#31
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا |
#32
|
||||
|
||||
__________________
|
#33
|
||||
|
||||
(16) الـــعــــــطــــــــــار هـــــو: حسن محمد محمود العطار. الإمام الشيخ العلاّمة مولده: وُلِد بالقاهرة في سنة 1766م. كان أبوه فقيرًا يعمل عطارًا، من أصل مغربي وكان له إلمام بالعلم، وكان حسن يساعد والده في دكّانه، ولما رأى منه الوالد حُباً للعلم، وإقبالاً على التعلم شجّعه على ذلك، فأخذ يتردد على حلقات العلم بالأزهر. شــيـــوخــــه: الإمام العلامة/ محمد مرتضى الزبيدي، وفضيلة الشيخ/ محمد الأمير. وفضيلة الشيخ/ محمد الصبان، وفضيلة الشيخ/ أحمد يونس. وفضيلة الشيخ/ عبد الرحمن المغربي. وفضيلة الشيخ/ أحمد السجاعي، وفضيلة الإمام الشيخ/ أحمد العروسي، وفضيلة الإمام الشيخ/ عبد الله الشرقاوي، وفضيلة الإمام الشيخ/ محمد الشنواني، وفضيلة الشيخ/ عبد الله سويدان، وفضيلة الشيخ/ محمد عرفة الدسوقي؛ وغيرهم. صــفـــاتــــه: يُذكَر أنه كان طويلاً بعيد ما بين المنكبين واسع الصدر أسمر اللون خفيف اللحية صافي العينين حاد النظر حاد الفطنة شديد الذكاء ... جَدٌّ في التّحصيل، حتى بلغ من العلم في زمن قليل مبلغاً تميز به واستحق التّصدي للتّدريس ولكنه مال إلى الاستكمال، واشتغل بغرائب الفنون والتقاط فوائدها كالطب والفلك والرياضة. موقفه من الحملة الفرنسية: عندما احتل الفرنسيون مصر سنة 1798م، كان العطار في الثانية والثلاثين من عمره، وبدلاً من مجابهة هذا العدوان فرّ إلى الصّعيد خوفاً على نفسه من أذاهم؛ ومكث العطار في الصعيد نحو 18 شهراً تقريباً، لكنه عاد بعدها إلى القاهرة بعد استتباب الأمن، وعندما عاد إلى القاهرة تعرّف ببعض علماء الحَملة، واطّلع على كتبهم وتجاربهم وما معهم من آلات عِلمية فلكية وهندسية، كما اشتغل بتعليم بعضهم اللغة العربية، فأفاد منهم واطلع على علومهم، واشتغل أثناء الحملة الفرنسية بالتّدريس في الأزهر. سفره خارج مصر: وبعد ذلك ارتحل إلى بلاد الروم والشام والأراضي الحجازية سنة 1802م، ومن المُرجَّح أنه هرب بعد خروج الفرنسيين من مصر، لِما كان له من علاقات جيّدة معهم أثارت عليه سخط رجال الدين ... وقد زار تركيا ونزل بعاصمتها القسطنطينية، وأقام في ألبانيا مدة طويلة وسكن ببلد تدعي اشقودره من بلاد الأرناؤوط وتزوج بها ثم دخل بلاد الشام سنة 1810م وعمل هناك في التدريس وأقام بها خمس سنين. مهمة إصلاح البلاد: ثم عاد إلى مصر سنة 1815م، وكانت الأمور في مصر قد استقرّت وصارت ولاية البلاد لمحمد علي باشا، فعاد إلى التدريس بالأزهر، وكان له اتصال خاص بسامي باشا وأخويه باقي بيك وخير الله بيك ضابط مصر وله عليهم مشيخة وبواسطتهم ولِقُربهم من محمد علي باشا كان يلقاه فيُجلِّه الأخير ويُعظّمه ويعرف فضله ... كما كان حريصاً على مساعدة محمد على في تطوير مصر، فكانت له يد في إنشاء المدارس الفنية العالية مثل الألسن والطب والهندسة والصيدلة ... وكان العطار قد أخذ على نفسه أن يعدّ الرجال الصالحين للقيام بمهمة الإصلاح، ومن أهم من أعدهم لذلك تلميذاه رفاعة الطهطاوي، ومحمد عياد الطنطاوي. لم يكتفِ الشيخ العطار بذلك، بل إنه استغل قربه من محمد علي والي مصر، وثقة الوالي به، وأوعز إليه بضرورة إرسال البعثات إلى أوروبا لتحصيل علمها، وأوصى بتعيين تلميذه رفاعة الطهطاوي إماماً لأعضاء البعثة العلمية إلى باريس، وأوصى الطهطاويَّ بأن يفتح عينيه وعقله، وأن يدوّن يوميات عن رحلته، وهذه اليوميات هي التي نشرها الطهطاوي بعد ذلك. فالشيخ العطار رُزِق حظاً كبيراً من التوفيق في الدعوة إلى إصلاح التعليم بالبلاد كلها، فالمدارس العالية الفنية التي أنشئت بمصر في ذلك العهد كالهندسة والطب والصيدلة، هي الاستجابة الحقيقية لدعوة العطار وتطلعاته ومناداته بحتمية التغيير للأحوال في البلاد. نشأة التعليم الطبي: حدث يوماً أن حاول أحد الطلاب أن يفتك بالطبيب كلود بك وهو يمارس تشريح جثة في مشرحة مدرسة الطب بأبي زعبل، فهمّ بأن يطعنه بخنجره مرتين ولكن الطلاب حموه، من أن يصاب بسوء فوقف شيخ الأزهر "حسن العطار" في امتحان مدرسة الطب يصدع برأي الدين في تعليم الطب ويشيد بفائدته في تقدّم الإنسانية فكانت هذه الشجاعة في إحقاق الحق بمثابة الفتوى التي اعتبرت نقطة انطلاق