اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإدارى > أرشيف المنتدي

أرشيف المنتدي هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #391  
قديم 09-05-2013, 07:55 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أولًا: في القرآن الكريم
- قال تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص: 23- 24]
قال ابن عطية: (استعمال السؤال بالخطب إنما هو في مصاب، أو مضطهد، أو من يشفق عليه، أو يأتي بمنكر من الأمر، فكأنه بالجملة في شر فأخبرتاه بخبرهما) .


قال الحجازي: (فثار موسى، وتحركت فيه عوامل
الشهامة والرجولة، وسقى لهما، وأدلى بدلوه بين دلاء الرجال حتى شربت ماشيتهما) .
- وقال سبحانه: وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء: 104]
قال السعدي: (ذكر سبحانه ما يقوِّي قلوب المؤمنين، فذكر شيئين: الأول: أن ما يصيبكم من الألم والتعب والجراح ونحو ذلك فإنه يصيب أعداءكم، فليس من


المروءة الإنسانية والشهامة الإسلامية أن تكونوا أضعف منهم، وأنتم وإياهم قد تساويتم فيما يوجب ذلك؛ لأن العادة الجارية لا يضعف إلا من توالت عليه الآلام، وانتصر عليه الأعداء على الدوام، لا من يدال مرة، ويدال عليه أخرى) .
__________________
  #392  
قديم 09-05-2013, 07:58 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثانيًا: في السنة النبوية

- عن أنس رضي الله عنه، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، قال: وقد فزع أهل المدينة ليلة سمعوا صوتًا، قال: فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ ، وهو متقلِّد سيفه، فقال: لم تراعوا ، لم تراعوا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجدته بحرًا ، يعني الفرس)) .
قال القرطبي: (في هذا الحديث ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جمع له من جودة ركوب الخيل، والشَّجَاعَة، والشهامة، والانتهاض الغائي في الحروب، والفروسية وأهوالها، ما لم يكن عند أحد من الناس، ولذلك قال أصحابه عنه: إنه كان أشجع الناس، وأجرأ الناس في حال الباس، ولذلك قالوا: إن الشجاع منهم كان الذي يلوذ بجنابه إذا التحمت الحروب، وناهيك به؛ فإنه ما ولَّى قطُّ منهزمًا، ولا تحدث أحد عنه قط بفرار) .
- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدبارًا، قال: اللهم سبع كسبع يوسف ، فأخذتهم سنة حصت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف ، وينظر أحدهم إلى السماء، فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله، وبصلة الرحم، وإنَّ قومك قد هلكوا، فادع الله لهم)) .
قال ابن حجر: (قوله: فقيل: يا رسول الله استسق الله لمضر؛ فإنها قد هلكت. إنَّما قال لمضر؛ لأن غالبهم كان بالقرب من مياه الحجاز، وكان الدعاء بالقحط على قريش وهم سكان مكة فسرى القحط إلى من حولهم، فحسن أن يطلب الدعاء لهم، ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش؛ لئلا يذكرهم فيذكِّر بجرمهم، فقال: لمضر؛ ليندرجوا فيهم، ويشير أيضًا إلى أنَّ غير المدعو عليهم قد هلكوا بجريرتهم، وقد وقع في الرواية الأخيرة: وإن قومك هلكوا. ولا منافاة بينهما؛ لأنَّ مُضر أيضًا قومه وقد تقدم في المناقب أنه صلى الله عليه وسلم كان من مضر، قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمضر: إنك لجريء، أي: أتأمرني أن أستسقي لمضر مع ما هم عليه من المعصية والإشراك به؟!) .
فالنبي صلى الله عليه وسلم رغم عداوة قريش وإيذائها للمؤمنين، لما جاءه أبو سفيان يطلب منه الاستسقاء لم يرفض لحسن خلقه، وشهامته، ورغبته في هدايتهم، فإنَّ الشهامة ومكارم الأخلاق مع الأعداء، لها أثر كبير في ذهاب العداوة، أو تخفيفها.
__________________
  #393  
قديم 09-05-2013, 07:59 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

