الغير بقولك ( سيدي أو سيدنا ) لأنه ربما يكون في نفسه عجب وغلو إذا دعي بذلك ، ولأن فيه شيئا آخر وهو خضوع هذا المتسيد له وإذلال نفسه له ، بخلاف إذا جاء على غير هذا الوجه مثل ( قوموا إلى سيدكم) و (أنا سيد ولد آدم ) لكن هذا يرد على إباحته صلى الله عليه وسلم للرقيق أن يقول لمالكه ( سيدي ) ؟

لكن يجاب عن هذا بأن قول الرقيق لمالكه ( سيدي ) أمر معلوم لا غضاضة فيه ، ولهذا يحرم عليه أن يمتنع مما يجب عليه نحو سيده والذي يظهر لي – والله أعلم – أن هذا جائز لكن بشرط أن يكون الموجه إليه السيادة أهلا لذلك ، وأن لا يخشى محذور من إعجاب المخاطب ونخوع المتكلم ، أما إذ لم يكن أهلا ، كما لو كان فاسقا أو زنديقا فلا يقال له ذلك حتى لو فرض عنه أعلى منه رتبة أو جاهلا فقد جاء في الحديث : " لا تقولوا للمنافق سيد فإنكم إذ قلتم ذلك أغضبتم الله " .

وكذلك لا يقال إذا خشى محذور من إعجاب المخاطب أو نخوع المتكلم .

62- وسئل فضيلة الشيخ:عن قولشاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا)،و(شاءت الأقدار كذا وكذا)؟ .
فأجاب قائلا : قول : ( شاءت الأقدار ) ، و ( شاءت الظروف ) ألفاظ منكرة ؛ لأن الظروف جمع ظرف هو الأزمان ، والزمن لا مشيئة له ، وإنما يشاء هو الله ، عز وجل ، نعم لو قال الإنسان : ( اقتضى قدر الله كذا وكذا ) . فلا بأس به . أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار لأن المشيئة هي الإرادة ، ولا إرادة للوصف ، إنما للإرادة للموصوف .

63- سئل فضيلته :عن حكم قول ( وشاءت الأقدار ) و ( شاء القدر) ؟ .
فأجاب بقوله : لا يصح أن نقول ( شاءت قدرة الله ) لأن المشيئة إرادة ، والقدرة معنى ، والمعنى لا إرادة له ، وإنما الإرادة للمريد ، والمشيئة لمن يشاء ، ولكننا نقول اقتضت حكمة الله كذا وكذا ، أو نقول عن شئ إذا وقع هذه قدرة الله أي مقدوره كما تقول : هذا خلق الله أي مخلوقه . أما أن نضيف أمرا يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز ومثال لذلك قولهم ( شاءت القدر كذا وكذا ) هذا لا يجوز لأن القدر والقدرة أمران معنويات ولا مشيئة لهما ، إنما المشيئة لمن هو قادر ولمن مقدر . والله أعلم .

64- سئل فضيلته : هل يجوز إطلاق ( شهيد) على شخص بعينه ويقال الشهيد فلان ؟ .
فأجاب بقوله : لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد حتى ، لو *** مظلوماً أو *** وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول فلان شهيد وهذا مخالف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من *** حتى ولو كان مقتولا في عصبة جاهلية يسمونها شهيدا ، وهذا حرام لأن قولك عن شخص *** وهو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة ، سوف يقال لك هل عندك علم أنه *** شهيدا ؟ ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يعثب دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك " فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " والله أعلم بمن يكلم في سبيله " – يكلم : يعني يجرح – فإن بعض الناس قد يكون ظاهرهم أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه وأنه خلاف ما يظهر من فعله ، وهذا باب البخاري – رحمه الله – على هذه المسألة في صحيحه فقال ( باب لا يقال فلان شهيد ) لأن مدار الشهادة على القلب ، لا يعلم ما في القلب إلا الله – عز وجل – فأمر النية أمر عظيم ، وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .

65- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم قول فلان شهيد ؟ .
فأجاب بقوله : الوجوب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون وجهين :

أحدهما : أن تقيد بوصف مثل أن يقال كل من *** في سبيل الله فهو شهيد ، ومن *** دون ماله فهو شهيد ، ومن مات بالطاعون فهو شهيد ونحو ذلك ، فهذا جائز كما جاءت به النصوص ، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونعنى بقولنا – جائز – أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقا لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الثاني : أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول بعينه إنه شهيد ، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك وقد ترجم البخاري – رحمه الله – لهذا بقوله : ( باب لا يقال فلان شهيد) قال في الفتح 90/6 " أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي " وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال تقولون في مغازيكم فلان شهيد ، ومات فلان شهيدا ولعله قد يكون أوقر رحالته ، إلا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من مات في سبيل الله ، أو *** فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد ابن منصور وغيرهما من طريق محمد ابن سريرين عن أبي العجفاء عن عمر ) أ . هـ . كلامه .

ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا أن علم له ، وشرط كون الإنسان شهيدا أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا والنية باطنة لا سبيل إلى العلم بها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ، مشيرا إلى ذلك : " مثل المجاهد في سيبل الله ، والله أعلم لمن يجاهد في سبيله " . وقال : " والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله ، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دما اللون لون الدم ، والريح ريح المسك " . رواهما البخاري من حديث أبى هريرة . ولكن من ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك ، ولا نشهد له به ولا ننسي به الظن . والرجاء مرتبة بين المرتبتين ، ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولا في الجهاد في سبيل الله دفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه، وإن كان من الشهداء الآخرين فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه.

ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم ، بالوصف أو بالشخص ، وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفق الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله تعالى - . وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق ، ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك كما ثبت ، وهذا كاف في منقبته ، وعلمه عند خالقه – سبحانه وتعالى - .

66- سئل فضيلة الشيخ : عن لقب ( شيخ الإسلام ) هل يجوز ؟ .
فأجاب بقوله : لقب شيخ الإسلام عند الإطلاق لا يجوز أن يوصف به الشخص ، لأنه لا يعصم أحد من الخطأ فيما يقول في الإسلام إلا الرسل .

أما إذا قصد بشيخ الإسلام أنه شيخ كبير وله قدم صدق في الإسلام فإنه لا بأس بوصف الشيخ به وتلقيبه به .

67- وسئل ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة (صدفة) ؟ .
فأجاب بقوله : رأينا في هذا القول أنه لا بأس به وهذا أمر متعارف وأظن أن فيه أحاديث بهذا التعبير صادفنا رسول الله صادفنا رسول الله ولكن لا يحضرني الآن حديث معين بهذا الخصوص .

والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع ، لأن الإنسان لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له ، ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا ، فإن كل شئ عند الله معلوم وكل شئ عنده بمقدار وهو – سبحانه وتعالى – لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبدا ، ولكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له صدفة ، ولا حرج فيه ، أما بالنسبة لأمر الله فهذا فعل ممتنع لا يجوز .

68- سئل فضيلة الشيخ عن تسمية بعض الزهور بـ ( عباد الشمس لأنه يستقبل الشمس عند الشروق وعند الغروب ؟ .
فأجاب بقوله :هذا لا يجوز لأن الأشجار لا تعبد الشمس، إنما تعبد الله – عز وجل - كما قال الله – تعالى - : ) َلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ( (1).وإنما يقال عبارة أخرى ليس فيها ذكر العبودية كمراقبة الشمس ، ونحو ذلك من العبارات .

69- وسئل فضيلة الشيخ لماذا كان التسمي بعبد الحارث من الشرك مع أن الله هو الحارث ؟ .
فأجاب قائلا : التسمي بعبد الحارث فيه نسبة العبودية لغير الله – عز وجل – فإن الحارث هو الإنسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلكم حارث وكلكم همام " فإذا أضاف الإنسان العبودية إلى المخلوق كان هذا نوعا من الشرك ، لكنه لا يصل إلى درجة الشرك الأكبر ، ولهذا لو سمي رجلا بهذا الاسم لوجب أن يغيره فيضاف إلى اسم الله – سبحانه وتعالى – أو يسمى باسم آخر غير مضاف وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال :" أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن " وما أشتهر عند العامة من قولهم خير الأسماء ما حمد وعبد ونسبتهم ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليس ذلك بصحيح أي ليس نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، صحيحة فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا اللفظ وإنما ورد " أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن " .

أما قول السائل في سؤاله ( مع أن الله هو الحارث ) فلا أعلم اسما لله تعالى بهذا اللفظ ، وإنما يوصف – عز وجل – بأنه الزارع لا يسمى به كما في قوله – تعالى - : ) أفرأيتم ما تحرثون . أأنتم تزرعونه أمن نحن الزارعون ( (1)

70- سئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة : (العصمة لله وحده ) ، مع أن العصمة لابد فيها من عاصم ؟ .
فأجاب قائلا : هذه العبارة قد يقولها من يقولها يريد بذلك أن كلام الله – عز وجل – وحكمه كله صواب ، وليس فيه خطأ وهي بهذا المعنى صحيحة ، لكن لفظها مستنكر ومستكره ، لأنه كما قال السائل قد يوحي بأن هناك عاصما عصم الله – عز وجل – والله – سبحانه وتعالى – هو الخالق ، وما سواء مخلوق، فالأولى أن لا يعبر الإنسان بمثل هذا التعبير ، بل يقول الصواب في كلام الله ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .

71- وسئل فضيلة الشيخ: عن عبارة : (فال الله ولا فالك ) ؟ .
فأجاب قائلا : هذا التعبير صحيح ، لأن المراد الفأل الذي هو من الله ، وهو أني أتفاءل بما قلت ، هذا هو معنى العبارة ، وهو معنى صحيح أن الإنسان يتمنى الفأل الكلمة الطيبة من الله – سبحانه وتعالى – دون أن يتفاءل بما يسمعه من هذا الشخص الذي تشاءم من كلامه .

72- سئل فضيلة الشيخ: عن مصطلح (فكر إسلامي ) و ( مفكر إسلامي ) ؟ .
فأجاب قائلا : كلمة (فكر إسلامي ) من الألفاظ التي يحذر عنها ، إذ مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد ، وهذا خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر .

أما (مفكر إسلامي ) فلا أعلم فيه بأسا لأنه وصف للرجل المسلم والرجل المسلم يكون مفكراً .