للتعليم الطبي، وذلك بفضل الله على لسانه. كما كان للشيخ العطار موقف متكامل من مشكلات مجتمعه الثقافية والتعليمية والأدبية والسياسية، حاول أن يُشخّص هذا الواقع ويحدد جوانب الضعف فيه، كما نادى بضرورة تغييره ورسم برنامج هذا التغيير وعهد بأمانة هذا الشيء ومستقبله إلى تلاميذه من بعده. أوّل محرر لأول جريدة عربية مصرية: اختير العطار كأول محرر لأول جريدة عربية مصرية وهي الوقائع الرسمية التي أنشأها محمد علي سنة 1828م، وجعلها لسان حال الحكومة والجريدة الرسمية للدولة، ولعل سر اختياره كأول محرر للوقائع المصرية يكمن وراء جمال أسلوبه في الكتابة. ولايته لمشيخة الأزهر: أصبح العطار شيخاً للأزهر الشريف وهو في الخامسة والستين من عمره، وذلك سنة 1830م، وظلّ في هذا المنصب لمدة 5 سنوات. كان العطار شاعراً، ومؤلفاً للكتب، ومحققاً للمخطوطات، كتب الشعر التعليمي والموشحات وشعر الوصف والرثاء والمدح والهجاء، وكتب ورسائل في قواعد الإعراب والنحو والمنطق وآداب البحث والتّشريح والطّب والصيدلة وفي الهندسة والبلاغة، وكيفية عمل الإسطرلاب والربعين المقنطر والمجيب وإتقان رسم المزاول الليلية والنهارية ورسائل في الرمل؛ وغير ذلك ... وذلك إلى جانب تصانيفه في العلوم الشرعية. قــالـــوا عــنـــه: عَرف الكثيرون فضل الشيخ/ حسن العطار في العِلم، وأهمية دوره في إيقاظ مصر وإصلاحها. - فقال عنه الجبرتي: "صاحبنا العلامة، وصديقنا الفهامة، المنفرد الآن بالعلوم الحكمية، والمشار إليه في العلوم الأدبية، وصاحب الإنشاء البديع والنظم الذي هو كزهر الربيع". - وقال محب الدين الخطيب: " كان العطار متضلعاً في العلوم الرياضية فضلاً عن العلوم الشرعية والعربية". - وقال عبد الرحمن الرافعي: "كان الشيخ حسن العطار من علماء مصر الأعلام، وامتاز بالتضلع في الأدب وفنونه، والتقدم في العلوم العصرية، وكان هذا نادراً بين علماء الأزهر". - وقال علي مبارك: "اشتغل بضرائب الفنون والتقاط فوائدها". - وقال الطهطاوي: "كان له وُلُوع شديد بسائر المعارف البشرية". ومــن أقـــوالـــه: - "إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدّد بها من المعارف ما ليس فيها". - "مَن سَمَتْ هِمّته به إلى الاطلاع على غرائب المؤلفات، وعجائب المصنّفات، انكشفت له حقائق كثير من دقائق العلوم، وتنزّهت فكرته إن كانت سليمة في رياض الفهوم". وفــاتـــه: توفي الشيخ العطار في سنة 1835م، وله 69 سنة.
__________________
|
#34
|
||||
|
||||
(17) الــقــــويـــــســــــنـــــــــي هـــــو: حسن درويش عبد الله مطاوع القُوَيْسِني؛ الشافعي المذهب. الإمام الشيخ، العَالِم، الزَّاهِد، العَابِد، الصَّدَّاع بالحق، المُجاب الدَّعوَة مولده: وُلِد في قويسنا التابعة لمحافظة المنوفية، وإليها نُسِب؛ ولا يُعرَف له تاريخ مولد. نشأته وتعليمه: حفظ القرآن الكريم في قريته ثم رحل إلى القاهرة، والتحق بالأزهر الشريف ليدرس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، على أيدي كبار علماء عصره واندمج مع طلابه، وصار يُدرّس العلم لطلاب الأزهر على الرغم من أنه كان كفيف البصر. شيوخه: درس القُوَيْسِني على يد العديد من الشيوخ، منهم: الإمام الشيخ/ محمد العروسي، والإمام الشيخ/ أحمد الدمهوجي، والإمام الشيخ/ حسن العطار. تولّيه مشيخة الأزهر: اختاره الوالي وبإجماع العلماء وعدم وجود مَن يملأ الفراغ بعد الشيخ/ العطار، وهذا يدل على مكانته العلمية، وكان ذلك في سنة 1834م، ومكث بها أربع سنين. صفاته: كان القُوَيْسِني مَهِيبًا جدًّا، قوي الشخصية عند الأمراء وغيرهم، ذا عقل راجح ولسان وذكاء وذهن متوقّد، ورغبة قوية في تحصيل العلم والمعارف، وكان لا يسمع حديثًا إلا حفظه، ولا مقالًا إلا وعاه ورسخ في ذاكرته، ويعيده كما هو من غير نقص! وكان زاهدًا متصوفًا وقورًا عزيز النفس عالي الهمة، مع أنه كان فقيرًا معدمًا، وأراد الوالي أن ينعم عليه بشيء من متاع الدنيا فأبت نفسه ذلك وعلى الرغم من كَفِّ بصره فقد كان يزاول مهام منصبه، ويدير شئون الأزهر بكل اقتدار. تلاميذه: من تلاميذ الشيخ العديد من العلماء، نذكر منهم: فضيلة الشيخ/ الباجوري وفضيلة الشيخ/ الذهبي، وفضيلة الشيخ/ البناني، ورفاعة الطهطاوي؛ وغيرهم. مواقفه وكراماته: كان القُوَيْسِني معروفًا