فوائد الشهامة:

1- الشهامة من مكارم الأخلاق الفاضلة.
2- إنها من صفات الرجال العظماء.
3- تشيع المحبة في النفوس.
4- تزيل العداوة بين الناس.
5- فيها حفظ الأعراض، ونشر الأمن في المجتمع.
6- إنَّها علامة على علو الهمة، وشرف النفس.
__________________
  #394  
قديم 09-05-2013, 08:02 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

موانع اكتساب صفة الشهامة
1- قسوة القلب.
2- الأنانية، وخذلان المسلمين، واللامبالاة بمعاناتهم:
إنَّ خذلان المسلم لأخيه المسلم أمر تنكره الشريعة، وإن من حق المسلم على المسلم أن لا يخذله، (وهو إن حدث ذريعة لخذلان المسلمين جميعًا حيث تنتشر عدوى الأنانية وحب الذات، وإيثار الراحة والمصلحة الخاصة على مشاركة الغير آلامهم وآمالهم، فيكثر التَّنصل من المسؤولية بين المسلمين، حتى يقضي عليهم أعداؤهم واحدًا تلو الآخر، فتموت فيهم خلال الآباء، والشهامة، ونجدة الملهوف، وإغاثة المنكوب، وسوف يجنح المظلوم والضعيف إلى الأعداء طوعًا أو كرهًا، لما يقع به من ضيم وما يصيبه من خذلان من إخوانه ثم ينزوي بعيدًا عنهم، وتنقطع عرى الأخوة بينه وبين من خذلوه وأسلموه للأعداء) .
3- الجبن والبخل:
فالشهامة إنما تقوم على الشَّجَاعَة لنجدة المحتاج، والكرم لإعانة أصحاب الحاجات، فمن فقدهما ضعفت شهامته، وماتت مروءته.
4- الذُّل، والهوان، وضعف النفس:
فالإنسان الذليل والأمة الذليلة أبعد الناس عن النصرة، وتلبية نداء الإغاثة؛ ففاقد الشيء لا يعطيه.
6- الحقد والعداوة والبغضاء.
7- تشبه الرجال بالنساء في اللباس، كلبس الذهب والحرير:
قال ابن القيم: (حرم -الذهب- لما يورثه بملامسته للبدن من الأنوثة والتخنث، وضد الشهامة والرجولة) .
__________________
  #395  
قديم 09-05-2013, 08:04 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الوسائل المعينة على اكتساب صفة الشهامة
1- الصبر.
قال الراغب الأصفهاني: (الصبر يزيل الجزع، ويورث الشهامة المختصة بالرجولية) .
2- الشَّجَاعَة.
3- علو الهمة وشرف النفس.
فــ(من سجايا الإسلام التحلي بكبر الهمة، مركز السالب والموجب في شخصك، الرقيب على جوارحك، كبر الهمة يجلب لك بإذن الله خيرًا غير مجذوذ؛ لترقى إلى درجات الكمال، فيجري في عروقك دم الشهامة، والركض في ميدان العلم والعمل، فلا يراك الناس واقفًا إلا على أبواب الفضائل، ولا باسطًا يديك إلا لمهمات الأمور) .
4- العدل والإنصاف.
5- مصاحبة ذوي الشهامة والنجدة.
6- الإيمان بالقضاء والقدر.
فــ (من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر: أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة؛ فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده ولا يهاب الموت؛ لأنه يعلم أن الموت لا بد منه، وأنه إذا جاء لا يؤخر؛ لا يمنع منه حصون ولا جنود، أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ [النساء: 78] قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ [آل عمران: 154]، وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية من الإيمان بالقدر؛ يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأعداء، وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين) .
__________________
  #396  
قديم 09-05-2013, 08:06 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

