اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 05-12-2009, 09:02 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي


الصلاة

حكمة مشروعيتها
ما تقدم من مباحث الطهارة إنما هو وسيلة للصلاة وقد علمت أن هذه الوسائل كلها منافع للمجتمع الإنساني لأن مدارها على نظافة الأبدان وطهارة أماكن العبادة من الأقذار التي تنشأ عنها الأمراض والروائح القذرة نعم إن في بعض الوسائل ما قد يخلو عن هذا المعنى ولكن ذلك لحكمة ظاهرة : وهي أن الغرض من العبادات إنما هو الخشوع لله سبحانه باتباع أوامره واجتناب نواهيه أما الصلاة فهي أهم أركان الدين الإسلامي فقد فرضها الله سبحانه على عباده ليعبدوه وحده ولا يشركوا معه أحدا من خلقه في عبادته قال تعالى : { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } أي فرضا محدودا بأوقات لا يجوز الخروج عنها وقال : " خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة " وقد وردت أحاديث كثيرة في تعظيم شأن الصلاة والحث على أدائها في أوقاتها : والنهي عن الاستهانة بأمرها والتكاسل عن إقامتها فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فما ترون ذلك يبقى من درنه ؟ قالوا : لا شيء قال صلى الله عليه وسلم : " فإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن " ومعنى ذلك أن الصلوات الخمس تطهر النفوس وتنظفها من الذنوب والآثام كما أن الاغتسال بالماء النقي خمس مرات في اليوم يطهر الأجسام وينظفها من جميع الأقذار
وسئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل : قال : " الصلاة لمواقيتها " فالصلاة هي أفضل أعمال الإسلام وأجلها قدرا وأعظمها شأنا وكفى بذلك حثا على أدائها في أوقاتها
أما ترهيب تاركها وتخويفه فيكفي فيه قول رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " لا سهم في الإسلام لمن لا صلاة له " وقوله : " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة " وفي هذا الحديث زجر شديد للمسلم الذي يتسلط عليه الكسل فيحمله على ترك الصلاة التي يمتاز بها عن الكافر
حتى قال بعض أئمة المالكية : إن تارك الصلاة عمدا كافر وعلى كل حال فقد أجتمعوا على أنها ركن من أركان الإسلام فمن تركها فقد هدم ركنا من أقوى أركانه . قال الله في شأنها : { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتها خاشعون }
فالغرض الحقيقي من الصلاة إنما هو تعظيم الإله فاطر السموات والأرض بالخشوع له والخضوع لعظمته الخالدة وعزته الأبدية
. كما قال : { إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر } وبذلك يكون من المسلمين حقا
فالصلاة التي تنهي عن الفحشاء والمنكر وهي تلك الصلاة التي يكون العبد فيها معظما ربه خائفا منه راجيا رحمته فحظ كل واحد من صلاته إنما هو بقدر خوفه من الله وتأثر قلبه بخشيته لأن الله سبحانه إنما ينظر إلى قلوب عباده لا إلى صورهم الظاهرة ولذا قال تعالى : { وأقم الصلاة لذكرى } ومن غفل قلبه عن ربه لا يكون ذاكرا له فلا يكون مصليا صلاة حقيقية وقال
صلى الله عليه وسلم : " لا ينظر الله إلى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه "
فهذه هي الصلاة في نظر الدين وهي بهذا المعنى لها أحسن الأثر في تهذيب النفوس وتقويم الأخلاق فإن في كل جزء من أجزائها تمرينا على فضيلة من الفضائل الخلقية وتعويدا على صفة من الصفات الحميدة وإليك جملة من أعمال الصلاة وآثارها في تهذيب النفوس :
أولا : النية وهي عزم القلب على امتثال أمر الله تعالى بأداء الصلاة كاملة كما أمر بها الله مع الإخلاص له وحده ومن يفعل ذلك في اليوم والليلة خمس مرات فلا ريب في أن الإخلاص ينطبع في نفسه ويصبح صفة منصفاته الفاضلة التي لها أجمل الثر في حياة الأفراد والجماعات فلا شيء أنفع في حياة المجتمع الإنساني من الإخلاص في القول والعمل فلو أن الناس أخلصوا لبعضهم بعضا في أقوالهم وأعمالهم لعاشوا عيشة راضية مرضية وصلحت حالهم في الدنيا والآخرة وكانوا من الفائزين
ثانيا : إن القيام بين يدي الله تعالى فالمصلي يقف ببدنه وروحه بين يدي خالقه مطرقا يناجيه وهو أقرب إليه من حبل الوريد يسمع منه ما يقول ويعلم منه قلبه ما ينوي ولا ريب في أن من يفعل ذلك مرات كثيرة في اليوم والليلة فإن قلبه يتأثر بخالقه فيأتمر بما أمره به وينتهي عما نهاه عنه فلا ينتهك للناس حرمة ولا يعتدي لهم على نفس ولا يظلمهم في مال ولا يؤذيهم في دين أو عرض
ثالثا : القراءة وسيأتي لك حكمها عند الأئمة ولكن ينبغي لمن يقرأ أن لا يحرك لسانه بالقراءة وقلبه غافل بل ينبغي له أن يتدبر معنى قراءته ليتعظ بما يقول فإذا مر على لسانه ذكر الإله الخالق وجل قلبه خوفا من عظمته وسطوته كما قال تعالى : { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا } وإذا ذكرت صفات الله تعالى من رحمة وإحسان وجب عليه أن يعلم نفسه كيف تتخلق بتلك الصفات الكريمة لأن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : " تخلقوا بأخلاق الله فهو سبحانه كريم عفو غفور عادل لا يظلم الناس شيئا فالإنسان مكلف بأن يتخلق بهذه الأخلاق فإذا ما قرأ في صلاته الآيات التي تشتمل على صفات الإله الكريمة وعقل معناها وكررها في اليوم والليلة مرات كثيرة . فإن نفسه تتأثر بها لا محالة ومتى تأثرت نفسه بجميل الصفات حبب إليه الاتصاف بها ولذلك أحسن الأثر في تهذيب النفوس والأخلاق
رابعا : الركوع والسجود وهما من أمارات التعظيم لمالك الملوك خالق السموات والأرض وما بينهما فالمصلي الذي يركع بين يدي ربه لا يكفيه أن يحنى ظهره بالكيفية المخصوصة بل لا بد أن يشعر قلبه بأنه عبد ذليل ينحني أما عظمة إله عزيز كبير لا حد لقدرته ولا نهاية لعظمته فإذا انطبع ذلكالمعنى في قلب المصلي مرات كثيرة في اليوم والليلة كان قلبه دائما خائفا من ربه فلا يعمل الا ما يرضيه وكذلك المصلي الذي يسجد لخالقه فيضع جبهته على الأرض معلنا عبوديته لخالقه . فإنه إذا استشعر قلبه ذل العبودية وعظمة الرب الخالق فلا بد أن يخافه ويخشاه وبذلك تتهذب نفسه وينتهي عن الفحشاء والمنكر
هذا ويتعلق بالصلاة أمور أخرى لها فوائد اجتماعية جليلة الشأن : منها الجماعة فقد شرع الإسلام الجماعة في الصلاة وحث عليها النبي
صلى الله عليه وسلم فقال : " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة "
ففي الاجتماع لأداء الصلاة بصفوف متراصة متساوية تعارف بين الناس يقرب بين القلوب المتنافرة ويزيل منها الضغائن والأحقاد وذلك من أجل عوامل الوحدة التي أمر الله تعالى بها في كتابه العزيز فقال : { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } وفي الاجتماع لأداء الصلاة تذكير بالأخوة التي قال الله عنها : { إنما المؤمنون إخوة } فالمؤمنون الذين يجتمعون لعبادة رب واحد لا ينبغي لهم أن ينسوا أنهم إخوة يجب أن يرحم كبيرهم صغيرهم ويوقر صغيرهم كبيرهم ويواسي غنيهم فقيرهم ويعين قويهم ضعيفهم ويعود صحيحهم مريضهم عملا بقول الرسول
صلى الله عليه وسلم : " المسلم أخول المسلم لا يظلمه ولا يثلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة " .

__________________
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 12-12-2009, 01:11 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