بمواقفه العظيمة والتي سُطِّرت بأحرف من ذهب في سيرته، كما كان مجاب الدعوة ... منها: - أنه دعا على الشيخ محمد الأمير "الصغير" بخراب بيته فخُرب، وله في ذلك قصة ... أنه ذهب إلى محمد على باشا، في أحد المرات في القلعة وقال له: "أنت مُتنعِّم، تأكل وتشرب وفي غاية من اللّذة، وأهل الأزهر ماتوا بالجوع وقلة المصرف، مع صبرهم على العمل والسَّهَر وطَلَبِ العلم والمجاهدة، وأكثر من ذلك". وكان محمد علي يهابه ويُجِلّه، فقال له: "مرحباً يا سيدي الشيخ، نعطيهم ما يكفيهم"؛ فلما غادر من عنده تأثّر الباشا من شدة الكلام، فدخل عليه الشيخ/ محمد الأمير المالكي، فأخبره الباشا بمقالة الشيخ؛ فقال الأمير: "يا أفندينا، اتركه فإنه مجنون". وعندما وصل إلى القُوَيْسِني كلام الأمير رجع إلى القلعة بالبغلة وبالطربوش وبغير عِمامة، وقال للباشا محمد علي: "أعطني قَوّاس"، وأمره أن يقول بِمثل ما يقول، فأعطاه محمد علي ما أراد، ونزل الشيخ القويسني وأخذ ينادي بأعلى صوته: "يا حي، يا قدير، أخرب بيت الأمي"، يقول مرة والقواس أخرى، ومِن خَلْفِه الناس إلى أن وصل إلى داره، فما تم أقل من أسبوع إلا ومات الأمير وقرابته، وخُرّب بيته وأُغلقت. - ومن مواقفه أيضاً: أن زاوية "مسجد" في حارة المسيحيين خُرِبت، فأراد النصارى أن يشتروها، ويعملوها كنيسة، ويستبدلوا زاويةً غيرها في مجامع المسلمين، وأفتوهم العلماء بصحة الاستبدال؛ فلما سمع الشيخ القُوَيْسِني ذلك، دخل على حبيب أفندي كيخية وقال له: "كيف يجوز مِن الله؟! وأي علماء أفتوا بذلك؟!" وتهدد على الكيخيا بالكلام، وسَبّه، فهبّ من الديوان مِن هَيبة الشيخ، ثم نادى القُوَيْسِني بأعلى صوته: "يا نارُ خُذيهم"، إلى أن وصل بيته، فثارت النار في حارة المسيحيين وأحرقتهم وبيوتهم عن آخرهم في الحِيْن وكنيستهم إلا الزاوية المذكورة، فإنها لم تقربها ولم تمسها بسوء، وعَظُم الحريق في حارة المسحيين من جهة الموسكي. - ومن مواقفه أيضاً: عندما طلب محمد علي باشا الاستسقاء، فأحضره إلى الديوان، وقال له: "نريد أن تستقي بالناس"، فقال له القُوَيْسِني: "كيف تستسقون مع وجود هذه الخمّارات والكرخانات التي بها الزِّنى؟!" فأمر محمد علي برفع سائر الخمارات، وأبطل الكرخانات. وفــاتـــه: توفي الشيخ القُوَيْسِني في عام 1838م، ودُفِن بمسجد الشيخ/ على البيومي بعد أن صُلي عليه بالجامع الأزهر.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 26-06-2016 الساعة 07:36 AM |
#35
|
||||
|
||||
(18) أحــمـــد الــصـــائـــــم هـــــو: أحمد عبد الجواد السفطي؛ الشافعي المذهب، والشَّهير بالشيخ أحمد الصائم. مــولـــده: وُلِد في قرية سفط العرفاء بمركز الفشن بمحافظة بني سويف؛ ولا يُعرَف تحديدًا متى وُلِد. نـشـأتـه وتـعـلـيـمـه وشـيـوخـه: نشَأ في قريةٍ سفط العرفاء وحَفِظَ القرآن الكريم في كُتَّاب القرية، ثم رحل إلى القاهرة، والتحق بالأزهر الشريف ليدرس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، على أيدي كبار علماء عصره ودرس على أيدي كبار مشايخه، وفي مقدّمتهم: فضيلة الشيخ/ محمد بن محمد السنباوي الشهير بالأمير الكبير، وفضيلة الإمام الشيخ/ الشنواني، وفضيلة الإمام الشيخ/ الدمهوجي؛ حتى أصبح من أصحاب الأعمدة واشتغل بالتَّدريس في الجامع الأزهر. ولايـتــه مـشـيـخــة الأزهــر: تَولَّى السفطي مشيخة الأزهر الشريف عام 1838م، واستمر فيها لمدة تسع سنوات؛ وكان لا يحب الظهور لكثرة انقطاعه للعبادة، وكان متبحرًا في الفقه الشافعي بدرجة لم يبلغها أحدٌ من معاصريه، وكان يؤدي شئون منصبه في كفاءة، وكان حريصًا على رفع شأن الأزهر، وتوفير الكرامة لعلمائه وطُلاَّبه. تــلامــيــــذه: فضيلة الإمام الشيخ/ إبراهيم الباجوري، وفضيلة الإمام الشيخ/ مصطفى العروسي، وفضيلة الإمام الشيخ/ محمد المهدي العباسي؛ وكلهم كانوا شيوخًا للأزهر مِن بعده. -- والمصادر لم تُعطنا صورة واضحة لحياته، وغير كافية عن تاريخه وأعماله، ولم تُعرَف الأسباب التي من أجلها سَلَك المؤرخون هذا المَسْلَك، على الرَّغم من طول مُدَّة جلوسه على كرسي المشيخة، وربما تكون العِلَّة كما تحدّث مع بعض شيوخ الأزهر السابقين: "أنه لا يحب الظُّهور لكثرة انقطاعه للعبادة". وفــاتـــه: تُوفي سنة 1847م، ودُفِن بمقابر المجاورين.