نماذج من حياة النبي صلى الله عليه وسلم
كان للنبي صلى الله عليه وسلم النصيب الأوفى من هذه الصفة، فكان صلوات الله وسلامه عليه ((أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، قال: وقد فزع أهل المدينة ليلة سمعوا صوتًا، قال: فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عري، وهو متقلد سيفه، فقال: لم تراعوا، لم تراعوا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجدته بحرًا. يعني الفرس)).
- وعن أبي إسحاق قال سأل رجل البراء رضي الله عنه، فقال يا أبا عمارة أَوَلَّيتم يوم حنين؟ قال البراء وأنا أسمع: ((أما رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُوَلِّ يومئذ، كان أبو سفيان بن الحارث آخذًا بعنان بغلته، فلما غشيه المشركون نزل، فجعل يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)) .
وغيرها من الآثار التي تدل على شهامة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
__________________
  #397  
قديم 09-05-2013, 08:10 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

نماذج من الصحابة رضي الله عنهم في الشهامة
- عن عبد الرحمن بن عوف قال: (إنِّي لفي الصف يوم بدر، إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فَتَيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرًّا من صاحبه: يا عم أرني أبا جهل. فقلت: يا ابن أخي، وما تصنع به؟ قال: عاهدت الله إن رأيته أن أ***ه، أو أموت دونه. فقال لي الآخر سرًّا من صاحبه مثله، فما سرني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إليه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء) .
قال ابن حجر: (قوله الصقرين.. شبههما به لما اشتهر عنه من الشَّجَاعَة، والشهامة، والإقدام على الصيد، ولأنه إذا تشبث بشيء لم يفارقه حتى يأخذه) .
- وعن أسلم، مولى عمر قال: (خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك صبية صغارًا، والله ما ينضجون كراعًا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم. فوقف معها عمر ولم يمض، ثم قال: مرحبًا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعامًا، وحمل بينهما نفقة وثيابًا، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها، قد حاصرا حصنًا زمانًا فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه) .
- وعن سلمة بن الأكوع قال: ((بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا معه، وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستاقه أجمع، و*** راعيه، قال: فقلت: يا رباح، خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد أغاروا على سرحه ، قال: ثم قمت على أكمة ، فاستقبلت المدينة، فناديت ثلاثًا: يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز، أقول: أنا ابن الأكوع، واليوم يوم الرُّضَّع ، فألحق رجلًا منهم فأصك سهمًا في رحله، حتى خلص نصل السهم إلى كتفه، قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرُّضع قال: فوالله، ما زلت أرميهم وأعقر بهم، فإذا رجع إليَّ فارس أتيت شجرة، فجلست في أصلها، ثم رميته فعقرت به، حتى إذا تضايق الجبل، فدخلوا في تضايقه، علوت الجبل فجعلت أرديهم بالحجارة، قال: فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه، ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة، وثلاثين رمحًا، يستخفون ولا يطرحون شيئًا إلا جعلت عليه آرامًا من الحجارة يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى أتوا متضايقًا من ثنية ، فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري، فجلسوا يتضحون -يعني يتغدون- وجلست على رأس قرن ، قال الفزاري: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح ، والله، ما فارقنا منذ غلس يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا، قال: فليقم إليه نفر منكم أربعة، قال: فصعد إليَّ منهم أربعة في الجبل، قال: فلما أمكنوني من الكلام، قال: قلت: هل تعرفوني؟ قالوا: لا، ومن أنت؟ قال: قلت: أنا سلمة بن الأكوع، والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم، لا أطلب رجلًا منكم إلا أدركته، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني، قال أحدهم: أنا أظنُّ، قال: فرجعوا، فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر، قال: فإذا أولهم الأخرم الأسدي، على إثره أبو قتادة الأنصاري، وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي، قال: فأخذت بعنان الأخرم، قال: فولوا مدبرين، قلت: يا أخرم، احذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال: يا سلمة، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أنَّ الجنة حقٌّ، والنار حقٌّ، فلا تحُل بيني وبين الشهادة، قال: فخليته، فالتقى هو وعبد الرحمن، قال: فعقر بعبد الرحمن فرسه، وطعنه عبد الرحمن ف***ه، وتحول على فرسه ولحق أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن، فطعنه ف***ه، فوالذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم، لتبعتهم أعدو على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولا غبارهم شيئًا حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له: ذو قرد ليشربوا منه وهم عطاش، قال: فنظروا إلي أعدو وراءهم، فخليتهم عنه -يعني أجليتهم عنه- فما ذاقوا منه قطرة، قال: ويخرجون فيشتدون في ثنية ، قال: فأعدو فألحق رجلًا منهم، فأصكه بسهم في نغض كتفه، قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرُّضَّع. قال: يا ثكلته أمه، أكوعُه بُكرة؟ قال: قلت: نعم يا عدو نفسه، أكوعك بكرة، قال: وأردوا فرسين على ثنية، قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن، وسطيحة فيها ماء، فتوضأت وشربت، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي حلأتهم عنه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ تلك الإبل، وكل شيء استنقذته من المشركين، وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم، وإذا هو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها، قال: قلت: يا رسول الله، خلني فأنتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم، فلا يبقى منهم مخبر إلا ***ته، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه في ضوء النار، فقال: يا سلمة، أتراك كنت فاعلًا؟ قلت: نعم، والذي أكرمك، فقال: إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان، قال: فجاء رجل من غطفان، فقال: نحر لهم فلان جزورًا فلما كشفوا جلدها رأوا غبارًا، فقالوا: أتاكم القوم، فخرجوا هاربين، فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجَّالتنا سلمة، قال: ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين: سهم الفارس، وسهم الراجل، فجمعهما لي جميعًا، ثم أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة)) .
- حادثة تبين لنا شهامة عثمان بن طلحة رضي الله عنه، تقول أمُّ سلمة رضي الله عنها: ((... وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة، قالت: ففرَّق بيني وبين زوجي وبين ابني. قالت: فكنت أخرج كلَّ غداة فأجلس بالأبطح ، فما أزال أبكي حتى أمسي سنة أو قريبًا منها، حتى مرَّ بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة، فرأى ما بي فرحمني، فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون هذه المسكينة، فرَّقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها، قالت: فقالوا: الحقي بزوجك إن شئت. قالت: وردَّ بنو عبد الأسد إليَّ عند ذلك ابني، قالت: فارتحلت بعيري ثم أخذت ابني فوضعته في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، قالت: وما معي أحد من خلق الله، قالت: قلت: أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم على زوجي حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبد الدار، فقال: أين يا بنت أبي أمية؟ قالت: أريد زوجي بالمدينة، قال: أو ما معك أحد؟ قلت: لا والله إلا الله وابني هذا، قال: والله ما لك من مترك، فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوي به، فوالله ما صحبت رجلًا من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني، حتى إذا نزلنا استأخر ببعيري فحطَّ عنه، ثم قيَّده في الشجرة، ثم تنحَّى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله ، ثم استأخر عني، فقال: اركبي، فإذا ركبت فاستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقاد بي حتى ينزل بي، فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال: زوجك في هذه القرية - وكان أبو سلمة بها نازلًا - فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعًا إلى مكة، قال: وكانت تقول: ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب أبو سلمة، وما رأيت صاحبًا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة)) .
__________________
  #398  
قديم 09-05-2013, 08:19 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الشهامة في واحة الشعر
قال أوس:


حتى أُتيحَ له أخو قَنَص***شهمٌ، يُطِرُّ ضواريًا كُثَبَا



وقال ابن سيده:


شهمٌ إذا اجتمع الكماةُ ، وألهمتْ***أفواهها بأواسطِ الأوتارِ



وقال الشاعر:


شهمُ الفؤادِ ذكاؤُه ما مثلُه***عندَ العزيمةِ في الأنامِ ذكاءُ



وقال الشاعر:


يابسُ الجنبين مِن غيرِ بُـؤسٍ***ونَدِي الكفين شهمٌ مدِلُّ



وقال ابن هرمة:


حييٌّ تقيٌّ ساكنُ الطيرِ وادعٌ***إذا لم يُتَرْ، شهمٌ إذا تِير مانعُ



وقال الشاعر:


جميعُ الكتبِ يدركُ مَن قراها***فتورٌ أو كلالٌ أو سآمهْ



سوى القرآنِ فافهمْ واستمعْ لي***وقول المصطفى يا ذا الشهامهْ



وقال آخر:


لك في الشهامةِ والصرامةِ موقفٌ***لصفاته إعجازُ كلِّ مفوَّهِ


__________________

آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 09-05-2013 الساعة 08:21 PM
  #399  
قديم 09-05-2013, 08:24 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الصبر
معنى الصبر لغةً واصطلاحًا
معنى الصبر لغةً:
الصَّبْـرُ نقيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْـرًا فهو صابِرٌ وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور والأُنثى صَبُور أَيضًا بغير هاء وجمعه صُبُـرٌ.وأَصل الصَّبْر الحَبْس وكل من حَبَس شيئًا فقد صَبَرَه، والصبر: حبس النفس عن الجزع .
معنى الصبر اصطلاحًا:
(الصبر هو حبس النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن التسخط والشكاية لأقداره) .
وقيل هو:(ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا إلى الله) .
وقيل الصبر: (حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع، أو عما يقتضيان حبسها عنه)
__________________
  #400  
قديم 09-05-2013, 08:28 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الفرق بين الصبر، والتصبر، والاصطبار، والمصابرة، والاحتمال
(الفرق بين هذه الأسماء بحسب حال العبد في نفسه وحاله مع غيره:
- فإن حبس نفسه ومنعها عن إجابة داعي ما لا يحسن؛ إن كان خلقًا له وملكة سمي صبرًا.
- وإن كان بتكلف وتمرن وتجرع لمرارته سمي تصبرًا.
كما يدل عليه هذا البناء لغةً، فإنه موضوع للتكلف كالتحلم والتشجع والتكرم والتحمل ونحوها، وإذا تكلفه العبد واستدعاه صار سجية له.
كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ومن يتصبر يصبره الله)) . وكذلك العبد يتكلف التعفف حتى يصير التعفف له سجية، كذلك سائر الأخلاق ...
- وأما الاصطبار فهو أبلغ من التصبر:
فإنه افتعال للصبر بمنزلة الاكتساب، فالتصبر مبدأ الاصطبار، كما أنَّ التكسب مقدمة الاكتساب، فلا يزال التصبر يتكرر حتى يصير اصطبارًا.
- وأما المصابرة فهي مقاومة الخصم في ميدان الصبر:


فإنها مفاعلة تستدعي وقوعها بين اثنين كالمشاتمة والمضاربة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. [آل عمران: 200] فأمرهم بالصبر، وهو حال الصابر في نفسه، والمصابرة وهي حالة في
الصبر مع خصمه والمرابطة، وهي الثبات واللزوم والإقامة على الصبر والمصابرة، فقد يصبر العبد ولا يصابر، وقد يصابر ولا يرابط، وقد يصبر ويصابر ويرابط من غير تعبد بالتقوى، فأخبر سبحانه أن ملاك ذلك كله التقوى، وأن الفلاح موقوف عليها فقال: وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران: 200] فالمرابطة كما أنها لزوم الثغر الذي يخاف هجوم العدو منه في الظاهر؛ فهي لزوم ثغر القلب؛ لئلا يدخل منه الهوى والشيطان فيزيله عن مملكته) .
__________________
  #401  
قديم 09-05-2013, 08:30 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الفرق بين الاحتمال والصبر
(أنَّ الاحتمال للشيء يفيد كظم الغيظ فيه، والصبر على الشدة يفيد حبس النفس عن المقابلة عليه بالقول والفعل، والصبر عن الشيء يفيد حبس النفس عن فعله، وصبرت على خطوب الدهر، أي: حبست النفس عن الجزع عندها، ولا يستعمل الاحتمال في ذلك؛ لأنك لا تغتاظ منه.
__________________
  #402  
قديم 09-05-2013, 08:46 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