73- سئل فضيلة الشيخ: جاء في الفتوى رقم (72) أن كلمة الفكر الإسلامي كلمة لا تجوز لأنها تعني أن الإسلام قد يكون عبارة عن أفكار قد تصح أو لا تصح وهكذا ، بينما قلتم أن إطلاق كلمة ( المفكر الإسلامي ) تجوز لأن فكر الشخص يتغير وقد يكون صحيحا أو العكس ، ولكن الأشخاص الذين يستخدمون مصطلح (الفكر الإسلامي ) يقولون أننا نقصد فكر الأشخاص ولا نتكلم عن الإسلام ككل أو عن الشريعة الإسلامية بالتحديد فهل هذا المصطلح ( الفكر الإسلامي) جائز بهذا التفسير أم لا وما هو الدليل ؟ .

فأجاب قائلا : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : (إنما أقضي نحو ما أسمع ) ونحن لا نحكم على الأفراد إلا بما يظهر منهم فإذا قيل ( الفكر الإسلامي ) فهذا يعني أن الإسلام فكر ، وإذا كان القائل بهذا التعبير يريد فكر الرجل الإسلامي فليقل ( فكر الرجل الإسلامي ) أو (المفكر الإسلامي ) وبدلا من أن نقول ( الفكر الإسلامي ) نقول( الحكم الإسلامي ) لأن الإسلام حكم والقرآن الكريم إما خبر وإما حكم كما قال – تعالى - : ) وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم( (1) .

74- سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس إذا شاهد من أسرف على نفسه بالذنوب : ( فلان بعيد عن الهداية ، أو عن الجنة ، أو عن مغفرة الله ) فما حكم ذلك ؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز لانه من باب التألي على الله – عز وجل – وقد ثبت في الصحيح أن رجلا كان مسرفا على نفسه ، وكان يمر به رجل آخر فيقول : والله لا يغفر الله لفلان ، فقال الله – عز وجل – " من ذا الذي يتألي على أن لا أغفر لفلان قد غفرت له ، وأحبطت عملك " . ولا يجوز للإنسان أن يستبعد رحمه الله – عز وجل -،كم من إنسان قد بلغ من الكفر مبلغا عظيما ، ثم هداه الله فصار من الأئمة الذين يهدون بأمر الله – عز وجل - ، والواجب على من قال ذلك أن يتوب إلى الله ، حيث يندم على ما فعل ويعزم على أن لا يعود في المستقبل .

75- وسئل فضيلته : عن قول الإنسان إذا سئل عن شخص قد توفاه الله قريبا : " فلان ربنا افتكره " ؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : إذا كان مراده بذلك أن الله تذكر ثم أماته فهذه كلمة كفر ، لأنه يقتضي أن الله – عز وجل – ينسى ، والله – سبحانه وتعالى – لا ينسى ، كما قال موسى ، عليه الصلاة والسلام ، لما سأله فرعون: ) فما بال القرون الأولى . قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ( (1) . فإذا كان هذا هو قصد المجيب وكان يعلم ويدري معنى ما يقول فهذا كفر .

أما إذا كان جاهلا ولا يدري ويريد بقولهأن الله افتكره ) يعني أخذه فقط فهذا لا يكفر ، لكن يجب أن يظهر لسانه عن هذا الكلام ، لأنه كلام موهم لنقص رب العالمين – عز وجل – ويجيب بقوله : ( توفاه الله أو نحو ذلك ) .

76- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم التسمي بقاضي القضاة ؟ .
فأجاب قائلا : قاضي القضاة بهذا المعنى الشامل العام لا يصلح إلا لله – عز وجل – فمن تسمي بذلك فقد جعل نفسه شريكا لله – عز وجل – فيما لا يستحقه إلا الله – عز وجل - ، وهو القاضي فوق كل قاضٍٍ
والحكم وإليه يرجع الحكم كله ، وإن قيد بزمان أو مكان فهذا جائز ، لكن الأفضل أن لا يفعل ، لأنه قد يؤدي إلى الإعجاب بالنفس والغرور حتى لا يقبل الحق إذا خالف قوله ، وإنما جاز هذا لأن قضاء الله لا يتقيد، فلا يكون فيه مشاركة لله – عز وجل – وذلك مثل قاضي قضاة العراق ، أو قاضي قضاة الشام ، أو قاضي قضاة عصره .

وأما إن قيد بفن من الفنون فبمقتضى التقيد يكون جائزا ، لكن إن قيد بالفقه بأن قيل : عالم العلماء في الفقه سواء قلنا بأن الفقه يشمل أصول الدين وفروعه على حد قوله صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيرا يفقه في الدين " أو قلنا بأن الفقه معرفة الأحكام الشرعية العملية كما هو المعروف عند الأصوليين صار فيه عموم واسع مقتضاه أن مرجع الناس كلهم في الشرع إليه فأنا أشك في جوازه والأولى التنزه عنه . وكذلك إن قيد بقبيلة فهو جائز ولكن يجب مع الجواز مراعاة جانب الموصوف حتى لا يغتر ويعجب بنفسه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للمادح : " قطعت عنق صاحبك" .