__________________
|
#36
|
|||
|
|||
موضوع رائع شكرا لك
|
#37
|
|||
|
|||
شكرا لك شكرا اخي الكريم
|
#38
|
||||
|
||||
شكرًا جزيلاً لمروركما الكريم
جزاكما الله خيرًا
__________________
|
#39
|
||||
|
||||
(19) إبــراهــــيــــــم الــبــــاجـــــــوري هـــــو: إبراهيم محمد أحمد الباجوري؛ الشافعي المذهب. الإمام الشيخ مــولـــده: وُلِد في بلدة الباجور بمحافظة المنوفية في عام 1784م. نشأته وتعليمه: نشأ الباجوري في قريته "الباجور" وحفظ بها القرآن الكريم وجوَّده على يد والده البرهان الباجوري، ثم رحل إلى القاهرة والتحق بالأزهر الشريف وهو في سن الأربع عشرة عامًا، ليدرس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات؛ لأجل تحصيل الآداب والعلوم الشرعية، وظل يدرس بالجامع الأزهر حتى قدوم الحملة الفرنسية واحتلال مصر سنة 1798م، فخرج من القاهرة وتوجَّه إلى الجيزة وأقام بها مدَّة وجيزة، حوالي 3 سنوات، ثم عاد إليها وإلى الدراسة بالجامع الأزهر الشريف عام 1801م، وجلس للتّدريس في الأزهر والمدارس التّابعة له، وأصبحت له حلقة يؤُمّها الطُّلاب من كل مدينة وقرية، ويتوافد عليها العلماء وتميَّز بالدِّقة في العبارة والإشارة، وفصاحة اللِّسان والبيان، وسعة علومه وثقافته المتنوعة، واهتم بالتَّعليم والتَّحصيل وكان يُرتِّل القرآن الكريم بصوت جميل، وكان يقضي وقته من أول النهار حتى العشاء مع الطُّلاب يُدرِّس لهم، ويُؤلف الكتب، وإذا فرغ من هذا جلس يُرتِّل القرآن الكريم بصوتٍ جميلٍ شجيٍّ يسعى لسماعه مئات الناس. شيوخه: الإمام الشيخ/ عبد الله الشرقاوي، وفضيلة الشيخ/ داود القلعاوي، وفضيلة الشيخ/ محمد الفضالي، والإمام الشيخ/ حسن القويسني وهو أكثر مَن تأثَّر بهم؛ وقد شهد له شيوخه بالصَّدارة في العلوم المختلفة الإسلامية والعربية والثقافية. ولايته للمشيخة: تولَّى الباجوري مشيخة الأزهر الشريف من عام 1847 إلى 1860م، وكان يمتاز بالهَيبة والوقار، والحِرص على إعلاء كرامة علماء الأزهر في مواجهة السُّلطة، وكان عباس باشا الأول والي مصر في عصر الشيخ يحضر دروسه لزيارته والجلوس للاستماع إليه، وكان لا يقوم عند حضوره أو انصرافه وكان يُقَبل يده لقَدره ومَنصبه. وفــاتـــه: تُوفي عام 1859م، بعد إصابته بمرض الحمى، عن 75 عامًا؛ ودُفِن بمقابر المجاورين.
__________________
|
#40
|
||||
|
||||
(20) مــصـــطـــــفــــــى الــعـــــروســــــــي هـــــو: مصطفى محمد أحمد موسى داود العروسي؛ الشافعي المَذهب. الإمام الشيخ مــولـــده: وُلِد بالقاهرة في عام 1798م؛ وهو ابن الإمام الرابع عشر/ محمد أحمد العروسي، وحفيد الإمام الحادي عشر/ أحمد موسى العروسي. نشأته وتعليمه: نشأ الشيخ/ مصطفى العروسي في بيت عِلْم، وحَفظ القرآن الكريم على يد والده الإمام الشيخ/ محمد أحمد العروسي شيخ الجامع الأزهر الأسبق؛ والتحق بالأزهر ودرس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، على أيدي علمائه الكبار. وكان غزير المعرفة في شتَّى العلوم، مشهورًا بالتزام الدِّقة وقوة الشخصية والحرص على النظام، وكانت لا تأخذه في الحق لومة لائم، فهابه المشايخ وخافه الطَّلَبَة، ومضى في طريق الإصلاح بعزمٍ وصرامةٍ، فأبطل كثيرًا من البدع الشائعة والخرافات في ذلك العصر، والتي كادت أن تشوّه صورة الإسلام وتعاليمه وتحجبها عن الأبصار ومن هذه البدع أن كثيرًا ممَن يحفظون القرآن اتجهوا للتكسب به بصورةٍ غير مرضية ... وكان فريقٌ آخر يجلسون للتدريس في الأزهر وليست لديهم الكفاءة لمزاولته، فكان يزورهم في حلقات الدرس ويسمع إليهم ويناقشهم، ويطرد مَن ليس كفؤا للتدريس، ولا يصلح لهذه الوظيفة، ولم يكتفِ بهذا وإنما عزم على عقد لجنة امتحان لكل مَن أراد أن يتصدى للتدريس في الأزهر والمدارس التابعة له ... وهكذا برزت شخصية الرجل وشدة عزيمته وقوة إرادته وظهر للعلماء والطلاب أنهم في عهدٍ جديدٍ لا مكان فيه للكسالى والخاملين، وقد أثار هذا الاتجاه الإصلاحي نفوس بعض الحاقدين عليه، وخافوا على مستقبلهم فبدأوا بمحاربة الرجل والوشاية به، وخوَّفوا المسئولين في البلاد من جرأته وقوة شخصيته. شيوخه: الإمام الشيخ/ إبراهيم الباجوري، والإمام الشيخ/ أحمد بن عبد الجواد السفطي، والإمام الشيخ/ حسن القويسني؛ وكانوا جميعًا من مشايخ الأزهر الشريف. فترة ولايته للمشيخة: عندما أضعف المرض الإمام/ إبراهيم الباجوري شيخ الأزهر السابق للشيخ مصطفى العروسي واقعده بمنزله نظراً لتقدّمه في السِّن، صدر القرار بإنابة أربعة وكلاء عنه في القيام بشئون الأزهر، وكان يرأسهم الإمام/ مصطفى العروسي، وما إن توفي الشيخ/ الباجوري حتى تولى الشيخ/ العروسي المشيخة سنة 1864م، كما تولاها من قبل أبوه وجده ... وكان يرأس البلاد في تلك الآونة الخديوي/ إسماعيل الذي كان يخشى أي ثورةٍ شعبيةٍ ضدَّه نتيجة الديون التي أوقع مصر فيها فقام الخديوي بعزل الإمام/ العروسي من منصب مشيخة الأزهر في سنة 1870م؛ ولم تذكر المصادر التاريخية سببًا لهذا العزل غير المسبوق، ومن المعلوم أن لمنصب شيخ الأزهر جلاله وهيبته في نفوس الحُكَّام والشعب، وكان قرار العزل أيضًا مفاجأة لم يتوقعه الشيخ نفسه. وتبادر إلى الأذهان أن العزل راجعٌ إلى مسألة المتسولين بالقرآن، ومع ما فعله من امتحان من أراد التدريس بالأزهر من العلماء وغيرهم، مما دفع الجميع للاتصال بالحُكَّام طلبًا لحمايتهم من صرامة الشيخ وحزمه. وهناك رواية أخرى تقول: إن الخديوي إسماعيل اِستاء من شعبية الشيخ/ العروسي شيخ الأزهر، فأراد عزله ولكنه خشي الفتنة؛ لأنه شيء لم يقع من قبل لأحد من مشايخ الأزهر، فأخذ في جس نبض العلماء وسَبر غَورهم في ذلك، فهوَّن عليه الشيخ حسن العدوي الأمر، فسُرَّ الخديوي وبادر إلى عزل الشيخ/ العروسي؛ وكان العدوى يطمع فيها، وما قال ما قال إلا توطئةً لنفسه فأخلف اللهُ ظنَّه، وتولى الشيخ/ المهدي. وفــاتـــه: وبعد أن عاش ستة سنوات في منزله في ألم نفسي ومَرَضي، توفي في سنة 1876م، وله 78 سنة؛ ولم يذكر التاريخ أين دُفِن وهل صُلِّيَ عليه في الأزهر وأُجريت له المراسم المعتادة أم لا؟!
