#496
|
||||
|
||||
|
#497
|
||||
|
||||
(( اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ))
[أخرجه الترمذي] صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله ... لقد أوتيت جوامع الكلم وفصل الخطاب ، لك فصاحة الفصحاء ، وبلاغة البلغاء ، وحكمة الحكماء ، لقد أمرنا نبينا الكريم أن نتق الله حيثما كنَّا ، وتقوى الله تعني أن نهتدي بهدي الله ، فلا ننحرف في سلوكنا عن شرع الله ، ولا نسعى لغير ما يرضي الله ، وتقوى الله ضرورة في كل الأحوال ، ضرورة لسلامتنا ، وسعادتنا ، عن أبو ذر الغفاري رضي الله عنه ، قال ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ((اتق الله حيثما كنت)) [أخرجه الترمذي] أينما كنت فاتق الله ، اتق الله في خلوتك ، واستحِ منه فهو ناظر إليك عليم بحالك ، اعبدِ الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، ومن لم يصده ورع عن معصية الله إذا خلا ، لم يعبأ الله بشيء من عمله ، ولا شيء يؤكد صدق إيمان المؤن ، كخشية الله في السرِّ والعلانية ، وطاعة الله في الخلوة والجلوة ، وعرف طعم الإيمان من خلا لنفسه فذكر الله ففاضت دموعه خشية ومحبة وشركاً ، وكيف يخشى المرء ربه ، وهو في خلوته ؟ فالإنسان لا يخشى الله إلا إذا أحس بوجوده ، والإحساس بوجود الله في كل مكان ثمرة من ثمرات الإيمان العميق الذي بني على تفكر وتحقق لا على سماع وتصديق قال تعالى : ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [سورة يونس الآية:101] ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [الآية:190-191 سورة آل عمران] التفكر في آيات الله يصل بصاحبه إلى معرفة الله ، وهذه تتمثل في الإحساس بوجوده ، وعندها تحصل الخشية في السرِّ والعلانية ، والخشية تثمر صلة والصلة بالله قمة السعادة الحقيقية . فوائد تقوى الله على المؤمنين يا أخا الإيمان ؛ لا تظلم نفسك من أجل أن ترفه جسمك ، يجب ألا تشغلك الدنيا عن ساعة تقضيها كل يوم تذكر فيها الله ، تتفكر في آياته ، وتتعرف على أسماءه ، وتتلو قرآنه ، وتصلي على نبيه . يا أخا الإيمان ؛ استيقظ باكراً ، وأيقظ أهلك وأولادك ، وصلِّ صلاة حقيقية وبعدها اذكر الله ، وتدبر عُشراً من قرآنه . ولاحظ كيف يكون يومك . لاحظ ـ يا أخي ـ يومك الذي ذكرت فيه ربك ، وتفكرت في آلائه كيف أنك سعيدٌ ، مطمئن النفس . لاحظ كيف أنك تحس وأنت تنظر إلى الأشياء أنك تنظر إليها من علٍ . لاحظ كيف أن الهدى الإلهي يسدد خطاك ، فأنت تتفوه بكلمات صائبة ، وتقف مواقف حكيمة ، وتتخذ قرارات صحيحة . لاحظ كيف تصبح في هذا اليوم الذي ذكرت في مطلعه ربك أنك ذو مناعة ضد الشيطان ، وأن إغراءاته ومنزلقاته أضعف من أن تجذبك وتغريك . لاحظ في هذا اليوم الذي ذكرت الله في أوله ، كيف أنك لا ترهب الناس كثيراً ، وكيف أن خشية الله تطغى على خشية الناس ، وأن إحساسك بقوتك المعنوية تجعلك تقف مواقف أكثر صلابة ووضوحاً وحزماً . لاحظ ـ يا أخي ـ كيف أنك ترتفع عن سفاسف الحياة ، وعن مشاحناتها وعن أسباب الخصام فيها . لاحظ أنك في هذا اليوم أقوى من أن يستفزك سفيه . لاحظ ـ يا أخي ـ أن حب الدنيا والتعلق بها والسعي إلى جمع حطامها تخف حدته في ذلك اليوم ، وأنك في هذا اليوم الذي ذكرت فيه ربك أقل حرصاً عليها ، وأقل فرحاً لما حصلته فيها ، وأقل حزناً لما فاتك منها وأنك في هذا اليوم أكثر تمسكاً