فرائض الصلاة بمعنى أركانها
الحنفية :
قسموا الركن إلى قسمين : ركن أصلي وركن زائد فالركن الأصلي هو الذي يسقط عند العجز عن فعله سقوطا تاما بحيث لا يطالب المكلف بالإتيان بشيء بدله وذلك معنى قولهم : الركن الأصلي ما يسقط عن المكلف عند العجز عن فعله بلا خلف أما الركن الزائد فهو ما يسقط في بعض الحالات ولو مع القدرة على فعله وذلك كالقراءة فإنها عندهم ركن من أركان الصلاة ومع ذلك فإنها تسقط عن المأموم لأن الشارع نهاه عنها
فتحصل من ذلك أن ما يتوقف عليه صحة الصلاة منه ما هو جزء من أجزائها وهي الأربعة المذكورة ويزاد عليه القعود الأخير قدر التشهد فإنه ركن زائد على الراجح ومنه ما هو داخل فيها وليس جزءا منها كإيقاع القراءة في القيام ويقال له : شرط لدوام الصلاة ومنه ما هو خارج عن الصلاة ويقال له شرط لصحة الصلاة
فأركان الصلاة المتفق عليها عندهم أربعة سواء كانت أصلية أو زائدة فالأصلية هي القيام والركوع والسجود والركن الزائد عندهم هو القراءة فقط وهذه الأركان الأربعة هي حقيقة الصلاة بحيث لو ترك الشخص واحدا منها عند القدرة فإنه لا يكون قد أتى بالصلاة . فلا يقال له : مصل وهناك أمور تتوقف عليها صحة الصلاة ولكنها خارجه عن حقيقة الصلاة وهذه الأمور تنقسم إلى قمسين : الأول : ما كان خارج ماهية الصلاة وهو الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة واستقبال القبلة ودخول الوقت والنية والتحريمة وهي شرائط لصحة الشروع في الصلاة كغيرها مما سبق : والثاني : ما كان داخل الصلاة ولكنه ليس من حقيقتها كإيقاع القراءة في القيام وكون الركوع بعد القيام والسجود بعد الركوع . وهذه شرائط لدوام صحة الصلاة ويقد يعبرون عنها بفرائض الصلاة ويريدون بالفرض الشرط أما القعود الأخير قدر التشهد فهو فرض بإجماعهم ولكنهم اختلفوا في هل هو ركن أصلي أو زائد ورجحوا أنه ركن زائد لأن ماهية الصلاة تتحقق بدونه إذ لو حلف لا يصلي يحنث بالرفع من السجود وإن لم يجلس فتتحقق ماهية الصلاة بدون القعود وأما الخروج من الصلاة بعمل ما ينافيها من سلام أو كلام أو نحو ذلك من مبطلات الصلاة فقد عده بعضهم من الفرائض والصحيح أنه ليس بفرض بل هو واجب
المالكية
فرائض الصلاة خمسة عشر فرضا وهي : النية وتكبيرة الإحرام والقيام لها في الفرض دون النفل لأنه يصح الإتيان به من قعود ولو كان المصلي قادرا على القيام فتكبيرة الإحرام يصح الإتيان بها من قعود في هذه الحالة وقراءة الفاتحة والقيام لها في صلاة الفرائض أيضا والركوع والرفع منه والسجود والرفع منه والسلام والجلوس بقدره والطمأنينة والاعتدال في كل من الركوع والسجود والرفع منهما وترتيب الأداء ونية اقتداء المأموم
ومن هذا تعلم أن المالكية والحنفية اتفقوا في أربعة من هذه الفرائض وهي : القيام للقادر عليه والركوع والسجود أما القراءة فإن الحنفية يقولون : إن المفروض هو مجرد القراءة لا قراءة الفاتحة بخوصها والمالكية يقولون : إن الفرض هو قراءة الفاتحة فلو ترك الفاتحة عمدا فإنه لا يكون مصليا ووافقهم على ذلك الشافعية والحنابلة
الشافعية :
عدوا فرائض الصلاة ثلاثة عشر فرضا خمسة فرائض قولية وثمانية فرائض فعلية فالخمسة القولية هي : تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والتشهد الأخير والصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم والتسليمة الأولى : أما الثمانية الفعلية فهي : النية والقيام في الفرض القادر عليه والركوع والاعتدال منه والسجود الأول والثاني والجلوس بينهما . والجلوس الأخير . والترتيب وأما الطمأنينية فهي شرط محقق للركوع والاعتدال والسجود والجلوس فهي لا بد منها وإن كانت ليست ركنا زائدا على الراجح
الحنابلة :
عدوا فرائض الصلاة أربعة عشر وهي : القيام في الفرض وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والركوع والرفع منه والاعتدال والسجود والرفع منه والجلوس بين السجدتين والتشهد الأخير والجلوس له وللتسليمتين والطمأنينة في كل ركن فعلي وترتيب الفرائض والتسليمتان
__________________
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 12-12-2009, 01:13 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الفرض الأول : النية
يتعلق بالنية أمور : أحدها : معناها
ثانيها : حكمها في الصلاة المفروضة
ثالثها : كيفيتها في الصلاة المفروضة
رابعها : حكمها وكيفيتها في الصلاة غير المفروضة
خامسها : بيان وقت النية
سادسها : حكم استحضار الصلاة المنوية وشروط النية
سابعها : نية المأموم الاقتداء بإمامه ونية الإمام الإمامة
فأما معنى النية فهي عزم القلب على فعل العبادة تقربا إلى الله وحده
وإن شئت قلت : النية هي الإرادة الجازمة بحيث يريد المصلي أن يؤدي الصلاة لله وحده فلو نطق بلسانه بدون أن يقصد الصلاة بقلبه فإنه لا يكون مصليا ومعنى ذلك أن من صلى لغرض دنيوي كأن يمدح عند الناس بحيث لو لم يمدح بترك الصلاة فإن صلاته لا تصح وكذا إذا صلى ليظفر بمال أو جاه أو يحصل على شهوة من الشهوات فإن صلاته تكون باطلة فعلى الناس أن يفهموا هذا المعنى جيدا ويدركوا أن من قصد بصلاته غرضا من الأغراض الدنيوية فإن صلاته تقع باطلة ويعاقب عليها المرائين المجرمين قال تعالى : { وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين }
الحنفية
إن النية ثبتت شرطيتها بالإجماع لقوله تعالى : { وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } لأن المراد بالعبادة في هذه الآية التوحيد ولا بقوله
صلى الله عليه وسلم : " وإنما الأعمال بالنيات " لأن المراد ثواب الأعمال أما صحة الأعمال فمسكوت عنها
والواقع أن هذه الأدلة تحتمل المعنى الذي قال الحنفية كما تحتمل المعنى الذي قاله غيرهم أما الآية فلأن عبادة الله ليست مقصورة على التوحيد بل المتبادر منها إخلاص النية في عبادة الله مطلقا : لأن بعض المشركين كانوا يشركون مع الله غيره في العبادة خصوصا أهل الكتاب الذين ذكروا مع المشركين في الآية فإنهم كانوا يشركون في العبادة مع الله بعض أنبيائه وأما الحديث فلأن ثواب الأعمال إذا حبط فإنه لا يكون لها أية فائدة ولا معنى لقولهم : إن العمل صحيح مع بطلان ثوابه نعم لهم أن يقولوا : إن فائدته رفع العقاب ولكن هذا لا دليل عليه في الحديث . بل العكس ظاهر الحديث يدل على النية شرط في الثواب وفي الصحة والتخصيص بالثواب تحكم لا دليل عليه )
فمن لم يخلص في إرادة الصلاة ويقصد أن يصلي لله وحده فإنه يكون مخالفا لأمره تعالى فلا تصح صلاته والنية بهذا المعنى متفق عليها أما الخواطر النفسية أثناء الصلاة كأن يصلي وقلبه مشغول بأمر من أمور الدنيا فإنها لا تفسد الصلاة ولكن يجب على المصلي الخاشع لربه أن يحارب هذه الوساوس بكل ما يسطيع ولا يتفكر وهو في الصلاة الا في الخضوع لله
تعالى فإن عجز عن ذلك ولم يستطع أن ينزع من نفسه أمور الدنيا وهو واقف بين يدي ربه فإنه لا يؤاخذ . ولكن عليه أن يستمر في محاربه هذه الوساوس الفاسدة ليظفر بأجر العاملين المخلصين
والحاصل أن ها هنا أمرين :
أحدهما : إرادة الصلاة والعزم على فعلها لله وحده بدون سبب آخر لا يقره الدين
ثانيهما : حضور القلب وعدم اشتغاله بتفكر أمر من أمور الدنيا فأما الأمر الأول فإنه لا بد منه في الصلاة وأما الأمر الثاني فإنه ليس شرطا في صحة الصلاة ولكن ينبغي للواقف بين يدي خالقه أن ينزع من نفسه كل شيء لا علاقة له بالصلاة فإن عجز فإن أجر صلاته لا ينقص لأنه قد أتى بما في وسعه ولا يكلفه الله بغير ذلك
__________________
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 12-12-2009, 01:14 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الثاني من فرائض الصلاة : تكبيرة الإحرام
حكمها - تعريفها
أحدها : حكمها وتعريفها : حكم تكبيرة الإحرام فهي فرض من فرائض الصلاة باتفاق ثلاثة من الأئمة وقال الحنفية : إنها شرط لا فرض وعلى كل حال فإن الصلاة بدونها لا تصح باتفاق الجميع
الحنفية
إن تكبيرة الإحرام ليست ركنا على الصحيح وإنما هي شرط من شروط صحة الصلاة وقد يقال : إن التكبيرة يشترط لها ما يشترط للصلاة من طهارة وستر عورة الخ . فلو كانت شرطا لم يلزم لها ذلك ألا ترى أن نية الصلاة تصح من غير المتوضئ ومن مكشوف العورة عند من يقول : إنها شرط والجواب على ذلك أن تكبيرة الإحرام متصلة بالقيام الذي هو ركن من أركان الصلاة فلذا اشترط لها ما اشترط للصلاة من طهارة ونحوها وقد عرفت أن هذا فلسفة فقهية لا يترتب عليها فائدة عملية
وأما تعريف تكبيرة الإحرام فهو الدخول في حرمات الصلاة بحيث يحرم عليه أن يأتي بعمل ينافي الصلاة يقال : أحرم الرجل إحراما إذا دخل في حرمة لا تهتك فلما دخل الرجل بهذه التكبيرة في الصلاة التي يحرم عليه أن يأتي بغير أعمالها سميت تكبيرة إحرام ويقالها أيضا تكبيرة تحرم وقد اتفق ثلاثة من الأئمة على أن تكبيرة الإحرام هي أن يقول المصلي في افتتاح صلاته : الله أكبر بشرائط خاصة وخالف الحنفية فقالوا : إن تكبيرة الإحرام لا يشترط أن تكون بهذا اللفظ "
دليل فرضية تكبيرة الإحرام
أجمع المسلمون على أن افتتاح الصلاة بذكر اسم الله تعالى أمر لازم لا بد منه فلا تصح صلاة الا به وقد وردت أحاديث صحيحة تؤيد ذلك الإجماع : منها ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : " مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " وهذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن
وقد استدل بعضهم على فرضية تكبيرة الإحرام بقوله تعالى : { وربك فكبر } ووجه الاستدلال أن لفظ : " فكبر " أمر وكل أمر للوجوب ولم يجب التكبير الا في الصلاة بإجماع المسلمين فدل ذلك على أن تكبيرة الإحرام فرض
وعلى كل حال فلم يخالف أحد من العلماء المسلمين في أن تكبيرة الإحرام أمر لازم لا تصح الصلاة بدونها سواء كانت فرضا أو شرطا
صفة تكبيرة الإحرام
قد عرفت أن ثلاثة من الأئمة اتفقوا على أن تكبيرة الإحرام مركبة من لفظين وهما : الله أكبر بخصوصهما بحيث لو افتتح الصلاة بغير هذه الجملة فإنه صلاته لا تصح وخالف الحنفية فانظر مذهبهم
الحنفية
لا يشترط افتتاح الصلاة بلفظة : الله أكبر إنما الافتتاح بهذا اللفظ واجب لا يترتب على تركه بطلان الصلاة في ذاتها بل يترتب عليه إثم تارك الواجب وقد عرفت أن الواجب عندهم أقل من الفرض وأن تاركه يأثم إثما لا يوجب العذاب بالنار وإنما يوجب الحرمان من شفاعة النبي
صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وكفى بذلك زجرا للمؤمنين ومن هذا تعلم أن افتتاح الصلاة بهذه الصفة مطلوب عند الحنفية كما هو مطلوب عند غيرهم
الحنفية
لا تبطل الصلاة بتركه ولكن تركه يوجب إعادة الصلاة . فإن لم يعدها سقط عنه الفرض وأثم ذلك الإثم الذي لا يوجب العذاب
أما الصيغة التي تتوقف عليها صحة الصلاة عندهم فهي الصيغة التي تدل على تعظيم الله
تعالى وحده بدون أن تشتمل على دعاء ونحوه فكل صيغة تدل على ذلك يصح افتتاح الصلاة بها كأن يقول : سبحان الله أو يقول : الحمد لله أو لا إله الا الله أو يقول : الله رحيم أو الله كريم . ونحو ذلك من الصيغ التي تدل على تعظيم الإله جل وعز خاصة فلو قال : استغفر الله أو أعوذ بالله أولا حول ولا قوة الا بالله فإن صلاته لا تصح بذلك لأن هذه الكلمات قد اشتملت على شيء آخر سوى التعظيم الخالص وهو طلب المغفرة والاستعاذة ونحو ذلك
هذا ولا بد أن يقرن هذه الأوصاف بلفظ الجلالة : فلو قال : كريم أو رحيم أو نحو ذلك فإنه لا يصح ولو ذكر الاسم الدال على الذات دون الصفة كأن يقول : الله أو الرحمن أو الرب ولم يزد عليه شيئا فقال أبو حنيفة : إنه يصح وقال صاحباه : لا . أما الأدلة التي تقدم ذكرها فإنها لا تدل الا على ذلك فقوله تعالى : { وربك فكبر } ليس معناه الإتيان بخصوص التكبير بل معناه : عظم ربك بكل ما يفيد تعظيمه وكذلك التكبير الوارد في الحديث وإنما قلنا : إن الإتيان بخصوص التكبير واجب لأن النبي
صلى الله عليه وسلم واظب على الإتيان به ولم يتركه
هذا هو رأي الحنفية وقد عرفت أن الأئمة الثلاثة اتفقوا على أن تكون بلفظ : الله أكبر كما هو الظاهر من هذه الأدلة وقد أيده النبي
صلى الله عليه وسلم بعمله )
شروط تكبيرة الإحرام
الشافعية
شروط صحة تكبيرة الإحرام خمسة عشر شرطا إن اختل واحد منها لم تنعقد الصلاة :
أحدها : أن تكون باللغة العربية إن كان قادرا عليها فإن عجز عنها ولم يستطع أن يتعلمها فإنه يصح له أن يكبر باللغة التي يقدر عليها
ثانيها : أن يأتي بها وهو قائم إن كان في صلاة مفروضة وكان قادرا على القيام أما في صلاة النفل فإن الإحرام يصح من قعود كما تصح الصلاة من قعود فإن أتى بالإحرام في صلاة الفرض حال الانحناء فإن كان إلى القيام أقرب فإنها تصح وإن كان الركوع أقرب فإنها لا تصح وفاقا للحنفية والحنابلة وخلافا للمالكية الذين قالوا : إن الإتيان بها حال الانحناء لا يصح الا في صورة واحدة وهي ما إذا كان مقتديا بإمام سبقه ولكن الشافعية لا يلزم عندهم أن يدرك الإمام حال ركوعه بل لو سبقه الإمام بالركوع ثم كبر المأموم وركع وحده فإنه يصح
ثالثها : أن يأتي بلفظ الجلالة ولفظ أكبر
رابعها : أن لا يمد همزة لفظ الجلالة فلا يقول : الله أكبر لأن معنى هذا الاستفهام فكأنه يستفهم عن الله
خامسها : أن لا يمد الباء من لفظ أكبر فلا يصح أن يقول : الله أكبار فلو قال ذلك لم تصح صلاته سواء فتح همزة أكبار أو كسرها . لأن أكبار - بفتح الهمزة - جمع كبر وهو اسم للطبل الكبير . وإكبار - بكسر الهمزة - اسم للحيض ومن قال ذلك متعمدا فإنه يكون سابا لإلهه فيرتد عن دينه
سادسها أن لا يشدد الباء من أكبر فلو قال : الله أكبر لم تنعقد صلاته
سابعها : أن لا يزيد واوا ساكنة أو متحركة بين الكلمتين . فلو قال : والله أكبر أو قال : الله وأكبر . لم تنعقد صلاته
ثامنها : أن لا يأتي بواو قبل لفظ الجلالة فلو قال : والله أكبر لم تنعقد صلاته
تاسعها : أن لا يفصل بين الكلمتين بوقف طويل أو قصير على المعتمد فلو قال : الله ثم سكت قليلا وقال : أكبر . لم تنعقد صلاته ومن باب أولى إذا سكت طويلا ولا يضر إدخال لام التعريف على لفظ : أكبر فلو قال : الله الأكبر صحت وكذا إذا زاد الوصف عن كلمتين فإنه يبطل التكبيرة فإذا قال : الله العظيم الكريم الرحيم أكبر لم تنعقد صلاته ولو فصل بين لفظ الجلالة ولفظ أكبر بضمير أو نداء فإنه لا يصح كما إذا قال : الله هو أكبر أو قال : الله يا رحمن أكبر
عاشرها : أن يسمع بها نفسه بحيث لو نطق بها في سره بدون أن يسمعها هو فإنها لا تصح الا إذا كان أخرس أو أصم أو كانت بالمكان جلبة أو ضوضاء فإنه لا يلزم في هذه الحالة أن يسمع نفسه على أن الأخرس ونحوه يجب عليه أن يأتي بما يمكنه . بحيث لو كان الخرس عارضا وأمكنه أن يحرك لسانه أو شفتيه بالتكبير فإنه يجب عليه أن يفعل
الحادي عشر : دخول الوقت إن كان يصلي فرضا أو نفلا مؤقتا أو نفلا له سبب كما تقدم
الثاني عشر : أن يوقع التكبيرة وهو مستقبل القبلة إن لم يسقط عنه استقبال القبلة
الثالث عشر : أن تتأخر التكبيرة عن تكبيرة الإمام إن كان يصلي مقتديا بإمام
الرابع عشر : أن يأتي بالتكبير في المكان الذي يصح فيه القراءة
الحنفية
شروط تكبيرة الإحرام عشرون وإليك بيانها :
- 1 - دخول وقت الصلاة المكتوبة وإن كانت التحريمة لها فلو كبر قبل دخول الوقت بطلت تكبيرته
- 2 - أن يعتقد المصلي أن الوقت قد دخل أو يترجح عنده دخوله فلو شك في دخوله وكبر للإحرام فإن تكبيرته لا تصح حتى ولو تبين أن الوقت قد دخل
- 3 - أن تكون عورته مستورة وقد تقدم بيان العورة في الصلاة فلو كبر عورته مكشوفة ثم سترها فإن صلاته لا تصح
- 4 - أن يكون المصلي متطهرا من الحدث الأكبر والأصغر ومتطهرا من النجاسة فلا تصح منه التكبيرة إذا كان على بدنه أو ثوبه أو مكانه نجاسة غير معفو عنها وقد تقدم بيان النجاسة المعفو عنها في مبحث الطهارة فلو كبر وهو يظن أن به نجاسة بطلت تكبيرته ولو تبين له أنه طاهر
- 5 - أن يأتي بالتكبيرة وهو قائم إذا كان يصلي فرضا أو واجبا أو سنة فجر أما باقي النوافل فإنه لا يشترط لها القيام بل يصح الإتيان بها وهو قاعد فإن أتى بها منحنيا . فإن كان انحناؤه إلى القيام أقرب فإنه لا يضر وإن كان إلى الركوع أقرب فإنه يضر ومحل ذلك ما إذا كان قادرا على القيام كما هو ظاهر وإذا أدرك الإمام وهو راكع فكبر للإحرام خلفه فإن أتى بالتكبيرة كلها وهو قائم فإنه يصح أما إذا قال : الله وهو قائم وقال : أكبر وهو راكع فإن صلاته لا تصح ولو أدرك الإمام من أول الصلاة فنطق بقول : الله قبل أن يفرغ منها الإمام فإنها لا تصح
- 6 - نية أصل الصلاة . كأن ينوي صلاة الفرض
- 7 - تعيين الفرض من أنه ظهر أو عصر مثلا فإذا كبر من غير تعيين فإن تكبيرته لا تصح
- 8 - تعيين الصلاة الواجبة كركعتي الطواف وصلاة العيدين والوتر والمنذور وقضاء نفل أفسده فإن كل هذا واجب يجب تعيينه عند التكبيرة أما باقي النوافل فإنه لا يجب تعيينها كما تقدم
- 9 - أن ينطق بالتكبيرة بحيث يسمع بها نفسه فمن همس بها أو أجراها على قلبه فإنها لا تصح ومثل ذلك جميع أقوال الصلاة من ثناء وتعوذ وبسملة وقراءة وتسبيح وصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم وكذا الطلاق واليمين وغير ذلك فإنها لا تعتبر عند الحنفية الا إذا نطق بها وسمعها فلا تصح ولا يترتب عليها أثر إذا همس بها أو أجراها على قلبه
- 10 - أن يأتي بجملة ذكر كأن يقول : الله أكبر أو سبحان الله أو الحمد لله فلو أتى بلفظ واحد فإنه لا يصح وقد تقدم بيان ذلك مفصلا في صفة التحريمة قريبا
- 11 - أن يكون الذكر خالصا لله فلا تصح تكبيرة الإحرام إذا كان الذكر مشتملا على حاجة للمصلي كاستغفار ونحوه كما تقدم تقريبا
- 12 - أن لا يكون الذكر بسملة فلا يصح افتتاح الصلاة بها على الصحيح
- 13 - أن لا يحذف الهاء من لفظ الجلالة فإن حذفها بطلت صلاته
- 14 - أن يمد اللام الثانية من لفظ الجلالة فإذا لم يمدها اختلف في صحة تكبيرته وفي حال ذبيحته فينبغي الإتيان بذلك المد احتياطا
- 15 - أن لا يمد همزة الله وهمزة أكبر فلو قال : الله أكبر بالمد لم تصح صلاته لأن المد معناه الاستفهام ومن يستفهم عن وجود إلهه فلا تصح صلاته . وإن تعمد هذا المعنى يكفر فالذين يذكرون الله - بمد الهمزة - مخطئون خطئا فاحشا لما فيه من الإيهام وإن كان غرضهم النداء أما إذا كان غرضهم الاستفهام فإنهم يرتدون عن الإسلام وعلى كل حال فإن المد في الصلاة مبطلها وقد عرفت أن الشافعية موافقون على هذا
- 16 - أن لا يمد باء أكبر فإذا قال : الله أكبار بطلت صلاته لأنه - بفتح الهمزة - جمع كبر وهو الطبل - وبكسرها - اسم للحيض ومن قصد هذا فإنه يكفر وعلى كل حال فهو مبطل للصلاة
- 17 - أن لا يفصل بين النية وبين التحريمة بفاصل أجنبي عن الصلاة فلو نوى ثم أتى بعمل خارج عن الصلاة من كلام أو أكل ولو كان بين أسنانه من قبل ( بشرط أن يكون قدر الحمصة ) أو شرب أو تكلم أو تنحنح بلا عذر ثم كبر فلإحرام بعد ذلك بدون نية جديدة فإن صلاته لا تصح أما إذا فصل بين النية وبين التكبيرة بالمشي إلى المسجد بدون كلام أو فعل فإنه يصح كما تقدم في مبحث " النية " قريبا
- 18 - أن لا تتقدم التكبيرة على النية فلو كبر ثم نوى الصلاة فإن تكبيرته لا تصح ومتى فسدت تكبيرة الإحرام فقد قسدت الصلاة كلها لما علمت من أنها شرط
- 19 - أن يميز الفرض
- 20 - أن يعتقد الطهارة من الحدث والخبث . ولم يشترط الحنفية أن تكون تكبيرة الإحرام باللغة العربية فلو نطق بها بلغة أخرى فإن صلاته تصح سواء كان قادرا على النطق بالعربية أو عاجزا الا أنه كان قادرا يكره له تحريما أن ينطق بها بغير العربية
المالكية
يشترط لتكبيرة الإحرام شروط :
أحدها : أن تكون باللغة العربية إذا كان قادرا عليها أما إن عجز بأن كان أعجميا وتعذر عليه النطق بها فإنها لا تجب عليه ويدخل الصلاة بالنية فإن ترجمها باللغة التي يعرفها فلا تبطل صلاته على الأظهر . أما إن كان قادرا على العربية فيتعين عليه أن يأتي بلفظ : الله أكبر بخصوصه ولا يجزئ لفظ آخر بمعناه ولو كان عربيا وبذلك خالفوا الشافعية والحنفية لأن الشافعية أجازوا الفصل بين لفظ : الله ولفظ : أكبر بفاصل كما إذا قال : الله الرحمن أكبر وأجازوا الإتيان بها بغير العربية لغير القادر على النطق بالعربية بخلاف المالكية أما الحنفية فقد أجازوا الإتيان بها بغير العربية لغير القادر على العربية بلا كراهة أما القادر على النطق بالعربية فقالوا إن : صلاته تصح إذا نطق بها بغير العربية مع كراهة التحريم
ثانيها : أن يأتي بتكبيرة الإحرام وهو قائم متى كان قادرا على القيام في الفرض فإذا أتى بها حال انحنائه فإنها تبطل لا فرق بين أن يكون الانحناء إلى الركوع أقرب أو إلى القيام أقرب الا في حالة واحدة وهي ما إذا أراد شخص أن يقتدي بإمام سبقه بالقراءة وركع فأراد ذلك الشخص أن يدرك الإمام فكبر منحنيا وركع قبل أن يرفع الإمام فإن تكبيرة ذلك الشخص المأموم تكون صحيحة ولكن لا تحتسب له تلك الركعة وعليه إعادتها بعد سلام الإمام . أما إذا ابتدأ التكبير وهو قائم قبل أن يرفع الإمام ثم أتم التكبير وهو راكع أو حال الانحناء للركوع فإن الركعة تحتسب على أحد قولين راجحين ويشترط في هذه الحالة أن ينوي بالتكبيرة الإحرام وحده أو ينوي الإحرام مع الركوع أما إذا نوى الركوع وحده فإن صلاته لا تنعقد
ولكن لا يصح له أن يقطع صلاته بل ينبغي أن يستمر فيها مع الإمام احتراما للإمام ثم يعبدها بعد ذلك
ثالثها : أن يقدم لفظ الجلالة على لفظ أكبر فيقول : الله أكبر أما إذا قال : أكبر الله فإنه لا يصح وهذا متفق عليه
رابعها : أن لا يمد همزة الله قاصدا بذلك الاستفهام أما إذا لم يقصد الاستفهام بأن قصد النداء أو لم يقصد شيئا فإنه لا يضر عندهم
خامسها : أن لا يمد باء أكبر قاصدا به جمع كبر وهو الطبل الكبير ومن يقصد ذلك كان سابا لإلهه أما إذا لم يقصد ذلك فإن مد الباء لا يضر وهذا الأمران قد خالف فيهما المالكية الأئمة الثلاثة لأنهم اتفقوا على أن التكبيرة تبطل بهما سواء قصد معناه اللغوي أو لا كما أوضحناه في مذاهبهم
سادسها : أن يمد لفظ الجلالة مدا طبيعيا وهذا متفق عليه في المذاهب
سابعها : أن لا يحذف هاء لفظ الجلالة بأن يقول : الله أكبر بدون هاء وهذا متفق عليه أيضا . أما إذا مد الهاء من لفظ الجلالة حتى ينشأ عنها واو فإنه لا يضر عند الحنفية والمالكية وخالف الشافعية والحنابلة فقال الشافعية : إذا كان المصلي عاميا فإنه يغتفر له ذلك أما غير العامي فإنه لا يغتفر له ولو فعله تبطل التكبيرة أما الحنابلة قالوا : إن ذلك يضر وتبطل به التكبيرة على أي حال
ثامنها : أن لا يفصل بين لفظ الجلالة ولفظ أكبر بسكوت بأن يقول : الله ثم يسكت ويقول : أكبر بشرط أن يكون هذا السكوت طويلا في العرف أما إذا كان قصيرا عرفا فإنه لا يضر وقد اتفقت المذاهب على أن الفصل بين لفظ الجلالة ولفظ أكبر ضار الا إذا كان يسيرا فأما المالكية فقد وكلوا تقدير اليسير للعرف وأما الشافعية فقد قالوا : اليسير الذي يغتفر هو ما كان بقدر سكتة التنفس أو سكتة العي وأما الحنفية والحنابلة قالوا : إن السكوت الذي يضر هو السكوت الذي يمكنه أن يتكلم فيه ولو بكلام يسير
تاسعها : أن لا يفصل بين الله وبين أكبر بكلام قليلا كان أو كثيرا حتى ولو كان الفصل بحرف فلو قال الله أكبر فإنه لا يصح وهذا الحكم متفق عليه بين الحنابلة والمالكية أما الحنفية فقد أجازوا الفصل بأل فلو قال : الله الأكبر : أو قال : الله الكبير فإنه يصح كما يصح إذ قال : الله كبير وأما الشافعية فقد عرفت أنهم أجازوا الفصل بوصف من أوصاف الله تعالى بشرط أن لا يزيد على كلمتين فلو قال : الله الرحمن الرحيم أكبر فإنه يصح كما تقدم موضحا في مذهبهم
عاشرها : أن يحرك لسانه بالتكبيرة فلو أتى بها في نفسه بدون أن يحرك لسانه فإنه لا تصح أما النطق بها بصوت يسمعه فإنه ليس بشرط عندهم فإن كان أخرس فإن التكبيرة تسقط عنه ويكتفي منه بالنية وقد خالف في ذلك المذاهب الثلاثة فقد اشترطوا النطق بها بصوت يمسعه فلو حرك بها لسانه فقط فإن صلاته تكون باطلة الا إذا كان أخرس فإنه يعفى عنه عند الحنابلة والحنفية أما الشافعية قالوا : يأتي بما يمكنه من تحريك لسانه وشفتيه
هذا وكل ما كان شرطا لصحة الصلاة من استقبال القبلة وستر العورة والطهارة ونحو ذلك مما تقدم فهو شرط للتكبيرة