لماذا سمي الصبر صبرًا؟
حكى أبو بكر بن الأنباري عن بعض العلماء أنه قال:(إنما سمي الصبر صبرًا؛ لأن تمرره في القلب وإزعاجه للنفس كتمرر الصبر في الفم) .
__________________
  #403  
قديم 11-05-2013, 09:54 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أولًا: في القرآن الكريم
الصبر من أكثر الأخلاق التي اعتنى بها دين الإسلام؛ لذا تكرر ذكره في القرآن في مواضع كثيرة.
قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: (ذكر الله سبحانه الصبر في القرآن في تسعين موضعًا) .
وقد سيق الصبر في القرآن في عدة أنواع ذكرها ابن القيم في كتابه (عدة الصابرين) ونحن نذكر بعضها:
- أحدها: الأمر به، كقوله: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ [النحل: 127] وقال: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [الطور: 48].
- الثاني: النهي عما يضاده، كقوله تعالى: وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ [الأحقاف: 35] وقوله: وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ [القلم: 48].
- الثالث: تعليق الفلاح به، كقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . [آل عمران: 200] فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور.
- الرابع: الإخبار عن مضاعفة أجر الصابرين على غيره، كقوله: أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا [القصص: 54] وقوله: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10].
- الخامس: تعليق الإمامة في الدين، به وباليقين، قال الله تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] .
__________________
  #404  
قديم 11-05-2013, 09:58 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثانيًا: في السنة النبوية

- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر)) .
(قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن يتصبر)): أي يطلب توفيق الصبر من الله؛ لأنه قال تعالى: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ. [النحل: 127] أي يأمر نفسه بالصبر ويتكلف في التحمل عن مشاقه، وهو تعميم بعد تخصيص؛ لأن الصبر يشتمل على صبر الطاعة والمعصية والبلية، أو من يتصبر عن السؤال والتطلع إلى ما في أيدي الناس بأن يتجرع مرارة ذلك ولا يشكو حاله لغير ربه. ((يصبِّره الله)): بالتشديد أي: يسهل عليه الصبر، فتكون الجمل مؤكدات. ويؤيد إرادة معنى العموم قوله: ((وما أعطي أحد من عطاء)): أي معطى أو شيئًا، ((أوسع)): أي أشرح للصدر، ((من الصبر)): وذلك لأن مقام الصبر أعلى المقامات؛ لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات) .
- وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ الصبر عند الصدمة الأولى، فعن أنس رضي الله عنه قال: ((مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري. قالت: إليك عني؛ فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوَّابين ، فقالت: لم أعرفك، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) .


قال ابن القيم: (فإنَّ مفاجئات المصيبة بغتة لها روعة تزعزع القلب، وتزعجه بصدمها، فإن صبر الصدمة الأولى انكسر حدها، وضعفت قوتها، فهان عليه استدامة الصبر، وأيضًا فإنَّ المصيبة ترد على القلب وهو غير موطن لها فتزعجه، وهى الصدمة الأولى، وأما إذا وردت عليه بعد ذلك توطَّن لها، وعلم أنَّه لا بد له منها فيصير صبره شبيه الاضطرار، وهذه المرأة لما علمت أنَّ جزعها لا يجدي عليها شيئًا؛ جاءت تعتذر إلى النبي كأنها تقول له قد صبرت، فأخبرها أنَّ
الصبر إنما هو عند الصدمة الأُولى) .
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أنه قال لعطاء: ألا أُريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله لي. قال: إن شئت صبرت؛ ولك الجنة. وإن شئت دعوت الله أن يعافيك. قالت: أصبر. قالت: فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها)) .
- وبيَّن صلى الله عليه وسلم أنَّ من صبر على فقد عينيه عوضه الله الجنة، فعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ الله- عز وجل- قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه، فصبر عوضته منهما الجنة- يريد عينيه)) .
قال ابن بطال: (في هذا الحديث حجة في أنَّ