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 16-09-2016 الساعة 07:53 AM |
#41
|
||||
|
||||
(21) الــمــــهــــــدي الــعـــبــــاســـــي هـــــو: محمد محمد أمين محمد المهدي الكبير، الحَنَفِي المَذهب. الإمام الشيخ، وأصغر مفتي للديار المصرية سِنًّا مــولـــده: وُلِد الشيخ بمدينة الإسكندرية عام 1827م. مِن التلمذة إلى الإفتاء: سَلَك محمد المهدي طريق العلم مثل جده وأبيه، فحفظ القرآن الكريم ومتون الفقه والحديث والنحو، وتردَّد على حلقات العِلم، ولزم الشيخ إبراهيم/ السقا الشافعي، والشيخ/ خليل الرشيد الحنفي، والشيخ/ الببتاتي وغيرهم، ولما تولى إبراهيم باشا بن محمد ولاية مصر استدعى محمد المهدي، وأصدر أمرًا بأن يتولى منصب الإفتاء في 1847م خلفًا للشيخ/ أحمد التميمي، المفتي السابق له. وكان محمد المهدي حين وُلِّي هذا المنصب الجليل في الحادية والعشرين من عمره طَالِب عِلْم يُلازم حلقات العلماء لا يصلح للنهوض بأعباء الفتوى على الرغم من ذكائه الحاد واجتهاده في تحصيل العلم، بل إنه حين استدعي لتولي هذا المنصب كان في حلقة الشيخ/ السقا يتلقَّى منه العِلم! لكن السياسة وأهواءها قد تحيف عن الحق، وتعدل عن العقل والحكمة، وتقدم على الغريب من الأعمال، وهذا ما كان من أمر إبراهيم باشا الذي كان في زيارة إلى عاصمة الخلافة العثمانية ليتسلم من السلطان مرسوم ولايته على مصر، وتقابل هناك مع عارف بك، فأوصاه خيرًا بذرية الشيخ محمد المهدي الكبير، وأن يولي منهم مَن يصلح لمنصب أبيه، فاستجاب إبراهيم باشا لوصيته وحرص على استرضائه، فعزل المفتي القديم، وأقام محمد المهدي في منصبه، وهو لا يزال غض الإهاب، لم يتجاوز مرحلة طلب العلم! وحلًّا لهذا المعضلة عُقد للمفتي الجديد مجلس بالقلعة حضره الإمام/ مصطفى العروسي شيخ الجامع الأزهر وكبار العلماء، واتفقوا على تعيين أمينًا للفتوى يقوم بشئونها حتى يتأهل صاحبها، ويباشرها بنفسه. ولم يفقد المنصب الجليل الحكمة لدى المفتي الشاب ويظن أنه تولاه عن جدارة واستحقاق، فانكب على القراءة والدرس حتى يكون أهلاً لما اختير له، وما هي إلا سنوات معدودة حتى أصبح جديرًا بالمنصب، مؤهلاً للتدريس في الأزهر بين فحول العلماء. وجمع فضيلة الشيخ إلى جانب العلم وسعة الاطلاع ودقة الفهم ورعًا وزهدًا وصلاحًا، فلم يخشَ في الحق لومة لائم، ويصدع بالحق دون خوف أو وجل ... فحين أراد عباس الأول والي مصر أن يستولى على ثروة أسرة محمد علي بحجة أنه جاء إلى مصر لا يملك دينارًا أو درهما، وأن ما في أيدي أسرته إنما هو مال الأمة يجب رده إليها، وقف له المفتي وامتنع عن إصدار فتوى تبيح للوالي الإقدام على مثل هذا العمل، فحاول إكراهه وتهديده، فازداد امتناع الشيخ ولم يأبه لتهديدات الوالي. ولايته لمشيخة الأزهر: وفي عهد الخديوي إسماعيل تولَّى محمد المهدي مشيخة الأزهر وكان ذلك في سنة 1870م، خلفًا للشيخ/ مصطفى العروسي، مع احتفاظه بمنصب الإفتاء، فكان أول مَن جمع بين المنصبين وأول حنفي يتولى مشيخة الأزهر، وكان عادة يتولى المشيخة العلماء من أصحاب المذهب الشافعي. وكان الشيخ/ محمد المهدي عند حُسن الظن، فباشر عمله بكل حزم ونشاط، وشرع في تنظيم شئون الأزهر الإدارية والمالية، وأعاد لأهل الأزهر ما كان لهم من رواتب شهرية وسنوية، وتشدد في إنفاق أموال الأوقاف على مستحقيها وفق الشروط التي وضعها الواقفون. ثم استصدر قرارًا من الخديوي بوضع قانون للتدريس بالأزهر، فاستجاب له، وكان هذا أول خطوة في إصلاح نُظُم الأزهر وتطوير الدراسة به، واختيار القائمين على التدريس به وفق شروط موضوعية، وكان المعتاد أن يجلس للتدريس بالأزهر مَن يجد في نفسه قدرة على التدريس، فإذا أقره شيوخه على هذا بعد حضور دروسه استمر في عمله، وكانت هذه الطريقة ينفذ من خلالها مَن ليس أهلاً للتدريس بفعل المجاملة والتساهل. واقتضى النظام الذي قدمه شيخ الأزهر أن يُمتحن الطالب الذي يرغب في الجلوس للتدريس أمام لجنة من ستة من كبار علماء الأزهر، ويكون الامتحان في أحد عشر علمًا من العلوم المتداولة بالأزهر، وهي: التفسير، والحديث، والتوحيد، والفقه، وأصوله، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والبديع، والمنطق. وقبل أن يُعقَد له الامتحان يشهد له ثمانية من مشايخه على أقل تقدير أنه جدير بالالتحاق بزُمرة العلماء، ويحدَّد له درس في كل فن مِن الفنون يتولى