الحنابلة
يشترط لتكبيرة الإحرام شروط :
أحدها : أن تكون مركبة من لفظ الجلالة ولفظ أكبر : الله أكبر فلو قال غير ذلك فإن صلاته تبطل فالحنابلة والمالكية متفقون على أن الإحرام لا يحصل الا بهذا اللفظ المترتب فلو قال : أكبر الله أو قال : الله الأكبر أو الله الكبير أو الجليل أو غير ذلك من ألفاظ التعظيم بطلت تحريمته وكذا لو قال : الله فقط أما إذا قال : الله أكبكر ثم زاد عليه صفة من صفات الله كأن قال : الله أكبر وأعظم أو الله أكبر وأجل فإن صلاته تصح مع الكراهة ومثل ذلك ما إذا قال : الله أكبر كبيرا وقد عرفت أن الشافعية قالوا : إن الفصل بين الله وأكبر بكلمة أو كلمتين من أوصاف الله نحو الله الرحمن الرحيم أكبر فإنه لا يضر وأن الحنفية قالوا : إن الفصل بأل لا يضر كما إذا قال الله الأكبر وكذا إذا قال : الله كبير فإنه لا يضر عند الحنفية
ثانيها : أن يأتي بتكبيرة الإحرام وهو قائم متى كان قادرا على القيام ولا يشترط أن تكون قامته منتصبة حال التكبير فلو كبر منحنيا فإن تكبيرته تصح الا إذا كان إلى الركوع أقرب فإن أتى بالتكبير كله راكعا أو قاعدا أو أتى ببعضه من قيام . وبالبعض الآخر من قعود أو ركوع فإن صلاته تنعقد نفلا فيصليها على أنها نفل إن اتسع الوقت وإلا وجب أن يقطع الصلاة ويستأنف التكبيرة من قيام وقد عرفت رأي المذاهب في ذلك قبل هذا
ثالثها : أن لا يمد همزة الله
رابعها : أن لا يمد باء أكبر فيقول : أكبار وقد عرفت معنى هذا والخلاف فيه في مذهب المالكية
خامسها : أن تكون بالعربية فإن عجز عن تعلمها كبر باللغة التي يعرفها كما قال الشافعية ولو ترك التكبير باللغة التي يعرفها لم تصح صلاته لأنه ترك ما هو مطلوب منه خلافا للمالكية فإن عجز عن التكبير بالعربية وغيرها من اللغات فإن تكبيرة الإحرام تسقط عنه كما تسقط عن الأخرس وإذا أمكنه أن ينطق بلفظ الله دون أكبر أو بلفظ أكبر دون الله فإنه يأتي بما يستطيع ولا يجب على الأخر أن يحرك لسانه لأن الشارع لم يكلفه بذلك فتكون محاولته عبثا خلافا للشافعية
سادسها : أن لا يشبع هاء الله حتى يتولد منها واو فإن فعل ذلك بطلت تكبيرته
سابعها : أن لا يحذف هاء الله . فلا يقول : الله أكبر
ثامنها : أن لا يأتي بواو بين الكلمتين بأن يقول : الله وأكبر فإن فعل ذلك لا تصح تكبيرته
تاسعها : أن لا يفصل بين الكلمتين بسكوت يسع كلاما . ولو يسيرا . وكذا يشترط للتكبيرة كل ما يشترط للصلاة : من استقبال وستر عورة وطهارة وغير ذلك
__________________
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 12-12-2009, 01:15 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