77- وسئل فضيلة الشيخ : عن تقسيم الدين إلى قشور ولب ، ( مثل اللحية ) ؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : تقسيم الدين إلى قشور ولب ، تقسيم خاطئ ، وباطل ، الدين كله لب ، وكله نافع للعبد ، وكله يقربه لله – عز وجل – وكله يثاب عليه المرء ، وكله ينتفع به المرء ، بزيادة إيمانه وإخباته بربه – عز وجل – حتى المسائل المتعلقة باللباس والهيئات ، وما أشبهها ، كلها إذا فعلها الإنسان تقربا إلى الله- عز وجل – واتباعا لرسوله صلى الله عليه وسلم ، فإنه يثاب على ذلك ، والقشور كما نعلم لا ينتفع بها ، بل ترمي ، وليس في الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية ما هذا شأنه ، بل كل الشريعة الإسلامية لب ينتفع به المرء إذا اخلص النية لله ، وأحسن في اتباعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى الذين يرجون هذه المقالة ، أن يفكروا في الأمر تفكيرا جديا، حتى يعرفوا الحق والثواب ، ثم عليهم أن يتبعوه ، وأن يدعوا مثل هذه التعبيرات، صحيح أن الدين الإسلامي فيه أمور مهمة كبيرة وعظيمة ، كأركان الإسلام الخمسة ، التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم ، بقوله : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ،وأقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام " . وفيه أشياء دون ذلك ، لكنه ليس فيه قشور لا ينتفع بها الإنسان ، بل يرميها ويطرحها .

وأما بالنسبة لمسألة اللحية : فلا ريب أن إعفاءها عبادة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ، وكل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، بامتثاله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، بل إنها من هدى النبي صلى الله عليه وسلم وسائر إخوانه المرسلين ، كما قال الله – تعالى – عن هارون : إنه قال لموسى : ) يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي( (1) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن إعفاء اللحية من الفطرة التي فطر الناس عليها ، فإعفاؤها من العبادة ، وليس من العادة ، وليس من القشور كما يزعمه من يزعمه .

78- سئل فضيلة الشيخ : عن عبارة (كل عام وانتم بخير) ؟ .
فأجاب بقوله : (كل عام وأنتم بخير ) جائز إذا قصد به الدعاء بالخير .

79- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم لعن الشيطان ؟ .
فأجاب بقوله : الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان ، وإنما أمر بالاستعانة منه كما قال الله – تعالى - : ) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله أنه سميع عليم ( (1) .

فاجاب بقوله : الإنسان لم يؤمن بلعن الشيطان ، وإنما أمر الاستعاذة منه كما قال الله – تعالى - : ) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ( (1) .

80- وسئل فضيلة الشيخ : عن قول الإنسان متسخطا : ( لو إني فعلت كذا لكان كذا ) ، أو يقول (لعنه الله على المرض الذي أعاقني ) ؟ .
فأجاب بقوله : إذا قال : (لو فعلت كذا لكان كذا ) ندما وسخطا على القدر ، فإن هذا محرم ولا يجوز للإنسان أن يقوله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز ، فإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل) . وهذا هو الواجب على الإنسان أن يفعل المأمور وأن يستسلم للمقدور، فإنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن .

وأما من يلعن المرض وما أصابه من فعل الله – عز وجل – فهذا من أعظم القبائح – والعياذ بالله – لأن لعنه للمرض الذي هو من تقدير الله – تعالى – بمنزلة سب الله – سبحانه وتعالى – فعلى من قال مثل هذه الكلمة أن يتوب إلى الله ، وان يرجع إلى دينه ، وأن يعلم أن المرض بتقدير الله ، وأن ما أصابه من مصيبة فهو بما كسبت يده ، وما ظلمه الله ، ولكن كان هو الظالم لنفسه .

81- وسئل: عن قول ( لك الله ) ؟ .
فأجاب بقوله : لفظ (لك الله ) الظاهر أنه من جنس ( لله درك ) وإذا كان من جنس هذا فإن هذا اللفظ جائز، ومستعمل عند أهل العلم وغيرهم ، والأصل في هذا وشبهه الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه ، والواجب التحرز عن التحريم فيما الأصل فيه الحل .

82- سئل فضيلة الشيخ : عن عبارة لم تسمح لي الظروف ؟ أو لم يسمح لي الوقت ؟ .
فأجاب قائلا : إن كان القصد انه لم يحصل وقت يتمكن فيه من المقصود فلا بأس به ، وإن كان القصد أن للوقت تأثيرا فلا يجوز .

83- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم استعمال لو ؟ .
فأجاب بقوله : استعمال (لو) فيه تفصيل على الوجوه التالية :

الوجه الأول : أن يكون المراد بها مجرد الخبر فهذه لا بأس بها مثل أن يقول الإنسان لشخص لو زرتني لأكرمتك، أو لو علمت بك لجئت إليك .

الوجه الثاني : أن يقصد بها التمني فهذه على حسب ما تمناه إن تمنى بها خيرا فهو مأجور بنيته ، وإن تمنى بها سوى ذلك فهو بحسبه ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ، في الرجل الذي له مال ينفقه في سبيل الله وفي وجوه الخير ورجل آخر ليس عنده مال ، قال لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هما في الآجر سواء " والثاني رجل ذو مال لكنه ينفقه في غير وجوه الخير فقال رجل آخر : لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هما في الوزر سواء " فهي إذا جاءت للتمني تكون بحسب ما تمناه العبد إن تمنى خيرا فهي خير ، وإن تمنى سوى ذلك فله ما تمنى .