إعداده، ثم يقوم بعرضه أمام اللجنة المشكلة لاختباره، والتي تسمع درسه، وتتولى هي سؤاله وعليه أن يقنع الحاضرين بأنه قد هضم مسائل العلم التي يطرحها عليهم، فإذا أجاب في كل فن ونال ثناءهم، مُنِح تقديرًا من الدرجة الأولى، وإذا أجاب في أكثر الفنون نال تقديرًا من الدرجة الثانية، وإذا أجاب في أقل من ذلك مُنِح تقديرًا من الدرجة الثالثة. وكان الامتحان عسيرًا، لا يجتازه إلا مِن استعدّ له تمامًا ونجح في إقناع الستة الممتحنين، ولذلك كان كثير من المتقدمين لا يجتازون هذا الامتحان من المرة الأولى، بل تتعدد محاولتهم للحصول على تقدير اللجنة، وكان أغلبية الناجحين من أصحاب الدرجة الثالثة، وبتطبيق هذا النظام كان الشيخ/ محمد المهدي هو أول مَن سنَّ قانونًا بتنظيم الامتحان في الأزهر. في مواجهة الخديوي إسماعيل: أراد الخديوي إسماعيل أن يلحق للأوقاف الأهلية بالأوقاف العمومية ليسهل الاستيلاء عليها، حيث كان ناظرًا عليها، ورغب في أن يعوض أربابها بما يكفل لهم معاشهم، وسأل الفُتيا في ذلك فأفتاه بعض العلماء بجواز ذلك، فكان ذلك مسوغًا له ليشيد في طلب موافقة الإمام الذي أعلن رفضه لما يطلبه الخديوي، ولم يخضع لتهديداته قائلاً: "إنه ليسهل عليه تجرده مما يملك وما ورث عن آبائه على أن يُعلِن أنه حَكَم بغير ما أنزل الله، وأنه حابى بدينه، أو راعه التهديد"، ولم يعد أمام الخديوي سوى أن يعقد جلسة للعلماء؛ لبحث شرعية ما ينوي الإقدام عليه، وانتهى الرأي بالحاضرين من العلماء إلى صواب ما ذهب إليه الإمام الأكبر، فارتفعت مكانته وزادت هيبته بين الحكام. موقفه من عزل الخديوي توفيق: لم يزل الشيخ الكبير موضع إجلال وتقدير من كافة طوائف الناس حتى قامت الثورة العرابية فلم يتجاوب معها، فطلب عرابي من الخديوي توفيق عزله، فأجابه إلى ما طلب، وعزله في عام 1881م، ولما اشتدت الثورة العرابية كتب العلماء وقادة الثورة قرارًا بعزل الخديوي توفيق، وطلبوا منه التوقيع على البيان، فرفض، فلما اشتدوا عليه في الطلب قال لهم: "أنا لا أُوقِّع بيدي، فإذا كان في الأمر غصب، فإن خاتمي معي فخذوه ووقعوا أنتم بأيديكم كما تشاءون"؛ ولعله كان يرى أن الذي يملك عزل الخديوي هو الخليفة العثماني. ولما فشلت الثورة العرابية وعاد الخديوي توفيق إلى الحكم أعاد الشيخ إلى منصبة في 2 من أكتوبر 1882م، تقديرًا منه لعِلمه وفضله، غير أن ذلك لم يمنع الشيخ من أن يعقد جلسات في بيته يؤمها بعض الكبراء والعلماء، يتكلمون في السياسة ويظهرون سخطهم على الاحتلال البريطاني وعلى ممالأة الحكومة المصرية له، فلما نمى ذلك إلى الخديوي توفيق غضب غضبًا شديدًا، وزاد من ذلك أن نوبار باشا "رئيس النظام" اشتكى الخديوي أن شيخ الأزهر يعارض أحكام القضاء، وأنه يتدخل في اختيار القضاة الشرعيين، وكان الشيخ يراعي في اختيارهم العلم والأمانة والدقة، ويحميهم مِن تدخل الحُكَّام. فلمَّا لاَمَه الخديوي توفيق في إحدى المناسبات وخاطبه بغلظة ألاَّ يتدخل فيما لا يعنيه، أجابه الشيخ في عزة بأن طلب إعفاءه من المنصب بحجة أنه كبر سِنّه ولم يعد يتحمل أعباء الأزهر، فغضب الخديوي من رد الإمام الذي لم يكن يتوقعه، فقال له مستفهمًا: "ومن الإفتاء أيضًا؟!" فقال له: "نعم"، ثم انصرف الشيخ، فأمر الخديوي بتعيين الإمام/ الإنبابي شيخًا للأزهر خلفًا للإمام/ المهدي، في 30 من نوفمبر 1886م. الأيام الأخيرة: ظلَّ الشيخ محل تقدير وإجلال ومصدرًا للفتوى بين الناس لما عُرِف عنه من تقوى وصلاح، وكرَّمته دولة الخلافة العثمانية، فمنحه الباب العالي كسوة التشريف من الدرجة الأولى، والوسام العثماني الأول ... وفي سنوات عمره الأخيرة أُصيب بالفالج (الشَّلل) وهو يتوضأ لأداء الصلاة، وظل مريضًا نحو أربع سنوات حتى توفي بالقاهرة في 8 من ديسمبر عام 1897م؛ ودُفِن بمقابر المجاورين في زاوية الحفني جنب أَبِيه وجَدِّه.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 01-09-2016 الساعة 10:34 PM |
#42
|
||||
|
||||