المحافظة على الصلاة؟

السؤال:
كيف استطيع ان احافظ على الصلاة ؟?

الإجابة:
استعن بالله دائما ، واطلب منه عز وجل أن يحقق لك هذه المحافظة ، وأن يجعل قلبك معلقاً بالمساجد ، وأن تجد راحتك وسعادة روحك فى الصلاة.

هذا ...



ونصيحتى لك : أن تحسن أختيار أصدقائك على أن يكونوا من أهل الصلاة ، وكن على وضوء دائماً استعدادا لأداء الصلاة.
__________________
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 12-12-2009, 01:16 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

إدراك الركعة الأخيرة مع الأمام

السؤال:
السلام عليكم اذا ادركت صلاة المغرب بالركعة الاخيرة مع الامام فتكون الاولى معك هل تؤدي الثانية سرا او جهرا وجزاكم الله خير ??

الإجابة:
الأخ الكريم
شكرا لك على هذه الثقة التى نعتز بها .
وبالنسبة لإجابة سؤالك : فإنه من بدأ الصلاة مأموماً يكملها مأموماً ولو فى جميع الركعات.
ولذا : فالمطلوب منه القراءة السرية
__________________
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 12-12-2009, 01:17 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

صلاة المسبوق

السؤال:
كيف يمكن قضاء الصلاة لمن لم يدرك ركعة أو اثنين أو ثلاثة من صلاة جهرية مثل العشاء وهل يأثم الانسان لو أدى ما فاته سرا من الصلاة الجهرية أرجو الإفادة بالتفصيل وجزاكم الله خيرا ??

الإجابة:
حكم صلاة المؤتم
صلاة المسبوق لها نفس حكم صلاة غير المسبوق ، ولذلك علي المسبوق أن يتم ما فاته مع الإمام وكأنه معه ، دون أن يجهر في الركعات الجهرية التي فاتته ولا شيء عليه ، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال .
__________________
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 12-12-2009, 01:19 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

تارك الصلاة

السؤال:
ماذا افعل زوجي لم يعد يلتزم بالصلاة وبدأ يبتعد عنا ويحب الخروج والسهر مع الاصدقاء واذا لم يخرج يجلس امام الانترنت ولايتعلم انما يدخل الشات وعندما اطالبة بتحمل بعض المسؤليات معي يتهرب اويضايقني لكي لا اطلب منة مرة اخرى ويحملني مسئولية اي شئي يحصل حتى لو لم تكن لي يدفي الموضوع مثل ضياعة لاشياءة او مرض الاطفال وللعلم لدي طفلان فقط وايضا يسهر طوال اليل حتي قبل الفجر وينام في النهار حتي العصر اوالساعه الواحدة وفوق كل هذا اهلةمنذدخولي عند زوجي وهم لايدعوناوطلبون منا فلوس فوق طاقتنا واطر وابيع ذهبي علشان نسدد ديوننا وننام مرتاحين ولكن فترة بسيطة ونعود من جديد وارجع اشتغل فترة علشان نسدد ديون جديدة وهكذا اربع سنوات ولكن في البدايه كان زوجي مثال للزوج الصالح المتعاون بكل ماللكلمة من معاني وتغيرالان ولا اعرف ماذا افعل هل استمر اجارية واهلة الى مالانهاية ام اجعلة يغرق في الديون ولااهتم علما بان اهله عبارة عن ام واب واخ لة زوجة وخمسة اطفال ولايشتغل ولا يعرف ان يتحمل مسؤلية اسرتة علما بان اهلة مزارعين وماشاء الله يحصلو واجد ولكن الفلوس التي تاتي تضيع من غير اي تدبير لانهم معتمدين على زوجي الذي لاي

الإجابة:
أصلح الله حالك ، وأراح بالك ، وصرف عنك وعن أولادك وزوجك السوء ، إنه ولى ذلك والقادر عليه.


ثم


هذا اختبار لك من الله ليزداد معه صبرك ، فيعظم أجرك.
ولا تبتئسى .. !! ففرج الله قريب ، ونعمه الأخرى علينا وفيرة.
ولكن .. إبدئى بكل هدوء فى محاولة إعادة زوجك إلى سيرته الأولى من ا لصلاح والإستقامة، وفق الله مسعاك، وحقق رجاك.
ولا تتركى زوجك لضياع أكثر ، وفساد أشد.
وبالنسبة لموقفكم مع أهله : فاعلمى أنه { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} كما أنه " لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق" و ملامة ـ شرعية ـ عليكم فى عدم الاستجابة لطلباتهم الكثيرة المرهقة لكم ، غبر العادلة.
أصلح الله أموركم ، ويسر أحوالكم ، وأسعد أيامكم.
__________________
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 12-12-2009, 01:20 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

تعريف الزكاة وحكمتها وفرضيتها وعقاب مانع الزكاة
أولاً ـ تعريف الزكاة:

الزكاة لغة: النمو والزيادة يقال: زكا الزرع: إذا نما وزاد، وزكت النفقة: إذا بورك فيها، وقد تطلق بمعنى الطهارة، قال تعالى:
{قد أفلح من زكاها} [الشمس:9/91] أي طهرها عن الأدناس، ومثله قوله سبحانه: {قد أفلح من تزكى} [الأعلى:14/87]،
وتطلق أيضاً على المدح، قال تعالى: {فلا تزكوا أنفسكم}
[النجم:32/53] وعلى الصلاح، يقال: رجل زكيّ، أي زائد الخير، من قوم أزكياء، وزكّى القاضي الشهود: إذا بين زيادتهم في الخير.