الوجه الثالث : أن يراد بها التحسر على ما مضى فهذه منهي عنها ، لأنها لا تفيد شيئا وإنما تفتح الأحزان والندم وفي هذه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير أحرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز ، وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان " . وحقيقة أنه لا فائدة منها في هذا المقام لأن الإنسان عمل ما هو مأمور به من السعي لما ينفعه ولكن القضاء والقدر كان بخلاف ما يريد فكلمة ( لو ) في هذا المقام إنما تفتح باب الندم والحزن ، ولهذا نهي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الإسلام لا يريد من الإنسان أن يكون محزوناً ومهموما بل يريد منه أن يكون منشرح للصدر وأن يكون مسرورا طليق الوجه،وبه الله المؤمنين النقطة بقوله : ) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله ( (1) . وكذلك في الأحلام المكروهة التي يراها النائم في منامه فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد المرء إلى أن يلتفت عن يساره ثلاث مرات ، وأن يستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان ، وأن ينقلب إلى الجنب الآخر ، وإلا يحدث بها أحداً لأجل أن ينساها ولا تطرأ على باله قال : " فإن ذلك لا يضره " . والمهم أن الشرع يحب من المرء أن يكون دائما في السرور ، ودائما في الفرح ليكون متقبلا لما يأتيه من أوامر الشرع ، لأن الرجل إذا كان في ندم ووهم وفي غم وحزن لا شك انه يضيف ذرعا بما يلقي عليه من أمور الشرع وغيرها، ولهذا يقول الله – تعالى – لرسوله دائما : ) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ( (1) ) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ( (2) وهذه النقطة بالذات تجد بعض الغيورين على دينهم إذا رأوا من الناس ما يكرهون تجدهم يأثر ذلك عليهم ، حتى على عبادتهم الخاصة ولكن الذي ينبغي أن يتلقوا ذلك بحزم وقوة ونشاط فيقوموا بما أوجب الله عليهم من الدعوة إلى الله على بصيرة ، ثم أنه لا يضرهم من خلافه .

84- سئل فضيلة الشيخ : عن العبارة (لو لا الله وفلان ) ؟ .
فأجاب قائلا : قرن غير الله بالله في الأمور القدرية بما يفيد الاشتراك وعدم الفرق أمر لا يجوز ، ففي المشيئة مثلا لا يجوز ، ففي المشيئة مثلا لا يجوز أن تقول ( ما شاء الله وشئت ) لأن هذا قرن لمشيئة المخلوق بحرف يقتضي التسوية وهو نوع من الشرك ، لكن لابد أن تأتي بـ ( ثم ) فتقول ( ما شاء الله ثم شئت ) كذلك أيضا إضافة الشيء إلى سببه مقرونا بالله بحرف يقتضي التسوية ممنوع فلا تقول ( لو لا الله وفلان أنقذني لغرقت ) فهذا حرام ولا يجوز لأنك جعلت السبب المخلوق مساويا للخالق السبب ، وهذا نوع من الشرك ، ولكن لا يجوز أن تضيف الشيء إلى سببه بدون قرن مع الله فتقول ( لو لا فلان لغرقت ) إذا كان السبب صحيحا وواقعا ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام في أبي طالب حين أخبر أن عليه نعلين يقلي منهما دماغه قال : ( ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) فلم يقل لو لا الله ثم أنا مع أنه ما كان في هذه الحال من العذاب إلا بمشيئة الله ، فإضافة الشيء إلى سببه المعلوم شرعا أو حسا جائز وإن لم يذكر معه الله – عز وعلا - ، وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعا أو حسا بحرف يقتضي التسوية ك ( ثم ) وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعا أو حسا بحرف يقتضي التسوية ك ( الواو ) حرام ونوع من الشرك ، وإضافة الشيء إلى سبب موهوم غير معلوم حرام ولا يجوز وهو نوع من الشرك مثل العقد والتمائم وما أشبهها بإضافة الشيء إليها خطأ محض، ونوع من الشرك لأن إثبات سبب من الأسباب لم يجعله الله نوعا من الإشراك به ، فكأنك أنت جعلت هذا الشيء سببا والله – تعالى – لم يجعله فلذلك صار نوعا من الشرك بهذا الاعتبار .

85- وسئل فضيلة الشيخ : عن قولهم ( المادة لا تفني ولا تزول ولم تخلق من عدم ) ؟ .
فأجاب قائلا : القول بأن المادة لا تفني وأنها لم تخلق من عدم كفر ولا يمكن أن يقوله مؤمن ، فكل شئ في السموات والأرض سوى الله فهو مخلوق من عدم كما قال – تعالى - : ) الله خالق كل شئ ( (1) . وليس هناك شئ أذلي أبدي سوى الله .

وأما كونها لا تفني فإن عنى بذلك أن كل شئ لا يفني بذاته فهذا أيضا خطأ وليس بثواب ؛ لأن كل شئ موجود فهو قابل للفناء ، وإن أراد به أن من مخلوقات ما لا يفني بإرادة الله فهذا حق ، فالجنة لا تفني وما فيها من نعيم لا يفني ، وأهل الجنة لا يفنون ، وأهل النار لا يفنون . لكن هذه الكلمة المطلقة ( ليس المادة لها أصل في الوجود وليس لها أصل في البقاء ) هذه على إطلاقها الكلمة إلحادية فتقول المادة مخلوقة من عدم ، وكل شئ سوى الله فالأصل فيه العدم .

أما مسألة الفناء تقدم للتفصيل فيها . والله الموفق .

86- سئل فضيلة الشيخ : ما حكم قول ( شاءت قدرة الله ) ، وإذا كان الجواب بعدمه فلماذا؟ مع أن الصفة تتبع موصوفها ، والصفة لا تنفعك عن ذات الله ؟ .
فأجاب قائلا : لا يصح أن نقول ( شاءت قدرة الله ) ؛ لأن المشيئة إرادة والقدرة معنى ، والمعنى لا إرادة له وإنما الإرادة للمريد ، والمشيئة للشائي ولكننا نقول : اقتضت حكمة الله كذا وكذا ، أو نقول عن الشيء إذا وقع هذه قدرة الله كما نقول هذا خلق الله ، وأما إضافة أمر يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز .

وأما قول السائل ( إن الصفة تتبع الموصوف ) فنقول : نعم ، وكونها تابعة للموصوف تدل على أنه لا يمكن أن نسند إليها شئ يستقل به الموصوف، فهي دارجة على لسان كثير من الناس ، يقول شاءت قدرة الله كذا وكذا، شاء القدر كذا وكذا، وهذا لا يجوز ؛ لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدر.

87- سئل فضيلة الشيخ : عن هذه العبارة : ( ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا ) ؟ .
فأجاب قائلا : يقول النص : ( ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا ) ، ويعنون ما توقعت وما ظننت أن يكون هكذا ، وليس المعنى ما صدقت أن الله يفعل لعجزه عنه مثلا ، فالمعنى أنه ما كان يقع في ذهنه هذا الأمر، هذا هو المراد بهذا التعبير ، فالمعنى أذن صحيح لكن اللفظ فيها إيهام ، وعلى هذا يكون تنجب هذا اللفظ أحسن لأنه موهم ، ولكن التحريم صعب أن نقول حرام مع وضوح المعنى أنه لا يقصد به إلا ذلك .

88- سئل فضيلة الشيخ : عن قول الآنيان إذا شاهد جنازة : ( من المتوفي ) بالياء ؟ .
فأجاب بقوله : الأحسن أ ن يقال من المتوفى وإذا قال من المتوفي ؟ فلها معنى في اللغة العربية ، لأن هذا الرجل توفى حياته وأنهاها .

89- سئل فضيلة الشيخ : عن قول ( إن فلان له المثل الأعلى ) ؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز على سبيل الإطلاق ، إلا لله – سبحانه وتعالى - ، فهو الذي له المثل الأعلى ، وإما إذا قال : ( فلان كان المثل الأعلى في كذا وكذا ) وقيده فهذا لا بأس به .

90- سئل فضيلة الشيخ : ما حكم قوله ( دفن في مثواه الأخير ) ؟ .
فأجاب قائلا : قول القائل ( دفن في مثواه الأخير ) حرام ولا يجوز لأنك إذا قلت في مثواه الأخير فمقتضاه أن القبر آخر شئ له ، وهذا يتضمن إنكار البعث ومن المعلوم لعامة المسلمين أن القبر ليس آخر شئ ، إلا عند الذين لا يؤمنون باليوم الآخر ، فالقبر آخر شئ عندهم ، أما المسلم فليس آخر شئ عنده القبر قد سمع إعرابي رجلا يقرأ قوله – تعالى : : )أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) ( (1) . وقال : " والله ما الزائر بمقيم " لأن الذي يزور يمشي فلابد من بعث وهذا صحيح :

لهذا يجب تجنب هذه العبارة ولا يقال عن القبر أنه المثوى الأخير ، لأن المثوى الأخير إما الجنة وإما النار يوم القيامة .

91- وسئل عن قول : ( مسيجيد ، مصحيف ) ؟ .
فأجاب قائلا : الأولى أن يقال المسجد والمصحف بلفظ التكبير لا التصغير ، لأنه قد يوهم الاستهانة به .

92- سئل فضيلة الشيخ : عن إطلاق المسيحية على النصرانية ؟ والمسيحي على النصراني ؟ .
فأجاب بقوله : لا شك أن انتساب النصارى إلى المسيح بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم إيمان بالمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام،لأن الله – تعالى – قال وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ( (1) ، لم يبشرهم المسيح عيسى ابن مريم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، إلا من أجل أن يقبلوا ما جاء به لأن البشارة بما ينفع لغو من القول لا يمكن أن تأتي من أدنى الناس عقلا ، فضلا عن أن تكون صدرت من عند أحد الرسل الكرام أولو العزم عيسى ابن مريم ، عليه الصلاة والسلام ، وهذا الذي بشر به عيسى ابن مريم بنى إسرائيل هو محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله فلما جاءهم بالبيانات قالوا هذا سحر مبين ( . وهذا يدل على أن الرسول الذي بشر به قد جاء ولكنهم كفرو به وقالوا هذا سحر مبين ، فإذا كفرو بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وحين إذا لا يصح أن ينتسبوا إليه فيقولوا إنهم مسيحيون ، إذ لو كانوا حقيقة لآمنوا بما بشر به المسيح ابن مريم لأن عيسى ابن مريم وغيره من الرسل قد أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، كما قال الله – تعالى ) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ((1) قال) أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ( (2) والذي جاء مصدقا لما معهم هو محمد صلى الله عليه وسلم ، لقوله – تعالى : ) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُم( (3) .

وخلاصة القول أن نسبة النصارى إلى المسيح عيسى ابن مريم نسبة يكذبها الواقع ، لأنهم كفروا ببشارة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، وكفرهم به كفر بعيسى ابن مريم ، عليه الصلاة والسلام.

93- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم قول ( فلان المغفور له ) و ( فلان المرحوم) ؟ .
فأجاب بقوله : بعض الناس ينكر قول القائل ( فلان المغفور له ، وفلان المرحوم ) ويقولون : إننا نعلم هل هذا الميت من المرحومين المغفور لهم أو ليس منهم ؟ وهذا الإنكار في محله إذا كان الإنسان يخبر خبرا أن هذا الميت قد رحم أو غفر له،لأنه لا يجوز أن نخبر أن هذا الميت قد رحم،أو غفر له بدون علم قال الله – تعالى- : ) ولا تقف ما ليس لك به علم ( (4) لكن الناس لا يريدون بذلك الأخبار قطعا ، فالإنسان الذي يقول المرحوم الوالد ، المرحومة الوالدة ونحو ذلك لا يريدون بهذا الحزم أو الأخبار بأنهم مرحومون ، وإنما يريدون بذلك الدعاء أن الله – تعالى – قد رحمهم والرجاء ، وفرق بين الدعاء والخبر ، ولهذا نحن نقول فلان رحمه الله ، فلان غفر الله له ، فلان عفا الله عنه ، ولا فرق من حيث اللغة العربية بين قولنا ( فلان المرحوم ) و ( فلان رحمه الله ) لأن جملة ( رحمه الله ) جملة خبرية ، والمرحوم بمعنى الذي رحم فهي أيضا خبرية ، فلا فرق بينهما أي بين مدلوليهما في اللغة العربية فمن منع ( فلان المرحوم ) يجب أن يمنع ( فلان رحمه الله ) .

على كل حال نقول لا إنكار في هذه الجملة أي في قولنا ( فلان المرحوم ، وفلان المغفور له ) وما أشبه ذلك لأننا لسنا نخبر بذلك خبرا ونقول أن الله قد رحمه ، وأن الله قد غفر له ، ولكننا نسأل الله نرجوه فهو من باب الرجاء والدعاء وليس من باب الإخبار ، وفرق بين هذا وهذا .

94- سئل فضيلة الشيخ :عن هذه العبارة ( المكتوب على الجبين لابد تراه العين ) ؟ .
فأجاب بقوله : هذا وردت فيه آثار أنه يكتب على الجبين ما يكون على الإنسان ، لكن الآثار هذه ليست إلى ذلك في الصحة ، بحيث يعتقد الإنسان مدلولها فالأحاديث الصحيحة أن الإنسان يكتب عليه في بطن أمه أجله ، وعمله ، ورزقه ، وشقي أم سعيد .

95- سئل فضيلة الشيخ :عن قول الإنسان إذا خاطب ملكا ( يا مولاي ) ؟ .
فأجاب بقوله : الولاية تنقسم إلى قسمين :

القسم الأول : ولاية مطلقة وهذه لله عز وجل كالسيادة المطلقة ، وولاية الله بالمعنى العام شاملة لكل أحد قال الله – تعالى -ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق إلا له الحكم وهو أسرع الحاسبين( (1) فجعل له سبحانه الولاية على هؤلاء المفترين،وهذه ولاية عامة،وأما بالمعنى الخاص فهي خاصة بالمؤمنين المتقين قال الله – تعالى - : ) ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ( (2) قال الله – تعالى - : ) إلا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون ( (3) وهذه ولاية خاصة .

القسم الثاني: ولاية مقيدة مضافة ، فهذه تكون لغير الله ولها في اللغة معاني كثيرة منها الناصر ، والمتولي للأمور،والسيد، قال الله – تعالى - ) وإن تظاهر عليهم فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ( (4) وقال ، صلى الله عليه وسلم(من كنت مولاه فعلي مولاه ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنما الولاء لمن اعتق ).

وعلى هذا فلا بأس أن يقول القائل للملك : مولاي بمعنى سيدي ما لم يخشى من ذلك محذور .

96- وسئل فضيلة الشيخ :يحتج بعض الناس إذا نهي عن أمر مخالف للشريعة أو للآداب الإسلامية (الناس يفعلون كذا ) ؟ .
فأجاب بقوله :هذا ليس بحجة لقوله – تعالى- : ) وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله( (5)

ولقوله ) ما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ( (6 ) والحجة فيما قاله الله ورسوله ، صلى الله عليه وسلم أو كان عليه السلف الصالح .

97- وسئل فضيلة الشيخ :عن قول الإنسان لضيفه : ( وجه الله إلا أن تأكل ) ؟ .
فأجاب بقوله : لا يجوز لأحد أن يستشفع بالله – عز وجل – إلى أحد من الخلق ، فإن الله أعظم وأجل من أن يستشفع إلى خلقه وذلك لأن مرتبة المشفوع إليه أعلى من مرتبة الشافع والمشفوع له ، فكيف يصح أن يجعل الله – تعالى- شافعا عند أحد ؟ ! .

98- سئل الشيخ :عن قولهم ( هذا نوء محمود ) ؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز وهو يشبه قول القائل مطرنا بنوء كذا وكذا الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن الله – عز وجل - : ( من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب ) .

والأنواء ما هي إلا أوقات لا تحمد ولا تزم ، وما يكون فيها من النعم والرخاء فهو من الله – تعالى – وهو الذي له الحمد أولا وآخراً وله الحمد على كل حال .

99- وسئل فضيلة الشيخ :- حفظه الله - : عن قول ( لا حولة الله ) ؟ .
فأجاب قائلا : قول ( لا حولة الله ) ، ما سمعت أحدا يقولها وكأنهم يريدون ( لا حول ولا قوة إلا بالله) ، فيكون الخطأ فيها في التعبير ، والواجب أن تعدل على الوجه الذي يراد بها ، فيقال : ( لا حول ولا قوة إلا بالله) .