بحدود الشرع ، وأقل تفلتاً من قواعده . لاحظ ـ يا أخي ـ أنك في هذا اليوم أكثر توفيقاً في أعمالك ، ومساعيك وحوائجك ، وصدق رسول الله حيث قال : ((مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ)) [أخرجه الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه] لاحظ ـ يا أخي ـ في ذلك اليوم الذي ذكرت الله في أوله ، كيف تشعر أن عيالك تحسّ أن عليك أن تهدي الناس إلى طريق الإيمان طريق السعادة والرضوان ، وفي هذا اليوم تحس أن كل كلمة تتفوه بها يجب أن تكون في مرضاة الله ، وأن كل خطوة تخطوها يجب أن تكون تقرباً إلى الله ، وأنك بتصرفاتك ومواقفك وقولك لا تمثل شخصك وإنما تمثل دينك الحنيف فتخاف أن يُتهم الإسلام من خلال تصرفاتك ومواقفك ، وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك )) وعندها تصبح داعية إلى الله ، وإلى دينه عن طريق القدوة الحسنة ، وقد تتجاوز هذا المستوى من الدعوة إلى الله ، فتجد في نفسك رغبة أن تقدم للناس نصحاً خالصاً فتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وقد ترى أن الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر لا يجديان إلا إذا توددت إلى الناس وقدمت لهم خدمات حقيقة تلين قلوبهم ، وتفتح آذانهم وهكذا تخرج نموذج الإنسان الغربي الذي لا يسعى إلا لمصلحته ولكسبه ، ولا يقيم الأشياء إلا بمدى نفعها له ، وتدخل في نموذج المؤمن الرباني الذي يسعى إلى خير الناس ، وإلى إسعادهم ، وإلى إخراجهم من الظلمات إلى النور ويقيم الأشياء بمدى علاقتها ، بهدفه النبيل . لاحظ نفسك كيف نعامل الناس في هذا اليوم الذي ذكرت الله فإن كنت موظفاً تبش في وجوه المراجعين ، وتهتم بهم ، وتغيث لهفاتهم ، وتعين ضعفهم ، ولا ترجئ مصالحهم ، ولا تعقد معاملاتهم ، ولا تضيع العراقيل المصطنعة من أجل أن ينقدوك مالاً هي عند الله رشوة ، ولعن الله الراشي والمرتشي ، ولا تجعل الناس تقف على بابك زرافات ووحداناً بانتظار أن تنتهي من شرب قهوتك أو أن تخلص من مكالمة هاتفية حميمة وطويلة وتافهة أو تفرغ من مطالعة صحيفة الأخبار بعد أن تطالعها خبراً خبراً وإعلاناً إعلاناً . إذا ذكرت الله في مطلع ذلك اليوم لا ترى نفسك فوق الناس ، بل في خدمتهم ، والخلق كلهم عيال الله ، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله ، إذا ذكرت الله في مطلع ذلك اليوم فإنك لن تنتقم من الناس لأن راتبك قليل أو لأن رؤساءك لا تقدر أتعابك . إذا ذكرت الله في مطلع هذا اليوم تتلذذ بخدمة الناس كما يتلذذ الموظفون المعرضون علن الله بالترفع عليهم ، وعرقلة حاجاتهم . إذا ذكرت الله وعاملت الناس بالإحسان ، عوضك الله عن راتبك القليل بصحة جيدة أنت وأهلك وأولادك ، ووفر لك سعادة بيتية يتمناها المترفون ووهبك ذرية صالحة بارة بك ووقاك من المصائب والنكبات ما يكلف نفقات باهظة يعجز عن دفعها الأغنياء ، وهذه كلها سعادة لا تقدر بثمن ، وموارد غر مرئية . وفي اليوم الذي ذكرت الله فيه وتحسن إلى كل الناس ، تعود إلى بيتك فتراه على ما يرام ، فترضى بزوجتك ، وتراها من أكبر النعم التي وهبها الله لك وترى أولادك وهم في صحتهم وحبورهم ثروة لا تعدلها ثروة وتأكل وجبة من الطعام تتذوقها مرتين ؛ تتذوق طعمها وطعم شكرها كيف لا وقد بدأتها باسم الله ، وختمتها بكلمة " الحمد لله " قال عليه الصلاة والسلام : يا عائشــة أكرمي