وسمي المال المخرج في الشرع زكاة؛ لأنه يزيد في المخرج منه، ويقيه الآفات، قال تعالى:
{وآتوا الزكاة} [البقرة:43/2].

وتتمثل هذه المعاني اللغوية في قوله سبحانه:
{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة:103/9] فهي تطهر مؤديها من الإثم وتنمي أجره وماله.


والزكاة شرعاً : حق يجب في المال.

وعرفها المالكية بأنها: إخراج جزء مخصوص من مال بلغ نصاباً، لمستحقه، إن تم الملك، وحول، غير معدن وحرث.

وعرفها الحنفية بأنها: تمليك جزء مال مخصوص من مال مخصوص لشخص مخصوص، عينه الشارع لوجه الله تعالى.

فقولهم «تمليك» احترز به عن «الإباحة» فلو أطعم يتيماً ناوياًالزكاة، لا يجزيه، إلا إذا دفع إليه المطعوم، كما لو كساه، ولكن بشرط أن يعقل القبض، إلا إذا حكم عليه بنفقة الأيتام. وقولهم «جزء مال» خرج المنفعة، فلو أسكن فقيراً داره سنة، ناوياً الزكاة، لا يجزيه. والجزء المخصوص: هو المقدار الواجب دفعه، والمال المخصوص: هو النصاب المقدر شرعاً، والشخص المخصوص: هم مستحقو الزكاة. وقولهم «عينه الشارع» هو ربع عشر نصاب معين مضى عليه الحول، فأخرج صدقة النافلة والفطرة. وقولهم «لله تعالى» أي بقصد مرضاة الله تعالى.


وعرفها الشافعية بأنها اسم لما يخرج عن مال و بدن على وجه مخصوص.


وتعريفها عند الحنابلة هو أنها حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص.


والطائفة: هم الأصناف الثمانية المشار إليهم بقوله تعالى:
{إنما الصدقات للفقراء والمساكين } ـ الآية[التوبة:60/9]
والوقت المخصوص: هو تمام الحول في الماشية والنقود (الأثمان) وعروض التجارة، وعند اشتداد الحب في الحبوب، وعند بدو صلاح الثمرة التي تجب فيها الزكاة، وعند حصول ما تجب فيه الزكاة من العسل، واستخراج ما تجب فيه من المعادن، وعند غروب الشمس من ليلة الفطر، لوجوب زكاة الفطر.


وخرج بقوله «واجب» الحق المسنون كابتداء السلام واتباع الجنائز. وبقوله «في مال» رد السلام ونحوه، وبقوله «مخصوص» ما يجب في كل الأموال كالديون والنفقات، وبقوله: «لطائفة مخصوصة» نحو الدية؛ لأنها لورثة المقتول، وبقوله «في وقت مخصوص» نحو النذر والكفارة.

وبه يتبين أن الزكاة أطلقت في عرف الفقهاء على فعل الإيتاء نفسه، أي أداء الحق الواجب في المال، وأطلقت أيضاً على الجزء المقدر من المال الذي فرضه الله حقاً للفقراء. وتسمى الزكاة صدقة، لدلالتها على صدق العبد في العبودية وطاعة الله تعالى.


ثانياً ـ حكمة الزكاة:


التفاوت بين الناس في الأرزاق والمواهب وتحصيل المكاسب أمر واقع طارئ يحتاج في شرع الله إلى علاج، قال الله تعالى:
{والله فضل بعضكم على بعض في الرزق} [النحل:71/16]أي أن الله تعالى فضل بعضنا على بعض في الرزق، وأوجب على الغني أن يعطي الفقير حقاً واجباً مفروضاً، لا تطوعاً ولا مِنَّة ؛ لقوله تعالى: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} [الذاريات:19/51].


وفريضة الزكاة أولى الوسائل لعلاج ذلك التفاوت، وتحقيق التكافل أو الضمان الاجتماعي في الإسلام.

فهي أولاً ـ تصون المال وتحصنه من تطلع الأعين وامتداد أيدي الآثمين والمجرمين، قال صلّى الله عليه وسلم : «حصِّنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدّوا للبلاء الدعاء» (رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية والخطيب عن ابن مسعود، ورواه أبو داود مرسلاً عن الحسن، وهو ضعيف.) .

وهي ثانياً ـ عون للفقراء والمحتاجين، تأخذ بأيديهم لاستئناف العمل والنشاط إن كانوا قادرين، وتساعدهم على ظروف العيش الكريم إن كانوا عاجزين، فتحمي المجتمع من مرض الفقر، والدولة من الإرهاق والضعف. والجماعة مسؤولة بالتضامن عن الفقراء وكفايتهم، فقد روي: «إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم، ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا أوعروا إلا ما يصنع أغنياؤهم، ألا وإن الله يحاسبهم حساباً شديداً ويعذبهم عذاباً أليماً» (رواه الطبراني عن علي، وهو ضعيف) وروي أيضاً «ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة، يقولون: ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم، فيقول الله تعالى: وعزتي وجلالي لأدنينكم ولأباعدنهم، ثم تلا صلّى الله عليه وسلم : واللذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم» [المعارج:24/70-25] (رواه الطبراني عن أنس، وهو ضعيف أيضاً) .

والمصلحة في أداء الزكاة تعود في النتيجة على أرباب الأموال؛ لأنهم بأدائها يسهمون في تنمية ودعم القوة الشرائية للفقراء، فتنمو بالتالي أموال المزكين ويربحون بكثرة المبادلات.

وهي ثالثاً ـ تطهر النفس من داء الشح والبخل، وتعوِّد المؤمن البذل والسخاء، كيلا يقتصر على الزكاة، وإنما يساهم بواجبه الاجتماعي في رفد الدولة بالعطاء عند الحاجة، وتجهيز الجيوش، وصد العدوان، وفي إمداد الفقراء إلى حد الكفاية، إذ عليه أيضاً الوفاء بالنذور، وأداء الكفارات المالية بسبب (الحنث في اليمين، والظهار، وال*** الخطأ، وانتهاك حرمة شهر رمضان). وهناك وصايا الخير والأوقاف، والأضاحي وصدقات الفطر، وصدقات التطوع والهبات ونحوها. وكل ذلك يؤدي إلى تحقيق أصول التكافل الاجتماعي بين الفقراء والأغنياء، ويحقق معاني الأخوة والمحبة بين أبناء المجتمع الواحد، ويسهم في التقريب بين فئات الناس، ويحفظ مستوى الكفاية للجميع.

وهي رابعاً ـ وجبت شكراً لنعمة المال، حتى إنها تضاف إليه، فيقال: زكاة المال، والإضافة للسببية كصلاة الظهر وصوم الشهر وحج البيت.


ثالثاً ـ فرضية الزكاة:


الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفرض من فروضه، وفرضت في المدينة في شوال السنة الثانية من الهجرة بعد فرض رمضان وزكاة الفطر، ولكن لا تجب على الأنبياء إجماعاً؛ لأن الزكاة طهرة لمن عساه أن يتدنس، والأنبياء مبرؤون منه،ولأن ما في أيديهم ودائع لله ، ولأنهم لا ملك لهم، ولا يُورَثون أيضاً، وقرنت بالصلاة في القرآن الكريم في اثنين وثمانين موضعاً، مما يدل على كمال الاتصال بينهما.


وهي واجبة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلم ، وإجماع الأمة.


أما الكتاب: فقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة:43/2] وقوله:
{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة:103/9] وقوله سبحانه:{وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام:141/6] وآي سوى ذلك.

وأما السنة: فقوله صلّى الله عليه وسلم : «بني الإسلام على خمس... منها إيتاء الزكاة» وبعث النبي صلّى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن، فقال: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم» ( رواه الجماعة عن ابن عباس) وأخبار أخرى.


وأجمع المسلمون في جميع الأعصار على وجوب الزكاة، واتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتال مانعيها، فمن أنكر فرضيتها كفر وارتد إن كان مسلماً ناشئاً ببلاد الإسلام بين أهل العلم، وتجري عليه أحكام المرتدين ويستتاب ثلاثاً،


فإن تاب وإلا ***. ومن أنكر وجوبها جهلاً به إما لحداثة عهده بالإسلام، أو لأنه نشأ ببادية نائية عن الأمصار، عُرِّف وجوبها ولا يحكم بكفره؛ لأنه معذور.

رابعاً ـ عقاب مانع الزكاة:


لمانع الزكاة عقاب في الآخرة وعقاب في الدنيا، أما عقاب الآخرة فهو العذاب الأليم، لقوله تعالى:
{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ، فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم، فذوقوا ما كنتم تكنزون} [التوبة:34/9-35].


ولقوله صلّى الله عليه وسلم : «من آتاه الله مالاً، فلم يؤد زكاته، مُثِّل له شجاعاً أقرع، له زبيبتان، يطوقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه، ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك» . ثم تلا: {ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم، بل هو شر لهم سَيُطَوَّقون ما بخلوا به يوم القيامة، ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير} » [آل عمران:180/3] (رواه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي عن أبي هريرة) .

وفي رواية: «مامن صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ـ أي زكاتها ـ إلا إذا كان يوم القيامة، صُفِّحت صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما ردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار» .

وأما العقاب الدنيوي للفرد بسبب التقصير والإهمال فهو أخذها منه والتعزير والتغريم المالي وأخذ الحاكم شطر المال قهراً عنه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «من أعطاها ـ أي الزكاة ـ مؤتجراً فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر إبله عَزْمة من عزمات ربنا
تبارك وتعالى، لا يحل لآل محمد منها شيء»
(رواه أحمد والنسائي، وأبو داود) .


فإن كان مانع الزكاة جاحداً لوجوبها فقد كفر، كما تبين، و*** كما ي*** المرتد؛ لأن وجوب الزكاة معلوم من دين الله عز وجل ضرورة (بداهة)، فمن جحد وجوبها فقد كذَّب الله تعالى، وكذَّب رسوله صلّى الله عليه وسلم ، فحكم بكفره.