100- سئل فضيلة الشيخ :ما رأيكم في هذه العبارة (لا سمح الله ) ؟ .
فأجاب قائلا : أكره أن يقول القائل ( لا سمح الله ) لأن قوله ( لا سمح الله ) ربما توهم أن أحدا يجبر الله على شئ فيقول ( لا سمح الله ) والله – عز وجل – كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا مكره له ) . قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا يقول أحدكم اللهم أغفر إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ولكن ليعزم المسألة ، وليعظم الرغبة فإن الله لا مكره له ، ولا يتعاظمه شئ أعطاه ) والأولى أن يقول : ( لا قدر الله ) بدلا من قوله : ( لا سمح الله ) لأنه ابعد عن توهم ما لا يجوز في حق الله – تعالى - .

101- سئل فضيلة الشيخ غفر الله له : ما حكم قول ( لا قدر الله ) ؟ .
فأجاب بقوله : ( لا قدر الله ) معناه الدعاء بأن الله لا يقدر ذلك ، والدعاء بأن الله لا يقدر هذا جائز ، وقول (لا قدر الله ) ليس معناه نفي أن يقدر الله ذلك ، إذ أن الحكم لله يقدر ما يشاء ، لكنه نفى بمعنى الطلب فهو خبر بمعنى الطلب بلا شك ، فكأنه حين يقول ( لا قدر الله ) أي أسأل الله أن لا يقدره ، واستعمال النفي بمعنى الطلب شائع كثير في اللغة العربية وعلى هذا فلا بأس بهذه العبارة .

102- سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس إذا مات شخص ) يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية ( ؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز أن يطلق على شخص بعينه ، لأن هذه شهادة بأنه من هذا الصنف .

103- سئل فضيلة الشيخ: ما رأيكم في قول بعض الناس ( يا هادي ، يا دليل ؟ .
فأجاب بقوله : ( يا هادي ، يا دليل ) لا أعلمهما من أسماء الله ، فإن قصد به الإنسان الصفة فلا بأس كما يقول اللهم يا مجري السحاب ، يا منزل الكتاب وما أشبه ذلك ، فإن الله يهدي من يشاء و(الدليل) هنا بمعنى الهادي .

104- وسئل غفر الله له : عن قول بعض الناس ( يعلم الله كذا وكذا ) ؟ .
فأجاب بقوله : قول (يعلم الله ) هذه مسألة خطيرة حتى رأيت في كتب الحنفية أن من قال عن شئ يعلم الله والأمر بخلافه صار كافرا خارجا عن الملة ، فإن قلت ( يعلم أني ما فعلت هذا ) وأنت فاعله بمقتضى ذلك أن الله يجهل الأمر ، ( يعلم الله أني ما زرت فلانا ) وأنت زائره صار الله لا يعلم بما يقع ، ومعلوم أنا من نفا ع الله العلم فقد كفر ، ولهذا قال الشافعي – رحمه الله في القدرية قال : ( جادلوهم بالعلم فإن أنكروه كفروا ، وإن أقروا خصموا ) أ . هـ. والحاصل أن قول القائل ( يعلم الله ) إذا قالها والأمر على خلاف مع قال فإن ذلك خطير جدا وهو حرام بلا شك . أما إذا كان مصيبا ، والأمر على وفق مع قال فلا بأس بذلك ، لانه صادق في قوله ولأن الله بكل شئ عليم كما قال الرسل في سورة يس : ) قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ( (1)

105- وسئل فضيلة الشيخ : عن قول : ( على هواك ) وقول بعض الناس في مثل مشهور : (العين ما ترى والنفس ما تشتهي ) ؟ .
فأجاب بقوله : هذه الألفاظ ليس فيها بأس إلا أنها تقيد بما يكون غير مخالف للشرع ، فليس الإنسان على هواه في كل شئ تراه ، المهم أن هذه العبارة حيث هي لا بأس بها لكنها مقيدة بها بما لا يخالف الشرع .

تم بحمد لله – تعالى – وشكره
وصلى الله على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين ومن
تبعهم بإحسان إلى
يوم الدين

المصدر موقع الشيخ رحمه الله
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 12-09-2008, 07:32 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,422
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

حكم قيادة المرأة للسيارة
للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :

فقد كثر حديث الناس في صحيفة الجزيرة عن قيادة المرأة للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها : الخلوة المحرمة بالمرأة ، ومنها : السفور ، ومنها : الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها : ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور ، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من ال*****ة التي تقضي على المجتمع قال تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } الآية .

وقال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وقال تعالى : وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ }
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة .

وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك ، وهذا لا يخفى ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات - مع ما يبتلي به الكثير من مرضى القلوب من محبة ال*****ة والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات ، كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار وقال الله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } وقال سبحانه : { وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }

وقال صلى الله عليه وسلم : { ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء }
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله ، إنا كنا في جاهلية وشر فجاء الله بهذا الخير فهل بعده من شر؟ قل : " نعم " قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : " نعم ، وفيه دخن " قلت : وما دخنه؟ قال : " قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر " قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال : " نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها " قلت يا رسول الله صفهم لنا؟ قال : " هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا " . قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال : " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم " . قلت : فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك متفق عليه .

وإنني أدعو كل مسلم أن يتق الله في قوله وفي عمله ، وأن يحذر الفتن والداعين إليها ، وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل وعلا أو يفضي إلى ذلك ، وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف . وقانا الله شر الفتن وأهلها ، وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء ، ووفق كتاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:13 AM.