(22) شـمــس الــديـــن الأنـبــابــــي هـــــو: محمد محمد حسين الأنبابي؛ الشافعي المذهب. الإمام الشيخ مــولـــده: وُلِد الأنبابي في عام 1824م؛ وهو منسوب إلى بلدة أنبابة، والمعروفة الآن باسم (إمبابة) وتقع على الشاطئ الغربي للنيل في مواجهة الزمالك، وهي تابعة لمحافظة الجيزة ... ونُسِب الشيخ إلى (أنبابة) لأنه عاش فيها فترة من حياته. نشأته وتعليمه: نشأ الشيخ في إمبابة وحفظ القرآن الكريم بها، وتابع دراسته الأولى فيها، وكان والده من كبار التُّجار، فورث عنه حُبّ التجارة وكانت له وكالة لتجارة الأقمشة في الغورية وتُعرَف باسمه، ولكنه كان ميَّالًا إلى طلب العِلم، فالتحق بالأزهر الشريف ليدرس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، على أيدي كبار علماء عصره. ولم يمرّ عليه غير وقت قليل حتى لَفَت أنظار شيوخه، فأذنوا له بالتدريس بالأزهر والمدارس التابعة له؛ وذلك لما كان يمتاز به من العلم الغزير، ومن حسن الإلقاء وجودة التعبير، وكانت له حلقة كبيرة يتوافد عليها الطلاب والعلماء على السواء، وبدأ دروسه بالنحو وبالكتب الصغيرة أولا ثم أخذ يتدرج حتى وصل إلى الموسوعات، وكان لا يدرِّس كتابًا حتى يكتب عنه تقريرًا مساويًا له في حجمه. صفته: كان الشيخ خيِّرًا، سمح السجايا، كريم الخلق، يقابل السية بالحسنة، إلا لو كانت شيئًا يمسّ الأزهر الشريف، مشهورًا بالتقوى والصلاح وحب الخير، مُعِينًا للضعفاء والمحتاجين. وقد تولى أمانة الفتوى في عهد الإمام الشيخ/ العروسي، والوكالة عنه في إدارة الأزهر، والفصل في قضاياه، والتدريس في الأزهر وتم تعيينه رئيسًا لعلماء المذهب الشافعي بعد وفاة الشيخ/ السقا. شيوخه: دَرَس على يد كبار علماء عصره ومنهم: فضيلة الشيخ/ إبراهيم الباجوري، ورئيس علماء المذهب الشافعي فضيلة الشيخ/ إبراهيم السقا، وفضيلة الشيخ/ مصطفي البولاقي. توليه مشيخة الأزهر: تولى الشيخ الأنبابي مشيخة الأزهر الشريف مرتين: الأولى: كانت في عام 1882م، بعد عزل الخديوي/ توفيق للشيخ/ محمد المهدي واستمرت ما يقارب 11 شهرًا، ثم قدم استقالته عقب ثورة عرابي. والثانية: كانت في 30 من نوفمبر عام 1886م، أصدر قرارٌ بتعيينه مرة ثانية شيخًا للأزهر وظلَّ بها 9 سنوات. ولم يكن فضيلة الشيخ/ الأنبابي مؤيدًا للحركة الإصلاحية التي كان يدعو إليها كلٌّ من: الشيخ/ المهدي العباسي، والشيخ/ العروسي، والشيخ/ محمد عبده، والأفغاني؛ وغيرهم. كما شدَّد على أن تكون الدروس في الأزهر وفي المدارس التابعة له مقصورة على العلوم اللُّغوية والدينية، ولكنه لم يرفض باقي العلوم وإنما كان يرى أنها من فروض الكفاية التي إذا قام بها البعض سقطت عن الجميع. واستمر في المشيخة حتى استقال بعد أن أُصِيب بالشلل وأصبح غير قادر على القيام بعمله ... وكرَّمَه الخديوي/ عباس، وأرسل إليه رسالة رقيقة يشكره فيها، ومنحه النيشان العثماني من الدرجة الأولى. أشهر تلاميذه: تعلَّم على يد فضيلة الشيخ/ الأنبابي العديد من علماء الأزهر ومنهم مشايخ الأزهر: الشيخ/ حسونة النواوي، والشيخ/ أبو الفضل الجيزاوي، والشيخ/ علي الببلاوي. وفــاتـــه: جلس الشيخ في بيته وعَكَف على قراءة كُتُب الصِّحاح، وعلى كتاب الشفاء في السيرة النبوية للإمام القاضي/ عياض، حتى ليلة وفاته في عام 1896م، عن عُمْر يُنَاهز 74 عاماً، ودُفن بمقابر المجاورين، وكان قد وقف مكتبته وما يملك من عقارٍ في وجوه الخير.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 16-09-2016 الساعة 06:20 AM |
#43
|
||||
|
||||
(23) حـسـونــة الـنــواوي هـــو: حسونة بن عبد الله النواوي؛ الحَنَفِي المَذْهَب. الإمام الشيخ، ومفتي الديار المصرية الأسبق. مـولــده: وُلِد بقرية نواي بمركز ملوي بمحافظة المنيا سنة 1839م. أتم النواوي حفظ القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر وتلقّى الدروس على يد كبار مشايخه، مثل الإمام الشيخ/ الأنبابي، وفضيلة الشيخ/ عبد الرحمن البحراوي، وفضيلة الشيخ/ علي خليل الأسيوطي. عُيّن النواويُّ أستاذاً للفقه بكلية دار العلوم، وفي مدرسة الحقوق، قبل أن يُنتدب وكيلاً للأزهر الشريف سنة 1894م، ثم تعيينه في مشيخة الأزهر الشريف في عام 1895م، خلفاً لفضيلة الشيخ/ الأنبابي بعد أن استقال الأخير. وفي عام 1899م، أصدر الخديوي/ عباس حلمي الثاني قراراً بتنحيّته بعد أن عارض نَدب قاضيين من مستشاري محكمة الاستئناف الأهلية ليقوما بمشاركة قضاة المحكمة الشرعية في الحُكم. ثم عاد مرة أخرى لمشيخة الأزهر سنة 1907م، إلا أنه استقال بعد ثلاث سنوات. وقد تولّى منصب الإفتاء جنباً إلى جنب مع مشيخة الأزهر في الفترة ما بين عام 1895م، إلى عام 1899م، وأصدر خلال هذه الفترة حوالي 287 فتوى. وفـاتــه: توفي النواوي في سنة 1924م؛ وله 85 سنة.