وتقاتل الجماعة مانعة الزكاة جحوداً، كما فعل الصحابة في عهد الخليفة الأول ـ أبي بكر رضي الله عنهم، قال أبو بكر: «والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَنَاقاً (هو الأنثى من أولاد المعز، وفي الرواية الأخرى: عقالاً، والمراد بالعقال عند جماعة: هو زكاة عام، إذ لايجوز القتال على الحل الذي يعقل به البعير، وقال كثير من المحققين: المراد به الحبل الذي يعقل به البعير، على سبيل المبالغة) كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها» (رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن أبي هريرة)

وفي لفظ مسلم والترمذي وأبي داود : «لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه» وبناء عليه قال العلماء بالاتفاق: إذا منع واحد أو جمع الزكاة وامتنعوا بالقتال، وجب على الإمام قتالهم، وإن منعها جهلاً بوجوبها أو بخلاً بها لم يكفر.
__________________
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 12-12-2009, 12:11 PM
الصورة الرمزية أنين المذنبين
أنين المذنبين أنين المذنبين غير متواجد حالياً
طالب جامعى {تجارة القاهرة}
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 1,040
معدل تقييم المستوى: 18
أنين المذنبين is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله
....
أخى الحبيب وأستاذى الفاضل
محمد رافع
.....
الله الله على هذا الموضوع الرائع وما أجمل طرحه
وكم لنا من حاجة إليه خاصة فى هذه الأزمان
التى كثُرَ فيها المفتون وما أجمل الخمس خصال التى نقلهم
الأمام بن القيم عن إمام أهل السنة الإمام أحمد
لوتوافرت فى المفتين لسترحنا من هذا الخلااف ..
........
على كلِِالموضوع رائع أخى الكريم
وكم كنت أتمنى أن يكون فى هذا القسم الطيب موضوع للفتوى
وتقوم انتخابات ويعين استاذتنا على هذا الموضوع وإن شاء الله سأطرح الموضوع عليهم والله المستعان...
....
أسعــــــــــد الله كــــــ أخـــــ الحبيب ىـــــــــ..
ودمــــــــــــــــــ بخيرتــــــــــــ
__________________
ألستَ الذى رَبيتني وهديتني
ولازلتَ منّانًا عليَّ ومُنعما؟!
//*//*//
عسى مَنْ له الإحسانُ يغفرُ ذلّتي
ويسترُ أوزاري وماقدْ تقدّما
رد مع اقتباس
  #41  
قديم 12-12-2009, 02:43 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة thenomadic مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله
....
أخى الحبيب وأستاذى الفاضل
محمد رافع
.....
الله الله على هذا الموضوع الرائع وما أجمل طرحه
وكم لنا من حاجة إليه خاصة فى هذه الأزمان
التى كثُرَ فيها المفتون وما أجمل الخمس خصال التى نقلهم
الأمام بن القيم عن إمام أهل السنة الإمام أحمد
لوتوافرت فى المفتين لسترحنا من هذا الخلااف ..
........
على كلِِالموضوع رائع أخى الكريم
وكم كنت أتمنى أن يكون فى هذا القسم الطيب موضوع للفتوى
وتقوم انتخابات ويعين استاذتنا على هذا الموضوع وإن شاء الله سأطرح الموضوع عليهم والله المستعان...
....
أسعــــــــــد الله كــــــ أخـــــ الحبيب ىـــــــــ..
ودمــــــــــــــــــ بخيرتــــــــــــ


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وعفوه وعافيته ورضاه
بارك الله فيك اخى الكريم ورضى عنك وعن والديك
وفقنا الله جميعا الى ما يحب ويرضى وهدانا الى الخير
ثبتكم الله على طريقه القويم
والحمد لله رب العالمين
وصلاة وسلاما على الرحمة المهداة
__________________
رد مع اقتباس
  #42  
قديم 16-12-2009, 07:59 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

تارك الصلاة من غير عذر

وسئل رحمه الله عن تارك الصلاة من غير عذر، هل هو مسلم في تلك الحال؟
فأجاب:
أما تارك الصلاة: فهذا إن لم يكن معتقدًا لوجوبها، فهو كافر بالنص والإجماع، لكن إذا أسلم ولم يعلم أن الله أوجب عليه الصلاة، أو وجوب بعض أركانها: مثل أن يصلي بلا وضوء، فلا يعلم أن الله أوجب عليه الوضوء، أو يصلي مع الجنابة، فلا يعلم أن الله أوجب عليه غسل الجنابة، فهذا ليس بكافر، إذا لم يعلم.
لكن إذا علم الوجوب: هل يجب عليه القضاء؟ فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد ومالك وغيرهما. قيل: يجب عليه القضاء، وهو المشهور عن أصحاب الشافعي، وكثير من أصحاب أحمد. وقيل: لا يجب عليه القضاء، وهذا هو الظاهر.
وعن أحمد في هذا الأصل روايتان منصوصتان فيمن صلى في معاطن الإبل، ولم يكن علم بالنهي، ثم علم، هل يعيد؟ على روايتين. ومن صلى ولم يتوضأ من لحوم الإبل، ولم يكن علم بالنهي، ثم علم. هل يعيد؟ على روايتين منصوصتين.
وقيل: عليه الإعادة إذا ترك الصلاة جاهلا بوجوبها في دار الإسلام دون دار الحرب، وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة. والصائم إذا فعل ما يفطر به جاهلا بتحريم ذلك: فهل عليه الإعادة؟ على قولين في مذهب أحمد. وكذلك من فعل محظورًا في الحج جاهلا.
وأصل هذا: أن حكم الخطاب، هل يثبت في حق المكلف قبل أن يبلغه؟ فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره. قيل: يثبت. وقيل: لا يثبت. وقيل: يثبت المبتدأ دون الناسخ. والأظهر أنه لا يجب قضاء شيء من ذلك، ولا يثبت الخطاب إلا بعد البلاغ، لقوله تعالى: { لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ } [24]، وقوله: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [25]، ولقوله: { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [26]، ومثل هذا في القرآن متعدد، بَيَّن سبحانه أنه لا يعاقب أحدًا حتى يبلغه ما جاء به الرسول.
ومن علم أن محمدًا رسول الله فآمن بذلك، ولم يعلم كثيرًا مما جاء به لم يعذبه الله على ما لم يبلغه، فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان بعد البلوغ، فإنه لا يعذبه على بعض شرائطه إلا بعد البلاغ أولى وأحرى. وهذه سنة رسول الله
فإنه قد ثبت في الصحاح أن طائفة من أصحابه ظنوا أن قوله تعالى: { الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ } [27] هو الحبل الأبيض من الحبل الأسود، فكان أحدهم يربط في رجله حبلا، ثم يأكل حتى يتبين هذا من هذا فبين النبي : أن المراد بياض النهار، وسواد الليل، ولم يأمرهم بالإعادة.
وكذلك عمر بن الخطاب وعمار أجنبا، فلم يصل عمر حتى أدرك الماء، وظن عمار أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء فتمرغ كما تمرغ الدابة ولم يأمر واحدًا منهم بالقضاء، وكذلك أبو ذر بقي مدة جنبًا لم يصل، ولم يأمره بالقضاء، بل أمره بالتيمم في المستقبل.
وكذلك المستحاضة قالت: إني أُسْتَحَاض حيضة شديدة تمنعني الصلاة والصوم، فأمرها بالصلاة زمن دم الاستحاضة، ولم يأمرها بالقضاء.
ولما حرم الكلام في الصلاة تكلم معاوية بن الحكم السلمي في الصلاة بعد التحريم جاهلا بالتحريم، فقال له: (إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين)، ولم يأمره بإعادة الصلاة.
ولما زيد في صلاة الحضر حين هاجر إلى المدينة، كان من كان بعيدًا عنه مثل من كان بمكة، وبأرض الحبشة يصلون ركعتين، ولم يأمرهم النبي بإعادة الصلاة.
ولما فرض شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة، ولم يبلغ الخبر إلى من كان بأرض الحبشة من المسلمين، حتى فات ذلك الشهر، لم يأمرهم بإعادة الصيام.
وكان بعض الأنصار لما ذهبوا إلى النبي من المدينة إلى مكة قبل الهجرة قد صلى إلى الكعبة معتقدًا جواز ذلك قبل أن يؤمر باستقبال الكعبة، وكانوا حينئذ يستقبلون الشام، فلما ذكر ذلك للنبي ، أمره باستقبال الشام، ولم يأمره بإعادة ما كان صلي.
وثبت عنه في الصحيحين أنه سئل وهو بالجِعْرَانة عن رجل أحرم بالعمرة، وعليه جبة، وهو متضمخ بالخلوق، فلما نزل عليه الوحي قال له: (انزع عنك جبتك، واغسل عنك أثر الخلوق، واصنع في عمرتك ما كنت صانعًا في حجك). وهذا قد فعل محظورًا في الحج، وهو لبس الجبة، ولم يأمره النبي على ذلك بدم ولو فعل ذلك مع العلم للزمه دم.
وثبت عنه في الصحيحين أنه قال للأعرابي المسيء في صلاته: (صل فإنك لم تصل) مرتين أو ثلاثًا. فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا، فعلمني ما يجزيني في الصلاة، فعلمه الصلاة المجزية. ولم يأمره بإعادة ما صلى قبل ذلك. مع قوله ما أحسن غير هذا، وإنما أمره أن يعيد تلك الصلاة؛ لأن وقتها باق، فهو مخاطب بها، والتي صلاها لم تبرأ بها الذمة، ووقت الصلاة باق.
ومعلوم أنه لو بلغ صبي، أو أسلم كافر، أو طهرت حائض، أو أفاق مجنون، والوقت باق لزمتهم الصلاة أداء لا قضاء. وإذا كان بعد خروج الوقت فلا إثم عليهم. فهذا المسيء الجاهل إذا علم بوجوب الطمأنينة في أثناء الوقت فوجبت عليه الطمأنينة حينئذ ولم تجب عليه قبل ذلك؛ فلهذا أمره بالطمأنينة في صلاة تلك الوقت، دون ما قبلها.
وكذلك أمره لمن صلى خلف الصف أن يعيد، ولمن ترك لمعة من قدمه أن يعيد الوضوء والصلاة. وقوله أولا: (صل فإنك لم تصل) تبين أن ما فعله لم يكن صلاة، ولكن لم يعرف أنه كان جاهلا بوجوب الطمأنينة، فلهذا أمره بالإعادة ابتداء، ثم علمه إياها، لما قال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا.
فهذه نصوصه في محظورات الصلاة والصيام والحج مع الجهل فيمن ترك واجباتها مع الجهل، وأما أمره لمن صلى خلف الصف أن يعيد، فذلك أنه لم يأت بالواجب مع بقاء الوقت. فثبت الوجوب في حقه حين أمره النبي لبقاء وقت الوجوب، لم يأمره بذلك مع مضي الوقت.
وأما أمره لمن ترك لمعة في رجله لم يصبها بالماء بالإعادة، فلأنه كان ناسيًا، فلم يفعل الواجب، كمن نسي الصلاة، وكان الوقت باقيًا، فإنها قضية معينة بشخص لا يمكن أن يكون في الوقت وبعده. أعني أنه رأي في رِجْل رَجُل لمعة لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، رواه أبو داود. وقال أحمد بن حنبل: حديث جيد.
وأما قوله: (ويل للأعقاب من النار) ونحوه. فإنما يدل على وجوب تكميل الوضوء ليس في ذلك أمر بإعادة شيء، ومن كان أيضًا يعتقد أن الصلاة تسقط عن العارفين، أو عن المشائخ الواصلين، أو عن بعض أتباعهم، أو أن الشيخ يصلي عنهم، أو أن لله عبادًا أسقط عنهم الصلاة، كما يوجد كثير من ذلك في كثير من المنتسبين إلى الفقر والزهد، وأتباع بعض المشائخ والمعرفة، فهؤلاء يستتابون باتفاق الأئمة، فإن أقروا بالوجوب، وإلا قوتلوا، وإذا أصروا على جحد الوجوب حتى ***وا، كانوا من المرتدين، ومن تاب منهم وصلى لم يكن عليه إعادة ما ترك قبل ذلك في أظهر قولي العلماء، فإن هؤلاء إما أن يكونوا مرتدين، وإما أن يكونوا مسلمين جاهلين للوجوب.
فإن قيل: إنهم مرتدون عن الإسلام، فالمرتد إذا أسلم لا يقضي ما تركه حال الردة عند جمهور العلماء، كما لا يقضي الكافر إذا أسلم ما ترك حال الكفر باتفاق العلماء، ومذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في أظهر الروايتين عنه، والأخري يقضي المرتد، كقول الشافعي والأول أظهر.
فإن الذين ارتدوا على عهد رسول الله كالحارث بن قيس، وطائفة معه أنزل الله فيهم: { كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ } الآية [28]، والتي بعدها. وكعبد الله بن أبي سرح، والذين خرجوا مع الكفار يوم بدر، وأنزل فيهم: { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ
لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
} [29]. فهؤلاء عادوا إلى الإسلام، وعبد الله بن أبي سرح عاد إلى الإسلام عام الفتح، وبايعه النبي ولم يأمر أحدًا منهم بإعادة ما ترك حال الكفر في الردة، كما لم يكن يأمر سائر الكفار إذا أسلموا.
وقد ارتد في حياته خلق كثير اتبعوا الأسود العنسي الذي تنبأ بصنعاء اليمن، ثم ***ه الله، وعاد أولئك إلى الإسلام، ولم يؤمرا بالإعادة.
وتنبأ مسيلمة الكذاب، واتبعه خلق كثير، قاتلهم الصديق والصحابة بعد موته حتى أعادوا من بقي منهم إلى الإسلام، ولم يأمر أحدًا منهم بالقضاء، وكذلك سائر المرتدين بعد موته.
وكان أكثر البوادي قد ارتدوا ثم عادوا إلى الإسلام، ولم يأمر أحدًا منهم بقضاء ما ترك من الصلاة. وقوله تعالى: { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ } [30]، يتناول كل كافر.
وإن قيل: إن هؤلاء لم يكونوا مرتدين، بل جهالا بالوجوب، وقد تقدم أن الأظهر في حق هؤلاء أنهم يستأنفون الصلاة على الوجه المأمور، ولا قضاء عليهم. فهذا حكم من تركها غير معتقد
لوجوبها. وأما من اعتقد وجوبها مع إصراره على الترك، فقد ذكر عليه المفرِّعون من الفقهاء فروعًا:
أحدها هذا، فقيل عند جمهورهم مالك والشافعي وأحمد. وإذا صبر حتى ي*** فهل ي*** كافرًا مرتدًا، أو فاسقًا كفساق المسلمين؟ على قولين مشهورين. حكيا روايتين عن أحمد، وهذه الفروع لم تنقل عن الصحابة، وهي فروع فاسدة، فإن كان مقرًا بالصلاة في الباطن، معتقدًا لوجوبها، يمتنع أن يصر على تركها حتى ي***، وهو لا يصلي هذا لا يعرف من بني آدم وعادتهم؛ ولهذا لم يقع هذا قط في الإسلام، ولا يعرف أن أحدًا يعتقد وجوبها، ويقال له إن لم تصل وإلا ***ناك، وهو يصر على تركها، مع إقراره بالوجوب، فهذا لم يقع قط في الإسلام.
ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى ي***، لم يكن في الباطن مقرًا بوجوبها، ولا ملتزمًا بفعلها، وهذا كافر باتفاق المسلمين، كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا، ودلت عليه النصوص الصحيحة. كقوله : (ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة)، رواه مسلم. وقوله: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر).
وقول عبد الله بن شَقِيق: كان أصحاب محمد لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، فمن كان مصرًا على تركها حتى يموت لا يسجد لله سجدة قط، فهذا لا يكون قط مسلمًا مقرًا بوجوبها، فإن اعتقاد الوجوب، واعتقاد أن تاركها يستحق ال***، هذا داع تام إلى فعلها، والداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور، فإذا كان قادرًا ولم يفعل قط، علم أن الداعي في حقه لم يوجد. والاعتقاد التام لعقاب التارك باعث على الفعل، لكن هذا قد يعارضه أحيانًا أمور توجب تأخيرها وترك بعض واجباتها، وتفويتها أحيانًا.
فأما من كان مصرًا على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك، فهذا لا يكون مسلمًا، لكن أكثر الناس يصلون تارة، ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة عن النبي أنه قال: (خمس صلوات كتبهن الله على العباد في إلىوم والليلة من حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له).
فالمحافظ عليها الذي يصليها في مواقيتها، كما أمر الله تعالى والذي ليس يؤخرها أحيانًا عن وقتها، أو يترك واجباتها، فهذا تحت مشيئة الله تعالى، وقد يكون لهذا نوافل يكمل بها فرائضه، كما جاء في الحديث.
__________________
رد مع اقتباس
  #43  
قديم 16-12-2009, 08:00 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