الصبر على البلاء ثوابه الجنة، ونعمة البصر على العبد، وإن كانت من أجلِّ نعم الله تعالى فعوض الله عليها الجنة أفضل من نعمتها في الدنيا؛ لنفاد مدة الالتذاذ بالبصر في الدنيا، وبقاء مدة الالتذاذ به في الجنة) .
- وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن إنَّ أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له)) .
(قوله: ((عجبًا لأمر المؤمن إنَّ أمره كله له خير)). أي: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أظهر


العجب على وجه الاستحسان لأمر المؤمن، أي: لشأنه، فإنَّ شأنه كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
ثم فصل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الأمر الخير فقال: ((إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له)). هذه حال المؤمن وكل إنسان، فإنه في قضاء الله وقدره بين أمرين: إما سراء وإما ضراء، والناس في هذه الإصابة ينقسمون إلى قسمين: مؤمن وغير مؤمن، فالمؤمن على كل حال ما قدر الله له فهو خير له، إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله فكان خيرًا له، فنال بهذا أجر الصابرين.
وإن أصابته سراء من نعمة دينية كالعلم والعمل الصالح، ونعمة دنيوية كالمال والبنين والأهل شكر الله، وذلك بالقيام بطاعة الله عز وجل.
فيشكر الله فيكون خيرًا له، ويكون عليه نعمتان: نعمة الدين ونعمة الدنيا، نعمة الدنيا بالسراء، ونعمة الدين بالشكر هذه حال المؤمن.
وأما الكافر فهو على شرٍّ -والعياذ بالله- إن أصابته الضراء لم يصبر بل يضجر، ودعا بالويل والثبور، وسبَّ الدهر، وسبَّ الزمن...
والحديث فيه الحث على


الصبر على الضراء، وأن ذلك من خصال المؤمنين، فإذا رأيت نفسك عند إصابة الضراء صابرًا محتسبًا، تنتظر الفرج من الله سبحانه وتعالى، وتحتسب الأجر على الله فذلك عنوان الإيمان، وإن رأيت بالعكس فلُمْ نفسك، وعدِّل مسيرك، وتُبْ إلى الله) .
__________________
  #405  
قديم 11-05-2013, 10:01 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أقوال السلف والعلماء في الصبر

- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنَّ أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أنَّ الصبر كان من الرجال كان كريمًا) .
- وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (ألا إنَّ الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس باد الجسد، ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له) .
وقال: (الصبر مطية لا تكبو ، والقناعة سيف لا ينبو ) .
- وقال عمر بن عبد العزيز وهو على المنبر: (ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه، فعاضه مكان ما انتزع منه الصبر، إلا كان ما عوَّضه خيرًا مما انتزع منه، ثم قرأ: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر :10]) .
- (وجاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقًا من حاله ومعاشه، واغتمامًا بذلك، فقال: (أيسرك ببصرك مئة ألف؟ قال: لا. قال: فبسمعك؟ قال: لا. قال: فبلسانك؟ قال: لا. قال: فبعقلك؟ قال: لا... في خلال. وذكَّره نعم الله عليه، ثم قال يونس: أرى لك مئين ألوفًا وأنت تشكو الحاجة؟!) .
- وعن إبراهيم التيمي، قال: (ما من عبد وهب الله له صبرًا على الأذى، وصبرًا على البلاء، وصبرًا على المصائب، إلا وقد أُوتي أفضل ما أوتيه أحد، بعد الإيمان بالله) .