__________________
|
#44
|
||||
|
||||
(24) الـقــطـــب الــنـــــواوي هـــــو:عبد الرحمن القطب النواوي؛ الحنفي المذهب. الإمام الشيخ مولده: وُلِد عبد الرحمن القطب النواوي بقرية نواي بمركز ملوي، وكانت وقتها تتبع اِداريًّا محافظة أسيوط سنة 1829م. وهو ابن عم الإمام الشيخ/ حسونة النواوي. نشأته وتعليمه: نَشَأ في قريته نواي التي نُسِبَ إليها وتربَّى فيها، وحَفِظ القرآن تمهيدًا للالتحاق بالأزهر، ودرس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، على يد كبار مشايخ عصره؛ وانكب على تحصيل العلم، ومواصلة مذاكرة دروسه بجدٍّ واجتهادٍ، حتى شهد له العلماء بالنبوغ والتفوق. ولم يتصدَّر القطب النواوي للتدريس بالأزهر والمدارس التابعة له، وإنما آثر الوظائف العامة خارج الأزهر؛ حيث شغل عِدَّة مناصب قضائية، منها: - أمانة فتوى مجلس الأحكام، مساعدًا لفضيلة لشيخ/ البقلي. - قضاء مديرية الجيزة. - قضاء مديرية الغربية. - رئيس المحكمة الشرعية الكبرى بالقاهرة. - قضاء الإسكندرية. - الإفتاء في وزارة الحقانية "العدل". شيوخه: تتلمذ على يد كبار مشايخ العلماء في عصره، مثل: فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن البحراوي، وفضيلة الشيخ/ إبراهيم السقا، وفضيلة الشيخ/ شمس الدين الأنبابي، وفضيلة الشيخ/ عليش؛ وغيرهم. فترة ولايته: تم اختيار الشيخ/ عبد الرحمن النواوي ليكون شيخًا للأزهر، لِمَا عُرِفَ عنه بالنَّزاهة والعِلم والعَدل، وقد نال ثِقة الجميع، وكان ذلك في عام 1900م، ولكنه توفي بعد شهر من ولايته. وفاته: توفي القطب النواوي في عام 1900م، وصُلِّي عليه بالأزهر، ودُفِنَ بمقابر المجاورين؛ عن 71 سنة.
__________________
|
#45
|
||||
|
||||
(25) عـبـد الـمـجـيــد الـبـشـــري هــو: عبد المجيد سليم البشري؛ الحنفي المذهب. الإمام الشيخ، ومُفتِي الديار المصرية الأسبق مـولــده: وُلِد في قرية ميت شهالة التابعة لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية، في 13 أكتوبر عام 1883م. حفظ القرآن الكريم وجوّده، ثم التحق بالأزهر، وكان متوّقد الذكاء مشغوفاً بفنون العلم متطلعاً إلى استيعاب جميع المعارف؛ وكان يختار أعلام الأساتذة والمشايخ ليتتلمذ عليهم. فحضر دروس الشيخ/ محمد عبده، والإمام الشيخ/ حسن الطويل، والشيخ/ أحمد أبو خطوة؛، وغيرهم من كبار العلماء. نال البشري شهادة العالمية من الدرجة الأولى سنة 1908م، وشغل وظائف التدريس، والقضاء، والإفتاء، ومشيخة الجامع الأزهر. مكث في الإفتاء قرابة عشرين عامًا، وله من الفتاوى ما يقرب من 15 ألف فتوى. وتولَّى مشيخة الأزهر مرَّتين، وأُقِيل في أولاهما؛ لأنَّه نَقَد الخديوي، ثم استقال من المنصب في المرة الثانية في 17 سبتمبر لسنة 1952م. -وفيما يلي استعراض لمواقف مشرّفة له في بعض المسائل المهمة التي زلَّ فيها الكثير: - موقفه من ربا المصارف ...؟! قال فضيلة الشيخ: "أخـْذ فوائد على الأموال المودعة بالبنوك مِن قبيل أخذ الربا المُحرَّم شرعًا، ولا يبيح أخذه قصد التصدق به؛ لإطلاق الآيات والأحاديث على تحريم الربا، ولا نعلم خلافًا بين علماء المسلمين في أن الربا محرمٌ شرعًا على أي وجه كان، هذا ولا يقبل اللهُ تعالى هذه الصدقة؛ بل يأثم صاحبها كما تدل على ذلك أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". - وسُئل فضيلته عن حُكم العمل ككاتب بأحد البنوك الربوية...؟! فقال فضيلته: "اطّلعنا على هذا السؤال، ونفيد أن الربا محرمٌ شرعًا بنص الكتاب والسنة وبإجماع المسلمين، ومباشرة الأعمال التي تتعلق بالربا من كتابة وغيرها إعانة على ارتكاب المحرم، وكل ما كان كذلك فهو محرم شرعًا". - موقفه من البهائين...؟! قال عن "البهائين": "ومَن كان منهُم في الأصل مسلمًا أصبح باعتقاده لمزاعم هذه الطائفة (أي البهائية) مُرتدًّا عن دين الإسلام وخارجًا عنه، تجري عليه أحكام المُرتد المقررة في الدِّين الإسلامي القويم، وإذا كانت هذه الطائفة ليست من المسلمين فلا يجوز شرعًا دفن موتاهم في مقابر المسلمين سواء منهم مَن كان في الأصل مسلمًا ومَن لم يكن كذلك". - موقفه من الإحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد...؟! قال فضيلته: "عمل الموالد بالصفة التي يعملها العامة الآن لم يفعله أحد من السلف الصالح ولو كان ذلك من القُرَب لفعلوه". - موقفه مِن سبِّ الدين...؟! قال فضيلة الشيخ: "مَن قال هذه الجملة الخبيثة المذكورة: (يلعن دين ....)؛ فهو كافر مُرتد عن دين الإسلام بلا خلاف بين أئمة المسلمين، والأمر في ذلك ظاهر لا يحتاج إلى بيان". ولفضيلة الإمام الشيخ غير ذلك من المواقف المشرّفة الكثير، وفي ذلك أسوة لمَن بعده من العلماء؛ أسألُ اللهَ تعالى أن يرحمه رحمة واسعة، وأن يُولِّي أمورنا خيارنا. وفـاتــه: توفي في صباح يوم الخميس 7 أكتوبر سنة 1954م؛ وله 71 سنة.
__________________
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الرابع الابتدائي, الصف, اسطوانات, تحميل, جميع |
|
|