سئل عمن ترك صلاة واحدة عمدا بنية أنه يفعلها بعد خروج وقتها قضاء

وسئل عمن ترك صلاة واحدة عمدًا بنية أنه يفعلها بعد خروج وقتها قضاء، فهل يكون فعله كبيرة من الكبائر؟
فأجاب:
الحمد لله، نعم تأخير الصلاة عن غير وقتها الذي يجب فعلها فيه عمدًا من الكبائر، بل قد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر. وقد رواه الترمذي مرفوعًا عن ابن عباس عن النبي أنه قال: من جمع بين الصلاتين من غير عذر، فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر.
ورفع هذا إلى النبي وإن كان فيه نظر. فإن الترمذي قال: العمل على هذا عند أهل العلم، والأثر معروف، وأهل العلم ذكروا ذلك مقرين له، لا منكرين له.
وفى الصحيح عن النبي قال: من فاتته صلاة العصر، فقد حبط عمله، وحبوط العمل لا يتوعد به إلا على ما هو من أعظم الكبائر، وكذلك تفويت العصر أعظم من تفويت غيرها، فإنها الصلاة الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها، وهى التي فرضت على من كان قبلنا فضيعوها، فمن حافظ عليها، فله الأجر مرتين، وهى التي لما فاتت سليمان فعل بالخيل ما فعل.
وفى الصحيح عن النبي أيضًا أنه قال: من فاتته صلاة العصر فكأنما وَتِرَ أهله وماله. والموتور أهله وماله يبقى مسلوبًا ليس له ما ينتفع به من الأهل والمال، وهو بمنزلة الذي حبط عمله.
وأيضًا، فإن الله تعالى يقول: { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } [33]، فتوعد بالويل لمن يسهو عن الصلاة حتى يخرج وقتها وإن صلاها بعد ذلك، وكذلك قوله تعالى: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } [34]، وقد سألوا ابن مسعود عن إضاعتها فقال: هو تأخيرها حتى يخرج وقتها، فقالوا: ما كنا نرى ذلك إلا تركها، فقال: لو تركوها لكانوا كفارًا، وقد كان ابن مسعود يقول عن بعض أمراء الكوفة في زمانه: ما فعل خلفكم؟ لكونهم كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها. وقوله: { وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ } يتناول كل من استعمل ما يشتهيه عن المحافظة عليها في وقتها، سواء كان المشتهى من جنس المحرمات، كالمأكول المحرم، والمشروب المحرم، والمنكوح المحرم، والمسموع المحرم أو كان من جنس المباحات لكن الإسراف فيه ينهى عنه، أو غير ذلك، فمن اشتغل عن فعلها في الوقت بلعب أو لهو أو حديث مع أصحابه، أو تنزه في بستانه، أو عمارة عقاره، أو سعى في تجارته، أو غير ذلك، فقد أضاع تلك الصلاة، واتبع ما يشتهيه.
وقد قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [35]، ومن ألهاه ماله وولده عن فعل المكتوبة في وقتها، دخل في ذلك، فيكون خاسرًا. وقال تعالى في ضد هؤلاء: { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ } [36].
فإذا كان سبحانه قد توعد بلقى الغى من يضيع الصلاة عن وقتها ويتبع الشهوات، والمؤخر لها عن وقتها مشتغلا بما يشتهيه هو مضيع لها متبع لشهوته. فدل ذلك على أنه من الكبائر، إذ هذا الوعيد لا يكون إلا على كبيرة، ويؤيد ذلك جعله خاسرًا، والخسران لا يكون بمجرد الصغائر المكفرة باجتناب الكبائر.
وأيضًا، فلا... أحدًا من صلى بلا طهارة، أو إلى غير القبلة عمدًا، وترك الركوع والسجود أو القراءة أو غير ذلك متعمدًا، أنه قد فعل بذلك كبيرة، بل قد يتورع في كفره إن لم يستحل ذلك، وأما إذا استحله فهو كافر بلا ريب.
ومعلوم أن الوقت للصلاة مقدم على هذه الفروض وغيرها، فإنه لا نزاع بين المسلمين أنه إذا علم المسافر العادم للماء أنه يجده بعد الوقت لم يجز له تأخير الصلاة ليصليها بعد الوقت بوضوء، أو غسل؛ بل ذلك هو الفرض وكذلك العاجز عن الركوع والسجود والقراءة إذا استحله فهو كافر بلا ريب.
ومعلوم أنه إن علم أنه بعد الوقت يمكنه أن يصلى بإتمام الركوع والسجود والقراءة، كان الواجب عليه أن يصلى في الوقت لإمكانه.
وأما قول بعض أصحابنا: إنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها إلا لناوٍ لجمعها أو مشتغل بشرطها، فهذا لم يقله قبله أحد من الأصحاب، بل ولا أحد من سائر طوائف المسلمين، إلا أن يكون بعض أصحاب الشافعي، فهذا أشك فيه. ولا ريب أنه ليس على عمومه وإطلاقه بإجماع المسلمين، وإنما فيه صورة معروفة، كما إذا أمكن الواصل إلى البئر أن يضع حبلا يستقى، ولا يفرغ إلا بعد الوقت، وإذا أمكن العريان أن يخيط له ثوبًا ولا يفرغ إلا بعد الوقت، ونحو هذه الصور. ومع هذا، فالذي قاله في ذلك خلاف المذهب المعروف عن أحمد وأصحابه وخلاف قول جماعة علماء المسلمين من الحنفية والمالكية وغيرهم.
وما أعلم من يوافقه على ذلك إلا بعض أصحاب الشافعي، ومن قال ذلك فهو محجوج بإجماع المسلمين على أن مجرد الاشتغال بالشرط لا يبيح تأخير الصلاة عن وقتها المحدود شرعًا، فإنه لو دخل الوقت وأمكنه أن يطلب الماء وهو لا يجده إلا بعد الوقت، لم يجز له التأخير باتفاق المسلمين، وإن كان مشتغلا بالشرط. وكذلك العريان لو أمكنه أن يذهب إلى قرية ليشترى له منها ثوبًا، وهو لا يصل إلا بعد خروج الوقت، لم يجز له التأخير بلا نزاع.
والأمي كذلك إذا أمكنه تعلم الفاتحة وهو لا يتعلمها حتى يخرج الوقت، كان عليه أن يصلى في الوقت، وكذلك العاجز عن تعلم التكبير والتشهد إذا ضاق الوقت صلى بحسب الإمكان، ولم ينتظر وكذلك المستحاضة لو كان دمها ينقطع بعد الوقت، لم يجز لها أن تؤخر الصلاة لتصلي بطهارة بعد الوقت، بل تصلي في الوقت بحسب الإمكان.
وأما حيث جاز الجمع فالوقت واحد، والمؤخرليس بمؤخر عن الوقت الذي يجوز فعلها فيه، بل في أحد القولين أنه لا يحتاج الجمع إلى النية، كما قال أبو بكر. وكذلك القصر، وهو مذهب الجمهور: كأبى حنيفة ومالك.
وكذلك صلاة الخوف تجب في الوقت، مع إمكان أن يؤخرها فلا يستدبر القبلة، ولا يعمل عملا كثيرًا في الصلاة، ولا يتخلف عن الإمام بركعة، ولا يفارق الإمام قبل السلام، ولا يقضى ما سبق به قبل السلام، ونحو ذلك مما يفعل في صلاة الخوف، وليس ذلك إلا لأجل الوقت، وإلا ففعلها بعد الوقت ولو بالليل ممكن على الإكمال.
وكذلك من اشتبهت عليه القبلة، وأمكنه تأخير الصلاة إلى أن يأتى مصرًا، يعلم فيه القبلة لم يجز له ذلك، وإنما نازع من نازع إذا أمكنه تعلم دلائل القبلة، ولا يتعلمها حتى يخرج الوقت. وهذا النزاع هو القول المحدث الشاذ الذي تقدم ذكره.وأما النزاع المعروف بين الأئمة في مثل ما إذا استيقظ النائم في آخر الوقت، ولم يمكنه أن يصلى قبل الطلوع بوضوء: هل يصلى بتيمم؟ أو يتوضأ ويصلى بعد الطلوع؟ على قولين مشهورين:
الأول: قول مالك، مراعاة للوقت.
الثانى: قول الأكثرين كأحمد والشافعي وأبى حنيفة.
وهذه المسألة هي التي توهم من توهم أن الشرط مقدم على الوقت، وليس كذلك، فإن الوقت في حق النائم هو من حين يستيقظ. كما ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، فإن ذلك وقتها). فجعل الوقت الذي أوجب الله على العبد فيه هو وقت الذكر والانتباه، وحينئذ، فمن فعلها في هذا الوقت بحسب ما يمكنه من الطهارة الواجبة فقد فعلها في الوقت، وهذا ليس بمفرط ولا مضيع لها. قال النبي : (ليس في النوم تفريط؛ إنما التفريط في اليقظة).
بخلاف المتنبه من أول الوقت فإنه مأمور أن يفعلها في ذلك الوقت، بحيث لو أخرها عنه عمدًا كان مضيعًا مفرطًا، فإذا اشتغل عنها بشرطها وكان قد أخرها عن الوقت الذي أمر أن يفعلها فيه، ولولا أنه مأمور بفعلها في ذلك الوقت، لجاز تأخيرها عن الوقت، إذا كان مشتغلا بتحصيل ماء الطهارة، أو ثوب الاستعارة، بالذهاب إلى مكانه ونحو ذلك، وهذا خلاف إجماع المسلمين. بل المستيقظ في آخر الوقت إنما عليه أن يتوضأ كما يتوضأ المستيقظ في الوقت، فلو أخرها لأنه يجد الماء عند الزوال ونحو ذلك، لم يجز له ذلك.
وأيضًا، فقد نص العلماء على أنه إذا جاء وقت الصلاة ولم يصل، فإنه ي***، وإن قال: أنا أصليها قضاء. كما ي*** إذا قال: أصلى بغير وضوء، أو إلى غير القبلة، وكل فرض من فرائض الصلاة المجمع عليها إذا تركه عمدًا، فإنه ي*** بتركه. كما أنه ي*** بترك الصلاة.
فإن قلنا: ي*** بضيق الثانية والرابعة، فالأمر كذلك، وكذلك إذا قلنا: ي*** بضيق الأولى وهو الصحيح أو الثالثة، فإن ذلك مبنى على أنه: هل ي*** بترك صلاة، أو بثلاث؟ على روايتين.
وإذا قيل بترك صلاة: فهل يشترط وقت التي بعدها، أو يكفى ضيق وقتها؟ على وجهين. وفيها وجه ثالث: وهو الفرق بين صلاتى الجمع وغيرها. ولا يعارض ما ذكرناه أنه يصح بعد الوقت؛ بخلاف بقية الفرائض؛ لأن الوقت إذا فات لم يمكن استدراكه، فلا يمكنه أن يفعلها إلا فائتة، ويبقى إثم التأخير من باب الكبائر التي تمحوها التوبة ونحوها، وأما بقية الفرائض، فيمكن استدراكها بالقضاء.
وأما الأمراء الذين كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، ونهى النبي عن قتالهم، فإن قيل: إنهم كانوا يؤخرون الصلاة إلى آخر الوقت، فلا كلام، وإن قيل وهو الصحيح: إنهم كانوا يفوتونها، فقد أمر النبي الأمة بالصلاة في الوقت. وقال: (اجعلوا صلاتكم معهم نافلة). ونهى عن قتالهم، كما نهى عن قتال الأئمة إذا استأثرو وظلموا الناس حقوقهم، واعتدوا عليهم، وإن كان يقع من الكبائر في أثناء ذلك ما يقع.
ومؤخرها عن وقتها فاسق، والأئمة لا يقاتلون بمجرد الفسق، وإن كان الواحد المقدور قد ي*** لبعض أنواع الفسق كالزنا، وغيره فليس كلما جاز فيه ال***، جاز أن يقاتل الأئمة لفعلهم إياه؛ إذ فساد القتال أعظم من فساد كبيرة يرتكبها ولى الأمر.
ولهذا نص من نص من أصحاب أحمد وغيره على أن النافلة تصلي خلف الفساق؛ لأن النبي أمر بالصلاة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة حتى يخرج وقتها، وهؤلاء الأئمة فساق، وقد أمر بفعلها خَلْفَهم نافلة.
والمقصود أن الفسق بتفويت الصلاة أمر معروف عند الفقهاء.
لكن لو قال قائل: الكبيرة تفويتها دائمًا، فإن ذلك إصرار على الصغيرة.
قيل له: قد تقدم ما يبين أن الوعيد يلحق بتفويت صلاة واحدة.
وأيضًا، فإن الإصرار هو العزم على العود، ومن أتى صغيرة وتاب منها ثم عاد إليها، لم يكن قد أتى كبيرة.
وأيضًا، فمن اشترط المداومة على التفويت، محتاج إلى ضابط، فإن أراد بذلك المداومة على طول عمره، لم يكن المذكورون من هذا الباب، وإن أراد مقدارًا محدودًا طولب بدليل عليه.
وأيضًا، فال*** بترك واحدة أبلغ من جعل ذلك كبيرة. والله سبحانه أعلم.
__________________
رد مع اقتباس
  #44  
قديم 16-12-2009, 08:01 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