مجاورة نعم الله ، فإن النعمة إذا نفرت قلما تعود . ويؤذن المؤذن لصلاة المغرب فتؤم أهلك وأولادك ، وتقفون بخشوع بين يدي الله ، وتنتهي الصلاة ، وتنظر في وجوه أسرتك ، فترى الإشراق والوضاءة والبراءة ، وتغمرك سعادة لا يعرفها إلا من ذاقها . يا سبحان الله ، كيف أن الدنيا مهما انخفض مستواها يسعد بها المؤمن ويتخذها مطية للآخرة ، وكيف أن الدنيا مهما يرتفع مستواها يشقى بها الكافر ، ويتخذها مطية لجهنم ... قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً﴾ [سورة الأحزاب الآيات:41-44] وقد جاء في الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا)) [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي] أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وصلوا ما بينكم وبين ربكم تسعدوا ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . والحمد لله رب العالمين |
#498
|
||||
|
||||
|
#499
|
||||
|
||||
متن الحديث
عن أبي ذر جندب بن جنادة ، وأبي عبد الرحمن معاذ بِن جبل رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن . الشرح التقوى هي سفينة النجاة ، ومفتاح كل خير ، كيف لا ؟ وهي الغاية العظمى ، والمقصد الأسمى من العبادة ؟ ، إنها محاسبة دائمة للنفس ، وخشية مستمرة لله ، وحذر من أمواج الشهوات والشبهات التي تعيق من أراد السير إلى ربه ، إنها الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعدادُ ليوم الرحيل . من هنا كانت التقوى هي وصية الله للأولين والآخرين من خلقه ، قال تعالى : { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله } ( النساء : 131 ) ، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لجميع أمته ، ووصية السلف بعضهم لبعضهم ، فلا عجب إذا أن يبتدأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيحته ل معاذ بن جبل و أبي ذر رضي الله عنهما . والتقوى ليست كلمة تقال ، أو شعاراً يرفع ، بل هي منهج حياة ، يترفّع فيه المؤمن عن لذائذ الدنيا الفانية ، ويجتهد فيه بالمسابقة في ميادين الطاعة ، ويبتعد عن المعاصي والموبقات ، وقد جسد أبي بن كعب رضي الله عنه هذا المعنى لما سئل عن التقوى ؟ فقال : " هل أخذت طريقا ذا شوك ؟ قال : نعم ، قال : فكيف صنعت؟ قال : إذا رأيت الشوك عزلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه ، قال : ذاك التقوى " وقد أخذ ابن المعتز رحمه الله هذا المعنى ، وصاغه بأبيات بديعة من الشعر فقال : خل الذنوب صغيـــرهــا وكبيــرهــا ذاك الـتـقــــى واصنع كمـــاشٍ فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى لا تحقـــرن صغيـــــــرة إن الجبـال من الحصــــى ومن تمام التقوى ، أن يترك العبد ما لا بأس به ، خشية أن يقع في الحرام ، ويشهد لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فمن اتقى الشبهات ، فقد استبرأ لدينه وعرضه ) رواه مسلم ، وفي هذا المعنى يقول أبو الدرداء رضي الله عنه : " تمام التقوى ، أن يتقي الله العبد ، حتى يتقيه من مثقال ذرة ، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال ، خشية أن يكون حراما ، فيكون حجابا بينه وبين الحرام ، فإن الله قد بيّن للعباد الذي يصيرهم إليه فقال : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } ( الزلزلة : 7 - 8 ) " ، فلا