- وعن الشعبي، قال شريح: (إني لأصاب بالمصيبة، فأحمد الله عليها أربع مرات، أحمد إذ لم يكن أعظم منها، وأحمد إذ رزقني
الصبر عليها، وأحمد إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب، وأحمد إذ لم يجعلها في ديني) .
- وقال ميمون بن مهران: (الصبر صبران: الصبر على المصيبة حسن، وأفضل من ذلك الصبر عن المعاصي) .
- وعن أبي ميمون ، قال: (إن للصبر شروطًا، قلت -الراوي-: ما هي يا أبا ميمون؟ قال: إن من شروط الصبر أن تعرف كيف تصبر؟ ولمن تصبر؟ وما تريد بصبرك؟ وتحتسب في ذلك وتحسن النية فيه، لعلك أن يخلص لك صبرك، وإلا فإنما أنت بمنزلة البهيمة نزل بها البلاء فاضطربت لذلك، ثم هدأ فهدأت، فلا هي عقلت ما نزل بها فاحتسبت وصبرت، ولا هي صبرت، ولا هي عرفت النعمة حين هدأ ما بها، فحمدت الله على ذلك وشكرت) .
- وقال أبو حاتم: (الصبر على ضروب ثلاثة: فالصبر عن المعاصي، والصبر على الطاعات، والصبر عند الشدائد المصيبات، فأفضلها الصبر عن المعاصي، فالعاقل يدبر أحواله بالتثبت عند الأحوال الثلاثة التي ذكرناها بلزوم الصبر على المراتب التي وصفناها قبل، حتى يرتقي بها إلى درجة الرضا عن الله جل وعلا في حال العسر واليسر معًا) .
- وقال زياد بن عمرو: (كلنا نكره الموت وألم الجراح، ولكنا نتفاضل بالصبر) .
- وقال زهير بن نعيم: (إنَّ هذا الأمر لا يتمُّ إلا بشيئين: الصبر واليقين، فإن كان يقين ولم يكن معه صبر لم يتمَّ، وإن كان صبر ولم يكن معه يقين لم يتمَّ، وقد ضرب لهما أبو الدرداء مثلًا فقال: مثل اليقين والصبر مثل فَدادين يحفران الأرض، فإذا جلس واحد جلس الآخر) .- وقال أبو عبد الرحمن المغازلي: (دخلت على رجل مبتلى بالحجاز، فقلت: كيف تجدك؟ قال: أجد عافيته أكثر مما ابتلاني به، وأجد نِعَمه عليَّ أكثر من أن أحصيها، قلت: أتجد لما أنت فيه ألـمًا شديدًا؟ فبكى ثم قال: سلا بنفسي عن ألم ما بي ما وعد عليه سيدي أهل الصبر من كمال الأجور في شدة يوم عسير، قال: ثم غشي عليه فمكث مليًّا ،ثم أفاق، فقال: إني لأحسب أنَّ لأهل الصبر غدًا في القيامة مقامًا شريفًا لا يتقدمه من ثواب الأعمال شيء، إلا ما كان من الرضا عن الله تعالى) .
- وعن عمرو بن قيس الملائيفَصَبْرٌ جَمِيلٌ قال: (الرضا بالمصيبة، والتسليم) .
- وعن ميمون بن مهران قال (ما نال عبد شيئًا من جسم الخير من نبي أو غيره إلا بالصبر) .
- وعن الحسن قال: (سبَّ رجل رجلًا من الصدر الأول، فقام الرجل وهو يمسح العرق عن وجهه، وهو يتلو: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى: 43] قال الحسن: عقلها والله وفهمها إذ ضيعها الجاهلون) .
- وقال يحيى بن معاذ: (حُفَّت الجنة بالمكاره وأنت تكرهها، وحفت النار بالشهوات وأنت تطلبها، فما أنت إلا كالمريض الشديد الداء إن صبر نفسه على مضض الدواء اكتسب بالصبر عافية، وإن جزعت نفسه مما يلقى طالت به علة الضنا) .
- وقال أبو حاتم: (الصبر جماع الأمر، ونظام الحزم، ودعامة العقل، وبذر الخير، وحيلة من لا حيلة له، وأول درجته الاهتمام، ثم التيقظ، ثم التثبت، ثم التصبر، ثم الصبر، ثم الرضا، وهو النهاية في الحالات) .
- وقال عمر بن ذر: (من أجمع على


الصبر في الأمور فقد حوى الخير، والتمس معاقل البر وكمال الأجور) .
__________________
 

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:16 PM.