سئل عن مسلم تارك للصلاة ويصلي الجمعة

وسئل عن مسلم تارك للصلاة، ويصلي الجمعة. فهل تجب عليه اللعنة؟
فأجاب:
الحمد لله، هذا استوجب العقوبة باتفاق المسلمين، والواجب عند جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد أن يستتاب، فإن تاب وإلا ***، ولعن تارك الصلاة على وجه العموم، وأما لعنة المعين فالأولى تركها، لأنه يمكن أن يتوب. والله أعلم.
__________________
رد مع اقتباس
  #45  
قديم 16-12-2009, 08:02 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الأذان والإقامة

سئل عن الأذان هل هو فرض أم سنة

وسئل عن الأذان. هل هو فرض أم سنة؟ وهل يستحب الترجيع أم لا؟ وهل التكبير أربع أو اثنتان كمالك؟ وهل الإقامة شفع أو فرد؟ وهل يقول قد قامت الصلاة مرة أو مرتين؟
فأجاب:
الصحيح أن الأذان فرض على الكفاية، فليس لأهل مدينة ولا قرية أن يدعوا الأذان والإقامة، وهذا هو المشهور من مذهب أحمد وغيره.
وقد أطلق طوائف من العلماء أنه سنة. ثم من هؤلاء من يقول: إنه إذا اتفق أهل بلد على تركه قوتلوا، والنزاع مع هؤلاء قريب من النزاع اللفظي. فإن كثيرًا من العلماء يطلق القول بالسنة على ما يذم تاركه شرعًا، ويعاقب تاركه شرعًا، فالنزاع بين هذا وبين من يقول: إنه واجب، نزاع لفظي، ولهذا نظائر متعددة.
وأما من زعم أنه سنة لا إثم على تاركيه ولا عقوبة، فهذا القول خطأ. فإن الأذان هو شعار دار الإسلام، الذي ثبت في الصحيح أن النبي كان يعلق استحلال أهل الدار بتركه، فكان يصلى الصبح، ثم ينظر فإن سمع مؤذنًا لم يغر، وإلا أغار. وفى السنن لأبي داود والنسائي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله يقول: ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن، ولا تقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإن الذئب يأكل الشاة القاصية. وقد قال تعالى: { اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [37].
وأما الترجيع وتركه، وتثنية التكبير وتربيعه، وتثنية الإقامة وإفرادها، فقد ثبت في صحيح مسلم والسنن حديث أبي مَحْذُورة الذي علمه النبي الأذان عام فتح مكة، وكان الأذان فيه وفى ولده بمكة، ثبت أنه علَّمَه الأذان والإقامة، وفيه الترجيع. وروى في حديثه التكبير مرتين كما في صحيح مسلم. وروي أربعًا كما في سنن أبي داود وغيره. وفى حديثه أنه علمه الإقامة شفعًا. وثبت في الصحيح عن أنس بن مالك قال: لما كثر الناس، قال: تذاكروا إن يعلموا وقت الصلاة بشىء يعرفونه فذكروا أن يوروا نارًا، أو يضربوا ناقوسًا، فأمر بلالا أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة. وفى رواية للبخاري: إلا الإقامة. وفى سنن أبي داود وغيره، أن عبد الله بن زيد لما أري الأذان، وأمره النبي أن يلقيه على بلال، فألقاه عليه، وفيه التكبير أربعًا، بلا ترجيع.
وإذا كان كذلك، فالصواب مذهب أهل الحديث، ومن وافقهم، وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي ، لا يكرهون شيئًا من ذلك؛ إذ تنوع صفة الأذان والإقامة، كتنوع صفة القراءات والتشهدات، ونحو ذلك. وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله لأمته.
وأما من بلغ به الحال إلى الاختلاف والتفرق حتى يوالي ويعادي ويقاتل على مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى، كما يفعله بعض أهل المشرق، فهؤلاء من الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعًا. وكذلك ما يقوله بعض الأئمة ولا أحب تسميته من كراهة بعضهم للترجيع، وظنهم أن أبا مَحْذُورة غلط في نقله، وأنه كرره ليحفظه، ومن كراهة من خالفهم لشفع الإقامة، مع أنهم يختارون أذان أبي محذورة. هؤلاء يختارون إقامته، ويكرهون أذانه، وهؤلاء يختارون أذانه، ويكرهون إقامته. فكلاهما قولان متقابلان. والوسط أنه لا يكره لا هذا ولا هذا.
وإن كان أحمد وغيره من أئمة الحديث يختارون أذان بلال وإقامته؛ لمداومته على ذلك بحضرته، فهذا كما يختار بعض القراءات والتشهدات ونحو ذلك. ومن تمام السنة في مثل هذا: أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة، وهذا في مكان، وهذا في مكان؛ لأن هجر ما وردت به السنة، وملازمة غيره، قد يفضى إلى أن يجعل السنة بدعة، والمستحب واجبًا ويفضي ذلك إلى التفرق والاختلاف، إذا فعل آخرون الوجه الآخر.
فيجب على المسلم أن يراعي القواعد الكلية، التي فيها الاعتصام بالسنة والجماعة، لاسيما في مثل صلاة الجماعة. وأصح الناس طريقة في ذلك هم علماء الحديث، الذين عرفوا السنة واتبعوها؛ إذ من أئمة الفقه من اعتمد في ذلك على أحاديث ضعيفة، ومنهم من كان عمدته العمل الذي وجده ببلده، وجعل ذلك السنة دون ما خالفه، مع العلم بأن النبي
وربما جعل بعضهم أذان بلال وإقامته ما وجده في بلده: إما بالكوفة، وإما بالشام، وإما بالمدينة. وبلال لم يؤذن بعد النبي إلا قليلا، وإنما أذن بالمدينة سعد القُرَظِى مؤذن أهل قباء.
والترجيع في الأذان اختيار مالك والشافعي؛ لكن مالك يرى التكبير مرتين، والشافعي يراه أربعا، وتركه اختيار أبي حنيفة. وأما أحمد، فعنده كلاهما سنة وتركه أحب إليه؛ لأنه أذان بلال.
والإقامة يختار إفرادها مالك والشافعي وأحمد، وهو مع ذلك يقول: إن تثنيتها سنة، والثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد يختارون تكرير لفظ الإقامة، دون مالك، والله أعلم.
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:15 PM.