تحقرن شيئا من الخير أن تفعله ، ولا شيئا من الشر أن تتقيه . وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( اتق الله حيثما كنت ) تنبيه للمؤمن على ملازمة التقوى في كل أحواله ، انطلاقاً من استشعاره لمراقبة الله له في كل حركاته وسكناته ، وسره وجهره ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( اتق الله حيثما كنت ) إشارة إلى حقيقة التقوى ، وأنها خشية الله في السرّ والعلن ، وحيث كان الإنسان أو صار ، فمن خشي الله أمام الناس فحسب فليس بتقي ، وقد قال تعالى في وصف عباده المؤمنين : { من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ، ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود } ( ق : 33 - 34 ) . وقد يظن ظان أن المتقي معصوم من الزلل ، وهذا خطأ في التصور ؛ فإن المتقي قد تعتريه الغفلة ، فتقع منه المعصية ، أو يحصل منه التفريط في الطاعة ، وهذه هي طبيعة البشر المجبولة على الضعف ، ولكن المتقي يختلف عن غيره بأنه إذا تعثّرت به قدمه ، بادر بالتوبة إلى ربه ، والاستغفار من ذنبه ، ولم يكتف بذلك ، بل يتبع التوبة بارتياد ميادين الطاعة ، والإكثار من الأعمال الصالحة ، كما أمره ربه في قوله : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين } ( هود : 114 ) ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وأتبع السيئة الحسنة تمحها ) . ولئن كانت التقوى صلة مع الله تبارك وتعالى ، وتقرّبا إليه ، فهي أيضا إحسان إلى الخلق ، وطيبة في التعامل ، وإعطاء كل ذي حق حقه ، وهكذا يظهر لنا التكامل والتناسق في القيم الإيمانية ، فإن الأخلاق الحميدة رافد من روافد التقوى ، وشعبة من شعب الإيمان . وللأخلاق الفاضلة مكانة عظيمة في شريعتنا ، فإنها تثقل ميزان العبد يوم الحساب ، ويبلغ بها درجة الصائم القائم ، وهو سبب رئيس في دخول الجنة ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ ، قال : ( تقوى الله ، وحسن الخلق ) رواه أحمد . وإذا عرفنا ذلك ، فإن هناك وسائل تعين العبد على التخلق بالأخلاق الحسنة ، أعلاها : التأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء ، لاسيما وأنهم أعلى الناس خلقا ، وأوفرهم أدبا ، فإذا أراد المسلم التحلي بالصبر ، قرأ قصة نبي الله يوسف عليه السلام ، وإذا أراد التخلّق بالحلم ، نظر إلى حلم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه ، وهكذا ينهل من أخلاق الأنبياء ، ويتعلّم منهم شمائل الخير كلها . وبعد : فقد تبيّن لنا من خلال هذا الحديث معاني التقوى وأحوالها ، كما تبيّن لنا أيضا أن الإسلام يقبل من العاصي توبته ، ولا يطرده من رحمة الله ، وظهرت لنا معالم الخلق الحسن وأهميته ، فجدير بنا أن نعمل بهذه الوصايا الثلاث ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده المتقين. آخر تعديل بواسطة عزة عثمان ، 29-06-2016 الساعة 08:02 PM |
#500
|
||||
|
||||
|
#501
|
||||
|
||||
|
#502
|
||||
|
||||
|
#503
|
||||
|
||||
|
#504
|
||||
|
||||
|
#505
|
||||
|
||||
|
#506
|
||||
|
||||
|
#507
|
||||
|
||||
|
#508
|
||||
|
||||
سور الحواميم فصلت حتى الأحقاف - خواطر قرآنية - عمرو خالد
https://www.youtube.com/watch?v=4Q8Y...A6656FBF1D2A3E |
#509
|
||||
|
||||
|
#510
|
||||
|
||||
|
العلامات المرجعية |
|
|